( حد الردة والرد على المتطاولين )
للشيخ الفاضل علي الحذيفي حفظه الله
سئل الشيخ العلامة عبد العزيز بن باز
في "مجموع فتاوى":
(سمعت في أحد البرامج الإذاعية في مقابلة مع أحد الأشخاص، بأنه لا يوجد أي دليل في القرآن الكريم، أو حديث شريف، أو فتوى دينية بإجازة قتل المرتد عن الإسلام، أرجو إفادتي عن صحة هذا ؟
فأجاب:
قد دل القرآن الكريم والسنة المطهرة، على قتل المرتد إذا لم يتب في قوله سبحانه في سورة التوبة: "فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم إن الله غفور رحيم" فدلت هذه الآية الكريمة على أن من لم يتب لا يخلى سبيله.
وفي "صحيح البخاري" عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "من بدل دينه فاقتلوه"، وفي "الصحيحين" عن معاذ رضي الله عنه أنه قال لمرتد رآه عند أبي موسى الأشعري في اليمن: "لا أنزل- يعني من دابته حتى يقتل. قضاء الله ورسوله".
والأدلة في هذا كثيرة، وقد أوضحها أهل العلم في باب حكم المرتد في جميع
المذاهب الأربعة، فمن أحب أن يعلمها فليراجع الباب المذكور، فمن أنكر ذلك فهو جاهل أو ضال لا يجوز الالتفات إلى قوله، بل يجب أن ينصح ويعلم، لعله يهتدي، والله ولي التوفيق) أ.هـ
والمرتد له حكم في الدنيا وحكم في الآخرة، أما حكمه في الدنيا فعزل زوجته عنه ومنعه من التصرف في ماله قبل قتله فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله: (من بدل دينه فاقتلوه).
ومنها: أن تترتب عليه كثير من الأحكام مثل التفريق بينه وبين زوجته وإباحة دمه ومنعه من الانتفاع بأمواله.
1- المفاسد العائدة على المرتد:
قال شيخ الإسلام كما في "مجموع الفتاوى" (4/ 257، 258): (وأما الردة عن الإسلام بأن يصير الرجل كافرا مشركا أو كتابيا: فإنه إذا مات على ذلك حبط عمله باتفاق العلماء كما نطق بذلك القرآن في غير موضع كقوله: "ومن يرتدد منكم عن دينه فيمت وهو كافر فأولئك حبطت أعمالهم في الدنيا والآخرة" وقوله: "ومن يكفر بالإيمان فقط حبط عمله" وقوله: "ولو أشركوا لحبط عنهم ما كانوا يعملون" وقوله: "لئن أشركت ليحبطن عملك").
فأجاب: قد دل القرآن الكريم والسنة المطهرة، على قتل المرتد إذا لم يتب في قوله سبحانه في سورة التوبة: "فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم إن الله غفور رحيم" فدلت هذه الآية الكريمة على أن من لم يتب لا يخلى سبيله.
للشيخ الفاضل علي الحذيفي حفظه الله
سئل الشيخ العلامة عبد العزيز بن باز
في "مجموع فتاوى":
(سمعت في أحد البرامج الإذاعية في مقابلة مع أحد الأشخاص، بأنه لا يوجد أي دليل في القرآن الكريم، أو حديث شريف، أو فتوى دينية بإجازة قتل المرتد عن الإسلام، أرجو إفادتي عن صحة هذا ؟
فأجاب:
قد دل القرآن الكريم والسنة المطهرة، على قتل المرتد إذا لم يتب في قوله سبحانه في سورة التوبة: "فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم إن الله غفور رحيم" فدلت هذه الآية الكريمة على أن من لم يتب لا يخلى سبيله.
وفي "صحيح البخاري" عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "من بدل دينه فاقتلوه"، وفي "الصحيحين" عن معاذ رضي الله عنه أنه قال لمرتد رآه عند أبي موسى الأشعري في اليمن: "لا أنزل- يعني من دابته حتى يقتل. قضاء الله ورسوله".
