مُحتوى المقطع الصوتي للشيخ -رحمه الله تعالى- :
وهو يعني مُشكلة نعيشُها في هذه الأيام على وجه الخُصوص وإن كنَّا نعيشها يعني من فترات طويلة ومن عقود مُتتالية في أُمة الإسلام وهي الشباب الذي مَنَّ الله -عز وجل- عليه بالهداية التامة فتوجهّوا إلى مسائل فوق مكانتهم وركبوا أُموراً ليس لهم فيها حظٌ كأولئك الذين دخلوا في مسائل الجهاد وفعلوا ماهو حقيقةً عار على أهل الإسلام كتنظيم القاعدة وغيره ممن اغتر به من شباب الإسلام وأبناءه أو ركبوا أفكار شاذَّة في تكفير المُجتمعات أو في تبديع المُجتمعات أو في تفسيق المُجتمعات وتبغيض الناس بعضهم إلى بعض والنظر إلى المُجتمع بنظرة سوداوية حاقدة، وأنهُ مُجتمعٌ مُنحرف مُنهار ساقط، إما بعضُهم يقول مُجتمع كلك كافر أو بعضهم يقول مجتمع كله مُبتدع أو بعضهم يقول المُجتمع كله فاسق وهكذا فهؤلاء الشباب أولاً أذكِّرهم بحديث صح عن رسولنا -صلى الله عليه وسلم- ولعلهُ يتناول شريحةً كبيرة ممن سقطوا في شَرَك الأهواء والتعصُّب للمبادئ المُنحرفة والأحزاب الضالة يقول عليه الصلاة والسلام كما في حديث حُذيفة الذي رواهُ ابن حبان في صحيحه والبُخاري في التاريخ الكبير وجود اسناده الحافظ ابن كثير في تفسيره يقول حُذيفة قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ( إن أخوف ما أخافُ عليكم رجلٌ قرأ القرآن حتى إذا رُؤيت عليه بهجتُه وكان ردءًا للإسلام غيَّرهُ إلى ماشاء الله، فانسلخ من دينه وجعله خلفه ظهريا وعمد إلى جاره بالسيف ورماه بالشرك، قال حُذيفة يا رسول الله، أيُّهما أحقُّ بالشرك الرًّامي أو المرمي فقال النبي -عليه الصلاة والسلام- الرَّامي ) فهذا الحديث الحقيقة هو من علامات نُبُوَّة النبي -صلى الله عليه وسلم- إذ أخبر عن أُناس لم يكونوا في زمنه و لكنهم وُجدوا وكثُروا لاسيما في آخر الزمن فالنبي -عليه الصلاة والسلام- في هذا التعبير النبوي الذي أُتي جوامع الكلم يقول ( إن أخوف ما أخافُ عليكم ) فخاف النبي -عليه الصلاة والسلام- علينا صنفاً من الناس، فكان الواجب أن نخاف مما خافه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- علينا، من هم هؤلاء الذين خافهم النبي -عليه الصلاة والسلام- علينا، ولماذا خاف النبي -عليه الصلاة والسلام- علينا هؤلاء، خاف النبي -عليه الصلاة والسلام- علينا هؤلاء بأنَّهم في الحقيقة يفُتُّون في عَضُض أهل الإسلام من الداخل هذا من جهة، ومن الجهة الثانية أنهم يُشوهون صورة الإسلام عند الأمم فلهذين الإعتبارين وإليهما إشارات ولفتات في هذا الحديث خاف النبي -عليه الصلاة والسلام- علينا هؤلاء فمن هم يقول ( رجلٌ قرأ القرآن حتى إذا رُؤيت عليه بهجتُه وكان ردءاً للإسلام ) قرأ وتعلم وتدين وتنسك حتى حصَّل خصلتين عزيزتين، رُؤيَ ببهاء القرآن وضياء التمسك بالإسلام والسُّنة على وجهه وعلى هديه، وأيضاً كان ردءاً للإسلام حصناً حصيناً للإسلام يُعلم ويدعوا ويذُبُ عن الإسلام الشُبه ويرد العاديات على أهل الإسلام ثم بعد ذلك حصل له ما حصل -(ثمان ثواني غير مسموعة من5:13 إلى 5:20)-...، بل هو انحراف في نفس الدين الذي ركبه لأنه لم يركب دين الله -عزوجل- الصحيح و إنما ركب الأهواء التي يزعمُ أنها دين يقول -عليه الصلاة والسلام- (فانسلخ من دينه وجعله خلفه ظهريا وغيَّرهُ إلى ما شاء الله ) يعني غيَّرهُ بحسب مايُوافق هواه فأصبح هذا الدين في ظاهره أنه دين الله ولكن في الحقيقة هو دين هوى ودين انحراف لايرضى به الله سبحانه وتعالى ولا يُقرُّه، قال عليه الصلاة والسلام ( فغيَّرهُ إلى ماشاء الله ) يعني من الأهواء ( وعمد إلى جاره بالسيف ) عمد إلى أهل بلده عمد إلى جيرانه الذين هم أحق الناس ببره والإحسان إليه ومن جيرانه من هو قريبٌ منه ومن هو أعلى من الجيران كالوالدين والأقارب ونحو ذلك وممن لهم حق عليه في السمع والطاعة كوُلاة الأمر وغيرهم، عمد إلى جاره بالسيف تحت مظلة أي شيء قالوا ورماهُ بالشرك، يعني أنه ما سبَّبَ الفتن ولا قاتل جاره ولا أشاع الفوضى في بلاد المُسلمين إلا تحت هذه الشبهة الباطلة وهي أنَّ جيرانه وأنَّ أهله و أنَّ حُكَّامهُ قد وقعوا في الشرك بالله -سبحانه وتعالى- فقاتلهم وفعل بهم ما فعل فحُقَّ أن يخاف النبي -عليه الصلاة والسلام- علينا أمثال هؤلاء، لأن هؤلاء يُفسدون أكثر مما يُصلحون بل ليس لهم في الإصلاح نصيب ولهذا النبي -عليه