خزانة الربانيون

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

    العلامة ابن غديان منبر العلم ومحراب العبادة (1/2)

    avatar
    أبو عمر عادل
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 363
    العمر : 67
    البلد : مصر السنية
    العمل : أخصائي اجتماعي
    شكر : 1
    تاريخ التسجيل : 29/06/2008

    الملفات الصوتية العلامة ابن غديان منبر العلم ومحراب العبادة (1/2)

    مُساهمة من طرف أبو عمر عادل 28.06.10 22:14

    شبكة الألوكة / حضارة الكلمة / ثقافتنا / سير وتراجم وأعلام
    العلامة ابن غديان منبر العلم ومحراب العبادة (1/2)
    الدكتور سعد بن مطر العتيبي

    مقالات متعلقة

    تاريخ الإضافة: 20/6/2010 ميلادي - 8/7/1431 هجري زيارة: 510


    نسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات



    النص الكامل تكبير الخطالحجم الأصليتصغير الخط
    شارك وانشر
    العلامة ابن غديان.. منبر العلم ومحراب العبادة
    وشيخ النقل والعقل والرأي والفكر
    (1/2)

    الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله.. أما بعد:

    إنَّ الحديث الوافي عن الكبار عسير.. غير أنَّ سيرتهم لا تخلوا من منارات للمستهدين، ودوافع خير للراغبين.. ومن ثم فالحديث عنهم مهما قلّ، يكشف للأجيال أمثلة معاصرة من رموز الصلاح والتقى والعلم، ويجعل شواهد بعض ما يقرؤون من سير الأعلام النبلاء ما ثلة للعيان، كما يرسم للأجيال منطلقات جِدّ، وقدوات عمل، بعيداً عن النعي المذموم..

    من هنا كان حديثي عن هذا العلم الكبير..



    التقيته في صغري وفي دار الإفتاء وفي مسجدها مراتٍ، وكنت في بعضها غير مرتاح.. نعم! ولكن كم هي الفروق بين انطباعات البعيد وقناعات القريب! لكأنَّها فرع عن الفروق بين انطباعات من يُنظّر في الذِّهن، وقناعات من يطبّق في الميدان! بل لكأنها قناعات من يسمع – حقا وباطلا – ومن يرى الحقائق رأي العين! فما راءٍ كمن سمعا.. وكيف يكذِّب عينه من رآى بها!



    نعم! التقيته، ولم أكن أعلم حينها حقيقة: أنني كنت أمام منبرِ علمٍ نادر، ومحراب عبادة عتيق، وعقل في الرأي ثاقب، وزهدٍ في الدنيا عجيب، هكذا أحسبه ولا أزكي على الله أحدا.. تلك الصفات هي الحقيقة التي يشهد بها العارفون له..



    ذلكم هو شيخ عدد من شيوخي، وشيخي الذي أفدت منه كثيراً كثيراً.. إنَّه الشيخ الفقيه الأصولي الزاهد العابد العلامة / عبد الله بن عبد الرحمن بن عبد الرزاق بن قاسم آل غديان، المولود عام 1345 هـ في مدينة الزلفي، من ديار نجدِ جزيرة العرب. و يرجع نسبه إلى آل محدث من بني العنبر من بني عمرو بن تميم؛ ويرجع نسب أمَّه إلى آل راشد من عتيبة، من قبيلة هوازن.



    نعم لم أكن أعلم حينها بعض تلك الصفات آنفة الذكر - لشيخنا العلامة عبد الله بن غديان - فضلاً عن جلِّها، إلا بعد أن خالطته مخالطة التلميذ شيخَه، وجلست بين يديه (دارساً) في المعهد العالي للقضاء، وطالباً في حلقة الدرس بالمسجد، أو زائراً في استشارة علمية أو شخصية، أو سامعا لاستشارة تصدر منه في جوابِ حاضرٍ أو متحدثٍ في هاتف، ومتتبعاً لبعض خبره تتبع المحب له و المعجب بصفاته تلك، التي قلَّ أن تجتمع في عالم يشار إليه بالبنان فضلاً عن غيره.. وتلك الصفات التي ذكرتها من قبل، ليست إلا منطلقات هادية إلى طريق الحديث عن بعض ما يفيد الجيل من سيرته، ولذا جعلتها محور هذا الحديث - الموجز - وهذه النتف عنه!