والأدلة في هذا كثيرة، وقد أوضحها أهل العلم في باب حكم المرتد في جميع
المذاهب الأربعة، فمن أحب أن يعلمها فليراجع الباب المذكور، فمن أنكر ذلك فهو جاهل أو ضال لا يجوز الالتفات إلى قوله، بل يجب أن ينصح ويعلم، لعله يهتدي، والله ولي التوفيق) أ.هـ
مقـــدمة:
الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله ولي الصالحين، وأشهد أن نبينا محمداً عبده ورسوله صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين، وبعد:
فلا يخفى ما يعانيه غالب مجتمعاتنا الإسلامية من تنحية الشريعة وغياب الحدود الشرعية والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ولم يكتف بعضهم بهذه التنحية حتى أخرج لنا مقالاً ينكر فيه حد الردة ويزعم أنه خرافة بحجة أن القرآن لم يدل على حد الردة، ورد حديث ابن عباس في "صحيح البخاري"،
فخالف بشذوذه هذا المتقدمين والمتأخرين، فما ندري أي المصيبتين أعظم علينا: أهي رده لحديث في "صحيح البخاري"، أم إنكاره لهذا الحد وقد تظافرت عليها النقول ؟
وإن وضع المسلمين اليوم يدل على حاجة المجتمع إلى من يكتب في الدعوة إلى إقامة هذه الحدود وتطبيقها بين الناس لأنه دين الله الذي أمر به وفرض على الناس إقامته، ولاسيما بعد ظهور النتائج المريرة في المجتمع من جراء ترك هذه الحدود من ظهور الفواحش وفساد الأخلاق واختلال الموازين، لكن قوماً آخرين بدلاً من الدعوة إلى إقامة الحدود وتطبيقها بين الناس قاموا بتشكيك الناس في المسائل النظرية للحدود الشرعية التي لم يبق لها من الناحية العملية شيء إلا ما رحم ربك، وهذا يدل على جهل بالواقع والشرع معاً.
وغاية ما احتج به هؤلاء أنهم زعموا أن حد المرتد لم يذكر في القرآن ! فليت شعري لنقل إن الأمر كذلك: فكان ماذا ؟ وماذا حصل ؟ ومن قال: إن المسائل لا بد أن تذكر في القرآن سوى أهل الأهواء والانحراف من مثل من يسمون أنفسهم بالعقلانيين، ولو كانت عندهم عقول ما تناقضوا ولا وضعوا أنفسهم في مثل هذه المواقف.
ويتكون من عدة فصول:
الفصل الأول: حقيقة الردة.
الفصل الثاني: خطورة الردة في الإسلام.
الفصل الثالث:وجوب قتل من ارتد عن الإسلام.
الفصل الرابع: الرد على الشبهات حول حد المرتد.
الفصل الأول:
حقيقة الردة عن الإسلام:
حقيقة الردة عن الإسلام:
المبحث الأول:
معنى الارتداد:
معنى الارتداد:
الردة في اللغة هي الرجوع وهذا يكاد أن يكون باتفاقهم، وشرعاً: هي الرجوع عن دين الإسلام إلى الكفر طوعاً، وقد أشار غير واحد إلى نحو هذا منهم ابن قدامه في "المغني".
والمرتد له حكم في الدنيا وحكم في الآخرة، أما حكمه في الدنيا فعزل زوجته عنه ومنعه من التصرف في ماله قبل قتله فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله: (من بدل دينه فاقتلوه).
وأما حكمه في الآخرة فقد بينه الله تعالى بقوله: (ومن يرتدد منكم عن دينه فيمت وهو كافر فأولئك حبطت أعمالهم في الدنيا والآخرة وأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون).
والردة تحصل بارتكاب ناقض من نواقض الإسلام، ونواقض الإسلام التي تحصل بها الردة كثيرة، من أعظمها الشرك بالله تعالى فمن أشرك بالله تعالى فقد ارتد عن دين الإسلام قال تعالى: (إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء).
