خزانة الربانيون

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

    سياسة العلم ـ فنٌّ حسنٌ

    avatar
    الشيخ إبراهيم حسونة
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 9251
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 08/05/2008

    الملفات الصوتية سياسة العلم ـ فنٌّ حسنٌ

    مُساهمة من طرف الشيخ إبراهيم حسونة 02.08.09 8:37

    سياسة العلم ـ فنٌّ حسنٌ

    سياسة العلم


    هذا فنٌّ من أفانين العلمِ بديع ، فما أجلَّ العالم حينَ يتحلّى بحسن السياسةِ لما حفظه ووعاه ، فيقدم حين يحسن الإقدام ، ويحجم حين يستدعي المقامُ الإحجام ...


    خصوصاً في هذا العصر الذي قلتُ فيه محرّفاً البيت الشهير :


    وما نيل ( الفتاوى ) بالتمني ..............ولكن تؤخذ ( الفتوى ) غلابا


    وإنما الفقه فقه النفس والملكة ، لا كثرة المروي وإن كانَ حسناً ، فإن الرواية لونٌ ، والفقه لونٌ آخر ، إذ يكفي في الراوي العدالة وحسنُ الضبط ، لأن المطلوب منه أن يؤدي على نحو ما يسمع ، أما الفقه والدراية فهي الغاية . ولا بدَّ لطالب العلم من التمرذُس في هذا الفنّ ، فإنّ فئاماً من أجيال المتعلمين ، اجتهدوا ولغبوا في تحصيل العلوم ، ولم يبلغوا درجة التفقه في النصوص .



    ولستُ أقصدُ بهذا أن يتقن استلال الفروع من الأصول ، فهذا مما لا يستغني عنه متفقه ، وهو سهلٌ قريبٌ ، وقد قال ابن تيمية ( لا بد للمفتي أن يكون ممن يضع الحوادث على القواعد ، وينزلها عليها ) اهـ [الاستقامة(1/11]



    وإنما الذي عنيته أن يضيفَ إلى هذا مراعاة المقادير والنِّسب ؛ بين المصالح والمفاسد ، والأصول الكلية والقواعد الشرعية ، فإن هذه الدرجة من أصعب ما يكون على المتشرِّعين ، خصوصاً إذا عرَضت الأهواء الطامحة ، والرغائب الجامحة ، وما منّا إلا ، ولكن يذهبه الله بحسن اللجأ إليه ، والتضرُّع بين يديه ، بأن يجعل هواه تبعاً لدينه ، ثم يتحصَّن بحسن الصبر ، فإن العجلة في إصدار الحكم مهلكة ، فقد كانوا يراجعون قبل أن يتكلموا ، وقد قال ابن تيمية مرةً في جواب له : " وحين كتبت هذا الجواب لم يكن عندي من الكتب ما يستعان به على الجواب فان له موارد واسعة " الزهد والورع [1/192]



    وحين يتوفَّرُ طالب العلم على هذه المنزلة المنيفة ، لا يضرُّه أن يأخذَ بأي قول ظهرت له صحته ، ولو خالفه أهل الأرض ، وربما كان الفقه أن يسكت عن التحديث والفتيا ، كما قال ابن تيمية ( العالمُ تارةً يأمرُ ، وتارةً ينهي ، وتارةً يبيح ، وتارةً يسكتُ عن الأمر أو النهي أو الاباحة ، كالأمر بالصلاح الخالص أو الراجح ، أو النهي عن الفساد الخالص أو الراجح ، وعند التعارض يرجح الراجح كما تقدم بحسب الامكان ، فأما اذا كان [ الشخص ] المأمور والمنهي لا يتقيد بالممكن ، إما لجهله واما لظلمه ، ولا يمكن ازالة جهله وظلمه ، فربما كان الأصلح الكف والامساك عن أمره ونهيه ، كما قيل :( إن من المسائلِ مسائلُ جوابها السكوتُ ) كما سكت الشارع في أول الأمر عن الأمر بأشياء والنهي عن أشياء ، حتى علا الاسلام وظهر، فالعالم في البيان والبلاغ كذلك ، قد يؤخر البيان والبلاغ لأشياء الى وقت التمكن ،كما أخر الله سبحانه إنزال آيات وبيان أحكام الى وقت تمكن ...)الخ..



