لك الله يا مصر موضوع بقلم العلامه على الحلبى
وأَفْزَعَتْنَا- أخبارُ مساء يوم الأحد -(22-شباط-2009)- ناقلةً إلينا نَبَأَ تفجيرٍ غاشمٍ أوقع الرُّعْبَ والذُّعْرَ والدِّماءَ والقتلَ في وسطِ القاهرةِ المصريَّة!
... ممّا ذكَّرَنا بحادثة (تفجيرات عمّان) -الأليمة- قبلَ سنوات!
ووَقْعُ المُفاجأةِ أتَى مِن جهةِ (ظنِّنا) أنَّ دُعاةَ (التفجيرِ) -هؤلاء- بعد كُلِّ هذه الأيَّام!- كَفُّوا، وانْكَفُّوا: (متعلِّمين) مِن مفاسدِ أعمالِهم السيِّئةِ السابقة!! و(منتبهين) إلى خطرِ، وبلاءِ، وضلالِ ما هم يفعلون؛ ويكفِّرون، ويفجِّرون!! لكنَّ الواقعَ -كما في حادثة الأحد- أثبت عكسَ ما ظنَنَّاهُ بهم؛ مما يؤكِّدُ أنَّ حُسْنَ الظنِّ (بهؤلاء) ليس في مكانِهِ وموضعِهِ!!! وإنِّي لأكادُ أجزِمُ أنَّ وراءَ هؤلاء المُفَجِّرِين القَتَلَةِ فكراً مُتَشَدِّداً مُتَطَرِّفاً -بغيضاً- هو (الفكر التكفيري)؛ المظلمُ في نفسِه، الظالمُ لأهلِه! ومهما دافعَ هؤلاءِ (المُكَفِّرَةُ المُفَجِّرَةُ) -أو مَن لهم يُؤَيِّدُون! -بالباطلِ- عن فعائلِهم القبيحة، وصنائعِهم الشنيعة: فهو دفاعٌ مبنيٌّ على الجهلِ بالعلمِ الشرعيِّ -من جهةٍ-، وقائمٌ على العواطف الفارغةِ الخاوية -مِن جهةٍ أُخرى-. ولقد حَذَّرْنا مِراراً، ونبَّهْنا تَكراراً -ومنذ سنواتٍ وسنوات- أنَّ هذه الأفكارَ الغاليةَ التي تَنسِبُ نفسَها للإسلامِ -والإسلامُ منها بريءٌ- هي مِن أعظمِ أسبابِ إساءة الظنِّ بالإسلام، والخوف منه، والرُّعْب مِن مجرَّد ذِكر اسمِه؛ حتى أطلق بعضُ مُفَكِّرِي الغرب (!) على هذا الوَهَم الكبيرِ مُصطلحَ: (الإسلام فوبيا)، أي: الخوف من الإسلام -إمعاناً في الباطلِ-!!! لقد قَلَبَ هؤلاء (المُكَفِّرُون) -بأعمالِهم الدنيئة، وفعائِلِهِم غير البريئة- معانيَ الإسلام الحقَّةَ السَّمْحَةَ إلى عكسِها، وما يضادُّها: فاللهُ -تعالى- يقولُ: {وَلاَ تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ }... وهُم يقتُلُونَهم، ويُقَتِّلُونَهُم، ويفعلونَ معهم الذي هو أسوأُ وأخشنُ!! واللهُ -تعالى- يقولُ: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِلْعَالَمِين}. وهُم جعلوا أحكامَ الإسلامِ تحملُ معنى البلاء والسُّوء والنِّقمة... ورسولُنا الكريمُ -صلى الله عليه وسلم- يقولُ: «بشِّروا ولا تنفِّروا». وهُم يُنَفِّرونَ، ولا يُبَشِّرون!! ويقولُ -صلى الله عليه وسلم-: «يسِّروا ولا