خزانة الربانيون

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

    رد على كاتب صوفي يحتج بالرؤى

    avatar
    الشيخ إبراهيم حسونة
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 9251
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 08/05/2008

    الملفات الصوتية رد على كاتب صوفي يحتج بالرؤى

    مُساهمة من طرف الشيخ إبراهيم حسونة 15.10.08 9:58

    رد على كاتب صوفي يحتج بالرؤى

    التحقيقات الفاضحة لحقيقة الدلائل الواضحة

    رد على رسالة المدعو محمد بن الأزرق المسماة:

    (الدلائل الواضحة على سنة الاستدلال والعمل بالرؤى الصالحة)

    قال الإمام مالك :
    (الرؤيا جزء من النبوة فلا يتلاعب بالنبوة.)


    كتبها
    أبو عبد الله طارق بن عبد الرحمن
    الحمودي التطواني


    إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره نعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا , من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله أما بعد:

    فهذه رسالة كاشفة لحقيقة كتاب (الدلائل الواضحة على سنة( ) الاستدلال والعمل بالرؤيا الصالحة) لمحمد بن الأزرق الطنجي المنسوب إلى جماعة العدل والإحسان الصوفية عندنا بالمغرب,ولأتباعهم بمدينة طنجة صلة قوية بالطائفة الدرقاوية التي ينسب إليها السقاف وصاحبه المصري, قصدت فيها إلى أدلته التي زعم أنها حجج على استحباب العمل بالرؤى في الأحكام, وتصديق ما فيها من غيبيات,فرددت عليها بإنصاف إن شاء الله, وما أفلح الأخ في انتقاء أدلته , إذ غالبها ضعيف, وباقيها لا تقوم به الحجة لما ادعاه, وسأحاول بيان ذلك إن شاء الله, ولست أدعي عصمة في ذلك, فكلنا خطاء, وقد نظمت ردي موافقا ترتيب أدلته في كتابه, كي يكون أبلغ في بيان حقيقة كل دليل من أدلته على حدة,وأود نصيحة مقدم كتابه هذا أحمد بوعود في ما يخص مقدمته
    فأقول له: غفر الله لي ولك , قد كان الأولى أن تنزه نفسك عن توريطها في تبعات ما ورد من تجاوزات في هذه الرسالة, فكونك مفكرا إسلاميا كما وصفك الأزرق لا يسوغ لك الحديث في هذه المسألة بالطريقة التي تناولتها بها, فإن هذا مضمار يخص أهل العلم لا المفكرين, فكلنا مفكر يا أستاذ, ولا أدل على ذلك من حديث رواه الترمذي أوردته في أواخر المقدمة وهو حديث أم سلمة وفيه (أنها رأت النبي  في المنام وعلى رأسه ولحيته التراب فقال لها : شهدت قتل الحسين)

    ولا أخفيك استغرابي منك, كيف يرى النبي  على رأسه التراب وهو سيد ولد آدم ولو مناما , فقد كان هذا كافيا ليثنيك عن إيراده في مقدمتك, الحديث ضعيف يا أستاذ , ضعفه الترمذي نفسه فقال : حديث غريب, والمعروف عند المحدثين وطلبة الحديث أن قوله ذاك تضعيف منه للحديث,وقد ضعفه الألباني في ضعيف سنن الترمذي (3771) ,ولا حول ولا قوة إلا بالله, ولو سكت من لا يعلم لقل الخلاف كما قيل.

    ومن الإنصاف أن أذكر كلمة جميلة للأستاذ قالها صادقا إن شاء الله, وهي تخالف ما تضمنه كتاب الأزرق ونصها: (الرؤيا من مبشرات النبوة, وقصها والسؤال عنها سنة نبوية, كما أن مضمونها , كما لا يضيف تشريعا, فهو مما يحمل بشرى للمؤمن تستحثه على الزيادة في الخير, وتبين له أمر الأعمال الصالحة, أو تحذير عن المضي في أمر ليس له حسن عاقبة وآل عند الله عز وجل ومصيره عنده, أو مصير ذلك في مجتمعه).

    هذه عقيدتنا

    الحمد لله أما بعد :


    فهذا تنبيه بين يدي الرد ,كي لا يظن أحد أننا لا نسوغ العمل بالرؤى مطلقا, فالصحيح أننا ممن يرى ذلك بشروط فإنه: (لما ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم حذر وبشر ,وأنذر وندب وتصرف بمقتضى الخوارق من الفراسة الصادقة والإلهام الصحيح والكشف الواضح والرؤيا الصالحة كان من فعل مثل ذلك ممن اختص بشيء من هذه الأمور على طريق من الصواب وعاملا بما ليس بخارج عن المشروع لكن مع مراعاة شرط ذلك ومن الدليل على صحته زائدا إلى ما تقدم أمران:
    أحدهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قد عمل بمقتضى ذلك أمرا ونهيا وتحذيرا وتبشيرا وإرشادا مع أنه لم يذكر أن ذلك خاص به دون أمته فدل على أن الأمة حكمهم في ذلك حكمه شأن كل عمل صدر منه( ) ولم يثبت دليل على الاختصاص به دون غيره ويكفي من ذلك ما ترك بعده في أمته من المبشرات وإنما فائدتها البشارة والنذارة التي يترتب عليها الإقدام والإحجام( ) .


    والثاني عمل الصحابة رضى الله عنهم بمثل ذلك من الفراسة والكشف والإلهام والوحي النومي.


    ويكثر نقل مثل هذا عن السلف الصالح ومن بعدهم من العلماء والأولياء نفع الله بهم, ولكن يبقى هنا النظر في شرط العمل على مقتضى هذه الأمور ,وذلك أن هذه الأمور لا يصح أن تراعى وتعتبر إلا بشرط أن لا تخرم حكما شرعيا ولا قاعدة دينية( ) فإن ما يخرم قاعدة شرعية أو حكما شرعيا ليس بحق في نفسه بل هو إما خيال أو وهم وإما من إلقاء الشيطان وقد يخالطه ما هو حق وقد لا يخالطه وجميع ذلك لا يصح اعتباره من جهة معارضته لما هو ثابت مشروع وذلك أن التشريع الذي أتى به رسول الله صلى الله عليه وسلم عام لا خاص كما تقدم في المسألة قبل هذا وأصله لا ينخرم ولا ينكسر له اطراد ولا يحاشى من الدخول تحت حكمه مكلف وإذا كان كذلك فكل ما جاء من هذا القبيل الذي نحن بصدده مضادا لما تمهد في الشريعة فهو فاسد باطل).

    قاله الإمام أبو إسحاق الشاطبي في الموافقات (2/200 إلى 203)


    الدليل الأول


    رؤيا المؤمن وحي

    قلت : قال ابن عباس: ( الرؤيا الحسنة بشرى من الله)


    الدليل الأول


    ذكر الأزرق قوله تعالى :(وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا أو من وراء حجاب, أو يرسل رسولا فيوحي بإذنه ما يشاء, إنه علي حكيم)وقال : (وحيا) أي مناما عند كثير من أهل التفسير , فالرؤيا من طرق تكليم الحق تعالى لعباده.
    قلت : ذكر الأزرق كلاما ونقلا عن ابن تيمية وابن القيم في أن الله يوحي لغير الأنبياء بطريقة مجملة لا تسمن ولا تغني من جوع, ولذلك رأيت أن أفرد الرد على ما أورده هناك في رسالة مستقلة حرصا على الموضوعية في الرد.سميتها : (إتحاف السادة النبلاء بحقيقة الوحي لغير الأنبياء).وسأخرجها قريبا عن شاء الله.


    الدليل الثاني


    قال: قال النبي  : (الرؤيا الصالحة جزء من ستة وأربعين جزءا من النبوة)
    وعن أنس بن مالك قال : قال رسول الله  : (إن الرسالة والنبوة قد انقطعت, فلا رسول بعدي ولا نبي . قال : فشق ذلك على الناس, فقال : لكن المبشرات, قالوا : وما المبشرات ؟ قال : رؤيا المسلم, وهي جزء من أجزاء النبوة . قال في الهامش : رواه الترمذي وصححه.


    قال : فقد أثبتت هذه الأحاديث أن الرؤيا الصالحة جزء من النبوة, أي طريق من طرق الوحي للأنبياء , شاركهم فيه المؤمنون, فتأكد عموم الآية.


    قلت : كلام ابن الأزرق هزيل المبنى, فليس للوحي الخاص بالأنبياء وجود بعد وفاة النبي , لأنه لازم للنبوة طردا وعكسا,إيجابا وسلبا.فنفي النبوة يستلزم نفي الوحي, ونفيه يستلزم نفي النبوة. وقد قال النبي  : (إن الرسالة والنبوة قد انقطعت), فدل ذلك أن الوحي انقطع. وبهذا تعلم خطأ قول ابن الأزرق : (شاركهم فيه المؤمنون), لأنه لو أثبت الوحي بعد رسول الله  للزمه أن يثبت نبوة بعده, وهذا مردود شرعا.فبقي أن رؤيا المؤمن ليست من ذاك الوحي, إنما هي مبشرات كما قال النبي . فالحديث يدل على أن الرؤيا بالنسبة للأنبياء أخص من الوحي, فالوحي أنواع, الرؤيا نوع وتكليم الملك نوع وكلام الله نوع.وإثبات الأخص بالنسبة لهم يستلزم إثبات الأعم. بخلاف غيرهم, فالرؤيا بالنسبة لهم أعم من الوحي, فالرؤيا تنقسم إلى نوعين, رؤيا وحي وهي رؤيا الأنبياء, ورؤيا غيرهم وهي الرؤى المبشرات,وإثبات الأعم لا يستلزم إثبات الأخص.


    وقد يقول قائل: إذا كانت الرؤيا جزءا من الوحي, فهي أيضا وحي.والجواب أن هذا صحيح بالنسبة للأنبياء لما سبق ذكره, أما بالنسبة لغيرهم فلا. فإنك لو قلت في من هو دون النبي : الرؤيا وحي, والوحي نبوة, لكانت النتيجة : (الرؤيا نبوة), وهذا خطأ. وستقول : هذا صحيح بالنسبة للنبي. وهذا هو المقصود.لأن رؤيا الأنبياء حق. ورد الحافظ هذا بطريقة أخرى فقال في الفتح (12/375/دار المعرفة) : (ظاهر الاستثناء أن (الرؤيا نبوة) وليس كذلك لما تقدم أن المراد تشبيه أمر الرؤيا بالنبوة أو لأن جزء الشيء لا يستلزم ثبوت وصفه له, كمن قال أشهد أن لا إله إلا الله رافعا صوته لا يسمى مؤذنا ولا يقال أنه أذن وإن كانت جزءا من الأذان وكذا لو قرأ شيئا من القرآن وهو قائم لا يسمى مصليا وإن كانت القراءة جزءا من الصلاة)

    هذا في الوحي الخاص بالأنبياء, أما الوحي الأعم والذي تحته وحي الإلهام وغيره فلا محل له من الكلام هنا.ولا ينبغي ذلك.