    ولا يخفى أن كتمان بعض العلم إذا ترتب على إظهاره مفسدة ، مخالفٌ لأصل البلاغ والبيان ، ولا يعدل عن الأصل إلا لمصحة ، وهو ما أشرت إليه من ( سياسة العلم ) المأمور بها .


    وإلاّ فإن الأصل ما جاء في حديث عبادة بن الصامت وغيره : بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على أن نقول بالحق حيث كنا , ولا نخاف في الله لومة لائم " الحديث بمعناه ..

    قال ابن القيم : " ونحن نشهد بالله أنهم وفوا بهذه البيعة , وقالوا بالحق , وصدعوا به , ولم تأخذهم في الله لومة لائم , ولم يكتموا شيئا منه مخافة سوط ولا عصا ولا أمير ولا والٍ كما هو معلوم لمن تأمله من هديهم وسيرتهم ...

    فقد أنكر أبو سعيد على مروان , وهو أمير على المدينة ....

    وأنكر عبادة بن الصامت على معاوية , وهو خليفة.....

    وأنكر ابن عمر على الحجاج مع سطوته وبأسه ....

    وأنكر على عمرو بن سعيد , وهو أمير على المدينة ....

    وهذا كثير جدا من إنكارهم على الأمراء والولاة إذا خرجوا عن العدل ،لم يخافوا سوطهم ولا عقوبتهم , ومن بعدهم لم تكن لهم هذه المنزلة , بل كانوا يتركون كثيرا من الحق خوفا من ولاة الظلم وأمراء الجور " اهـ من إعلام الموقعين .


    وفي التنزيل الحكيم قوله تعالى " إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى من بعد ما بيناه للناس في الكتاب أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون إلا الذين تابوا وأصلحوا وبينوا " الآية ، وقد استدل أبو محمد ابن حزم ـ رحمه الله ـ بهذه الاية على أنه " لا سر في الدين عند أحد " ، كما في مقدمة محلاّه .


    وربما رأيت الرجل يشار إليه بالبنان ، يذهل عن سياسة العلم أحياناً ، ومما يناسب المقام ما ذكره الخطيب عن أبي بكر محمد بن داود [ ت297هـ]: وهو ابن داود بن علي شيخ الظاهرية ، وكان فقيها أديبا شاعرا ظريفا . فعن الخضري قال : ( كنت جالساً عند أبي بكر محمد بن داود ، فجاءته امرأةٌ فقالت له : ما تقول في رجلٍ له زوجةٌ ؛ لا هو ممسكها ولا هو مطلقها ؟ . فقال أبو بكر : اختلف أهل العلم في ذلك ، فقال قائلون : تؤمر بالصبر والاحتساب ، وتبعث على التطلب والاكتساب ، وقال قائلون : يؤمر بالانفاق ، وإلا حمل على الطلاق ، فلم تفهم المرأة قوله ، فأعادت مسألتها وقالت : رجلٌ له زوجةٌ ؛ لا هو ممسكها ، ولا مطلقها ، فقال لها : يا هذه قد أجبتك عن مسألتك ، وأرشدتك إلى طلبك ، ولستُ بسلطانٍ فأمضي ، ولا قاض فاقضي ، ولا زوج فأُرضي ، فانصرفت المرأة ولم تفهم جوابه ) !


    قلت : سبحانَ الله ، ألم يكن الأولى بهذا الفقيه الحافظ ـ رحمه الله ـ ، أن يجيبها بما تفهم ، ويختزل عليها خلافاً فروعياً ، لا تحتاجه ، ولا تفهمه !


    قلتُ : ومن أحسن الناس سياسةً للعلم بعد الأنبياء ، الرعيلُ الأول من أصحاب النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وورثتهم على ذلك ، فإن بني إسرائيلَ كانت ( تسوسهم ) الأنبياء ، وهؤلاء ورثتهم من بعدُ .


