خزانة الربانيون

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

    أحكام الغصب في الفقه الإسلاميّ.

    avatar
    الشيخ إبراهيم حسونة
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 9251
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 08/05/2008

    الملفات الصوتية أحكام الغصب في الفقه الإسلاميّ.

    مُساهمة من طرف الشيخ إبراهيم حسونة 06.08.09 7:57

    أحكام الغصب في الفقه الإسلاميّ. Icon1 أحكام الغصب في الفقه الإسلاميّ.

    Embarassed

    http://www.iu.edu.sa/arabic/daleel/r...h/Master/9.Htm

    أحكام الغصب في الفقه الإسلاميّ.

    الباحث :

    إبراهيم بن يوسف محمّد إبراهيم المغيربيّ
    الجنسية: سعوديّ

    المشرف :

    د/ محمود عليّ أحمد إبراهيم
    المرحلة: الماجستير

    تاريخ المناقشة : 1403/3/20 هـ
    التقدير : جيّد جدّاً

    عدد المجلدات : 1
    عدد الصفحات: 511


    ملخص تعريفي للرسالة :


    قسم الباحث رسالته إلى مقدمة وثمانية فصول.

    المقدمة:
    تكلم فيها عن الحالة التاريخية للعرب قبل الإسلام وبعده.

    الفصل الأول:
    التعريف اللغوي والاصطلاحي لمعنى الغصب ومحترزات التعريف، وذلك عند كل المذاهب الفقهية، ثم اختيار التعريف الملائم.

    الفصل الثاني:
    أورد فيه أركان الغصب وشروطه: الغاصب وشروطه، المغصوب وشروطه، المغصوب منه وشروطه.

    الفصل الثالث:
    ذكر فيه حكم الغصب التكليفي: الأدلة من الكتاب والسنة والإجماع.

    الفصل الرابع:
    أحكام رد الغصب، تعريف القيمي والمثلي، وحكم الرد، أدلة الوجوب، مستلزمات الرد وكيفيته، تعذر الرد.

    الفصل الخامس:
    ذكر فيه الضمان وأحكامه المتعلقة بالغصب: تعريفه، أسبابه، كيفيته، ضمان المثل بالمثل، ضمان العروض من الحيوان وغيره، وقت تحديد القيمة في المثلي، ضمان غصب العقار، ضمان منافع العين المغصوبة، حكم زوائد المغصوب، الأيدي المترتبة على ايدي الغاصب.

    الفصل السادس:
    ذكر فيه أحكام تغير المغصوب: تغير العين المغصوبة، تغير صفات المغصوب، تغير القيمة، اختلاط المغصوب بغيره، حكم الجناية على الحيوان.

    الفصل السابع:
    أورد فيه تصرفات الغاصب: حكم العقود التي يجريها، التصرفات الفعلية.

    الفصل الثامن:
    أورد فيه اختلاف الغاصب والمغصوب منه صلى الله عليه وسلم دعاوى الغصب): التنازع في تلف المغصوب، التنازع في صفة المغصوب، الاختلاف في قيمة المغصوب.

    الخاتمة:
    ذكر فيها أهم النتائج التي توصل إليها، وهي أن الغصب سبب للضمان، وأن الغاصب يلزمه رد المغصوب، ومنافع المغصوب يضمنها الغاصب، وأن الغاصب يضمن أي نقص يلاقي المغصوب،

    وخرج الباحث بنتيجتين وفكرتين مهمتين:

    1- عظمة الفقه الإسلامي وشموله وأصالته.

    2- أن الفقهاء يلتقون أكثر مما يختلفون، وأنهم كلهم ينشدون الحقيقة، ويهتدون بالأدلة.

    avatar
    الشيخ إبراهيم حسونة
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 9251
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 08/05/2008

    الملفات الصوتية رد: أحكام الغصب في الفقه الإسلاميّ.

    مُساهمة من طرف الشيخ إبراهيم حسونة 06.08.09 8:05

    غصب

    التعريف :

    1 - الغصب لغة : هو أخذ الشيء ظلما وقهرا ، والاغتصاب مثله ، يقال : غصبه منه وغصبه عليه بمعنى واحد .
    واصطلاحا عرفه أبو حنيفة وأبو يوسف بأنه : إزالة يد المالك عن ماله المتقوم على سبيل المجاهرة والمغالبة بفعل في المال .
    وعرفه المالكية بأنه : أخذ مال قهرا تعديا بلا حرابة . وعرفه الشافعية بأنه : الاستيلاء على حق الغير عدوانا ، أي بغير حق . وعرفه الحنابلة بأنه : الاستيلاء على مال الغير قهرا بغير حق . ( الألفاظ ذات الصلة ) :


    أ - ( التعدي ) :

    2 - التعدي هو : مجاوزة الحد والحق ، فهو أعم من الغصب .

    ب - ( الإتلاف ) :

    3 - الإتلاف هو : إخراج الشيء من أن يكون منتفعا به منفعة مطلوبة منه عادة . والقدر المشترك بين الإتلاف والغصب هو تفويت المنفعة على المالك . ويختلفان في أن الغصب لا يتحقق إلا بزوال يد المالك أو تقصير يده . أما الإتلاف فقد يتحقق مع بقاء اليد . كما يختلفان في الآثار من حيث المشروعية أو ترتب الضمان .

    ج - ( الاختلاس ) :
    4 - الاختلاس لغة : أخذ الشيء مخادعة عن غفلة .
    واصطلاحا : أخذ الشيء بحضرة صاحبه جهرا مع الهرب به ، سواء جاء المختلس جهارا أو سرا .
    والصلة أن في كل منهما أخذ مال الغير بغير حق ، لكن الوسيلة فيهما تختلف .

    د - ( السرقة ) :
    5 - السرقة : هي أخذ مال الغير من حرز مثله على وجه الخفية والاستتار ، وهي توجب الحد .

    والصلة أن الغصب أخذ مال الغير علانية دون استخفاء ، بخلاف السرقة فإنها تكون خفية واستتارا .

    هـ - الحرابة :
    6 - الحرابة : أخذ المال على وجه القهر بحيث يتعذر معه الغوث أو النجدة وحكمها يختلف عن حكم الغصب في الجملة ، لأن المحارب يقتل أو يصلب أو يقطع من خلاف أو ينفى من الأرض ، ولا يفعل بالغاصب شيء من ذلك .


    ( الحكم التكليفي ) :


    7 - الغصب حرام إذا فعله الغاصب عن علم ؛ لأنه معصية ، وقد ثبت تحريمه بالقرآن والسنة والإجماع .


    أما القرآن الكريم : فقول الله تعالى : { يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم }

    وأما السنة الشريفة : فمنها قوله صلى الله عليه وسلم : { إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم حرام عليكم ، كحرمة يومكم هذا ، في بلدكم هذا في شهركم هذا } وقوله : { لا يحل مال امرئ إلا بطيب نفسه }

    وأما الإجماع : فقد أجمع المسلمون على تحريم الغصب ، وإن لم يبلغ المغصوب نصاب سرقة .


    ما يتحقق به الغصب :


    8 - في بيان ما يتحقق به الغصب اتجاهان :

    الأول : للمالكية والشافعية والحنابلة ومحمد وزفر من الحنفية : وهو أن الغصب يتحقق بمجرد الاستيلاء ، أي إثبات يد العدوان على الشيء المغصوب ، بمعنى إثبات اليد على مال الغير بغير إذنه ، ولا يشترط إزالة يد المالك .
    وليس المقصود من الاستيلاء ، الاستيلاء الحسي بالفعل ، وإنما يكفي الحيلولة بين المال وبين صاحبه ، ولو أبقاه بموضعه الذي وضعه فيه .

    والثاني : لأبي حنيفة وأبي يوسف ، وبرأيهما يفتى في المذهب : وهو أن الغصب إزالة يد المالك عن ماله المتقوم على سبيل المجاهرة والمغالبة ، بفعل في المال ، أي أن الغصب لا يتحقق إلا بأمرين اثنين هما :
    إثبات يد الغاصب ( وهو أخذ المال )
    وإزالة يد المالك ، أي بالنقل والتحويل .
    والمراد باليد : القدرة على التصرف
    وعدم اليد : عدم القدرة على التصرف .


    ما يتحقق فيه الغصب :


    9 - ما يتحقق فيه الغصب منه ما هو متفق عليه ، ومنه ما هو مختلف فيه . أما المتفق عليه فهو المال المنقول المتقوم المعصوم المملوك لصاحبه غير المباح ، فما يملكه المسلم أو الذمي من غير الخمر والخنزير والصلبان ، كالأمتعة الشخصية والكتب والحلي والدواب والسيارات ، يتصور فيه الغصب . وأما المختلف في تحقق الغصب فيه ، فهو ما يأتي :

    أ - ( العقار ) :


    10 - العقار هو : كل ما لا يمكن نقله وتحويله من مكان إلى آخر كالأرض والدار .

    وقد ذهب جمهور الفقهاء من المالكية والشافعية والحنابلة ومحمد وزفر من الحنفية إلى أنه يتصور غصب العقار من الأراضي والدور ، ويجب ضمانها على غاصبها ؛ لأنه يكفي عندهم لتوافر معنى الغصب إثبات يد الغاصب على الشيء بالسكنى ووضع الأمتعة وغيرها ، ويترتب عليه ضمنا بالضرورة إزالة يد المالك ؛ لاستحالة اجتماع اليدين على محل واحد في حالة واحدة .
    واستدلوا بقوله صلى الله عليه وسلم : { من ظلم قيد شبر من الأرض طوقه من سبع أرضين } فإنه يدل على تحقق الغصب في العقار
    ، قال ابن حجر : وفي الحديث إمكان غصب الأرض . وذهب أبو حنيفة وأبو يوسف إلى أن الغصب لا يتحقق إلا فيما ينقل ويحول ؛ لأن حقيقة الغصب في رأيهما - وهو إزالة يد المالك بالنقل - لا تتحقق إلا فيه دون غيره .

