الرد على من يقول : يا سلفيون الكل يذمكم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:
لا
شك أننا في زمن انقلب فيه المفاهيم واختلت فيه الموازين ,زمن اشتدت فيه
غربة الإسلام فعم الجهل وقل العلم وغلب السفهاء وقل العلماء وغدا المعروف
منكرا والمنكر معروفا وأصبحت السنة بدعة والبدعة سنة, ونشأ على ذلك الصغير
وهرم عليه الكبير فكثرت بذلك الفتن وانتشرت المحن فاختلط الحابل بالنابل
فلم يعرف الصاعد من النازل ولم يسلم من هذه الفتن والأهوال والمحن إلا
طائفة من البشر لقبهم النبي صلى الله عليه وسلم بالغرباء فطوبى لك أيها
السلفي الغريب.
فأنت أيها السلفي غريب في عقيدتك
غريب في أخلاقك
غريب في مظهرك
غريب في ليلك ونهار .
وقد
اقتضت حكمة الله تعالى عز وجل أن كان لهؤلاء الغرباء-جعلنا الله بمنه
ورحمته منهم- أعداء وللأعداء أتباع يشيعون ضدهم التهم والأراجيف ويختلقون
الكذب والأباطيل فوجد إبليس منهم ضالته فجندهم لخدمته فذاك شيوعي حاقد
وهذا رافضي مائق وهذا إعلامي ناهق والآخر صوفي محترق وغيرهم كثير ممن أبو
إلا أن يكونوا في جند إبليس وهواة التدليس والتلبيس الذين جعلوا المعتدل
متشدد والمتشدد معتدل ,وسو بين الضحية والجلاد , و بيننا وبينهم يوم
الميعاد .
فالدَّعوة
السَّلفية المباركة كَثُر مناوئوها وتسلَّط مخالفُوها واجتمعت كلمة
معارضيها من أهل القبلة وغيرهم على رميها عن قوس واحدة، وأطلقُوا العَنان
لألسنتهم وأقلامهم، فلَم يدَعوا عيبًا ولا سبَّةً ولا منقصَةً ولا شيئًا
يَشين ولا يزين إلاَّ وألصقوه بالسَّلفية والسَّلفيِّين، حتَّى أوهموا
السُّذَّجَ من النَّاس أنَّ هذه الدَّعوة المباركة هي سبب كلِّ مصيبةٍ
وبليَّةٍ لحقَت بالأمَّة الإسلاميَّة.
كما قد قال الله تعالى :
﴿وَكَذَلِكَ
جَعَلْنَا لِكُلِّ نِبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الإِنسِ وَالْجِنِّ يُوحِي
بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا وَلَوْ شَاء رَبُّكَ
مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُون﴾ [الأنعام:112]، وقال تعالى: ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِّنَ الْمُجْرِمِينَ وَكَفَى بِرَبِّكَ هَادِيًا وَنَصِيرًا﴾ [الفرقان:31].
وقال تعالى: ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِّنَ الْمُجْرِمِينَ وَكَفَى بِرَبِّكَ هَادِيًا وَنَصِيرًا﴾ [الفرقان:31].
فمهما
تمسك العبد بما جاء بهم الأنبياء إلا وأصابه من البلاء قدر ما تمسك به من
السنة,والمتأمل لتاريخ السلفيين عبر العصور ليعلم أنهم أهل الحق وحماته
وهم جند الله وخاصته فكم صبروا أمام الفتن وكم وقفوا ضد المجن (ولن تجد
لسنة الله تبديلا)
وليس
هذا بمُستغرب؛ فدعوة الحقِّ عبر جميع العصور تجابَه بالعداء السَّافر
والمعارضَة الشَّديدة من أصحاب الشُّبهات وأتباع الشَّهوات وأسارى الهوى؛
لأنَّها بالنِّسبة لهم خطر داهم يقضُّ مضاجعهم ويزيل عروشهم ويكسر شوكتهم؛
لأنَّها تفكُّ قلوبَ الناس وتحرِّر عقولهم من أسر الهوى وفتنة الشبهة
والخرافة، وتأخذ بها إلى أفُق التَّوحيد والعبودية لله ربِّ العالمين
ورَحابة الاتِّباع لرسول الله صلى الله عليه وسلم دون سواه.
