خزانة الربانيون

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

2 مشترك

    أمير المؤمنين يزيد بن معاوية - رحمه الله تعالى .

    avatar
    الشيخ إبراهيم حسونة
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 9251
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 08/05/2008

    أمير المؤمنين يزيد بن معاوية - رحمه الله تعالى . Empty أمير المؤمنين يزيد بن معاوية - رحمه الله تعالى .

    مُساهمة من طرف الشيخ إبراهيم حسونة 14.03.10 6:04


    [size=25]أمير المؤمنين يزيد بن معاوية



    أمير المؤمنين يزيد بن معاوية - رحمه الله تعالى . 470674

    الحمد لله و الصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن ولاه .




    ثم أما بعد :





    يزيد بن معاوية – رحمه الله – لم يكن بذلك الشاب اللاهي ، كما تصوره لنا الروايات التاريخية الركيكة ؛ بل هو على خلاف ذلك ، لكن العجب في المؤلفين من الكتاب الذين لا يبحثون عن الخبر الصحيح ، أو حتى عمّن يأخذوه ، فيجمعون في هذه المؤلفات الغث و السمين من الروايات و الكلام الفارغ الملفق ، فتراهم يطعنون فيه فيظهرون صورته و يشوهونها ، بأبشع تصوير .

    و للأسف فإن بعض المؤرخين من أهل السنة أخذوا من هذه الروايات الباطلة و أدرجوها في كتبهم ، أمثال ابن كثير في البداية و النهاية ، وابن الأثير في الكامل ، وابن خلدون في العبر والإمام الذهبي في تاريخ الإسلام و في غيرها من الكتب .

    و المصيبة في هؤلاء الكتاب المعاصرين أنهم يروون هذا الطعن عن بعض الشيعة المتعصبين أمثال أبي مخنف و الواقدي و ابن الكلبي و غيرهم ، و غير هذا أن معظم هذه الكتب ألفت على عهد العباسيين ، وكما هو معروف مدى العداء بين الأمويين و العباسيين ، فكانوا يبحثون عمّن يطعن في هؤلاء فيملؤون هذه الكتب بالأكاذيب .

    و هناك أمور و أشياء أخرى و طامات كبرى في غيرها من الكتب ، رويت لتشويه صورة و سيرة يزيد رحمه الله و والده معاوية رضي الله عنه ، و كان على رأس هؤلاء الطاعنين بنو العباس وأنصار ابن الزبير حين خرج على يزيد و الشيعة الروافض عليهم غضب الله ، و الخوارج قاتلهم الله و أخزاهم .



    منقبة ليزيد بن معاوية :

    أخرج البخاري عن خالد بن معدان أن عمير بن الأسود العنسي حدثه أنه أتى عبادة بن الصامت و هو نازل في ساحة حمص و هو في بناء له و معه أم حرام ، قال عمير : فحدثتنا أم حرام أنها سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : أول جيش من أمتي يغزون البحر قد أوجبوا ، فقالت أم حرام : قلت يا رسول الله أنا فيهم ؟ قال : أنت فيهم . ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم أول جيش من أمتي يغزون مدينة قيصر مغفور لهم ، فقلت : أنا فيهم قال : لا . البخاري مع الفتح (6/120) .

    فتحرك الجيش نحو القسطنطينية بقيادة بسر بن أرطأ رضي الله عنه عام خمسين من الهجرة ، فاشتد الأمر على المسلمين فأرسل بسر يطلب المدد من معاوية فجهز معاوية جيشاً بقيادة ولده يزيد ، فكان في هذا الجيش كل من أبو أيوب الأنصاري و عبد الله بن عمر و ابن الزبير و ابن عباس وجمع غفير من الصحابة ، رضي الله عنهم أجمعين .

    و أخرج البخاري أيضاً ، عن محمود بن الربيع في قصة عتبان بن مالك قال محمود : فحدثتها قوماً فيهم أبو أيوب الأنصاري صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوته التي توفي فيها ، ويزيد بن معاوية عليهم – أي أميرهم - بأرض الروم . البخاري مع الفتح (3/73) .

    و في هذا الحديث منقبة ليزيد رحمه الله حيث كان في أول جيش يغزوا أرض الروم .



    بعضاً من سيرة يزيد

    و لنقف قليلاً ، على بعض من سيرة يزيد بن معاوية رحمه الله قبل أن يرشحه والده لولاية العهد ، و ما هي الحال التي كان عليها قبل توليه الخلافة ، و مدى صدق الروايات التي جاءت تذم يزيد وتصفه بأوصاف مشينة .


    عمل معاوية رضي الله عنه جهده من البداية في سبيل إعداد ولده يزيد ، و تنشئته التنشئة الصحيحة ، ليشب عليها عندما يكبر ، فسمح لمطلقته ميسون بنت بحدل الكلبية ، و كانت من الأعراب ، و كانت من نسب حسيب ، و منها رزق بابنه يزيد ، - أنظر ترجمتها في : تاريخ دمشق لابن عساكر - تراجم النساء - (ص397-401) - ،


    و كان رحمه الله وحيد أبيه ، فأحب معاوية رضي الله عنه أن يشب يزيد على حياة الشدة و الفصاحة فألحقه بأهل أمه ليتربى على فنون الفروسية ، و يتحلى بشمائل النخوة و الشهامة والكرم و المروءة ، إذ كان البدو أشد تعلقاً بهذه التقاليد .

    كما أجبر معاوية ولده يزيد على الإقامة في البادية ، و ذلك لكي يكتسب قدراً من الفصاحة في اللغة ، كما هو حال العرب في ذلك الوقت .

    و عندما رجع يزيد من البادية ، نشأ و تربى تحت إشراف والده ، و نحن نعلم أن معاوية رضي الله عنه كان من رواة الحديث ، - أنظر : تهذيب التهذيب لابن حجر (10/207) - ،


    فروى يزيد بعد ذلك عن والده هذه الأحاديث و بعض أخبار أهل العلم . مثل حديث : من يرد الله به خيراً يفقه في الدين ، و حديث آخر في الوضوء ، و روى عنه ابنه خالد و عبد الملك بن مروان ، و قد عده أبوزرعة الدمشقي في الطبقة التي تلي الصحابة ، و هي الطبقة العليا . البداية و النهاية لابن كثير (8/226-227) .

    و قد اختار معاوية دَغْفَل بن حنظلة السدوسي الشيباني (ت65هـ) ، مؤدباً لولده يزيد ، و كان دغفل علامة بأنساب العرب ، و خاصة نسب قريش ، و كذلك عارفاً بآداب اللغة العربية . أنظر ترجمته في : تهذيب التهذيب لابن حجر (3/210) .