وهذا يعني أنه يجب على المسلم أن يعقد في قلبه العزم على البقاء على الإسلام إلى الموت، لأن الإسلام لا يسمح له بالخروج عن الإسلام إلى الكفر.
والردة واقعة وحاصلة في المجتمع الإسلامي خلافاً لمن نفى وقوعها ممن ينفي حصول الشرك في هذه الأمة ودخول بعض أفراد بل وجماعات من هذه الأمة في الشرك بعد الإيمان.
قال تعالى: (ومن يرتدد منكم عن دينه فيمت وهو كافر فأولئك حبطت أعمالهم في الدنيا والآخرة وأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون)
وقال تعالى: (ولا ترتدوا على أدباركم فتنقلبوا خاسرين)
وقال تعالى: (قل أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزئون0لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم).
وهي أفحش أنواع الكفر وأسوأه
وقد قال شيخ الإسلام كما في "مجموع الفتاوى" (34/213): (وحكم المرتد شر من حكم اليهودي والنصراني).
وقال رحمه الله كما في "مجموع الفتاوى" (2/ 193) في الرد على الاتحادية الباطنية: (ومعلوم أن التتار الكفار خير من هؤلاء فإن هؤلاء مرتدون عن الإسلام من أقبح أهل الردة، والمرتد شر من الكافر الأصلي من وجوه كثيرة) أ.هـ
والمرتد له أحكام خاصة فإنه لا يغسل ولا يصلى عليه ولا يدفن في مقابر المسلمين، ولا يرث ولا يورث، بل يكون ماله فيئا لبيت مال المسلمين كما هو مبسوط في موضعه.
والمرتد له أحكام خاصة فإنه لا يغسل ولا يصلى عليه ولا يدفن في مقابر المسلمين، ولا يرث ولا يورث، بل يكون ماله فيئا لبيت مال المسلمين كما هو مبسوط في موضعه.
المبحث الثاني: بماذا تكون الردة ؟:
وتكون الردة بالقول أو الفعل أو الاعتقاد كما أن الإيمان قول وعمل واعتقاد، إلا أن الكفر يكفي أن يقع بواحد منها، والإيمان لا يقوم إلا بالثلاثة جميعاً.
قال النووي في "كتاب الردة" من "روضة الطالبين": (هي قطع الإسلام، ويحصل ذلك تارة بالقول الذي هو كفر، وتارة بالفعل).
وقالت "اللجنة الدائمة" برئاسة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله: (الردة هي الكفر بعد الإسلام وتكون بالقول والفعل والاعتقاد والشك).
وينبغي أن يعرف أن هذه الأشياء يشترط فيها أن تكون صادرة من مكلف مختار، فلا تكفير إلا بعد توفر الشروط وانتفاء الموانع
فالردة لها ركنان
الأول: الرجوع عن الإسلام، سواء كان ذلك بالاعتقاد، أو القول، أو الفعل، أو الترك كما تقدم.
الثاني: الاختيار الذي يكون مبنياً على معرفة هذا القول أو العمل، بمعنى أن يقدم المرتد على شيء وهو يعلم أنه أمر كفري يخرجه عن الإسلام.
المبحث الثاني: خطورة الحكم بالارتداد على المسلم:
1- الحكم على المسلم بالردة:
1- الحكم على المسلم بالردة:
إن الحكم بالردة على مسلم أمر كبير تترتب عليه عدة مسائل كبيرة:
منها: إخراجه من الإسلام، وهذا إن لم يكن صواباً فهو من أعظم أنواع الظلم.
ومنها: أن تترتب عليه كثير من الأحكام مثل التفريق بينه وبين زوجته وإباحة دمه ومنعه من الانتفاع بأمواله.
ومنها: حرمانه من حقوق المسلم على إخوانه وفضل الدعاء والاستغفار له.
ومنها: ترتيب الخروج عليه إذا كان حاكماً.
