شحذ الهمم إلي القمم
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على اشرف الأنبياء والمرسلين ، وعلى آله الطاهرين ، وصحبه الميامين
وبعد :
فهذه نُبذ في العلم دبجتها للكرام، رجآء مغفرة الرحمن ، وهو الكريم المنان
فرحم الله من قال : غفر الله لك يا فلان ، وكفاك شر الشيطان.
وقد اسميتها
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على اشرف الأنبياء والمرسلين ، وعلى آله الطاهرين ، وصحبه الميامين
وبعد :
فهذه نُبذ في العلم دبجتها للكرام، رجآء مغفرة الرحمن ، وهو الكريم المنان
فرحم الله من قال : غفر الله لك يا فلان ، وكفاك شر الشيطان.
وقد اسميتها
شحذ الهمم إلي القمم
واللهَ أسأل أن يغفر زلتي ويستر كبوتي ، ولا حول ولا قوة إلا بالله
قال الله تعالى
( إنما يخشى الله من عباده العلماءُ)
[ سورة فاطر : الآية 28 ] ،
وقال تبارك وتعالى
(يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات )
[ سورة المجادلة : الآية 11 ] .
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :
" الدنيا ملعونة ، ملعون ما فيها إلاّ ذكر الله ، وما والاه ، وعالما ، ومتعلما "
[ حديث حسن رواه ابن ماجه 4112 ، وغيره ] .
ويُروى :
" تعلموا العلم فإن تعلمه لله خشية ، وطلبه عبادة ، ومذاكرته تسبيح ، والبحث عنه جهاد ، ، وتعليمه لمن لايعلمه صدقة ، وبذله لأهله قربة ، لأنه معالم الحلال والحرام وبيان سبيل الجنة ، والأنيس في الوحشة ، والمُحَدِّث في الخلوة ، والصاحب في الغربة ، والدليل على السراء والمعين على الضراء ، والسلاح على الأعداء ، والزين عند الأخِلاّء ، يرفع الله به أقواما فيجعلهم في الخير قادة قائمة تـُقتص آثارهم ، ويقتدى بأفعالهم ، ويُنتهى إلى رأيهم ، ترغب الملائكة في خلتهم ، وبأجنحتها تمسحهم ، ويستغفر لهم كل رطب ويابس ، وحيتان البحر وهوامه ، وسباع البحر وأنعامه ، لأن العلم حياة القلوب من الجهل ، ومصابيح الأبصار من الظلَم ، وبالعلم يبلغ العبد منازل الأخيار ، والدرجات العلى في الدنيا والآخرة ، والتفكر فيه يعدل الصيام ، ومذاكرته تعدل القيام ، وبه توصل الأرحام ، وبه يُعرف الحلال والحرام ، وهو إمام العمل ، والعمل تابعه ، يُلهَمه السعداء ، ويُحرمه الأشقياء " .
وقال صلى الله عليه وسلم :
" من سـلك طريقا يلتمس فيه علما سهـل الله له طريقـا إلى الجنـة،وإن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضاً بما يصنع ، وإن العالِم ليستغفر له من في السموات ، ومـن في الأرض ، حتى الحيتان في الماء ، وفضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر الكواكب ، وأن العلماء ورثة الأنبياء ، وأن اللأنبياء لم يورثوا دينارا ولادرهما ، وإنما ورثوا العلم ، فمن اخذه أخذ بحظ وافر "
[ حديث صحيح رواه أبوداود 3641 ، والترمذي 2646 ، وابن ماجه 223 ، وغيرهم ] .
وقال علي رضي الله عنه :
أقل الناس قيمة أقلهم علماً .
وقال بعض السلف رحمه الله :
العلوم أربعة : الفقه للأديان ، والطب للأبدان ، والنجوم للأزمان ، والنحو للسان .
وقيل :
العالم طبيب هذه الأمة ، والدنيا داؤها ، فإذا كان الطبيب يطلب الداء فمتى يبرئ غيره ؟
وسُئل الشعبي ـ رحمه الله ـ عن مسألة ، فقال
: لا علم لي بها ، فقيل له : ألا تستحي ؟ فقال : ولم أستحي مما لم تستح الملائكة منه حين قالت : لا علم لنا .
وعن النبي صلى الله عليه وسلم:
" فضل العالم على العابد ، كفضلي على أدناكم "
[ حديث صحيح رواه الترمذي 2682 ، 2685 ، وغيره ] .