    هذه بعضاً من سيرة يزيد رحمه الله قبل توليه منصب الخلافة ، و قبل أن يوليه والده ولاية العهد من بعده .



    توليه منصب ولاية العهد بعد أبيه

    بدأ معاوية رضي الله عنه يفكر فيمن يكون الخليفة من بعده ، ففكر معاوية في هذا الأمر و رأى أنه إن لم يستخلف و مات ترجع الفتنة مرة أخرى .


    فقام معاوية رضي الله عنه باستشارة أهل الشام في الأمر ، فاقترحوا أن يكون الخليفة من بعده من بني أمية ، فرشح ابنه يزيد ، فجاءت الموافقة من مصر و باقي البلاد و أرسل إلى المدينة يستشيرها و إذ به يجد المعارضة من الحسين و ابن الزبير ، و ابن عمر و عبد الرحمن بن أبي بكر ، و ابن عباس . انظر : تاريخ الإسلام للذهبي – عهد الخلفاء الراشدين – (ص147-152) و سير أعلام النبلاء (3/186) و الطبري (5/303) و تاريخ خليفة (ص213) . و كان اعتراضهم حول تطبيق الفكرة نفسها ، لا على يزيد بعينه .

    و تجدر الإشارة هنا إلى أن المؤرخين والمفكرين المسلمين قد وقفوا حيال هذه الفكرة مواقف شتى ، ففيهم المعارض ، و منهم المؤيد ، و كانت حجة الفريق المعارض تعتمد على ما وردته بعض الروايات التاريخية ، التي تشير أن يزيد بن معاوية كان شاباً لاهياً عابثاً ، مغرماً بالصيد و شرب الخمر ، و تربية الفهود والقرود ، و الكلاب … الخ . نسب قريش لمصعب الزبيري (ص127) و كتاب الإمامة والسياسة المنحول لابن قتيبة (1/163) و تاريخ اليعقوبي (2/220) و كتاب الفتوح لابن أعثم الكوفي (5/17) و مروج الذهب للمسعودي (3/77) و انظر حول هذه الافتراءات كتاب : صورة يزيد بن معاوية في الروايات الأدبية فريال بنت عبد الله (ص 86- 122 ) .

    و لكننا نرى أن مثل هذه الأوصاف لا تمثل الواقع الحقيقي لما كانت عليه حياة يزيد بن معاوية ، فالإضافة إلى ما سبق أن أوردناه عن الجهود التي بذلها معاوية في تنشئة وتأديب يزيد ، نجد رواية في مصادرنا التاريخية قد تساعدنا في دحض مثل تلك الآراء .

    فيروي البلاذري أن محمد بن علي بن أبي طالب - المعروف بابن الحنفية - دخل يوماً على يزيد بن معاوية بدمشق ليودعه بعد أن قضى عنده فترة من الوقت ، فقال له يزيد ، و كان له مكرماً : يا أبا القاسم ، إن كنت رأيت مني خُلُقاً تنكره نَزَعت عنه ، و أتيت الذي تُشير به علي ؟ فقال : والله لو رأيت منكراً ما وسعني إلاّ أن أنهاك عنه ، وأخبرك بالحق لله فيه ، لما أخذ الله على أهل العلم عن أن يبينوه للناس ولا يكتموه ، وما رأيت منك إلاّ خيراً . أنساب الأشراف للبلاذري (5/17) .

    و يروي ابن كثير أن عبد الله بن مطيع - كان داعية لابن الزبير - مشى من المدينة هو و أصحابه إلى محمد ابن الحنفية فأرادوه على خلع يزيد فأبى عليهم

    فقال ابن مطيع : إن يزيد يشرب الخمر و يترك الصلاة و يتعدى حكم الكتاب

    فقال محمد ما رأيت منه ما تذكرون ، قد حضرته و أقمت عنده فرأيته مواظباً على الصلاة متحرياً للخير يسأل عن الفقه ملازماً للسنة

    قالوا : ذلك كان منه تصنعاً لك

    قال : و ما الذي خاف مني أو رجا حتى يظهر إليّ الخشوع ؟

    ثم أفأطلعكم على ما تذكرون من شرب الخمر ، فلئن كان أطلعكم على ذلك فإنكم لشركاؤه ، و إن لم يكن أطلعكم فما يحل لكم أن تشهدوا بما لم تعلموا

    قالوا : إنه عندنا لحق و إن لم نكن رأيناه ، فقال لهم : أبى الله ذلك على أهل الشهادة ، و لست من أمركم في شيء"

    . البداية و النهاية (8/233) و تاريخ الإسلام – حوادث سنة 61-80هـ – (ص274) و قد حسّن الأخ محمد الشيباني إسناده انظر مواقف المعارضة من خلافة يزيد بن معاوية (ص384) .

    كما أن مجرد موافقة عدد من كبار الشخصيات الإسلامية ، من أمثال عبد الله بن الزبير و عبد الله ابن عباس و ابن عمر و أبو أيوب الأنصاري ، على مصاحبة جيش يزيد في سيره نحو القسطنطينية فيها خير دليل على أن يزيد كان يتميز بالاستقامة ، و تتوفر فيه كثير من الصفات الحميدة ، ويتمتع بالكفاءة والمقدرة لتأدية ما يوكل إليه من مهمات ؛ وإلا لما وافق أمثال هؤلاء الأفاضل من الصحابة أن يتولى قيادتهم شخص مثل يزيد .

    و بالرغم من كل ما سبق أن أوردناه من روايات ، فإن أحد المؤرخين المحدثين قد أعطى حكماً قاطعاً بعدم أهلية يزيد للخلافة ، دون أن يناقش الآراء التي قيلت حول هذا الموضوع ، أو أن يقدم أي دليل تاريخي يعضد رأيه ، ويمضي ذلك المؤرخ المحدث في استنتاجاته ، فيرى أن معاوية لم يبايع لولده يزيد بولاية العهد ، إلاّ مدفوعاً بعاطفة الأبوة . أنظر كتاب : موسوعة التاريخ الإسلامي لأحمد شلبي (2/46-47 ، 51 ) .

