خزانة الربانيون

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

    الدرر الغوالي من ابن بدران إلى طلبة العلم [ المنهج في دراسة الفقه وغيره من العلوم ]

    avatar
    الشيخ إبراهيم حسونة
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 9251
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 08/05/2008

    الملفات الصوتية الدرر الغوالي من ابن بدران إلى طلبة العلم [ المنهج في دراسة الفقه وغيره من العلوم ]

    مُساهمة من طرف الشيخ إبراهيم حسونة 23.08.09 11:45

    الدرر الغوالي من ابن بدران إلى طلبة العلم

    [ المنهج في دراسة الفقه وغيره من العلوم]

    فاصل


    وبعد:


    فهذه درر غوالي من كلام الشيخ عبد القادر بن بدران الدمشقي, وهي من النفاسة بمكان, ما تستحق معه القراءة مرات ومرات

    والوصاية لطلبة العلم بل وأهل العلم بقراءتها, والسير على ما رسمه فيها, خاصة في طريقة التفقه.

    ولاحظ أخي الكريم حرصهم _ ابن بدران وغيره_ على التدرج وعدم التذبذب, التي يعاني في هذ الأيام منها الكثير
    فمرة في هذا الكتاب ومرة في ذاك, ونتفا من الوقت عند العالم الفلاني, وشيئا يسيرا عند ذاك.


    حتى إذا مضى به قطار الزمان والتفت إلى الوراء لم يجد إلا بلاقع , ولم ير في رصيده إلا الأصفار, فرأينا كثيا منهم لما رأى هذه النتيجة ترك الطلب وانقلب !!


    لذا وجب الحرص على التدرج.
    وهذا لا يعنى البلادة, وضياع العمر فيها_ أي المختصرات_


    حتى رأينا من أمضى في العلم سنين عددا يسأل :

    ما أفضل شرح للأصول الثلاثة والبيقونية؟!!!

    بل هي مدد قصيرة من الزمن , ينطلق بعدها إلى الأمهات.


    وهذا أوان الشروع في المقصود :

    فاصل

    [ نداء إلى المعلمين]


    "اعلم أن كثيرا من الناس يقضون السنين الطوال في تعلم العلم, بل في علم واحد ولا يحصلون منه على طائل وربما قضوا أعمارهم , ولم يرتقوا عن درجة المبتدئين وإنما يكون ذلك لأحد أمرين:
    أحدهما:
    عدم الذكاء الفطري وانتفاء الإدراك التصوري وهذا لا كلام لنا فيه ولا في علاجه.
    والثاني:
    الجهل بطرق التعليم, وهذا قد وقع فيه غالب المعلمين فتراهم يأتي إليهم الطالب المبتدىء ليتعلم النحو مثلا فيشغلونه بالكلام على البسملة, ثم على الحمدلة, أياما بل شهورا, ليوهموه سعة مداركهم وغزارة علمهم ثم إذا قدر له الخلاص من ذلك أخذوا يلقنونه متنا أو شرحا بحواشيه وحواشي حواشيه, ويحشرون له خلاف العلماء, ويشغلونه بكلام من رَد على القائل, وما أجيب به عن الرد ولا يزالون يضربون له على ذلك الوتر, حتى يرتكز في ذهنه أن نوال هذا الفن من قبيل الصعب الذي لا يصل إليه إلا من أوتي الولاية وحضر مجلس القرب والاختصاص . هذا إذا كان الملقن يفهم ظاهرا من عبارات المصنفين.

    وأما إذا كان من أهل الشغف بالرسوم أشير إليه بأنه عالم, فموه على الناس وأنزل نفسه منزلة العلماء المحققين وجلس للتعليم فيأتيه الطالب بكتاب مطول أو مختصر فيتلقاه منه سردا , لا يفتح له منه مغلقا, ولا يحل له طلسما.

    فإذا سأله ذلك الطالب المسكين عن حل مشكل, انتفخ أنفه, وورم , وقابله بالسب والشتم , ونسبه إلى البهائم, ورماه بالزندقة, وأشاع عنه أنه يطلب الاجتهاد.