الصلاة والسلام- أخبر عن شريحةٍ منهم، أنهم يقتلون أهل الإسلام ويدعون أهل الأوثان، إذن، فيا أيُّها الشاب، إذا وفقك الله -عز وجل- للهداية فاعلم أنَّ هذه الهداية لها شروط ولها ضوابط إن أنت تمسَّكت بها وُفقت وإن أنت ابتعدت عنها هلكت وجاءك الهلاك عن طريق الدين الذي تركبُه ولهذا قال -عليه الصلاة والسلام- فيما صح عنه عند الحاكم وغيره ( إن لكل عمل شِرَّةٍ ) يعني ثورة واندفاع ( وإن لكل شِرَّةٍ فترة، فمن كانت فترتُه ُ إلى سُنَّتي فقد اهتدى ) فسُنَّة النبي -عليه الصلاة والسلام- في أمر الهداية واضحة، الصحابة -رضي الله عنهم- لما أخرجهم الله -عزوجل- من الشرك وهو أكبر مما عليه كثير من الناس الآن من المعاصي حينما يخرجون منها إلى الهداية فالصحابة خرجوا مما كان سائداً في زمانهم من الشرك إلى نور التوحيد والإيمان، وقد اصطفاهم الله -عزوجل- لحمل هذه الرسالة، كُلُهم يأتون يسألون يا رسول الله أيُّ العمل أفضل، سؤال عن العمل الذي به ارتفاع المرء في دينه ودُنياه، يأتون ويطلبون العلم عند النبي -عليه الصلاة والسلام- يعملون في دُنياهم ما يستغنون به عن الناس فيرتفعون به عن ذُل السُؤال، فخرج منهم هذا المجتمع الإيماني هذا المُجتمع القوي لأنهم جمعوا العلم والعمل، ولم يخوضوا فيما لا يعنيهم لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- وجَّههُم التوجيه السليم، القاعدة العظيمة في الإسلام التي لم يستطع التربَويُّون في جميع الحضارات المُتقدمة و لا المُتأخرة أن يأتوا بعُشر معشارها، وهي قوله -عليه الصلاة والسلام- ( إن من حُسن إسلام المرء تركُهُ ما لا يعنيه ) فمن حُسن هدايتك ومن سلامتها ومن توفيق الله تعالى لك فيها أن تترُك ما لا يعنيك، كلمة واضحة تُدرك بها أنت ماذا يُريد الرسول -عليه الصلاة والسلام- هل يعنيك أنت أن تكون حاكماً ؟ هل يعنيك أنت وأنت شاب أنت تكون الأن عالماً ؟ هل يعنيك الأن أن تكون مُهندساً ؟ هل يعنيك أن تكون طبيباً ؟ كل هذه الأن لا تعنيك لأن هذه أُمور قُسِّمت في الشريعة الإسلامية، الشريعة الإسلامية جاءت لتقسيم هذه الإختصاصات ( ولو ردُّوه إلى الرسول وإلى أُولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونهُ منهم ) قال الشيخ محمد رشيد رضا هذه الأية نصٌ في أن العامَّة لا دخل لهم بأُمور السياسة هذا هو دينُنا أهل الإسلام، فإذن لو أخذنا هذه القاعدة في بداية توفيق الله -عز وجل- لنا لزيادة الإلتزام والإهتداء، ولا نقول للإلتزام لأن كُل المُسلمين مُلتزمون شرع الله -عز وجل- ولكن بعضُهم يُقصِّرُ في هذا الإلتزام، وبعضهم يُتِمُّ هذا الإلتزام فإذا وفقك الله -عز وجل- لإتمام هذا الإلتزام واتمام هذه الهداية فاعلم أن هذا التوفيق لايكون إلا إذا أجريت هذه القاعدة ( من حُسن إسلام المرء تركُه ما لا يعنيه ) لو قُدر لنا اليوم في صلاة الجُمعة وهذا المنبر له إمام رسمي سوف يخطُب وقام أحدنا وخطب الجُمعة يعمل خير وبر يزيد يُذكر الناس (كلمة غير مفهومة ) ما رأيكم بعمله ؟ ( من حُسن إسلام المرء تركُهُ ما لا يعنيه ) فعملُهُ هذا ضلال، كذلك نصَّ فقهاؤنا الحنابلة رحمهم الله -تعالى- على أن إمام الحي الراسخ إذا تقدَّم غيرُهُ فصلى بالناس من غير إذنه ومن غير عُذرٍ فإن صلاتهم موقوفٌ صحتُها على إذن الإمام الرسمي الراسخ فإن أذِن وإلا لزمهم الإعادة وهذا في إحدى الروايتين عن الإمام أحمد -رحمه الله تعالى- وهي المُعتمدة في المذهب، فإذن ( من حُسن إسلام المرء تركُه ما لا يعنيه ) هذا هو تعليلُها، فـكونُ الإنسان يضع نفسه في المرتبة اللائقة بها، أنا تَوِي الأن لازم أُكمِّل إلتزامي وأُتمم إلتزامي بشرع الله -تعالى- أُتمم هدايتي بترك المعاصي والفُسوق، فما الذي أعمل ؟ أعمل بالطاعة، بالعبادة بالتقرب إلى الله -تعالى- أعمل بتحصيل العلم الذي يكشفُ عني الجهل، وأما أن أضع نفسي في يوم وليلة قاضي أحكم بين الناس هذا كافر وهذا مُبتدع وهذا فاسق، أحكم وأضع نفسي في منزلة الأمير أو الإمام السياسة الفُلانية فاشلة والسياسة الفُلانية صحيحة وهذا التصرف من الدولة والعقد المُصالحة مع الدولة الفُلانية هذا باطل، ثم أو أضع نفسي في منزلة العُلماء الكبار، فأقول أنت يا فُلان تطلُق زوجتك، وأنت يا فُلان طلاقك هذا لا مو طلاق صحيح فأقول زوجتك غير طالق -سبحان الله- الصحابة -رضي الله عنهم- مع عِظمهم في العلم يتدافعون الفتوى، وأنت مُلتزم لك سنة أو سنتين إلتزام التمام، وتأتي تُريد أن تضع نفسك أنت القاضي وأنت العالم وأنت الحاكم وأنت حتى بعضهم يحُط نفسه هو المُهندس وهو الطبيب وهكذا يجمع الأمور كُلَّها، فمن ذلك نخرج إلى ما أصيب به كثير من شباب أهل الإسلام لاسيما في هذه البلدان، فإن أهل هذه البلدان فيهم الطيبة وفيهم حُب الخير واضح وبين، وليس هذا ينفي عن غيرهم هذه الصفة ولكنهم يتميزون بها ويكثر ذلك فيهم، فأتى كثيرٌ ممن صرف الله -عز وجل- بصره وبصيرتهُ عن اتباع الكتاب والسُنَّة إلى هؤلاء الشباب وأخذ يُغذي فيهم أفكاراً باطلة، أفكاراً سيئة جداً للغاية، وإذا لم نتصارح في مثل هذه المجالس وفي مثل هذه الظروف الحالكة في الأُمّة فمتى نتصارح ؟ قُرِّرت مبادئ خطيرة جداً عند كثير من الشباب، مبدأ السريَّة في العمل، مبدأ التجمُّعات والتحزُّبات، مبدأ استغلال قضايا الإسلام الكبيرة في خدمة هذه الأحزاب وفي خدمة هذه الأعمال السريَّة، كاستغلال قضية الجهاد وغيرها وتجيِّيرها لصالح حزب أو لصالح فُلان أو لصالح فُلان، فهذه الأمور من أخطرالأمور، وهناك أمورٌ تليها ولكنَّها ليست في درجتها من الخُطورة، الأعمال السريَّة هذه ليست عندنا معشرة المُسلمين أبداً لأننا نعيش في بلاد أهل الإسلام، ودينُ الله -عز وجل- ظاهر، إقامة الصلوات ظاهرة فليس من الدين العمل السرِّي، ولهذا يقول عمر ابن عبد العزيز -رضي الله تعالى عنه وأرضاه- (إذا رأيت قوماً يتناجون في دينهم بأمرٍ دون العامَّة فاعلم أنهم على تأسيس ضلالة ) وهذا نصٌ عن خليفةٍ راشد من الخُلفاء الرَّاشدين، كما عدَّهُ جماعةٌ من أهل العلم، فليس من سبيل شباب الإسلام أن يتَّجهوا إلى السريَّات وأن يذهبوا إليها، فإن ذلك عارٌ في الحقيقة عليهم، فهم إما أن يكونوا على خير فلابد أن يُظهروهُ للناس، وإما أن يكونوا على خطأ فلابد أن يظهر للناس حتى يُقَوِّموهم ويُرشدوهم، أما أن يجتمع إثنان أو ثلاثة أو عشرة على أنفسهم وينظرون في أُمور وقضايا كبيرة فذلك من الضلال المُبين، ولهذا ثبت في صحيح البُخاري أن ( من بايع رجُلاً من غير مشورة المُسلمين، فإنهُ لا يُبايع ولا يُبايع الرجل الذي بايعه -كلمة غير مفهومة- أن يُقتلا ) فهذا نهيٌ صريح عمَّا يحدُث في هذه الأعمال السريَّة من بيعات ومن جعل بعضهم هو القائم على هذا التجمُّع السري ولو أخذنا نستفصل في هذا لطال المقام، كذلك التحزُّبات، لسنا بحاجة في بلاد الإسلام إلى تحزُّب، بل وُجود الحاكم المُؤمن الذي يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله والذي يُقيم الصلاة، هذا كاف أن يُجتمع حولهُ، فيُؤَيَّد ما عنده من خير ويُناصح فيما عنده من نقص أما أن تُقام الأحزاب فليس ذلك من شرع الله -تعالى- بل ثبت في الإسناد الصحيح في الأخبار المُوَثقيات للزبير ابن بكار -رحمه الله( تعالى )- أن عُثمان -رضي الله ( تعالى )عنه- خطب يوم الجُمعة فترافعت الأصوات في المسجد، وترامَو بالبطحاء، قال الحسن البصري ( فجعلتُ ما أُبصرُأديم السماء من فعلهم هذا ) وذلك للإختلاف على عُثمان -رضي الله ( تعالى ) عنه- ممن حضر من الأمصار من أهل الإنحراف والضلال ممن تأثروا بابن سبأ وغيره، فنظروا إلى عُثمان نظرات باطلة وزعموا أنَّه لا يُقسم الثروة صحيحاً، وزعموا أنَّهُ يُدني أقاربه، يقول الحسن البصري فترامو بالبطحاء فجعلتُ ما أنظرُ أديم السماء، فسمعنا صوتاً من بعض حُجر أزواج النبي -صلى الله عليه وسلم- قيل لعلها أنَّها أمُّ سلمة -رضي الله تعالى عنها- قال فسمعتُ صوتاً من بعض حُجر أزواج النبي -عليه الصلاة والسلام- تقول ( ألا إن نبيكم قد برئ ممن فرَّق دينه واحتزب ) ثمَّ تلا قول الله -عزوجل- ( إن الذين فرَّقوا دينهم وكانوا شيعاً لست منهم في شيء ) كذلك الأمر الثالث توظيف قضايا إسلامية كبيرة في خدمة أفكار مُعينة وأحزاب مُنحرفة كقضية الجهاد التي أُسيئ إستخدامُها وشُوِّهت صورتُها فما عملتهُ القاعدة في تنظيمها الضال هو جناية على الإسلام ولايمثلُ الإسلام، بل والله لو دفع أعداءُ الإسلام الملايين تلو الملايين من الدولارات والأطنان تلو الأطنان من الذهب لما استطاعوا أن يُشوهوا صورة الإسلام وأن يصُدُّوا الناس عن الدخول في هذا الدين كما فعل هؤلاء الضَّالون، وذلك لأن الإسلام دين الله -عز وجل- من استخدمه لأجل أن يُؤيد قضيةً شخصيةً له أن يصل إلى حُكم أو أن يصل إلى مصالح دُنيوية خاصة به، أو أن يصل إلى مصالح الإسلام بفهمه وهواه، لابهدي الله -عزوجل- واتباع رسوله -صلى الله عليه وسلم- فإنه يجني على الإسلام ويُشوهُ على الإسلام تشويهاً لا حدَّ له ولا نهاية لهُ، ولذلك قال الله سبحانه وتعالى ( ولا تسُبُّوا الذين يدعون من دون الله فيسُبُّوا الله عدواً بغير علم ) فإذا كان سب آلهة المُشركين وهي حقيقة بأن تُسب ممنوعاً إذا كان ذلك يُؤدي إلى سب ذات الله -سبحانه وتعالى- فكيف بأفعال مُخزية ؟ تجعل الناس يتكلمون في دين الإسلام ويتكلمون في رسول الإسلام محمد -صلى الله عليه وسلم- في القدح والذم، فكيف بالأفعال التي يفرح بها اليهود وأذناب اليهود ؟ في تشويه صورة الإسلام والقضاء عليه، لاشك أنها أبعد عن الإسلام هذه، وأن الإسلام بريءٌ منها، الجهاد قضية عظيمة، الفقهاء بيَّنوها ووضَّحوها وشرحوها بما لا مزيد عليه، فيأتي هؤلاء ويتمسَّكون بمبدأ الجهاد ويوردون الأيات والأحاديث فيه، فنقول نعم، من منا لا يُحب أن يُجاهد في سبيل الله ( تعالى )؟ بل نتلوا على الناس دوماً قوله -عليه الصلاة والسلام- ( من مات ولم يغزو ولم يُحدث نفسه بالغزو مات على شُعبة من شُعب النفاق )، فلابد للمُسلم أن يُحدث نفسه بالغزو وأن يُهيء نفسه للغزو في سبيل الله -عز وجل- ولكن الجهاد الذي أنزله الله -سُبحانه وتعالى- أنزل له أحكاماً، قول الله -عز وجل- ( وإن جنحوا للسلم فاجنح لها )، أليست آية من كتاب الله، أليس أجمع المُسلمون على جواز الصُلح عند حاجة المُسلمين لهذا الصُلح، وأن الذي يُقرر أمثال هذا الصُلح هو إمام المُسلمين، أليس النبي -عليه الصلاة والسلام- قد صالح كُفَّار قُريش، صُلح الحُديبية المعروف المشهور بما جرى فيه من حوادث وعبر كثيرة، حتى أنت عمر -رضي الله عنه- قال يا رسول الله ( أنُعطي الدنية في ديننا؟ ) ثم بعد ذلك لكمال إيمانه وكمال إعتماده وتوكله على الله، رجع إلى حكم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فكان ماكان، فإذن قضايا الجهاد قضايا كبيرة وقضايا مُهمَّة يجب أن لا تُؤخذ إلا عن العُلماء، ولهذا أكثر الفقهاء على أنه لا يجوز الغزو بغير الإمام، وهذا قول صحيح ثابت الأحاديث في تأييده فالإمامُ جُنَّة يُقاتلُ من وراءه، ولذلك لايجوز الغزو بغير إمام لأن الأمور تضطرب والجهاد يحتاج إلى تنظيم دقيق وإلى مهارات عالية وإلى أن تتوحَّد أذهان المُجاهدين جميعاً في ذهن رجُلٍ واحدٍ، بمن عنده من أهل الحل والعقد والمشورة والرأي ( سبع ثوان غير مسموعة من الدقيقة 23:47 إلى 23:54 ) تُؤتى وتُخبط أحكام الجهاد يميناً وشمالاً وتُختزل بعض الأحكام دون بعض، فذلك مما لايرضاه الله ولا يرضاه رسوله -صلى الله عليه وسلم- ولايرضاه المُؤمنون، ولو شئنا أن نتكلم عن أحكام ذكرها الفُقهاء في كُتبهم، لو إطلع عليها هؤلاء وأظُنهم يطلعون عليها لعلموا أنما هم عليه باطل، فإن الفُقهاء في قضية الصُلح مثلاً نَصُّوا على أنه يجوز للمسلمين أن يُصالحوا العدو، وهذا محل إجماع، ولكن، جوَّزوا أن يُصالحوا العدو على دفع مال، وهذا القول قولٌ أجمع الفُقهاء عليه للضرورة، وأما في غير الضرورة فمن الفُقهاء من أجازه ابتداءاً كأبي حنيفة ومنهم من لم يُجزهُ، أنظر إلى سعة أفق علماء الإسلام وإلتزامهم شرع الله -عز وجل- أما حال ضَعف المُسلمين يجوز الصُلح إذا أُحتيج إليه حتى لو يُدفع المال حتى يُدفع العدو، فسُبحان الله العظيم كيف تلتبس هذه القضايا وكيف تنطلي على أبناء المُسلمين ؟ وإنما وقع ذلك بأن مصادر التلقِّي فيها خلل، فالتلقِّي لابد أن يكون عن ورثة الأنبياء -صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين- ولهذا من رأيتمُوهُ يقدح في العُلماء ويستهينهم ويصفهم بالإبتداع والضلال في الدين وأنه لا يُؤخذ عنهم ونحو ذلك من العبارات فلا شك انه على شفا جرفٍ هارٍ، وأنه على خطرٍ عظيم، فمصادر التلقي مُهمَّة لأبناء المُسلمين، خذوا من كبار عُلماءكم خذوا من حُكماءكم، لاتأخدوا من قليل العلم صغار الأسنان سفهاء الأحلام حتى تصلوا إلى الله -عز وجل- وإلى تحقيق نصرة هذا الدين بما كان عليه رسولكم محمد -صلى الله عليه وسلم- وما كان عليه السلف الصالح -رضي الله تعالى عنهم وأرضاهم- والكلام في هذا يعني يطول جداً...، انتهى كلام الشيخ -رحمه الله تعالى رحمةً واسعة-
قام بتفريغ المادة أخونا محمد فاضل المغربي
