* قال ابن الجوزي
رحمه الله - في صيدالخاطر (ص/22) :
•أعظم المعاقبة أن لا يحسَّ
المعَاقَبُ
بالعقوبة ، وأشد من ذلك أن يقع السرور بما هو عقوبة ! ..
كالفرحبالمال
الحرام ، والتمكُّن من الذنوب ؛ومن هذه حاله لا يفوز بطاعةٍ .
•وإنيتدبَّرت أحوال أكثر العلماء والمتزهِّدين
فرأيتهم في
عقوباتٍ لايحسُّونبها ، ومعظمها من قِبَل طلبهم للرياسة .
•فالعالم منهم يغضب إن رُدَّ عليهخطؤُهُ
، والواعظ متصنِّعٌ بوعظه ! ، والمتزهِّدُ منافقٌ أو مراءٍ .
•فأوَّلُ عقوباتهم إعراضهم عن الحق
؛ اشتغالاً بالخلق
.
•ومن خفيِّ عقوباتهم :سلب
حلاوة المناجاة ولذَّة التعبُّد
.
•إلاَّ رجالٌ مؤمنون ونساءٌ مؤمنات = يحفظ الله بهم
الأرض ؛ بواطنهم
كظواهرهم ؛ بل أجلى ، وسرائرهم كعلانيتهم ؛بل
أحلى ، وهممهم عند الثريَّا؛
بل أعلى ، إنْ عُرِفُوا تنكَّروا ، وإنرُئيت لهم كرامةٌ أنكروا .
•فالناس في غفلاتهم ، وهم في قطعفلواتهم !
•تحبُّهم بقاع الأرض ، وتفرحُ بهمأملاك
السماء
* قال أبو الفرج
عبدالرحمن ابن الجوزي - رحمه الله - في صيد الخاطر
(ص/80-83) :
- قرأت
هذه
الآية
: ( قل أرأيتمإن أخذ الله سمعكم وأبصاركم وختم على
قلوبكم من
إلهٌ غير الله يأتيكم به ) ؛فلاحتلي
إشارةٌ كدتُ أطيش منها
!!.
•وذلك :أنه إن كان عني بالآية نفس السمعوالبصر
؛ فإنَّ السمع آلةٌ لإدراك المسموعات ، والبصر آلةٌ لإدراك المبصرات؛ فهما يعرضان ذلك على القلب ، فيتدبَّر ويعتبر .
•فإذا عرضت المخلوقات على السمع والبصرأوصلا
إلى القلب أخبارها من أنها تدلُّ على الخالق ، وتحمِلُ على طاعةالصانع
، وتحذِّر من بطشه عند مخالفته
.
•وإن عنى معنى السمع والبصر فذلك يكون
بذهولهما عن حقائق ماأدركا ؛ شُغلاً بالهوى ، فيعاقب الإنسان
بسلب تلك الآلات ؛ فيرى وكأنه مارأى ، ويسمع وكأنه ما سمِعَ ، والقلب
ذاهلٌ عما يتأدَّب به
!!.
•فيبقى الإنسان خاطئاً على نفسه لايدري
ما يُراد به ؛ لايؤثر عنده أنه يبلى ، ولا تنفعه موعظةٌ تجلى ، ولايدري
أين هو ؟ ولا ما المراد منه ؟ ولا أين يحمل يحملُ ؟.
•وإنما يلاحظ بالطبع مصالح عاجلته
،ولا
يتفكَّر في خسران آخرته ، لا يعتبر برفيقه ، ولا يتَّعظ بصديقه ، ولايتزوَّد
لطريقه !!.
- كما
قال الشاعر :
الناس
في غفلةٍ
والموت يوقظهم ومــايـفيقون حـتى يـنفد iiالـعمر
يـشـيِّـعـونأهـالـيـهـم iiبـحـمـعهم
ويـنظرون إلـى مـا فيه قدقُبِروا
ويـرجـعونإلـىأحـلام iiغـفلتهم كـأنهم
مـا رأوا شـيئاً ولا
iiنظروا
•وهذه
حال أكثر الناس ؛ فنعوذ بالله منسلب فوائد الآلات ؛فإنها
أقبح الحالات .انتهى
كلامه رحمه الله
.