    وأما العقار كالأرض والدار فلا يتصور وجود معنى الغصب فيه ؛ لعدم إمكان نقله وتحويله ، فمن غصب عقارا فهلك في يده بآفة سماوية ، كغلبة سيل أو حريق أو صاعقة ، لم يضمنه عندهما ؛ لعدم تحقق الغصب بإزالة اليد ؛ لأن العقار في محله لم ينقل ، فصار كما لو حال بين المالك وبين متاعه ، فتلف المتاع ، فلا يضمن عندهما ،
    أما لو كان الهلاك بفعل الغاصب كأن هدمه ، فيضمنه ، لأن الغصب إذا لم يتحقق في العقار ، فيعتبر الإتلاف ، والإتلاف مضمون على المتلف . وذكر في المبسوط : والأصح أن يقال : جحود الوديعة لو كانت عقارا بمنزلة الغصب ، فلا يكون موجبا للضمان في العقار في قول أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما الله .

    ب - ( العين المؤجرة ) :

    11 - اختلف الفقهاء في غصب العين المؤجرة . فذهب بعضهم إلى أنه إذا غصبت العين المؤجرة ثبت الخيار للمستأجر في فسخ الإجارة لذهاب محل استيفاء المنفعة ، أو عدم الفسخ . وفصل آخرون في الحكم . وللتفصيل ينظر مصطلح ( إجارة ف 54 )

    ج - زوائد المغصوب وغلته ومنافعه :

    12 - اختلف الفقهاء في تحقق غصب زوائد المغصوب وغلته ومنافعه أو عدم تحققه ، فذهب فريق منهم إلى وقوع ذلك ، وخالفه آخرون ، وتوسط فريق ثالث ورتبوا على ذلك خلافهم في الضمان وسيأتي تفصيل ذلك .

    غصب غير المتقوم :


    13 - قال الشافعية والحنابلة : لا تضمن الخمر والخنزير ، سواء أكان متلفها مسلما أم ذميا ، وسواء أكانت لمسلم أم لذمي إذ لا قيمة لها ، كالدم والميتة وسائر الأعيان النجسة ، وما حرم الانتفاع به لم يضمن ببدل عنه ، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم حرم بيع الخمر ، وأمر بإراقتها ، فما لا يحل بيعه ولا تملكه ، لا ضمان فيه . لكن إذا كانت خمر الذمي ما زالت باقية عند الغاصب ، يجب ردها عليه ؛ لأنه يقر على شربها . فإن غصبها من مسلم لم يلزم عند الحنابلة ردها .


    ويجب إراقتها ، لأنه لا يقر على اقتنائها ، ويحرم ردها إلى المسلم إذا لم يكن صانع خل ( خلالا ) ؛ لأنه إعانة له على ما يحرم عليه .
    وفصل الشافعية في الأمر ، فقالوا : ترد الخمر المحترمة - وهي التي عصرت بقصد الخلية ، أو بغير قصد الخمرية وهو المعتمد - المغصوبة من مسلم إليه ، ولا ترد الخمر غير المحترمة ، بل تراق . ولو غصب عصيرا ، فتخمر ، ثم تخلل ، فالأصح عند الشافعية أن الخل للمالك ، وعلى الغاصب أرش ما نقص من قيمة العصير إن كان الخل أنقص قيمة من العصير ، لحصوله في يده ،
    وقال الحنابلة : إنه يجب عليه مثل العصير . ولو غصب شخص جلد ميتة فدبغه ، فالأصح عند الشافعية أيضا أن الجلد للمغصوب منه ، كالخمر التي تخللت ، فإذا تلفا بيده ضمنهما .
    وعند الحنابلة : لا يلزم الغاصب رد جلد الميتة ولو دبغه ؛ لأنه لا يطهر بدبغه عندهم ، ولا قيمة له ؛ لأنه لا يصح بيعه .
    وذهب الحنفية إلى أنه لا يضمن الغاصب خمر المسلم أو خنزيره إذا غصبه وهلك في يده ، أو استهلكه ، أو خلل الخمر ، سواء أكان الغاصب مسلما أم ذميا ؛ لأن الخمر ليست بمال متقوم في حق المسلم ، ويجب إراقتها ، وكذا الخنزير غير متقوم . لكن لو قام الغاصب بتخليل خمر المسلم ، ثم استهلكها يضمن خلا مثلها لا خمرا ؛ لأنه وجد منه سبب الضمان ، وهو إتلاف خل مملوك للمغصوب منه ، فيضمن ، ولصاحب الخمر أن يأخذ الخل بغير شيء ؛ وكذلك يضمن الغاصب جلد الميتة إذا دبغه الغاصب ، ويأخذ جلد الميتة ويرد عليه ما زاد الدباغ فيه إن دبغها بما له قيمة ، وكذلك إذا خلل الخمر بما له قيمة .

    ويضمن المسلم أو الذمي خمر الذمي أو خنزيره إذا استهلكه ؛ لأن كلا منهما مال عند أهل الذمة ، فالخمر عندهم كالخل عندنا ، والخنزير عندهم كالشاة عندنا ، ونحن أمرنا بتركهم وما يدينون ، وبه يقرون على بيعهما . لكن تجب على المسلم قيمة الخمر لا رد مثلها وإن كانت الخمر من المثليات ؛ لأن المسلم ممنوع من تملكها ، وغير المسلم يجوز له تسليم المثل ؛ لأنه يجوز له تملك الخمر وتمليكها بالبيع وغيره .
    أما الميتة والدم ولو لذمي ، فلا يضمنان بالغصب ؛ لأنهما ليسا بمال ، ولا يدين أحد من أهل الأديان تمولهما .

    وكذلك يضمن من المسلم قيمة صليب غصبه من نصراني ، فهلك في يده ؛ لأنه مقر على ذلك . ومذهب المالكية كمذهب الحنفية فيما ذكر ، فإنهم قالوا : لا تضمن خمر المسلم أو خنزيره ، ولا آلات الملاهي والأصنام ، لقوله صلى الله عليه وسلم : { إن الله تعالى ورسوله حرم بيع الخمر والميتة والخنزير والأصنام } .

    ولأنه لا قيمة لها ، وما لا قيمة له لا يضمن . لكن يضمن الغاصب خمر الذمي لتعديه عليه ؛ ولأنها مال محترم عند غير المسلمين يتمولونها . وإذا تخللت الخمر وكانت لمسلم ، خير صاحبها بين أخذها خلا ، أو مثل عصيرها إن علم قدرها وإلا فقيمتها .

    أما خمر غير المسلم إذا تخللت فيخير صاحبها بين أخذ قيمتها يوم الغصب ، أو أخذ الخل ، على المفتى به عند المالكية .
    وإن كان المغصوب جلد ميتة دبغ أو لم يدبغ ، أو كلبا مأذونا في اتخاذه مثل كلب صيد أو ماشية أو حراسة فأتلفه الغاصب ، فإنه يغرم القيمة ولو لم يجز بيع الجلد أو الكلب ، وأما الكلب غير المأذون فيه ، فلا قيمة له .


    آثار الغصب :

    للغصب آثار تتعلق بكل من الشيء المغصوب والغاصب والمالك المغصوب منه .

    أولا - ما يلزم الغاصب :
    14 - يلزم الغاصب الإثم إذا علم أنه مال الغير ، ورد العين المغصوبة ما دامت قائمة ، وضمانها إذا هلكت .
    أ - ( الإثم والتعزير ) :
    15 - يستحق الغاصب المؤاخذة في الآخرة ، إذا فعل الغصب عالما أن المغصوب مال الغير ؛ لأن ذلك معصية ، وارتكاب المعصية عمدا موجب للمؤاخذة ، لقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث المتقدم : { من ظلم قيد شبر من الأرض ، طوقه من سبع أرضين } وصرح الحنفية والمالكية والشافعية بأنه يؤدب بالضرب والسجن غاصب مميز ، صغيرا أو كبيرا ؛ رعاية لحق الله تعالى ولو عفا عنه المغصوب منه ، باجتهاد الحاكم ؛ لدفع الفساد وإصلاح حاله وزجرا له ولأمثاله .


    أما غير المميز ، من صغير ومجنون ، فلا يعزر . فإن حدث الغصب والشخص جاهل بكون المال لغيره ، بأن ظن أن الشيء ملكه فلا إثم ولا مؤاخذة عليه ؛ لأنه خطأ لا مؤاخذة عليه شرعا ، لقوله عليه الصلاة والسلام : { إن الله تجاوز عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه } ، وعليه رد العين ما دامت قائمة ، والغرم إذا صارت هالكة .

    ب - ( رد العين المغصوبة ) :
    16 - ذهب الفقهاء إلى أنه يجب على الغاصب رد العين المغصوبة إلى صاحبها حال قيامها ووجودها بذاتها ، لقوله صلى الله عليه وسلم : { على اليد ما أخذت حتى تؤدي } وقوله أيضا : { لا يأخذن أحدكم متاع أخيه لاعبا ولا جادا ، ومن أخذ عصا أخيه فليردها } . وترد العين المغصوبة إلى مكان الغصب لتفاوت القيم باختلاف الأماكن .


    ومؤنة الرد على الغاصب ؛ لأنها من ضرورات الرد ، فإذا وجب عليه الرد ، وجب عليه ما هو من ضروراته ، كما في رد العارية .