    1) أمَّا الزهد في الدنيا، فسأجمل الحديث فيه؛ لأنَّ فيه من الخفايا والأسرار ما لا يكاد يُصَدَّقُ فيه من تَحَدَّث، ولذا فلن أتحدث عن تفاصيل قصة الشيك الذي كتبه الشيخ رحمه الله في أواخر حياته لدائنه (الذي يعرف الشيخ وزهده)، ولا كيف أعلم الدائنُ الشيخَ فيما بعدُ: أنه شيك بلا رصيد! فما كان من الشيخ إلا أن قال: تجده إن شاء الله.. قريبا ينزل الراتب! بينما الظنّ بمثل حاله عند من لا يعلمه أنَّ رصيد مثله لا ينضب!



    ولن أتحدث عن تفاصيل قصة الراتب الذي وعد به الشيخ دائنَه! فهو راتب منقوص! تسترد منه الدولة نسبة التقاعد، مع أن صاحبَه يستحق الراتب كاملاً - بحسب الأنظمة - منذ أربعة وعشرين عاما تقريبا!



    ولن أتحدث عن تفاصيل امتلاك الشيخ دارته، التي لم يمتلكها ملكاً خالياً من الدين، إلا قبل وفاته بثلاث سنين أو تزيد قليلا!



    ويكفيك من ذلك كلّه أن تعلم أن الشيخ رحمه الله لا يظهر عليه شيء من التمظهر بالزي المتميز الذي يحرص عليه بعض طلبة العلم، فضلاً عن أقرانه من كبار العلماء الأجلاء، حتى إنَّه لا يمكنك معرفته حين تراه رأي العين، إلا أن تكون قد عرفتَه من قبل، أو أن يُعلمك من يعرفه بأنه هو! وكم سأله سائل عن نفسه قائلاً له: أين الشيخ ابن غديان؟ فيجيب الشيخ بكل تواضع: وصلت، وش تبي منه؟ وش عندك؟



    وكم سألني في مسجده من شخصٍ: أين الشيخ ابن غديان؟ قالوا لي إنه إمام مسجد الإفتاء؟.. والشيخ واقف يؤدي السنة القبلية أو البعدية! أو يأتي داخلا المسجد، ويتقدم ليصلي بالناس؛ فتجد نظرة التعجب في عين الباحث عنه! وكأنه يقول: أهو هو يا ترى؟ بل منهم من انتظر حتى انتهينا من الصلاة فاتجه إلى الشيخ يسأله مستبعداً أن يكون هو: أين الشيخ ابن غديان؟



    2) وأمَّا العبادة، فسأجمل الحديث فيها أيضاً؛ لأنَّني اكتشفت أنني لا أعلم عنها إلا القليل، وقد علمت أنني إنَّما أدركته – منذ عام ثلاثة عشر وأربعمائة وألف - بعد أن ضعف جسمه عن القيام بما كان يقوم به من العبادة من قبلُ! بسبب عوارض صحية، كان أثرها عليه ظاهراً في صلاته، مما قد يستغربه بعض من لم يعرف عذرَه، وهذا يذكرني بقصة مالك رحمه الله وسدله يده في الصلاة بسبب ما جرى له..



    ومما رأيته من عبادته:

    ♦ كثرة قراءته للقرآن الكريم، وعنايته به قصدَ التدبّر؛ وقد أرشدني رحمه الله إلا تقسيم مصحفي (طبعة الشمرلي)، على نحو تقسيم ما يعرف بـ(المصحف الباكستاني) الذي يرسم بالحرف الأردي؛ لأنَّ كلّ ربع حزبٍ (ثمن جزء) منه يتضمن قسمين يطلق على كلٍ منها ركوعا، فالربع فيه ركوعان، وأنَّ تقسيمهما أقرب إلى التقسيم الموضوعي الذي يفيد في التدبّر، كما يقول رحمه الله! وأنه مقسّم للسير عليه في إمامة الناس في الصلاة الجهرية.



    وقد أوتي الشيخ رحمه الله خفة لسان في القراءة؛ فهو سريع القراءة.. وقد قدرت له قراءة سورة الدخان بقراءة سورة الفجر عند غيره - ممن لم يعتد السرعة في القراءة - تقريبا؛ وهي سرعة لا تكاد تشعر بها، لولا انقضاء قراءته سريعا.. وقد حدثني ابن الشيخ عبد الله الشيخ الدكتور محمد أنَّه خرج مع الشيخ في سفر إلى الطائف بالسيارة، فما إن خرج من البنيان حتى قال: تقضب لي أبي أقرأ؟ قال: فبدأ بالفاتحة ودخلنا الطائف وهو في آخر الختمة! قرابة سبع أو ثمان ساعات! وله في هذا الأمر أخبارٌ أخرى.