إلى غير ذلك من أمور تدل على خطورة الأمر فلذلك حذرت الشريعة من التساهل في إطلاق مثل هذه الأحكام وضيقته بقيود وقواعد خاصة في التكفير لا ينبغي تجاوزها وجعلت ذلك لأهل العلم خاصة.
إلى غير ذلك من أمور تدل على خطورة الأمر فلذلك حذرت الشريعة من التساهل في إطلاق مثل هذه الأحكام وضيقته بقيود وقواعد خاصة في التكفير لا ينبغي تجاوزها وجعلت ذلك لأهل العلم خاصة.
يقول فضيلة الشيخ الفوزان في "المنتقى": (الحكم بالردة والخروج من الدين من صلاحيات أهل العلم الراسخين في العلم، وهم القضاة في المحاكم الشرعية كغيرها من القضايا، وليس من حق كل أحد، أو من حق أنصاف المتعلمين، أو المنتسبين إلى العلم، والذين ينقصهم الفقه في الدين، ليس من صلاحياتهم أن يحكموا بالردة، لأن هذا يلزم منه الفساد، وقد يحكمون على المسلم بالردة، وهو ليس كذلك، وتكفير المسلم الذي لم يرتكب ناقضا من نواقض الإسلام فيه خطورة عظيمة، ومن قال لأخيه: يا كافر ! أو : يا فاسق ! وهو ليس كذلك، فإن هذا الكلام يعود على قائله، فالذين يحكمون بالردة هم القضاة الشرعيون، والذين ينفذون هذا الحكم هم ولاة أمور المسلمين، وما عدا هذا، فهو فوضى وشر) أ.هـ
2- إقامة الحد عليه:
إقامة الحدود من خصوصيات سلطان المسلمين فقط، فهو الذي يستدعي المرتد ويقيم عليه الحجة ويخبره بأن هذا العمل كفر يخرجه من الإسلام، ويستتيبه فإن أبى أقام عليه الحد، وليس لكل أحد أن يفعل هذا أو أن يقيم الحد، لأن هذا يلزم منه الفوضى والفساد، وانتشار الجرائم بحجة أن فلان أقام على فلان الحد بعد أن استتابه، ولا شك أن مثل هذا يؤدي إلى حدوث الثارات، وغيرها من الفتن.
الفصل الثاني: خطورة الردة في الإسلام:
المبحث الأول: مفاسد الردة:
المبحث الأول: مفاسد الردة:
إن الشريعة لم تعتبر الردة حداً يعاقب عليه إلا لما تنطوي عليه الردة من المفاسد العظيمة والانحرافات الخطيرة، ويمكن تلخيص هذه المفاسد إلى أمرين أحدهما: المفاسد العائدة على المرتد، والثاني: المفاسد العائدة على المجتمع.
1- المفاسد العائدة على المرتد:
الأول: أن عمله يحبط كما قال تعالى: (ومن يرتدد منكم عن دينه فيمت وهو كافر فأولئك حبطت أعمالهم في الدنيا والآخرة وأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون).
قال شيخ الإسلام كما في "مجموع الفتاوى" (4/ 257، 258): (وأما الردة عن الإسلام بأن يصير الرجل كافرا مشركا أو كتابيا: فإنه إذا مات على ذلك حبط عمله باتفاق العلماء كما نطق بذلك القرآن في غير موضع كقوله: "ومن يرتدد منكم عن دينه فيمت وهو كافر فأولئك حبطت أعمالهم في الدنيا والآخرة" وقوله: "ومن يكفر بالإيمان فقط حبط عمله" وقوله: "ولو أشركوا لحبط عنهم ما كانوا يعملون" وقوله: "لئن أشركت ليحبطن عملك").
الثاني: خلود المرتد في النار كما قال تعالى: (ومن يرتدد منكم عن دينه فيمت وهو كافر فأولئك حبطت أعمالهم في الدنيا والآخرة وأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون).