    قال الكاساني : الأصل أن المالك يصير مستردا للمغصوب بإثبات يده عليه ؛ لأنه صار الشيء مغصوبا بتفويت يده عنه ، فإذا أثبت يده عليه فقد أعاده إلى يده ، وزالت يد الغاصب عنه ، إلا أن يغصبه مرة أخرى .

    ويبرأ الغاصب من الضمان بالرد ، سواء علم المالك بحدوث الرد أم لم يعلم ؛ لأن إثبات اليد على الشيء أمر حسي ، لا يختلف بالعلم أو الجهل بحدوثه . فإن كان المغصوب قد فات ، كأن هلك أو فقد أو هرب ، رد الغاصب إلى المغصوب منه مثله إن كان له مثل ، بأن كان مكيلا أو موزونا أو معدودا من الطعام والدنانير والدراهم وغير ذلك ، أو قيمته إن لم يكن له مثل . كالعروض والحيوان والعقار .


    avatar
    الشيخ إبراهيم حسونة
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 9251
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 08/05/2008

    الملفات الصوتية رد: أحكام الغصب في الفقه الإسلاميّ.

    مُساهمة من طرف الشيخ إبراهيم حسونة 06.08.09 8:12

    ثانيا - حقوق المغصوب منه :
    17 - للمالك المغصوب منه حقوق تقابل ما يلزم الغاصب من الأحكام السابقة ، وهذه الحقوق هي : رد عين المغصوب والثمار والغلة ، والتضمين ، وحقه في الهدم والقلع لما أحدثه الغاصب في ملكه ، والجمع بين أخذ القيمة والغلة .


    أ - رد أو استرداد عين المغصوب وزوائده وغلته ومنافعه :


    18 - ذهب الفقهاء إلى أن من حق المغصوب منه أن يرد إليه الغاصب عين ماله الذي غصبه إذا كان باقيا بحاله ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : { على اليد ما أخذت حتى تؤدي } وقوله : { لا يأخذن أحدكم متاع أخيه لاعبا أو جادا ، فإذا أخذ أحدكم عصا أخيه فليردها } ؛ ولأن رد عين المغصوب هو الموجب الأصلي للغصب ؛ ولأن حق المغصوب منه معلق بعين ماله وماليته ، ولا يتحقق ذلك إلا برده ، والواجب الرد في المكان الذي غصبه ؛ لتفاوت القيم بتفاوت الأماكن . وأما زوائد المغصوب ففيه التفصيل الآتي : ذهب الشافعية والحنابلة ومحمد من الحنفية إلى أن زوائد المغصوب في يد الغاصب تضمن ، سواء أكانت متصلة كالسمن ونحوه ، أم منفصلة كثمرة الشجرة وولد الحيوان ، متى تلف شيء منها في يد الغاصب ؛ لتحقق إثبات اليد العادية ( الضامنة ) لأنه بإمساك الأصل تسبب في إثبات يده على هذه الزوائد ، وإثبات يده على الأصل محظور .


    ويرى أبو حنيفة وأبو يوسف رحمهما الله تعالى أن زوائد المغصوب لا تضمن إذا هلكت بلا تعد ، وإنما هي أمانة في يد الغاصب لا تضمن إلا بالتعدي أو بالتقصير ، سواء أكانت منفصلة كالولد واللبن والثمرة ، أم متصلة كالسمن والجمال ، لأن الغصب في رأيهما هو إثبات يد الغاصب على مال الغير على وجه يزيل يد المالك ، كما تقدم بيانه ، ويد المالك لم تكن ثابتة على هذه الزيادة حتى يزيلها الغاصب ، والمراد أن عنصر " إزالة يد المالك " لم يتحقق هنا ، كما لم يتحقق في غصب العقار .

    فإن تعدى الغاصب على الزيادة ، بأن أتلفها أو أكلها أو باعها ، أو طلبها مالكها فمنعها عنه ، ضمنها ، لأنه بالتعدي أو المنع صار غاصبا . وفصل المالكية في الأرجح عندهم في نوع الزيادة ، فقالوا : إذا كانت الزيادة التي بفعل الله متصلة كالسمن والكبر ، فلا تكون مضمونة على الغاصب ، وأما إذا كانت الزيادة منفصلة ، ولو نشأت من غير استعمال الغاصب كاللبن والصوف وثمر الشجر . فهي مضمونة على الغاصب إن تلفت أو استهلكت ، ويجب ردها مع المغصوب الأصلي على صاحبها . أما منافع المغصوب ففيه التفصيل الآتي : ذهب الشافعية والحنابلة إلى أن الغاصب يضمن منفعة المغصوب ، وعليه أجر المثل ، سواء استوفى المنافع أم تركها تذهب ، وسواء أكان المغصوب عقارا كالدار ، أم منقولا كالكتاب والحلي ونحوهما ؛ لأن المنفعة مال متقوم ، فوجب ضمانه كالعين المغصوبة ذاتها .

    وذهب متقدمو الحنفية إلى أن الغاصب لا يضمن منافع ما غصبه من ركوب الدابة ، وسكنى الدار ، سواء استوفاها أو عطلها ؛ لأن المنفعة ليست بمال عندهم ؛ ولأن المنفعة الحادثة على يد الغاصب لم تكن موجودة في يد المالك ، فلم يتحقق فيها معنى الغصب ؛ لعدم إزالة يد المالك عنها .

    وأوجب متأخرو الحنفية ضمان أجر المثل في ثلاثة مواضع - والفتوى على رأيهم - وهي : أن يكون المغصوب وقفا ، أو ليتيم ، أو معدا للاستغلال ، بأن بناه صاحبه أو اشتراه لذلك الغرض . وإن نقص المغصوب - أي ذاته - باستعمال الغاصب غرم النقصان ، لاستهلاكه بعض أجزاء العين المغصوبة . وأما غلة المغصوب : فلا تطيب في رأي أبي حنيفة ومحمد للغاصب ؛ لأنه لا يحل له الانتفاع بملك الغير ، وقال أبو يوسف وزفر : تطيب له .

    وقال المالكية : للمغصوب منه غلة مغصوب مستعمل إذا استعمله الغاصب أو أكراه ، سواء كان عبدا أو دابة أو أرضا أو غير ذلك على المشهور ، فإذا لم يستعمل فلا شيء عليه ولو فوت على ربه استعماله ، إلا إذا نشأ من غير استعمال كلبن وصوف وثمر .


    ب - ( الضمان ) :

    19 - ذهب الفقهاء إلى أنه إذا تلف المغصوب في يد الغاصب أو نقص أو أتلفه ، أو حدث عيب مفسد فيه ، أو صنع شيء منه حتى سمي باسم آخر ، كخياطة القماش ، وصياغة الفضة حليا ، وصناعة النحاس قدرا ، وجب على الغاصب ضمانه ، وحق للمالك المغصوب منه تضمينه ، بأن يدفع له مثله إن كان من المثليات ، وهي المكيلات كالحبوب ، والموزونات كالأقطان والحديد ، والذرعيات كالأقمشة ، والعدديات المتقاربة كالجوز واللوز ؛ لأن الواجب الأصلي في الضمانات هو المثل ، لقوله تعالى : { فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم } ولأن المثل أعدل ، لما فيه من مراعاة الجنس والمالية ، فكان أدفع للضرر وأقرب إلى الأصل ، فالمثل أقرب إلى الشيء من القيمة ، وهو مماثل له صورة ومعنى ، فكان الإلزام به أعدل وأتم لجبران الضرر ، والواجب في الضمان الاقتراب من الأصل بقدر الإمكان تعويضا للضرر ، ولما روي عن { عائشة رضي الله عنها أنها قالت : ما رأيت صانعة طعام مثل صفية : أهدت إلى النبي صلى الله عليه وسلم إناء فيه طعام ، فما ملكت نفسي أن كسرته ، فسألت النبي صلى الله عليه وسلم عن كفارته ؟ فقال : إناء كإناء وطعام كطعام } .


    20 - فإن لم يقدر الغاصب على المثل أو كان المال قيميا كالأرض والدار والثوب والحيوان ، وجب عليه ضمان القيمة

    وذلك في ثلاث حالات :

    الأولى : إذا كان الشيء غير مثلي ، كالحيوانات والدور والمصوغات ، فلكل واحد منها قيمة تختلف عن الأخرى باختلاف الصفات المميزة لكل واحد .

    الثانية : إذا كان الشيء خليطا مما هو مثلي بغير جنسه كالحنطة مع الشعير .

    الثالثة : إذا كان الشيء مثليا تعذر وجود مثله ، والتعذر إما حقيقي حسي ، كانقطاع وجود المثل في السوق بعد البحث عنه وإن وجد في البيوت ، أو حكمي ، كأن لم يوجد إلا بأكثر من ثمن المثل .

    أو شرعي بالنسبة للضامن ، كالخمر بالنسبة للمسلم ، يجب عليه للذمي عند الحنفية والمالكية ضمان القيمة وإن كانت الخمر من المثليات لأنه يحرم على المسلم تملكها .


    ج - ( الهدم والقلع ) .

    21 - اتفق الفقهاء على أن الغاصب يلزم برد المغصوب إلى صاحبه كما أخذه ، كما يلزم بإزالة ما أحدث فيه من بناء ، أو زرع أو غرس ، لقوله صلى الله عليه وسلم : { ليس لعرق ظالم حق } وللمالك المطالبة بهدم البناء الذي بناه الغاصب على المغصوب ، وقلع الشجر الذي غرسه أو الزرع الذي زرعه بلا إذن المالك .