لهذا لن أستغرب عندما يطلع علينا حاقد من هنا ويستشهد بكلام الأكثرية المشاع قائلا : يا سلفيون كل الناس تذمكم .
أو مغرر به من هناك فيقول : لو سألت أي إنسان عامي عن السلفيين لقال لك أنهم متشددون ويسبون الناس ويبدعون و..و.....
فجوابا عليه وعلى غيره ممن لم يعرفوا نور الوحي ولم يتشربوه بسبب تلك الدعايات و التضليلات أقول وبالله وحده أصول وأجول :
إن
استدلال هؤلاء الإعلاميون وبعض أبواقهم الحزبيين ومن كان على طريقتهم يسير
أو على شاكلتهم يطير بآراء العامة والرعاع لهو أقوى دليل على إفلاس القوم
فقد عجز هؤلاء أن يأتوا بدليل واحد على فساد النهج السلفي القويم فالتجأو
إلى التشويه والتنفير حتى صدقهم الكثير من العوام وتبعهم بذلك الهوام أهل
الفتن والطوام فرجعوا إلى أرائهم واستدلوا بأقوالهم فبهم يستدلون وإليهم
يعودون وكأنهم لا يعلمون أن الإستدلال بالكثرة لهو سبيل الأمم في
استدلالهم على أنبيائهم وأصحاب أنبيائهم بكثرة أموالهم وأولادهم وضعف أهل
الحق ، فقال قوم نوح له { ما نراك إلا بشراً مثلنا وما نراك اتبعك إلا الذين هم أراذلنا بادي الرأي وما نرى لكم علينا من فضل بل نظنكم كاذبين } وقال قوم صالح فيما أخبرنا الله عنهم بقوله {قال
الملأ الذين استكبروا من قومه للذين استضعفوا لمن آمن منهم أتعلمون أن
صالحاً مرسل من ربه قالوا إنا بما أرسل به مؤمنون * قال الذين استكبروا
إنا بالذي أمنتم به كافرون } وقال قوم نبينا صلى الله عليه وسلم { وقالوا نحن أكثر أموالاً وأولاداً وما نحن بمعذبين } وقال الله عز وجل { وكذلك فتنا بعضهم ببعض ليقولوا أهؤلاء من الله عليهم من بيننا } فأنظر أيها القارئ اللبيب والعاقل الرشيد إلى سلف هؤلاء القوم فقد قيل : فلكل قوم سلف .
ولا
شك أن أهل السنة هم أقل الناس وأشدهم غربة ولا يصح الإستشهاد بالكثرة
للإطاحة بهم أو السخرية منهم لأن فيه غفلة عن النصوص الكثيرة الموضحة
والمبينة أن أهل الحق قلة دائماً :
فقد قال الله تعالى: {وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَشْكُرُونَ}
وقال تعالى: {وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ}
وقال تعالى: {وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يُؤْمِنُونَ}
وقال تعالى: {وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ}
وقال تعالى يقول: {فَأَبَى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلَّا كُفُورً}
فكل هذه النصوص وغيرها كثير تذم رأي الأكثرية واتباع أكثر الناس بل الداخلون النار أكثر بكثير من أهل الجنة....
والمحصلون لأعلى رتب الأعمال القلبية والجوارحية السابقون السابقون أقل بكثير من غيرهم..
والقائمون على نصرة الحق إلى قيام الساعة طائفة قليلة .....
والفرقة الناجية واحدة من ثلاثة وسبعين فرقة....
فكيف بعد كل هذا سولت لهم
أنفسهم أن يستغلوا غربة أهل السنة السلفيين وقلتهم ليؤنبوا عليهم عامة
الناس وكثرتهم ,إن هذا التأنيب أو ذاك التشويه لأقوى دليل على صدق المنهج
السلفي وأنه هو الحق بلا منازع فأصحابه وأهله هم أهل الله وخاصته ولئن
لكان رعاع الإعلاميين أو جهلة الحزبيين أو غيرهم من المنحرفين عن الصراط
المستقيم قد وصفوه بما وصفهم به مكذبي الرسل والأنبياء فإن الكتاب والسنة
وكلام أئمة الهدى عبر العصور قد تناولتهم بالمدح والثناء ووعدتهم بالرفعة
والعلاء
وها نحنُ نرشقُ شكَّ
المترتبِ ببضعة عشرَ سهماً؛ لتنداحَ سبيل المؤمنينَ عن شجرةِ اليقينِ،
فنجني من أعلاها المغدقِ حلاوةَ الإيمانِ، ونتقلَّبَ تحتَ أسفلها المورقِ
في أفوافِ روح وريحان.