الثالث: لا يغفر الله للمرتد ولا يهديه، قال تعالى: (إن الذين امنوا ثم كفروا ثم امنوا ثم كفروا ثم ازدادوا كفرا لم يكن الله ليغفر لهم ولا ليهديهم سبيلاً).
2- المفاسد العائدة على المجتمع:
الأولى: الردة عن الإسلام انحراف عن دين الإسلام إلى دين آخر يتغير معه الولاء وتتبدل فيه المعتقدات وتتغير فيه الانتماءات، فالمرتد ينقل ولاءه إلى ولاء وانتماء آخر، ثم إن كونه ينتقل من دين الحق إلى دين آخر باطل معناه أنه في غاية السوء والانحراف الذي نفقد معه أي أمل في أن يكون عضواً صالحاً في المجتمع.
الثانية: فتح المرتد الباب لغيره في الخروج من الإسلام، فقتله من باب حفظ الدين وأهله.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية كما في "مجموع الفتاوى" (20/102):
(أما المرتد فالمبيح عنده هو الكفر بعد الإيمان، وهو نوع خاص من الكفر، فإنّه لو لم يقتل لكان الداخل في الدين يخرج منه فقتله حفظ لأهل الدين والدين، فإنّ ذلك يمنع من النقص ويمنعهم من الخروج عنه).
والردة أسلوب يستعمله الأعداء في زعزعة المسلمين وتشكيكهم، وقد كان اليهود يستعملون هذا السلاح لحرب الإسلام وتشكيك المسلمين، فقد كان كبارهم يقولون لصغارهم: تظاهروا بالإيمان في أول النهار واكفروا آخره لكي يقول المسلمون: إن رجوعهم عن الدين بعدما دخلوا فيه دليل على عدم صلاحيته، يقول الله تعالى: (وقالت طائفة من أهل الكتاب آمنوا بالذي أنزل على الذين آمنوا وجه النهار واكفروا آخره لعلهم يرجعون).
والردة قد ح في الإسلام وشذوذ عن الجماعة، وتكثير لسواد الأعداء وإفشاء لأسرار المسلمين، وغير ذلك مما لا بتسع له المقام، والحاصل أن المرتد أساء إلى نفسه ودينه وأمته ومجتمعه.
الفصل الثالث:وجوب قتل من ارتد عن الإسلام:
المبحث الأول: الأدلة على وجوب قتله:
المبحث الأول: الأدلة على وجوب قتله:
وقد أشار القرآن الكريم إلى ذلك، وأمر به النبي صلى الله عليه وسلم في أحاديثه، وأجمع عليه أهل العلم قاطبة:
1- القرآن:
الأول: قوله تعالى: (فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم إن الله غفور رحيم).
الأول: قوله تعالى: (فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم إن الله غفور رحيم).
سئل الشيخ العلامة عبد العزيز بن باز في "مجموع فتاوى ومقالات متنوعة":
(سمعت في أحد البرامج الإذاعية في مقابلة مع أحد الأشخاص، بأنه لا يوجد أي دليل في القرآن الكريم، أو حديث شريف، أو فتوى دينية بإجازة قتل المرتد عن الإسلام، أرجو إفادتي عن صحة هذا ؟
(سمعت في أحد البرامج الإذاعية في مقابلة مع أحد الأشخاص، بأنه لا يوجد أي دليل في القرآن الكريم، أو حديث شريف، أو فتوى دينية بإجازة قتل المرتد عن الإسلام، أرجو إفادتي عن صحة هذا ؟
فأجاب: قد دل القرآن الكريم والسنة المطهرة، على قتل المرتد إذا لم يتب في قوله سبحانه في سورة التوبة: "فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم إن الله غفور رحيم" فدلت هذه الآية الكريمة على أن من لم يتب لا يخلى سبيله.
وفي "صحيح البخاري" عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "من بدل دينه فاقتلوه"، وفي "الصحيحين" عن معاذ رضي الله عنه أنه قال لمرتد رآه عند أبي موسى الأشعري في اليمن: "لا أنزل يعني من دابته حتى يقتل. قضاء الله ورسوله".