    غير أن فقهاء المذاهب فصلوا في الأمر كما يلي : فذهب الحنفية إلى أن من غصب ساجة ( خشبة عظيمة تستعمل في أبواب الدور وبنائها ) فبنى عليها أو حولها ، وكانت قيمة البناء أكثر من قيمتها ، زال ملك مالكها عنها ، ولزم الغاصب قيمتها ، لصيرورتها شيئا آخر ، وفي القلع ضرر ظاهر لصاحب البناء ( الغاصب ) من غير فائدة تعود للمالك ، وضرر المالك ينجبر بالضمان ، ولا ضرر في الإسلام

    أما إذا كانت قيمة الساجة أكثر من البناء ، فلم يزل ملك مالكها ، لأنه " يرتكب أخف الضررين وأهون الشرين " .

    وعقب قاضي زاده على هذه التفرقة ، فقال : لا فرق في المعنى بين أن تكون قيمة البناء أكثر من قيمة الساجة وبين العكس ؛ لأن ضرر المالك مجبور بالقيمة ، وضرر الغاصب ضرر محض ، ولا ريب أن الضرر المجبور دون الضرر المحض ، فلا يرتكب الضرر الأعلى عند إمكان العمل بالضرر الأدنى ، فيعمل بقاعدة : " الضرر الأشد يزال بالأخف " في مسألة الساجة ، أي أنه يعوض المالك ، وتزول ملكيته عن الساجة .

    وأما مسألة الساجة فهي . . لو غصب غاصب أرضا فغرس فيها ، أو بنى فيها ، وكانت قيمة الأرض ( الساجة ) أكثر ، أجبر الغاصب على قلع الغرس ، وهدم البناء ، ورد الأرض فارغة إلى صاحبها كما كانت ؛ لأن الأرض لا تغصب حقيقة عندهم ، فيبقى فيها حق المالك كما كان ، والغاصب جعلها مشغولة ، فيؤمر بتفريغها ، إذ { ليس لعرق ظالم حق } كما تقدم ، فإن كانت قيمة البناء أكثر ، فللغاصب أن يضمن للمالك قيمة الأرض ويأخذها .

    وإذا كانت الأرض تنقص بقلع الغرس منها أو هدم البناء ، فللمالك أن يضمن للغاصب قيمة البناء والغرس مقلوعا أنقاضا ) رعاية لمصلحة الطرفين ، ودفعا للضرر عنهما فتقوم الأرض بدون الشجر والبناء ، وتقوم وبها شجر وبناء مستحق القلع والهدم ، فيضمن الفرق بينهما .

    وإذا زرع الغاصب الأرض ، فإن كانت الأرض ملكا فإن أعدها صاحبها للزراعة ، فيكون الأمر مزارعة بين المالك والغاصب ، ويحتكم إلى العرف في حصة كل منهما ، النصف أو الربع مثلا ، وإن كانت معدة للإيجار فالناتج للزارع ، وعليه أجر مثل الأرض ، وإن لم يكن شيء مما ذكر ، فعلى الغاصب نقصان ما نقص الزرع ، وأما إذا كانت الأرض وقفا أو مال يتيم ، اعتبر العرف إذا كان أنفع ، وإن لم يكن العرف أنفع ، وجب أجر المثل ، لقولهم : يفتى بما هو أنفع للوقف .

    ويرى المالكية في حالة البناء : أن من غصب أرضا أو عمودا أو خشبا ، فبنى فيها أو بها . يخير المالك بين المطالبة بهدم البناء على المغصوب ، وبين إبقائه على أن يعطي الغاصب قيمة الأنقاض ، بعد طرح أجرة القلع أو الهدم ، ولا يعطيه قيمة التجصيص والتزويق ونحوهما مما لا قيمة له ، أي إنهم يرجحون مصلحة المالك ، لأنه صاحب الحق .

    ومن غصب سارية أو خشبة فبنى عليها ، فلصاحبها أخذها وإن هدم البنيان .

    أما في حالة الغرس : فمن غصب أرضا ، فغرس فيها أشجارا ، فلا يؤمر بقلعها ، وللمغصوب منه أن يعطيه قيمتها بعد طرح أجرة القلع كالبنيان ، فإن غصب أشجارا ، فغرسها في أرضه ، أمر بقلعها .

    وأما في حالة الزرع : فمن زرع في الأرض المغصوبة زرعا ، فإن أخذها صاحبها في إبان الزراعة ، فهو مخير بين أن يقلع الزرع ، أو يتركه للزارع ويأخذ الكراء ، وإن أخذها بعد إبان الزراعة فللمالكية رأيان : رأي أن المالك يخير كما ذكر ، ورأي ليس له قلعه وله الكراء ، والزرع لزارعه .

    وقرر الشافعية : أن الغاصب يكلف بهدم البناء وقلع الغراس على الأرض المغصوبة ، وعليه أرش النقص إن حدث ، وإعادة الأرض كما كانت ، وأجرة المثل في مدة الغصب إن كان لمثلها أجرة ، ولو أراد المالك تملكها بالقيمة ، أو إبقاءها بأجرة ، لم يلزم الغاصب إجابته في الأصح ؛ لإمكان القلع بلا أرش .

    ولو بذر الغاصب بذرا في الأرض وكان البذر والأرض مغصوبين من شخص واحد ، فللمالك تكليفه إخراج البذر منها وأرش النقص ، وإن رضي المالك ببقاء البذر في الأرض ، لم يكن للغاصب إخراجه ، كما لا يجوز للغاصب قلع تزويق الدار المغصوبة إن رضي المالك ببقائه ، ووافق الحنابلة والشافعية في مسألتي البناء والغرس على الأرض المغصوبة ، للحديث المتقدم : { ليس لعرق ظالم حق }

    أما في حالة زرع الأرض فقالوا : يخير المالك بين إبقاء الزرع إلى الحصاد ، وأخذ أجر الأرض وأرش النقص من الغاصب ، وبين أخذ الزرع له ، ودفع النفقة للغاصب ، لقوله صلى الله عليه وسلم : { من زرع في أرض قوم بغير إذنهم ، فليس له من الزرع شيء ، وله نفقته } وقوله عليه السلام في حديث آخر : { خذوا زرعكم ، وردوا إليه نفقته } أي للغاصب .



    avatar
    الشيخ إبراهيم حسونة
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 9251
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 08/05/2008

    الملفات الصوتية رد: أحكام الغصب في الفقه الإسلاميّ.

    مُساهمة من طرف الشيخ إبراهيم حسونة 06.08.09 8:20

    د - ( الجمع بين أخذ القيمة والغلة ) :

    22 - للفقهاء اتجاهان في مسألة جمع المالك بين أخذ القيمة إذا تلف المغصوب ، وبين أخذ الغلة كالأجرة المستفادة من إيجار الأعيان المغصوبة . الاتجاه الأول - للحنفية والمالكية : وهو أنه لا يجمع المالك بين أخذ قيمة وغلة ؛ لأن المضمونات تملك بأداء الضمان مستندا ، أي بأثر رجعي إلى وقت الغصب ، فتكون الغلة من حق الغاصب إذا أدى قيمة المغصوب إلى المالك ، ولا يلزم الغاصب بالقيمة إلا بتلف المغصوب أو فواته .


    والاتجاه الثاني - للشافعية والحنابلة : وهو أنه يجمع المالك بين أخذ القيمة عند التلف والغلة ؛ لأنه تلفت عليه منافع ماله بسبب كان في يد الغاصب ، فلزمه ضمانها ، كما لو لم يدفع القيمة ، والأجرة أو الغلة في مقابلة ما يفوت من المنافع ، لا في مقابلة أجزاء الشيء المغصوب ، فتكون القيمة واجبة في مقابلة ذات الشيء ، والغلة في مقابلة المنفعة ، وإن تلف المغصوب فعلى الغاصب أجرته إلى حين تلفه ، لأنه من حين التلف لم تبق له منفعة حتى يتوجب عليه ضمانها .

    ومنشأ الخلاف : هل يملك الغاصب الشيء المغصوب بأداء الضمان ،
    فقال أرباب الاتجاه الأول : الضامن يملك المال المضمون بالضمان من وقت قبضه .
    وقال أصحاب الاتجاه الثاني : لا يملك الغاصب الشيء المغصوب بأداء الضمان ؛ لأن الغصب عدوان محض ، فلا يصلح سببا للملك .

    ثالثا - ما يتعلق بالضمان من أحكام : يتعلق بضمان المغصوب المسائل التالية :


    أ - ( كيفية الضمان ) :


    23 - إذا هلك المغصوب عند الغاصب ، وكان من المنقولات عند الحنفية ، أو من العقارات أو المنقولات عند الجمهور ، بفعله أو بغير فعله ، فعليه ضمانه ، أي غرامته أو تعويضه ، لكن إذا كان الهلاك بتعد من غيره .

    لا بآفة سماوية ، رجع الغاصب عليه بما ضمن للمالك ؛ لأنه يستقر عليه الضمان ، وعبارة الفقهاء ، في ذلك : الغاصب ضامن لما غصبه ، سواء تلف بأمر الله أو من مخلوق .

    وكيفية الضمان : أنه يجب الضمان بالمثل باتفاق الفقهاء إذا كان المال مثليا ، وبقيمته إذا كان قيميا ، فإن تعذر وجود المثل وجبت القيمة للضرورة على ما سبق بيانه ( ف : 19 ، 20 ) .

    ب - ( وقت الضمان ) :


    24 - للفقهاء في وقت الضمان مذاهب : ذهب الحنفية في تقدير قيمة التعويض ووقت وجوب ضمان المثلي إذا انقطع من السوق وتعذر الحصول عليه ثلاثة أقوال :

    الأول : وجوب القيمة يوم الغصب ، وهو يوم انعقاد السبب عند أبي يوسف .

    الثاني : يوم الانقطاع ، وهو قول محمد .

