المشاكــل الــزوجية
المشاكــل الــزوجية
للشيخ سعد بن ناصر الشثري
الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على أشرف الأنبياء و المرسلين، أما بعد:
فأحييكم أيها المشاهدون الكرام بتحية الإسلام فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته، و بعد:
فحديثنا في هذا اليوم عن مشكلة تدخل في كثير من البيوتات، حديثنا في هذا اليوم عن المشاكل الزوجية.
يكون الرجل هانيا قانعا مستقرة نفسه ثم بعد ذلك تحدث بينه و بين زوجته خصومة فيؤدي هذا إلى اضطراب في نفسه، يؤدي هذا إلى ابتعاد للنوم عنه، يؤدي هذا إلى الأرق الذي لا يجعله يرتاح في حياته، حينئذ هذه المسألة المهمة -مسألة المشاكل الزوجية- ينبغي بنا أن نوليها عناية خاصة، لا يخلو بيت من مشكلة من المشاكل، لكن كيف نساهم في حل هذه المشاكل لتستقر بيوتنا وتستقر نفوسنا؟.
- إذا نظرنا إلى النصوص الشرعية لتأصيل هذا الموضوع تأصيلا علميا شرعيا وجدنا عددا من النصوص القرآنية و النبوية تتحدث عن هذا الموضوع، يقول الله جل و علا في كتابه العزيز: ﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ﴾، و يقول جل وعلا : ﴿ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا ﴾، و يقول سبحانه: ﴿ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا ﴾، خطاب للأزواج و خطاب للزوجات من أجل أن يعبدوا الله عزوجل لإصلاح بيت الأسرة ، يقول النبي صلى الله عليه و سلم مخاطبا الأزواج: « لا يفرك – يعني لا يبغض – مؤمن مؤمنة إن سخط منها خلقا رضي منها خلقا آخر »، و يقول صلى الله عليه و سلم : « خياركم خياركم لنسائهم »، و يقول النبي صلى الله عليه و سلم : « خلقت المرأة من ضلع أعوج فإن ذهبت تقيمه كسرته ، و إن استمتعت بها استمتعت بها على عوج »، و في المقابل خطاب للزوجات بالإحسان إلى أزواجهم و التقرب لله عز وجل بذلك و طاعة الأزواج ، يقول النبي صلى الله عليه و سلم : « إن المرأة إذا صلت خمسها وصامت شهرها وأدت فرضها وأطاعت زوجها دخلت جنة ربها »، في نصوص كثيرة يخاطب النبي صلى الله عليه و سلم به الزوجات ليحسنوا العشرة مع الأزواج.
*هذه المشكلة -مشكلة ما يحدث بين الزوجين من خصومات و سوء تفاهم- ينبغي بنا أن نتعرف لشيء من مظاهرها لنكون بذلك مدركين لأثر هذه المشكلة و بالتالي نتمكن من إيجاد الحل المناسب لها.
-أول مظاهر هذه المشكلة تلك الخصومات التي تحدث بين الزوجين، يرفع صوته و ترفع صوتها، ويتكلمان في بعضهما و يحدث من سوء الكلام ما لا يتناسب أن يكون بين متحابين متوادين بينهما رحمة و تعاطف، كذلك من آثار هذه المشكلة ومظاهرها هروب بعض الأزواج من بيوتهم، تجدهم يهربون إلى الاستراحات أو يهربون إلى مواطن عامة أو إلى مقاهي أو إلى غير ذلك من المواطن و ما ذاك إلا رغبة في التخلص من هذه المسألة -مسألة المشاكل الزوجية-.
ثم بعد ذلك من مظاهر هذه المشكلة تلك الحياة المنغصة بين الزوجين لا هناء ولا سعادة و كل منهما ينفر من الآخر، و قد ينتج عن ذلك كله فرقة بين الزوجين وطلاق غير محمود العواقب، ثم يحدث كذلك بسبب هذه الخصومات والمشاكل الزوجية استباحة كل واحد من الزوجين عرض الآخر، يتكلم الزوج بمعايب الزوجة وتتكلم الزوجة بمعايب الزوج، وقد حذر النبي صلى الله عليه و سلم من مثل هذا فقال: « إن من شر الناس الرجل يفضي إلى المرأة و تفضي إليه ثم ينشر سرها و تنشر سره «».
-كذلك من مظاهر و آثار هذه المسألة -مسألة المشاكل الزوجية- تدخل الآخرين بين الزوجين، هذا يتدخل وهذا يتدخل وهذا يتدخل فتكون بمثابة السفينة التي لها قُوَّادٌ كُثُرٌ كل منهم يعطي أمرا يخالف أمر الآخر فينتج غرق تلك السفينة، وحينئذ ينبغي بنا أن نتعرف على الأسباب المؤدية إلى هذه المشاكل من أجل أن نتفادها لتصلح حياتنا الأسرية وتكون العلاقة بين الزوجين على أكمل وجوهها.
*فمن الأسباب المؤدية إلى المشاكل الزوجية:
- أن الزوجين لا يراعيان في بناء بيت الزوجية مسألة التقرب لله عزوجل ، ينبغي لكل من الزوج و الزوجة أن يكون ساعيا إلى تحقيق مرضاة الله عزوجل من خلال المحافظة على بيت الزوجية ، بيت الزوجية من الأمور التي يتقرب بها العباد إلى ربهم جل و علا و لذلك فإن كل فعل يؤديه الزوج أو تؤديه الزوجة من أجل المحافظة على هذا البيت هو من القربات و أعمال الطاعات التي يؤجرون عليها متى نووا بها التقرب لله عزوجل، و لذلك ينبغي أن نراعي هذا الأمر ،الشريعة تتطلع إلى بناء الاسرة و بقائها و استمرارها و كونها سبب من أسباب السعادة ، و لذلك فإن كل فعل يؤديه الزوج أو تؤديه الزوجة أو يؤديه غيرهما يؤدي إلى استقرارالأسرة فإنه قربة من القربات التي يتقرب بها المؤمنون إلى ربهم جل و علا .
- كذلك من أسباب هذه المشكلة عدم احسان الاختيار بين الزوجين ، تجد الزوج لا يحسن اختيار الزوجة ، أو أن الزوجة تقبل بمن لا يكون مناسبا لها ، هناك معايير شرعية جاءت بها الشريعة فيما يتعلق بهذا الباب من جهة رغبة كل واحد منهما في تكوين هذه الأسرة على أسس سليمة ، فالزوج يحسن به أن يختار المرأة صاحبة الديانة ، صاحبة الخلق الفاضل لتربي أبناءه على أكمل الوجوه و لتكون معه على أحسن أنماط الحياة و هكذا المرأة ينبغي بها أن لا تختار إلا من يكون مناسبا لها فيما يتعلق بأمر التدين ، ما يتعلق بأمر الأخلاق ، زوج لا أخلاق أو زوجة بلا أخلاق حينئذ يحكم على بيت الزوجية بأنه بيت مضطرب،زوج بلا دين أو زوجة بلا دين إذا دخل معا في حياة الزوجية فإن البيت لن يستقرتمام الاستقرار، و لن يهنأ الزوجان تمام الهناء ، لأنهم حينئذ كل منهما ينظر ماذا سيأخذ من الآخر بخلاف ما إذا بنوا بيت الزوجية على التقرب لله عزوجل فإنهم حينئذ يتطلعون إلى الأجر و الثواب الإلهي الذي يعطيه الله جل و علا لهم .
- كذلك من أسباب المشكل الزوجية عدم اختيار الزوجين للكلام الطيب في الحديث بينهما ، عندما تتكلم المرأة بكلام رديء أو يتكلم الرجل بكلام سيء فحينئذ سيحضر الشيطان و يلقي بينهم العداوة و لذلك قال الله عزوجل : ﴿ وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوًّا مُبِينًا ﴾.
- كذلك من أسباب وقوع المشاكل بين الزوجين عدم احتمال كل واحد من الزوجين للأذى الحاصل من الآخر ، ما من إنسان إلا و عنده نقص ، ما من شخص إلا و لديه عيوب فإذا كان الزوجان لا يحتملان بعضهما ، فإنهم حينئذ لن يستقر و لن يهنأ في حياتهما الزوجية ، إذا كان الزوج كلما أخطأ عقبت عليه الزوجة و ذكرت عيبه ، و إذا كانت المرأة كلما أخطأت عنف عليها زوجها و ذكر معايبها عند الآخرين حينئذ لن تهنأ حياتهما و لن يكون هناك استقرار في الأسرة ، جاءت الشريعة في الترغيب في العفو عن أخطاء الآخرين و التجاوز عنها و ماذاك إلا لتستقر الحياة ، و خذ مثلا قول الله جل و علا –عن الجنة – ﴿ أعدت للمتقين ، الذين ينفقون في السراء و الضراء و الكاظمين الغيظ و العافين عن الناس و الله يحب المحسنين ﴾، فانظر كيف أثنى على أولئك الذين يغضون طرفهم عن معايب غيرهم و يحسنون إليهم مع إساءتهم إليهم
- كذلك من أسباب حصول المشاكل الزوجية عدم احترام المرأة لزوجها فيما يتطلع إليه من بقائها في بيت الزوجية ليتمكن من الاستمتاع بها ، فخروج المرأة بدون إذن و بدون مراعاة لحق الزوج يؤدي ذلك إلى حصول المشاكل الزوجية ، لأن الزوج إذا جاء إلى بيته يريد أن يستقر في هذا البيت و يهنأ بمرأة إذا شاهدتها عيناه سرته و كانت مثار اعجاب لديه بخلاف ما إذا كان عند قدومه للبيت يجد امرأة متعبة ، غير مرتاحة قد بذلت من أوقاتها فيما يعود عليها بالضرر و التعب، عندما تعود إلى بيتها لا تستقر و لا تهنأ لأنها غير مرتاحة في ذلك الوقت .