-جزاه الله خيرا-
نقلا من شبكة سحابوهو يعني مُشكلة نعيشُها في هذه الأيام على وجه الخُصوص وإن كنَّا نعيشها يعني من فترات طويلة ومن عقود مُتتالية في أُمة الإسلام وهي الشباب الذي مَنَّ الله -عز وجل- عليه بالهداية التامة فتوجهّوا إلى مسائل فوق مكانتهم وركبوا أُموراً ليس لهم فيها حظٌ كأولئك الذين دخلوا في مسائل الجهاد وفعلوا ماهو حقيقةً عار على أهل الإسلام كتنظيم القاعدة وغيره ممن اغتر به من شباب الإسلام وأبناءه أو ركبوا أفكار شاذَّة في تكفير المُجتمعات أو في تبديع المُجتمعات أو في تفسيق المُجتمعات وتبغيض الناس بعضهم إلى بعض والنظر إلى المُجتمع بنظرة سوداوية حاقدة، وأنهُ مُجتمعٌ مُنحرف مُنهار ساقط، إما بعضُهم يقول مُجتمع كلك كافر أو بعضهم يقول مجتمع كله مُبتدع أو بعضهم يقول المُجتمع كله فاسق وهكذا فهؤلاء الشباب أولاً أذكِّرهم بحديث صح عن رسولنا -صلى الله عليه وسلم- ولعلهُ يتناول شريحةً كبيرة ممن سقطوا في شَرَك الأهواء والتعصُّب للمبادئ المُنحرفة والأحزاب الضالة يقول عليه الصلاة والسلام كما في حديث حُذيفة الذي رواهُ ابن حبان في صحيحه والبُخاري في التاريخ الكبير وجود اسناده الحافظ ابن كثير في تفسيره يقول حُذيفة قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ( إن أخوف ما أخافُ عليكم رجلٌ قرأ القرآن حتى إذا رُؤيت عليه بهجتُه وكان ردءًا للإسلام غيَّرهُ إلى ماشاء الله، فانسلخ من دينه وجعله خلفه ظهريا وعمد إلى جاره بالسيف ورماه بالشرك، قال حُذيفة يا رسول الله، أيُّهما أحقُّ بالشرك الرًّامي أو المرمي فقال النبي -عليه الصلاة والسلام- الرَّامي ) فهذا الحديث الحقيقة هو من علامات نُبُوَّة النبي -صلى الله عليه وسلم- إذ أخبر عن أُناس لم يكونوا في زمنه و لكنهم وُجدوا وكثُروا لاسيما في آخر الزمن فالنبي -عليه الصلاة والسلام- في هذا التعبير النبوي الذي أُتي جوامع الكلم يقول ( إن أخوف ما أخافُ عليكم ) فخاف النبي -عليه الصلاة والسلام- علينا صنفاً من الناس، فكان الواجب أن نخاف مما خافه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- علينا، من هم هؤلاء الذين خافهم النبي -عليه الصلاة والسلام- علينا، ولماذا خاف النبي -عليه الصلاة والسلام- علينا هؤلاء، خاف النبي -عليه الصلاة والسلام- علينا هؤلاء بأنَّهم في الحقيقة يفُتُّون في عَضُض أهل الإسلام من الداخل هذا من جهة، ومن الجهة الثانية أنهم يُشوهون صورة الإسلام عند الأمم فلهذين الإعتبارين وإليهما إشارات ولفتات في هذا الحديث خاف النبي -عليه الصلاة والسلام- علينا هؤلاء فمن هم يقول ( رجلٌ قرأ القرآن حتى إذا رُؤيت عليه بهجتُه وكان ردءاً للإسلام ) قرأ وتعلم وتدين وتنسك حتى حصَّل خصلتين عزيزتين، رُؤيَ ببهاء القرآن وضياء التمسك بالإسلام والسُّنة على وجهه وعلى هديه، وأيضاً كان ردءاً للإسلام حصناً حصيناً للإسلام يُعلم ويدعوا ويذُبُ عن الإسلام الشُبه ويرد العاديات على أهل الإسلام ثم بعد ذلك حصل له ما حصل -(ثمان ثواني غير مسموعة من5:13 إلى 5:20)-...، بل هو انحراف في نفس الدين الذي ركبه لأنه لم يركب دين الله -عزوجل- الصحيح و إنما ركب الأهواء التي يزعمُ أنها دين يقول -عليه الصلاة والسلام- (فانسلخ من دينه وجعله خلفه ظهريا وغيَّرهُ إلى ما شاء الله ) يعني غيَّرهُ بحسب مايُوافق هواه فأصبح هذا الدين في ظاهره أنه دين الله ولكن في الحقيقة هو دين هوى ودين انحراف لايرضى به الله سبحانه وتعالى ولا يُقرُّه، قال عليه الصلاة والسلام ( فغيَّرهُ إلى ماشاء الله ) يعني من الأهواء ( وعمد إلى جاره بالسيف ) عمد إلى أهل بلده عمد إلى جيرانه الذين هم أحق الناس ببره والإحسان إليه ومن جيرانه من هو قريبٌ منه ومن هو أعلى من الجيران كالوالدين والأقارب ونحو ذلك وممن لهم حق عليه في السمع والطاعة كوُلاة الأمر وغيرهم، عمد إلى جاره بالسيف تحت مظلة أي شيء قالوا ورماهُ بالشرك، يعني أنه ما سبَّبَ الفتن ولا قاتل جاره ولا أشاع الفوضى في بلاد المُسلمين إلا تحت هذه الشبهة الباطلة وهي أنَّ جيرانه وأنَّ أهله و أنَّ حُكَّامهُ قد وقعوا في الشرك بالله -سبحانه وتعالى- فقاتلهم وفعل بهم ما فعل فحُقَّ أن يخاف النبي -عليه الصلاة والسلام- علينا أمثال هؤلاء، لأن هؤلاء يُفسدون أكثر مما يُصلحون بل ليس لهم في الإصلاح نصيب ولهذا النبي -عليه الصلاة والسلام- أخبر