    الدليل الثالث

    قال : عن عبادة بن الصامت أن النبي  قال : (رؤيا المؤمن كلام يكلم به العبدَ ربَه في المنام) وهو حديث صحيح,صححه الألباني , وقد خرجته وتكلمت على أسانيده في (رفع الملام)


    قلت : ذكر الحديث وذكر مصادره ثم ذكر تضعيف الشيخ الألباني لرواية ابن أبي عاصم بحمزة بن عبد الله بن الزبير وترجيحه أنه حمزة بن الزبير.
    وقال : أما حمزة فليس كما قال الشيخ رحمه الله, بل هو حمزة بن الزبير بن العوام.
    وثقه العجلي فقال في معرفة الثقات : حمزة بن الزبير مدني تابعي ثقة
    ثم هو مشهور في كتب السنة والفقه بحديث في الرضاع, فعن زينب بنت أبي سلمة ...وذكر الحديث


    ثم قال :وهذا الحديث يدل على أن الزبير كان من سادات التابعين, معروفا لدى الصحابة الأطهار, فهو وإن لم يرو عنه إلا جنيد, في عداد المستورين, الذين يحسن حديثهم إذا لم يكن منكرا.


    قال في الجنيد بن ميمون : صوابه سعيد بن ميمون .فقد قال المناوي في تخريج الحديث في فيض القدير (4/12) :ورواه عنه الحكيم في نوادره, قال الحافظ :وهو من روايته عن شيخه عن ابن أبي عمر, وهو واه, وفي سنده سعيد بن ميمون عن حمزة بن الزبير عن عبادة .


    حكم عليه بالجهالة الحافظ ابن حجر في التقريب ( 241 ),وهذا حكم غير مقبول, فقد روى عنه غير واحد, وترجمه البخاري في الكبير, وابن أبي حاتم في الجرح والتعديل بما يدل على أنه معروف , وسكتا عنه ,وأورده ابن حبان في الثقات, ولذلك سكت عنه الذهبي في الكاشف والمزي ,فكان رأيهما أسلم من حكم الحافظ رحمه الله (ص41)
    قلت :


    غفر الله لي ولك. وطهرني وإياك من العمى. والذي حصل لك أيها الأستاذ أنك وقعت في أحد أكثر الأخطاء التي يقع فيها المتطفلون على علم الحديث . فلا عليك واحذر هذا مرة أخرى.


    إن تصحيحك كون جنيد سعيد بن ميمون اعتمادا على نقل المناوي عن الحافظ خطأ, فإنك لو راجعت كلام الحافظ في الفتح (14/376) في شرح كتاب التعبير من صحيح البخاري, لوجدت أن الذي وقع في كلامه هو جنيد بن ميمون, لا سعيد, وهذا من الأخطاء التي تقع بسبب الاعتماد على الوسائط تقليدا دون الرجوع إلى الأصول, وما كان ينبغي لك أن تقع في هذا وأنت المنابذ للتقليد, والمجتهد الناقد بمنظار المحدثين, وخريج دار الحديث. وعلى كل فجَلَّ من لا يسهو.


    وأنبهك إلى الخطأ الثاني الذي وقع لك عافاني الله وإياك من مرض الخلط بين الرواة, وهو أن سعيد بن ميمون رجلان, أحدهما يروي عن نافع عن ابن عمر حديث الدم عند ابن ماجة ولا يعرف إلا بهذا الحديث


    قال المزي في تهذيب الكمال : روى له بن ماجة هذا الحديث الواحد ,وقال الحافظ في تهذيب التهذيب : هو مجهول وخبره منكر جدا في الحجامة.وقال في التقريب : مجهول من الثامنة,وقال الذهبي في الميزان (3/234) : سعيد بن ميمون (ق) عن نافع تفرد عنه عبد الله بن عصمة في الحجامة.


    وبناء على القواعد التي لا أحتاج إلى تذكيرك بها,فإن سعيدا هذا مجهول كما قال الحافظ ولا ينكر عليه .


    وأما سعيد الآخر فهو الذي ترجم له ابن حبان فقال: سعيد بن ميمون ,كوفي يروي عن البراء بن عازب عداده في أهل الكوفة روى عنه شريك
    وقال ابن أبي حاتم : سعيد بن ميمون كوفي روى عن البراء أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :من غشنا فليس منا روى عنه شريك سمعت أبي يقول ذلك.وكذلك قال البخاري في التاريخ


    وأنت ترى معي جيدا أنه يروي عن البراء, يعني أنه تابعي كما تعلم حفظني الله وإياك


    ثم إنك أيها الأستاذ نقلت كلام الحافظ في التقريب,ولم تنتبه إلى كلمة كتبها الحافظ بعد ذلك وهي :(من الثامنة) ولست ألومك, فلعلك لا تعرف منهج الحافظ في التقريب, ولا تعرف التفرقة بين الطبقات ,فعلمني الله وإياك ذلك, وأقول لك : إن معنى من الثامنة ,أي أنه من الطبقة الوسطى من أتباع التابعين,وهذا يدل على أنهما رجلان لا رجل واحد , فكان الأولى بخريج دار الحديث أن يتأنى ويحتاط, ولكنه النقد بمنظار المحدثين الذي يفعل هذا بك, ولست ألومك.

    وانظر الصحيحة رقم (215)


    ولا يفوتني أن أنبه إلى خطأ لعله من الأخطاء المطبعية وهو نصبهم لكلمتي العبد والرب, وصورتها : (رؤيا المؤمن كلام يكلم به العبدَ ربَه في المنام, والصحيح ربُه بضم الباء .
    قال ابن الأزرق :ورواه ابن أبي عاصم وابن منده في ترجمة الطبراني من طريق صفوان عن حميد بن عبد الرحمن عن عبادة


    وذكر ترجيح الألباني كونه خطأ من الناسخ وأن الصواب حميد بن عبد الله بأربعة مرجحات وردها مجوزا كون ابن عبد الرحمن يروي الحديث أيضا معللا ذلك بأنه في نفس طبقة ابن عبد الله المدني أو المزني وهذا مجرد تخمين لا يقوم على ساق.
    وأعيد صياغة مرجحات الشيخ الألباني مع مرجحات أخرى.


    سمي الراوي عن عبادة في رواية عبد الوهاب بن نجدة الحوطي عن إسماعيل بن عياش عن صفوان بن عمرو (حميد بن عبد الرحمن) عند ابن منده وابن أبي عاصم
    وعند الطبراني في مسند الشاميين عن عبد الوهاب بن نجدة الحوطي أيضا عن إسماعيل بن عياش عن صفوان عن حميد بن عبد الله. وتابع إسماعيل بن عياش الوليد بن مسلم, وتابع صفوان على ذلك الأحموسي عند الطبري .وتابع ابن عياش أبو المغيرة عند الطبري أيضا في جميعها عن حميد بن عبد الله.
    أن السيوطي أورده في الدر المنثور من رواية الحكيم الترمذي وابن مردويه عن حميد بن عبد الله.

    الدليل الثاني والثالث


    عمل الأنبياء والنبي  بالرؤى
    قلت : قال ابن عباس :( رؤيا الأنبياء وحي)
    قال : فإن قلت : إن دليل تخصيص النبي بجواز العمل بالرؤى هو قول ابن عباس (رؤيا الأنبياء وحي), فهو دال بمفهومه على أن رؤيا غيرهم ليست وحيا:
    قلنا : هذا فهم لا تحسد عليه, وليس لك فيه سلف ولا خلف... ومفهوم المخالفة يا عزيزي لا يحتج به إذا كان يقابله المنطوق, وهو الأحاديث الدالة على أن المبشرات جزء من النبوة.


    قلت : بل هو فهم يغبط عليه, ولا ينتبه إليه مثلك.فقد قال به جمع من الأذكياء. ومن أدلتهم على خصوصية كون الرؤيا حقا بالأنبياء ما رواه عبد الرزاق في تفسيره (2/294) عن معمر عن عوف عن أبي رجاء العطاردي عن عمران بن حصين قال :قال رسول الله فلا أدري أقال في المنام أم لا ,و(كان منامه وحيا): رأيت كأن رجلا شق أحد شدقيه... ) وقوله  :(إنا معشر الأنبياء تنام أعيننا ولا تنام قلوبنا)..قال ابن عبد البر في التمهيد (21/73) عقب ذكره لهذا الحديث : (ولهذا قال ابن عباس وغيره من العلماء :(رؤيا الأنبياء وحي).وقال الزرقاني فيه أيضا في شرحه للموطأ(1/352): (ولذا قال ابن عباس وغيره من العلماء : (رؤيا الأنبياء وحي) ولو سلط النوم على قلوبهم كانت رؤياهم كرؤيا من سواهم,ولذا كان ينام حتى ينفخ ويسمع غطيطه ثم يصلي ولا يتوضأ لأن الوضوء إنما يجب بغلبة النوم على القلب لا على العين).قال الحافظ ابن حجر في الفتح عند شرح حديث رؤيا النبي  صورة عائشة في سرقة من حرير : (رؤيا الأنبياء وحي, وعصمتهم في المنام كاليقظة).


    وقول ابن عباس تعليل لوجوب تصديقهم لرؤاهم. وقد روى البخاري عن عائشة قالت :( أول ما بدئ به رسول الله صلى الله عليه وسلم من الوحي الرؤيا الصادقة فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح).أي أن ما كانوا يرونه في منامهم وحي كوحي اليقظة. وقد قال النبي  كما في صحيح مسلم :( لست كمثلكم). قال ابن العربي في أحكامه: (اِعلم أن رؤيا الأنبياء وحي فما ألقي إليهم ونفث به الملك في روعهم وضرب المثل له عليهم فهو حق).