    وقد قال لي الشيخ صالح المرشد (الواعظ العابد) رحمه الله ذات مساء - بعد أن سألني آنذاك عن الدروس التي أحضرها -: هل صليت خلف ابن غديان؟ قلت: نعم! فقال معترضاً على سرعته: الله يهديه يسرع في القراءة؟ سمعته قرأ خمسة أجزاء في ساعة! ولا أدري كيف؟ أنا يا الله أقرأ أربعة أجزاء في الساعة! هكذا قال رحمه الله!



    قلت: رحمكما الله! يا له من جيل تشبّع بحب القرآن؛ فتلاه لله! ولم يعرف جوائز حفظ، ولا تشجيع أفراد ولا مؤسسات؛ وإنَّما هو اليقين بعظمة القرآن وبركته على صاحبه دنيا وأخرى.. ومن اعتاد السرعة في تلاوة القرآن في المواسم – كشهر رمضان وعشر ذي الحجة ولا سيما يوم عرفة الذي ربما ختم الشيخ رحمه الله فيه ختمة كاملة أو تزيد - خفّ لسانه بالقرآن حتى يعان على تلاوته آناء الليل وأطراف النهار، وليس ذلك إعراضاً منهم عن السنة، وإنَّما هو أثر من آثار عنايتهم بالمواسم ومراعاة فضائل الزمان والمكان وحرصهم على قيام الليل والله تعالى أعلم.. وتلك عادة ذلك الجيل، ورحم الله الوالد فقد كان يتلو القرآن على كل حال، في المنزل، و المسجد، وفي الطريق ماشيا، والسيارة راكبا!



    ♦ ومما رأيته من صلاة الشيخ رحمه الله: كثرة صلاته للنوافل، مع عنايته بالسنن الراتبة، قبلية وبعدية، وبصلاة الليل، وله في بدء وقتها رأي، وكان رحمه الله قبل بضع سنوات يصلي راتبة العشاء، ثم يصلي ما تيسر له فيما يقارب الأحد عشر أو الثلاثة عشر ركعة ويدعو في الوتر، ونحن ننتظره في مجلس الدرس، ثم ينصرف إلينا ويبدأ الدرس حتى وقتٍ متأخرٍ ولا سيما في فصل الصيف، واستمرّ على ذلك مدّة، ثم صار يصلي الليل في المنزل شأنه في غير أيام الدرس.



    وقد حدثني عنه ابنه د. محمد بارك الله فيه ونفع به: أنَّهم كانوا ينصرفون من صلاة الفجر يوم الجمعة زمن الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله، ثم يتسابقون بعد الصلاة لحجز أماكنهم لصلاة الجمعة في الصف الأول ويكون غالبيتهم قد ختموا القرآن قبل الآذان الثاني وكان الواحد منهم يعيب على من يراه يقرأ في المصحف. أهـ ما ذكره الشيخ محمد حفظه الله نقلاً عن الشيخ عبد الله رحمه الله.



    وحدثني الشيخ د. محمد – أيضاً - أنَّه كان يذهب بالشيخ إلى المسجد بعد ذلك في الساعة التاسعة تقريباً ويشرع الشيخ بصلاة النافلة إلى حين دخول الخطيب، فيجمع في هذه العبادة أفاضلها وهي: الصلاة، وقراءة القرآن، والدعاء، والذكر.. وهذه عبادة مأثورة عن صالح سلف الأمَّة، ولربما قرأ في بعض أوقاته في مثل هذه الصلوات ما يتراوح ما بين ثلث القرآن ونصفه. ثم لمّا اشتدّ به المرض (الذي امتدّ سبع سنين) وأعجزه عن الذهاب مبكراً صار يذهب بعد ذلك شيئاً فشيئاً، حتى صار يتأخر لتضرره، رحمه الله وعظّم مثوبته. أهـ ما ذكره الشيخ محمد حفظه الله.



    قلت: والله لكأني أرى في هذا السلوك سلوك الوالد في صحته ومرضه! رحمهم الله وأجزل مثوبتهم! فيا له من جيل عرف قدر العبادة، وما أشغلته الدنيا عن الآخرة..