=====================
* قال أبو الفرج
عبدالرحمن ابن الجوزي - رحمه الله - أيضاً
في صيد الخاطر (ص/25) :
•تأملتالتحاسد بين العلماء فرأيت منشأه من
حُبِّ الدنيا ؛ فإنَّ علماءالآخرةيتوادُّون و يتحاسدون ؛ كما قال الله
عزوجل : ( ولا
يجدون في صدورهم حاجة مما أوتوا) .
وقالتعالى : ( والذينجاءوا من بعدهم
يقولون ربنا أغفر
لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولاتجعل في قلوبنا غلاًّ للَّذينآمنوا ) .
-وقد
كان أبو الدرداء يدعو كل ليلةٍلجماعةٍ من أصحابه .
- وقال
الإمام أحمد بن حنبل لولدالشافعي :أبوك منالستة الذين أدعو لهم كلليلة
وقت السحر .
•والأمرالفارق بين الفئتين :
-أنَّعلماء
الدنيا ينظرون إلى الرئاسة فيها ، ويُحبُّون كثرة الجمعوالثناء .
-وعلماء
الآخرة بمعزلٍ من إيثار ذلك ،وقد كانوا يتخوَّفونه ، ويرحمون منبُلِيَ
به .
-وكان
النخعي لا يستند إلى سارية
!
-وقال
علقمة : أكره ان توطأ عقبي
!
-وكان
بعضهم إذا جلس إليه أكثر منأربعةٍ قام عنهم !
-وكانوا
يتدافعون الفتوى ، ويحبُّونالخمول .
-مثل
القوم كمثل راكب البحر ، وقدخبَّ ؛ فعنده شغلٌ إلى أن يوقن بالنجاة .
- وإنما
كان بعضهم يدعو لبعضٍ ، ويستفيدمنه لأنهم ركبٌتصاحبوا فتوادَّوا .
فالأيَّاموالليالي
مراحلهم إلى سفر
الجنة.
انتهىكلامه رحمه الله .
=====================
*قال الإمامالحُجَّة أبو محمد علي بن أحمدبن سعيد بن حزم رحمه الله
بواسع رحماته ، فيكتابه مداواة
النفوس - الأخلاق والسير - (
ص/66) :
- منامتحن
بالعجب فليفكِّر في عيوبه
.
- فإن
أعجب بفضائله فليفتش ما فيه منالأخلاق الدنيئة .
-فإن
خفيت عليه عيوبه جملة ؛ حتى يظنأنه لا عيب فيه = فليعلم أن مصيبته إلى
الأبد ، وأنه أتم الناس نقصاً ،وأعظمهم عيوبا ، وأضعفهم تمييزاً .
- وأول
ذلك أنه ضعيف العقل جاهل ، ولاعيب أشد من هذين ! ؛لأن
العاقل هو من ميَّز عيوب نفسه ؛ فغالبها ، وسعى فيقمعها .
- والأحمق
هو الذي يجهل عيوب نفسه ؛ إمالقلة علمه وتمييزه وضعف فكرته ، وإما
لأنه يقدر أن عيوبه خصال ، وهذا أشدعيب في الأرض .
- وفي
الناس كثير يفخرون بالزناواللياطة والسرقة والظلم ؛فيعجب
بتأتي هذه النحوس له ، وبقوته على هذهالمخازي .
- واعلم
يقيناً أن لا يسلم إنسي من نقص ؛حاشا الأنبياء صلوات الله عليهم .