    وأما قولك : (ومفهوم المخالفة يا عزيزي لا يحتج به إذا كان يقابله المنطوق, وهو الأحاديث الدالة على أن المبشرات جزء من النبوة).فخطأ.فليس هناك تعارض بينهما.إذ شرط صحة القول بتعارضهما اتحاد موردهما, وهذا مالم ينتبه إليه ابن الأزرق, فمفهوم أثر ابن عباس يدل على أن رؤيا غير الأنبياء ليست وحيا. ومنطوق تلك الأحاديث يدل على أن الرؤيا جزء من النبوة.وقد بينا أن هذا لا يعني كون الرؤيا نبوة مطلقا,وأظنك لا تعرف ما تقول, فقصد ابن عباس بقوله (وحي) أي حق يعمل به لصدقه لأنه من الله, ولا يجوز لأحد غيرهم أن يعتبر رؤياه مجردة في الأحكام والغيبيات. ويفسر هذا قول قتادة في قوله تعالى : (قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُك)(الصافات: من الآية102): (رؤيا الأنبياء حق إذا رأوا في المنام شيئا فعلوه).فهل يجوز لأحد ذبح ابنه لرؤيا رآها تشبه رؤيا إبراهيم عليه السلام, اللهم لا, وهذا هو الفرق بين رؤيا الأنبياء ورؤيا غيرهم. قال ابن حزم رحمه الله تعالى في الفصل (3/190 ): (وأما رؤيا غير الأبياء فقد تكذب وقد تصدق, إلا أنه لا يقطع على صحة شيء منه إلا بعد ظهور صحته, حاشى الأنبياء فإنها كلها مقطوع على صحته) .


    وساق ابن الأزرق أمثلة كثيرة فيها أخذ النبي  برؤاه ورؤى الصحابة, ثم قاس على ذلك غيره , وخلص إلى جواز أخذ غير النبي  بالرؤى في العقائد والأحكام, ولم يلحظ الفرق بينه وبين غيره. فالنبي  مؤيد بالوحي, ولا يقر على خطأ, وتصديقه برؤى أصحابه معصوم بوحي الله تعالى, فإقرار الله تعالى له دليل على صدقها. فكيف يعلم غيره ذلك, وقد انقطع الوحي. هذا مربط الفرس كما يقال . والله الموفق.


    avatar
    الشيخ إبراهيم حسونة
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 9251
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 08/05/2008

    الملفات الصوتية رد: رد على كاتب صوفي يحتج بالرؤى

    مُساهمة من طرف الشيخ إبراهيم حسونة 15.10.08 10:00

    الدليل الرابع

    عمل الصحابة بالرؤى

    قلت : (قال ابن القيم : (هذا من الفقه الذي خصهم الله به دون الناس) الروح(ص24))


    الشاهد الأول : إنفاذ وصية ثابت بن قيس
    قال : هذا حديث صحيح على شرط البخاري , رواه ابن أبي عاصم في الآحاد [3/465] والطبراني في الكبير [2/65] والحاكم [3/260] وابن حجر في التغليق [3/436], وأصله في صحيح البخاري [3/1046]


    أما قوله : (على شرط البخاري) فكذب, فإنه من المعلوم عند المبتدئين في علم الحديث أن البخاري لم يرو له في صحيحه لأجل أنه ساء حفظه بأخرة, وإنما روى له مسلم من حديثه انتقاء,قال البيهقي رحمه الله كما في التهذيب : (لما كبر ساء حفظه, فلذلك تركه البخاري,وأما مسلم فاجتهد وأخرج من حديثه عن ثابت ما سمع منه قبل تغيره) . وهذا من أمثلة التزوير من ابن الأزرق.


    وقوله :(رواه ابن أبي عاصم) كذب, فابن أبي عاصم لم يرو الحديث بهذا اللفظ من طريق حماد عن ثابت, إنما رواه من طريق عطاء عن بنت ثابت بن قيس كما سيذكر هو بعد هذا.


    وأما قوله : (وأصله في صحيح البخاري) فتدليس, فإنه كان ينبغي له أن يبين أن هذا الأصل الذي أشار إليه من رواية موسى بن أنس عن أنس, وأنه ليس فيه ذكر للوصية, فتأمل .


    قال : وله شاهد صحيح مطول فعن عطاء الخراساني ...وذكر الرواية كلها


    قلت : الصحة متوقفة على معرفة شيخ الحاكم أبي العباس محمد بن يعقوب.ولم أجد من ترجم له,وفي هذه الرواية زيادة عجيبة, وهي كلمة قالها ثابت بن قيس لمن رآه في المنام بعد وصيته, ولفظها إن صحت : (وإياك أن تقول هذا حلم فتضيعه).فباعتبار هذه الكلمة, فإن الرائي له في المنام لم يذكر لأبي بكر وخالد أنها وصية منامية,وعلى هذا , فإنهما لم ينفذا الوصية المنامية, بل أنفذا ما أوهمهما الرائي أنها وصية أوصى بها ثابت قبل موته,فالرواية إن صحت حجة عليه لا له, فإن ثابتا أوصى الرجل أن لا يخبرهم بأنها وصية منامية خوف أن لا تنفذ, وهذا يدل على أنه كان معلوما عنده أن الوصية المنامية لا تنفذ, فلا يبقى لابن الأزرق متمسك بها وقد صححها أو حسنها.فعجبا من فهمك يا ابن الأزرق.نسأل الله تعالى أن يرزقنا وإياك الفهم في دينه.


    ومما يدل على نكارة هذه الرواية أنها ذكرت أن ثابتا أمر الرائي له بكتم كون الوصية مناما كذبا وتدليسا وزورا, وهو محال في حق صحابي كثابت إن كان المرئي ثابتا.وقد ذكر ابن بشكوال في الغوامض (2/834)أن الرائي هو بلال بن رباح, فهل يجوز لبلال أو غيره أن يوافق على الكذب.


    فيلزم ابن الأزرق شيئان : إما أن يتراجع عن تصحيح الرواية ليسلم من تبعاتها, وإما أن يصححها فيبطل استدلاله.


    قال : فانظر رحمك الله إلى عمل أبي بكر الصديق رضي الله عنه وأصحابه برؤيا رجل من المسلمين, إنهم تصرفوا بناء عليها في ميراثه , وهو من أخطر الأمور.
    قلت : هيهات يا ابن الأزرق, قد فاتك شيء مهم جدا, وهو أننا نجهل ظروف إنفاذ أبي بكر للوصية المنامية إن صح أنه أنفذها على أنها منامية, وإلا فقد صحح ابن الزرق رواية عطاء.قال الشاطبي في الموافقات (2/203): (ما روي أن أبا بكر رضي الله عنه أنفذ وصية رجل بعد موته برؤيا رؤيت فهي قضية عين لا تقدح في القواعد لاحتمالها, فلعل الورثة رضوا بذلك, فلا يلزم منها خرم أصل.)


    ووجه شيخ الإسلام ابن تيمية هذا الصنيع بتوجيه آخر فقال في الفتاوى الكبرى (4/519): (وتصح الوصية بالرؤيا الصادقة المقترنة بما يدل على صدقها ... لقصة ثابت بن قيس التي نفذها الصديق.) فاشترط شيخ الإسلام وجود القرائن الدالة على صدقها, وفهم من كلامه هذا أنه لا يجيز ذلك إذا عريت عن قرائن شاهدة.وهذا ما يفهم من كلام ابن القيم رحمه الله الذي شهره ابن الأزرق في وجه مخالفيه. فقد قال رحمه الله بعد تقريره جواز الاعتماد على القرائن في أحكام تخص الدماء والأموال وغيرها, كاللوث في القتل والقيافة في إلحاق النسب : (والمقصود أن القرائن التي قامت في رؤيا عوف بن مالك وقصة ثابت بن قيس لا تقصر عن كثير من هذه القرائن)


    قال بعد ذكره للروايتين وإيراده كلاما لابن القيم رحمه الله تعالى في كتابه الروح :


    شد يدك على هذا فإنه كلام الراسخين في العلم والتقوى لا هدر المتطفلين أنصاف العلماء, وكأني بمن يدعي السلفية والوقوف مع ظواهر النصوص يتغيظ من نطق ابن القيم بمثل هذا وهو الرمز والسلف.


    أخطأت يا ابن الأزرق مرة أخرى في تقدير منهج خصومك, ألا تعلم أنه ليس للسلفيين متبوع بحق إلا النبي e, وأنهم لا يستدلون بكلام أحد سوى كلام الله وكلام رسوله e, وأنهم يأخذون ويتركون من كلام من هو دون النبي e كما قال الإمام مالك رضي الله عنه, ومثل ابن القيم رحمه الله تعالى يخطأ ويصيب عندهم, فمخالفتهم له اتباعا للصواب لا يسقط من قدره ولا يدل على استهانتهم به, وأنهم لا يجدون في أنفسهم حرجا من قبول الحق على حساب أحد.وهذا خلافكم معشر العدل والإحسان, فإنكم لا تردون لشيخكم حكما ولا أمرا نسأل الله العافية.


    قال : وابنة ثابت بن قيس لا يعرف اسمها, لكنها صحابية أو تابعية, وقد رجح الأول الحافظ الهيثمي في المجمع, وسياق حديثها في الآحاد والمثاني يشعر بذلك, فإن كانت صحابية فهي معدلة ولا بد, وإن كانت تابعية فلا يعلم فيها جرح ولا تعديل, وقد نص النقاد على أنه لا يوجد في التابعيات امرأة مجروحة, فحديثها حسن ولا بد, ويعتضد بحديث أنس


    قلت : أخطأ ابن الأزرق مرة أخرى كعادته, فإنه لو راجع ترجمة عطاء الخراساني لوجد ما يلي : قال المزي : روى عن الصحابة مرسلا, وقال الطبراني : لم يسمع من أحد من الصحابة إلا من أنس, ومعناه أن من ثبت سماعه منه لا يكون صحابيا, ومنهم ابنة ثابت, وإلا لاستثنوها.فليت الله تعالى رزقك ذرة ذكاء , ولكن الله يهدي من يشاء.وقد وقفت على كلام الشيخ عبد الله بن الصديق الغماري في رسالة له في الرؤيا فوجدته اختار كونها صحابية باستدلال وجيه كان الأولى أن يتبناه ابن الأزرق.وعلى فرض صحة كونها صحابية فقد علمت ما في الرواية من جهة المعنى.


    الشاهد الثاني : ذكر فيه رد معاذ المال إلى بيت المال بسبب رؤيا
    قلت : خاف معاذ متأولا الرؤيا وقوي عنده ذلك بقدوم عمر ناصحا فرد المال ورعا .وليس الشاهد في محل النزاع.