    ومن أمثلة حسن السياسة ، ما ذكر في السيَر ، عن أبي بكر الهذلي أن يزيدَ بن المهلّب قال : ( أدعوكم إلى سنةِ عمر بن عبد العزيز ) ، فخطب الحسن البصري وقال: ( اللهم اصرع يزيد بن المهلب صرعةً تجعله نكالاً ، يا عجباً لفاسقٍ غيَّر برهةً من دهره ، ينتهك المحارم ، يأكل معهم ما أكلوا ، ويقتل من قتلوا ، حتى إذا منع شيئا قال : " إني غضبان فاغضبوا ، فنصبَ قصباً ، عليها خرقٌ فاتبعه رِجْرِجَةٌ ورَعَاعٌ ، يقول : أطلب بسنة عمر ، إن من سنة عمر؛ أن توضع رجلاه في القيد ، ثم يوضع حيث وضعه عمر )


    قال الذهبي : ( قتل عن تسع وأربعين سنة ، ولقد قاتل قتالا عظيماً ، وتفللت جموعه فما زال يحمل بنفسه في الألوف لا لجهاد ، بل شجاعة وحمية ، حتى ذاق حمامه ، نعوذ بالله من هذه القتلة الجاهلية ) ( السير 4/506)

    قلتُ : جاء في اللسان : الرِّجْرِجَةُ بالكسر ، بقية الماء في الحوض الكدرة ، المختلطة بالطين ، وفي حديث ابن مسعود ( لا تقوم الساعة إلا على شرار الناس كرجرجة الماء الخبيث ) الرجرجة بكسر الراءين ، بقية الماء الكدر في الحوض المختلطة بالطين ولا ينتفع بها . اهـ (لسان العرب / مادة رجرج )

    هذا طرَفٌ مما مرَّ بالخاطر ، أعلمُ أنه فطيرٌ ليس بالخمير ، وإنما أوردته ( طازجاً ) ؛ لأستفيدَ من تعقيب الإخوة الكرام .

    والسلام



    والنقل
    http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=49902
    avatar
    الشيخ إبراهيم حسونة
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 9251
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 08/05/2008

    الملفات الصوتية رد: سياسة العلم ـ فنٌّ حسنٌ

    مُساهمة من طرف الشيخ إبراهيم حسونة 02.08.09 8:42

    وهنا إشارة من قليل البضاعة ضعيف الطاعة ,

    وهي أن ما ذكرتم شيخنا الفاضل يرتكز على قواعد من العلم متينة ,,

    وأسس من الفقه رصينة .. ولا يناله إلا موفق عامل بعلمه ,

    وأما منبع ذلك فقه هو تعلم الفقه والغوص في غماره ..

    وتأمل أسرار الشريعة وحكمها ..

    فهو نابع من الفقه باللأحكام مع فقه للواقع الذي يعيشه ..

    ففقه الواقع لا يخفاكم أثره في تغير مجرى الفتوى ..

    وقد كان أحد كبار العلماء الأجلاء يلقي محاضرة في إحدى المدن

    فسأل أحدهم عن موقفنا تجاه فتنة العراق ..
    فقال : يهود يضربو رافضة .. أو نحواً منها فاستنكر الجميع عامة وطلبة علم هذا الكلام ..

    ثم بعدها أتاه بعض طلبة العلم وأوضح هذه الجزئية له فأخرج بعدها بياناً سارت به الركبان .. ( ولا يقلل هذا من فقه هذا العالم النحرير ومكاته..)

    والقراءة للعلماء النابغين من أمثال شيخ الإسلام وابن القيم وغيرهم ممن لايمكن حصرهم لها أثر كبير في سياسة العلم .. والله أعلم ,

    لم أعد لهذه الكلمة في الحقيقة لكن كما قال شيخنا الفاضل طَرَتْ فَجَرَتْ .. وما أحوجنا لمثل هذه المشاركات المنهجية ..


    ===========

    قلت فأبدعت ... ونصحت فأخلصت و لا أزكي على الله أحداً


    يا فضيلة الشيخ ألا ترى أن قصة أبي بكر محمد بن داود هي من سياسة العلم وليست خارجة عنه ..


    فإنها - لازلت مشمولاً بفضل الله وتوفيقه - ظاهرة في ذلك؛ آمل - رفع الله قدركم في الدارين آمين - أن تعيدوا النظر فيها..