    لكننا نجد وجهة النظر التي أبداها الأستاذ محب الدين الخطيب - حول هذه المسألة - جديرة بالأخذ بها للرد على ما سبق ، فهو يقول : إن كان مقياس الأهلية لذلك أن يبلغ مبلغ أبي بكر وعمر في مجموع سجاياهما ، فهذا ما لم يبلغه في تاريخ الإسلام ، ولا عمر بن عبد العزيز ، و إن طمعنا بالمستحيل و قدرنا إمكان ظهور أبي بكر آخر و عمر آخر ، فلن تتاح له بيئة كالبيئة التي أتاحها الله لأبي بكر و عمر ، و إن كان مقياس الأهلية ، الاستقامة في السيرة ، و القيام بحرمة الشريعة ، والعمل بأحكامها ، و العدل في الناس ، و النظر في مصالحهم ، والجهاد في عدوهم ، وتوسيع الآفاق لدعوتهم ، والرفق بأفرادهم و جماعاتهم ، فإن يزيد يوم تُمحّص أخباره ، و يقف الناس على حقيقة حاله كما كان في حياته ، يتبين من ذلك أنه لم يكن دون كثيرين ممن تغنى التاريخ بمحامدهم ، و أجزل الثناء عليهم . حاشية العواصم من القواصم لابن العربي (ص221).

    و نجد أيضاً في كلمات معاوية نفسه ما يدل على أن دافعه في اتخاذ مثل هذه الخطوة هو النفع للصالح العام و ليس الخاص ، فقد ورد على لسانه قوله : اللهم إن كنت إنما عهدت ليزيد لما رأيت من فضله ، فبلغه ما أملت و أعنه ، و إن كانت إنما حملني حبّ الوالد لولده ، وأنه ليس لما صنعت به أهلاً ، فاقبضه قبل أن يبلغ ذلك . تاريخ الإسلام للذهبي – عهد معاوية بن أبي سفيان – (ص169) و خطط الشام لمحمد كرد علي (1/137) .


    و يتبين من خلال دراسة هذه الفكرة – أي فكرة تولية يزيد ولاية العهد من بعد أبيه - ، أن معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما كان محقاً فيما ذهب إليه ، إذ أنه باختياره لابنه يزيد لولاية العهد من بعده ، قد ضمن للأمة الإسلامية وحدتها ، و حفظ لها استقرارها ، و جنبها حدوث أية صراعات على مثل هذا المنصب .

    و قد اعترف بمزايا خطوة معاوية هذه ، كل من ابن العربي ، أنظر: العواصم من القواصم (ص228-229 ) .

    و ابن خلدون الذي كان أقواهما حجة ، إذا يقول : والذي دعا معاوية لإيثار ابنه يزيد بالعهد دون سواه ، إنما هو مراعاة المصلحة في اجتماع الناس ، واتفاق أهوائهم باتفاق أهل الحل و العقد عليه - و حينئذ من بني أمية - ثم يضيف قائلاً : و إن كان لا يظن بمعاوية غير هذا ، فعدالته و صحبته مانعة من سوى ذلك ، و حضور أكابر الصحابة لذلك ، وسكوتهم عنه ، دليل على انتفاء الريب منه ، فليسوا ممن تأخذهم في الحق هوادة ، وليس معاوية ممن تأخذه العزة في قبول الحق، فإنهم - كلهم - أجلّ من ذلك ، و عدالتهم مانعة منه . المقدمة لابن خلدون (ص210-211) .

    و يقول في موضع آخر : عهد معاوية إلى يزيد ، خوفاً من افتراق الكلمة بما كانت بنو أمية لم يرضوا تسليم الأمر إلى من سواهم ، فلو قد عهد إلى غيره اختلفوا عليه ، مع أن ظنهم كان به صالحاً ، ولا يرتاب أحد في ذلك ، ولا يظن بمعاوية غيره ، فلم يكن ليعهد إليه ، و هو يعتقد ما كان عليه من الفسق ، حاشا لله لمعاوية من ذلك . المقدمة (ص206) .

    قلت : و قد رأى معاوية رضي الله عنه في ابنه صلاحاً لولاية خلافة الإسلام بعده و هو أعلم الناس بخفاياه و لو لم يكن عنده مرضياً لما اختاره .


    و أما ما يظنه بعض الناس بأن معاوية كان أول من ابتدع الوراثة في الإسلام ، فقد أخطأ الظن ، فدافع معاوية في عهده لابنه يزيد بالخلافة من بعده ، كان محمولاً على البيعة من الناس و ليس كونه محمولاً على الوراثة ، و لو كان ما رآه هو الأخير لما احتاج إلى بيعتهم بل لاكتفى ببيعته منه وحده .


    فإن قيل لو ترك الأمر شورى يختار الناس ما يرونه خليفة من بينهم ، قلنا قد سبقه بذلك عمر بن الخطاب رضي الله عنه من بيعته لأبي بكر يوم السقيفة ، و سبقه أبو بكر أيضاً في وصيته لعمر بولاية العهد من بعده ، و ما فعله عمر حين حصر الخلافة في الستة .

    و الغريب في الأمر أن أكثر من رمى معاوية و عابه في تولية يزيد و أنه ورثّه توريثاً هم الشيعة ، مع أنهم يرون هذا الأمر في علي بن أبي طالب و سلالته إلى اثني عشر خليفة منهم .

    و ليس افضل - قبل أن ننتقل إلى موضوع آخر - من أن نشير إلى ما أورده ابن العربي في كتابه العواصم من القواصم من رأي لأحد أفاضل الصحابة في هذا الموضوع ، إذ يقول : دخلنا على رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم حين استخلف يزيد بن معاوية ، فقال : أتقولون إن يزيد ليس بخير أمة محمد ، لا أفقه فيها فقهاً ، ولا أعظمها فيها شرفاً ؟ قلنا : نعم ، قال : و أنا أقول ذلك ، و لكن و الله لئن تجتمع أمة محمد أحب إلىّ من أن تفترق . العواصم من القواصم (ص231) .


    و هل يتصور أيضاً ما زعم الكذابون ، من أن معاوية رضي الله عنه كان غير راض عن لهو يزيد وفسقه ، و شربه ، و أنه أكثر من نصحه فلم ينتصح ، فقال – لما يئس من استجابته - : إذاً عليك بالليل ، استتر به عن عيون الناس ، و إني منشدك أبياتاً ، فتأدب بها و احفظها ، فأنشده :

    انصب نهاراً في طلاب العلا * واصبر على هجر الحبيب القريب
    حتى إذا الليل أتى بالدجى * واكتحلت بالغمض عين الرقيب
    فباشر الليل بما تشتهي * فإنما الليل نهار الأريب
    كم فاسق تحسبه ناسكاً * قد باشر الليل بأمر عجيب
    غطى عليه الليل أستاره فبات في أمن و عيش خصيب
    و لذة لأحمق مكشوفة * يشفي بها كل عدو غريب


    كذا قال الكذابون الدهاة ، و لكن فضحهم الله




    فهذه الأبيات لم يقلها معاوية رضي الله عنه ولم تكن قيلت بعدُ ، ولا علاقة لها بمعاوية ولا بيزيد ، ولا يعرفها أهل البصرة ، إلا ليحيى بن خالد البرمكي ، أي الذي عاش زمن هارون الرشيد ، أي بعد معاوية و ابنه بنحو مائة عام . أنظر : تاريخ دمشق لابن عساكر ( 65/403) .