قالَ تعالى: (والسابقونَ
الأولونَ من المهاجرينَ والأنصار والَّذينَ اتبعوهم بإحسانٍ رضي الله عنهم
ورضوا عنه وأعدَّ لهم جنّاتٍ تجري مِن تحتَها الأنهارُ خالدينَ فيها أبداً
ذلكَ الفوزُ العظيمُ) ]التوبةُ: 100[ .
فوجه الدلالة أن ربنا عز وجل قد أثنى على السلف الصالح وعلى من اتبعهم بإحسان من السلفين ووعدهم بالجنات والفوز العظيم.
ومنها قولُه صلى الله عليه وسلم ( في وصفِ منهجِ الفرقةِ الناجيةِ والطائفةِ المنصورةِ:
( ما أنا عليه اليومَ وأصحابي ) .
فإن قيلَ: ليسَ من شكٍ أنَّ فهمَّ الرَّسول صلى الله عليه وسلم وفهمَ أصحابِه من بعدِه هو المنهجُ الّذي
لا
يأتيه الباطلُ من بين يديه ولا من خلفِه، لكن ما الدَّليلُ على أنَّ
المنهجَ السَّلفيَّ هو فهمُ الرَّسولِ صلى الله عليه وسلم وأصحابه؟
قلتُ: الجوابُ من وجهينِ:
أ
- إنَّ المفاهيمَ المذكورةَ آنفاً متأخَّرةٌ عن عهدِ النُّبوّةِ والخلافةِ
الرَّاشدةِ، ولا يُنسبُ السَّابقُ للاحقَّ بل العكس، فتبيّنَ أنَّ
الطائفةَ الَّتي لم تسلك هذا السُّبلَ، ولم تتبّع هذه الطُّرق، هي
الباقيةُ على الأصلِ.
ب - لسنا
نجدُ في فرقِ الأُمّةِ من هم على موافقةِ الصحابةِ رضي اللهُ عنهم غيرَ
أهلِ السنّةِ والجماعةِ من أتباعِ السَّلفِ الصالحِ أهلِ الحديثِ، دونَ
سائرِ الفرقِ:
فأمَّا المعتزلةُ، فكيفَ
يَكونونَ موافقينَ للصَّحابةِ وقد طعنَ رؤوسُهم في جِلّةِ الصحابةِ،
وأسقطوا عدالتَهم، ونسبوهم إلى الضلالِ كواصلِ بنِ عطاءٍ الَّذي قالَ: ( لو شهدَ عليٌّ، وطلحةُ، والزُّبيرُ على باقةِ بَقلٍ لم أحكم بشهَادَتِهم) .
وأمّا الخوارجُ؛ فقد
مَرقوا من الدينِ، وشذّوا عن جماعةِ المسلمينَ؛ فمن ضروريّاتِ مذهبِهم أن
يَكفَّروا عليّاً وابنيه، وابنُ عبّاسٍ وعثمان، وطلحة، وعائشة، ومعاوية،
ولا يَكونُ على سمتِ الصحابةِ من اتَّخذَهم غَرضاً وكفَّرهم.
وأمَّا الصوفيّةُ؛ فَسَخِروا من ميراثِ الأنبياءِ، وأسقطوا نَقَلَةَ الكتابِ والسنّةِ، ووصفوهم بالأمواتِ، فقال كبيرُهم: ( أنتم تأخذونَ عِلمَكم؛ ميّت عن ميّت، ونحنُ نأخذُ علمنا عن الحيّ الّذي لا يموت ) ولذلك يقولون – فضّت أفواههم، معارضين إسنادَ أهل الحديث - :
(حدَّثني قلبي عن ربّي ).
وأمَّا الشيعةُ؛ فقد زعمت أنَّ الصحابةَ رضوانُاللهِ عليهم ارتدّوا بعدَ النبيَّ صلى الله عليه وسلم سوى نفرٍ قليلٍ.
فهذا الكشيُّ – أحدُ أئمتِهم – يَروي في "رجالهِ" (ص12و13) عن أبي جعفرٍ أنه قالَ:
"كانَ الناسُ أهلَ ردَّة بعدَ النبيَّ إلا ثلاثة".