    وإن مما نعانيه في سياسة العلم ... عدم التفريق بين العالم والمفتي والحاكم (القاضي) الشرعي... وهذا ما لفت إليه النظر أبوبكر محمد بن داود بن علي الظاهري.. رحمه الله


    ولك مني حب وتقدير وعرفان بالجميل

    ========

    الأخ المبجل ابن عبدالبر ، أحسن الله إليك

    وما أشرت إليه من قصة العالم شاهدٌ حسنٌ، يكمل نقص الموضوع ، فبوركت

    ـــــــــــــــــــــــــ

    الأخ المكرم الناصح ، سدده الرحمن

    ما تفضَّلتَ به توجيهٌ وجيه، خصوصاً أنَّ مقام هذا الجهبذ في العلم والذكاء معلوم ، وإن كنتُ إلى قولٍ سواهُ لأمْيَلُ

    ومما يذكر في ذكاء ابن داوُد هذا، وألمعيّته :

    ما ذكره الخطيب عن القاضي أبي الحسن الخرزي الداودي، قال:

    لما جلس محمد بن داود بن علي الأصبهاني بعد وفاة أبيه في حلقته يفتي؛ استصغروه عن ذلك، فدسُّوا إليه رجلاً، وقالوا له: ( سله عن حد السكر، ما هو ) ؟

    فأتاه الرجل، فسأله عن حد السكر ما هو، ومتى يكون الإنسانُ سكرانَ ؟

    فقال محمد: ( إذا عزَبَتْ عنه الهُمُوم ، وباحَ بِسِرِّه المَكْتُوم ) .

    فاستُحسِنَ ذلك منه، وعُلِمَ موضِعُه من العِلم.

    كما ذكر ـ أيضاً ـ عن عبيد الله بن عبد الكريم قال: كان محمد بن داود خصماً لأبي العباس بن سريج القاضي، [ شيخ الشافعية ] ، وكانا يتناظران، ويترادَّان في الكتب. فلما بلغ ابنَ سريجٍ موتُ محمد بن داود، نحَّى مخادَّه ومشاوره ، وجلس للتعزية، وقال: ما آسى إلاّ على ترابٍ أكل لسان محمد بن داوُد .

    ==========

    وهذا كلام مررت عليه لابن القيم رحمه الله ومنذ أن قرأته تذكرت ما كتب شيخنا الفاضل .. النجدي المناضل .. فأحببت أن يزيد الموضوع بهاءً -إلى بهائه-وحسبك بابن القيم فقيهاً ..



    يقول رحمه الله تعالى : 'يحرم عليه-أي على المفتي- إذا جاءته مسألة فيها تحايل على إسقاط واجب أو تحليل محرم، أو مكر، أو خداع أن يعين المستفتي فيها، ويرشده إلى مطلوبه، أو يفتيه بالظاهر الذي يتوصل به إلى مقصوده؛
    بل ينبغي له أن يكون بصيراً بمكر الناس وخداعهم وأحوالهم، ولا ينبغي له أن يحسن الظن بهم، بل يكون حذراً فطناً فقيهاً بأحوال الناس وأمورهم،
    يؤازره فقهه في الشرع، وإن لم يكن كذلك زاغ و أزاع،

    وكم من مسألة ظاهرها جميل، وباطنها مكر وخداع وظلم!
    فالغر ينظر إلى ظاهرها ويقضي بجوازه، وذو البصيرة ينفذ إلى مقصدها وباطنها،
    فالأول يروج عليه زغل المسائل كما يروج على الجاهل بالنقد زغل الدراهم،
    والثاني يخرج زيفها كما يخرج الناقد زيف النقوذ،
    وكم من باطل يخرجه الرجل بحسن لفظه وتنميقه وإبرازه في صورة حق! وكم من حق يخرجه بتهجينه وسوء تعبيره في صورة باطل!

    ومن له أدنى فطنة وخبرة لا يخفى عليه ذلك'[إعلام الموقعين، 4/ 229].


