زاد المعاد في هدي خير العباد – لشيخ الإسلام ابن القيم – رحمه الله – ص 430 طبعة التقوى
وَالسّادِسُ: مِنْ اسْتِدْلَالٍ بِآثَارِ عُلْوِيّةٍ جَعَلَهَا اللّهُ تَعَالَى عَلَامَاتٍ وَأَدِلّةً وَأَسْبَابًا لِحَوَادِثَ أَرْضِيّةٍ لَا يَعْلَمُهَا أَكْثَرُ النّاسِ فَإِنّ اللّهَ سُبْحَانَهُ لَمْ يَخْلُقْ شَيْئًا سُدًى وَلَا عَبَثًا . وَرَبَطَ سُبْحَانَهُ الْعَالَمَ الْعُلْوِيّ بِالسّفْلِيّ وَجَعَلَ عُلْوِيّهُ مُؤَثّرًا فِي سُفْلِيّهِ دُونَ الْعَكْسِ فَالشّمْسُ وَالْقَمَرُ لَا يَنْكَسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلَا لِحَيَاتِهِ وَإِنْ كَانَ كُسُوفُهُمَا لِسَبَبِ شَرّ يَحْدُثُ فِي الْأَرْضِ وَلِهَذَا شَرَعَ سُبْحَانَهُ تَغْيِيرَ الشّرّ عِنْدَ كُسُوفِهِمَا بِمَا يَدْفَعُ ذَلِكَ الشّرّ الْمُتَوَقّعَ مِنْ الصّلَاةِ وَالذّكْرِ وَالدّعَاءِ وَالتّوْبَةِ وَالِاسْتِغْفَارِ وَالْعِتْقِ فَإِنّ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ تُعَارِضُ أَسْبَابَ الشّرّ وَتُقَاوِمُهَا وَتَدْفَعُ مُوجِبَاتِهَا إنْ قَوِيَتْ عَلَيْهَا . وَقَدْ جَعَلَ اللّهُ سُبْحَانَهُ حَرَكَةَ الشّمْسِ وَالْقَمَرِ وَاخْتِلَافَ مَطَالِعِهِمَا سَبَبًا لِلْفُصُولِ الّتِي هِيَ سَبَبُ الْحَرّ وَالْبَرْدِ وَالشّتَاءِ وَالصّيْفِ وَمَا يَحْدُثُ فِيهِمَا مِمّا يَلِيقُ بِكُلّ فَصْلٍ مِنْهَا فَمَنْ لَهُ اعْتِنَاءٌ بِحَرَكَاتِهِمَا وَاخْتِلَافِ مَطَالِعِهِمَا يَسْتَدِلّ على ما يحدث في النباتات والحيوان وغيرهما, وهذا أمر يعرفه كثير من أهل الفلاحة وَالزّرَاعَةِ وَنَوَاتِيّ السّفُنِ لَهُمْ اسْتِدْلَالَاتٌ بِأَحْوَالِهِمَا وَأَحْوَالِ الْكَوَاكِبِ عَلَى أَسْبَابِ السّلَامَةِ وَالْعَطَبِ مِنْ اخْتِلَافِ الرّيَاحِ وَقُوّتِهَا وَعُصُوفِهَا لَا تَكَادُ تَخْتَلّ . وَالْأَطِبّاءُ لَهُمْ اسْتِدْلَالَاتٌ بِأَحْوَالِ الْقَمَرِ وَالشّمْسِ عَلَى اخْتِلَافِ طَبِيعَةِ الْإِنْسَانِ وَتَهَيّئِهَا لِقَبُولِ التّغَيّرِ وَاسْتِعْدَادِهَا لِأُمُورِ غَرِيبَةٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ .
القول المفيد على كتاب التوحيد للشيخ محمد بن صالح العثيمين – ص
وليس من الكهانة في شيء من يخبر عن أمور تدرك بالحساب، فإن الأمور التي تدرك بالحساب ليست من الكهانة في شيء، كما لو أخبر عن كسوف الشمس أو خسوف القمر، فهذا ليس من الكهانة، لأنه يدرك بالحساب، وكما لو أخبر أن الشمس تغرب في 20 من برج الميزان مثلاً في الساعة كذا وكذا، فهذا ليس من علم الغيب، وكما يقولون: إنه سيخرج في أول العام أو العام الذي بعده مذنب (هالي)، وهو نجم له ذنب طويل، فهذا ليس من الكهانة في شيء، لأنه من الأمور التي تدرك بالحساب، فكل شيء يدرك بالحساب، فإن الإخبار عنه ولو كان مستقبلاً لا يعتبر من علم الغيب، ولا من الكهانة.
وهل من الكهانة ما يخبر به الآن من أحوال الطقس في خلال أربع وعشرين ساعة أو ما أشبه ذلك؟
الجواب: لا، لأنه أيضاً يستند إلى أمور حسية، وهي تكيف الجو، لأن الجو يتكيف على صفة معينة تعرف بالموازين الدقيقة عندهم، فيكون صالحاً لأن يمطر، أو لا يمطر، ونظير ذلك في العلم البدائي إذا رأينا تجمع الغيوم والرعد والبرق وثقل السحاب، نقول يوشك أن ينزل المطر.
فالمهم أن ما استند إلى شيء محسوس، فليس من علم الغيب، وإن كان بعض العامة يظنون أن هذه الأمور من علم الغيب، ويقولون: إن التصديق بها تصديق بالكهانة.