- كذلك من أسباب المشاكل الزوجية ظن الزوجة أنه لا حاجة لها إلى الزوج ، ذلك أنها ترى أن لديها مثلا المال ، أو ترى أن لديها القدرة و الامكانات أو الوظيفة العالية ، ثم بعد ذلك ترى أن الزوج من الكماليات فحينئذ تحدث المشاكل و يحدث خصام بين الزوجين ، و بالتالي لا بد من تعديل مثل هذه النظرة لتكون الزوجة عارفة بمكان زوجها ، عارفة بأهمية الحياة الزوجية لها ، إن استقرار المرأة لا يكون إلا في بيت الزوجية فعندما يكون هناك انفصال بين الزوجين و الطلاق تعرف المرأة أثر حياتها الزوجية عليها ، وجد عندها هم و غم و شعور بوحدة و فقدت ذلك التكامل و التعاون الحاصل في بيت الزوجية ، هذا شيء من أسباب المشاكل الزوجية و لعلنا بعد الفاصل القادم نتحدث عن بقية الأسباب و نتذاكر معا في طرق علاج المشاكل الزوجية بعد هذا الفاصل.................
* أهلا و سهلا و حياكم الله بعد هذا الفاصل، كان حديثنا في هذا اليوم عن المشاكل الزوجية ، ماهي الأسباب المؤدية إلى الخصومات بين الزوجين التي بسببها تتكدر حياة كل من الزوج و الزوجة و تتنغص معيشتهما و لا يرتاحان في جلوس و لا في منام و لا في عبادة و لا في أي حال ، كنا ذكرنا من الأسباب المؤدية إلى المشاكل الزوجية أن بعض الأزو اج لا يقصد بإقامة الحياة الزوجية التقرب إلى الله عزوجل و إنما ينظر إلى ما سيأخذه من الطرف الآخر و ما سيدفعه إليه كأن الحياة الزوجية شيء من المقايضة و بالتالي لا يرتاح كل من الزوجين ، هكذا أيضا من أسباب المشاكل الزوجية عدم احسان اختيار كل من الزوجين للآخر، كذلك من أسباب المشاكل الزوجية عدم احتمال الأذي الحاصل من أحد الزوجين ، كذلك من أسباب المشاكل الكلام الرديء ، الكلمة السيئة التي لا تتناسب أن يقولها محب لحبيبه ، هكذا أيضا خروج المرأة و عدم مراعاتها لحق زوجها بحيث تخرج أوقاتا عديدة بدون استئذان من هذا الزوج و كذلك ، من أسباب المشاكل الزوجية ظن بعض الأزواج اغتناؤهم عن الزوج الآخر ، فيظن الزوج أنه غني عن الزوجة ، و تظن الزوجة أنها غنية عن الزوج فيحدث الشقاق و الخصام لأن كل واحد منهم يرى أنه غير محتاج للآخر ، بينما الصواب أن كل واحد منهما يكمل الآخر و يحتاج إليه و ينبغي به أن يراعي عاطفته لتكمل حياته.
-هكذا أيضا من أسباب المشاكل الزوجية التركيز على الأخطاء و تضخيم تلك الأخطاء و بالتالي تحدث الخصومات بين الزوجين ، ينبغي لكل من الزوج و الزوجة أن لا يكون نظره قاصرا ينظر إلى جزء واحد و جزء معين و يترك تلك الأجزاء الكثيرة المتعددة التي هي محاسن في الطرف الآخر ، « لا يفرك مؤمن مؤمنة إن سخط منها خلقا رضي منها آخر ».
- كذلك من أسباب المشاكل الزوجية تلك الوساوس و الشكوك التي يضعها الإنسان في ذهنه تجاه الطرف الآخر بمجرد احتمالات غير مستندة إلى دليل ، وجد مكالمة غيرمعروفة المصدر فبدأت الشكوك و الظنون الخاطئة الظالمة تحك في رأس كل واجد من الزوجين فنتج عن ذلك الخصام و الشقاق، هذه الغيرة المفرطة التي بدون سبب غير محمودة العواقب و لذلك كون الزوجين بينهما غيرة هذا معناه أن كل واحد من الزوجين يحب الزوج الآخر لكن عندما تزيد هذه الغيرة عن حدودها المعتادة و تبتدئ تصل إلى مواطن الشك و مواطن الريبة فحينئذ يقع أول طريق إلى المشاكل الزوجية.
- هكذا أيضا من أسباب المشاكل بين الزوجين أن يبدأ الزوج بالمقارنة بين زوجته و النساء الأخريات خصوصا في عصرنا هذا الذي وجد فيه مساهمة من الوسائل الاعلامية في عرض النساء بأبهى صورة و أجمل شكل مما يجعل بعض الأزواج يزهد في زوجته و هو وراء امرأة في حال كمال جمالها ، في حال بذلها من نفسها أعلى الأسباب التي تجعلها على أكمل الصور و نسي أن ينظر إلى بقية الحلقة التي في تلك المرأة ما أخلاقها ، ما صفتها ، ما طريقتها في حديثها ، ماهي أمانتها ، ماهي ديانتها ، هل يأمن لمثل هذه المرأة أن تكون زوجة له و حينئذ ينبغي به إذا قارن بين زوجته و بين النساء الأخريات أن لا يقارن فيس جزء واحد و يترك تلك الاجزاء الكثيرة التي عند امرأته مماهي صور مشرقة يسر بها ، ذهاب الانسان من بيته إلى عمله و هو مستقر الخاطر ’ آمن على ما في بيته هذا خير من امرأة جميلة لا يدري ماذا تفعل بعده.
- و كذلك من أسباب المشاكل الزوجية عدم قيام بعض الأزواج بالنفقة على زوجته أو النفقة على أبنائه و هذا من كبائر الآثام و هو نوع من الظلم و قد قال النبي صلى الله عليه و سلم « كفى بالمرء إثما أن يضيع من يقوت » ، من أسباب المشاكل الزوجية تبرم أحد الزوجين عند قيامه بالواجبات المنوطة به تجاه الزوج الآخر ، هو صحيح يقوم بالواجب و يؤديه لكنه يؤديه بتبرم و بتسخط أو يمن على الطرف الآخر لكونه فعل ما فعل من الواجب.
- كذلك من الأسباب المؤدية للمشاكل الزوجية إذا كان عند الزوج أكثر من زوجة ثم لم يعدل بينهن فإن هذا يؤدي إلى خصومات و شقاق بينه و بين زوجته
هذا شيء من الأسباب المؤدية إلى المشاكل الزوجية نريد أن نتباحث في طرق العلاج التي يحصل بها اسقرار البيت الزوجي و يحصل بها السكن بين الزوجين:
*فأول الوسائل: حسن اختيار الزوجين لبعضهما يقول النبي صلى الله عليهو سلم : « تنكح المرأة لمالها و لجمالهاو لحسبهاو لدينها فاظفر بذات الدين »، و يقول صلى الله عليه و سلم: « إذا أتاكم من ترضون دينه و خلقه فزوجوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض و فساد عريض ».
*هكذا أيضا من الأمور المؤدية إلى نفي المشاكل الزوجية أن لا يرغم أحد الزوجين على الزواج بالآخر ، إذا حصل الرضى التام بين الزوجين لزواجهما فإن هذا من أسباب تحصيل السعادة الزوجية
* كذلك من طرق العلاج المشاكل الزوجية صبر الزوجين على بعضهما ، و احتساب الأجر في ذلك عند الله عزوجل ، إذا كان هناك فترة ضيق و حرج عند أحد الزوجين ، يمر بالزوج ظروف معينة فتتغير أخلاقه قليلا ، لا ينبغي أن تزيد الزوجة على زوجها الحالة سوءا بسوء خلقها معه نتيجة كونه تغير ت أخلاقه ، و هكذا إذا مرت بالمرأة ظروف إما حيض ، إما حمل ، أما وحم و نحوذلك فلا ينبغي بالزوج أن يقابل تلك الأخلاق المتغيرة عند زوجته بأخلاق تماثلها فتحدث المشاكل الزوجية و تتفاقم.
*كذلك من طرق علاج المشاكل الزوجية الموازنة بين المحاسن و المساوئ لا يكون الانسان أعور العين يرى جانبا و يغفل جوانب أخرى ، و هكذا من أسباب نفي المشاكل الزوجية غض الزوجين أبصارهما عن النظر الآخرين ، فيقنع كل واحد منهم بالآخر و لا يصبح يقارن بين صاحبه و بين الآخرين.
*و من أسباب و من طرق دفع المشاكل الزوجية أن تكون المرأة قائمة بحقوق زوجها على أكمل الوجوه ، طائعة له وأن يكون الزوج أيضا قائما بحقوق الزوجية يبذلها بطيب نفس بدون تمنن و لا تبرم و لا تسخط و إنما يبذلها و هو مرتاح ، يتقرب بذلك لله جل و علا .
*هكذا أيضا من أسباب درء المشاكل الزوجية ، اختيار كل واحد منهما للأخلاق الفاضلة الطيبة عند التعامل مع الزوج الآخر .
* و كذلك من درء المشاكل الزوجية بقاء المرأة في بيت زوجها لا تخرج منه إلا بإذنه للحوائج التي لا بد لها منها ، و لا يحسن بالزوج إذا استأذنت زوجته للخروج غلى أمر تحتاج إليه أن يمنعها ، و إنما يتقرب لله عزوجل بالتعاون معها في الإذن لها.
* هناك طرق شرعية جاءت الشريعة في علاج المشاكل الزوجية : ﴿ و اللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن و اهجروهن في المضاجع و اضربوهن ﴾ ثم في الآية التي بعدها: "فإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما من أهله و حكما من أهلها إ، يريد اصلاحا يوفق الله بينهما ﴾، ثم في الآية الأخرى : ﴿ و إن امراة خافت من بعلها نشوزا أو اعراضا فلا جناح عليهما أن يصلحا بينهما صلحا و الصلح خير ﴾.
* إذن شريعتنا شريعة كاملة واضحة حاولت أن تقوم الأسرة و أن تجعلها على أكمل وجوهها لتكون أسرة هانئة سعيدة و من هنا فينبغي بنا أن نتدارس سيرة النبي صلى الله عليه و سلم و كيفية تعامله مع زوجاته رضي الله عنهن لتكون بيوتنا على أكمل الوجوه نقاء و صفاء و محبة و سعادة ، أسأل الله جل و لعا وأن يسعدكم في حياتكم و أن يجعلكم أزواجا هانئين ، هذا و الله أعلم و صلى الله لعى نبينا محمد و على آله و صحبه أجمعين
الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على أشرف الأنبياء و المرسلين، أما بعد:
فأحييكم أيها المشاهدون الكرام بتحية الإسلام فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته، و بعد:
فحديثنا في هذا اليوم عن مشكلة تدخل في كثير من البيوتات، حديثنا في هذا اليوم عن المشاكل الزوجية.