وقيل :
مؤدب نفسه ومعلمها أحق بالإجلال من مؤدب الناس ومعلمهم ،
وأنشدوا :
يـا أيُّها الرَّجُـلُ المُعَلـِّمُ غَيْرَهُ + هـَلاّ لِنَفْسِـكَ كانَ ذا التعليمُ
تصِفُ الدَّواءَ لِذي السِّقامِ وَذِي الضَّنَى + كيْما يَصِحُّ بهِ وأنتَ سَقيـمُ
وَنـَراكَ تُصْلِحُ بالرَّشادِ عُقـولَنا + أبَداً وَأنتَ مِنَ الرَّشـادِ عَديمُ
فَابْـدَأ بنـَفسِكَ فانهَها عنْ غَيِّها + فإذا انتهَتْ عَنهُ فَأنتَ حَكيـمُ
فهُناكَ يُقبَـلُ ما تقولُ ويُهْتـَدَى + بالقـولِ مِنكَ وَيَنْفَعُ التـَّعليمُ
لا تـَنْهَ عَنْ خُلـُقٍ وَ تأتي مِثلـَهُ + عارٌ عَليْـكَ إذا فَعَلتَ عَظيمُ
وقال الخليل رحمه الله :
العلوم أقفال والأسئلة مفاتيحها .
وقال الحسن :
رأيت أقواما من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يقولون : من عمل بغير علم كان ما يفسده أكثر مما يصلحه ، والعامل بغير علم كالسـائرعلى غير طريق ، فاطلبوا العلم طلبا لا يضر بالعبادة ، واطلبوا العبادة طلبـا
لا يضر بالعلم .
وعن الفضيل ـ رحمه الله ـ أنه قال :
لو أن أهل العلم أكرموا أنفسهم ، وأعزوا هذا العلم ، وصانوه ، وأنزلوه حيث أنزله الله إذاً لخضعت لهم رقاب الجبابرة ، وانقاد لهم الناس ، وكانوا لهم تبعا ، ولكنهم أذلوا أنفسهم وبذلوا علمهم لبناء الدنيا ، فهانوا وذلوا .
وللقاضي العلامة أبي الحسن علي بن عبد العزيز الجرجاني ـ رحمه الله ـ :
وَلَمْ أَقْضِ حَقَّ العِلْمِ إِنْ كُنْتُ كُلَّما + بَدا طَمَعاً صَيَّرْتهُ لـي سُلَّمـَا
وَلَمْ أبتذلَ في خِدْمةِ اَلعِلْمِ مُهْجَتِي + لأخْدِمَ مَنْ لاقَيْتَ لَكـِنْ لأخْدَما
أَأَشْـقَى بِهِ غَرْسـًا وَأَجْنِيهِ ذِلَّة + إِذًا فَاتَباعُ الجَهْلِ قَدْ كانَ أَسْلَمَا
فَإِنْ قُلتَ زَنَـدُ العِلْـمِ كابٍ فَإِنّما + كَبا حينَ لَمْ نَحْرُسْ حِماهُ وَأَظْلَما
وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ العِلْم صانُوهُ صانَهُم + ْوَلَوْ عَظَّمُوهُ في النُّفوسِ لَعُظِّما
وَلَكِـنْ أَهانـُوهُ فَهانُوا وَدَنَّسُوا + مُحَيَّـاهُ باِلأَطْماعِ حَتَّى تَجَهَّمَا
وقيل :
من لم يتعلم في صغره لم يتقدم في كبره .
وقال الفضيل ـ رحمه الله ـ :
شر العلماء من يجالس الأمراء ، وخير الأمراء من يجالس العلماء .
وقيل :
من عُرف بالحكمة لاحظته العيون بالوقار .
وكان ابن مسعود رضي الله عنه، إذا رأى طالبي العلم قال :
مرحبا بكم ينابيع الحكمة ، ومصابيح الظلمة ، خُلقان الثياب ، جدد القلوب ، رياحين كل قبيلة .
وقال علي رضي الله عنه :
كفى بالعلم شرفا أن يَدَّعِيهِ من لا يُحْسِنه ، ويَفرح به إذا نسِب إليه ، وكفى بالجهل ضَعَة أن يتبرأ منه من هو فيه ، ويَغضب إذا نسب إليه .
وعن أنس بن مالك رضي الله عنه، قال:
سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " من سئل عن علم فكتمه ألجم يوم القيامة بلجام من نار "
[ حديث صحيح رواه ابن ماجة 264 ، وغيره ] .
