الإيثار بالمستحبات
قال الشيخ الألباني رحمه الله في هذه المسألة:
مسألة الإيثار بالمستحبات ؟ لا ، الإيثار بالمستحبات مكروه ، وهذا خطأ يقع فيه الناس ، مثلا يكون الشيخ في الصف الثاني وتلميذه سابقه فهو في الصف الأول ، بيتأخر يقول له اتفضل ، والشيخ بيقبلها بكل امتنان ، خطأ ، الشيخ والفريخ سواء ، ليه ؟ لأن الوقوف في الصف الأول تعرفوا أنتم أنه أفضل من الصف الثاني ، فالإيثار في المستحبات في الشرعيات في العبادات مكروه ، لأنه يدل على أن هذا المؤثِر غيره على نفسه ما عنده اهتمام بالطاعة والعبادة ، أما الإيثار الذي مُدح أو من مُدح في قوله تعالى { ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة } في الطعام والشراب والدنيا كلها ، هذا هو الإيثار الذي يُمدح عليه الإنسان ، أما في العبادات والطاعات فلا يجوز ، ينبغي أن تُلاحظ هذه القضية ولا يتطوع الإنسان بالتنازل عن عبادة لغيره ، أما إذا أمكنه الجمع فذلك خير ، يعني يوسّع له في الصف فهذا أحسن ، ( السائل : لما أركب باص يقوم أحدهم ويقول تفضل اجلس مكاني ، هل في هذا شئ علي ّ ؟ ) الشيخ : فيه شئ ، ( لا يقوم الرجل للرجل من مجلسه ، ولكن تفسحوا وتوسعوا ) ،
( السائل : هل هذه راحلة أو مجلس ؟ )
الشيخ : لا ، مجلس ، وأنا ما ذكرت الراحلة ، مجلس في الباص ، في الباص وهو جالس في مجلسه ، فهو مجلس ، أنا ما أتكلم عن الباص كراحلة مثلا ، أتكلم عن المجلس ، كما أنه أنا ما أتكلم عن الدار وقد تكون واسعة ، وإنما أتكلم عن المجلس الذي سكن فيه الضيف فيأتي آخر فيقوم له من مجلسه ،
السائل : على كل حال هل هذا الكلام على إطلاقه حتى لو كان هناك رجل كبير في السن أو ؟ )
الشيخ : أي نعم ، على إطلاقه ، ولا فرق في ذلك كما تسمع ، ( السائل : ليس منا من لم يوقر كبيرنا ويعرف لعالمنا حقه )
الشيخ : بما ليس فيه مخالفة بارك الله فيك ، بما ليس فيه مخالفة للنص ، يعني مثلا هلا أنت إذا وجدت ظلا مثلا فأنزلته فيه ، ألست قد وقرته ؟ بلى ، لكن أنت جالس في هذا المكان فقمت له وأقعدته في مجلسك ، هذه صورة تخالف الحديث صراحة ، فإذن نحن نوقر الكبير ونعرف لعالمنا حقه بدون مخالفة لنص شرعي ، ولهذا جاء في الحديث السابق في صحيح البخاري أن ابن عمر كان إذا دخل مجلسا فقام له رجل ، لا يجلس فيه ، ويقول قال عليه الصلاة والسلام : ( لا يقوم الرجل للرجل من مجلسه ، ولكن تفسحوا وتوسعوا ) ، وهو بلا شك ابن عمر أولا صحابي وعالم جليل فما كان يرضى أن يجلس في المكان الذي أخليَ له ، فإذن أنا قدمت إليك صورتين : إحداهما فيها تطبيق للحديث الذي ذكرته وهو توقير العالم ( ليس منا من لم يرحم صغيرنا ويوقر كبيرنا ويعرف لعالمنا حقه ) ، والصورة الأخرى فيها مخالفة للحديث فلا يوقر العالم بالمخالفة ، ولذلك لم يرض بمثل هذا التوقير راوي الحديث وهو عبد الله بن عمر فكان لا يجلس ،
( السائل : ليس في المجلس متسع وفسحة لهذا الشيخ الكبير في السن أو المريض ، فأنا أقوم له من مجلسي في الباص ، لأنني أقوى على الوقوف بخلاف هذا الشيخ فهو يتأذى بذلك ؟ )
الشيخ : صورة أخرى مبينة ، مبين المكتوب من عنوانه ، فهذا يجوز ، وليس له علاقة بما نحن فيه . ( السائل : امرأة في الباص ما فسحوا لها هل يقومون لها ؟ ) الشيخ : إذا كان لزم من عدم إجلاسها في مكان أحد الجالسين من الرجال مفسدة شرعية مثلا أن يأخذها الباص تارة يمنى وتارة يسرى وقد يلقي بها في حضن أحد الجالسين هذا واضح أنه لا ينبغي إلا إجلاسها ، لكن المشكلة أن المرأة بدها تجلس في مكان الرجل حيث يكون بجانبها رجل ، كيف المشكلة تنحل حينئذ ؟ يعني أريد بهذا التساؤل هو أن نتذكر أنه ما نكون في مشكلة ونصير في مشكلة ثانية ، يعني بنحل مشكلة ونقع في مشكلة أخرى ، فيجب أن نأخذ حذرنا من الوقوع فيها .
من سلسلة الهدي والنور
شريط رقم12/1