يكون الرجل هانيا قانعا مستقرة نفسه ثم بعد ذلك تحدث بينه و بين زوجته خصومة فيؤدي هذا إلى اضطراب في نفسه، يؤدي هذا إلى ابتعاد للنوم عنه، يؤدي هذا إلى الأرق الذي لا يجعله يرتاح في حياته، حينئذ هذه المسألة المهمة -مسألة المشاكل الزوجية- ينبغي بنا أن نوليها عناية خاصة، لا يخلو بيت من مشكلة من المشاكل، لكن كيف نساهم في حل هذه المشاكل لتستقر بيوتنا وتستقر نفوسنا؟.
- إذا نظرنا إلى النصوص الشرعية لتأصيل هذا الموضوع تأصيلا علميا شرعيا وجدنا عددا من النصوص القرآنية و النبوية تتحدث عن هذا الموضوع، يقول الله جل و علا في كتابه العزيز: ﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ﴾، و يقول جل وعلا : ﴿ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا ﴾، و يقول سبحانه: ﴿ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا ﴾، خطاب للأزواج و خطاب للزوجات من أجل أن يعبدوا الله عزوجل لإصلاح بيت الأسرة ، يقول النبي صلى الله عليه و سلم مخاطبا الأزواج: « لا يفرك – يعني لا يبغض – مؤمن مؤمنة إن سخط منها خلقا رضي منها خلقا آخر »، و يقول صلى الله عليه و سلم : « خياركم خياركم لنسائهم »، و يقول النبي صلى الله عليه و سلم : « خلقت المرأة من ضلع أعوج فإن ذهبت تقيمه كسرته ، و إن استمتعت بها استمتعت بها على عوج »، و في المقابل خطاب للزوجات بالإحسان إلى أزواجهم و التقرب لله عز وجل بذلك و طاعة الأزواج ، يقول النبي صلى الله عليه و سلم : « إن المرأة إذا صلت خمسها وصامت شهرها وأدت فرضها وأطاعت زوجها دخلت جنة ربها »، في نصوص كثيرة يخاطب النبي صلى الله عليه و سلم به الزوجات ليحسنوا العشرة مع الأزواج.
*هذه المشكلة -مشكلة ما يحدث بين الزوجين من خصومات و سوء تفاهم- ينبغي بنا أن نتعرف لشيء من مظاهرها لنكون بذلك مدركين لأثر هذه المشكلة و بالتالي نتمكن من إيجاد الحل المناسب لها.
-أول مظاهر هذه المشكلة تلك الخصومات التي تحدث بين الزوجين، يرفع صوته و ترفع صوتها، ويتكلمان في بعضهما و يحدث من سوء الكلام ما لا يتناسب أن يكون بين متحابين متوادين بينهما رحمة و تعاطف، كذلك من آثار هذه المشكلة ومظاهرها هروب بعض الأزواج من بيوتهم، تجدهم يهربون إلى الاستراحات أو يهربون إلى مواطن عامة أو إلى مقاهي أو إلى غير ذلك من المواطن و ما ذاك إلا رغبة في التخلص من هذه المسألة -مسألة المشاكل الزوجية-.
ثم بعد ذلك من مظاهر هذه المشكلة تلك الحياة المنغصة بين الزوجين لا هناء ولا سعادة و كل منهما ينفر من الآخر، و قد ينتج عن ذلك كله فرقة بين الزوجين وطلاق غير محمود العواقب، ثم يحدث كذلك بسبب هذه الخصومات والمشاكل الزوجية استباحة كل واحد من الزوجين عرض الآخر، يتكلم الزوج بمعايب الزوجة وتتكلم الزوجة بمعايب الزوج، وقد حذر النبي صلى الله عليه و سلم من مثل هذا فقال: « إن من شر الناس الرجل يفضي إلى المرأة و تفضي إليه ثم ينشر سرها و تنشر سره «».
-كذلك من مظاهر و آثار هذه المسألة -مسألة المشاكل الزوجية- تدخل الآخرين بين الزوجين، هذا يتدخل وهذا يتدخل وهذا يتدخل فتكون بمثابة السفينة التي لها قُوَّادٌ كُثُرٌ كل منهم يعطي أمرا يخالف أمر الآخر فينتج غرق تلك السفينة، وحينئذ ينبغي بنا أن نتعرف على الأسباب المؤدية إلى هذه المشاكل من أجل أن نتفادها لتصلح حياتنا الأسرية وتكون العلاقة بين الزوجين على أكمل وجوهها.
*فمن الأسباب المؤدية إلى المشاكل الزوجية:
- أن الزوجين لا يراعيان في بناء بيت الزوجية مسألة التقرب لله عزوجل ، ينبغي لكل من الزوج و الزوجة أن يكون ساعيا إلى تحقيق مرضاة الله عزوجل من خلال المحافظة على بيت الزوجية ، بيت الزوجية من الأمور التي يتقرب بها العباد إلى ربهم جل و علا و لذلك فإن كل فعل يؤديه الزوج أو تؤديه الزوجة من أجل المحافظة على هذا البيت هو من القربات و أعمال الطاعات التي يؤجرون عليها متى نووا بها التقرب لله عزوجل، و لذلك ينبغي أن نراعي هذا الأمر ،الشريعة تتطلع إلى بناء الاسرة و بقائها و استمرارها و كونها سبب من أسباب السعادة ، و لذلك فإن كل فعل يؤديه الزوج أو تؤديه الزوجة أو يؤديه غيرهما يؤدي إلى استقرارالأسرة فإنه قربة من القربات التي يتقرب بها المؤمنون إلى ربهم جل و علا .
- كذلك من أسباب هذه المشكلة عدم احسان الاختيار بين الزوجين ، تجد الزوج لا يحسن اختيار الزوجة ، أو أن الزوجة تقبل بمن لا يكون مناسبا لها ، هناك معايير شرعية جاءت بها الشريعة فيما يتعلق بهذا الباب من جهة رغبة كل واحد منهما في تكوين هذه الأسرة على أسس سليمة ، فالزوج يحسن به أن يختار المرأة صاحبة الديانة ، صاحبة الخلق الفاضل لتربي أبناءه على أكمل الوجوه و لتكون معه على أحسن أنماط الحياة و هكذا المرأة ينبغي بها أن لا تختار إلا من يكون مناسبا لها فيما يتعلق بأمر التدين ، ما يتعلق بأمر الأخلاق ، زوج لا أخلاق أو زوجة بلا أخلاق حينئذ يحكم على بيت الزوجية بأنه بيت مضطرب،زوج بلا دين أو زوجة بلا دين إذا دخل معا في حياة الزوجية فإن البيت لن يستقرتمام الاستقرار، و لن يهنأ الزوجان تمام الهناء ، لأنهم حينئذ كل منهما ينظر ماذا سيأخذ من الآخر بخلاف ما إذا بنوا بيت الزوجية على التقرب لله عزوجل فإنهم حينئذ يتطلعون إلى الأجر و الثواب الإلهي الذي يعطيه الله جل و علا لهم .
- كذلك من أسباب المشكل الزوجية عدم اختيار الزوجين للكلام الطيب في الحديث بينهما ، عندما تتكلم المرأة بكلام رديء أو يتكلم الرجل بكلام سيء فحينئذ سيحضر الشيطان و يلقي بينهم العداوة و لذلك قال الله عزوجل : ﴿ وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوًّا مُبِينًا ﴾.
- كذلك من أسباب وقوع المشاكل بين الزوجين عدم احتمال كل واحد من الزوجين للأذى الحاصل من الآخر ، ما من إنسان إلا و عنده نقص ، ما من شخص إلا و لديه عيوب فإذا كان الزوجان لا يحتملان بعضهما ، فإنهم حينئذ لن يستقر و لن يهنأ في حياتهما الزوجية ، إذا كان الزوج كلما أخطأ عقبت عليه الزوجة و ذكرت عيبه ، و إذا كانت المرأة كلما أخطأت عنف عليها زوجها و ذكر معايبها عند الآخرين حينئذ لن تهنأ حياتهما و لن يكون هناك استقرار في الأسرة ، جاءت الشريعة في الترغيب في العفو عن أخطاء الآخرين و التجاوز عنها و ماذاك إلا لتستقر الحياة ، و خذ مثلا قول الله جل و علا –عن الجنة – ﴿ أعدت للمتقين ، الذين ينفقون في السراء و الضراء و الكاظمين الغيظ و العافين عن الناس و الله يحب المحسنين ﴾، فانظر كيف أثنى على أولئك الذين يغضون طرفهم عن معايب غيرهم و يحسنون إليهم مع إساءتهم إليهم
- كذلك من أسباب حصول المشاكل الزوجية عدم احترام المرأة لزوجها فيما يتطلع إليه من بقائها في بيت الزوجية ليتمكن من الاستمتاع بها ، فخروج المرأة بدون إذن و بدون مراعاة لحق الزوج يؤدي ذلك إلى حصول المشاكل الزوجية ، لأن الزوج إذا جاء إلى بيته يريد أن يستقر في هذا البيت و يهنأ بمرأة إذا شاهدتها عيناه سرته و كانت مثار اعجاب لديه بخلاف ما إذا كان عند قدومه للبيت يجد امرأة متعبة ، غير مرتاحة قد بذلت من أوقاتها فيما يعود عليها بالضرر و التعب، عندما تعود إلى بيتها لا تستقر و لا تهنأ لأنها غير مرتاحة في ذلك الوقت .