    الثالث : يوم الخصومة وهو يوم حكم الحاكم ، وهذا قول أبي حنيفة ، وهو المعتبر في المتون والمختار ، واختارت المجلة قول أبي يوسف . ( المادة : 891 )


    وأما القيمي فتجب قيمته يوم غصبه بالاتفاق بين الحنفية . وذهب المالكية : إلى أنه تقدر قيمة المغصوب يوم الغصب ؛ لأن الضمان يجب بالغصب ، فتقدر قيمة المغصوب يوم الغصب ، فلا يتغير التقدير بتغير الأسعار ؛ لأن سبب الضمان لم يتغير ، كما لم يتغير محل الضمان .

    لكن فرق المالكية بين ضمان الذات وضمان الغلة ، فتضمن الأولى يوم الاستيلاء عليها ، وتضمن الغلة من يوم استغلالها ، وأما المتعدي وهو غاصب المنفعة ، فيضمن المنفعة بمجرد فواتها على صاحبها وإن لم يستعملها .

    وذهب الشافعية في الأصح : إلى أن المعتبر في الضمان هو أقصى قيمة للمغصوب من وقت الغصب في بلد الغصب إلى وقت تعذر وجود المثل ، وإذا كان المثل مفقودا عند التلف فالأصح وجوب الأكثر قيمة من الغصب إلى التلف ، سواء أكان ذلك بتغير الأسعار ، أم بتغير المغصوب في نفسه .

    وأما المال القيمي : فيضمن بأقصى قيمة له من يوم الغصب إلى يوم التلف .

    وذهب الحنابلة : إلى أنه إذا كان المغصوب من المثليات ، وفقد المثل ، وجبت قيمته يوم انقطاع المثل ؛ لأن القيمة وجبت في الذمة حين انقطاع المثل ، فقدرت القيمة حينئذ كتلف المتقوم ، وإن كان المغصوب من القيميات وتلف ، فالواجب القيمة أكثر ما كانت من حين الغصب إلى حين الرد ، إذا كان التغير في المغصوب نفسه من كبر وصغر ، وسمن وهزال ونحوها من المعاني التي تزيد بها القيمة وتنقص ؛ لأن هذه المعاني مغصوبة في الحال التي زادت فيها ، والزيادة لمالكها مضمونة على الغاصب .

    وإن كانت زيادة القيمة بتغير الأسعار لم تضمن الزيادة ؛ لأن نقصان القيمة لهذا السبب لا يضمن إذا ردت العين المغصوبة بذاتها ، فلا يضمن عند تلفها .

    ج - ( انتهاء عهدة الغاصب ) :


    25 - تبرأ ذمة الغاصب وتنتهي عهدته بأحد أمور أربعة :

    الأول - رد العين المغصوبة إلى صاحبها ما دامت باقية بذاتها ، لم تشغل بشيء آخر .

    الثاني - أداء الضمان إلى المالك أو نائبه إذا تلف المغصوب ؛ لأن الضمان مطلوب أصالة .

    الثالث - الإبراء من الضمان إما صراحة مثل : أبرأتك من الضمان ، أو أسقطته عنك ، أو وهبته منك ونحوه ، أو بما يجري مجرى الصريح : وهو أن يختار المالك تضمين أحد الغاصبين ، فيبرأ الآخر ؛ لأن اختيار تضمين أحدهما إبراء للآخر ضمنا .

    الرابع - إطعام الغاصب المغصوب لمالكه أو لدابته ، وهو يعلم أنه طعامه ، أو تسلم الغاصب المغصوب على وجه الأمانة كالإيداع أو الهبة أو الإجارة أو الاستئجار على قصارته أو خياطته ، وعلم المالك أنه ماله المغصوب منه ، أو على وجه ثبوت بدله في ذمته ، كالقرض ، وعلم أنه ماله ، فإن لم يعلم بذلك لم يبرأ الغاصب ، حتى تتغير صفة الغصب .

    د - تعذر رد المغصوب :


    26 - قد يتعذر رد المغصوب لتغيره عند الغاصب ، وللفقهاء في ذلك أقوال : قال الحنفية والمالكية : تغير المغصوب عند الغاصب : إما بنفسه أو بفعل الغاصب .

    والتغير بفعله قد يكون تغيرا في الوصف أو تغيرا في الاسم والذات ، وكل حالات التغير يكون المغصوب فيها موجودا .


    فإذا تغير المغصوب بنفسه ، كما لو كان عنبا فأصبح زبيبا ، أو رطبا فأصبح تمرا ، فيتخير المالك بين استرداد عين المغصوب ، وبين تضمين الغاصب قيمته .

    وإذا تغير وصف المغصوب بفعل الغاصب من طريق الإضافة أو الزيادة ، كما لو صبغ الثوب ، أو خلط الدقيق بسمن ، أو اختلط المغصوب بملك الغاصب بحيث يمتنع تمييزه ، كخلط البر بالبر ، أو يمكن بحرج ، كخلط البر بالشعير ، فيجب إعطاء الخيار للمالك : إن شاء ضمن الغاصب قيمة المغصوب قبل تغييره ، وإن شاء أخذه وأعطى الغاصب قيمة الزيادة ، مثلما زاد الصبغ في الثوب ؛ لأن في التخيير رعاية للجانبين .

    وقال الشافعية : زيادة المغصوب إن كان أثرا محضا ، كقصارة لثوب وخياطة بخيط منه ونحو ذلك .

    فلا شيء للغاصب بسببها لتعديه بعمله في ملك غيره ، وللمالك تكليفه رد المغصوب كما كان إن أمكن ، فإن لم يمكن فيأخذه بحاله وأرش النقص إن نقص ، وإن كانت الزيادة عينا كبناء كلف القلع وأرش النقص إن كان ، وإعادة المغصوب كما كان ، وأجرة المثل إن مضت مدة لمثلها أجرة ، وإن صبغ الغاصب الثوب المغصوب بصبغه وأمكن فصله أجبر عليه في الأصح ، وإن لم يمكن فإن لم تزد قيمة المغصوب بالصبغ ولم تنقص فلا شيء للغاصب ولا شيء عليه ، وإن نقصت قيمته لزمه الأرش ، وإن زادت قيمته اشترك فيه أثلاثا : ثلثاه للمغصوب منه وثلثه للغاصب .

    ومذهب الحنابلة كالشافعية إجمالا ، إلا أنهم قالوا : لا يجبر الغاصب على قلع الصبغ من الثوب ؛ لأن فيه إتلافا لملكه وهو الصبغ ، وإن حدث نقص ضمن الغاصب النقص ؛ لأنه حصل بتعديه . فضمنه كما ذكر الشافعية ، وإن حصلت زيادة ، فالمالك والغاصب شريكان بقدر ملكيهما ، فيباع الشيء ، ويوزع الثمن على قدر القيمتين .

    واتفق المذهبان على أن الغاصب إذا غصب شيئا ، فخلطه بما يمكن تمييزه منه ، كحنطة بشعير أو سمسم ، أو صغار الحب بكباره ، أو زبيب أسود بأحمر ، لزمه تمييزه ورده وأجر المميز عليه ، وإن لم يمكن تمييز جميعه وجب تمييزه ما أمكن ، وإن شق ولم يمكن تمييزه فهو كالتالف ، وللمالك تغريم الغاصب : المثل في المثلي ، والقيمة في القيمي .

    والخلاصة : أن الفقهاء متفقون على ضمان النقص ، وعلى حق الغاصب في الزيادة .

    وقد تتغير ذات المغصوب واسمه بفعل الغاصب ، بحيث زال أكثر منافعه المقصودة ، كما لو غصب شاة فذبحها وشواها ، أو طبخها ، أو غصب حنطة فطحنها دقيقا ، أو حديدا فاتخذه سيفا ، أو نحاسا فاتخذه آنية ، فإنه يزول ملك المغصوب منه عن المغصوب عند الحنفية والمالكية ، ويملكه الغاصب ويضمن بدله : المثل في المثلي ، والقيمة في القيمي ، ولكن لا يحل له الانتفاع به حتى يؤدي بدله استحسانا ؛ لأن في إباحة الانتفاع بعد ارتضاء المالك بأداء البدل أو إبرائه حسما لمادة الفساد .

    وقال الشافعية : إن نقص المغصوب نقصانا تنقص به القيمة ، كأن كان ثوبا فتمزق ، أو إناء فانكسر ، أو شاة فذبحت ، أو طعاما فطحن ونقصت قيمته ، رده ورد معه أرش ما نقص ؛ لأنه نقصان عين في يد الغاصب ، نقصت به القيمة فوجب ضمانه . فإن ترك المغصوب منه المغصوب على الغاصب وطالبه ببدله لم يكن له ذلك .
    وعند الحنابلة - في الصحيح من المذهب - لم يزل ملك صاحبه عنه ، ويأخذه وأرش نقصه إن نقص ، ولا شيء للغاصب في زيادته .

    هـ - ( نقصان المغصوب ) :


    27 - قال الجمهور غير الحنفية : لا يضمن نقص المغصوب بسبب هبوط الأسعار ؛ لأن النقص كان بسبب فتور رغبات الناس ، وهي لا تقابل بشيء ، والمغصوب لم تنقص عينه ولا صفته .


    وذكر المالكية أنه لا اعتبار بتغير السعر في السوق في غصب الذوات ، أما التعدي فيتأثر بذلك ، فللمالك إلزام الغاصب قيمة الشيء إن تغير سوقها عما كان يوم التعدي ، وله أن يأخذ عين شيئه ، ولا شيء على المتعدي .

    وأما النقص الحاصل في ذات المغصوب أو في صفته . فيكون مضمونا سواء حصل النقص بآفة سماوية أو بفعل الغاصب .

    إلا أن المالكية في المشهور عندهم قالوا : إذا كان النقص بآفة سماوية ، فليس للمغصوب منه إلا أن يأخذ المغصوب ناقصا كما هو ، أو يضمن الغاصب قيمة المغصوب كله يوم الغصب ، ولا يأخذ قيمة النقص وحدها .

