ثمرات التدوين من مسائل ابن عثيمين
.
بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة :
الحمد لله الذي جعل في كل زمان فترة من الرسل بقايا من أهل العلم ، يدعون من ضل إلى الهدى ، ويصبرون منهم على الأذى ،
يحيون بكتاب الله الموتى ، ويبصرون بنور الله أهل العمى . فكم من قتيل لإبليس قد أحيوه ! وكم من ضال تائه قد هدوه ! فما أحسن أثرهم على الناس ،
وأقبح أثر الناس عليهم ! ينفون عن كتاب الله تحريف الغالين ، وانتحال المبطلين ، وتأويل الجاهلين .
وقد كان شيخنا ( محمد بن صالح العثيمين ) رحمه الله ، من أئمة الهدى ، ومصابيح الدجى ، والأبدال المجددين الذين علا نجمهم ،
واشتهر فضلهم وذكرهم على رأس القرن الخامس عشر الهجري . وظل مناراً شامخاً للعلم ، والدعوة ، والفتيا ، والتصنيف والنفع العام والخاص ،
وظل كذلك مفتاحاً للخير ، مغلاقاً للشر ، حتى وافاه الأجل المحتوم في منتصف شهر شوال من عام واحد وعشرين و أربعمائة وألف ،
رحمه الله رحمة واسعة . وقد ترك من بعده تراثاً علمياً واسعاً من المصنفات ، والمسموعات ، لا يزال صداها يتردد في جوانب المعمورة .
وكان من فضل الله عليَّ أن اتصلت أسبابي بأسبابه ، بحكم المنشأ ، في مدينتنا ( عنيزة ) ، ثم شرعت في ملازمة دروسه عام ألف وأربعمائة .
ولم أزل على صلة بها إلى وفاته ، رحمه الله . إضافةً إلى تدريسه لدفعتنا في كلية الشريعة وأصول الدين ، مادة الفقه ، أربع سنين متصلة .
وإلى جانب الدروس العامة ، كانت تجمعني بفضيلته لقاءات متعددة ؛ راتبة ، وطارئة ، من أهمها :
1.اجتماع مجلس إدارة جمعية تحفيظ القرآن الكريم الخيرية بعنيزة ، ليلة الاثنين ، من كل أسبوعين ، فقد كنت عضواً ، ثم نائباً له بضع سنين .
2.الدرس الخاص بنخبة من طلبته ، نحو العشرة ، كل ليلة سبت ، حيث استقر بنا الحال على قراءة كتاب الكافي في فقه الإمام أحمد ،
لموفق الدين ، ابن قدامة . وظل الدرس قائماً إلى قرب وفاته ، رحمه الله .
وكنت أسأله ، خلال هذه السنوات ، عما يعِنُّ لي من مسائل ، وما يُحمِّلني بعض الناس من استفتاءات لفضيلته .
ثم بدا لي أن أدوِّن ما أسمع منه من أجوبة ، لأرجع إليها عند الحاجة ، فشرعت في التقييد في النصف من سنة سبع عشرة ، وأربعمائة وألف ،
وليتني تقدمت ! ولم يدر بخلدي ، حينذاك ، إلا أني أكتبها لنفسي . فاجتمع لي على مر السنوات الأربع الأخيرة من عمره المبارك
جملة طيبة من المسائل ، بلغت نحواً من ستمائة مسألة .
وأما طريقتي في التدوين، فهي أن أهيئ جملةً من المسائل التي أشكلت علي، أو أوصاني بعض الناس بسؤاله إياها ، فأطرحها عليه في المجلس الواحد،
ثم أكتب الجواب؛ إذ الغالب أنها أجوبة مختصرة ، بعبارات محددة . وربما سمعت في ذات المجلس أسئلةً من إخواني طلبة العلم ،
فأقيد السؤال والجواب.
وأما الإجابات الطويلة، فإني أقوم بتسجيلها صوتياً . فإذا عدت إلى المنزل ، بادرت بفتح صفحة جديدة ، وجعلت أعلاها البسملة ،
ثم في يمين السطر العلوي ذكر الزمان ، وفي يساره ذكر المكان ، ثم بيضت ما قيدت في المجلس ، وأسندت كل سؤال إلى ملقيه ،
إن وجد ، كما في النموذج المرفق ، لأول صفحة من هذه المدونات ، وآخر صفحة . فبلغ مجموع الصفحات مائتين وعشر صفحات في الأصل .
وقد ظللتُ أرجع إلى هذه الأجوبة المفيدة ، أستنير بفقه شيخنا في مختلف النوازل المماثلة ، والمشابهة ، في حياته ، وبعد وفاته .