- كذلك من أسباب المشاكل الزوجية ظن الزوجة أنه لا حاجة لها إلى الزوج ، ذلك أنها ترى أن لديها مثلا المال ، أو ترى أن لديها القدرة و الامكانات أو الوظيفة العالية ، ثم بعد ذلك ترى أن الزوج من الكماليات فحينئذ تحدث المشاكل و يحدث خصام بين الزوجين ، و بالتالي لا بد من تعديل مثل هذه النظرة لتكون الزوجة عارفة بمكان زوجها ، عارفة بأهمية الحياة الزوجية لها ، إن استقرار المرأة لا يكون إلا في بيت الزوجية فعندما يكون هناك انفصال بين الزوجين و الطلاق تعرف المرأة أثر حياتها الزوجية عليها ، وجد عندها هم و غم و شعور بوحدة و فقدت ذلك التكامل و التعاون الحاصل في بيت الزوجية ، هذا شيء من أسباب المشاكل الزوجية و لعلنا بعد الفاصل القادم نتحدث عن بقية الأسباب و نتذاكر معا في طرق علاج المشاكل الزوجية بعد هذا الفاصل.................
* أهلا و سهلا و حياكم الله بعد هذا الفاصل، كان حديثنا في هذا اليوم عن المشاكل الزوجية ، ماهي الأسباب المؤدية إلى الخصومات بين الزوجين التي بسببها تتكدر حياة كل من الزوج و الزوجة و تتنغص معيشتهما و لا يرتاحان في جلوس و لا في منام و لا في عبادة و لا في أي حال ، كنا ذكرنا من الأسباب المؤدية إلى المشاكل الزوجية أن بعض الأزو اج لا يقصد بإقامة الحياة الزوجية التقرب إلى الله عزوجل و إنما ينظر إلى ما سيأخذه من الطرف الآخر و ما سيدفعه إليه كأن الحياة الزوجية شيء من المقايضة و بالتالي لا يرتاح كل من الزوجين ، هكذا أيضا من أسباب المشاكل الزوجية عدم احسان اختيار كل من الزوجين للآخر، كذلك من أسباب المشاكل الزوجية عدم احتمال الأذي الحاصل من أحد الزوجين ، كذلك من أسباب المشاكل الكلام الرديء ، الكلمة السيئة التي لا تتناسب أن يقولها محب لحبيبه ، هكذا أيضا خروج المرأة و عدم مراعاتها لحق زوجها بحيث تخرج أوقاتا عديدة بدون استئذان من هذا الزوج و كذلك ، من أسباب المشاكل الزوجية ظن بعض الأزواج اغتناؤهم عن الزوج الآخر ، فيظن الزوج أنه غني عن الزوجة ، و تظن الزوجة أنها غنية عن الزوج فيحدث الشقاق و الخصام لأن كل واحد منهم يرى أنه غير محتاج للآخر ، بينما الصواب أن كل واحد منهما يكمل الآخر و يحتاج إليه و ينبغي به أن يراعي عاطفته لتكمل حياته.
-هكذا أيضا من أسباب المشاكل الزوجية التركيز على الأخطاء و تضخيم تلك الأخطاء و بالتالي تحدث الخصومات بين الزوجين ، ينبغي لكل من الزوج و الزوجة أن لا يكون نظره قاصرا ينظر إلى جزء واحد و جزء معين و يترك تلك الأجزاء الكثيرة المتعددة التي هي محاسن في الطرف الآخر ، « لا يفرك مؤمن مؤمنة إن سخط منها خلقا رضي منها آخر ».
- كذلك من أسباب المشاكل الزوجية تلك الوساوس و الشكوك التي يضعها الإنسان في ذهنه تجاه الطرف الآخر بمجرد احتمالات غير مستندة إلى دليل ، وجد مكالمة غيرمعروفة المصدر فبدأت الشكوك و الظنون الخاطئة الظالمة تحك في رأس كل واجد من الزوجين فنتج عن ذلك الخصام و الشقاق، هذه الغيرة المفرطة التي بدون سبب غير محمودة العواقب و لذلك كون الزوجين بينهما غيرة هذا معناه أن كل واحد من الزوجين يحب الزوج الآخر لكن عندما تزيد هذه الغيرة عن حدودها المعتادة و تبتدئ تصل إلى مواطن الشك و مواطن الريبة فحينئذ يقع أول طريق إلى المشاكل الزوجية.
- هكذا أيضا من أسباب المشاكل بين الزوجين أن يبدأ الزوج بالمقارنة بين زوجته و النساء الأخريات خصوصا في عصرنا هذا الذي وجد فيه مساهمة من الوسائل الاعلامية في عرض النساء بأبهى صورة و أجمل شكل مما يجعل بعض الأزواج يزهد في زوجته و هو وراء امرأة في حال كمال جمالها ، في حال بذلها من نفسها أعلى الأسباب التي تجعلها على أكمل الصور و نسي أن ينظر إلى بقية الحلقة التي في تلك المرأة ما أخلاقها ، ما صفتها ، ما طريقتها في حديثها ، ماهي أمانتها ، ماهي ديانتها ، هل يأمن لمثل هذه المرأة أن تكون زوجة له و حينئذ ينبغي به إذا قارن بين زوجته و بين النساء الأخريات أن لا يقارن فيس جزء واحد و يترك تلك الاجزاء الكثيرة التي عند امرأته مماهي صور مشرقة يسر بها ، ذهاب الانسان من بيته إلى عمله و هو مستقر الخاطر ’ آمن على ما في بيته هذا خير من امرأة جميلة لا يدري ماذا تفعل بعده.
- و كذلك من أسباب المشاكل الزوجية عدم قيام بعض الأزواج بالنفقة على زوجته أو النفقة على أبنائه و هذا من كبائر الآثام و هو نوع من الظلم و قد قال النبي صلى الله عليه و سلم « كفى بالمرء إثما أن يضيع من يقوت » ، من أسباب المشاكل الزوجية تبرم أحد الزوجين عند قيامه بالواجبات المنوطة به تجاه الزوج الآخر ، هو صحيح يقوم بالواجب و يؤديه لكنه يؤديه بتبرم و بتسخط أو يمن على الطرف الآخر لكونه فعل ما فعل من الواجب.
- كذلك من الأسباب المؤدية للمشاكل الزوجية إذا كان عند الزوج أكثر من زوجة ثم لم يعدل بينهن فإن هذا يؤدي إلى خصومات و شقاق بينه و بين زوجته
هذا شيء من الأسباب المؤدية إلى المشاكل الزوجية نريد أن نتباحث في طرق العلاج التي يحصل بها اسقرار البيت الزوجي و يحصل بها السكن بين الزوجين:
*فأول الوسائل: حسن اختيار الزوجين لبعضهما يقول النبي صلى الله عليهو سلم : « تنكح المرأة لمالها و لجمالهاو لحسبهاو لدينها فاظفر بذات الدين »، و يقول صلى الله عليه و سلم: « إذا أتاكم من ترضون دينه و خلقه فزوجوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض و فساد عريض ».
*هكذا أيضا من الأمور المؤدية إلى نفي المشاكل الزوجية أن لا يرغم أحد الزوجين على الزواج بالآخر ، إذا حصل الرضى التام بين الزوجين لزواجهما فإن هذا من أسباب تحصيل السعادة الزوجية
* كذلك من طرق العلاج المشاكل الزوجية صبر الزوجين على بعضهما ، و احتساب الأجر في ذلك عند الله عزوجل ، إذا كان هناك فترة ضيق و حرج عند أحد الزوجين ، يمر بالزوج ظروف معينة فتتغير أخلاقه قليلا ، لا ينبغي أن تزيد الزوجة على زوجها الحالة سوءا بسوء خلقها معه نتيجة كونه تغير ت أخلاقه ، و هكذا إذا مرت بالمرأة ظروف إما حيض ، إما حمل ، أما وحم و نحوذلك فلا ينبغي بالزوج أن يقابل تلك الأخلاق المتغيرة عند زوجته بأخلاق تماثلها فتحدث المشاكل الزوجية و تتفاقم.
*كذلك من طرق علاج المشاكل الزوجية الموازنة بين المحاسن و المساوئ لا يكون الانسان أعور العين يرى جانبا و يغفل جوانب أخرى ، و هكذا من أسباب نفي المشاكل الزوجية غض الزوجين أبصارهما عن النظر الآخرين ، فيقنع كل واحد منهم بالآخر و لا يصبح يقارن بين صاحبه و بين الآخرين.
*و من أسباب و من طرق دفع المشاكل الزوجية أن تكون المرأة قائمة بحقوق زوجها على أكمل الوجوه ، طائعة له وأن يكون الزوج أيضا قائما بحقوق الزوجية يبذلها بطيب نفس بدون تمنن و لا تبرم و لا تسخط و إنما يبذلها و هو مرتاح ، يتقرب بذلك لله جل و علا .
*هكذا أيضا من أسباب درء المشاكل الزوجية ، اختيار كل واحد منهما للأخلاق الفاضلة الطيبة عند التعامل مع الزوج الآخر .
* و كذلك من درء المشاكل الزوجية بقاء المرأة في بيت زوجها لا تخرج منه إلا بإذنه للحوائج التي لا بد لها منها ، و لا يحسن بالزوج إذا استأذنت زوجته للخروج غلى أمر تحتاج إليه أن يمنعها ، و إنما يتقرب لله عزوجل بالتعاون معها في الإذن لها.
* هناك طرق شرعية جاءت الشريعة في علاج المشاكل الزوجية : ﴿ و اللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن و اهجروهن في المضاجع و اضربوهن ﴾ ثم في الآية التي بعدها: "فإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما من أهله و حكما من أهلها إ، يريد اصلاحا يوفق الله بينهما ﴾، ثم في الآية الأخرى : ﴿ و إن امراة خافت من بعلها نشوزا أو اعراضا فلا جناح عليهما أن يصلحا بينهما صلحا و الصلح خير ﴾.
* إذن شريعتنا شريعة كاملة واضحة حاولت أن تقوم الأسرة و أن تجعلها على أكمل وجوهها لتكون أسرة هانئة سعيدة و من هنا فينبغي بنا أن نتدارس سيرة النبي صلى الله عليه و سلم و كيفية تعامله مع زوجاته رضي الله عنهن لتكون بيوتنا على أكمل الوجوه نقاء و صفاء و محبة و سعادة ، أسأل الله جل و لعا وأن يسعدكم في حياتكم و أن يجعلكم أزواجا هانئين ، هذا و الله أعلم و صلى الله لعى نبينا محمد و على آله و صحبه أجمعين
المشاكــل الــزوجية
للشيخ سعد بن ناصر الشثري
الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على أشرف الأنبياء و المرسلين، أما بعد:
فأحييكم أيها المشاهدون الكرام بتحية الإسلام فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته، و بعد:
فحديثنا في هذا اليوم عن مشكلة تدخل في كثير من البيوتات، حديثنا في هذا اليوم عن المشاكل الزوجية.