    ومن أولئك من لا يروم الحماقة, لكنه يقول: إننا نقرأ الكتب للتبرك بمصنفيها , وأكثر هؤلاء هم الذين يتصدرون لأقراء كتب المتصوفة, فإنهم يصرحون بأن كتبهم لا يفهمها إلا أهلها , وأنهم إنما يشغلون أوقاتهم بها تبركا. ولعمري لو تبرك هؤلاء بكتاب الله المنزل لكان خيرا لهم من ذلك الفضول وهؤلاء "كالمنبت لا أرضا قطع ولا ظهرا أبقى".

    ومنهم من يكون داريا بالمسائل وحل العبارات, ولكنه متعاظم في نفسه فإذا جاءه طالب علم الفقه أحاله على "شرح منتهى الإرادات" إن كان حنبليا وعلى "الهداية" إن كان حنفيا وعلى" التحفة" إن كان شافعيا وعلى" شرح مختصر خليل" للحطاب إن كان مالكيا. ثم إن كان مبتدئا صاح قائلا إلى الملتقى يوم الدين.

    وإن كان ممن زاول العربية وأخذ طرفا من فن أصول الفقه انتفع انتفاعا نسبيا لا حقيقيا.

    وقد تفطن فلاسفة المسلمين لهذا الداء فألف أبو نصر الفارابي رسالة في كيفية المدخل إلى كتب أرسططاليس الفلسفية وحذا حذوه قوم من علماء الشرع, فأثبتوا نتفا من الكلام في هذا الموضوع , إذ غاية أمرهم أنهم يتكلمون على الفنون, فيذكرون الكتب المختصرة في الفن, والمتوسطة والمطولة. وربما كان ما ذكروه مشهورا في أيامهم , ثم عز وجوده وانقطع خبره.

    ثم إنه بعد الألف من الهجرة ألف الفاضل المحدث الشيخ أحمد المنيني الدمشقي كتابا لطيفا سماه "الفرائد السنية في الفوائد النحوية" وأشار فيه إلى طرف من آداب المطالعة وقد لخصت ذلك الطرف في رسالة , وزدت عليه أشياء استفدتها بالتجربة وسميت تلك الرسالة "آداب المطالعة" وذكرت أيضا جملة كافية في مقدمة كتابي" إيضاح المعالم من شرح العلامة ابن الناظم" الذي هو شرح ألفية ابن مالك في النحو .

    avatar
    الشيخ إبراهيم حسونة
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 9251
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 08/05/2008

    الملفات الصوتية رد: الدرر الغوالي من ابن بدران إلى طلبة العلم [ المنهج في دراسة الفقه وغيره من العلوم ]

    مُساهمة من طرف الشيخ إبراهيم حسونة 23.08.09 11:59


    [ كيفية التفقه]


    وحيث إن كتابي هذا مدخل لعلم الفقه أحببت أن أذكر من النصائح ما يتعلق بذلك العلم فأقول:

    لا جرم أن النصيحة كالفرض, وخصوصا على العلماء

    فالواجب الديني على المعلم _إذا أراد إقراء المبتدئين _ أن يقرئهم أولا كتاب "أخصر المختصرات" أو "العمدة" للشيخ منصور متنا إن كان حنبليا, أو "الغاية" لأبي شجاع إن كان شافعيا, أو "العشماوية" إن كان مالكيا, أو "منية المصلي" أو "نور الإيضاح" إن كان حنفيا.

    ويجب عليه أن يشرح له المتن بلا زيادة ولا نقصان, بحيث يفهم ما اشتمل عليه ويأمره أن يصور مسائله في ذهنه, ولا يشغله بما زاد على ذلك.

    وقد كانت هذه طريقة شيخنا العلامة الشيخ محمد بن عثمان الحنبلي, المشهور "بخطيب دوما" المتوفى بالمدينة المنورة سنة ثمان وثلاث مئة بعد الألف

    [size=25]وكان رحمه الله يقول لنا :

    لا ينبغي لمن يقرأ كتابا أن يتصور أنه يريد قراءته مرة ثانية, لأن هذا التصور يمنعه عن فهم جميع الكتاب, بل يتصور أنه لا يعود إليه مرة ثانية أبدا .

    وكان يقول : كل كتاب يشتمل على مسائل ما دونه وزيادة, فحقق مسائل ما دونه لتوفر جدك على فهم الزيادة. انتهى.

    ولما أخذت نصيحته مأخذ القبول لم أحتج في القراءة على الأساتذة في العلوم والفنون إلى أكثر من ست سنين, فجزاه الله خيرا, وأسكنه فراديس جنانه .