    بعض من الأحاديث المكذوبة في حق يزيد

    و قد زورت أحاديث في ذم يزيد كلها موضوعة لا يصح منها شيء فهذه بعضها ، و إلا فهناك الكثير :-


    منها




    قول الحافظ أبو يعلى : عن أبي عبيدة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : لا يزال أمر أمتي قائماً بالقسط حتى يثلمه رجل من بني أمية يقال له يزيد . هذا الحديث و الذي بعده منقطعة بل معضولة ، راجع البداية و النهاية (8/231) .


    و حديث آخر




    أورده ابن عساكر في تاريخه ، بلفظ : أول من يغير سنتي رجل من بني أمية يقال له يزيد . تاريخ دمشق (18/160) ، و قد حسن الشيخ الألباني سنده ، و قال معلقاً عليه : و لعل المراد بالحديث تغيير نظام اختيار الخليفة ، و جعله وراثة ، و الله أعلم . الصحيحة (4/329-330) .




    قلت : الحديث الذي حسنه الشيخ الألباني دون زيادة لفظة ( يقال له يزيد ) ، أما قوله بأن المراد تغيير نظام اختيار الخليفة و جعله وراثياً ، فإن معاوية رضي الله عنه هو أول من أخذ بهذا النظام و جعله وراثياً ، إذاً فالحديث لا يتعلق بيزيد بن معاوية بعينه ، و الله أعلم .





    و منها أيضاً




    قول : لا بارك الله في يزيد الطعان اللعان ، أما أنه نُعي إلي حبيبي حسين . تلخيص كتاب الموضوعات لابن الجوزي ، للإمام الذهبي ( ص159) .




    علاقة يزيد بآل البيت رضي الله عنهم

    و لم يقع بين يزيد و بين أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يعكر العلاقة و القرابة بينهما سوى خروج الحسين و بعض أهله و مقتلهم على يد أهل العراق بكربلاء




    و مع هذا فقد بقيت العلاقة الحسنة بين يزيد و آل البيت و كانوا أولاد عمومته و نراهم قد اجتنبوا الخروج عليه أيام الحرة و مكة




    بل كانت صلته بعلي بن الحسين و عبد الله بن العباس و محمد بن الحنفية أيام الحرة جيدة .




    أما عبد الله بن جعفر فقد كانت صلته بمعاوية و يزيد من بعده غاية في المودة و الصداقة والولاء




    و كان يزيد لا يرد لابن جعفر طلباً و كانت عطاياه له تتوارد فيقوم ابن جعفر بتوزيعها على أهل المدينة




    و كان عبد الله بن جعفر يقول في يزيد أتلومونني على حسن الرأي في هذا . قيد الشريد في أخبار يزيد (ص35) .




    موقف العلماء من يزيد بن معاوية

    و قد سئل (...) أبو حامد الغزالي




    عمن يصرح بلعن يزيد بن معاوية ، هل يحكم بفسقه أم لا ؟ و هل كان راضياً بقتل الحسين بن علي أم لا ؟ و هل يسوغ الترحم عليه أم لا ؟ فلينعم بالجواب مثاباً .


    فأجاب :




    لا يجوز لعن المسلم أصلاً ، و من لعن مسلماً فهو الملعون ، و قد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : المسلم ليس بلعان ، - المسند (1/405) و الصحيحة (1/634) و صحيح سنن الترمذي (2/189) -




    و كيف يجوز لعن المسلم ولا يجوز لعن البهائم




    وقد ورد النهي عن ذلك - لحديث عمران بن الحصين قال : بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض أسفاره و امرأة من الأنصار على ناقة ، فضجرت فلعنتها ، فسمع ذلك النبي صلى الله عليه و سلم فقال : خذوا ما عليها و دعوها فإنها ملعونة ، قال عمران : فكأني أراها الآن تمشي في الناس ما يعرض لها أحد. جمع الفوائد (3/353) -




    و حرمة المسلم أعظم من حرمة الكعبة بنص النبي صلى الله عليه وسلم - هو أثر موقوف على ابن عمر بلفظ : نظر عبد الله بن عمر رضي الله عنه يوماً إلى الكعبة فقال : ما أعظمك و أعظم حرمتك ، و المؤمن أعظم حرمة منك ، و هو حديث حسن ، أنظر : غاية المرام في تخريج أحاديث الحلال و الحرام للشيخ الألباني (ص197) -




    و قد صحّ إسلام يزيد بن معاوية، و ما صحّ قتله الحسين ولا أمر به ولا رضيه ولا كان حاضراً حين قتل ، ولا يصح ذلك منه ولا يجوز أن يُظن ذلك به ، فإن إساءة الظن بالمسلم حرام و قد قال الله تعالى{اجتنبوا كثيراً من الظن إن بعض الظن إثم }[الحجرات/12] ،




    و من زعم أن يزيد أمر بقتل الحسين أو رضي به ، فينبغي أن يعلم أن به غاية الحمق




    فإن من كان من الأكابر والوزراء ، و السلاطين في عصره لو أراد أن يعلم حقيقة من الذي أمر بقتله و من الذي رضي به و من الذي كرهه لم يقدر على ذلك ، و إن كان الذي قد قُتل في جواره و زمانه و هو يشاهده ، فكيف لو كان في بلد بعيد ، و زمن قديم قد انقضى ، فكيف نعلم ذلك فيما انقضى عليه قريب من أربعمائة سنة في مكان بعيد




    و قد تطرق التعصب في الواقعة فكثرت فيها الأحاديث من الجوانب فهذا الأمر لا تُعلم حقيقته أصلاً ، و إذا لم يُعرف وجب إحسان الظن بكل مسلم يمكن إحسان الظن به .




    و مع هذا فلو ثبت على مسلم أنه قتل مسلماً فمذهب أهل الحق أنه ليس بكافر ، و القتل ليس بكفر ، بل هو معصية ، و إذا مات القاتل فربما مات بعد التوبة و الكافر لو تاب من كفره لم تجز لعنته فكيف بمؤمن تاب عن قتل .. و لم يُعرف أن قاتل الحسين مات قبل التوبة و قد قال الله تعالى {و هو الذي يقبل التوبة عن عباده ، و يعفوا عن السيئات و يعلم ما تفعلون}[الشورى/25]




    فإذن لا يجوز لعن أحد ممن مات من المسلمين بعينه لم يروه النص ، و من لعنه كان فاسقاً عاصياً لله تعالى .