    وإن كان النقص بجناية الغاصب ، فالمالك مخير في المذهب بين أن يضمن الغاصب القيمة يوم الغصب ، أو يأخذه مع ما نقصته الجناية ، أي يأخذ قيمة النقص يوم الجناية عند ابن القاسم ، ويوم الغصب عند سحنون ، ولم يفرق أشهب بين نقص بآفة سماوية وجناية الغاصب . أما الحنفية فقد ذكروا أحوالا أربعة لنقص المغصوب في يد الغاصب ، وجعلوا لكل حالة في الضمان حكما ، وهي ما يأتي :

    الأولى - أن يحدث النقص بسبب هبوط الأسعار في الأسواق ، وهذا لا يكون مضمونا إذا رد العين إلى مكان الغصب ؛ لأن نقصان السعر ليس نقصا ماديا في المغصوب بفوات جزء من العين ، وإنما يحدث بسبب فتور الرغبات التي تتأثر بإرادة الله تعالى ، ولا صنع للعبد فيها .

    الثانية - أن يكون النقص بسبب فوات وصف مرغوب فيه ، كضعف الحيوان ، وزوال سمعه أو بصره ، أو طروء الشلل أو العرج أو العور ، أو سقوط عضو من الأعضاء ، فيجب على الغاصب ضمان النقص في غير مال الربا ، ويأخذ المالك العين المغصوبة ؛ لبقاء العين على حالها .

    فإن كان المغصوب من أموال الربا ، كتعفن الحنطة ، وكسر إناء الفضة ، فليس للمالك إلا أخذ المغصوب بذاته ، ولا شيء له غيره بسبب النقصان ؛ لأن الربويات لا يجيزون فيها ضمان النقصان ، مع استرداد الأصل ؛ لأنه يؤدي إلى الربا .

    الثالثة - أن يكون النقص بسبب فوات معنى مرغوب فيه في العين ، مثل الشيخوخة بعد الشباب ، والهرب ، ونسيان الحرفة ، فيجب ضمان النقص في كل الأحوال .

    لكن إن كان النقص يسيرا ، كالخرق اليسير في الثوب ، فليس للمالك سوى تضمين الغاصب مقدار النقصان لبقاء العين بذاتها .

    وإن كان النقص فاحشا كالخرق الكبير في الثوب بحيث يبطل عامة منافعه ، فالمالك بالخيار بين أخذه وتضمينه النقصان لتعيبه ، وبين تركه للغاصب وأخذ جميع قيمته لأنه أصبح مستهلكا له من وجه .

    والصحيح في ضابط الفرق بين اليسير والفاحش ، هو أن اليسير : ما لا يفوت به شيء من المنفعة ، وإنما يدخل فيه نقصان في المنفعة ، والفاحش : ما يفوت به بعض العين وجنس المنفعة ، ويبقى بعض العين وبعض المنفعة .

    وقدرت المجلة ( م 900 ) اليسير : بما لم يكن بالغا ربع قيمة المغصوب ، والفاحش : بما ساوى ربع قيمة المغصوب أو أزيد .

    وإذا وجب ضمان النقصان ، قومت العين صحيحة يوم غصبها ، ثم تقوم ناقصة ، فيغرم الغاصب الفرق بينهما .

    وإذا كان العقار مغصوبا ، فإنه وإن لم تضمن عينه بهلاكه بآفة سماوية عند الحنفية ، فإن النقص الطارئ بفعل الغاصب أو بسكناه أو بسبب زراعة الأرض مضمون لأنه إتلاف وتعد منه عليه .
    والنقل
    http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=14671
    avatar
    الشيخ إبراهيم حسونة
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 9251
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 08/05/2008

    الملفات الصوتية رد: أحكام الغصب في الفقه الإسلاميّ.

    مُساهمة من طرف الشيخ إبراهيم حسونة 06.08.09 8:27

    اختلاف الغاصب والمالك في الغصب والمغصوب :

    28 - إن اختلف الغاصب والمغصوب منه في أصل الغصب وأحوال المغصوب ، فعند الشافعية والحنابلة : إن اختلف الغاصب والمغصوب منه في قيمة المغصوب ، بأن قال الغاصب : قيمته عشرة ، وقال المالك : اثنا عشر ، صدق الغاصب بيمينه ؛ لأن الأصل براءة ذمته من الزيادة ، وعلى المالك البينة ، فإن أقام المالك البينة على أن القيمة أكثر مما قاله الغاصب من غير تقدير سمعت ، وكلف الغاصب الزيادة على ما قاله إلى حد لا تقطع البينة بالزيادة عليه ، وإن اختلفا في تلف المغصوب ، فقال المغصوب منه : هو باق ، وقال الغاصب : تلف ، فالقول قول الغاصب بيمينه على الصحيح ؛ لأنه قد يتعذر إقامة البينة على التلف .

    وكذلك لو اختلفا في قدر المغصوب أو في صناعة فيه ، ولا بينة لأحدهما ، فالقول قول الغاصب بيمينه ، لأنه منكر لما يدعيه المالك عليه من الزيادة . وإن اختلفا في رد المغصوب ، فقال الغاصب : رددته ، وأنكره المالك ، فالقول قول المالك لأن الأصل معه ، وهو عدم الرد ، وكذا لو اختلفا في عيب في المغصوب بعد تلفه ، بأن قال الغاصب : كان مريضا أو أعمى مثلا ، وأنكره المالك ، فالقول قول المالك بيمينه ، لأن الأصل السلامة من العيوب .

    وذهب الحنفية : إلى أنه إذا قال الغاصب : هلك المغصوب في يدي ، أي قضاء وقدرا ولم يصدقه المغصوب منه ، ولا بينة للغاصب ، فالقاضي يحبس الغاصب مدة يظهر فيها المغصوب عادة لو كان قائما ، ثم يقضي عليه بالضمان ؛ لأن الحكم الأصلي للغصب هو وجوب رد عين المغصوب ، وأما القيمة فهي بدل عنه ، وإذا لم يثبت العجز عن الأصل ، لا يقضي بالقيمة التي هي خلف .

    ولو اختلف الغاصب والمالك في أصل الغصب ، أو في جنس المغصوب ونوعه ، أو قدره ، أو صفته ، أو قيمته يوم الغصب ، فالقول قول الغاصب بيمينه في ذلك كله ؛ لأن المالك يدعي عليه الضمان ، وهو ينكر ، فكان القول قوله بيمينه ؛ لأن اليمين في الشرع على من أنكر .

    ولو ادعى الغاصب رد المغصوب إلى المالك ، أو ادعى أن المالك هو الذي أحدث العيب في المغصوب ، فلا يصدق الغاصب إلا بالبينة ، لأن البينة في الشرع على المدعي . ولو تعارضت البينتان ، فأقام المالك البينة على أن الدابة أو السيارة مثلا تلفت عند الغاصب من ركوبه ، وأقام الغاصب البينة على أنه ردها إلى المالك فتقبل بينة المالك ، وعلى الغاصب قيمة المغصوب ؛ لأن بينة الغاصب لا تدفع بينة المغصوب منه ؛ لأنها قامت على رد المغصوب ، ومن الجائز أنه ردها ، ثم غصبها ثانيا وركبها ، فتلفت في يده .

    ولو أقام المغصوب منه البينة أنه غصب الدابة ونفقت عنده .

    وأقام الغاصب البينة أنه ردها إليه وأنها نفقت عنده ، فلا ضمان عليه ؛ لأن من الجائز أن شهود المغصوب منه اعتمدوا في شهادتهم على استصحاب الحال ، لما أنهم علموا بالغصب وما علموا بالرد ، فبنوا الأمر على ظاهر بقاء المغصوب في يد الغاصب إلى وقت الهلاك ، وشهود الغاصب اعتمدوا في شهادتهم بالرد حقيقة الأمر وهو الرد ؛ لأنه أمر لم يكن ، فكانت الشهادة القائمة على الرد أولى .

    وعن أبي يوسف أن الغاصب ضامن .
    ورأى المالكية ما رآه الحنفية فقالوا : إن اختلف الغاصب والمغصوب منه في دعوى تلف المغصوب ، أو في جنسه ، أو صفته ، أو قدره ، ولم يكن لأحدهما بينة القول قول الغاصب مع يمينه إن أشبه في دعواه ، سواء أشبه ربه أم لا ، فإن كان قول الغاصب لم يشبه فالقول لربه بيمينه .


    ضمان المغصوب إذا تصرف فيه الغاصب أو غصب منه :


    29 - قد يتصرف الغاصب في المغصوب بالبيع أو الرهن أو الإجارة أو الإعارة أو الهبة أو الإيداع ، علما بأن هذه التصرفات حرام ، فيهلك المغصوب في يد المتصرف إليه ، وقد يحدث تكرار الغصب ، فيغصب الشيء غاصب آخر فمن الضامن للمغصوب حينئذ ؟

    يرى الحنفية : أنه إذا تصرف الغاصب في المغصوب بالبيع ونحوه ، فللمالك تضمين الغاصب الأول ، أو المرتهن ، أو المستأجر ، أو المستعير ، أو المشتري من الغاصب .

    أو الوديع الذي أودعه الغاصب الشيء المغصوب ، فهلك في يده ، فإن ضمن الغاصب الأول ، استقر الضمان عليه ، ولم يرجع بشيء على أحد ، وإن ضمن المرتهن أو المستأجر أو الوديع أو المشتري ، رجعوا على الغاصب بالضمان لأنهم عملوا له ، والمشتري إذا ضمن القيمة يرجع بالثمن على الغاصب البائع ؛ لأن البائع ضامن استحقاق المبيع ، ورد القيمة كرد العين .