    الشاهد الثالث : عائشة تتصدق بعد قتل جني
    قال : فانظر إلى عمل أم المؤمنين برؤياها وتصديقها بالغيب الوارد فيها. وانظر إلى سكوت الأصحاب, بل جاء في بعض طرق الحديث أن أباها رضي الله عنه هو الذي أفتاها ثم ساق رواية عبد الله بن المؤمل عن عبد الله بن أبي مليكة عن بنت طلحة عن عائشة وقال : أما عبد الله بن مؤمل فمختلف فيه, قال أبو حاتم وأبو زرعة: ليس بالقوي, وقال أحمد : أحاديثه مناكير, وقال يحيى , ضعيف الحديث, وقال مرة ليس به بأس, ينكر عليه, وقال مرة : صالح الحديث, وقال النسائي والدارقطني : ضعيف, وقال علي بن الجنيد , شبه المتروك, وقال ابن عدي, عامة حديثه الضعف عليها بين, ليس بذاك, وقال أبو داود : منكر الحديث.ثم ذكر توثيق ابن نمير وابن سعد وابن حبان وتصحيح الحاكم لحديث له وقول الهيثمي: ثقة وفيه كلام. ثم انتصب لتأويل تضعيف الأئمة له فقال :


    أما قول الأولين فيعنيان به أحيانا أن الراوي لم يصل إلى الدرجة العليا في الضبط
    قلت : كذب ابن الأزرق كعادته, فالذي في كتاب الجرح والتعديل لابن أبي حاتم عنهما: (ليس بقوي), بتنكير كلمة (قوي) والفرق بينها وبين (القوي) معروف.فقولهم : ليس بقوي يعنون به ضعيف, وقولهم ليس بالقوي أي ليس بأعلى درجات القوة أي أنه مقارب الحديث أو حسنه. ولذلك حرف ابن الأزرق العبارة في محاولة ساقطة للتدليس ولكن الله بالمرصاد.


    قال : وأما ابن معين فاضطرب فيه.

    قلت : ليتق الله هذا الشاب المتهور في أئمة المسلمين, وليحذر انتقام الله عز وجل منه لسوء أدبه مع الأولياء. إنما يقال: اختلفت أقواله فيه, ولا يقال اضطرب,تأدبا. فإنا لله وإنا إليه راجعون.


    قال : وأما أحمد وأبو داود فيقصدان بالنكارة التفرد والغرابة
    قلت : هذا أيضا كذب, لم يقل بهذا أحد, وأتحداه أن يجد إماما واحدا معتبرا يقول بما قال ابن الأزرق وأمهله حياته كلها. فمعنى قول الإمام أحمد : (أحاديثه مناكير), أي ضعيفة ,وهو خلاف قوله : (منكر الحديث), فهذا اللفظ يحتمل أن يكون معناه: يتفرد بأحاديث لا يرويها إلا هو, ويحتمل أن يكون بمعنى: ضعيف الحديث يخالف الثقات, ولعل ابن الأزرق وقع له الخلط بينهما وهذا هو المظنون به. وهذا شيء معروف لا يحتاج إلى شرح, ولكن صاحبنا معذور, فإنه لا يجد طريقة يرد بها الحق إلا اللعب والتشويش.


    قال : ثم إن أبا داود غالبا ما يقلد أحمد في الحكم على الرجال
    قلت : اتق الله , من أين لك هذا الفهم الغريب, وإن صح كلامك هذا ,فإن العلماء يعتبرون كلام الإمام أبي داود رحمه الله في الرجال, ولو وافق كلام الإمام أحمد رحمه الله.
    قال : وأما عبارة ابن الجنيد فتحتمل معنيين: فالترك قد يعني عدم الأخذ عن الراوي, وقد يعني التضعيف , فلا يصح نسبة التضعيف إليهم بحال.


    قلت : الاحتمالان كلاهما مسقط للاحتجاج بابن المؤمل. أم أن ابن الأزرق لم ينتبه !


    قال : ثم وجدت ما يدل على أن الرجل موثق عند أحمد, فقد قال في نافع بن عمر الجمحي : ثيت ثبت صحيح الحديث, وقال مرة : نافع بن عمر الجمحي ثبت من عبد الله بن المؤمل.فصيغة (أثبت) تدل على اشتراك الرجلين في وصف الثبات


    قلت: ابن الأزرق لا يعرف اصطلاحات أهل الحديث, وهذا سبب أخطائه الكثيرة, فقوله: (أثبت) يستعملها علماء الحديث كما يستعملون كلمات مثل أقوى وأصح ولا يعنون ظاهرها. فكثيرا ما يطلق أحدهما عبارة : هذا حديث أصح من هذا وكلاهما ضعيف.
    وقد ذكر ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل (5/175)عن أحمد أنه قال في ابن المؤمل: ليس هو بذاك, وهي من ألفاظ التجريح كما ذكر ابن الصلاح وأقره العراقي في التقييد.


    أما توثيق ابن حبان ففيه كلام,فإنه ضعفه جدا في كتابه المجروحين(2/27), فقال : (قليل الحديث منكر الرواية, لا يجوز الاحتجاج به إذا انفرد).وسبب هذا أنه جعلهما رجلين, قال الحافظ في التقريب :(ذكره ابن حبان في الثقات وقال : (هو غير الذي قبله ـ يقصد المكي ـ )فوهم, هو هو ).فضعف زعمُه أن أباها أمرها بذلك, وعلى فرض صحة الخبر, فإن عائشة تصدقت تورعا .قال ابن حزم رحمه الله في المحلى: (ليس في هذا الخبر أنها قصدت بذلك قصد دية وجبت عليها فزيادة ذلك عليها كذب لا يحل وإنما هي صدقة تصدقت بها) وقال : (إنما هي أحلام نائم, لا يجوز أن تشرع بها الشرائع, والأظهر أنها من حديث النفس, فصح أنها صدقة تطوع منها رضي الله عنها فقط, لا يجوز غير ذلك أصلا).


    وقال ابن الذهبي في سير أعلام النبلاء (2/197) في رواية ابن المؤمل : (رواه عبد الله بن أحمد بن حنبل عن عفيف وهو ثقة, وابن المؤمل فيه ضعف, والإسناد الأول أصح, وما أعلم أحدا اليوم يقول بوجوب دية في مثل هذا).


    الشاهد الرابع : ذكر قصة عائشة مع المدبرة التي سحرتها نقلا عن ابن القيم في كتاب الروح قال: ذكر مالك عن أبي الرجال عن عمرة عن عائشة

    قلت : من روى هذه القصة من طريق مالك, فإن لم يكن عندك جواب فلا عبرة بهذه الرواية حتى يعرف مصدرها.


    قال : وقد تابع الإمام يحيى بن سعيد مالكا على هذا الحديث ولم يذكر المنام
    قلت : أحسنت بقولك : (ولم يذكر المنام) وأرحتنا من روايتك هذه .


    الشاهد الخامس عمر يكره التقبيل في الصوم.


    قال : هذا حديث حسن رجاله كلهم ثقات رجال الصحيح

    قلت :كيف يكون حسنا ورجاله كلهم ثقات.فإن كانوا كذلك فالحديث صحيح لا حسن, وأظنك لا تعرف قواعد التصحيح بل أعتقد ذلك جزما.
    قال : الذي ترجحه القواعد هو أنه موثق لسببين:


    الأول : وهو أن عدد المضعفين أقل من الموثقين, فقد وثقه ثلاثة أئمة هم:مسلم حيث أخرج له في الأصول من صحيحه وابن حبان والحاكم وقال : أحاديثه كلها مستقيمة
    الثاني: هو أن المضعفين لم يذكروا سبب الجرح, والقاعدة أن التعديل مقدم على الجرح إذا كان المجرحون أقل عددا, أو لم يفسروا علة جرح الراوي

    قلت : بل عدد المضعفين أكثر إن اعتبر قول النسائي تضعيفا وليس كذلك, فقد قال فيه ابن عدي في الكامل : يكتب حديثه, وهذا لا يقال في مقبول الرواية, ومعنى قوله ذاك: يكتب حديثه للمتابعات لا للاحتجاج.


    ثم إني أعيب على الأستاذ أن يذكر توثيق ابن حبان ولا يذكر عبارة له في الثقات في ترجمة عمر, وهي : (وكان ممن يخط), وهي عبارة تعكر عليه ما يدعيه. وخلاصة البحث أن الرجل ضعيف كما قال الحافظ في التقريب, وهو أولى بالفهم منك يا فتى.
    avatar
    الشيخ إبراهيم حسونة
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 9251
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 08/05/2008

    الملفات الصوتية رد: رد على كاتب صوفي يحتج بالرؤى

    مُساهمة من طرف الشيخ إبراهيم حسونة 15.10.08 10:02

    وأما أن مسلما أخرج له في الأصول فكذب أو جهل: فقد نص الإمام الذهبي وهو من أهل الشأن حقا لا الفتى ابن الأزرق أنه روى له متابعة كما في المغني في الضعفاء.وهذا يبطل دعوى توثيق مسلم له.

    وأما أن المضعفين لم يفسروا جرحهم لعمر, فمكابرة, وسوء فهم, فقول أحمد : أحاديثه مناكير مفسر مبين, وكذلك الآخرون, وأعتقد أن الأستاذ لا يعرف معنى جرح مفسر وجرح غير مفسر, فعلى فهمه ستصح مئات الأحاديث بهذه الدعوى.


    قال : كل من درس علم الجرح والتعديل يعرف أن الإمام يطلق النكارة ويقصد بها التفرد بالحديث حينا والتجريح حينا آخر, والاحتمال يبطل الاستدلال, فلا يصح ذكر أحمد بين المجرحين, إلا إذا وجدت قرينة تثبت أنه يقصد تجريح الرجل, وهو ما لم يثبت لدينا.


    قلت : هذا الكلام صحيح في قول الإمام أحمد وغيره : منكر الحديث, وهذا أمر مشهور يعرفه من درس علم الجرح والتعديل كما قال الأستاذ, لكن الذي لا يعرفه الأستاذ أن كل من درس علم الجرح والتعديل يعرف أن الإمام إذا قال في الراوي : أحاديثه مناكير, فإنه يقصد تضعيفه والسلام. هذا ما لا يعرفه الأستاذ .


    قال : احتج بهذا المنام بعض الفقهاء على كراهة القبلة للصائم, فدل صنيعهم على أنهم لا يرون في الاحتجاج بالرؤى أي بأس
    قلت: هؤلاء الفقهاء سلف ابن الأزرق هم من الصوفية, وليس فعلهم حجة على غيرهم من العقلاء, وقد رد ابن حزم والطحاوي هذا الصنيع منكرين عليهم احتجاجهم بمنام لا يصح. فقال ابن حزم في المحلى(6/144/دار النفائس) : (الشرائع لا تؤخذ بالمنامات, لا سيما وقد أفتى رسول الله r عمر في اليقظة حيا بإباحة القبلة للصائم, فمن الباطل أن ينسخ ذلك في المنام ميتا! نعوذ بالله من هذا).


    وقال الطحاوي في شرح معاني الآثار [2/89] :(قول رسول الله صلى الله عليه وسلم في اليقظة قد قامت به الحجة على عمر ,وحديث عمر بن حمزة إنما هو على قول حكاه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في النوم وذلك مما لا تقوم به الحجة فما تقوم به الحجة أولى مما لا تقوم به الحجة.)