    لقد بلغ من تعظيمهم للقرآن ما لا يعبّر عنه إلا قول الله تعالى: ﴿ ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ ﴾؛ فلقد رأيته أثناء خروجنا من الدرس يتوقف عند حامل مصحف، ويأخذ أحد المصاحف المنكوسة عليه ويجعل وجه المصحف إلى الأعلى! بينما تجد بعض الناس يضع المصحف على الأرض ويقرأ فيه وهو على تلك الحال! محتجا بفتوى في جواز ذلك! وكأنَّ فتوى الجواز عند من يجيز تتعارض مع تقوى القلوب! ولكنه الجهل بقدر التعظيم، والغفلة عن الفروق بين فتوى العامة وسلوك الخاصّة وما يصاحبه من نية التعبّد والتربية..



    بل لقد كان الشيخ رحمه الله يأتي لحلقة الدرس في المسجد، والطلاب قد أخذوا مقاعدهم، والكتب المتراكمة بين أيديهم تكاد تسد طريق الشيخ إلى مجلسه؛ فيأتي الشيخ يتخلل بين الكتب خشية أن يعلو شيئاً منها بقدمه أو حتى طرف ثوبه!!



    وله في برّ أمِّه أخبار، قال فيها ابنه الشيخ د.محمد حفظه الله إنَّها: " أخبار لا يصدقها إلا من وقف عليها بنفسه، أو حدثه بها الشيخ - رحمه الله - ولقد كان من مواقفه العجيبة، وبرّه بأمِّه بأن اختاره سماحه الشيخ: ابن باز - رحمه الله - ليرافقه إلى المدينة النبوية عندما كُلِّف نائباً لرئيسها سماحه الشيخ: محمد بن إبراهيم - رحمه الله - فقال الشيخ عبدالله - رحمه الله - أنا القائم بشؤون والدتي وأرى من المصلحة أن تبقى في الرياض، فقبل سماحه الشيخ: ابن باز - رحمه الله - اعتذاره وأوصاه خيراً بأمِّه. فهل نعجب من عذر الشيخ: عبدالله أو من قبول عذره من سماحه الشيخ: ابن باز - رحمة الله على الجميع -".



    وأكتفي بهذا إلى حين المقالة الثانية إن شاء الله تعالى.

    نسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات


    مقالات ذات صلة

    * رسالة الشيخ الغديان رحمه الله في كيفية فهم القرآن
    * رحم الله الشيخ ابن غديان
    * مواقف من حياة الفقيد العلامة الغديان رحمه الله
    * ابن غديان.. أي قرح عظيم مسنا!
    * قصة الشيخ ابن غديان وملايين الأمير عبدالعزيز بن فهد
    * وتوالى تساقط النجوم
    * في رثاء شيخنا العلامة ابن غديان (رحمه الله)
    * رحل أحد رؤوس مثلث علم الأصول


    مختارات من الشبكة

    * يوسف العظم.. في محراب العلم والفكر والأدب(مقالة - حضارة الكلمة)
    * العلامة ابن قعود.. العالم الداعية المحتسب(مقالة - موقع الدكتور سعد بن مطر العتيبي)
    * فكر العلامة ابن باديس(مقالة - حضارة الكلمة)
    * التلخيص المعين، في شرح الأربعين، للشيخ العلامة ابن عثيمين(كتاب - مكتبة الألوكة)
    * من يخلف الشيخ العلامة ابن عثيمين؟!ا(مقالة - آفاق الشريعة)
    * 10 مواقف من حياة العلامة ابن جبرين(مقالة - حضارة الكلمة)
    * الحسد (من درر العلامة ابن جبرين رحمه الله)(مقالة - آفاق الشريعة)
    * خواطر وذكريات من وحي جنازة العلامة ابن جبرين "رحمه الله"(مقالة - موقع الدكتور سعد بن مطر العتيبي)
    * التلخيص المعين، في شرح الأربعين، للشيخ العلامة ابن عثيمين(مقالة - آفاق الشريعة)
    * ترجمة العلامة المفتي ابن العنابي الجزائري الأثري(مقالة - حضارة الكلمة)



    avatar
    أبو عمر عادل
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 363
    العمر : 67
    البلد : مصر السنية
    العمل : أخصائي اجتماعي
    شكر : 1
    تاريخ التسجيل : 29/06/2008

    الملفات الصوتية رد: العلامة ابن غديان منبر العلم ومحراب العبادة (1/2)

    مُساهمة من طرف أبو عمر عادل 28.06.10 22:16




    http://www.alukah.net/Literature_Language/0/22840/

      الوقت/التاريخ الآن هو 26.11.24 23:43