تُعَسِّروا». وهُم يُعَسِّرونَ، ولا يُيَسِّرون!! ويقولُ -صلى الله عليه وسلم-: «إنَّما أنا رحمةٌ مهداةٌ». وهُم جعلوا الهديَ النبويَّ كأنَّهُ ضِدُّ ذلك، ونقيضُهُ!! ... أينَ هؤلاء مِن العلمِ الشرعيِّ، والفقه الدينيِّ؟! أين هؤلاء مِن الرحمةِ بالخلقِ، والدعوة إلى الحقّ؟! أين هؤلاء مِن أدب الإسلام، وأخلاق أئمَّتِهِ الأعلام؟! لكِ اللهُ -يا مصر-؛ فستبقين بَلَدَ التاريخ والحضارة.. بلدَ العلمِ والعُلماء.. بلدَ الإسلام والإيمان... بَلَدَ الأمنِ والأمان -وإنْ رَغِمَتْ أُنوف!!-... ولا أنسَى -إن نسيتُ- كما يُقال!- ذلك الخبرَ الصحفيَّ المُوَثَّقَ الذي تناقَلَتْهُ بعضُ وكالات الأنباء العالمية -قبل أسابيعَ- مِن دراسةٍ ميدانيَّةٍ استقرائيَّة (مُحايدة) أُجْرِيَت في عددٍ مِن البلادِ العربية والإسلاميّة، كانت نتيجتُها أنَّ (مصر) هي (أكثرُ) الدُّولِ العربيةِ والإسلاميّةِ تديُّناً، وحُبًّا للإسلام.. وواللـهِ الذي لا إلهَ إلاَّ هُو إنَّنا لنَشْعُرُ بذلك، ونلمسُهُ لَمْسَ اليدِ مِن هذا الشعب الطيِّب؛ حيثُ نُحِسُّ أنَّ التَّدَيُّنَ فيه فِطريٌّ، وعلى السَّجِيَّةِ الطبيعيَّةِ السليمةِ. نعم؛ يوجدُ في (مصر) -كما هو موجودٌ في سائر بلادِ المُسلمين- أخطاءٌ، ويوجدُ نقصٌ، ويوجدُ تقصيرٌ.. ولا أحدَ -لا مِن الحكام، ولا من المحكومين- يُكابِرُ في هذا، أو يُنكِره... وهذا -مِن الناحية التاريخيَّةِ المَحْضَةِ- ممّا لم يَخْلُ منه عصرٌ إسلاميٌّ -ولا بلدٌ إسلاميٌّ- منذ انقضاءِ عصر الخليفة الراشد (الخامس) عمر بن عبد العزيز -رحمهُ اللهُ- بتفاوُتٍ-. ولكنَّ هذه الأخطاءَ -فضلاً عن ذلك النقص أو التقصير- لا تُسَوِّغُ -بأيِّ حالٍ مِن الأحوالِ- هذا التقتيلَ الأعمى، وذاك التفجيرَ البهيمَ، الذي ينالُ كثيراً مِن المُسْتَأْمَنين، ولا ينجو منه أعدادٌ مِن المسلمين!! فضلاً عمَّا يُسبِّبُهُ مِن إخلالٍ بأمنِ المؤمنين، وزلزلةٍ لسكينةِ الآمِنين... إنَّ (الفكرَ التكفيريَّ) -بكافَّةِ مدارسِهِ، وأشكالِه، ودَرَجاتِه!- فكرٌ ضالٌّ مُضِلٌّ، فكرٌ ظالمٌ غاشمٌ؛ فكرٌ أساءَ للإسلامِ وأهلِه: أكثرَ مِن إساءَتِهِ (لغيرِه)؛ في تفجيرِه، (وتكفيرِه)، وقتلِهِ!!! و {إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَاد}. لك الله -يا مصر-؛ فالتقتيل الأعمى ليس من شرع الله... والنقل لطفا من هنا http://www.abusembel.com/vb2sembel/showthread.php?t=9531 | ||