    وردا هذا الأثر الغريب بما رواه أبو داود ( 2385 ) عن جابر بن عبد الله قال: قال عمر بن الخطاب:


    هششت ( هش لهذا الأمر: إذا خرج به واستبشر ) فقبلت وأنا صائم فقلت: يا رسول الله ، صنعت اليوم أمرا عظيما ، قبلت وأنا صائم قال: "" أرأيت لو مضمضت من الماء وأنت صائم "" قال عيسى بن حماد في حديثه: قلت: لا بأس به ، ثم اتفقا قال: "" فمه ". وهذا الحديث الصحيح دليل على بطلان رواية المنام .فإنه لا يعقل أن يرد عمر بن الخطاب رواية اليقظة برواية المنام ولو كان الآمر النبي r! ولا يفعل هذا إلا ابن الأزرق وأمثاله, وهم الذين أنكر عليهم الإمام الشاطبي رحمه الله تعالى في الاعتصام فقال : (و أضعف هؤلاء احتجاجا قوم استندوا في أخذ الأعمال إلى المنامات و أقبلوا وأعرضوا بسببها و هو خطأ لأن الرؤيا لا يحكم بها شرعا على حال إلا أن تعرض على ما في أيدينا من الأحكام الشرعية). وقال ابن حجر رحمه الله تعالى : (رؤيا غير الأنبياء لا ينبني عليها حكم شرعي).الفتح [2/283]


    قال : وبعد, فقد كان عمر لا يرى بقبلة الصائم بأسا, ثم إنه غير اجتهاده بعد تلك الرؤيا, فصار يكرهها وينهى عنها كما يدل عليه هذان الأثران, ثم ذكر أثرين فيهما فتوى عمر بالمنع من القبلة للصائم معللا نهيه بأنه لا يؤمن على أحد أن تغلبه شهوته.


    قلت: هذه دعاوى عريضة, فمن أين لك هذا الترتيب العجيب, وأين وجدت ذلك, ومن قاله من العلماء قبلك, إن هو إلا كذب والله المستعان على ما يصف ابن الأزرق. والأعجب أن في هذه الآثار ما ينقض فهمه من أصله, فإنه لو كان ثبت منام عمر, وصح أخذه به , لكان الأولى أن يعلل نهيه عن القبلة للصائم بما سمعه من النبي r في المنام وهذا دليل على أن عمر ما كان يرى الاحتجاج بالرؤى, إلا أن يكون أخذه بالمنام ورعا واستئناسا, هذا على فرض صحة المنام, وإلا فقد ذكرنا بطلانه بحديثه جابر, وضعف أحد رواته.


    خلاصة هذا المبحث أن المنام المنسوب إلى عمر رضي الله عنه لا يصح, لأجل حديث جابر من حديثه هو عن النبي r في جواز قبلة الصائم ولأجل ضعف عمر بن حمزة العمري أحد رواة المنام, ولشيء آخر غاب عن ابن الأزرق بحمد الله تعالى , ليقضي الله أمرا كان مفعولا, وهو فضيحته . فقد روى عبد الرزاق [7429 ] وابن سعد في الطبقات (1/292) عن يحيى بن سعيد القطان عن أبي بكر بن حزم عن عبد الله بن عبد الله بن عمر أن عاتكة بنت زيد قبلت عمر بن الخطاب وهو صائم فلم ينهها.وفي الموطأ والطبقات أيضا أنها كانت تقبل رأسه, فانظر رعاك الله نظر منصف عاقل, كيف ينهى عن قبلة الصائم, ثم يترك زوجته تقبله وهو صائم.ولا يقولن أحد إنها هي التي قبلته لا هو.فإن العبرة بالأثر التي تحدثها القبلة عنده سواء كانت منه أو من زوجته.


    ثم إنه لو كانت الرؤيا حجة, لما خالف ثلة من الصحابة عمر, والله أعلم.


    وإني لأستغرب وما ينقضي عجبي من الأزرق , فإنه اشترط لجواز الاحتجاج بالمنامات أن لا تعارض حكما شرعيا محكما وها هو هنا وفي غيره يخالف ذلك, فيعارض المعروف من سنة النبي  بمنام لعمر.


    الشاهد الثامن : عمر يعزل أحد القضاة
    ذكر رواية ابن أبي الدنيا في الإشراف عن محارب بن دثار أن عمر قال ... الأثر.
    قال : بقيت علي واحدة وهي أن محاربا لم يدرك عمر بن الخطاب, فالسند منقطع, لكن القصة ثابتة بالقرائن الآتية:
    شيوخه الذين استقصاهم المزي في التهذيب كلهم ثقات رجال الصحيحين أو أحدهما, وغالبهم ممن أدركوا عمر رضي الله عنه
    2ـ محارب تابعي كبير, أدرك جماعة من الصحابة, ومنهم عبد الله بن عمر, فالغالب أنه سمع القصة منهم
    3ـ محارب كان قاضيا فهو ملم بأخبار القضاة
    4ـ نص بعض الأئمة على أن القصة مشهور وذكر منهم ابن عبد البر وقوله : يقال إن حابس بن سعد الطائي هو الذي ولاه عمر ... القصة.
    5ـ ثم تشهد لها أخبار استناد عمر بن الخطاب إلى الرؤى وعمله بها... فأنت ترى الخليفة الراشد بنى عزل أحد قضاته على منام.


    قلت: محارب بن دثار لم يدرك عمر كما قال ابن الأزرق, وهذا سبب كاف للحكم على القصة بالضعف. وأما ما ساقه من قرائن فكلها ساقط
    أما قوله :إن شيوخه الذين استقصاهم المزي كلهم رجال الصحيح فدليل على كثافة جهله, وبعده عن علم الحديث كبعد الأرض عن جو السماء, فكل مشتغل بالحديث وعلومه يعلم أن المزي لا يذكر في تهذيبه إلا شيوخ الراوي الذين روى عنهم في الكتب التي رمز لها , وكذلك تلامذته, ومعنى هذا أنه لا يستقصي كل شيوخه, فإن له شيوخا آخرين روى عنهم في غير تلك الكتب,قال ابن حجر في مقدمة التهذيب: إن الشيخ رحمه الله قصد استيعاب شيوخ صاحب الترجمة, واستيعاب الرواة عنه, وحصل من ذلك على الأكثر, لكنه شيء لا سبيل إلى استيعابه ولا حصره, وسببه انتشار الروايات وكثرتها وتشعبها وسعتها) أي في كتب أخرى لم يلتزمها الشيخ رحمه الله. وبهذا يظهر أن ابن الأزرق حجر واسعا لضيق في تفكيره والله المستعان.


    وأما أن غالبهم ممن أدركوا عمر, فيكفي أنك قلت : غالبهم لا كلهم, فيبقى احتمال أنه سمعه ممن لم يدرك عمر, والاحتمال يسقط الاستدلال.


    وأما أن الغالب أنه سمع القصة منهم فلا سبيل له إلى إثباته إلى المشاغبة والسفسطة. فمن أدراك أنه لم يسمعه من غير الصحابة, ودونك ذلك لو تستطيع.

    وأما أن محاربا كان قاضيا فهو ملم بأخبار القضاة, فقول يضحك الثكلى, , فإن من كان عنده عقل فسيعلم أن اطلاع محارب على أخبار القضاة لا يكون إلا بسماعها من رواتها, وهنالك وقف حمير ابن الأزرق, إذ لم يقدر على بيان صاحب القصة عن عمر.


    وأما أن بعض الأئمة نص على شهرة القصة, فالكل يعلم أن شهرة قصة ما لا تدل على صحتها, بله جواز الاحتجاج بها, ولو لاحظ القارئ الكريم قول ابن عبد البر: (يقال) لعلم أنه يشير إلى عدم ثبوتها عنده والله أعلم, كما هو المعلوم من صيغ التمريض.
    وأما القرينة الخامسة فلا حاجة تدعو لردها لأني وجدتها لا تزن شيئا .


    الشاهد التاسع: عمر يخرج كنزا من بيت المال
    ذكر قصة رواها الطبري في التاريخ وأبو الشيخ في طبقات المحدثين وأوردها ابن حبان في الثقات والحكيم الترمذي في نوادر الأصول.
    قلت : كذب ابن الأزرق, فلم يسنده الطبري القصة إنما قال : (وقد كان فيما ذكر لي), وليس هذا من الإسناد في شيء, وسند القصة في الطبقات: حدثنا محمد بن عمر بن حفص قال ثنا إسحاق بن إبراهيم شاذان قال ثنا محمد بن عبد الله الأنصاري قال ثني النهاس بن قهم القيسي عن القاسم بن عوف عن أبيه أو عن رجل عن السائب بن الأقرع عن عمر.


    وهذا الإسناد ضعيف, النهاس القاص ضعيف,والرجل الذي يروي عن السائب مبهم,والقاسم بن عوف هو الشيباني روى له مسلم ووثقه ابن حبان وضعفه شعبة و أبو حاتم والنسائي وقال ابن عدي : يكتب حديثه.


    الشاهد العاشر عثمان يختار الموت بدل النصر
    ذكر رواية عن نائلة زوج عثمان رضي الله عنهما في رؤياه أبا بكر وعمر يبشرانه بالشهادة.وقال في الهامش : مصنف ابن أبي شيبة ومسند أحمد ومنامات ابن أبي الدنيا وفضائل الصحابة ومستدرك الحاكم وصححه.


    قلت : على هذا مؤاخذتان


    الأولى: أن في إسناد الرواية المذكورة زياد بن عبد الله بن حدير الأسدي عن أم هلال بنت وكيع. وهما مجهولان, قال الحافظ في زياد في تعجيل المنفعة : (روى عنه داود بن أبي هند فقط وفيه نظر) وقال في أم هلال : (لا تعرف) ولذلك قال الهيثمي في المجمع (7/232): فيه من لم أعرفهم.


    الثانية : أن الحاكم لم يروه بهذا السياق ولا بهذا الإسناد, فالذي عنده من طريق كثير بن الصلت قال : (أغفي عثمان...),وليس فيه (ليقتلنني القوم) أو ما يشبهه. وهذا تزوير قبيح.وخلاصة هذا أن عثمان لم يجزم بتحقق الشهادة, ولكنه طابت نفسه لتلك البشرى, ولم يجعلها سببا لترك الدفاع عن نفسه, إنما خاف الفتنة على الناس.
    قال : بل إنه استند إليها فصام يوم قتله وقرر أمرا عظيما وهو الاستسلام للثوار.