    و لو جاز لعنه فسكت لم يكن عاصياً بالإجماع ، بل لو لم يلعن إبليس طول عمره مع جواز اللعن عليه لا يُقال له يوم القيامة : لِمَ لَمْ تلعن إبليس ؟




    و يقال للاعن : لم لعنت و مِنْ أين عرفت أنه مطرود ملعون ، و الملعون هو المبعد من الله تعالى و ذلك علوم الغيب




    و أما الترحم عليه فجائز ، بل مستحب ، بل هو داخل في قولنا : اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات ، فإنه كان مؤمناً و الله أعلم بالصواب . قيد الشريد من أخبار يزيد (ص57-59) .




    و قد سئل ابن الصلاح عن يزيد فقال :




    لم يصح عندنا أنه أمر بقتل الحسين رضي الله عنه والمحفوظ أن الآمر بقتاله المفضي إلى قتله إنما هو عبيد الله بن زياد والي العراق إذ ذاك




    و أما سب يزيد و لعنه فليس ذلك من شأن المؤمنين




    و إن ‏صح أنه قتله أو أمر بقتله ، و قد ورد في الحديث المحفوظ : إن لعن المؤمن كقتاله - البخاري مع الفتح (10/479) -




    و قاتل الحسين لا يكفر بذلك ، و إنما ارتكب إثماً ، و إنما يكفر بالقتل قاتل نبي من الأنبياء عليهم الصلاة و السلام .


    و الناس في يزيد على ثلاث فرق :


    فرقة تحبه و تتولاه .


    و فرقة تسبه و تلعنه .


    و فرقة متوسطة في ذلك ، لا تتولاه ولا تلعنه و تسلك به سبيل سائر ملوك الإسلام و خلفائهم غير الراشدين في ذلك و شبهه




    و هذه هي المصيبة – أي التي أصابت الحق - مذهبها هو اللائق لمن يعرف سِيَر الماضين و يعلم قواعد الشريعة الظاهرة . قيد الشريد (ص59-60) .





    و سُئل شيخ الإسلام عن يزيد أيضاً


    فقال : افترق الناس في يزيد بن معاوية بن أبي سفيان ثلاث فرق : طرفان و وسط .

    فأحد الطرفين قالوا : إنه كان كافراً منافقاً ، و إنه سعى في قتل سِبط رسول الله تشفياً من رسول الله صلى الله عليه وسلم و انتقاماً منه و أخذاً بثأر جده عتبة و أخي جده شيبة و خاله الوليد بن عتبة و غيرهم ممن قتلهم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم بيد علي بن أبي طالب و غيره يوم بدر و غيرها ، و قالوا تلك أحقاد بدرية و آثار جاهلية .


    و هذا القول سهل على الرافضة الذين يكفرون أبا بكر و عمر وعثمان ، فتكفير يزيد أسهل بكثير .


    و الطرف الثاني : يظنون أنه كان رجلاً صاحاً و إماماً عدل و إنه كان من الصحابة الذين ولدوا على عهد النبي صلى الله عليه وسلم و حمله بيده و برّك عليه و ربما فضله بعضهم على أبي بكر و عمر، و ربما جعله بعضهم نبياً ..


    و هذا قول غالية العدوية و الأكراد و نحوهم من الضُلاّل .


    و القول الثالث : أنه كان ملكاً من ملوك المسلمين له حسنات و سيئات و لم يولد إلا في خلافة عثمان و لم يكن كافراً و لكن جرى بسببه ما جرى من مصرع الحسين و فُعل ما فعل بأهل الحرة ، و لم يكن صحابياً ولا من أولياء الله الصالحين


    و هذا قول عامة أهل العقل و العلم و السنة و الجماعة .


    ثم افترقوا ثلاث فرق : فرقة لعنته و فرقة أحبته و فرقة لا تسبه ولا تحبه


    و هذا هو المنصوص عن الأمام أحمد و عليه المقتصدون من أصحابه و غيرهم من جميع المسلمين . سؤال في يزيد (ص26).




    وفاة يزيد بن معاوية

    في أثناء حصار مكة جاءت الأخبار بوفاة يزيد بن معاوية رحمه الله و البيعة لابنه معاوية .

    و كان ذلك لعشر خلت من ربيع الأول سنة أربع و ستين ، و كانت وفاته بحوران و قيل حوارين من أرض الشام


    قال عبد الرحمن أبي معذور : حدثني بعض أهل العلم قال : آخر ما تكلم به يزيد بن معاوية : اللهم لا تؤاخذني بما لم أحبه و لم أرده . قيد الشريد (ص50) .

    يزيد رحمه الله قد شوهت سيرته كما قلت تشويهاً عجيباً ، فنسبوا إليه شرب الخمر و الفجور و ترك الصلاة و تحميله أخطاء غيره دونما دليل .


    فيطعنون فيه و في دينه ، فقط لأجل أن يشوهوا و يثبتوا أنه لا يستحق الخلافة .


    ولا شك أنه مفضول و أن الحسين و غيره من الصحابة كانوا أفضل منه بدرجات و لهم صحبة و سابقية في الإسلام ، لكن الطعن في دينه أمرٌ غير ثابت ، بدلالة أثر ابن الحنفية الذي ذكرته آنفاً


    و هناك قول مشابه لابن عباس يثبت فيه أن يزيد براء من هذه الأقوال التي يقولونها فيه ،


    و هو


    أنه لما قدم ابن عباس وافداً على معاوية رضي الله عنه ، أمر معاوية ابنه يزيد أن يأتيه – أي أن يأتي ابن عباس - ، فأتاه في منزله ، فرحب به ابن عباس و حدثه ، فلما خرج ، قال ابن عباس : إذا ذهب بنو حرب ذهب علماء الناس . البداية والنهاية (8/228-229) و تاريخ دمشق (65/403-404).


    يقول الله تعالى {يأيها الذين أمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوماً بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين }[الحجرات/6]


    فأبو مخنف هذا و أمثاله من الرواة الكذابين الغالين ممن ينطبق عليهم لفظ الفاسق ، فلا يقبل لهم قول خاصة إذا كان فيه طعن في أحد من المسلمين


    فما بالك إذا كان هذا المطعون فيه و في دينه خليفة المسلمين و إمامهم ؟!


    فهذا من باب أولى أن يرد ويرفض .

    أما ما لفقوه بيزيد من أن له يداً في قتل الحسين ، و أنهم فسروا كلامه لعبيد الله بن زياد بأن يمنع الحسين من دخول الكوفة و أن يأتيه به ، يعني اقتله و ائتني برأسه


    فهذا لم يقل به أحد و إنما هو من تلبيس الشيطان على الناس و إتباعهم للهوى و التصديق بكل ما يرويه الرافضة من روايات باطلة تقدح في يزيد و معاوية


    و أن أهل العراق و الأعراب هم الذين خذلوا الحسين و قتلوه رضي الله عنه كما قال بذلك العلماء .