يكون الرجل هانيا قانعا مستقرة نفسه ثم بعد ذلك تحدث بينه و بين زوجته خصومة فيؤدي هذا إلى اضطراب في نفسه، يؤدي هذا إلى ابتعاد للنوم عنه، يؤدي هذا إلى الأرق الذي لا يجعله يرتاح في حياته، حينئذ هذه المسألة المهمة -مسألة المشاكل الزوجية- ينبغي بنا أن نوليها عناية خاصة، لا يخلو بيت من مشكلة من المشاكل، لكن كيف نساهم في حل هذه المشاكل لتستقر بيوتنا وتستقر نفوسنا؟.
- إذا نظرنا إلى النصوص الشرعية لتأصيل هذا الموضوع تأصيلا علميا شرعيا وجدنا عددا من النصوص القرآنية و النبوية تتحدث عن هذا الموضوع، يقول الله جل و علا في كتابه العزيز: ﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ﴾، و يقول جل وعلا : ﴿ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا ﴾، و يقول سبحانه: ﴿ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا ﴾، خطاب للأزواج و خطاب للزوجات من أجل أن يعبدوا الله عزوجل لإصلاح بيت الأسرة ، يقول النبي صلى الله عليه و سلم مخاطبا الأزواج: « لا يفرك – يعني لا يبغض – مؤمن مؤمنة إن سخط منها خلقا رضي منها خلقا آخر »، و يقول صلى الله عليه و سلم : « خياركم خياركم لنسائهم »، و يقول النبي صلى الله عليه و سلم : « خلقت المرأة من ضلع أعوج فإن ذهبت تقيمه كسرته ، و إن استمتعت بها استمتعت بها على عوج »، و في المقابل خطاب للزوجات بالإحسان إلى أزواجهم و التقرب لله عز وجل بذلك و طاعة الأزواج ، يقول النبي صلى الله عليه و سلم : « إن المرأة إذا صلت خمسها وصامت شهرها وأدت فرضها وأطاعت زوجها دخلت جنة ربها »، في نصوص كثيرة يخاطب النبي صلى الله عليه و سلم به الزوجات ليحسنوا العشرة مع الأزواج.
*هذه المشكلة -مشكلة ما يحدث بين الزوجين من خصومات و سوء تفاهم- ينبغي بنا أن نتعرف لشيء من مظاهرها لنكون بذلك مدركين لأثر هذه المشكلة و بالتالي نتمكن من إيجاد الحل المناسب لها.
-أول مظاهر هذه المشكلة تلك الخصومات التي تحدث بين الزوجين، يرفع صوته و ترفع صوتها، ويتكلمان في بعضهما و يحدث من سوء الكلام ما لا يتناسب أن يكون بين متحابين متوادين بينهما رحمة و تعاطف، كذلك من آثار هذه المشكلة ومظاهرها هروب بعض الأزواج من بيوتهم، تجدهم يهربون إلى الاستراحات أو يهربون إلى مواطن عامة أو إلى مقاهي أو إلى غير ذلك من المواطن و ما ذاك إلا رغبة في التخلص من هذه المسألة -مسألة المشاكل الزوجية-.
ثم بعد ذلك من مظاهر هذه المشكلة تلك الحياة المنغصة بين الزوجين لا هناء ولا سعادة و كل منهما ينفر من الآخر، و قد ينتج عن ذلك كله فرقة بين الزوجين وطلاق غير محمود العواقب، ثم يحدث كذلك بسبب هذه الخصومات والمشاكل الزوجية استباحة كل واحد من الزوجين عرض الآخر، يتكلم الزوج بمعايب الزوجة وتتكلم الزوجة بمعايب الزوج، وقد حذر النبي صلى الله عليه و سلم من مثل هذا فقال: « إن من شر الناس الرجل يفضي إلى المرأة و تفضي إليه ثم ينشر سرها و تنشر سره «».
-كذلك من مظاهر و آثار هذه المسألة -مسألة المشاكل الزوجية- تدخل الآخرين بين الزوجين، هذا يتدخل وهذا يتدخل وهذا يتدخل فتكون بمثابة السفينة التي لها قُوَّادٌ كُثُرٌ كل منهم يعطي أمرا يخالف أمر الآخر فينتج غرق تلك السفينة، وحينئذ ينبغي بنا أن نتعرف على الأسباب المؤدية إلى هذه المشاكل من أجل أن نتفادها لتصلح حياتنا الأسرية وتكون العلاقة بين الزوجين على أكمل وجوهها.
*فمن الأسباب المؤدية إلى المشاكل الزوجية:
- أن الزوجين لا يراعيان في بناء بيت الزوجية مسألة التقرب لله عزوجل ، ينبغي لكل من الزوج و الزوجة أن يكون ساعيا إلى تحقيق مرضاة الله عزوجل من خلال المحافظة على بيت الزوجية ، بيت الزوجية من الأمور التي يتقرب بها العباد إلى ربهم جل و علا و لذلك فإن كل فعل يؤديه الزوج أو تؤديه الزوجة من أجل المحافظة على هذا البيت هو من القربات و أعمال الطاعات التي يؤجرون عليها متى نووا بها التقرب لله عزوجل، و لذلك ينبغي أن نراعي هذا الأمر ،الشريعة تتطلع إلى بناء الاسرة و بقائها و استمرارها و كونها سبب من أسباب السعادة ، و لذلك فإن كل فعل يؤديه الزوج أو تؤديه الزوجة أو يؤديه غيرهما يؤدي إلى استقرارالأسرة فإنه قربة من القربات التي يتقرب بها المؤمنون إلى ربهم جل و علا .
- كذلك من أسباب هذه المشكلة عدم احسان الاختيار بين الزوجين ، تجد الزوج لا يحسن اختيار الزوجة ، أو أن الزوجة تقبل بمن لا يكون مناسبا لها ، هناك معايير شرعية جاءت بها الشريعة فيما يتعلق بهذا الباب من جهة رغبة كل واحد منهما في تكوين هذه الأسرة على أسس سليمة ، فالزوج يحسن به أن يختار المرأة صاحبة الديانة ، صاحبة الخلق الفاضل لتربي أبناءه على أكمل الوجوه و لتكون معه على أحسن أنماط الحياة و هكذا المرأة ينبغي بها أن لا تختار إلا من يكون مناسبا لها فيما يتعلق بأمر التدين ، ما يتعلق بأمر الأخلاق ، زوج لا أخلاق أو زوجة بلا أخلاق حينئذ يحكم على بيت الزوجية بأنه بيت مضطرب،زوج بلا دين أو زوجة بلا دين إذا دخل معا في حياة الزوجية فإن البيت لن يستقرتمام الاستقرار، و لن يهنأ الزوجان تمام الهناء ، لأنهم حينئذ كل منهما ينظر ماذا سيأخذ من الآخر بخلاف ما إذا بنوا بيت الزوجية على التقرب لله عزوجل فإنهم حينئذ يتطلعون إلى الأجر و الثواب الإلهي الذي يعطيه الله جل و علا لهم .
- كذلك من أسباب المشكل الزوجية عدم اختيار الزوجين للكلام الطيب في الحديث بينهما ، عندما تتكلم المرأة بكلام رديء أو يتكلم الرجل بكلام سيء فحينئذ سيحضر الشيطان و يلقي بينهم العداوة و لذلك قال الله عزوجل : ﴿ وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوًّا مُبِينًا ﴾.
- كذلك من أسباب وقوع المشاكل بين الزوجين عدم احتمال كل واحد من الزوجين للأذى الحاصل من الآخر ، ما من إنسان إلا و عنده نقص ، ما من شخص إلا و لديه عيوب فإذا كان الزوجان لا يحتملان بعضهما ، فإنهم حينئذ لن يستقر و لن يهنأ في حياتهما الزوجية ، إذا كان الزوج كلما أخطأ عقبت عليه الزوجة و ذكرت عيبه ، و إذا كانت المرأة كلما أخطأت عنف عليها زوجها و ذكر معايبها عند الآخرين حينئذ لن تهنأ حياتهما و لن يكون هناك استقرار في الأسرة ، جاءت الشريعة في الترغيب في العفو عن أخطاء الآخرين و التجاوز عنها و ماذاك إلا لتستقر الحياة ، و خذ مثلا قول الله جل و علا –عن الجنة – ﴿ أعدت للمتقين ، الذين ينفقون في السراء و الضراء و الكاظمين الغيظ و العافين عن الناس و الله يحب المحسنين ﴾، فانظر كيف أثنى على أولئك الذين يغضون طرفهم عن معايب غيرهم و يحسنون إليهم مع إساءتهم إليهم
- كذلك من أسباب حصول المشاكل الزوجية عدم احترام المرأة لزوجها فيما يتطلع إليه من بقائها في بيت الزوجية ليتمكن من الاستمتاع بها ، فخروج المرأة بدون إذن و بدون مراعاة لحق الزوج يؤدي ذلك إلى حصول المشاكل الزوجية ، لأن الزوج إذا جاء إلى بيته يريد أن يستقر في هذا البيت و يهنأ بمرأة إذا شاهدتها عيناه سرته و كانت مثار اعجاب لديه بخلاف ما إذا كان عند قدومه للبيت يجد امرأة متعبة ، غير مرتاحة قد بذلت من أوقاتها فيما يعود عليها بالضرر و التعب، عندما تعود إلى بيتها لا تستقر و لا تهنأ لأنها غير مرتاحة في ذلك الوقت .