ولما اطلع عليها بعض إخواني من طلبة العلم ، دعاني إلى إخراجها ، ونشرها ، لتعم بها الفائدة . فاستخرت الله تعالى في ذلك ، نشراً للعلم ، وتعميماً للنفع .
فقمت بمراجعتها ، وتخريج أحاديثها ، والتعليق على بعض المواضع ، وتصنيفها على أبواب الفقه المعروفة ، ليسهل الرجوع إليها ، والبحث فيها ، وسميتها :
( ثمرات التدوين من مسائل ابن عثيمين )
.
بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة :
الحمد لله الذي جعل في كل زمان فترة من الرسل بقايا من أهل العلم ، يدعون من ضل إلى الهدى ، ويصبرون منهم على الأذى ،
يحيون بكتاب الله الموتى ، ويبصرون بنور الله أهل العمى . فكم من قتيل لإبليس قد أحيوه ! وكم من ضال تائه قد هدوه ! فما أحسن أثرهم على الناس ،
وأقبح أثر الناس عليهم ! ينفون عن كتاب الله تحريف الغالين ، وانتحال المبطلين ، وتأويل الجاهلين .
وقد كان شيخنا ( محمد بن صالح العثيمين ) رحمه الله ، من أئمة الهدى ، ومصابيح الدجى ، والأبدال المجددين الذين علا نجمهم ،
واشتهر فضلهم وذكرهم على رأس القرن الخامس عشر الهجري . وظل مناراً شامخاً للعلم ، والدعوة ، والفتيا ، والتصنيف والنفع العام والخاص ،
وظل كذلك مفتاحاً للخير ، مغلاقاً للشر ، حتى وافاه الأجل المحتوم في منتصف شهر شوال من عام واحد وعشرين و أربعمائة وألف ،
رحمه الله رحمة واسعة . وقد ترك من بعده تراثاً علمياً واسعاً من المصنفات ، والمسموعات ، لا يزال صداها يتردد في جوانب المعمورة .
وكان من فضل الله عليَّ أن اتصلت أسبابي بأسبابه ، بحكم المنشأ ، في مدينتنا ( عنيزة ) ، ثم شرعت في ملازمة دروسه عام ألف وأربعمائة .
ولم أزل على صلة بها إلى وفاته ، رحمه الله . إضافةً إلى تدريسه لدفعتنا في كلية الشريعة وأصول الدين ، مادة الفقه ، أربع سنين متصلة .
وإلى جانب الدروس العامة ، كانت تجمعني بفضيلته لقاءات متعددة ؛ راتبة ، وطارئة ، من أهمها :
1.اجتماع مجلس إدارة جمعية تحفيظ القرآن الكريم الخيرية بعنيزة ، ليلة الاثنين ، من كل أسبوعين ، فقد كنت عضواً ، ثم نائباً له بضع سنين .
2.الدرس الخاص بنخبة من طلبته ، نحو العشرة ، كل ليلة سبت ، حيث استقر بنا الحال على قراءة كتاب الكافي في فقه الإمام أحمد ،
لموفق الدين ، ابن قدامة . وظل الدرس قائماً إلى قرب وفاته ، رحمه الله .
وكنت أسأله ، خلال هذه السنوات ، عما يعِنُّ لي من مسائل ، وما يُحمِّلني بعض الناس من استفتاءات لفضيلته .
ثم بدا لي أن أدوِّن ما أسمع منه من أجوبة ، لأرجع إليها عند الحاجة ، فشرعت في التقييد في النصف من سنة سبع عشرة ، وأربعمائة وألف ،
وليتني تقدمت ! ولم يدر بخلدي ، حينذاك ، إلا أني أكتبها لنفسي . فاجتمع لي على مر السنوات الأربع الأخيرة من عمره المبارك
جملة طيبة من المسائل ، بلغت نحواً من ستمائة مسألة .
وأما طريقتي في التدوين، فهي أن أهيئ جملةً من المسائل التي أشكلت علي، أو أوصاني بعض الناس بسؤاله إياها ، فأطرحها عليه في المجلس الواحد،
ثم أكتب الجواب؛ إذ الغالب أنها أجوبة مختصرة ، بعبارات محددة . وربما سمعت في ذات المجلس أسئلةً من إخواني طلبة العلم ،
فأقيد السؤال والجواب.
وأما الإجابات الطويلة، فإني أقوم بتسجيلها صوتياً . فإذا عدت إلى المنزل ، بادرت بفتح صفحة جديدة ، وجعلت أعلاها البسملة ،
ثم في يمين السطر العلوي ذكر الزمان ، وفي يساره ذكر المكان ، ثم بيضت ما قيدت في المجلس ، وأسندت كل سؤال إلى ملقيه ،
إن وجد ، كما في النموذج المرفق ، لأول صفحة من هذه المدونات ، وآخر صفحة . فبلغ مجموع الصفحات مائتين وعشر صفحات في الأصل .