    و يشهد لذلك ما رواه البخاري عن شعبة عن محمد بن أبي يعقوب سمعت عبد الرحمن بن أبي نعيم : أن رجلاً من أهل العراق سأل ابن عمر عن دم البعوض يصيب الثوب ؟

    فقال ابن عمر : انظر إلى هذا يسأل عن دم البعوض و قد قتلوا ابن بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إن الحسن و الحسين هما ريحانتاي من الدنيا . الفتح (10/440) و صحيح سنن الترمذي (3/224) .


    أما قول الإمام الذهبي في سيره عن يزيد بأنه ممن لا نسبه ولا نحبه و أنه كان ناصبياً فظاً غليظاً جلفاً متناول المسكر و يفعل المنكر . سير أعلام النبلاء (4/36) .

    قلت : إن الإنصاف العظيم الذي يتمتع به الذهبي رحمه الله جعله لا يكتفي بسرد تاريخ المترجم له دون التعليق - غالباً - على ما يراه ضرورياً لإنصافه ؛ و ذلك نحو الحكم على حكاية ألصقت به و هي غاضّة من شأنه ، أو ذكر مبرر لعمل ظنه الناس شيئاً و هو يحتمل أوجهاً أخرى ، أو نقد لتصرفاته نقداً شرعياً ، ثم يحاول أن يخرج بحكم عام على المترجم له مقروناً بالإنصاف .

    ... و قلت أيضاً : هذا قول و كلٌ يؤخذ من كلامه و يرد إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم .

    و أما عن تناوله المسكر و غيرها من الأمور


    قلت : هذا لا يصح كما أسلفت و بينت رأي ابن الحنفية في ذلك - و هذه شهادة ممن قاتل معاوية مع أبيه ، فأحرى به أن يكون عدواً له كارهاً لملكه و ولده - .


    و قلت أيضاً : إن هذا لا يحل إلا بشاهدين ، فمن شهد بذلك ؟ وقد شهد العدل بعدالته ،


    روى يحيى بن بكير عن الليث بن سعد (ت 147هـ) قال الليث : توفي أمير المؤمنين يزيد في تاريخ كذا ، فسماه الليث أمير المؤمنين بعد ذهاب ملكهم و انقراض دولتهم ، ولولا كونه عنده كذلك ما قال : إلا توفي يزيد . العواصم من القواصم (ص232-234) .

    و هذا الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله على تقشفه و عظم منزلته في الدين و ورعه قد أدخل عن يزيد بن معاوية في كتابه الزهد أنه كان يقول في خطبته : إذا مرض أحدكم مرضاً فأشقى ثم تماثل ، فلينظر إلى أفضل عمل عنده فليلزمه و لينظر إلى أسوأ عمل عنده فليدعه . أنظر : العواصم من القواصم (ص245) .

    و هذا لا يتعارض مع ما قاله شيخ الإسلام ابن تيمية نقلاً عن الإمام أحمد عندما سُئل أتكتب الحديث عن يزيد ، قال : لا ، و لا كرامة ، أوَ ليس هو الذي فعل بأهل المدينة ما فعل . سؤال في يزيد (ص27) .

    و كان رفض الإمام أحمد رواية حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم عنه ليس دليلاً على فسقه ، و ليس كل مجروح في رواية الحديث لا تقبل أقواله ، فهناك عشرات من القضاة والفقهاء ردت أحاديثهم و هم حجة في باب الفقه . في أصول تاريخ العرب الإسلامي ، محمد محمد حسن شرّاب (ص 152) .

    و هذا يدل على عظم منزلته – أي يزيد بن معاوية - عنده حتى يدخله في جملة الزهاد من الصحابة و التابعين الذين يقتدى بقولهم و يرعوى من وعظهم ، و ما أدخله إلا في جملة الصحابة قبل أن يخرج إلى ذكر التابعين ، فأين هذا من ذكر المؤرخين له في الخمر و أنواع الفجور ، ألا يستحيون ؟! و إذا سلبهم الله المروءة و الحياء ، ألا ترعوون أنتم و تزدجرون و تقتدون بفضلاء الأمة ، و ترفضون الملحدة و المجّان من المنتمين إلى الملة . العواصم من القواصم (ص246) .

    و قد أنصف أهل العلم و العقل و السنة و الجماعة على أن يزيد كان ملكاً من الملوك المسلمين له حسنات و له سيئات و لم يكن صحابياً و لم يكن كافراً .

    و المؤمن الحق يعرف جيداً أن الله تعالى غير سائله عما حصل بين علي و معاوية أو بين يزيد والحسين أو الذين جاءوا من بعدهم إنما العبد يسئل عما قدم لنفسه .



    و أخيراً


    فالعبد التقي الخفي لا ينشغل بذنوب العباد و ينسى نفسه كما قال صلى الله عليه وسلم : يبصر أحدكم القذاة في عين أخيه و ينسى الجذع أو الجدل في عينه معترضاً . أنظر : السلسلة الصحيحة (1/74) .

    موقف يزيد من قتل الحسين


    ولا نقول هذا دفاعاً عن يزيد ولكن دفاعاً عن الحق.


    قال شيخ الإسلام ابن تيمية : " إن يزيد بن معاوية لم يأمر بقتل الحسين باتفاق أهل النقل


    ولكن كتب إلى ابن زياد أن يمنعه عن ولاية العراق، ولما بلغ يزيد قتل الحسين أظهر التوجع على ذلك، وظهر البكاء في داره ولم يسب لهم حريماً بل أكرم بيته وأجازهم حتى ردهم إلى بلادهم


    وأما الروايات التي تقول إنه أهين نساء آل بيت رسول لله وأنهن أخذن إلى الشام مسبيات وأُهِنّ هناك هذا كلام باطل


    بل كان بنو أمية يعظمون بني هاشم ولذلك لما تزوج الحجاج بن يوسف من فاطمة بنت عبد الله بن جعفر لم يقبل عبد الملك بن مروان هذا الأمر، وأمر الحجاج أن يعتزلها، وأن يطلقها فهم كانوا يعظمون بني هاشم ولم تسب هاشمية قط."


    بل ابن زياد نفسه عندما جيء بنساء الحسين إليه وأهله، وكان أحسن شيء صنعه أن أمر لهن بمنزل من مكان معتزل، وأجرى عليهن رزقاً وأمر لهن بنفقة وكسوة. (رواه ابن جرير بسند حسن) .


    و قال عزت دروزة المؤرخ "ليس هناك ما يبرر نسبة قتل الحسين إلى يزيد، فهو لم يأمر بقتاله، فضلاً عن قتله، وكل ما أمر به أن يحاط به ولا يقاتل إلا إذا قاتل".