- كذلك من أسباب المشاكل الزوجية ظن الزوجة أنه لا حاجة لها إلى الزوج ، ذلك أنها ترى أن لديها مثلا المال ، أو ترى أن لديها القدرة و الامكانات أو الوظيفة العالية ، ثم بعد ذلك ترى أن الزوج من الكماليات فحينئذ تحدث المشاكل و يحدث خصام بين الزوجين ، و بالتالي لا بد من تعديل مثل هذه النظرة لتكون الزوجة عارفة بمكان زوجها ، عارفة بأهمية الحياة الزوجية لها ، إن استقرار المرأة لا يكون إلا في بيت الزوجية فعندما يكون هناك انفصال بين الزوجين و الطلاق تعرف المرأة أثر حياتها الزوجية عليها ، وجد عندها هم و غم و شعور بوحدة و فقدت ذلك التكامل و التعاون الحاصل في بيت الزوجية ، هذا شيء من أسباب المشاكل الزوجية و لعلنا بعد الفاصل القادم نتحدث عن بقية الأسباب و نتذاكر معا في طرق علاج المشاكل الزوجية بعد هذا الفاصل.................
* أهلا و سهلا و حياكم الله بعد هذا الفاصل، كان حديثنا في هذا اليوم عن المشاكل الزوجية ، ماهي الأسباب المؤدية إلى الخصومات بين الزوجين التي بسببها تتكدر حياة كل من الزوج و الزوجة و تتنغص معيشتهما و لا يرتاحان في جلوس و لا في منام و لا في عبادة و لا في أي حال ، كنا ذكرنا من الأسباب المؤدية إلى المشاكل الزوجية أن بعض الأزو اج لا يقصد بإقامة الحياة الزوجية التقرب إلى الله عزوجل و إنما ينظر إلى ما سيأخذه من الطرف الآخر و ما سيدفعه إليه كأن الحياة الزوجية شيء من المقايضة و بالتالي لا يرتاح كل من الزوجين ، هكذا أيضا من أسباب المشاكل الزوجية عدم احسان اختيار كل من الزوجين للآخر، كذلك من أسباب المشاكل الزوجية عدم احتمال الأذي الحاصل من أحد الزوجين ، كذلك من أسباب المشاكل الكلام الرديء ، الكلمة السيئة التي لا تتناسب أن يقولها محب لحبيبه ، هكذا أيضا خروج المرأة و عدم مراعاتها لحق زوجها بحيث تخرج أوقاتا عديدة بدون استئذان من هذا الزوج و كذلك ، من أسباب المشاكل الزوجية ظن بعض الأزواج اغتناؤهم عن الزوج الآخر ، فيظن الزوج أنه غني عن الزوجة ، و تظن الزوجة أنها غنية عن الزوج فيحدث الشقاق و الخصام لأن كل واحد منهم يرى أنه غير محتاج للآخر ، بينما الصواب أن كل واحد منهما يكمل الآخر و يحتاج إليه و ينبغي به أن يراعي عاطفته لتكمل حياته.
-هكذا أيضا من أسباب المشاكل الزوجية التركيز على الأخطاء و تضخيم تلك الأخطاء و بالتالي تحدث الخصومات بين الزوجين ، ينبغي لكل من الزوج و الزوجة أن لا يكون نظره قاصرا ينظر إلى جزء واحد و جزء معين و يترك تلك الأجزاء الكثيرة المتعددة التي هي محاسن في الطرف الآخر ، « لا يفرك مؤمن مؤمنة إن سخط منها خلقا رضي منها آخر ».
- كذلك من أسباب المشاكل الزوجية تلك الوساوس و الشكوك التي يضعها الإنسان في ذهنه تجاه الطرف الآخر بمجرد احتمالات غير مستندة إلى دليل ، وجد مكالمة غيرمعروفة المصدر فبدأت الشكوك و الظنون الخاطئة الظالمة تحك في رأس كل واجد من الزوجين فنتج عن ذلك الخصام و الشقاق، هذه الغيرة المفرطة التي بدون سبب غير محمودة العواقب و لذلك كون الزوجين بينهما غيرة هذا معناه أن كل واحد من الزوجين يحب الزوج الآخر لكن عندما تزيد هذه الغيرة عن حدودها المعتادة و تبتدئ تصل إلى مواطن الشك و مواطن الريبة فحينئذ يقع أول طريق إلى المشاكل الزوجية.
- هكذا أيضا من أسباب المشاكل بين الزوجين أن يبدأ الزوج بالمقارنة بين زوجته و النساء الأخريات خصوصا في عصرنا هذا الذي وجد فيه مساهمة من الوسائل الاعلامية في عرض النساء بأبهى صورة و أجمل شكل مما يجعل بعض الأزواج يزهد في زوجته و هو وراء امرأة في حال كمال جمالها ، في حال بذلها من نفسها أعلى الأسباب التي تجعلها على أكمل الصور و نسي أن ينظر إلى بقية الحلقة التي في تلك المرأة ما أخلاقها ، ما صفتها ، ما طريقتها في حديثها ، ماهي أمانتها ، ماهي ديانتها ، هل يأمن لمثل هذه المرأة أن تكون زوجة له و حينئذ ينبغي به إذا قارن بين زوجته و بين النساء الأخريات أن لا يقارن فيس جزء واحد و يترك تلك الاجزاء الكثيرة التي عند امرأته مماهي صور مشرقة يسر بها ، ذهاب الانسان من بيته إلى عمله و هو مستقر الخاطر ’ آمن على ما في بيته هذا خير من امرأة جميلة لا يدري ماذا تفعل بعده.
- و كذلك من أسباب المشاكل الزوجية عدم قيام بعض الأزواج بالنفقة على زوجته أو النفقة على أبنائه و هذا من كبائر الآثام و هو نوع من الظلم و قد قال النبي صلى الله عليه و سلم « كفى بالمرء إثما أن يضيع من يقوت » ، من أسباب المشاكل الزوجية تبرم أحد الزوجين عند قيامه بالواجبات المنوطة به تجاه الزوج الآخر ، هو صحيح يقوم بالواجب و يؤديه لكنه يؤديه بتبرم و بتسخط أو يمن على الطرف الآخر لكونه فعل ما فعل من الواجب.
- كذلك من الأسباب المؤدية للمشاكل الزوجية إذا كان عند الزوج أكثر من زوجة ثم لم يعدل بينهن فإن هذا يؤدي إلى خصومات و شقاق بينه و بين زوجته
هذا شيء من الأسباب المؤدية إلى المشاكل الزوجية نريد أن نتباحث في طرق العلاج التي يحصل بها اسقرار البيت الزوجي و يحصل بها السكن بين الزوجين:
*فأول الوسائل: حسن اختيار الزوجين لبعضهما يقول النبي صلى الله عليهو سلم : « تنكح المرأة لمالها و لجمالهاو لحسبهاو لدينها فاظفر بذات الدين »، و يقول صلى الله عليه و سلم: « إذا أتاكم من ترضون دينه و خلقه فزوجوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض و فساد عريض ».
*هكذا أيضا من الأمور المؤدية إلى نفي المشاكل الزوجية أن لا يرغم أحد الزوجين على الزواج بالآخر ، إذا حصل الرضى التام بين الزوجين لزواجهما فإن هذا من أسباب تحصيل السعادة الزوجية
* كذلك من طرق العلاج المشاكل الزوجية صبر الزوجين على بعضهما ، و احتساب الأجر في ذلك عند الله عزوجل ، إذا كان هناك فترة ضيق و حرج عند أحد الزوجين ، يمر بالزوج ظروف معينة فتتغير أخلاقه قليلا ، لا ينبغي أن تزيد الزوجة على زوجها الحالة سوءا بسوء خلقها معه نتيجة كونه تغير ت أخلاقه ، و هكذا إذا مرت بالمرأة ظروف إما حيض ، إما حمل ، أما وحم و نحوذلك فلا ينبغي بالزوج أن يقابل تلك الأخلاق المتغيرة عند زوجته بأخلاق تماثلها فتحدث المشاكل الزوجية و تتفاقم.
*كذلك من طرق علاج المشاكل الزوجية الموازنة بين المحاسن و المساوئ لا يكون الانسان أعور العين يرى جانبا و يغفل جوانب أخرى ، و هكذا من أسباب نفي المشاكل الزوجية غض الزوجين أبصارهما عن النظر الآخرين ، فيقنع كل واحد منهم بالآخر و لا يصبح يقارن بين صاحبه و بين الآخرين.
*و من أسباب و من طرق دفع المشاكل الزوجية أن تكون المرأة قائمة بحقوق زوجها على أكمل الوجوه ، طائعة له وأن يكون الزوج أيضا قائما بحقوق الزوجية يبذلها بطيب نفس بدون تمنن و لا تبرم و لا تسخط و إنما يبذلها و هو مرتاح ، يتقرب بذلك لله جل و علا .
*هكذا أيضا من أسباب درء المشاكل الزوجية ، اختيار كل واحد منهما للأخلاق الفاضلة الطيبة عند التعامل مع الزوج الآخر .
* و كذلك من درء المشاكل الزوجية بقاء المرأة في بيت زوجها لا تخرج منه إلا بإذنه للحوائج التي لا بد لها منها ، و لا يحسن بالزوج إذا استأذنت زوجته للخروج غلى أمر تحتاج إليه أن يمنعها ، و إنما يتقرب لله عزوجل بالتعاون معها في الإذن لها.
* هناك طرق شرعية جاءت الشريعة في علاج المشاكل الزوجية : ﴿ و اللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن و اهجروهن في المضاجع و اضربوهن ﴾ ثم في الآية التي بعدها: "فإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما من أهله و حكما من أهلها إ، يريد اصلاحا يوفق الله بينهما ﴾، ثم في الآية الأخرى : ﴿ و إن امراة خافت من بعلها نشوزا أو اعراضا فلا جناح عليهما أن يصلحا بينهما صلحا و الصلح خير ﴾.
* إذن شريعتنا شريعة كاملة واضحة حاولت أن تقوم الأسرة و أن تجعلها على أكمل وجوهها لتكون أسرة هانئة سعيدة و من هنا فينبغي بنا أن نتدارس سيرة النبي صلى الله عليه و سلم و كيفية تعامله مع زوجاته رضي الله عنهن لتكون بيوتنا على أكمل الوجوه نقاء و صفاء و محبة و سعادة ، أسأل الله جل و لعا وأن يسعدكم في حياتكم و أن يجعلكم أزواجا هانئين ، هذا و الله أعلم و صلى الله لعى نبينا محمد و على آله و صحبه أجمعين
الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على أشرف الأنبياء و المرسلين، أما بعد:
فأحييكم أيها المشاهدون الكرام بتحية الإسلام فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته، و بعد:
فحديثنا في هذا اليوم عن مشكلة تدخل في كثير من البيوتات، حديثنا في هذا اليوم عن المشاكل الزوجية.
