العلم وسيلة للعمل
الحمد لله والعاقبة للمتقين ولا عدوان إلاّ على الظالمين أشهد أن لاإله إلاّ الله شهادة تنجى معتقدها وعاملها بمقتضاها من كل ويل وشدّة وعذاب وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ,أرسله إلى العالم كلّه بشيرا ونذيرا صلوات الله وسلامه عليه وآله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد:
لقد صحّ عن نبينا عليه السلام فيما رواه ابن ماجه وغيره من حديث أم سلمة رضي الله عنها أنه كان يدعو بهذا الدعاء ((اللهمّ إني أسألك علما نافعا ورزقا طيّبا وعملا متقبلا)).
إن مما يجب على المسلم بل على العالم أن يعمل بما تعلّم وإلاّ جاز أن يطلق عليه بأقبح الأسماء وأشنع الألغاب.
قال الله تعالى {مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا} يقول الإمام المفسّر ابن جرير في تفسيره:يقول تعالى ذكره : مثل الذين أوتوا التوراة من اليهود والنصارى , فحملوا العمل بها { ثم لم يحملوها } يقول : ثم لم يعملوا بما فيها , وكذبوا بمحمد صلى الله عليه وسلم , وقد أمروا بالإيمان به فيها واتباعه والتصديق به { كمثل الحمار يحمل أسفارا } يقول : كمثل الحمار يحمل على ظهره كتبا من كتب العلم , لا ينتفع بها , ولا يعقل ما فيها , فكذلك الذين أوتوا التوراة التي فيها بيان أمر محمد صلى الله عليه وسلم مثلهم إذا لم ينتفعوا بما فيها , كمثل الحمار الذي يحمل أسفارا فيها علم , فهو لا يعقلها ولا ينتفع بها).اهــ
وقال تعالى { وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ,وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ}.
قال الإمام ابن القيّم رحمه الله : فشبّه سبحانه من أتاه كتابه وعلّمه العلم الذي منعه غيره فترك العمل به واتّبع هواه وآثر سخط الله على رضاه ودنياه على آخرته والمخلوق على الخالق بالكلب الذي هو من أخبث الحيوانات, وأوضعِها قدرا, وأخسّها نفسا وهمته لا تتعدى بطنه , وأشدها شرها وحرصا ومن حرصه أنه لا يمشى إلاّ وخطمه في الأرض يتشمّم ويستروح حرصا وشرها ولا يزال يشم دبره دون سائر أجزائه وإذا رميت إليه بحجر رجع إليه ليعضه من فرط نهمته وهو من أمهن الحيوانات وأحملها للهوان وأرضاها بالدنايا ,والجيف والقذرة المرُوحة أحب إليه من اللحم الطري) اهــ[إعلام الموقعين1/156]
ثم ذكر ابن القيّم ما وقع في هذه الآية من الحكم والمثل إلى أن قال : ومنها أنه سبحانه قال {وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا } فأخبر سبحانه أن الرفعة عنده ليست بمجرد العلم فإن هذا كان من العلماء وإنما هي باتباع الحق وإيثاره وقصد مرضاة الله فإن هذا كان من أعلم أهل زمانه ولم يرفعه الله بعلمه ولم ينفع به فنعوذ بالله من علم لاينفع)اهــ[الاعلام1/158].
قال الهيراني: والعالم إذا لم ينفع بعلمه ولم يستعن بنوره في ظلمات الجهل والملمات صار وبالاعليه وسلك سبيل المغضوب عليهم وترهقه ذلة كأنما أغشي وجهه قطعا من الليل مظلما وتمحو ذكره الجميل ولم يجعل له لسان صدقٍ في الآخرِين فإنه لما ترك العمل والتخلق بالأخلاق الفاضلة لم يرتفع ما يفتخر به من علوم زاخرة بل وضع علمه في أسفل سافلين وشبّه بالحمير والكلاب.
الحمد لله والعاقبة للمتقين ولا عدوان إلاّ على الظالمين أشهد أن لاإله إلاّ الله شهادة تنجى معتقدها وعاملها بمقتضاها من كل ويل وشدّة وعذاب وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ,أرسله إلى العالم كلّه بشيرا ونذيرا صلوات الله وسلامه عليه وآله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد:
لقد صحّ عن نبينا عليه السلام فيما رواه ابن ماجه وغيره من حديث أم سلمة رضي الله عنها أنه كان يدعو بهذا الدعاء ((اللهمّ إني أسألك علما نافعا ورزقا طيّبا وعملا متقبلا)).