والشيء الذي يدرك بالحس إنكاره قبيح، كما قال السفاريني:
فكل معلوم بحس أو حجا ... ... ... ... ... فنكره جهل قبيح بالهجا
وَالسّادِسُ: مِنْ اسْتِدْلَالٍ بِآثَارِ عُلْوِيّةٍ جَعَلَهَا اللّهُ تَعَالَى عَلَامَاتٍ وَأَدِلّةً وَأَسْبَابًا لِحَوَادِثَ أَرْضِيّةٍ لَا يَعْلَمُهَا أَكْثَرُ النّاسِ فَإِنّ اللّهَ سُبْحَانَهُ لَمْ يَخْلُقْ شَيْئًا سُدًى وَلَا عَبَثًا . وَرَبَطَ سُبْحَانَهُ الْعَالَمَ الْعُلْوِيّ بِالسّفْلِيّ وَجَعَلَ عُلْوِيّهُ مُؤَثّرًا فِي سُفْلِيّهِ دُونَ الْعَكْسِ فَالشّمْسُ وَالْقَمَرُ لَا يَنْكَسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلَا لِحَيَاتِهِ وَإِنْ كَانَ كُسُوفُهُمَا لِسَبَبِ شَرّ يَحْدُثُ فِي الْأَرْضِ وَلِهَذَا شَرَعَ سُبْحَانَهُ تَغْيِيرَ الشّرّ عِنْدَ كُسُوفِهِمَا بِمَا يَدْفَعُ ذَلِكَ الشّرّ الْمُتَوَقّعَ مِنْ الصّلَاةِ وَالذّكْرِ وَالدّعَاءِ وَالتّوْبَةِ وَالِاسْتِغْفَارِ وَالْعِتْقِ فَإِنّ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ تُعَارِضُ أَسْبَابَ الشّرّ وَتُقَاوِمُهَا وَتَدْفَعُ مُوجِبَاتِهَا إنْ قَوِيَتْ عَلَيْهَا . وَقَدْ جَعَلَ اللّهُ سُبْحَانَهُ حَرَكَةَ الشّمْسِ وَالْقَمَرِ وَاخْتِلَافَ مَطَالِعِهِمَا سَبَبًا لِلْفُصُولِ الّتِي هِيَ سَبَبُ الْحَرّ وَالْبَرْدِ وَالشّتَاءِ وَالصّيْفِ وَمَا يَحْدُثُ فِيهِمَا مِمّا يَلِيقُ بِكُلّ فَصْلٍ مِنْهَا فَمَنْ لَهُ اعْتِنَاءٌ بِحَرَكَاتِهِمَا وَاخْتِلَافِ مَطَالِعِهِمَا يَسْتَدِلّ على ما يحدث في النباتات والحيوان وغيرهما, وهذا أمر يعرفه كثير من أهل الفلاحة وَالزّرَاعَةِ وَنَوَاتِيّ السّفُنِ لَهُمْ اسْتِدْلَالَاتٌ بِأَحْوَالِهِمَا وَأَحْوَالِ الْكَوَاكِبِ عَلَى أَسْبَابِ السّلَامَةِ وَالْعَطَبِ مِنْ اخْتِلَافِ الرّيَاحِ وَقُوّتِهَا وَعُصُوفِهَا لَا تَكَادُ تَخْتَلّ . وَالْأَطِبّاءُ لَهُمْ اسْتِدْلَالَاتٌ بِأَحْوَالِ الْقَمَرِ وَالشّمْسِ عَلَى اخْتِلَافِ طَبِيعَةِ الْإِنْسَانِ وَتَهَيّئِهَا لِقَبُولِ التّغَيّرِ وَاسْتِعْدَادِهَا لِأُمُورِ غَرِيبَةٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ .
القول المفيد على كتاب التوحيد للشيخ محمد بن صالح العثيمين – ص
وليس من الكهانة في شيء من يخبر عن أمور تدرك بالحساب، فإن الأمور التي تدرك بالحساب ليست من الكهانة في شيء، كما لو أخبر عن كسوف الشمس أو خسوف القمر، فهذا ليس من الكهانة، لأنه يدرك بالحساب، وكما لو أخبر أن الشمس تغرب في 20 من برج الميزان مثلاً في الساعة كذا وكذا، فهذا ليس من علم الغيب، وكما يقولون: إنه سيخرج في أول العام أو العام الذي بعده مذنب (هالي)، وهو نجم له ذنب طويل، فهذا ليس من الكهانة في شيء، لأنه من الأمور التي تدرك بالحساب، فكل شيء يدرك بالحساب، فإن الإخبار عنه ولو كان مستقبلاً لا يعتبر من علم الغيب، ولا من الكهانة.
وهل من الكهانة ما يخبر به الآن من أحوال الطقس في خلال أربع وعشرين ساعة أو ما أشبه ذلك؟
الجواب: لا، لأنه أيضاً يستند إلى أمور حسية، وهي تكيف الجو، لأن الجو يتكيف على صفة معينة تعرف بالموازين الدقيقة عندهم، فيكون صالحاً لأن يمطر، أو لا يمطر، ونظير ذلك في العلم البدائي إذا رأينا تجمع الغيوم والرعد والبرق وثقل السحاب، نقول يوشك أن ينزل المطر.
فالمهم أن ما استند إلى شيء محسوس، فليس من علم الغيب، وإن كان بعض العامة يظنون أن هذه الأمور من علم الغيب، ويقولون: إن التصديق بها تصديق بالكهانة.
والشيء الذي يدرك بالحس إنكاره قبيح، كما قال السفاريني:
فكل معلوم بحس أو حجا ... ... ... ... ... فنكره جهل قبيح بالهجا