والأدلة في هذا كثيرة، وقد أوضحها أهل العلم في باب حكم المرتد في جميع المذاهب الأربعة، فمن أحب أن يعلمها فليراجع الباب المذكور، فمن أنكر ذلك فهو جاهل أو ضال لا يجوز الالتفات إلى قوله، بل يجب أن ينصح ويعلم، لعله يهتدي، والله ولي التوفيق) أ.هـ
الثاني: قال الله تعالى: (يحلفون بالله ما قالوا ولقد قالوا كلمة الكفر وكفروا بعد إسلامهم وهموا بما لم ينالوا وما نقموا إلا أن أغناهم الله ورسوله من فضله، فإن يتوبوا يك خيرا لهم وإن يتولوا يعذبهم الله عذابا أليما في الدنيا والآخرة وما لهم في الأرض من ولي ولا نصير).
وإليك بعض التفاسير التي فسرت معنى العذاب الأليم في الدنيا:
1- قال شيخ الإسلام ابن تيميّة: (ولكونهم أظهروا الكفر والردة، لهذا دعاهم إلى التوبة فقال : "فإن يك خيرًا لهم وإن يتولوا" عن التوبة "يعذبهم عذابًا أليمًا في الدنيا والآخرة" وهذا لمن أظهر الكفر فيجاهده الرسول بإقامة الحد والعقوبة).
2- وقال ابن الجوزي في "تفسيره": (قوله تعالى: "وإن يتولوا" أي يعرضوا عن الإيمان "يعذبهم الله عذابا أليما في الدنيا" بالقتل وفي الآخرة بالنار).
3- وقال الشوكاني في "فتح القدير": ("وإن يتولوا" أي: يعرضوا عن التوبة والإيمان "يعذبهم الله عذابا أليماً في الدنيا" بالقتل والأسر، ونهب الأموال "و" في "الآخرة" بعذاب النار: "وما لهم في الأرض من ولي" يواليهم "ولا نصير" ينصرهم).
2- أدلة السنة:
عندنا من السنة عدة أحاديث نشير إلى ما نستحضره منها:
الأول: عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من بدل دينه فاقتلوه) رواه البخاري.
والثاني: عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا يحل دم امرئ مسلم إلا بثلاث: الثيب الزاني، والنفس بالنفس، والتارك لدينه المفارق للجماعة) متفق عليه.
وقد جاء معنى هذا الحديث عن عثمان عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث: رجل كفر بعد إسلامه، أو زنى بعد إحصانه، أو قتل نفسا بغير نفس) رواه أبو داود والترمذي والنسائي.
وقد جاء في بعض الطرق موقوفاً على عثمان.
وقد جاء معنى هذا الحديث عن عثمان عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث: رجل كفر بعد إسلامه، أو زنى بعد إحصانه، أو قتل نفسا بغير نفس) رواه أبو داود والترمذي والنسائي.
وقد جاء في بعض الطرق موقوفاً على عثمان.
قال الشيخ الألباني في "الإرواء": (قلت: وإسناده صحيح على شرط الشيخين ولا يضره وقف من أوقفه لاسيما وقد جاء مرفوعا من وجوه أخرى كما يأتي).
والثالث: عن عبد الله بن مسعود أيضاً رضي الله عنه قال: كنت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم جالسا إذ دخل رجلان وافدين من عند مسيلمة فقال لهما رسول الله: (أتشهدان أني رسول الله ؟) فقالا له: أتشهد أنت أن مسيلمة رسول الله ؟ فقال: (آمنت بالله ورسله لو كنت قاتلا وافدا لقتلتكما) رواه أحمد والحاكم، وصححه شيخنا رحمه الله في "الصحيح المسند مما ليس في الصحيحين".
و قد جاء معنى هذا الحديث عن نعيم بن مسعود الأشجعي: (أما والله لو لا أن الرسل لا تقتل لضربت أعناقكما).