يكون الرجل هانيا قانعا مستقرة نفسه ثم بعد ذلك تحدث بينه و بين زوجته خصومة فيؤدي هذا إلى اضطراب في نفسه، يؤدي هذا إلى ابتعاد للنوم عنه، يؤدي هذا إلى الأرق الذي لا يجعله يرتاح في حياته، حينئذ هذه المسألة المهمة -مسألة المشاكل الزوجية- ينبغي بنا أن نوليها عناية خاصة، لا يخلو بيت من مشكلة من المشاكل، لكن كيف نساهم في حل هذه المشاكل لتستقر بيوتنا وتستقر نفوسنا؟.
- إذا نظرنا إلى النصوص الشرعية لتأصيل هذا الموضوع تأصيلا علميا شرعيا وجدنا عددا من النصوص القرآنية و النبوية تتحدث عن هذا الموضوع، يقول الله جل و علا في كتابه العزيز: ﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ﴾، و يقول جل وعلا : ﴿ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا ﴾، و يقول سبحانه: ﴿ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا ﴾، خطاب للأزواج و خطاب للزوجات من أجل أن يعبدوا الله عزوجل لإصلاح بيت الأسرة ، يقول النبي صلى الله عليه و سلم مخاطبا الأزواج: « لا يفرك – يعني لا يبغض – مؤمن مؤمنة إن سخط منها خلقا رضي منها خلقا آخر »، و يقول صلى الله عليه و سلم : « خياركم خياركم لنسائهم »، و يقول النبي صلى الله عليه و سلم : « خلقت المرأة من ضلع أعوج فإن ذهبت تقيمه كسرته ، و إن استمتعت بها استمتعت بها على عوج »، و في المقابل خطاب للزوجات بالإحسان إلى أزواجهم و التقرب لله عز وجل بذلك و طاعة الأزواج ، يقول النبي صلى الله عليه و سلم : « إن المرأة إذا صلت خمسها وصامت شهرها وأدت فرضها وأطاعت زوجها دخلت جنة ربها »، في نصوص كثيرة يخاطب النبي صلى الله عليه و سلم به الزوجات ليحسنوا العشرة مع الأزواج.
*هذه المشكلة -مشكلة ما يحدث بين الزوجين من خصومات و سوء تفاهم- ينبغي بنا أن نتعرف لشيء من مظاهرها لنكون بذلك مدركين لأثر هذه المشكلة و بالتالي نتمكن من إيجاد الحل المناسب لها.
-أول مظاهر هذه المشكلة تلك الخصومات التي تحدث بين الزوجين، يرفع صوته و ترفع صوتها، ويتكلمان في بعضهما و يحدث من سوء الكلام ما لا يتناسب أن يكون بين متحابين متوادين بينهما رحمة و تعاطف، كذلك من آثار هذه المشكلة ومظاهرها هروب بعض الأزواج من بيوتهم، تجدهم يهربون إلى الاستراحات أو يهربون إلى مواطن عامة أو إلى مقاهي أو إلى غير ذلك من المواطن و ما ذاك إلا رغبة في التخلص من هذه المسألة -مسألة المشاكل الزوجية-.
ثم بعد ذلك من مظاهر هذه المشكلة تلك الحياة المنغصة بين الزوجين لا هناء ولا سعادة و كل منهما ينفر من الآخر، و قد ينتج عن ذلك كله فرقة بين الزوجين وطلاق غير محمود العواقب، ثم يحدث كذلك بسبب هذه الخصومات والمشاكل الزوجية استباحة كل واحد من الزوجين عرض الآخر، يتكلم الزوج بمعايب الزوجة وتتكلم الزوجة بمعايب الزوج، وقد حذر النبي صلى الله عليه و سلم من مثل هذا فقال: « إن من شر الناس الرجل يفضي إلى المرأة و تفضي إليه ثم ينشر سرها و تنشر سره «».
-كذلك من مظاهر و آثار هذه المسألة -مسألة المشاكل الزوجية- تدخل الآخرين بين الزوجين، هذا يتدخل وهذا يتدخل وهذا يتدخل فتكون بمثابة السفينة التي لها قُوَّادٌ كُثُرٌ كل منهم يعطي أمرا يخالف أمر الآخر فينتج غرق تلك السفينة، وحينئذ ينبغي بنا أن نتعرف على الأسباب المؤدية إلى هذه المشاكل من أجل أن نتفادها لتصلح حياتنا الأسرية وتكون العلاقة بين الزوجين على أكمل وجوهها.
*فمن الأسباب المؤدية إلى المشاكل الزوجية:
- أن الزوجين لا يراعيان في بناء بيت الزوجية مسألة التقرب لله عزوجل ، ينبغي لكل من الزوج و الزوجة أن يكون ساعيا إلى تحقيق مرضاة الله عزوجل من خلال المحافظة على بيت الزوجية ، بيت الزوجية من الأمور التي يتقرب بها العباد إلى ربهم جل و علا و لذلك فإن كل فعل يؤديه الزوج أو تؤديه الزوجة من أجل المحافظة على هذا البيت هو من القربات و أعمال الطاعات التي يؤجرون عليها متى نووا بها التقرب لله عزوجل، و لذلك ينبغي أن نراعي هذا الأمر ،الشريعة تتطلع إلى بناء الاسرة و بقائها و استمرارها و كونها سبب من أسباب السعادة ، و لذلك فإن كل فعل يؤديه الزوج أو تؤديه الزوجة أو يؤديه غيرهما يؤدي إلى استقرارالأسرة فإنه قربة من القربات التي يتقرب بها المؤمنون إلى ربهم جل و علا .
- كذلك من أسباب هذه المشكلة عدم احسان الاختيار بين الزوجين ، تجد الزوج لا يحسن اختيار الزوجة ، أو أن الزوجة تقبل بمن لا يكون مناسبا لها ، هناك معايير شرعية جاءت بها الشريعة فيما يتعلق بهذا الباب من جهة رغبة كل واحد منهما في تكوين هذه الأسرة على أسس سليمة ، فالزوج يحسن به أن يختار المرأة صاحبة الديانة ، صاحبة الخلق الفاضل لتربي أبناءه على أكمل الوجوه و لتكون معه على أحسن أنماط الحياة و هكذا المرأة ينبغي بها أن لا تختار إلا من يكون مناسبا لها فيما يتعلق بأمر التدين ، ما يتعلق بأمر الأخلاق ، زوج لا أخلاق أو زوجة بلا أخلاق حينئذ يحكم على بيت الزوجية بأنه بيت مضطرب،زوج بلا دين أو زوجة بلا دين إذا دخل معا في حياة الزوجية فإن البيت لن يستقرتمام الاستقرار، و لن يهنأ الزوجان تمام الهناء ، لأنهم حينئذ كل منهما ينظر ماذا سيأخذ من الآخر بخلاف ما إذا بنوا بيت الزوجية على التقرب لله عزوجل فإنهم حينئذ يتطلعون إلى الأجر و الثواب الإلهي الذي يعطيه الله جل و علا لهم .
- كذلك من أسباب المشكل الزوجية عدم اختيار الزوجين للكلام الطيب في الحديث بينهما ، عندما تتكلم المرأة بكلام رديء أو يتكلم الرجل بكلام سيء فحينئذ سيحضر الشيطان و يلقي بينهم العداوة و لذلك قال الله عزوجل : ﴿ وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوًّا مُبِينًا ﴾.
- كذلك من أسباب وقوع المشاكل بين الزوجين عدم احتمال كل واحد من الزوجين للأذى الحاصل من الآخر ، ما من إنسان إلا و عنده نقص ، ما من شخص إلا و لديه عيوب فإذا كان الزوجان لا يحتملان بعضهما ، فإنهم حينئذ لن يستقر و لن يهنأ في حياتهما الزوجية ، إذا كان الزوج كلما أخطأ عقبت عليه الزوجة و ذكرت عيبه ، و إذا كانت المرأة كلما أخطأت عنف عليها زوجها و ذكر معايبها عند الآخرين حينئذ لن تهنأ حياتهما و لن يكون هناك استقرار في الأسرة ، جاءت الشريعة في الترغيب في العفو عن أخطاء الآخرين و التجاوز عنها و ماذاك إلا لتستقر الحياة ، و خذ مثلا قول الله جل و علا –عن الجنة – ﴿ أعدت للمتقين ، الذين ينفقون في السراء و الضراء و الكاظمين الغيظ و العافين عن الناس و الله يحب المحسنين ﴾، فانظر كيف أثنى على أولئك الذين يغضون طرفهم عن معايب غيرهم و يحسنون إليهم مع إساءتهم إليهم
- كذلك من أسباب حصول المشاكل الزوجية عدم احترام المرأة لزوجها فيما يتطلع إليه من بقائها في بيت الزوجية ليتمكن من الاستمتاع بها ، فخروج المرأة بدون إذن و بدون مراعاة لحق الزوج يؤدي ذلك إلى حصول المشاكل الزوجية ، لأن الزوج إذا جاء إلى بيته يريد أن يستقر في هذا البيت و يهنأ بمرأة إذا شاهدتها عيناه سرته و كانت مثار اعجاب لديه بخلاف ما إذا كان عند قدومه للبيت يجد امرأة متعبة ، غير مرتاحة قد بذلت من أوقاتها فيما يعود عليها بالضرر و التعب، عندما تعود إلى بيتها لا تستقر و لا تهنأ لأنها غير مرتاحة في ذلك الوقت .