    و قال ابن كثير: (والذي يكاد يغلب على الظن أن يزيد لو قدر عليه قبل أن يُقتل لعفا عنه كما أوصاه بذلك أبوه، وكما صرح هو به مخبراً عن نفسه بذلك).

    من قتل الحسين؟

    نعم هنا يطرح السؤال المهم :


    من قتلة الحسين : أهم أهل السنة ؟ أم معاوية ؟ أم يزيد بن معاوية ؟ أم من ؟


    إن الحقيقة المفاجئة أننا نجد العديد من كتب الشيعة تقرر وتؤكد أن شيعة الحسين هم الذين قتلوا الحسين .


    فقد قال السيد محسن الأمين " بايع الحسين عشرون ألفاً من أهل العراق ، غدروا به وخرجوا عليه وبيعته في أعناقهم وقتلوه " { أعيان الشيعة 34:1 }.


    وكانو تعساً الحسين يناديهم قبل أن يقتلوه :

    " ألم تكتبوا إلي أن قد أينعت الثمار ، و أنما تقدم على جند مجندة ؟

    تباً لكم أيها الجماعة حين على استصرختمونا والهين ، فشحذتم علينا سيفاً كان بأيدينا ، وحششتم ناراً أضرمناها على عدوكم وعدونا ، فأصبحتم ألباً أوليائكم و سحقاً ، و يداً على أعدائكم . استسرعتم إلى بيعتنا كطيرة الذباب ، و تهافتم إلينا كتهافت الفراش ثم نقضتموها سفهاً ، بعداً لطواغيت هذه الأمة " { الاحتجاج للطبرسي }.


    ثم ناداهم الحر بن يزيد ، أحد أصحاب الحسين وهو واقف في كربلاء فقال لهم " أدعوتم هذا العبد الصالح ، حتى إذا جاءكم أسلمتموه ، ثم عدوتم عليه لتقتلوه فصار كالأسير في أيديكم ؟ لا سقاكم الله يوم الظمأ "{ الإرشاد للمفيد 234 ، إعلام الورى بأعلام الهدى 242}.


    وهنا دعا الحسين على شيعته قائلاً :

    " اللهم إن متعتهم إلى حين ففرقهم فرقاً ( أي شيعاً وأحزاباً ) واجعلهم طرائق قددا ، و لا ترض الولاة عنهم أبدا ، فإنهم دعونا لينصرونا ، ثم عدوا علينا فقتلونا " { الإرشاد للمفيد 241 ، إعلام الورى للطبرسي 949، كشف الغمة 18:2و38 } .

    ويذكر المؤرخ الشيعي اليعقوبي في تاريخه أنه لما دخل علي بن الحسين الكوفة رأى نساءها يبكين ويصرخن فقال : " هؤلاء يبكين علينا فمن قتلنا ؟ " أي من قتلنا غيرهم { تاريخ اليعقوبي 235:1 } .

    ولما تنازل الحسن لمعاوية وصالحه ، نادى شيعة الحسين الذين قتلوا الحسين وغدروا به قائلاً :" ياأهل الكوفة : ذهلت نفسي عنكم لثلاث : مقتلكم لأبي ، وسلبكم ثقلي ، وطعنكم في بطني و إني قد بايعت معاوية فاسمعوا و أطيعوا ، فطعنه رجل من بني أسد في فخذه فشقه حتى بلغ العظم { كشف الغمة540، الإرشاد للمفيد190، الفصول المهمة 162، مروج الذهب للمسعودي 431:1} .

    فهذه كتب الشيعة بأرقام صفحاتها تبين بجلاء أن الذين زعموا تشييع الحسين ونصرته هم أنفسهم الذين قتلوه ثم ذرفوا عليه الدموع ، وتظاهروا بالبكاء ، ولايزالون يمشون في جنازة من قتلوه إلى يومنا هذا


    ولو كان هذا البكاء يعكس شدة المحبة لأهل البيت فلماذا لايكون البكاء من باب أولى على حمزة عم النبي صلى الله عليه وسلم


    فإن الفظاعة التي قتل بها لا تقل عن الطريقة التي ارتكبت في حق الحسين رضي الله عنه حيث بقر بطن حمزة واستؤصلت كبده


    فلماذا لايقيمون لموته مأتماً سنوياً يلطمون فيه وجوههم ويمزقون ثيابهم ، ويضربون أنفسهم بالسيوف والخناجر ؟


    أليس هذا من أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم ؟


    بل لماذا لايكون هذا البكاء على موت النبي صلى الله عليه وسلم ؟!


    فإن المصيبة بموته تفوق كل شيء ؟


    أم أن الحسين أفضل من جده لأنه تزوج ابنة كسرى الفارسية؟



    رأس الحسين :


    لم يثبت أن رأس الحسين أرسل إلى يزيد بالشام


    بل الصحيح أن الحسين قتل في كربلاء ورأسه أخذ إلى عبيد الله بن زياد في الكوفة فذهب برأسه الشريف إلى عبيد الله بن زياد، فجعل في طست ، فجعل ينكت عليه، وقال في حسنه شيئاً فقال أنس : " إنه كان أشبههم برسول الله" . رواه البخاري.


    وفي رواية قال: (إرفع قضيبك فقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يلثم حيث تضع قضيبك فانقبض) رواه البزار والطبراني. الفتح(7/96)


    ولا يعلم قبر الحسين ولا يعلم مكان رأسه ... .


    والله تعالى أعلى وأعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.



    والنقل
    لطفا من هنا
    [url=http://www.11emam.com/vb/showthread.php?t=14973]http://www.11emam.com/vb/showthread.php?t=14973[/url]
    أبو محمد عبدالحميد الأثري
    أبو محمد عبدالحميد الأثري
    المدير العام .. وفقه الله تعالى


    ذكر عدد الرسائل : 3581
    البلد : مصر السنية
    العمل : طالب علم
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 25/04/2008

    أمير المؤمنين يزيد بن معاوية - رحمه الله تعالى . Empty رد: أمير المؤمنين يزيد بن معاوية - رحمه الله تعالى .

    مُساهمة من طرف أبو محمد عبدالحميد الأثري 16.03.10 8:39

    أمير المؤمنين معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما ... وتعليمه الناس الخير

    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين .

    أما بعد، فقد حثّ رسول الله صلى الله عليه وسلّم على طلب العلم وتعلّمه وتعليمه للناس كما ورد في عدّة أحاديث، وسيدنا معاوية رضي الله عنه من تلك الفئة التي اهتمّت بتعليم الناس دينهم، وكيف لا يهتم بتعليم الناس دينهم وهو الراوي لحديث النبي صلى الله عليه وسلّم : " من يُرِد الله به خيراً يفقهه في الدين " ( رواه البخاري 71 ومسلم 1037 )، وكان قلّما يخطب إلاّ ذكر هذا الحديث في خطبته ليحثّ الناس على التفقه في الدين ( رواه أحمد 16954 وحسنه الألباني في السلسلة الصحيحة 1196 ) .

    ولهذا الصحابي الجليل 136 حديثاً مسنداً إلى رسول الله صلى الله عليه وسلّم، بعضها في الصحيحين والسنن الأربعة، وهذا يدلّنا على اهتمامه بنشر العلم والسنة، وقد شهد له أهل عصره بالفقه والأمانة في نقل الحديث،
    وقد شكا غلامٌ لابن عباس إلى ابن عباس رضي الله عنهما أن معاوية أوتر بعد صلاة العِشاء بركعة واحدة، فقال له ابن عباس : إنه فقيه، وفي رواية : إنه قد صَحِبَ رسول الله صلى الله عليه وسلّم ( رواه البخاري 3764 و 3765 )،
    وقال ابن سيرين : كان معاوية لا يُتّهم في الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلّم ( رواه أبو داود 4129 ) .

    وإتماماً للفائدة جمعتُ بعض الأحاديث التي رواها سيدنا معاوية رضي الله عنه لتعليم الناس الخير :

    -------------------------------------------

    الحديث الأول :


    عن محمد بن جبير بن مطعم قال : بلغ معاوية وهو عنده في وفدٍ من قريش أن عبد الله بن عمرو بن العاص يُحَدِّث أنه سيكون ملكٌ من قحطان، فغضب معاوية، فقام فأثنى على الله بما هو أهله، ثم قال : أما بعد، فإنه بلغني أن رجالاً منكم يتحدّثون أحاديث ليست في كتاب الله ولا تُؤثَر عن رسول الله صلى الله عليه وسلّم، فأولئك جُهّالكم، فإيّاكم والأمانيّ التي تُضِلُّ أهلها، فإني سمعتُ رسول اللهِ صلى الله عليه وسلّم يقول : ( إن هذا الأمر في قريش، لا يُعاديهم أحد إلاّ كبّه الله على وجهه، ما أقاموا الدين ) . ( رواه البخاري 3500 ) .

    [size=25]
    الحديث الثاني :


    النهي عن رواية الأحاديث من غير تثبّت

    عن عبد الله بن عامر اليحصبي قال : سمعتُ معاوية رضي الله عنه يقول : إيّاكم وأحاديث، إلاّ حديثاً كان في عهد عمر، فإن عمر كان يُخيفُ الناس في الله عزّ وجلّ، سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلّم وهو يقول : " من يُرِد الله به خيراً يُفّقهه في الدين " .( رواه مسلم 1037 ) .

    فقه الحديث : قال النووي في " شرح مسلم " ( 7 / 114 ) : ومراد معاوية النهي من الإكثار من الأحاديث بغير تثبّت، لِما شاع في زمنه من التحدّث عن أهل الكتاب وما وُجِدَ في كتبهم حين فُتِحَت بلدانهم، وأمرهم بالرجوع في الأحاديث إلى ما كان في زمن عمر رضي الله عنه لضبطه الأمر وشدّته فيه وخوف الناس من سطوته، ومنعه الناس من المسارعة إلى الأحاديث، وطلبه الشهادة على ذلك حتى استقرّت الأحاديث واشتهرت السنن . اهـ .


    الحديث الثالث :


    كيفية وضوء النبي صلى الله عليه وسلّم

    عن أبي الأزهر قال : أن معاوية ذكر لهم وُضوء رسول الله صلى الله عليه وسلّم، وأنه مسح رأسه بغرفة من ماء حتى يقطر الماء من رأسه أو كاد يقطر، وأنه أراهم وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلّم، فلمّا بلغ مسح رأسه وضع كفّيه على مقدّم رأسه، ثم مرّ بهما حتى بلغ القفا، ثم ردّهما حتى بلغ المكان الذي بدأ منه . ( رواه أحمد 16905 وأبو داود 124، وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود 115 ) .


    الحديث الرابع :


    [center][size=25]النهي عن الركعتين بعد العصر

    عن حمران بن أبان، عن معاوية قال : إنكم لتصلّون صلاةً لقد صحِبنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم فما رأيناه يُصَلّيها، ولقد نهى عنها . يعني الركعتين بعد العصر .( رواه البخاري 587 )

    الحديث الخامس :

    [size=25]
    حكم صيام يوم عاشوراء


    عن حميد بن عبد الرحمن؛ أنه سمع معاوية رضي الله عنه عام حَجَّ على المنبر يقول : يا أهل المدينة، أين علماؤكم ؟ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلّم يقول : " هذا يوم عاشوراء، ولم يكتب الله عليكم صيامه، وأنا صائمٌ، فمن شاء منكم فليَصُم، ومن شاء فليفطر " . ( رواه البخاري 2003 ومسلم 1129 ) .



    الحديث السادس
    النهي عن الشِّغار

    عن عبد الرحمن بن هرمز الأعرج قال : إن العباس بن عبد الله بن العباس أنكَحَ عبدَ الرحمن بن الحكم ابنته، وأنكحه عبدُ الرحمن ابنته، وكانا جعلا صَداقاً، فكتب معاوية أمير المؤمنين يزيد بن معاوية - رحمه الله تعالى . Radia إلى مروان يأمره بالتفريق بينهما، وقال في كتابه : هذا الشِّغار الذي نهى عنه رسول الله أمير المؤمنين يزيد بن معاوية - رحمه الله تعالى . Sallah .
    ( رواه أبو داود 2075، وحسنه الألباني في إرواء الغليل 1896 )



    [size=21][size=25]الحديث السابع
    تحريم وصل الشعر



    عن سعيد بن المسيّب قال : قدم معاوية بن أبي سفيان المدينة آخر قدمة قدِمَها، فخطبنا، فأخرج كُبَّةً من شَعَرٍ، فقال : ما كنتُ أرى أن أحداً يفعل هذا غير اليهود ! وإن النبي أمير المؤمنين يزيد بن معاوية - رحمه الله تعالى . Sallah سمّاه الزّور . يعني الوِصال في الشَّعَر .

    ( رواه البخاري 3488 ومسلم 2127 )

    فقه الحديث : وصل الشعر : أي الزيادة فيه من غيره، كالباروكة وأمثالها .

    والنقل
    لطفا من هنا
    http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=194818
    [/size]
    [/size]
    [/size]
    [/size][/center]
    [/size]

      الوقت/التاريخ الآن هو 27.11.24 8:58