عن شريحةٍ منهم، أنهم يقتلون أهل الإسلام ويدعون أهل الأوثان، إذن، فيا أيُّها الشاب، إذا وفقك الله -عز وجل- للهداية فاعلم أنَّ هذه الهداية لها شروط ولها ضوابط إن أنت تمسَّكت بها وُفقت وإن أنت ابتعدت عنها هلكت وجاءك الهلاك عن طريق الدين الذي تركبُه ولهذا قال -عليه الصلاة والسلام- فيما صح عنه عند الحاكم وغيره ( إن لكل عمل شِرَّةٍ ) يعني ثورة واندفاع ( وإن لكل شِرَّةٍ فترة، فمن كانت فترتُه ُ إلى سُنَّتي فقد اهتدى ) فسُنَّة النبي -عليه الصلاة والسلام- في أمر الهداية واضحة، الصحابة -رضي الله عنهم- لما أخرجهم الله -عزوجل- من الشرك وهو أكبر مما عليه كثير من الناس الآن من المعاصي حينما يخرجون منها إلى الهداية فالصحابة خرجوا مما كان سائداً في زمانهم من الشرك إلى نور التوحيد والإيمان، وقد اصطفاهم الله -عزوجل- لحمل هذه الرسالة، كُلُهم يأتون يسألون يا رسول الله أيُّ العمل أفضل، سؤال عن العمل الذي به ارتفاع المرء في دينه ودُنياه، يأتون ويطلبون العلم عند النبي -عليه الصلاة والسلام- يعملون في دُنياهم ما يستغنون به عن الناس فيرتفعون به عن ذُل السُؤال، فخرج منهم هذا المجتمع الإيماني هذا المُجتمع القوي لأنهم جمعوا العلم والعمل، ولم يخوضوا فيما لا يعنيهم لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- وجَّههُم التوجيه السليم، القاعدة العظيمة في الإسلام التي لم يستطع التربَويُّون في جميع الحضارات المُتقدمة و لا المُتأخرة أن يأتوا بعُشر معشارها، وهي قوله -عليه الصلاة والسلام- ( إن من حُسن إسلام المرء تركُهُ ما لا يعنيه ) فمن حُسن هدايتك ومن سلامتها ومن توفيق الله تعالى لك فيها أن تترُك ما لا يعنيك، كلمة واضحة تُدرك بها أنت ماذا يُريد الرسول -عليه الصلاة والسلام- هل يعنيك أنت أن تكون حاكماً ؟ هل يعنيك أنت وأنت شاب أنت تكون الأن عالماً ؟ هل يعنيك الأن أن تكون مُهندساً ؟ هل يعنيك أن تكون طبيباً ؟ كل هذه الأن لا تعنيك لأن هذه أُمور قُسِّمت في الشريعة الإسلامية، الشريعة الإسلامية جاءت لتقسيم هذه الإختصاصات ( ولو ردُّوه إلى الرسول وإلى أُولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونهُ منهم ) قال الشيخ محمد رشيد رضا هذه الأية نصٌ في أن العامَّة لا دخل لهم بأُمور السياسة هذا هو دينُنا أهل الإسلام، فإذن لو أخذنا هذه القاعدة في بداية توفيق الله -عز وجل- لنا لزيادة الإلتزام والإهتداء، ولا نقول للإلتزام لأن كُل المُسلمين مُلتزمون شرع الله -عز وجل- ولكن بعضُهم يُقصِّرُ في هذا الإلتزام، وبعضهم يُتِمُّ هذا الإلتزام فإذا وفقك الله -عز وجل- لإتمام هذا الإلتزام واتمام هذه الهداية فاعلم أن هذا التوفيق لايكون إلا إذا أجريت هذه القاعدة ( من حُسن إسلام المرء تركُه ما لا يعنيه ) لو قُدر لنا اليوم في صلاة الجُمعة وهذا المنبر له إمام رسمي سوف يخطُب وقام أحدنا وخطب الجُمعة يعمل خير وبر يزيد يُذكر الناس (كلمة غير مفهومة ) ما رأيكم بعمله ؟ ( من حُسن إسلام المرء تركُهُ ما لا يعنيه ) فعملُهُ هذا ضلال، كذلك نصَّ فقهاؤنا الحنابلة رحمهم الله -تعالى- على أن إمام الحي الراسخ إذا تقدَّم غيرُهُ فصلى بالناس من غير إذنه ومن غير عُذرٍ فإن صلاتهم موقوفٌ صحتُها على إذن الإمام الرسمي الراسخ فإن أذِن وإلا لزمهم الإعادة وهذا في إحدى الروايتين عن الإمام أحمد -رحمه الله تعالى- وهي المُعتمدة في المذهب، فإذن ( من حُسن إسلام المرء تركُه ما لا يعنيه ) هذا هو تعليلُها، فـكونُ الإنسان يضع نفسه في المرتبة اللائقة بها، أنا تَوِي الأن لازم أُكمِّل إلتزامي وأُتمم إلتزامي بشرع الله -تعالى- أُتمم هدايتي بترك المعاصي والفُسوق، فما الذي أعمل ؟ أعمل بالطاعة، بالعبادة بالتقرب إلى الله -تعالى- أعمل بتحصيل العلم الذي يكشفُ عني الجهل، وأما أن أضع نفسي في يوم وليلة قاضي أحكم بين الناس هذا كافر وهذا مُبتدع وهذا فاسق، أحكم وأضع نفسي في منزلة الأمير أو الإمام السياسة الفُلانية فاشلة والسياسة الفُلانية صحيحة وهذا التصرف من الدولة والعقد المُصالحة مع الدولة الفُلانية هذا باطل، ثم أو أضع نفسي في منزلة العُلماء الكبار، فأقول أنت يا فُلان تطلُق زوجتك، وأنت يا فُلان طلاقك هذا لا مو طلاق صحيح فأقول زوجتك غير طالق -سبحان الله- الصحابة -رضي الله عنهم- مع عِظمهم في العلم يتدافعون الفتوى، وأنت