    ============

    ولابن خلدون ـ رحمه الله ـ في مقدمته كلامٌ غاية في النفاسة، يلزم طالب العلم الرجوع إليه، ومما يناسب موضوع " سياسة العلم "، ويؤسس لهذا الفن، أنه:

    عقَدَ فصلاً في " أن الدعوة الدينية من غير عصبية لا تتم "، قال فيه ـ والعهدة عليه ـ:

    ( وهذا لما قدمناه من أنَّ كل أمر تُحمل عليه الكافة فلا بد له من العصبية، وفي الحديث الصحيح كما مر "ما بعث الله نبياً إلا في منعة من قومه"، وإذا كان هذا في الأنبياء وهم أولى الناس بخرق العوائد، فما ظنك بغيرهم ألا تخرق له العادة في الغلب بغير عصبية.

    ومن هذا الباب أحوال الثوار القائمين بتغيير المنكر من العامة والفقهاء، فإن كثيراً من المنتحلين للعبادة وسلوك طرق الدين يذهبون إلى القيام على أهل الجورمن الأمراء داعين إلى تغيير المنكر والنهي عنه، والأمر بالمعروف رجاء في الثواب عليه من الله، فيكثر أتباعهم والمتشبثون بهم من الغوغاء والدهماء، ويعرضون أنفسهم في ذلك للمهالك، وأكثرهم يهلكون في تلك السبيل مأزورين غير مأجورين، لأن الله سبحانه لم يكتب ذلك عليهم، وإنما أمر به حيث تكون القدرة عليه، قال: "من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه". وأحوال الملوك والدول راسخة قوية لا يزحزحها ويهدم بناءها إلا المطالبة القوية التي من ورائها عصبية القبائل والعشائر كما قدمناه.

    وهكذا كان حال الأنبياء عليهم الصلاة والسلام في دعوتهم إلى الله بالعشائر والعصائب، وهم المؤيدون من الله بالكون كله لو شاء، لكنه إنما أجرى الأمور على مستقر العادة، والله حكيم عليم.
    فإذا ذهب أحد من الناس هذا المذهب وكان فيه محقاً قصر به الانفراد عن العصبية، فطاح في هوة الهلاك.

    وأما إن كان من الملبسين بذلك في طلب الرئاسة، فأجدر أن تعوقه العوائق وتنقطع به المهالك، لأنه أمر الله لا يتم إلا برضاه وإعانته والإخلاص له والنصيحة للمسلمين، ولا يشك في ذلك مسلم، ولا يرتاب فيه ذو بصيرة )اهـ.




    avatar
    الشيخ إبراهيم حسونة
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 9251
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 08/05/2008

    الملفات الصوتية رد: سياسة العلم ـ فنٌّ حسنٌ

    مُساهمة من طرف الشيخ إبراهيم حسونة 02.08.09 8:45

    أحب أن أعرض عليكم هذه المقالة التي أراها متوافقة في موضوع سياسة العلم .. وأضيف كليشة دور الطبع المشهورة ( الفكرة تعبر عن رأي الكاتب ) (: وأحب أن أسمع بعيني تعليقكم عليها .. سياسة العلم ـ فنٌّ حسنٌ Mid


    ******************


    وعنوانها .. ((( هل نستغني عن المفتين؟ )))
    عبد العزيز الصاعدي

    قال لي: بما أنك تكتب في صحيفة رأي معتبرة ومقروءة اكتب عن ظاهرة انتشار الفتوى على الهواء فأنا لا أعلم أنها تمُت بصلة إلى ما سطره علماء أصول الفقه من هيئة الفتوى الصحيحة وشروط المفتي والمستفتي وطريقة التواصل بينهما والتوصيل الدلالي لتصوير القضية أو الواقعة المراد إيضاح حكمها وأعطاني كتباً في أصول الفقه فيها تلك الشروط ويمكن أن أستعرضها متى ما سنحت الفرصة.

    هو يحمل الدكتوراه في اللغة العربية ووالده بروفيسور منذ عشرين سنة في علم أصول الفقه والأهم من الأمرين أن والده قد تعاهده منذ الصغر وأوعى فيه القرآن حفظاً ومتون العلوم درساً ومن ضمنها علم أصول الفقه كتقليد أسري رائع ما زال باقياً إلى اليوم في بعض بيوتات العلم في المدينة وهو أمر تغافل عنه من كتب عن طيبة الطيبة وهو بحاجة إلى تسليط الضوء عليه توثيقاً وإعلاماً لترغيب الناس فيه وبيانه كتقليد إسلامي تربوي رفيع.