إن مما يجب على المسلم بل على العالم أن يعمل بما تعلّم وإلاّ جاز أن يطلق عليه بأقبح الأسماء وأشنع الألغاب.
قال الله تعالى {مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا} يقول الإمام المفسّر ابن جرير في تفسيره:يقول تعالى ذكره : مثل الذين أوتوا التوراة من اليهود والنصارى , فحملوا العمل بها { ثم لم يحملوها } يقول : ثم لم يعملوا بما فيها , وكذبوا بمحمد صلى الله عليه وسلم , وقد أمروا بالإيمان به فيها واتباعه والتصديق به { كمثل الحمار يحمل أسفارا } يقول : كمثل الحمار يحمل على ظهره كتبا من كتب العلم , لا ينتفع بها , ولا يعقل ما فيها , فكذلك الذين أوتوا التوراة التي فيها بيان أمر محمد صلى الله عليه وسلم مثلهم إذا لم ينتفعوا بما فيها , كمثل الحمار الذي يحمل أسفارا فيها علم , فهو لا يعقلها ولا ينتفع بها).اهــ
وقال تعالى { وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ,وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ}.
قال الإمام ابن القيّم رحمه الله : فشبّه سبحانه من أتاه كتابه وعلّمه العلم الذي منعه غيره فترك العمل به واتّبع هواه وآثر سخط الله على رضاه ودنياه على آخرته والمخلوق على الخالق بالكلب الذي هو من أخبث الحيوانات, وأوضعِها قدرا, وأخسّها نفسا وهمته لا تتعدى بطنه , وأشدها شرها وحرصا ومن حرصه أنه لا يمشى إلاّ وخطمه في الأرض يتشمّم ويستروح حرصا وشرها ولا يزال يشم دبره دون سائر أجزائه وإذا رميت إليه بحجر رجع إليه ليعضه من فرط نهمته وهو من أمهن الحيوانات وأحملها للهوان وأرضاها بالدنايا ,والجيف والقذرة المرُوحة أحب إليه من اللحم الطري) اهــ[إعلام الموقعين1/156]
ثم ذكر ابن القيّم ما وقع في هذه الآية من الحكم والمثل إلى أن قال : ومنها أنه سبحانه قال {وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا } فأخبر سبحانه أن الرفعة عنده ليست بمجرد العلم فإن هذا كان من العلماء وإنما هي باتباع الحق وإيثاره وقصد مرضاة الله فإن هذا كان من أعلم أهل زمانه ولم يرفعه الله بعلمه ولم ينفع به فنعوذ بالله من علم لاينفع)اهــ[الاعلام1/158].
قال الهيراني: والعالم إذا لم ينفع بعلمه ولم يستعن بنوره في ظلمات الجهل والملمات صار وبالاعليه وسلك سبيل المغضوب عليهم وترهقه ذلة كأنما أغشي وجهه قطعا من الليل مظلما وتمحو ذكره الجميل ولم يجعل له لسان صدقٍ في الآخرِين فإنه لما ترك العمل والتخلق بالأخلاق الفاضلة لم يرتفع ما يفتخر به من علوم زاخرة بل وضع علمه في أسفل سافلين وشبّه بالحمير والكلاب.
يا من تقاعد عن مكارم خلقه ::::::::::::ليس التفاخر بالعلوم الزاخرهْ
من لم يهذب علمه أخلاقه:::::::::::::::::لم ينتفع بعلومه في الآخرهْ
أما إذا عمل بعلمه وتجنّب عن أماكن التهم وذاق ثمرة العلم فإنه يقتدى به ويصبح سراجا يستضاء به من ظلمات الجهل كما ينجلى ظلام الليل بالسراج المنير.
قال الحافظ الذهبي رحمه الله بعد أن نقل فضائل مرّة الطيب وكثرة عبادته :قلت: ماكان هذاالولي يكاد يتفرغ لنشر العلم ولهذا لم تكثر روايته وهل يراد من العلم إلاّ ثمرته)اهــ[سيرأعلام النبلاء4/75].
لا فلاح إلاّ بالقوتين.
من المعلوم أن العمل بلاعلم ضلالٌ وأنها من دأب النصارى خذلهم الله بل لابد أن تجتمع في السائر إلى الله والدار الآخرة بقوتين وهما القوة العلمية والقوة العملية.