- كذلك من أسباب المشاكل الزوجية ظن الزوجة أنه لا حاجة لها إلى الزوج ، ذلك أنها ترى أن لديها مثلا المال ، أو ترى أن لديها القدرة و الامكانات أو الوظيفة العالية ، ثم بعد ذلك ترى أن الزوج من الكماليات فحينئذ تحدث المشاكل و يحدث خصام بين الزوجين ، و بالتالي لا بد من تعديل مثل هذه النظرة لتكون الزوجة عارفة بمكان زوجها ، عارفة بأهمية الحياة الزوجية لها ، إن استقرار المرأة لا يكون إلا في بيت الزوجية فعندما يكون هناك انفصال بين الزوجين و الطلاق تعرف المرأة أثر حياتها الزوجية عليها ، وجد عندها هم و غم و شعور بوحدة و فقدت ذلك التكامل و التعاون الحاصل في بيت الزوجية ، هذا شيء من أسباب المشاكل الزوجية و لعلنا بعد الفاصل القادم نتحدث عن بقية الأسباب و نتذاكر معا في طرق علاج المشاكل الزوجية بعد هذا الفاصل.................
* أهلا و سهلا و حياكم الله بعد هذا الفاصل، كان حديثنا في هذا اليوم عن المشاكل الزوجية ، ماهي الأسباب المؤدية إلى الخصومات بين الزوجين التي بسببها تتكدر حياة كل من الزوج و الزوجة و تتنغص معيشتهما و لا يرتاحان في جلوس و لا في منام و لا في عبادة و لا في أي حال ، كنا ذكرنا من الأسباب المؤدية إلى المشاكل الزوجية أن بعض الأزو اج لا يقصد بإقامة الحياة الزوجية التقرب إلى الله عزوجل و إنما ينظر إلى ما سيأخذه من الطرف الآخر و ما سيدفعه إليه كأن الحياة الزوجية شيء من المقايضة و بالتالي لا يرتاح كل من الزوجين ، هكذا أيضا من أسباب المشاكل الزوجية عدم احسان اختيار كل من الزوجين للآخر، كذلك من أسباب المشاكل الزوجية عدم احتمال الأذي الحاصل من أحد الزوجين ، كذلك من أسباب المشاكل الكلام الرديء ، الكلمة السيئة التي لا تتناسب أن يقولها محب لحبيبه ، هكذا أيضا خروج المرأة و عدم مراعاتها لحق زوجها بحيث تخرج أوقاتا عديدة بدون استئذان من هذا الزوج و كذلك ، من أسباب المشاكل الزوجية ظن بعض الأزواج اغتناؤهم عن الزوج الآخر ، فيظن الزوج أنه غني عن الزوجة ، و تظن الزوجة أنها غنية عن الزوج فيحدث الشقاق و الخصام لأن كل واحد منهم يرى أنه غير محتاج للآخر ، بينما الصواب أن كل واحد منهما يكمل الآخر و يحتاج إليه و ينبغي به أن يراعي عاطفته لتكمل حياته.
-هكذا أيضا من أسباب المشاكل الزوجية التركيز على الأخطاء و تضخيم تلك الأخطاء و بالتالي تحدث الخصومات بين الزوجين ، ينبغي لكل من الزوج و الزوجة أن لا يكون نظره قاصرا ينظر إلى جزء واحد و جزء معين و يترك تلك الأجزاء الكثيرة المتعددة التي هي محاسن في الطرف الآخر ، « لا يفرك مؤمن مؤمنة إن سخط منها خلقا رضي منها آخر ».
- كذلك من أسباب المشاكل الزوجية تلك الوساوس و الشكوك التي يضعها الإنسان في ذهنه تجاه الطرف الآخر بمجرد احتمالات غير مستندة إلى دليل ، وجد مكالمة غيرمعروفة المصدر فبدأت الشكوك و الظنون الخاطئة الظالمة تحك في رأس كل واجد من الزوجين فنتج عن ذلك الخصام و الشقاق، هذه الغيرة المفرطة التي بدون سبب غير محمودة العواقب و لذلك كون الزوجين بينهما غيرة هذا معناه أن كل واحد من الزوجين يحب الزوج الآخر لكن عندما تزيد هذه الغيرة عن حدودها المعتادة و تبتدئ تصل إلى مواطن الشك و مواطن الريبة فحينئذ يقع أول طريق إلى المشاكل الزوجية.
- هكذا أيضا من أسباب المشاكل بين الزوجين أن يبدأ الزوج بالمقارنة بين زوجته و النساء الأخريات خصوصا في عصرنا هذا الذي وجد فيه مساهمة من الوسائل الاعلامية في عرض النساء بأبهى صورة و أجمل شكل مما يجعل بعض الأزواج يزهد في زوجته و هو وراء امرأة في حال كمال جمالها ، في حال بذلها من نفسها أعلى الأسباب التي تجعلها على أكمل الصور و نسي أن ينظر إلى بقية الحلقة التي في تلك المرأة ما أخلاقها ، ما صفتها ، ما طريقتها في حديثها ، ماهي أمانتها ، ماهي ديانتها ، هل يأمن لمثل هذه المرأة أن تكون زوجة له و حينئذ ينبغي به إذا قارن بين زوجته و بين النساء الأخريات أن لا يقارن فيس جزء واحد و يترك تلك الاجزاء الكثيرة التي عند امرأته مماهي صور مشرقة يسر بها ، ذهاب الانسان من بيته إلى عمله و هو مستقر الخاطر ’ آمن على ما في بيته هذا خير من امرأة جميلة لا يدري ماذا تفعل بعده.
- و كذلك من أسباب المشاكل الزوجية عدم قيام بعض الأزواج بالنفقة على زوجته أو النفقة على أبنائه و هذا من كبائر الآثام و هو نوع من الظلم و قد قال النبي صلى الله عليه و سلم « كفى بالمرء إثما أن يضيع من يقوت » ، من أسباب المشاكل الزوجية تبرم أحد الزوجين عند قيامه بالواجبات المنوطة به تجاه الزوج الآخر ، هو صحيح يقوم بالواجب و يؤديه لكنه يؤديه بتبرم و بتسخط أو يمن على الطرف الآخر لكونه فعل ما فعل من الواجب.
- كذلك من الأسباب المؤدية للمشاكل الزوجية إذا كان عند الزوج أكثر من زوجة ثم لم يعدل بينهن فإن هذا يؤدي إلى خصومات و شقاق بينه و بين زوجته
هذا شيء من الأسباب المؤدية إلى المشاكل الزوجية نريد أن نتباحث في طرق العلاج التي يحصل بها اسقرار البيت الزوجي و يحصل بها السكن بين الزوجين:
*فأول الوسائل: حسن اختيار الزوجين لبعضهما يقول النبي صلى الله عليهو سلم : « تنكح المرأة لمالها و لجمالهاو لحسبهاو لدينها فاظفر بذات الدين »، و يقول صلى الله عليه و سلم: « إذا أتاكم من ترضون دينه و خلقه فزوجوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض و فساد عريض ».
*هكذا أيضا من الأمور المؤدية إلى نفي المشاكل الزوجية أن لا يرغم أحد الزوجين على الزواج بالآخر ، إذا حصل الرضى التام بين الزوجين لزواجهما فإن هذا من أسباب تحصيل السعادة الزوجية
* كذلك من طرق العلاج المشاكل الزوجية صبر الزوجين على بعضهما ، و احتساب الأجر في ذلك عند الله عزوجل ، إذا كان هناك فترة ضيق و حرج عند أحد الزوجين ، يمر بالزوج ظروف معينة فتتغير أخلاقه قليلا ، لا ينبغي أن تزيد الزوجة على زوجها الحالة سوءا بسوء خلقها معه نتيجة كونه تغير ت أخلاقه ، و هكذا إذا مرت بالمرأة ظروف إما حيض ، إما حمل ، أما وحم و نحوذلك فلا ينبغي بالزوج أن يقابل تلك الأخلاق المتغيرة عند زوجته بأخلاق تماثلها فتحدث المشاكل الزوجية و تتفاقم.
*كذلك من طرق علاج المشاكل الزوجية الموازنة بين المحاسن و المساوئ لا يكون الانسان أعور العين يرى جانبا و يغفل جوانب أخرى ، و هكذا من أسباب نفي المشاكل الزوجية غض الزوجين أبصارهما عن النظر الآخرين ، فيقنع كل واحد منهم بالآخر و لا يصبح يقارن بين صاحبه و بين الآخرين.
*و من أسباب و من طرق دفع المشاكل الزوجية أن تكون المرأة قائمة بحقوق زوجها على أكمل الوجوه ، طائعة له وأن يكون الزوج أيضا قائما بحقوق الزوجية يبذلها بطيب نفس بدون تمنن و لا تبرم و لا تسخط و إنما يبذلها و هو مرتاح ، يتقرب بذلك لله جل و علا .
*هكذا أيضا من أسباب درء المشاكل الزوجية ، اختيار كل واحد منهما للأخلاق الفاضلة الطيبة عند التعامل مع الزوج الآخر .
* و كذلك من درء المشاكل الزوجية بقاء المرأة في بيت زوجها لا تخرج منه إلا بإذنه للحوائج التي لا بد لها منها ، و لا يحسن بالزوج إذا استأذنت زوجته للخروج غلى أمر تحتاج إليه أن يمنعها ، و إنما يتقرب لله عزوجل بالتعاون معها في الإذن لها.
* هناك طرق شرعية جاءت الشريعة في علاج المشاكل الزوجية : ﴿ و اللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن و اهجروهن في المضاجع و اضربوهن ﴾ ثم في الآية التي بعدها: "فإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما من أهله و حكما من أهلها إ، يريد اصلاحا يوفق الله بينهما ﴾، ثم في الآية الأخرى : ﴿ و إن امراة خافت من بعلها نشوزا أو اعراضا فلا جناح عليهما أن يصلحا بينهما صلحا و الصلح خير ﴾.
* إذن شريعتنا شريعة كاملة واضحة حاولت أن تقوم الأسرة و أن تجعلها على أكمل وجوهها لتكون أسرة هانئة سعيدة و من هنا فينبغي بنا أن نتدارس سيرة النبي صلى الله عليه و سلم و كيفية تعامله مع زوجاته رضي الله عنهن لتكون بيوتنا على أكمل الوجوه نقاء و صفاء و محبة و سعادة ، أسأل الله جل و لعا وأن يسعدكم في حياتكم و أن يجعلكم أزواجا هانئين ، هذا و الله أعلم و صلى الله لعى نبينا محمد و على آله و صحبه أجمعين