    - ويقول إن في الفتوى على الهواء فوق مباينتها للصورة التقليدية لطلب الأحكام مزالق جمة أبرزها:
    1- عدم تصور المفتي للمسألة مناط الحكم تصوراً صحيحاً ودقيقاً ومتكاملاً وهذا مخالف لأهم ركن لإصدار الفتوى إذ الحكم على الشيء فرع عن تصوره وسبب هذا القصور في التوصيل اللغوي والتواصل الدلالي بين المفتي والمستفتي ضغط وقت البرنامج واستعجال وعجلة المذيع ومداخلته أحياناً لبيان مقصد المستفتي وزحمة طالبي الفتوى على الهواء لذا ينبه مخرج البرنامج ويستحث المذيع على الإنجاز والسرعة وفي ظل هذه المعطيات لا يكون الجو والبيئة مناسبين وملائمين للفهم والإفهام والاستفصال والتفصيل لا سيما إذا علمنا أن المفتي يوقع عن الله ويتحدث باسم الشريعة كما نبه ابن القيم في سفره العظيم إعلام الموقعين عن رب العالمين وهذا موطن لا يصح فيه العجلة ولا الاستعجال وعلى طالب الحكم والحق أن يستبرئ لدينه فلماذا هذا اللهاث والسرعة في غير موطنها المستحب.
    2- جهل الناس بمفاصل المسائل المهمة التي بها مناط الحكم وعليها مداره وعدم مقدرة السائل على إيضاح الجوانب الأساسية التي تصور الواقعة والقضية وينبني عليها الحكم نظراً لما أصاب الناس جملة من تراجع مخيف بالثقافة الشرعية والعلم الشرعي وانصرافهم إلى الوعظ والإنشاء والزهديات والرقائق من جوانب الدين وإهمالهم أمر العلم والفقه وأصوله وهذه آفة أخرى لحقت بالمجتمع ومحقت به منذ أكثر من عشرين عاما وتشخص اليوم آثارها واضحة للعيان من الحماس الديني غير المرشد بالعلم الشرعي.
    3- كون المفتي يفتي في وسيلة عامة إعلامية جماهيرية يستلزم منه خطاباً يُراعي فيه هذه الجماهيرية التي تتلقفه كل بحسب تركيبتها وتربيتها وآلية فهمها الخاص مما يجعل الكلام الصادر من الشيخ حمَّال أوجه بحسب متلقيه وهذا أمر متلافى في الفتوى الفردية تماماً حيث النقاش والاستفصال والإيضاح والتوضيح محل العجلة والاستعجال، كما سنوضح في المقال القادم في واقعة حقيقية وكيف تغيرت الفتوى بعد النقاش والحوار. وبرز عن هذه المزالق نتائج وخيمة قد لا يستبين أثرها إلا بعد حين من الدهر من مثل:
    1) أن المفتين دأبوا في معظمهم على إعطاء الفتوى والحكم وكأنها الحق الذي ليس غيره. والصواب المقابل للخطأ حتى وإن كان في المسألة أقوال في المذهب الواحد ناهيك عن الخلاف بين المذاهب ولو ساقوا الحكم كما هو في المدونات الفقهية لتخلصوا من حدية الرأي وقصور النظرة ولسهلوا على الناس وعلموهم التوسع والرحمة وعدم الحرج في دين الله ولكان أبرأ لذمة المفتي عندما يبتعد عن التدليس إلى عرض المسألة بآرائها ولا بأس أن يرجح مذهباً ومن المعلوم أنه ليس كل خلاف هو بين خطأ وصواب بل قد يكون الخلاف بين الصواب والأصوب والصواب والصواب وربما كان الموقف في وسيلة الإعلام المباشرة محرجاً للشيخ أن لا يكون باتاً وحاصراً للفتوى والنفس البشرية ضعيفة وهذا يمكن الخلاص منه بالفتوى الفردية المباشرة حيث البيئة الأنسب لتلمس الحق والاستفصال من طالب الفتوى ونقاش المفتي!
    2) التناقض في الفتاوى مع اتفاق الوقائع بين المفتين والعلماء ليس هذا فحسب بل بين علماء المذهب الواحد والإقليم والبلد الواحد بل بين المفتي نفسه في مواقف مختلفة ولعل هذا ناتج عن الحدية السابقة وكان يعفي منها تصوير المسألة بأقوال الفقهاء المختلفة مع ترجيح ما يراه المفتي.
    3) وشبيه بهذا اختلاف الحكم مع اتفاق الوقائع حيث تضطرب الفتاوى اضطراباً شديداً في هذا مما يجعل الناس في حيرة ويضعف أثر الفتوى لديهم خصوصاً في المستجدات من المعاملات كالتأمين والمساهمات والسياسة الشرعية ونحوها.
    4) ونتج عن هذا وهو قريب منه قياس الناس الوقائع بالفتاوى السابقة فإذا حدث طلاق مثلاً وذكر ذلك زميل لزميله في العمل أو لجاره في المنزل قال هذه حكمها كذا نظراً لواقعة مشابهة حدثت له أو لقريب منه أو لمعرفة وإذا أقررنا هذا (وهو ما تؤصل له الفتاوى على الهواء) فإن كل الناس سيصبحون مفتين وعلماء وفقهاء فهل هذه نظرة شرعية صحيحة؟ فأنا لا أحكم بنفيها ولكني أطرحها للنقاش وهل من الإيجابي أن تكون العجوز الأمية إذا سمعت في المذياع أو التلفاز حكماً وفتوى من شيخ على الهواء أن تنقلها وتفتي بها لما تظنه مشابهاً لها أم لا؟ هذا ما أستفتي عنه في مقامي هذا وآمل أن يلقى الحيارى مثلي جواباً علنياً عليه.
    مع إيراد أنني أفهم أن الفتوى من الشيخ أو العالم تكون ملزمة للمستفتي فحسب وليست فقهاً يُعمم على العموم نظراً لأنها حكم خاص بقضية وواقعة خاصة لها ظروفها وملابساتها الخاصة وليست من أصول الشريعة وعمومياتها بل هي مرتكزة عليها، وحسب فهم الشيخ المفتي الذي قد يصيب وقد يخطئ. وإلا إذا كانت الحال ليست كذلك فأعتقد أننا لسنا بحاجة إلى مفت بعد اليوم وحسبنا أن نجمع الوقائع السابقة ونعرف أحكامها ونفهرسها فإذا وقع شيء بحثنا عن نظيره ومثيله وقسنا الحكم عليه وإذا حصل شيء جديد فهو الذي نحتاج فيه إلى الفتوى. وعندما عرضت هذه الفكرة في هذا المقال على زميل آخر سرد لي قصته في مناقشة أصحاب الفتوى وضرورة فعل ذلك وكيف أقنعهم بالتراجع عن فتواهم في مسألة السيراميك في أرضيات المساجد.