قال الشاعر :
العِلمُ أنْــفَسُ شَيْءٍ أنتَ داخِرُه + ُمَنْ يَدْرُس العلمَ لمْ تُدْرَسْ مَفاخِرُهُ
أقبِلْ على العلم واستقبلْ مَقاصِدَه + ُفـأوَّلُ العلـم إقـبـالٌ وآخِـرُه
ُ
قال الشَّعْبيُّ ـ رحمه الله ـ :
دخلت على الحجاج حين قدم العراق ، فسألني عن اسمي ، فأخبرته ، ثم قال : يا شعبي كيف علمك بكتاب الله ؟ قلت : عني
يؤخذ ، قال : كيف علمك بالفرائض ؟ قلت : إليَّ فيها المنتهى ، قال : كيف علمك بأنساب الناس ؟ قلت : أنا الفيض فيها ، قال : كيف علمك بالشعر ؟ قلت : أنا ديوانه ، قال : لله أبوك ، وفرض لي أموالاً ، وسوّدَني على قومي ، فدخلت عليه وأنا صُعلوكٌ من صعاليك هَمْدان وخرجت وأنا سيدُهم .
قال البُسْتي :
إذا لم يَزِدْ عِلمُ الفتى قلبَهُ هُدىً + وَسِيرَتهُ عَدْلا وَأخْلاقهُ حُسْـنا
فبَشـِّرْهُ أنَّ اللهَ أوْلاهُ فِـتنـَة + تـُغشِيهِ حِرْماناً وتوسِعُهُ حُزْنا
وقال علي رضي الله عنه :
من أفتى الناس بغير علم لعنته ملائكة السماء والأرض .
وشكا الشافعي ـ رحمه الله ـ إلى وكيع بن الجراح ـ رحمه الله ـ سوء الحفظ فقال له :
استعن على الحفظ بترك المعاصي ، فأنشأ يقول :
شكَوْتُ إلىَ وَكِيعٍ سُوءَ حِفْظِي + فَأرْشَدَنِي إلىَ ترْكِ المَعاصِي
وَذلِكَ أنَّ حِفْظَ العِلـْمَ فَضْـلٌ + وَفَضْلَ اللهِ لا يُؤْتىَ لِعاصِـي
وعن أبي يوسف ـ رحمه الله ـ قال :
مات لي ولد فأمرت من يتولى دفنه ، ولم أدَعْ مجلسَ أبي حنيفة خوفا أن يفوتني منه يوم .
وقال محمد بن إسحاق بن خزيمة ـ رحمه الله ـ :
ما رأيت تحت أديم السماء أعلم بالحديث ، ولا أحفظ له من محمد بن إسماعيل البخاري ، حتى كان يقال إن حديثا لا يعرفه محمد بن إسماعيل ليس بحديث .
وقال البخاري ـ رحمه الله ـ :
أحفظ مائة ألف حديث صحيح . وقال : ما وضعت في كتابي الصحيح حديثا إلا اغتسلت قبل ذلك ، وصليت ركعتين ، وقال : أخرجته من ستمائة ألف حديث ، وصنفته في ست عشرة سنة ، وجعلته حجة فيما بيني وبين الله I .
وقال مجاهد ـ رحمه الله ـ :
أتينا عمر بن عبد العزيز لنعَلـِّمَه فما برحنا حتى تعلمنا منه .
وكان يقال : الليث بن سعد ـ رحمه الله ـ ذهب علمه كله بموته ، ولهذا قال الشافعي ـ رحمه الله ـ لما قدم مصر بعد موته : والله لأنت أعلم من مالك ، وإنما أصحابك ضيعوك .
وقال الليث بن سعد ـ رحمه الله ـ :
ما هلك عالم قط إلا ذهب ثلثا علمه ولو حرص الناس .
وقالوا :
إذا سُئِل العالم فلا تجب أنت ، فإنَّ ذلك استخفافٌ بالسائل والمسؤول .
وقال الشافعي ـ رحمه الله ـ :
أخِي لنْ تنالَ العِلْمَ إلا بسِتـَّةٍ + سَأنْبيكَ عَنْ تفْصِيلِها ببَيـان
ذَكاءٌ وَحِرْصٌ وَاجْتِهادٌ وَبُلْغَة + وَصُحْبَة أسْتاذٍ وَ طُولُ زَمان