خزانة الربانيون

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

    لباس العلم

    avatar
    الشيخ إبراهيم حسونة
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 9251
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 08/05/2008

    الملفات الصوتية لباس العلم

    مُساهمة من طرف الشيخ إبراهيم حسونة 26.09.09 6:42

    (( لباس العلم ))

    لباس العلم 470674



    لباسُ العلم




    للعلومِ آثارُها التي تنطبعُ على المشتغلِ فيها ، و لها مظاهرها الحاكيةُ حقيقة القصدِ في السعي في تحصيلها ، و لا يتخلَّفُ ذلك في شيءٍ من المعارفِ و العلوم ، لأنَّ العلمَ و المعرفةَ تنميةٌ للعقلِ و تربيةٌ للفكرِ و هذا له من العائد على الشخصِ ما يُبيِّنُ للغيرِ مدى انتفاعه من اشتغاله بمعارفه و علومه .



    ليست المعارفُ تكثيرٌ للزخمِ المعلوماتي و المعرفي في الذهنِ فحسب ، بل هيَ نقلٌ للمعاني من خلالِ ضبط المباني ، و تحقيقٌ للإحكام بإتقانِ الأحكام ، فقصدُ العلمِ رصدُ الحِلم ، فالعلوم و المعارفُ تربطُ بين الظاهرِ و الباطن عند المشتغلِ بها و في تحصيلها ، فيكون للباطنِ أثرُه على الظاهرِ ، و للظاهرِ دلالةٌ على الباطن ، و الاعتبارُ بشواهد المقاصد ، و الاستئناسُ ببوادر المظاهر .
    أشاد كثيرٌ ممن اشتغل بالتربية للمشتغلين بالتعلمِ إلى مراعاةِ (( لباس العلم )) و الاهتمام به ، و يُعنى بِه الأدبُ ، فلم يُخلوا كتاباً من إشارةٍ إلى ذلك ، إن لم يكن ثمةَ صريحِ عبارة .
    و (( لباس العلم )) له مجالان :



    الأول : الذات ، عنايةُ الشخصِ في تحسين لباسِ العلم و أدبه في ذاته من أولى ما أوْليَ اهتماماً ، و من أحرى ما أعطيَ عنايةً ، لأنَّ في صيانة الشخصِ ذاته ، و رعاية أدبه في نفسه تحقيقٌ لكينونة ذلك مع الغير ، و متى كان ذلك غائباً عن وعي الشخصِ ، و مُهمَلاً من طرفِه ، فلم يُوليه اهتماماً كان فسادُ العلمِ عليه أكثرُ من الإصلاح ، لأنَّ العلمَ حيثُ لا تأديبَ و لا تهذيبَ فلا ترتيبَ .



    و لباسُ الذات له محلاَّن :



    أولهما : باطنٌ ، فيُعنى الشخصُ صاحبُ العلم و المعرفة بتحسينِ باطنِ حاله ، و تصفيةِ سِرِّ نفسِه ، من حيثُ مراقبةُ القلبِ و ما يميلُ إليه ، و تقلباتِ النفسِ مع رُعوناتها و هاويةِ الهوى ، و كذلك في تهذيبِ الروح في الإقبالِ على مقاصدِ العلوم ، و غاياتِ المعرفة ، فيكون حالُه في ذلك كلِّه أشبَه بالكمالِ ، على قدر الاستطاعة و الجهد .



    ثانيهما : ظاهرٌ ، في صيانةِ الخُلُقِ ، و الاتصافِ بالمروءةِ ، و رعايةِ حقِّ العلمِ ، و حفظِ جانبِ أهلِه ، فلا يكونَّنَّ ثغرةً مهملةً على المعارف و العلوم بزلةٍ و إهمالٍ يبدرانِ منه ، و لا يكونَّنَّ شامخاً بِقِصَرٍ ، و لا متعملقاً و هو أقزم ، و لا دعياً و هو خِلْوٌ ، فللعلمِ حقٌّ يأخذه من صاحبه نقداً لا نسيئةً متى لم يُؤَدَّ .