مُلتزم لك سنة أو سنتين إلتزام التمام، وتأتي تُريد أن تضع نفسك أنت القاضي وأنت العالم وأنت الحاكم وأنت حتى بعضهم يحُط نفسه هو المُهندس وهو الطبيب وهكذا يجمع الأمور كُلَّها، فمن ذلك نخرج إلى ما أصيب به كثير من شباب أهل الإسلام لاسيما في هذه البلدان، فإن أهل هذه البلدان فيهم الطيبة وفيهم حُب الخير واضح وبين، وليس هذا ينفي عن غيرهم هذه الصفة ولكنهم يتميزون بها ويكثر ذلك فيهم، فأتى كثيرٌ ممن صرف الله -عز وجل- بصره وبصيرتهُ عن اتباع الكتاب والسُنَّة إلى هؤلاء الشباب وأخذ يُغذي فيهم أفكاراً باطلة، أفكاراً سيئة جداً للغاية، وإذا لم نتصارح في مثل هذه المجالس وفي مثل هذه الظروف الحالكة في الأُمّة فمتى نتصارح ؟ قُرِّرت مبادئ خطيرة جداً عند كثير من الشباب، مبدأ السريَّة في العمل، مبدأ التجمُّعات والتحزُّبات، مبدأ استغلال قضايا الإسلام الكبيرة في خدمة هذه الأحزاب وفي خدمة هذه الأعمال السريَّة، كاستغلال قضية الجهاد وغيرها وتجيِّيرها لصالح حزب أو لصالح فُلان أو لصالح فُلان، فهذه الأمور من أخطرالأمور، وهناك أمورٌ تليها ولكنَّها ليست في درجتها من الخُطورة، الأعمال السريَّة هذه ليست عندنا معشرة المُسلمين أبداً لأننا نعيش في بلاد أهل الإسلام، ودينُ الله -عز وجل- ظاهر، إقامة الصلوات ظاهرة فليس من الدين العمل السرِّي، ولهذا يقول عمر ابن عبد العزيز -رضي الله تعالى عنه وأرضاه- (إذا رأيت قوماً يتناجون في دينهم بأمرٍ دون العامَّة فاعلم أنهم على تأسيس ضلالة ) وهذا نصٌ عن خليفةٍ راشد من الخُلفاء الرَّاشدين، كما عدَّهُ جماعةٌ من أهل العلم، فليس من سبيل شباب الإسلام أن يتَّجهوا إلى السريَّات وأن يذهبوا إليها، فإن ذلك عارٌ في الحقيقة عليهم، فهم إما أن يكونوا على خير فلابد أن يُظهروهُ للناس، وإما أن يكونوا على خطأ فلابد أن يظهر للناس حتى يُقَوِّموهم ويُرشدوهم، أما أن يجتمع إثنان أو ثلاثة أو عشرة على أنفسهم وينظرون في أُمور وقضايا كبيرة فذلك من الضلال المُبين، ولهذا ثبت في صحيح البُخاري أن ( من بايع رجُلاً من غير مشورة المُسلمين، فإنهُ لا يُبايع ولا يُبايع الرجل الذي بايعه -كلمة غير مفهومة- أن يُقتلا ) فهذا نهيٌ صريح عمَّا يحدُث في هذه الأعمال السريَّة من بيعات ومن جعل بعضهم هو القائم على هذا التجمُّع السري ولو أخذنا نستفصل في هذا لطال المقام، كذلك التحزُّبات، لسنا بحاجة في بلاد الإسلام إلى تحزُّب، بل وُجود الحاكم المُؤمن الذي يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله والذي يُقيم الصلاة، هذا كاف أن يُجتمع حولهُ، فيُؤَيَّد ما عنده من خير ويُناصح فيما عنده من نقص أما أن تُقام الأحزاب فليس ذلك من شرع الله -تعالى- بل ثبت في الإسناد الصحيح في الأخبار المُوَثقيات للزبير ابن بكار -رحمه الله( تعالى )- أن عُثمان -رضي الله ( تعالى )عنه- خطب يوم الجُمعة فترافعت الأصوات في المسجد، وترامَو بالبطحاء، قال الحسن البصري ( فجعلتُ ما أُبصرُأديم السماء من فعلهم هذا ) وذلك للإختلاف على عُثمان -رضي الله ( تعالى ) عنه- ممن حضر من الأمصار من أهل الإنحراف والضلال ممن تأثروا بابن سبأ وغيره، فنظروا إلى عُثمان نظرات باطلة وزعموا أنَّه لا يُقسم الثروة صحيحاً، وزعموا أنَّهُ يُدني أقاربه، يقول الحسن البصري فترامو بالبطحاء فجعلتُ ما أنظرُ أديم السماء، فسمعنا صوتاً من بعض حُجر أزواج النبي -صلى الله عليه وسلم- قيل لعلها أنَّها أمُّ سلمة -رضي الله تعالى عنها- قال فسمعتُ صوتاً من بعض حُجر أزواج النبي -عليه الصلاة والسلام- تقول ( ألا إن نبيكم قد برئ ممن فرَّق دينه واحتزب ) ثمَّ تلا قول الله -عزوجل- ( إن الذين فرَّقوا دينهم وكانوا شيعاً لست منهم في شيء ) كذلك الأمر الثالث توظيف قضايا إسلامية كبيرة في خدمة أفكار مُعينة وأحزاب مُنحرفة كقضية الجهاد التي أُسيئ إستخدامُها وشُوِّهت صورتُها فما عملتهُ القاعدة في تنظيمها الضال هو جناية على الإسلام ولايمثلُ الإسلام، بل والله لو دفع أعداءُ الإسلام الملايين تلو الملايين من الدولارات والأطنان تلو الأطنان من الذهب لما استطاعوا أن يُشوهوا صورة الإسلام وأن يصُدُّوا الناس عن الدخول في هذا الدين كما فعل هؤلاء الضَّالون، وذلك لأن الإسلام دين الله -عز وجل- من استخدمه لأجل أن يُؤيد قضيةً شخصيةً له أن يصل إلى حُكم أو أن يصل إلى مصالح دُنيوية خاصة به، أو أن يصل إلى مصالح الإسلام بفهمه وهواه، لابهدي الله -عزوجل- واتباع رسوله -صلى الله عليه وسلم- فإنه يجني على الإسلام ويُشوهُ على الإسلام تشويهاً لا حدَّ له ولا نهاية لهُ، ولذلك قال الله سبحانه وتعالى ( ولا تسُبُّوا الذين يدعون من دون الله فيسُبُّوا الله عدواً بغير علم ) فإذا كان سب آلهة المُشركين وهي حقيقة بأن تُسب ممنوعاً إذا كان ذلك يُؤدي إلى سب ذات الله -سبحانه وتعالى- فكيف بأفعال مُخزية ؟ تجعل الناس يتكلمون في دين الإسلام ويتكلمون في رسول الإسلام محمد -صلى الله عليه وسلم- في القدح والذم، فكيف بالأفعال التي يفرح بها اليهود وأذناب اليهود ؟ في تشويه صورة الإسلام والقضاء عليه، لاشك أنها أبعد عن الإسلام هذه، وأن الإسلام بريءٌ منها، الجهاد قضية عظيمة، الفقهاء بيَّنوها ووضَّحوها وشرحوها بما لا مزيد عليه، فيأتي هؤلاء ويتمسَّكون بمبدأ الجهاد ويوردون الأيات والأحاديث فيه، فنقول نعم، من منا لا يُحب أن يُجاهد في سبيل الله ( تعالى )؟ بل نتلوا على الناس دوماً قوله -عليه الصلاة والسلام- ( من مات ولم يغزو ولم يُحدث نفسه بالغزو مات على شُعبة من شُعب النفاق )، فلابد للمُسلم أن يُحدث نفسه بالغزو وأن يُهيء نفسه للغزو في سبيل الله -عز وجل- ولكن الجهاد الذي أنزله الله -سُبحانه وتعالى- أنزل له أحكاماً، قول الله -عز وجل- ( وإن جنحوا للسلم فاجنح لها )، أليست آية من كتاب الله، أليس أجمع المُسلمون على جواز الصُلح عند حاجة المُسلمين لهذا الصُلح، وأن الذي يُقرر أمثال هذا الصُلح هو إمام المُسلمين، أليس النبي -عليه الصلاة والسلام- قد صالح كُفَّار قُريش، صُلح الحُديبية المعروف المشهور بما جرى فيه من حوادث وعبر كثيرة، حتى أنت عمر -رضي الله عنه- قال يا رسول الله ( أنُعطي الدنية في ديننا؟ ) ثم بعد ذلك لكمال إيمانه وكمال إعتماده وتوكله على الله، رجع إلى حكم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فكان ماكان، فإذن قضايا الجهاد قضايا كبيرة وقضايا مُهمَّة يجب أن لا تُؤخذ إلا عن العُلماء، ولهذا أكثر الفقهاء على أنه لا يجوز الغزو بغير الإمام، وهذا قول صحيح ثابت الأحاديث في تأييده فالإمامُ جُنَّة يُقاتلُ من وراءه، ولذلك لايجوز الغزو بغير إمام لأن الأمور تضطرب والجهاد يحتاج إلى تنظيم دقيق وإلى مهارات عالية وإلى أن تتوحَّد أذهان المُجاهدين جميعاً في ذهن رجُلٍ واحدٍ، بمن عنده من أهل الحل والعقد والمشورة والرأي ( سبع ثوان غير مسموعة من الدقيقة 23:47 إلى 23:54 ) تُؤتى وتُخبط أحكام الجهاد يميناً وشمالاً وتُختزل بعض الأحكام دون بعض، فذلك مما لايرضاه الله ولا يرضاه رسوله -صلى الله عليه وسلم- ولايرضاه المُؤمنون، ولو شئنا أن نتكلم عن أحكام ذكرها الفُقهاء في كُتبهم، لو إطلع عليها هؤلاء وأظُنهم يطلعون عليها لعلموا أنما هم عليه باطل، فإن الفُقهاء في قضية الصُلح مثلاً نَصُّوا على أنه يجوز للمسلمين أن يُصالحوا العدو، وهذا محل إجماع، ولكن، جوَّزوا أن يُصالحوا العدو على دفع مال، وهذا القول قولٌ أجمع الفُقهاء عليه للضرورة، وأما في غير الضرورة فمن الفُقهاء من أجازه ابتداءاً كأبي حنيفة ومنهم من لم يُجزهُ، أنظر إلى سعة أفق علماء الإسلام وإلتزامهم شرع الله -عز وجل- أما حال ضَعف المُسلمين يجوز الصُلح إذا أُحتيج إليه حتى لو يُدفع المال حتى يُدفع العدو، فسُبحان الله العظيم كيف تلتبس هذه القضايا وكيف تنطلي على أبناء المُسلمين ؟ وإنما وقع ذلك بأن مصادر التلقِّي فيها خلل، فالتلقِّي لابد أن يكون عن ورثة الأنبياء -صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين- ولهذا من رأيتمُوهُ يقدح في العُلماء ويستهينهم ويصفهم بالإبتداع والضلال في الدين وأنه لا يُؤخذ عنهم ونحو ذلك من العبارات فلا شك انه على شفا جرفٍ هارٍ، وأنه على خطرٍ عظيم، فمصادر التلقي مُهمَّة لأبناء المُسلمين، خذوا من كبار عُلماءكم خذوا من حُكماءكم، لاتأخدوا من قليل العلم صغار الأسنان سفهاء الأحلام حتى تصلوا إلى الله -عز وجل- وإلى تحقيق نصرة هذا الدين بما كان عليه رسولكم محمد -صلى الله عليه وسلم- وما كان عليه السلف الصالح -رضي الله تعالى عنهم وأرضاهم- والكلام في هذا يعني يطول جداً...، انتهى كلام الشيخ -رحمه الله تعالى رحمةً واسعة-
قام بتفريغ المادة أخونا محمد فاضل المغربي
-جزاه الله خيرا-