قال الحاكم: (هذا حديث صحيح على شرط الشيخين)، ووافقه ابن الملقن في "البدر المنير".
قال الحاكم: (هذا حديث صحيح على شرط الشيخين)، ووافقه ابن الملقن في "البدر المنير".
والرابع: حديث ابن عباس: (أن أعمى كانت له أم ولد تشتم النبي صلى الله عليه وسلم وتقع فيه فينهاها فلا تنتهي ويزجرها فلا تنزجر قال: فلما كانت ذات ليلة جعلت تقع في النبي صلى الله عليه وسلم وتشتمه فأخذ المغول (سيف قصير) فوضعه في بطنها واتكأ عليها فقتلها فوقع بين رجليها طفل فلطخت ما هناك بالدم فلما أصبح ذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فجمع الناس فقال: أنشد الله رجلا فعل ما فعل لي عليه حق إلا قام فقام الأعمى يتخطى رقاب الناس وهو يتزلزل حتى قعد بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله ! أنا صاحبها كانت تشتمك وتقع فيك فأنهاها فلا تنتهي وأزجرها فلا تنزجر ولي منها ابنان مثل اللؤلؤتين وكانت بي رفيقة فلما كانت البارحة جعلت تشتمك وتقع فيك فأخذت المغول فوضعته في بطنها واتكأت عليها حتى قتلتها فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ألا اشهدوا أن دمها هدر). رواه أبو داود والنسائي.
قال الشيخ الألباني رحمه الله: (وإسناده صحيح على شرط مسلم).
قال الشيخ الألباني رحمه الله: (وإسناده صحيح على شرط مسلم).
والخامس: قد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بقتل ابن خطل وقد كان مسلما ثم ارتد مشركا. "رواه ابن أبي شيبة".
3- آثار الصحابة:
وثبت قتل المرتد من فعل صحابة النبي صلى الله عليه وسلم ورضي عنهم وإليك بعضها:
وثبت قتل المرتد من فعل صحابة النبي صلى الله عليه وسلم ورضي عنهم وإليك بعضها:
1- فعل أبي بكر رضي الله عنه عندما قاتل المرتدين بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم.
2- ومن ذلك أتي علي بن أبي طالب رضي الله عنه بزنادقة فأحرقهم بالنار كما جاء في "الصحيح"، وإنما أنكر عليه ابن عباس تحريقهم ولم ينكر عليه قتلهم.
3- ولما قدم معاذ بن جبل على أبي موسى الأشعري رضي الله عنهما إذا رجل عنده موثق، قال: ما هذا ؟ قال: كان يهوديا فأسلم ثم تهود، قال: لا أجلس حتى يقتل، قضاء الله ورسوله، فأمر به فقتل" رواه الشيخان.
4- الإجماع:
والحكم بقتل المرتد محل إجماع من المسلمين، فلم يقع في أصله خلاف، وإن حصل اختلاف في فروعه كالاستتابة ومدتها وأشياء أخرى.
والحكم بقتل المرتد محل إجماع من المسلمين، فلم يقع في أصله خلاف، وإن حصل اختلاف في فروعه كالاستتابة ومدتها وأشياء أخرى.
قال ابن عبد البر في "التمهيد": (وفقه هذا الحديث أن من ارتد عن دينه حل دمه وضربت عنقه والأمة مجتمعة على ذلك).
وقال ابن المنذر: (وأجمع أهل العلم بأن العبد إذا ارتد، فاستتيب، فلم يتب: قتل. ولا أحفظ فيه خلافا).
وقال ابن قدامة: (وأجمع أهل العلم على وجوب قتل المرتدين).
ويكفينا ذكر إجماع الصحابة على قتال المرتدين بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم فلا يعرف أن أحداً خالفهم.
ويكفينا ذكر إجماع الصحابة على قتال المرتدين بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم فلا يعرف أن أحداً خالفهم.