    الثاني : الغير ، فمُحَصِّلُ العلوم و المعارف سيكون له معَ فنونه صولاتٌ و جولاتٌ ، في تبليغٍ و نشرٍ ، و إيضاحٍ و فَسْرٍ ، و كشفٍ لِسَتْرٍ ، معَ أهلِ فنِّه أو مع من خالفَ ، و سيكون له مع الكلِّ أخذٌ و ردٌّ ، و تعقيبٌ و ترحيبٌ ، و ذلك يُلزمه أن يكون واقفاً في إظهارِه لباسَ علمه بأمورٍ ثلاثة :



    أولها : أدبُ المخالفة ، لا يكاد يتفق الكلُّ على شيءٍ ، لِعَوْدِ ذلك للفهومِ في إدراك مقاصد المعلوم ، و الفهوم متفاوتةٌ متباينة ، كما تتفاوتُ العقول ، لأنَّ الفهمَ نتاجُ عملِ العقلِ ، و العقلُ إدراكٌ لمقاصد العلم و المعرفة ، و وسائل الإدراك و مداخلِه ليست على نَسَقٍ و لا على سابلةٍ ثابتةٍ راسخة ، عندئذٍ كانت المراعاةُ لأدبِ المخالفةِ في استعراضِ الفهمِ و تحليلِ مجيئه ، معَ أدبٍ في العَرْضِ ، و علمٍ في الطرحِ ، و برهانٍ عند الإيراد ، و إعذارٍ عند الاعتراض ، ليكتملَ نَظمُ التحقيقِ للمعلومِ على وجْهِ الحُسْنِ ، و يُحفَظُ الوِدُّ .



    المعارف و العلومُ تُلهمُ صاحبَها حينَ يُدركُ حقائقَها أن يكون في دائرة الانحيازِ معَ الغيرِ ، حيثُ ما يحويه مما يذهبُ إليه منتصراً قد يكون ريباً ، و الذي في معزلٍ عن حقائق العلوم و المعارفِ و يأخذُ منها بطرفٍ ضعيفٍ فإنه باقٍ في دائرةِ الحيادِ لإيحاءِ نقصِ تحصيلِه بأنَّ ما لقيَ كثيرٌ فيعتقدُ أن في يقينٍ و أنْ ليسَ إلا الخطأ ، فيلجأ الأولُ المُدركُ للحقائق المعرفية إلى رعاية أدب المخالفة ، و يلجأُ الثاني إلى نقضِ ذلك ، فيهدمُ المصلحةَ الكبرى بتحقيقِ مصلحته الصغرى .



    ثانيها : جمالُ المعاملة ، في الخبر المروي عن النبي صلى الله عليه و سلم " الدين المعاملة " فقيامُ الدينِ على ذلك ، حيثُ الإحسانُ في العِشرة ، و الإتقانُ في تحقيق المقصدِ ، و المعاملةُ تحققها بإدراكِ مقاصدِ العلوم ، لم يكن الدينُ قائماً على المعالمة فحسب دون المعاملة ، فالمعالمةُ عندما تتخلفُ المعاملةُ تُورثُ كبراً و فساداً عريضاً لغيابِ أثر المعالمة ، و المعاملةُ إن كانت في شخصٍ دفعته لأخذ العلوم بانكسارٍ و خضوعٍ ، فالأولُ في جهلِه مركباً و الثاني بسيطاً ، و بينهما فرقٌ .



    ثالثها : النصيحة ، على وفقِ المحبة ، و قصد الرحمة ، على جادةِ الأدب ، و قانون الخُلُقِ ، و بدون ذا ضياعٌ للمعارف و العلوم ، و انصداعٌ في جدارِ المصالح الكبرى ، و قطعٌ لرحم العلوم و المعارف ، و الرحم الموصولةُ موصولٌ صاحبها ، و القاطع مقطوع ، و كلٌّ يقصد حيث أراد .



    (( لباس العلم )) حيثُ غابَ عنا رأينا خللاً في علومٍ و معارف ، و حيثُ أُهملَ دبَّ إلى الصفِّ داءُ أنصاف المتعالمين ، و حيثُ رُوعيَ كان الاكتمالُ ، و تحقيق البناءِ و الإعمار .




    والنقل
    لطفـاً .. من هنــــــــــــا
    http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=115264

    [/size]

      الوقت/التاريخ الآن هو 14.11.24 19:35