    وأما المستعير من الغاصب أو الموهوب له ، أو المتصدق عليه منه ، فيستقر الضمان عليه ، وإن كان جاهلا الغصب ، لأنه يعمل في القبض لنفسه . وإذا غصب شخص شيئا من آخر ، فجاء غيره وغصبه منه فهلك في يده ، فالمالك بالخيار : إن شاء ضمن الغاصب الأول ؛ لوجود فعل الغصب منه ، وهو إزالة يد المالك عنه ، وإن شاء ضمن الغاصب الثاني أو المتلف ، سواء علم بالغصب أم لم يعلم ، لأن الغاصب الثاني أزال يد الغاصب الأول الذي هو بحكم المالك في أنه يحفظ ماله ، ويتمكن من رده عليه ( أي على المالك ) ولأنه أثبت يده على مال الغير بغير إذنه ، والجهل غير مسقط للضمان ؛ ولأن المتلف أتلف الشيء المغصوب فضمنه بفعل نفسه .

    فإن اختار المالك تضمين الأول ، وكان هلاك المغصوب في يد الغاصب الثاني ، رجع الغاصب الأول بالضمان على الثاني ؛ لأنه بدفعه قيمة الضمان ملك الشيء المضمون ( أي المغصوب ) من وقت غصبه ، فكان الثاني غاصبا لملك الأول .

    وإن اختار المالك تضمين الثاني أو المتلف ، لا يرجع هذا بالضمان على أحد ، ويستقر الضمان في ذمته ؛ لأنه ضمن فعل نفسه ، وهو إزالة يد المالك أو استهلاكه وإتلافه .

    وللمالك أن يأخذ بعض الضمان من شخص ، وبعضه الآخر من الشخص الآخر ، واستثنى الحنفية من مبدأ تخيير المالك في هذه الحالة الموقوف المغصوب إذا غصب ، وكان الغاصب الثاني أملأ من الأول ، فإن متولي الوقف يضمن الثاني وحده .

    والراجح عند الحنفية أن المالك متى اختار تضمين الغاصب الأول أو الثاني يبرأ الآخر عن الضمان بمجرد الاختيار ، فلو أراد تضمينه بعدئذ لم يكن له ذلك ، وإذا رد الغاصب الثاني المغصوب على الأول برئ من الضمان ، وإذا رده إلى المالك برئ الاثنان . وصرح المالكية بأنه يجب على الحاكم إذا رفعت له حادثة الغصب أن يمنع الغاصب من التصرف في المال المثلي ببيع أو غيره حتى يتوثق برهن أو حميل ( أي كفيل ) ، وإذا غصب المغصوب شخص آخر ضمن ، وكذلك يضمن آكل المغصوب سواء علم بالغصب أو لم يعلم ، لأنه بعلمه بالغصب صار غاصبا حكما من حيث الضمان ، وبأكله المغصوب يصبح متعديا فيضمن ، والمشتري من الغاصب ووارثه وموهوب الغاصب كالغاصب إن علموا بالغصب ، فعليهم ضمان المثلي بمثله والقيمي بقيمته ، ويضمنون الغلة والحادث السماوي ؛ لأنهم غصاب بعلمهم بالغصب ، وللمالك أن يتبع بالضمان أيهما شاء .

    وذهب الشافعية إلى أن الأيدي المترتبة على يد الغاصب أيدي ضمان وإن جهل صاحبها الغصب ؛ لأن واضع اليد وضع يده على ملك غيره بغير إذنه ، والجهل ليس مسقطا للضمان ، بل يسقط الإثم فقط ، فيطالب المالك من شاء منهما ، لكن لا يستقر الضمان على الآخذ من الغاصب إلا بعلمه بالغصب ، حتى يصدق عليه معنى الغصب ، أو إن جهل به وكانت يد الواضع في أصلها يد ضمان ، كالمستعير والمشتري والمقترض والسائم ؛ لأنه تعامل مع الغاصب على الضمان ، فلم يغره .

    أما إن جهل الواضع يده على المغصوب بالغصب ، وكانت يده يد أمانة بلا اتهاب ، كوديع وشريك مضارب ، فيستقر الضمان على الغاصب دون الآخذ ؛ لأنه تعامل مع الغاصب على أن يده نائبة عن يد الغاصب ، وأما الموهوب له فقرار الضمان عليه في الأظهر ؛ لأنه وإن كانت يده ليست يد ضمان بل يد أمانة ، إلا أن أخذه الشيء للتملك .

    وذكر الحنابلة أن تصرفات الغاصب في الشيء المغصوب حرام وغير صحيحة ، لحديث : { من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد } أي مردود ، وتكون الأرباح للمالك وللمالك تضمين أي الشخصين شاء : الغاصب أو المتصرف له ؛ لأن الغاصب حال بين المالك وبين ملكه وأثبت اليد العادية ( الضامنة ) عليه ، وأما المتصرف له فلأنه أثبت يده على ملك معصوم بغير حق . ويستقر الضمان على الغاصب إذا كان المتصرف له غير عالم بالغصب ، فإن علم المتصرف له بالغصب استقر الضمان عليه ، ولم يرجع على الغاصب بشيء ، وكذلك يستقر الضمان على المستعير ؛ لأن يده يد ضمان عندهم ، وإذا رد المتصرف له الشيء إلى الغاصب برئ من الضمان .

    وأما غاصب الغاصب فيستقر الضمان عليه ، وللمالك تضمينه كالغاصب الأول ، ومن غصب طعاما فأطعمه غيره ، فللمالك تضمين أيهما شاء ؛ لأن الغاصب حال بينه وبين ماله ، والآكل أتلف مال غيره بغير إذنه ، وقبضه عن يد ضامنه بغير إذن مالكه ، فإن كان الآكل عالما بالغصب ، استقر الضمان عليه ، لكونه أتلف مال غيره بغير إذن عالما من غير تغرير ، وإذا ضمن الغاصب رجع عليه ، وإن ضمن الآكل لم يرجع على أحد ، وإن لم يعلم الآكل بالغصب ، استقر الضمان على الآكل في رواية ؛ لأنه ضمن ما أتلف ، فلم يرجع به على أحد ، وفي رواية أخرى وهي ظاهر كلام الخرقي : يستقر الضمان على الغاصب ؛ لأنه غر الآكل وأطعمه على أنه لا يضمنه .

    تملك الغاصب المغصوب بالضمان :


    30 - للفقهاء اتجاهان في تملك الغاصب الشيء المغصوب بالضمان .

    فقال الحنفية : يملك الغاصب الشيء المغصوب بعد ضمانه من وقت حدوث الغصب ، حتى لا يجتمع البدل والمبدل في ملك شخص واحد ، وهو المالك ، وينتج عن التملك أن الغاصب لو تصرف في المغصوب بالبيع أو الهبة أو الصدقة قبل أداء الضمان ينفذ تصرفه ، كما تنفذ تصرفات المشتري في المشترى شراء فاسدا ، وكما لو غصب شخص عينا فعيبها ، فضمنه المالك قيمتها ، ملكها الغاصب ؛ لأن المالك ملك البدل كله ، والمبدل قابل للنقل ، فيملكه الغاصب ؛ لئلا يجتمع البدلان في ملك شخص واحد ، لكن لا يحل في رأي أبي حنيفة ومحمد للغاصب الانتفاع بالمغصوب ، بأن يأكله بنفسه أو يطعمه غيره قبل أداء الضمان ، وإذا حصل فيه فضل يتصدق بالفضل استحسانا ، وغلة المغصوب المستفادة من إركاب سيارة مثلا لا تطيب له ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يبح الانتفاع بالمغصوب قبل إرضاء المالك ، لما في حديث رجل من الأنصار : { أن امرأة دعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وجيء بالطعام فوضع يده ، ثم وضع القوم فأكلوا ، فنظر آباؤنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يلوك لقمة في فمه ، ثم قال : أجد لحم شاة أخذت بغير إذن أهلها فأرسلت المرأة قالت : يا رسول الله ، إني أرسلت إلى البقيع يشتري لي شاة ، فلم أجد ، فأرسلت إلى جار لي قد اشترى شاة أن أرسل إلي بها بثمنها فلم يوجد ، فأرسلت إلى امرأته فأرسلت إلي بها ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أطعميه الأسارى } . فقد حرم عليهم الانتفاع بها ، مع حاجتهم إليها ؛ ولو كانت حلالا لأطلق لهم إباحة الانتفاع بها .

    وقال أبو يوسف وزفر : يحل للغاصب الانتفاع بالمغصوب بالضمان ، ولا يلزمه التصدق بالفضل إن كان فيه فضل ؛ لأن المغصوب مملوك للغاصب من وقت الغصب ، عملا بالقاعدة : " المضمونات تملك بأداء الضمان مستندا إلى وقت الغصب " فتطيب بناء عليه غلة المغصوب للغاصب .

    وقال المالكية : يملك الغاصب المغصوب إن اشتراه من مالكه أو ورثه عنه ، أو غرم له قيمته بسبب التلف أو الضياع أو النقص أو نقص في ذاته ، لكن يمنع الغاصب من التصرف في المغصوب برهن أو كفالة خشية ضياع حق المالك ، ولا يجوز لمن وهب له منه شيء قبوله ولا الأكل منه ولا السكنى فيه ، مثل أي شيء حرام .

    أما إن تلف المغصوب عند الغاصب أو استهلكه ( فات عنده ) فالأرجح عندهم أنه يجوز للغاصب الانتفاع به ، لأنه وجبت عليه قيمته في ذمته . فقد أفتى بعض المحققين بجواز الشراء من لحم الأغنام المغصوبة إذا باعها الغاصب للجزارين ، فذبحوها ؛ لأنه بذبحها ترتبت القيمة في ذمة الغاصب ، إلا أنهم قالوا : ومن اتقاه فقد استبرأ لدينه وعرضه ، والمعنى أن الغاصب يتملك بالضمان الشيء المغصوب من يوم التلف .