    رابط الموضوع ربط الله على قلبك ..
    وليتك لا تطلع عليه حتى تقرأه من هاهنا .. ثم انظر إلى مصدره .. مع ثقتي بتجردكم .. غفر الإله لكم ..
    http://www.alarabiya.tv/Article.aspx?v=8256

    ==========

    وقد عرف المتقدمون الاستفتاء في المحافل، وهي مجامع الناس العامة، وتشبه برامج الفتيا المعاصرة من وجه.

    قال الشاطبي في الموافقات ج1/ص54
    ( ولما كان السؤال فى محافل الناس عن معنى ( والمرسلات عرفا ) ( والسابحات سبحا )، مما يشوش على العامة من غير بناء عمل عليه أدب عمر صبيغاً بما هو مشهور )اهـ

    وقال ابن عبد البر في التمهيد ج6/ص190

    ( وفيه أن السؤال عما يلزم علمه من أمر الدين واجب في المحافل وغير المحافل وأنه لا حياء يلزم فيه ألا ترى إلى قوله فأقبل عويمر حتى أتى رسول الله سياسة العلم ـ فنٌّ حسنٌ Sallah وهو وسط الناس فقال يا رسول الله أرأيت رجلا وجد مع امرأته رجلا أيقتله فتقتلونه أم كيف يفعل )اهـ


    ويشبه ذلك أيضاً: قصة الإمام أحمد حين نصحه الرجل فقال: انظر، فإذا أصحاب المحابر معهم الأقلام ....الخ

    المصدر عاليه

      الوقت/التاريخ الآن هو 15.11.24 3:45