وقد ظللتُ أرجع إلى هذه الأجوبة المفيدة ، أستنير بفقه شيخنا في مختلف النوازل المماثلة ، والمشابهة ، في حياته ، وبعد وفاته .
ولما اطلع عليها بعض إخواني من طلبة العلم ، دعاني إلى إخراجها ، ونشرها ، لتعم بها الفائدة . فاستخرت الله تعالى في ذلك ، نشراً للعلم ، وتعميماً للنفع .
فقمت بمراجعتها ، وتخريج أحاديثها ، والتعليق على بعض المواضع ، وتصنيفها على أبواب الفقه المعروفة ، ليسهل الرجوع إليها ، والبحث فيها ، وسميتها :
( ثمرات التدوين من مسائل ابن عثيمين )
وقد انتدب لها بعض الأفاضل من طلابي ، وعلى رأسهم الأستاذ الأديب : عبدالرحمن بن صالح المذن ، وفقه الله ، فاعتنى بكتابتها على الحاسوب ،
وإخراجها بالشكل اللائق ، فجزاه الله خيراً على ما بذل من جهد ، ووقت ، وسائر إخوانه ، وجعلهم شركاء في الأجر والمثوبة .
وأحسب أن في هذه الضميمة من المسائل العلمية المزايا التالية :
أولاً : إحياء طريقة السلف المتقدمين في إلقاء المسائل القصيرة ، على العالم مشافهة ، وتقييدها كتابةً ، كما صنع ذلك جمع من المتقدمين .
ومن أمثلة ذلك :
مسائل عبدالله بن الإمام أحمد لأبيه ، ومسائل إسحاق بن منصور ، الكوسج ، للإمام أحمد، و إسحاق بن راهويه ،
وغيرها من المرويات في الفقه ، والاعتقاد ، والحديث ، ورجاله . وهي الطريقة التي تم بها ضبط أصول المذاهب الفقهية ، ونقد المرويات الحديثية .
ثانياً : تناول هذه المسائل لكثير من النوازل التي جدَّت ، وحدثت للناس في السنوات الأخيرة ، ومعرفة رأي عالم معتبر ،
وفقيه مدقق مواكب للمستجدات ، حيالها .
ثالثاً : كونها شغلت الفترة الأخيرة من عمر شيخنا المبارك ، مما يكشف عن آخر قوليه فيما يحفظ عنه فيه قولان.
رابعاً : تضمنها لمناقشات علمية ، وحوارات مع خاصة طلبته ، تكشف عن مسائل دقيقة ، ومباحث علمية ،
لا تتأتى في بعض الفتاوى العامة ،
وتبرز عمق فقهه ، وسرعة بديهته ، حيال الإيرادات المتنوعة التي تلقى عليه .
فدونك ، أيها القارئ الكريم ، ويا طالب العلم اللبيب ، غنيمةً باردة ، من فتاوى محررة ، ومسائل مرتبة ، مرقمة ، مؤرخة ، إلا ما ندر ،
في موضوعات شتى ، ونوازل يعرض لك أمثالها صباح ، مساء . أسأل الله أن يجعل هذا العمل خالصاً لوجهه ، نافعاً لعباده ،
وبراً ، وصلةً ، ووفاءً ، لشيخي الكريم ، جمعني الله به ، ووالدي ، وذريتي، مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين ، والصديقين ، والشهداء ، والصالحين ، وحسن أولئك رفيقاً .
والحمد لله رب العالمين .
كتبه :
د. أحمد بن عبدالرحمن بن عثمان القاضي
عنيزة . في غرة رجب 1426
وتبرز عمق فقهه ، وسرعة بديهته ، حيال الإيرادات المتنوعة التي تلقى عليه .
فدونك ، أيها القارئ الكريم ، ويا طالب العلم اللبيب ، غنيمةً باردة ، من فتاوى محررة ، ومسائل مرتبة ، مرقمة ، مؤرخة ، إلا ما ندر ،
في موضوعات شتى ، ونوازل يعرض لك أمثالها صباح ، مساء . أسأل الله أن يجعل هذا العمل خالصاً لوجهه ، نافعاً لعباده ،
وبراً ، وصلةً ، ووفاءً ، لشيخي الكريم ، جمعني الله به ، ووالدي ، وذريتي، مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين ، والصديقين ، والشهداء ، والصالحين ، وحسن أولئك رفيقاً .
والحمد لله رب العالمين .
كتبه :
د. أحمد بن عبدالرحمن بن عثمان القاضي
عنيزة . في غرة رجب 1426