- فمن
خفيت عليه عيوب نفسه فقد سقط ،وصار من السخف والضعةوالرذالة
والخسة وضعف التمييز والعقل وقلة الفهم ؛بحيث لا يتخلف عنهمتخلف
من الأرذال ، وبحيث ليس تحته منزلة من الدناءة !.
- فليتدارك
نفسه ؛ بالبحث عن عيوبه ،والاشتغال بذلك عن الإعجاب بها ، وعن
عيوب غيره التي لا تضرَّه لا فيالدنيا ولا في الآخرة .
- وما
أدري لسماع عيوب الناس خصلة إلاالاتعاظ بما يسمع المرءمنها
؛ فيجتنبها ، ويسعى في إزالة ما فيه منها ،بحول الله تعالى وقوته .
- وأما
النطق بعيوب الناس فعيب كبير ،لا يسوغ أصلاً ، والواجب اجتنابه ؛ إلا
في نصيحة من يتوقَّع عليه الأذىبمداخلة المعيب ، أو على سبيل تبكيت
المعجب فقط في وجهه ، لا خلف ظهره ، ثميقول للمعجب : ارجع إلى نفسك ، فإذا
ميَّزْتَ عيوبها ، فقد داويت عجبك .
- ولا
تمثل بين نفسك وبين من هو أكثرعيوباً منها ؛ فتستسهل الرذائل ، وتكون
مقلداً لأهل الشر ، وقد ذُمَّ تقليدأهل الخير ؛ فكيف تقليد أهل الشر ؟!
- لكن
مثل بين نفسك وبين من هو أفضل منك؛
فحينئذ يتلف عجبك ،
وتفيق من هذا الداء القبيح ، الذي يولد عليكالاستخفاف
بالناس !! وفيهم
بلا شك من هو خير منك !! فإذا استخففت بهم بغيرحق
استخفوا بك بحق ! ؛ لأنالله تعالى يقول : ( وجزاء سيئة سيئة
مثلها
) .
- فتولد
على نفسك أن تكون أهلاًللاستخفاف بك ، بل علىالحقيقة
مع مقت الله عز وجل ، وطمس ما فيك من فضيلة .
-واعلم
أن كثيراً من أهل الحرص على العلم يجدون القراءةوالإكباب على الدروس والطلب ، ثم لا
يرزقون منه حظاً !؟!.
- فليعلم
ذو العلم أنه لو كان بالإكبابوحده لكان غيره فوقه ، فصح أنه موهبة من
الله تعالى ، فأي مكان للعجب هاهنا ؟!!.
- ماهذا
إلا موضع تواضع ، وشكر للهتعالى ، واستزادة من نعمه واستعاذة منسلبها .
- ثمتفكر
أيضاً في أن ما خفي عليكوجهلته من أنواع العلم ، ثم من أصناف
علمك
الذي تختص به ، فالذي أعجبتبنفاذك فيه أكثر مما تعلم من ذلك ، فاجعل
مكان
العجب استنقاصاً لنفسك ،واستقصاراً لها فهو أولى .
- وتفكَّر
فيمن كان أعلم منك ؛ تجدهمكثيراً ، فلتهن نفسك عندك حينئذ .
- وتفكر
في إخلالك بعلمك ، وأنك لا تعملبما علمت منه ؛فلعلمك عليك حجة حينئذ ، ولقد كان أسلم
لك لو لم تكن
عالماً
.
- واعلم
أن الجاهل حينئذ أعقل منك وأحسنحالا وأعذر فليسقط عجبك بالكلية .
- وإن
أعجبت بجاهك في دنياك فتفكر فيمخالفيك وأندادك ونظرائك، ولعلهم أخساء وضعفاء سُقَّاط ؛- فاعلمأنهم أمثالك فيما أنت فيه ،ولعلهم
ممن يستحيا من التشبه بهم ؛ لفرطرذالتهم وخساستهم ، في أنفسهموأخلاقهم
ومنابتهم ؛ فاستهن بكل منزلة شارككفيها من ذكرت لك .. .انتهى كلامه
رحمه الله