تشبيه العلم بالطريق والعمل بالسير:
قال الإمام ابن القيّم رحمه الله: فبالقوة العلمية يبصر منازل الطريق ومواضع السلوك فيقصدها سائرا فيها ويتجنّبها أسباب المهالك ومواضع العطب وطرق المهالك المنحرفة عن الطريق الموصول فقوته العلمية كنوز عظيم بيده يمشى في ليلة عظيمة مظلمة شديدة الظلمة وهو يبصر بتلك النور ما يقع الماشي في الظلمة في مثله من الوهاد والمتالف ويعثر به من الأحجار والشوك وغيره ويبصر بذلك النور أيضا أعلام الطريق وأدلّتها المنصوبة عليها فلا يضل عنها فيكشف له النور عن الأمرين أعلام الطريق ومعاطبها.
من لم يهذب علمه أخلاقه:::::::::::::::::لم ينتفع بعلومه في الآخرهْ
أما إذا عمل بعلمه وتجنّب عن أماكن التهم وذاق ثمرة العلم فإنه يقتدى به ويصبح سراجا يستضاء به من ظلمات الجهل كما ينجلى ظلام الليل بالسراج المنير.
قال الحافظ الذهبي رحمه الله بعد أن نقل فضائل مرّة الطيب وكثرة عبادته :قلت: ماكان هذاالولي يكاد يتفرغ لنشر العلم ولهذا لم تكثر روايته وهل يراد من العلم إلاّ ثمرته)اهــ[سيرأعلام النبلاء4/75].
لا فلاح إلاّ بالقوتين.
من المعلوم أن العمل بلاعلم ضلالٌ وأنها من دأب النصارى خذلهم الله بل لابد أن تجتمع في السائر إلى الله والدار الآخرة بقوتين وهما القوة العلمية والقوة العملية.
تشبيه العلم بالطريق والعمل بالسير:
قال الإمام ابن القيّم رحمه الله: فبالقوة العلمية يبصر منازل الطريق ومواضع السلوك فيقصدها سائرا فيها ويتجنّبها أسباب المهالك ومواضع العطب وطرق المهالك المنحرفة عن الطريق الموصول فقوته العلمية كنوز عظيم بيده يمشى في ليلة عظيمة مظلمة شديدة الظلمة وهو يبصر بتلك النور ما يقع الماشي في الظلمة في مثله من الوهاد والمتالف ويعثر به من الأحجار والشوك وغيره ويبصر بذلك النور أيضا أعلام الطريق وأدلّتها المنصوبة عليها فلا يضل عنها فيكشف له النور عن الأمرين أعلام الطريق ومعاطبها.
بالقوة العملية يسير حقيقة فإن السير هو عمل المسافر وكذلك السائر إلى ربه إذا أبصر الطريق وأعلامها وأبصر المعاشر والوهاد والطرق الناكبة عنها فقد حصل له شطر السعادة والفلاح وبقي عليه شطر الآخر : وهو أن يضع عصاه على عاتقه ويشمر مسافرا في الطريق قاطعا منازلها منزلة بعد منزلة فكّلما قطع مرحلة استعدّ لقطع الأخرى واستشعر القرب من المنزل فهانت عليه مشقة السفر وكلما سكنت نفسه من كلال السيرومواصلة الشد والرحيل وعدها قرب التلاقي وبرد العيش عن الوصول فيحدث لها ذلك نشاطا وفرحا وهمة.)اهــ[طريقُ الهجرتين وباب السعادتين ص209].
قلت: رحم الله ابن القيّم فقد كان عالما عاملا بعلمه ربّانيا -- والرباني هو من علِم وعمل وعلّم فذاك يدعى في ملكوت السماوات --- كثير العبادة والجهد يقول عنه صاحبه الإمام المفسّرالمؤرّخ ابن كثير رحمة الله عليه : وكان حسن القراءة والخلق كثير التودد لا يحسد حدا ولا يؤذيه ولا يستعيبه ولايحقد على أحد وكنت أصحب الناس له وأحب الناس إليه ولا أعرف في هذاالعالم في زماننا أكثر عبادة منه وكانت له طريقة في الصلاة يطيلها جدا ويمد ركوعها وسجودها ويلومه كثير من أصحابه في بعض الأحيان فلا يرجع ولا ينزع عن ذلك رحمه الله)اهــ[البداية والنهاية14/232-233].
كتبه/
جامع بن عبد الله الهيراني الصومالي
والنقل
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=160683