    فإذا فرغ الطالب من فهم تلك المتون, نقله الحنبلي إلى "دليل الطالب", والشافعي إلى "شرح الغاية", والحنفي إلى "ملتقى الأبحر", والمالكي إلى "مختصر خليل", وليشرح له تلك الكتب على النمط الذي أسلفناه.

    فلا يتعداه إلى غيره, لأن ذهن الطالب لم يزل كليلا ووهمه لم يزل عنه بالكلية.

    والأولى عندي للحنبلي أن يبدٍل "دليل الطالب" "بعمدة" موفق الدين المقدسي إن ظفر بها, ليأنس الطالب بالحديث, ويتعود على الاستدلال به, فلا يبقى جامدا .

    ثم إذا شرح له تلك الكتب, وكان قد اشتغل بفن العربية على النمط المتقدم, أوفقه هنالك, وأشغله بشرح أدنى مختصر في مذهبه في فن أصول الفقه, كـ "الورقات" لإمام الحرمين, وشرحها للمحلي, دون مالها من شرح الشرح لابن قاسم العبادي, والحواشي التي على شرحها .

    فإذا أتمها نقله إلى "مختصر التحرير" إن كان حنبليا مثلا, ويتخير له من أصول مذهبه ما هو أعلى من الورقات وشرحها.

    فإذا أتم شرح ذلك, أقرأه الحنبلي "الروض المربع بشرح زاد المستنقع", والحنفي "شرح الكنز" للطائي, والمالكي أحد شروح متن خليل المختصرة, والشافعي شرح الخطيب الشربيني للغاية, ولا يتجاوز الشروح إلى حواشيها, ولا يقرئها إياه إلا بعد اطلاعه على طرف من فن أصول الفقه.

    واعلم أنه لا يمكن للطالب أن يصير متفقها ما لم تكن له دراية بالأصول, ولو قرأ الفقه سنينا وأعواما, ومن ادعى غير ذلك كان كلامه إما جهلا وإما مكابرة .

    فإذا انتهى من هذه الكتب وشرحها شرح من يفهم العبارات ويدرك بعض الإشارات, نقله الحنبلي إلى" شرح المنتهى" للشيخ منصور, و"روضة الناظر وجنة المناظر" في الأصول, والشافعي إلى" التحفة" في الفقه, "وشرح الإسنوي على منهاج البيضاوي" في الأصول, والمالكي إلى "شرح مختصر ابن الحاجب" الأصولي , و"شرح أقرب المسالك لمذهب مالك", والحنفي إلى "الهداية" و"شرح المنار في الأصول"

    فإذا فرغ من هذه الكتب وشرحها بفهم و إتقان, قرأ ما شاء وطالع ما أراد , فلا حجر عليه بعد هذا.

    [/size]
    avatar
    الشيخ إبراهيم حسونة
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 9251
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 08/05/2008

    الملفات الصوتية رد: الدرر الغوالي من ابن بدران إلى طلبة العلم [ المنهج في دراسة الفقه وغيره من العلوم ]

    مُساهمة من طرف الشيخ إبراهيم حسونة 23.08.09 12:03


    [ التفقه على طريقة ابن بدران]

    واعلم أن للمطالعة وللتعليم طرقا ذكرها العلماء , وإننا نثبت هنا ما أخذناه بالتجربة , ثم نذكر بعضا من طرقهم, لئلا يخلو كتابنا هذا من هذه الفوائد.

    إذا تمهد هذا فاعلم أننا اهتدينا _بفضله تعالى_ أثناء الطلب إلى قاعدة , وهي أننا كنا نأتي إلى المتن أولا, فنأخذ منه جملة كافية للدرس , ثم نشتغل بحل تلك الجملة من غير نظر إلى شرحها , ونزاولها حتى نظن أننا فهمنا , ثم نقبل على الشرح فنطالعه المطالعة الأولى امتحانا لفهمنا, فإن وجدنا فيما فهمناه غلطا صححناه , ثم أقبلنا على تفهم الشرح على نمط ما فعلناه في المتن , ثم إذا ظننا أننا فهمناه راجعنا حاشيته _إن كان له حاشية_ مراجعة امتحان لفكرنا , فإذا علمنا أننا فهمنا الدرس تركنا الكتاب واشتغلنا بتصوير مسائله في ذهننا , فحفظناه حفظ فهم وتصور , لا حفظ تراكيب وألفاظ , ثم نجتهد على أداء معناه بعبارات من عندنا , غير ملتزمين تراكيب المؤلف , ثم نذهب إلى الأستاذ للقراءة , وهنالك نمتحن فكرنا في حل الدرس , ونقٍوم ما عساه أن يكون به من اعوجاج , ونوفر الهمة على ما يورده الأستاذ مما هو زائد على المتن والشرح .