    فانظر كيف أنهى الخلافة لرؤيا رآها, ثم يأتي شرذمة من ذراري المسلمين فيبدعون من يعظم الرؤيا ويعمل بها فيما لا خطر له ولا شأن


    قلت : عجبا لابن الأزرق, من أين له أن عثمان أنهى الخلافة لأجل الرؤيا,مشكلة ابن الأزرق تسرعه, فإنه لو سأل أهل العلم لأفادوه عكس ذلك, فقد روى سعيد بن منصور في سننه (رقم 2936 ) بإسناد جيد عن أبى هريرة قال :( كنت محصورا مع عثمان بن عفان في الدار فرمي رجل منا فقتل فقلت لعثمان: يا أمير المؤمنين أم طاب الضراب؟, قتلوا رجلا منا فقال: عزمت عليك يا أبا هريرة إلا طرحت سيفك, فإنما تراد نفسي, وسأقي المؤمنين اليوم بنفسي, قال أبو هريرة: فرميت بسيفي فما أدري أين هو حتى الساعة) .


    وهذا فاصل في المسألة, فاستسلام عثمان كان حرصا منه على دماء المسلمين رحمه الله تعالى, لا لرؤيا رآها في منامه.وقد روى ابن عساكر في تاريخه أن عليا أرسل إلى عثمان: (إن معي خمسمائة دارع فأذن لي فأمنعك من القوم, فإنك لم تحدث شيئا يستحل به دمك, قال: جزيت خيرا ما أحب أن يهراق دم في سببي).
    وهذا هو فقه الصحابة الذي طرحه ابن الأزرق وأصحابه وحادوا عنه إلى الأخذ بالرؤى والهلوسات في كبائر الأمور.قدم عثمان نفسه لهم وهي مفسدة دفعا لمفسدة أعظم منها في نظره, وهي فشو القتل في بقية الصحابة.


    وقد ورد عند ابن أبي الدنيا في المنامات أيضا وابن عساكر من طريقه في تاريخه عن كثير بن الصلت قال :(دخلت على عثمان بن عفان وهو محصور ,فقال لي عثمان: يا كثير بن الصلت, ما أراني إلا مقتولا يومي هذا, قال: قلت: ينصرك الله على عدوك يا أمير المؤمنين. قال: ثم أعاد علي, فقال لي: يا كثير ما أراني إلا مقتولا من يومي هذا ,قال: قلت: وُقت لك في هذا اليوم شيء, أو قيل لك شيء ؟قال: لا, ولكني شهدت في ليلتي هذه الماضية, فلما كان عند السحر أغفيت إغفاءة, فرأيت فيما يرى النائم رسول الله وأبا بكر وعمر ,ورسول الله يقول لي: يا عثمان, إلحقنا, لا تحبسنا فإنا ننتظرك , قال: فقتل من يومه ذلك.)

    وهي صريحة في أنه ما كان يجزم بها وأن كثير بن الصلت لم يعتبرها فقد سأله عن ما عنده مسموعا من النبي , ولكن الرواية ساقطة فإن فيها إسماعيل بن إبراهيم بن مهاجر النخعي وهو منكر الحديث, ولسنا ممن يستبيح الاستشهاد بمثل هذا, ولا ممن يبادر إلى تصحيح الرواية بالتدليس والتزوير عافانا الله من ذلك .ويغني عنها ما رواه الترمذي وابن ماجه عن عائشة أن النبي  قال في مرضه: (وددت أن عندي بعض أصحابي) قلنا:( يا رسول الله, ألا ندعو لك أبا بكر؟ فسكت قلنا: ألا ندعو لك عمر؟فسكت. قلنا ألا ندعو لك عثمان؟ قال:( نعم)فجاء فخلا به, فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يكلمه ووجه عثمان يتغير )قال قيس : فحدثني أبو سهلة مولى عثمان أن عثمان بن عفان قال يوم الدار: (إن رسول الله صلى الله عليه وسلم عهد إلي عهدا فأنا صائر إليه وقال علي في حديثه وأنا صابر عليه) قال قيس: (فكانوا يرونه ذلك اليوم) والحديث صحيح.وفيه دليل على أن عثمان كان عنده علم بما سيؤول إليه الأمر في يوم الدار.
    avatar
    الشيخ إبراهيم حسونة
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 9251
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 08/05/2008

    الملفات الصوتية رد: رد على كاتب صوفي يحتج بالرؤى

    مُساهمة من طرف الشيخ إبراهيم حسونة 15.10.08 10:04

    لطيفة:

    أشار إلى ما ذكرت بعض الفضلاء فقال :
    وبلغ بشرى الهاشمي بأنـــه من الجنة العليا بأكرم مقعد
    ولكن على بلوى وقال سأرتضي وأصبر صبر الطائع المتجلد
    فأظهر يوم الدار صبر أولي النهى ولو شاء لم تظفر به يد معتد
    ولم يرض صونا للدماء بحربهم وكان متى يستنجد القوم ينجد
    فمات شهيدا صابرا فهو خير من على نفسه في غير حق قد اعتدي
    وأما قوله : ثم يأتي شرذمة من ذراري المسلمين ... فظلم وافتراء وتكبر على الناس, فإن الذين وصفهم ابن الأزرق لا ينكرون تعظيم أمر الرؤيا في ما لا خطر له ولا شأن كما قال , ولكن ينكرون عليه وعلى جماعته استعمالهم الرؤى في الأحكام والعقائد والجزم بالغيبيات,وتساهلهم في قبول دعاوى المدعين دون النظر في عدالتهم, وبين الأمرين فرق كبير, أفلا يتقي ابن الأزرق الله تعالى.


    الشاهد الحادي عشر : عامر يقوم الليل
    ذكر فيه أن عامر بن ربيعة قام الليل بعد رؤيا رآها تحضه على الطاعة.

    قلت : ليس في هذا شيء, فاستعمال الرؤيا في مثل هذه الأمور مرغوب فيه.لأن قيام الليل مشروع أصلا.
    الشاهد الثاني عشر : ابن خارجة يعتزل الفتنة
    ذكر فيه أن ابن خارجة اعتزل لرؤيا رآها
    قلت : يقال هنا مثل ما قيل في بيان حقيقة الشاهد الحادي عشر.لأن اعتزال الفتنة مرغب فيه في أحاديث.
    الشاهد الثالث عشر : تحويل قبر طلحة
    ذكر رواية ابن أبي شيبة وابن سعد عن إسماعيل بن أبي خالد عن قيس بن أبي حازم.وقال : إسناده صحيح رجاله رجال الشيخين
    قلت : هذا كلام سليم سوى من شيء واحد لم ينتبه إليه, وهو أن قيسا كبر حتى أدرك المائة من العمر, قال إسماعيل بن أبي خالد الراوي عنه هنا : جاوز المائة بسنين كثيرة حتى خرق وذهب عقله. وذكره من جملة المختلطين من الرواة صاحبا الاغتباط والكواكب النيرات.


    قال في رواية ابن أبي الدنيا: والشاهد هنا هو أن التحويل المستند إلى الرؤيا تم في زمن الصحابة من غير إنكار.


    قلت : وقوع فعل ما زمن الصحابة لا يدل على إقرارهم له, فقد يقع الفعل ولا يطلعون عليه, فما أدرى ابن الأزرق أن التحويل وقع زمن الصحابة بعلمهم, عليه بدليل لكل قيد من هذين القيدين.


    قال : بل وقع في بعض الطرق أن الأصحاب هم الذين أفتوا بذلك ثم ذكر رواية ابن عبد البر في الاستيعاب.


    قلت : فيها علي بن زيد وهو ابن جدعان وهو ضعيف وكان اختلط .وبهذا تسقط الدعوى.


    قال : ومن فوائد الحديث إمكان الاطلاع على الغيب بواسطة الرؤى, فحال طلحة في قبره من الغيب.


    ما استند إليه ابن الأزرق لم يصح ولله الحمد.ثم إنه لا بد من التنبيه إلى مسألة, وهي حكم نبش القبر لغير ضرورة, وقد أشار ابن الأزرق إلى حكم ذلك فقال : قد تقرر أن نبش القبر لا يجوز إلا لضرورة,وهذا شيء مختلف فيه, فقد روى البخاري عن جابر قال : (دفن مع أبي رجل,فلم تطب نفسي حتى أخرجته ,فجعلته في قبر على حدة) وبوب له بقوله : (باب هل يخرج الميت من القبر واللحد لعلة) .قال الحافظ ابن حجر في الفتح : (في حديث جابر دلالة على جواز الإخراج لأمر يتعلق بالحي, لأنه لا ضرر على الميت في دفن ميت آخر معه, وقد بين ذلك جابر بقوله : ((فلم تطب نفسي))) فأمام ابن الأزرق شيئان, إما أن يأخذ بأثر جابر وقصة عائشة بنت طلحة, ويكون الكلام فيهما واحدا , وهو ما ذكره ابن حجر, فلا يبقى له في أثرها متمسك, وإما أن يقول: ليس فعل جابر حجة, فيكون قد أجاب بنفسه على قصة عائشة بنت طلحة وهي دون جابر في الفقه والعلم.وعلى فرض صحة القول بأنه لا يجوز نبش القبر إلا للحاجة, فقد ذكر العلماء أن مما يجيز ذلك الخوف من تأذي جسد الميت بسيل أو رطوبة أو غيرها, ودليل ذلك ما رواه الإمام مالك في الموطأ أن عمرو بن الجموح وعبد الله بن عمرو الأنصاريين السلميين كانا قد حفر السيل قبرهما, وكان قبرهما مما يلي السيل ,وكانا في قبر واحد. وهما ممن استشهد يوم أحد, فحفر عنهما ليغيرا من مكانهما, فوجدا لم يتغيرا, كأنهما ماتا بالأمس, وكان أحدهما قد جرح ووضع يده على جرحه, فدفن وهو كذلك, فأميطت يده عن جرحه ثم أرسلت, فرجعت كما كانت, وكان بين أحد وبين يوم حفر عنهما ست وأربعون سنة) وفيه انقطاع.لكن قال الحافظ ابن عبد البر في التمهيد (19/239): (هكذا هذا الحديث في الموطأ مقطوعا لم يختلف على مالك فيه, وهو يتصل من وجوه صحاح بمعنى واحد متقارب)


    وسئل شيخ الإسلام رحمه الله تعالى عن مثل ذلك فقال كما في الفتاوى (24/303): (لا ينبش الميت من قبره إلا لحاجة مثل أن يكون المدفن الأول فيه ما يؤذى الميت فينقل إلى غيره, كما نقل بعض الصحابة في مثل ذلك)


    وقد ذكر ابن قتيبة في المعارف أن من رآه في المنام ابنته كما قال النووي في المجموع والتهذيب.وبعد هذا كله أقول لابن الأزرق : بناء على الإلزام الذي ألزمته, إن كنت اخترت الاحتجاج بهما معا, فإن فعل عائشة لا شيء فيه, ويجوز لها ذلك, رأت مناما أو لا, والأخذ بالمنامات في ما يشرع أصلا جائز. وإن كنت أسقطت الاحتجاج بهما معا فقد أرحتنا وأرحت نفسك.والله تعالى أعلا وأعلم.


