خزانة الربانيون

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

    ماذا اصابنا

    بايزيد الداري
    بايزيد الداري
    غفر الله تعالى له
    غفر الله تعالى له


    ذكر عدد الرسائل : 1
    العمر : 42
    البلد : الجزائر
    العمل : طالب
    شكر : 0
    تاريخ التسجيل : 23/09/2009

    مرئيات ماذا اصابنا

    مُساهمة من طرف بايزيد الداري 28.09.09 14:31

    الحمد لله المتفرد بوحدانية الألوهية، والمعتز بعظمة الربوبية، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، فاطر السماوات العلا ومنشئ الأرض والثرى، وأشهد أن محمدا عبده المجتبى ورسوله المرتضى، بعثه بالنور المضيّ، والأمر المرضي، على حين فترة من الرسل، ودروس من السُّبُل، فدمغ به الطغيان، وأوضح به الإيمان، وأظهره على كل الأديان، فصلى اللهُ عليه وسلم، وعلى آله وأصحابه أجمعين.
    أما بعد: 
    فقد يسأل أحدنا نفسه ما سبب تغير الزمان وتبدله؟ ولماذا يبس ضرعه بعد غزارة؟! وذبل فرعه بعد نضارة؟! ولماذا نحل عود المسلمين بعد رطوبة؟، وفقدوا مذاق النصرة بعد عذوبة؟ لماذا حل الذلّ والهوان بديارنا فوق كل طوبة؟ وطمع فينا العدو الأقلف بعد عزة وهيبة؟، لماذا صار الشعار عند المعضلات النفاق والمداهنة؟، وعند النائبات حسن اللباس والفصاحة؟! لماذا اختلت الموازين في تقويم الرجال؛ فمن جمع وأوعى، وتفلسف وأغرب، وبحرف الدال أرغد وأزبد، فهو العاقل الذي يجب الإقتداء به، ومن قال حدثنا وسمعت، ومن الإشراف على مذاهب أهل العلم أخذت، ولا أقول بقول إلا وإليه سبقت، فهو المائق الأنوك الذي يجب الإزورار عنه؟!!
    لماذا ظهرت في ديارنا الأوجاع التي سلم منها أسلافنا، وأخذنا بالسنين وشدة المؤنة؟ لماذا صار بأسنا بيننا شديدا، وعربدت الفتنة من تحت أقدامنا؟.
    لماذا، لماذا، لماذا...........
    إنها الذنوب والمعاصي يا عبد الله، فضررها على القلب كضرر السموم على الأبدان، بل لها تأثير في الأكوان والأزمان، فقد أخرج الإمام أحمد في مسنده من طريق واصل مولى أبي عيينة، حدثني خالد بن عُر فُطة، عن طلحة بن نافع عن جابر بن عبد الله قال: كنّا مع النبي صلى الله عليه وسلم، فارتفعت ريحُ جيفةٍ منتنةٍ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أتدرون ما هذه الريح؟ هذه ريح الذين يغتابون المؤمنين)، و هذا حديث حسن. وقد أخرجه البخاري في الأدب المفرد، والخرائطي في مساوئ الأخلاق، من طريق أبي معمر المُقْعد عبد الله بن عمرو، عن عبد الوارث بن سعيد.
    وأخرجه بنحوه عبد بن حميد والبخاري في الأدب المفرد وأبو عوانة في المنافقين، والخرائطي في مساوئ الأخلاق، والبيهقي في الشعب من طرق عن الأعمش، عن أبي سفيان به.
    وحسن إسناده علامة الشام في صحيح الترغيب والترهيب.
    ألم يحدث لك يا عبد الله أن جاءتك ريح نتنة في يوم هواءه عليل، لماذا لم تسأل نفسك من غيّر الهواء العليل وجعله عليلا؟
    إنها الغيبة والنميمة التي استوطنت مجالسنا، ونامت قريرة العين في أكناف حجورنا، ما سلم من لسنا لا أخضر ولا يابس، بل لساننا لا يرد يد لامس، كم أشعلنا به من نيران، وأثرنا به من العهثان، وصدق عبد الله بن مسعود حين أقسم وقال: (والذي لا إله غيره ما على ظهر الأرض شيء أحوج إلى طول سجن من لسان) أخرجه الطبراني وصححه الألباني ذو الشان.