    وقال الشافعية : إن ذهب المغصوب من يد الغاصب وتعذر رده كان للمغصوب منه المطالبة بالقيمة لأنه حيل بينه وبين ماله ، فوجب له البدل كما لو تلف المال ، وإذا قبض المغصوب منه البدل ملكه لأنه بدل ماله فملكه كبدل التالف ، ولا يملك الغاصب المغصوب لأنه لا يصح تملكه بالبيع ، فلا يملك بالتضمين كالتالف . فإن رجع المغصوب وجب على الغاصب رده على المالك ، فإذا رده وجب على المغصوب منه رد البدل ؛ لأنه ملكه بالحيلولة بينه وبين ماله المغصوب ، وقد زالت الحيلولة فوجب الرد .

    وذهب الحنابلة : إلى أنه لا يملك الغاصب العين المغصوبة بدفع القيمة ؛ لأنه لا يصح أن يتملكه بالبيع لغيره ؛ لعدم القدرة على التسليم ، فلا يصح أن يتملكه بالتضمين ، كالشيء التالف لا يملكه بالإتلاف ؛ ولأنه غرم ما تعذر عليه رده بخروجه عن يده ، فلا يملكه بذلك ، وليس هذا جمعا بين البدل والمبدل ؛ لأن المالك ملك القيمة لأجل الحيلولة بينه وبين ملكه ، لا على سبيل العوض ، ولهذا إذا رد المغصوب إليه ، رد القيمة عليه .


    نفقة المغصوب :


    31 - قال المالكية : ما أنفق الغاصب على المغصوب ، كعلف الدابة ، وسقي الأرض وعلاجها وخدمة شجر ونحو ذلك مما لا بد للمغصوب منه ، يكون في نظير الغلة التي استغلها الغاصب من يد المغصوب ؛ لأنه وإن ظلم لا يظلم .

    فإن تساوت النفقة مع الغلة فواضح ، وإن زادت النفقة على الغلة ، فلا رجوع للغاصب بالزائد ، كما أنه إذا كان لا غلة للمغصوب ، فلا رجوع له بالنفقة لظلمه ، وإن زادت الغلة على النفقة فللمالك الرجوع على الغاصب بزائدها .

    وقال الحنابلة : إن زرع الغاصب الأرض المغصوبة وأدركها ربها والزرع قائم فليس له إجبار الغاصب على قلعه ، ويخير مالك الأرض بين ترك الزرع إلى الحصاد بأجرة مثله وبين أخذ الزرع بنفقته ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : { من زرع في أرض قوم من غير إذنهم فليس له من الزرع شيء ، وله نفقته } .


    http://feqh.al-islam.com/Display.asp...=12782&Sharh=0
    avatar
    الشيخ إبراهيم حسونة
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 9251
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 08/05/2008

    الملفات الصوتية رد: أحكام الغصب في الفقه الإسلاميّ.

    مُساهمة من طرف الشيخ إبراهيم حسونة 06.08.09 8:33


    نحو حياة بلا غضب
    (خطوات علاجية)

    فاصل


    الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله محمد وعلى آله وصحبه وسلم... وبعد

    فلقد تأملت أحبتي خلافاتنا وما ينتج عنها فوجدت معظمه ناتجاً عن الغضب ،
    نعم يا أخوة حاول أن تراقب نفسك عند الغضب عندها ستعلم مدى تأثيره على أخلاقك وسلوكك ، ومدى أثره في تكوين أعداءك
    لذا رأيت أيها الأحبة ، أن أشارك معكم حول هذا الموضوع الذي أسأل الله أن ينفع به ، ويكتب به الأجر.

    فمن منا أيها الأخوة الكرام لا يغضب وينفعل عند مواقف معينة ، وقد أوصانا حبيبنا عليه أفضل الصلاة والسلام بعدم الغضب ووصف لنا طرق علاجية مؤثرة في الغضب. فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه و سلم قال :
    " ليس الشديد بالصُّرَعة ، إنما الشديد الذي يَملك نفسه عند الغضب " .

    وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رجلاً قال للنبي صلى الله عليه و سلم :
    أوصني ، قال : لا تغضب . فردد مراراً ، قال : لا تغضب . صحيح البخاري في الأدب 6114 – 6116

    قوله
    " ليس الشديد بالصرعة " بضم الصاد و فتح الراء : الذي يصرع الناس كثيراً بقوته و الهاء للمبالغة بالصفة .

    قوله
    " فردَّد مراراً " أي ردَّد السؤال يلتمس أنفع من ذلك أو أبلغ أو أعم ، فلم يزده على ذلك و زاد أحمد و ابن حبان في رواية عن رجل لم يُسَمَّ قال : تفكرت فيما قال فإذا الغضب يجمع الشر كله .

    قال الخطابي :
    معنى قوله " لا تغضب " اجتنب أسباب الغضب و لا تتعرض لما يجلبه .

    وقال ابن بطَّال في الحديث أن مجاهدة النفس أشد من مجاهدة العدو لأنه صلى الله عليه و سلم جعل الذي يملك نفسه عند الغضب أعظم الناس قوة ، و لعل السائل كان غضوباً ، و كان النبي صلى الله عليه و سلم يأمر كل أحد بما هو أولى به ، فلهذا اقتصر في وصيته له على ترك الغضب ، فللغضب مفاسد كبيرة ، و من عرف هذه المفاسد عرف مقدار ما اشتملت عليه هذه الكلمة اللطيفة من قوله صلى الله عليه و سلم " لا تغضب " من الحكمة و استجلاب المصلحة في درء المفاسد [ انظر فتح الباري : 10 / 520 ] .

    و كما وصف صلى الله عليه و سلم الداء وصف الدواء ففي حديث رواه أحمد و أبو داود و ابن حِبَّان أنه عليه الصلاة و السلام قال : " إذا غضب أحدكم و هوقائم فليَجلس ، فإن ذهب عنه الغضب و إلا فَليضطَجِع " .

    وهذه بعض الخطوات المهمة أسوقها إليكم أيها الأخوة من كتاب (حقك الكامل... دليلك إلى الحياة بحسم ) لروبرت ألبيرتي و ما يكل إيمونز:

    1. اسمح للشخص الغاضب بالتنفيس عن مشاعره القوية.

    2. استجب بالقبول فقط في البداية " أرى أنك غاضب بحق بشأن هذا الأمر "

    3. خذ نفساً عميقاً، وحاول أن تظل هادئاً بقدر الإمكان.

    4. اعرض مناقشة الحل لاحقاً، وامنح الشخص الآخر بعض الوقت ليهدأ " أعتقد أن كلانا بحاجة إلى بعض الوقت في التفكير في هذا الأمر. أود أن أتحدث في هذا.. في غضون ساعة /.. غداً /... الأسبوع المقبل "

    5. خذ نفساً عميقاً آخر.

    6. رتب وقتاً مُحدداً لمتابعة الأمر.

    7. ضع في ذهنك أنه ليس من المحتمل الوصول إلى حل فوري.

    8. اتبع استراتيجيات تسوية الخلافات المذكورة أدناه عندما تلتقيان لمتابعة الأمر.

    9. تعاملا بصدق ووضوح مع أحدكما الآخر.

    10. واجها المشكلة بصراحة، بدلاً من تجنبها أو الاختباء منها.

    11. تجنبا الهجمات الشخصية على أحدكما الآخر، والتزاما بالموضوع أو المشكلة.

    12. أكدا على نقاط الاتفاق كأساس لمناقشة نقاط الجدل والخلاف.

    13. استخدما أسلوب " إعادة الصياغة " للحوار لتتأكد من أنكما تفهمان أحدكما الآخر " دعني أرى ما إذا كنت أفهم مقصدك بشكل صحيح. هل تعني........ ؟"

    14. تقبل المسئولية عن مشاعرك الخاصة " أنا غاضب " وليس " أنت أغضبتني ".

    15. تجنبا موقف " فوز / خسارة ". إن موقف " أنا سوف أفوز, وأنت سوف تخسر ". سوف يتسبب على الأرجح في خسارة كلا الطرفين. إذا حافظتما على المرونة, يمكن لكليكما أن يفوز, على الأقل جزئياً.

    16. احصلا معاً على نفس المعلومات عن الموقف. ولأن المفاهيم كثيراً ما تختلف، فسيكون من المفيد توضيح كل الأمور.

    17. ضعا أهدافاً متناسبة متناغمة في الأساس. إذا كان كلانا يرغب في الحفاظ على العلاقات أكثر من رغبته في الفوز، فإن فرصة أفضل لتسوية الخلاف !

    18. أوضحا الاحتياجات الحقيقية لكلا الطرفين من الموقف. يحتمل أنني لا أرغب في الفوز. ولكنني أحتاج إلى تحقيق نتائج معينة ( تغيير في السلوك من جانبك أو مزيد من المال ), والحفاظ على احترامي لنفسي.

    19.ابحثا عن الحلول وليس عن تحديد من يستحق اللوم .

    20. اتفقا على وسيلة ما للتفاوض أو التبادل. سوف أوافق على الأرجح على التنازل عن بعض النقاط إذا كنت مستعداً للتنازل بدورك عن البعض.

    21. تفاوضا من أجل الوصول إلى تسوية مشتركة مقبولة، أو ببساطة، وافقا على الاختلاف.

    إعداد: أبو مصعب

    منقول مع دعائي للجميع بالتوفيق .

    المصدر السابق

      الوقت/التاريخ الآن هو 14.11.24 23:48