فقلتُ: من الثلاثةُ؟
فقال: المقدادُ بن الأسودِ، وأبوذرًّ الغِفاريّ، وسلمان الفارسيّ".
ويروي (ص13) عن أبي جعفرٍ أنّه قال :
"المهاجرونَ والأنصارُ ذهبوا إلا ثلاثة" .
وها هو الخُمينيُّ – آيتهم في هذا العصرِ – يَطعنُ ويلعنُ الشيخين أبا بكرٍ وعمرَ في كتابِه "كشف الأسرارِ" (ص131) فيقولُ:
"فإنَّ الشيخين ... ومن هنا نَجدُ أنفسنا مضطرّينَ على إيرادِ شواهدَ من
مُخالفتِهما الصريحةِ للقرآنِ لنثبتَ بأنهما كانا يُخالفانِ ذلكَ" .
وقالَ (ص137) : "... وأغمضَ
عينيه ، وفي أُذنيه كلماتُ ابنِ الخطابِ القائمة على الفرية، والنابعة من
أعمالِ الكفرِ والزندقةِ، والمُخالفةِ لآياتٍ وردَ ذكرها في القرآنِ
الكريمِ".
وأمّا المرجئةُ،
فيَزعمونَ أنَّ إيمانَ المنافقين الَّذينَ مردوا على النفاقِ كإيمانِ
السَّابقينَ الأولين من المهاجرينَ والأنصارِ.
فكيفَ يَكونُ هؤلاءِ موافقينَ للصحابةِ رضي اللهُ عنهم وهم:
أ – يَكفرونَ خيارَهم .
ب – لا يَقبلونَ شيئاً ممّا رووا عن رسولِ اللهِ عليه الصلاة والسلام في العقائدِ والأحكامِ.
ج – يتبعونَ نفاياتِ حضارةِ الرومانِ وفلسفةِ اليونانِ.
وبالجُملةِ؛ فهذه الفرقُ تُريدُ إبطالَ شهودِنا على الكتابِ والسّنَةِ وجرحَهم؛ فهم بالجرحِ أولى، وهم زنادقة.
وبذلكَ يتبيَّن أنَّ الفهمَ السَّلفيَّ هو منهجُ الفرقةِ النّاجيةِ والطائفةِ المنصورةِ في الفهمِ والتَّلقَّي والاستدلال.
والمقتدونَ بالصحابةِ رضي
اللهُ عنهم مَن يعملُ بالروايةِ الصحيحةِ الثابتةِ في أحكامِهم وسيِرهم
وفهمهم، وذلكَ سنةُ أهلِ الحديثِ دونَ ذوي البدعِ والأهواءِ، فصحَّ بصحةِ
ما عرضنا، وقوة إذ ذكرنا
تحقيق نجاتِهم لحكمِ الرَّسولِ عليه الصلاة والسلام بنجاةِ المقتدينَ
بسنته وسنةِ الخلفاءِ الرّاشدينَ المهديينَ من بعدِه.
وإن إن مَن يدرس أحوال
السابقين واللاحقين من الفِرق المنتسبة إلى أمة محمد ـ صلى الله عليه وسلم
ـ ويدرُس مناهجَهم وعقائدهم وأفكارَهم بإنصاف وفهم وتجرُّد يجد أنّ أهلَ
الحديث(السلفيين) هم أشدُّ الناس اتباعـًا وطاعةً وتعلُّقـًا وارتباطـًا
بما جاءهم به نبيُّهم محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ كتابـًا وسنّة، في
عقائدهم، وعباداتهم، ومعاملاتهم، ودعوتهم، واستدلالهم، واحتجاجهم؛ وهم على
غاية من الثقة والطمأنينة بأن هذا هو المنهج الحق الذي لا يأتيه الباطل من
بين يديه ولا من خلفه، وأنه الطريقُ السليم، والصراطُ المستقيم؛ وما عدا
ذلك من المناهج والسبل فأمرٌ لم يشرعه الله ولم يرضَ به، ولا يؤدِّي إلاّ
إلى الهلاك والعطب.
وإليك أخي القارى شهادات الأئئمة العدول الصادقين لهم بأنهم على الصراط المستقيم والحق الواضح المبين