    ألم يحدث لك أن تكون على إشراقة عارمة، وفراسة لا تكاد تخيب، وبهجة وسرور، وفجأة تقلس نفسك ويتغير مزاجك، وتشعر بظلمة في الأفق، ألم تسأل نفسك عن السبب، ومن أين جاء العطب؟
    إنها الذنوب والمعاصي، فلا تغفل يا عبد الله عن التفتيش والتقصي، فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم كما جاء من حديث علي رضي الله عنه أنه قال: (ما من القلوب قلب إلا وله سحابة كسحابة القمر، بينا القمر مضيء إذْ علتْهُ سحابة فأظلم، إذ تجلت عنه فأضاء) أخرجه أبو نعيم وحسنه علامة الشام في الصحيحة.
    فإذا كانت الخطايا قد سودت الحجر الأسعد، وهو جماد أصلد، أفلا تسوّد مضغة من لحم أشد تقلبا من ريشة في مهب الرياح؟!
    لماذا دبّ الخلاف بين أصحاب المنهج الواحد؟ لماذا ظهر الفراق بين الأحبة.
    لماذا صار التدابر والتنافر عند بعضنا شعارا ودثارا؟
    ألم نسأل أنفسنا لماذا؟ إنها الذنوب والمعاصي، فقد جاء عن أنس مرفوعا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( ما توادّ اثنان في الله، أو في الإسلام فيفرق بينهم إلا ذنب يحدثه أحدهما) أخرجه البخاري في الأدب المفرد وصححه الشيخ الألبابي.
    فهذا الخلاف الذي نراه ونحترق بناره، ومن نئ بنفسه عنه آذاه دخانه، هو وليد الذنوب والمعاصي، فلنتق الله ونصلح مابيننا وبين الجبار يصلح ما بيننا وبين الخلق.
    كم منا يؤدي صلاة الفجر في وقتها؟ كم منا محافظ على ورده من القرآن؟ كم منا أعطى للخلق حقوقهم؟، وكم منا حاسب نفسه ونام ووصيته عند رأسه؟ وكم منا روض لسانه على ذكر الله وجعله رطبا؟ وكم، وكم؟ اللهم رحمتك وسترك فوق الأرض ويوم العرض.
    وإذا رأرأنا بأبصارنا في بعض بقاع المسلمين وجدنا الحزن والأنين، وتمكن المجرمين من المسلمين، وفرسان الوغى زعموا من وراء الجدر يقولون نحن لها، سنرمي باليهود في اليم، وندخل الأمريكان الدقم، وإذا سألنا عن حالهم وجدناهم كتلا من المعاصي والذنوب، رفض يحتاج إلى نفض، وحزبية تحتاج إلى قرض.
    أين لهم أن يتمكنوا من رقاب عدوهم وهم قد دخلوا عرين الموت، واسودت وجوهم وضربت عليهم الذلة والمسكنة والهوان، فبالأمس القريب عراق عرقها قائم على فكر البعث القاتم، فلما جاء ميقاتهم بعث رأسهم الصادم من الجحر قبل يوم البعث!.
    ما أهون الخلق على الله حين يضيعون أمره، ويستبدلونه بفكر أهوك أو أدلوجية خرقاء، وما يسعني في هذا المقام إلا أن أستشهد بفقه السلف في الملمات، فقد أخرج الإمام أحمد في الزهد من طريق صفوان بن عمرو، حدثني عبد الرحمن بن جبير بن نفير، عن أبيه قال: (لما فتحت قبرص ففُرق بين أهلها، فبكى بعضهم إلى بعض، رأيت أبا الدرداء جالسا وحده يبكي، فقلت: يا أبا الدرداء! ما يبكيك في يوم أعزّ الله فيه الإسلام وأهله؟ فقال: ويحك يا جبير؛ ما أهون الخلق على الله عزوجل إذا أضاعوا أمره! بينا هي أمة قاهرة ظاهرة، لهم الملك، تركوا أمر الله فصاروا إلى ما ترى).
    فاللهّم سترك وحفظك ياستير.

     
      #2  
     09-25-2009, 10:55 PM
    ابوعبد الباري عبد الحميد العربي 

      الوقت/التاريخ الآن هو 26.11.24 4:21