    فائدة
    نظم بعضها الفقيه محمد بن عبد الولي بن جعمان الصور التي يجوز فيها نبش الميت وقد يجب في بعضها كما (إعانة الطالبين 2/122):
    يحرم نبش الميت إلا في صور فهاكها منظومة ثنتي عشر
    من لم يغسل والذي قد بليا أي صار تربا وكذا إن ووريا
    في أرض أو ثوب كلاهما غصب و بالع مال سواه وطلب
    أو خاتم ونحوه قد وقعا في القبر أو لقبلة ما أضجعا
    أو يدفن الكافر في أرض الحرم أو يتداعى اثنان ميتا يطم
    أو يلحق الميت سيل أو ندى و من على صورته قد شهدا
    أو جوفها فيه جنين يرتجى حياته فواجب أن يخرجا
    أو قال إن كان جنينها ذكر طلقها والضعف للأنثى استقر
    فيدفن المولود قبل العلم بحاله هذا تمام النظم
    والحمد لله وصلى دائما على النبي أحمد وسلما
    والآل والصحب جميعا ما همى غيث ولاح البرق في جو السما


    الشاهد الرابع عشر


    ذكر ابن الأزرق قصة الصعب بن جثامة وعوف بن مالك ووصيته له في المنام.وقال : إسناده حسن رجاله رجال مسلم , شهر بن حوشب تكلم فيه بعضهم بما لا يوجب جرحه وهو صدوق من رجال مسلم
    قلت : شهر مختلف فيه كما قال ابن الأزرق. ولو سلمنا بثقته, فأين الإسناد إليه من أحد المصنفين. وسوف تعلم بعد قليل أن ما سماه من مصادره لا يوجد فيه ذكر الوصية.فليس له من معتمد فيها إلا نقله عن ابن القيم, ولا يكفيه.


    قال في الهامش : أخرج بعضه البخاري في الصغير عن شيخه موسى بن إسماعيل
    قلت : هذا تدليس , فليس في رواية البخاري ذكر للوصية وهذا نص ما في الرواية : عن شهر بن حوشب قال: (آخى النبي صلى الله عليه وسلم بين عوف بن مالك والصعب بن جثامة فمات صعب, قال عوف: فرأيته فيما يرى النائم قال: غفر لنا بعد أيهات). اهـ


    قال : وقد أخرجه البيهقي عن ثابت البناني وهو من كبار التابعين فلعله سمعه من شهر مرة ومن الصحابة أخرى فكان أحيانا يذكر شهرا وحينا لا يفعل فيكون متابعا قويا له.
    قلت : هذا كذب فليس في رواية البيهقي ذكر للوصية أيضا. ونص ما فيها : (فقال أحدهما لصاحبه: إن مت قبلك يا أخي فتراء لي قال فمات صعب قبله فتراء له عوف فرآه فقال كيف أنت يا أخي قال بخير ما صنعت قال غفر لنا يوم دعونا عند حانوت فلان ولم يكن في أهلي مصيبة إلا لحقني أجرها حتى هرة لنا ماتت منذ ثلاثة أيام).اهـ فلا حول ولا قوة إلا بالله.


    ثم يقال لابن الأزرق : في إسناد البيهقي الخضر بن أبان فإن كان الهاشمي فهو ضعيف, وفيه أيضا جعفر بن سليمان الضبعي وهو صالح في نفسه وقد وثق, ولكن في روايته عن ثابت شيء. قال علي بن المديني : أكثر جعفر يعنى بن سليمان عن ثابت وكتب مراسيل, وفيها أحاديث مناكير عن ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم.
    وقال : وقد حسنه المحدث عبد الله بن الصديق في الحجج البينات.


    قلت : قد ظهر لك ضعف الرواية المتضمنة للوصية والله أعلم.


    وقال : طريق آخر , وذكر رواية ابن المبارك في الزهد عن عطية بن قيس عن عوف.

    قلت : هذا كذب أيضا, وقد تستغرب جدا إذا علمت أن القصة مختلفة تماما وليس فيها ذكر للوصية . وهاك نصها: عن عطية بن قيس عن عوف ابن مالك الأشجعي( أنه كان مواخيا لرجل من قيس يقال له محلم ...) فأين الصعب بن جثامة يا ابن الأزرق. ومع هذا فإن في إسناد الرواية أبا بكر بن أبي مريم الغساني وهو ضعيف لا يحتج به.كان يغلط كثيرا.


    قال في إسناد ابن المبارك :عطية فيه ضعف, لكن طريقه حسن بما سبق


    قلت : عجبا منك يا ابن الأزرق, تضعف عطية التابعي الذي قال فيه أبو حاتم صالح الحديث . ولا تنتبه لضعف الغساني, وتحسن قصة عوف مع الصعب بقصة عوف مع محلم, وهكذا يكون التحقيق على طريقة ابن الأزرق الذي يسميه أخونا الدكتور العلمي (منظر الجماعة).ومن تكلم في غير فنه أتى بمثل هذه العجائب كما قيل.
    قال : وقد علق عليه ابن القيم فقال : وذكر كلامه إلى قوله : (…وهي لأيتامه وورثته إلى يهودي بمنام.؟)


    قلت : قال ابن القيم مباشرة بعد هذا بعد علامة الاستفهام!!!:(ونظير هذا من الفقه الذي خصهم الله به دون الناس)!! فما قول ابن الأزرق الآن.؟
    الشاهد الخامس عشر أبو موسى يعلم بموت عمر.


    قال : وفيه أن أبا موسى الأشعري جزم بقرب وفاة عمر بناء على منامه, ويقينه واضح من استرجاعه,وفيه أن أنسا صدقه واقترح عليه كتابة ذلك إلى عمر حتى يهيء نفسه.


    والجواب بعون الملك الوهاب أن هذا الفهم من ابن الأزرق مردود, ويرده قوله تعالى : (وما تدري نفس ماذا تكسب غدا وما تدري نفس بأي أرض تموت). والجزم بوقوع التأويل فرع عن الجزم بمطابقته للمنام.ولا يشك أحد أن أبا موسى لا يجزم بتأويل رؤيا, وهو يعلم أنه عرضة للخطأ والصواب,فكيف يجزم بحصوله وهو لا يجزم بصحته, وقد فسر أبو بكر الصديق صاحب النبي  في الغار رؤيا, فأصاب في بعضها وأخطأ في بعضها.وغاية ما يقال أن أبا موسى بالغ في ذلك لما حصل عنده من قرائن لا نعرفها والله أعلم.


    الشاهد السادس عشر: عمير بن وهب يستخرج كنزا


    قلت : نقله عن ابن القيم في كتاب الروح ولم يذكر له إسنادا, وهذا يعفينا من كلفة الرد.ولو صح ذلك فلا دليل فيه, فإن أحدنا لو رأى مثل ذلك ما تأخر طمعا في المال , فإن لم يجده ما ضره.


    الشاهد السابع عشر: أم سلمة تبكي الحسين

    قال : إسناده حسن, رجاله كلهم ثقات إلا سلمى البكرية فلم يرو عنها سوى رزين, ولم يرد فيها جرح ولا تعديل, فهي تابعية مستورة, فلا ينزل حديثها عن رتبة الحسن, فإن أهل الاستقراء نصوا على أنه لا يوجد بين التابعيات امرأة مضعفة


    قلت : هذا كذب, لم يقل أحد هذا, بل قالوا : (لا يعرف في النساء امرأة متهمة بالكذب), وهذا يعني أنه فيهن من رميت بالضعف,ونفي الكذب لا يلزم منه نفي الضعف, فنفي الأخص لا يستلزم نفي الأعم.وهكذا يكون التدليس, أما أن إسناد الحديث حسن, فغلط,بل هو ضعيف, لجهالة سلمى , ولذلك قال الترمذي: حديث غريب, ويقصد ضعيف, وهذا اصطلاحه المعروف عنه.وأبو خالد الأحمر هو سليمان بن حيان, قال فيه يحيى بن معين: صدوق ليس بحجة وقال ابن عدي: هو كما قال يحيى, وإنما أتي من سوء حفظه, ووثقه علي بن المديني وقال أبو حاتم: صدوق والله أعلم.


    الشاهد الثامن عشر الحسن بن علي يعتزل القتال.

    قال : وهو أثر حسن كما حققته في رفع الملام وله أربعة طرق.


    قلت : ذكر في رفع الملام رواية أبي مريم عن الحسن وقال :
    (قلت : رجاله ثقات إلا البراء والحضرمي فإني لم أعرفهما لكنه حسن بالطرق الآتية )
    ثم ذكر رواية أبي يعلى من طريق طحرب العجلي عن الحسن, ورواية ابن أبي الدنيا في المنامات من طريق الحارث العجلي عن الحسن ورواية عبد الله بن أحمد في زوائد فضائل الصحابة لأبيه من طريق فلفلة الجعفي عن الحسن دون ذكر ألفاظها


    قلت : الرجل لا يعرف في علم الحديث شيئا يعتبر. ألم ينتبه لأبي مريم الرافضي الكذاب, المجمع على تركه.فروايته ساقطة.
    ورواية أبي يعلى ساقطة أيضا, فطحرب مولى الحسن مجهول ,قال فيه الأزدي : لا يقوم إسناد حديثه. وسفيان بن وكيع شيخ أبي يعلى ليس بشيء, كان يلقن , واتهمه أبو زرعة بالكذب, وقال ابن حبان : يستحق الترك.


    ورواية عبد الله بن أحمد في زوائد الفضائل واهية, فيها سعيد بن محمد الوراق , قال فيه الذهبي : واه,وقال مرة : ضعفوه بمرة. وقال يحيى بن معين: ليس بشيء. ولينه أحمد وتكلم فيه بشيء.فلم يبق لابن الأزرق متمسك لتحسين هذا المنام.


    avatar
    الشيخ إبراهيم حسونة
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 9251
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 08/05/2008

    الملفات الصوتية رد: رد على كاتب صوفي يحتج بالرؤى

    مُساهمة من طرف الشيخ إبراهيم حسونة 15.10.08 10:08


    الدليل الخامس

    عمل الأئمة بالمنامات

    قلت : قال الإمام مالك رضي الله عنه :
    (ليس أحد بعد النبي  إلا ويؤخذ من قوله ويترك إلا النبي) الجامع لابن عبد البر (2/91)

    ـ الإمام الحسن البصري
    ساق خبرا عن الحسن يثبت فيه الإمام الساعة التي يستجاب فيها للعبد يوم الجمعة بمنام.