    وكنا نرى أن من قرأ كتابا واحدا من فن على هذه الطريقة سهل عليه جميع كتب هذا الفن , مختصراتها ومطولاتها , وثبتت قواعده في ذهنه , وكان الأمر على ذلك .


    فاصل

    [ الابتعاد عن الكتب المعقدة والعويصة]

    ثم إن الأولى في تعليم المبتدىء أن يجنبه أستاذه عن إقرائه الكتب الشديدة الاختصار , العسرة على الفهم , كـ"مختصر الأصول" لابن الحاجب , و"الكافية" له في النحو , لأن الاشتغال بمثل هذين الكتابين المختصرين إخلال بالتحصيل , لما فيهما وفي أمثالهما من التخليط على المبتدىء , بإلقاء الغايات من العلم عليه , وهو لم يستعد لقبولها بعد , وهو من سوء التعليم , ثم فيه مع ذلك شغل كبير على المتعلم بتتبع ألفاظ الاختصار العويصة للفهم , بتزاحم المعاني عليها , وصعوبة استخراج المسائل من بينها, لأن ألفاظ المختصرات تجدها _لأجل ذلك_ صعبة عويصة , فينقطع في فهمها حظ صالح عن الوقت , كما أشار إلى ذلك ابن خلدون في مقدمته


    ثم قال:
    وبعد ذلك فالملكة الحاصلة من التعليم في تلك المختصرات إذا تم على سداده , ولم ُتعقبه آفة , فهي ملكة قاصرة عن الملكات التي تحصل من الموضوعات البسيطة المطولة , بكثرة ما يقع في تلك من التكرار والإحالة المفيدين لحصول الملكة التامة , وإذا اقتصر على التكرار قصرت الملكة لقلته , كشأن هذه الموضوعات المختصرة , فقصدوا إلى تسهيل الحفظ على المتعلمين , فأركبوهم صعبا يقطعهم عن تحصيل الملكات النافعة وتمكنها. هذا كلامه.


    واعلم أنك إذا قابلت بين من قرأ "الكافية" وبين من قرأ ابن عقيل شرح ألفية ابن مالك , وجدت الأول جامدا غير متسع الصدر في ذلك الفن , ووجدت الثاني أغزر مادة منفسحا له المجال.


    وحاصل الأمر أن الأستاذ ينبغي أن يكون حكيما, يتصرف في طرق التعليم بحسب ما يراه موافقا لاستعداد المتعلم , وإلا ضاع الوقت بقليل من الفائدة وربما
    لم توجد الفائدة أصلا.


    وطرق التعليم أمر ذوقي , وأمانة مودعة عند الأساتذة , فمن أداها أثيب على أدائها , ومن جحدها كان مطالبا بها.


    وقد أودع ابن خلدون في مقدمة تاريخه نفائس من هذه المباحث, كالمقدمات , ومطالعتها تهدي النتيجة لصادق الهمة , مطلق من قيد التقليد .


    ولله در ابن عرفة المالكي حيث قال:

    إذا لم يكن في مجلس الدرس نكتة ... وتقرير إيضاح لمشكل صورة
    وعزو غريب النقل أو حل مقفل ... أو إشكال أبدته نتيجة فكرة
    فدع سعيه وانظر لنفسك واجتهد ... ولا تتركن فالترك أقبح خلة

    وهنا وقف بنا جواد القلم عن المجال في هذا الميدان على سبيل الاختصار , ولو ركبنا متن الإسهاب لطال الكتاب , والهمم قاصرة , والإقبال في عصرنا على العلم قد صار روضة كالهشيم تذروه الرياح , وغضونه ذابلة , وجداوله تشتاق إلى الماء. فنسأله تعالى أن يرفع له منارا ويجدد شوقا لأهله على الإقبال عليه بمنه وكرمه".ا . هـ


    [ المدخل 485_ 492]



    والنقل
    http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=174818


      الوقت/التاريخ الآن هو 15.11.24 2:27