    قلت : إسناد الخبر عند عبد الرزاق هكذا : (عن معمر قال: أخبرني من سمع الحسن يقول : ...) وظاهر جدا أن في الإسناد إبهاما, وله حكم الانقطاع,فالخبر ضعيف لا يثبت به شيء.والمعروف عن الحسن أنه اختار كون ساعة الإجابة ما بين خروج الإمام إلى أن تقام الصلاة رواه عنه ابن المنذر .وروى عنه أيضا أنها حين تقام الصلاة حتى يقوم الإمام في مقامه.وما رأيت أحدا نسب إليه ما ورد في قصة المنام!

    ـ الإمام يحيى بن معين
    ذكر أن يحيى بن معين أقام بالمدينة أياما ثم خرج منها فسمع هاتفا يقول له : أترغب عن جواري فرجع وبعد أيام مات بها.

    قلت : ليس في الخبر أنه صدق بالمنام أو لا, ليس فيه سوى أخذه بما فيه , ذلك لأن قصد المدينة للإقامة فيها والموت بها مشروع.ومع هذا فإن في القصة نكارة ,فقد قال الخطيب في التاريخ (14/186):( الصحيح أن يحيى توفي في ذهابه قبل أن يحج,أخبرني الحسن بن محمد الخلال حدثنا يوسف بن عمر (الزاهد) القواس حدثنا حمزة بن القاسم (ابن عبد العزيز أبو عمر الهاشمي)حدثنا عباس هو الدوري قال: مات يحيى بن معين بالمدينة أيام الحج قبل أن يحج وهو يريد مكة), وهذا إسناد صحيح,رجاله أئمة ثقات. ورواية ابن الأزرق في كتابه تذكر أنه حج ثم دخل المدينة ثم خرج منها ثم عاد إليها.

    وذكر الذهبي في السير(11/90) ما يزيد من وهن قصة المنام فقال: (قال مهيب بن سليم البخاري حدثنا محمد بن يوسف البخاري الحافظ قال: كنا في الحج مع يحيى بن معين, ودخلنا المدينة ليلة الجمعة, ومات من ليلته).ورواية ابن الأزرق تذكر أنه توفي بعد دخولها بيومين أو ثلاثة.

    ـ الإمام عبد الله بن كثير المقرئ

    ذكر أنه رأى النبي  في المنام وهو يقرأ ( وَجِبْرِيلَ وَمِيكَال)(البقرة: من الآية98)فقال : فلا أقرأهما إلا هكذا يقول : بغير همز.

    قلت.وهذا دليل آخر على عقلية هذا الولد, حيث جعل المنامات من طرق رواية القراآت.فلا حول ولا قوة إلا بالله.ومع ذلك فإني أقول لابن الأزرق : لا حجة لك في هذا, فإن الأخذ بالمنام اسئناسا في أمر مباح مباح, وابن كثير لم ينكر القراآت الأخر, إنما اختار واحدة منها بالمنام ولا محذور في ذلك. هذا على فرض صحة الخبر عنه فإن في إسناده شيئا.وهو هكذا : حدثنا أبو يعقوب حدثني محمد بن صالح(المدني الأزرق القارئ) حدثني شبل بن عباد عن عبد الله بن كثير قال: ...

    وشبل بن عباد هو المكي المقرئ المعروف, ومحمد بن صالح هو المدني الأزرق القارئ ,ذكره ابن حبان في الثقات وضعفه , قال الذهبي في الميزان :(قال ابن حبان :لا يجوز الاحتجاج به إذا انفرد ,وقال غير ابن حبان: لا بأس به ).ولذلك قال ابن حجر في التقريب : ( مقبول) , أي عند المتابعة كما هو معروف من اصطلاح الحافظ. ولم يتابع على هذه القصة على حد علمي وأبو يعقوب لا يعرف, والله أعلم .

    ـ الإمامان علي بن مسهر وحمزة الزيات
    ذكر رواية مفادها أن حمزة الزيات رحمه الله رأى في المنام أنه عُرض على النبي  حديث أبان بن عياش فلم يعرف منه إلا شيئا يسيرا, فقال حمزة وعلي : فتركنا الحديث عنه.

    قلت : إن كان يقصد ابن الأزرق الاحتجاج بهذا على جواز التصحيح والتضعيف بالرؤى والكشف فقد كشف عن مستوى عقله إن كان عنده. وقد رجعت إلى شرح النووي على مسلم فوجدت له كلاما كأنه الذهب السبيك, فأحببت نقله هنا نصيحة, وليعلم القارئ من هو ابن الأزرق.

    قال الإمام النووي رحمه الله في شرح مسلم , عند شرح هذا الخبر من مقدمة الصحيح : (قال القاضي عياض رحمه الله : هذا ومثله استئناس واستظهار على ما تقرر من ضعف أبان, لا أنه يقطع بأمر المنام, ولا أنه تبطل بسببه سنة ثبتت, ولا تثبت به سنة لم تثبت, وهذا بإجماع العلماء اهـ هذا كلام القاضي, وكذا قاله غيره من أصحابنا وغيرهم, فنقلوا الاتفاق على أنه لا يغير بسبب ما يراه النائم ما تقرر في الشرع, وليس هذا الذي ذكرناه مخالفا لقوله صلى الله عليه وسلم :(من رآني في المنام فقد رآني), فإن معنى الحديث أن رؤيته صحيحة, وليست من أضغاث الأحلام, وتلبيس الشيطان, ولكن لا يجوز إثبات حكم شرعي به, لأن حالة النوم ليست حالة ضبط وتحقيق لما يسمعه الرائي
    وقد اتفقوا على أن من شرط من تقبل روايته وشهادته أن يكون متيقظا, لا مغفلا ولا سيء الحفظ, ولا كثير الخطأ ولا مختل الضبط, والنائم ليس بهذه الصفة, فلم تقبل روايته لاختلال ضبطه
    هذا كله في منام يتعلق بإثبات حكم على خلاف ما يحكم به الولاة, أما إذا رأى النبي صلى الله عليه وسلم يأمره بفعل ما هو مندوب إليه أو ينهاه عن منهي عنه أو يرشده إلى فعل مصلحة فلا خلاف في استحباب العمل على وفقه لأن ذلك ليس حكما بمجرد المنام
    بل تقرر من أصل ذلك الشيء والله أعلم) اهـ . وليس لي من تعليق سوى إنصافك أيها القارئ الكريم.

    وأنبه القارئ إلى أني آثرت ترك الرد على المنامات الأخرى لأنه لا حجة في عملهم , على أن كثيرا منهم لم يخالف شرعا.واقتصرت على هؤلاء الخمسة .

    فائدة

    في الدرر الكامنة للحافظ ابن حجر رحمه الله (4/268) من ترجمة الفقيه فرج بن عبد الله المغربي الصفدي الشافعي العثماني قاضي صفد حكى أنه توجه لزيارته الشيخ تاج الدين المقدسي فجرت مسألة النظر إلى الأمرد, وأن الرافعي يحرم بشرط الشهوة, والنووي يقول: يحرم مطلقا . فقال الشيخ فرج :رأيت النبي في المنام , فقال لي: الحق في هذه المسألة مع النووي. فصاح الشيخ تاج الدين وقال : صار الفقه بالمنامات !.فخضع الشيخ فرج وقال: أستغفر الله, أنا حكيت ما رأيت.


    الخاتمة

    قال : عليك أن تجيب على هذه الأسئلة بعد طرح الهوى والتزام التقوى.

    أولا : هل تفيد الأحاديث المعروضة في الدليل الثاني أن النبي  كان يستفيد الأحكام من مناماته ومنامات أصحابه أم لا.

    قلت : نعم, وانتبه أيها القارئ إلى قوله : (يستفيد الأحكام).

    إذا كان الجواب (نعم) فهل يصح الاقتداء بالنبي  في ذلك أم لا علما أنه لم يرد ما يدل على أن العمل بالرؤى خاص بالمعصوم

    قلت : ـ انتبه أيها القارئ لقوله سابقا (يستفيد الأحكام !!) ـ لا يصح الاقتداء بالنبي في العمل بالرؤى في الأحكام مطلقة. وقوله : لم يرد ما يدل على أن العمل بالرؤى خاص بالمعصوم مجازفة, فهل قرأ ابن الأزرق كل كتب العلم, أم عنده استقراء تام لكل ما ورد عن النبي  من السنن والأحاديث؟! والنافي ليس معه إلا الجهل بوجود دليل.وحديث ابن عباس : (رؤيا الأنبياء وحي) وما ذكرناه في فصل عمل النبي بالرؤى شاهد.

    ثانيا: لست تشك أن أخبار الصحابة المذكورة في الدليل الثالث صريحة في أنهم كانوا يعملون برؤاهم, فهل يدل على أن العمل بالمنامات الصالحة خاصا بالرسل أم لا؟ومن الأعلم ...
    ما نقله ابن الأزرق عنهم فيه الضعيف من حيث الثبوت, والضعيف من حيث دلالته على مقصوده.وقد مر بيان ذلك.

    ثالثا: ألا يدل عمل عشرات الأئمة برؤاهم على أن المنكرين يهرفون بما لا يعرفون عندما يزعمون أن الاسترشاد بالمبشرات أمر أنكره العلماء وحاربوه.

    قلت : ليس في قول أو فعل أحد حجة على أحد. ولا تؤسس الأحكام على ذلك, فكل يؤخذ من كلامه ويرد إلا النبي المعصوم.

    وهذا آخره ما سطرته كشفا لحقيقة دلائل ابن الأزرق الذي يعتبر نفسه حامي حمى جماعته, وتبين لي بعد قراءة رسالتين من رسائله أنه إن كان ابن الأزرق بهذا المستوى الهزيل فكيف بباقي أفراد جماعته.وأسأل الله تعالى أن يرينا الحق ويرزقنا اتباعا ويفضح الباطل ويرزقنا اجتنابه والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسوله الأمين وعلى الآل والصحب أجمعين.

    تنبيه:
    هذه محاولة متواضعة, قصدي من وضعها في الملتقى أن يخلص الإخوان في نصحها وتصحيح ما فيها من خطأ
    وأنا شاكر جدا لكل من نبهني على خطأ وجزاكم الله خيرا.
    .

    كتبه

    أبو عبد الله
    طارق بن عبد الرحمن الحمودي التطواني.


    والنقل
    لطفــــــــــاً .. من هنـــــــــــــــــا

      الوقت/التاريخ الآن هو 19.05.24 13:06