خزانة الربانيون

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

    أمراض القلوب وعلاجها ( من كلام العلامة شمس الدين ابن القيم - رحمه الله تعالى )

    avatar
    الشيخ إبراهيم حسونة
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 9251
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 08/05/2008

    الملفات الصوتية أمراض القلوب وعلاجها ( من كلام العلامة شمس الدين ابن القيم - رحمه الله تعالى )

    مُساهمة من طرف الشيخ إبراهيم حسونة 31.07.09 8:03


    أمراض القلوب وعلاجها
    فاصل

    مقالات مختارة من كتب ابن القيم
    مرض القلب نوعان:

    نوع لا يتألم به صاحبه فى الحال، وهو النوع المتقدم، كمرض الجهل، ومرض الشبهات والشكوك، ومرض الشهوات.

    وهذا النوع هو أعظم النوعين ألما، ولكن لفساد القلب لا يحس بالألم، ولأن سكرة الجهل والهوى تحول بينه وبين إدراك الألم، وإلا فألمه حاضر فيه حاصل له، وهو متوار عنه باشتغاله بضده
    وهذا أخطر المرضين وأصعبهما.

    وعلاجه إلى الرسل وأتباعهم، فهم أطباء هذا المرض.

    والنوع الثانى:
    مرض مؤلم له فى الحال، كالهم والغم والحزن والغيظ،

    وهذا المرض قد يزول بأدوية طبيعية، كإزالة أسبابه، أو بالمداواة بما يضاد تلك الأسباب، ويدفع موجبها مع قيامها،
    وهذا كما أن القلب قد يتألم بما يتألم به البدن ويشقى بما يشقى به البدن فكذلك البدن يتألم كثيرا بما يتألم به القلب، ويشقيه ما يشقيه.

    فأمراض القلب التى تزول بالأدوية الطبيعية من جنس أمراض البدن، وهذه قد لا توجب وحدها شقاءه وعذابه بعد الموت.


    وأما أمراضه التى لا تزول إلا بالأدوية الإيمانية النبوية

    فهى التى توجب له الشقاء والعذاب الدائم، إن لم يتداركها بأدويتها المضادة لها، فإذا استعمل تلك الأدوية حصل له الشفاء، ولهذا يقال "شفى غيظه"

    فإذا استولى عليه عَدُوُّه آلمه ذلك، فإذا انتصف منه اشتفى قلبه،

    قال تعالى:
    {قَاتلُوهُمْ يُعَذبْهُمُ اللهُ بأَيدِيكُمْ وَ يُخزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنينَ وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبهِمْ وَيَتُوبُ اللهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ}
    [التوبة: 14-15].


    فأمر بقتال عدوهم، وأعلمهم أن فيه ست فوائد.

    فالغيظ يؤلم القلب، ودواؤه فى شفاء غيظه، فإن شفاه بحق اشتفى، وإن شفاه بظلم وباطل زاده مرضا من حيث ظن أنه يشفيه،

    وهو كمن شفى مرض العشق بالفجور بالمعشوق، فإن ذلك يزيد مرضه، ويوجب له أمراضا أُخر أصعب من مرض العشق كما سيأتى إن شاء الله تعالى،

    وكذلك الغم والهم والحزن أمراض للقلب،
    وشفاؤها بأضدادها: من الفرح والسرور،

    فإن كان ذلك بحق اشتفى القلب وصح وبرئ من مرضه،
    وإن كان بباطل توارى ذلك واستتر، ولم يزل، وأعقب أمراضا هى أصعب وأخطر.

    وكذلك الجهل مرض يؤلم القلب
    . فمن الناس من يداويه بعلوم لا تنفع، ويعتقد أنه قد صح من مرضه بتلك العلوم، وهى فى الحقيقة إنما تزيده مرضا إلى مرضه،
    لكن اشتغال القلب بها عن إدراك الألم الكامن فيه، بسبب جهله بالعلوم النافعة، التى هى شرط فى صحته وبرئه،

    وقال النبى صلى الله تعالى عليه وآله وسلم فى الذين أفتوا بالجهل، فهلك المستفتى بفتواهم
    "قتلوه، قتلهم الله، ألا سألوا إذ لم يعلموا؟ فإنما شفاء العى السؤال"،
    فجعل الجهل مرضا وشفاءه سؤال أهل العلم.

    وكذلك الشاك فى الشىء المرتاب فيه، يتألم قلبه حتى يحصل له العلم واليقين، ولما كان ذلك يوجب له حرارة قيل لمن حصل له اليقين: ثلج صدره، وحصل له برد اليقين، وهو كذلك يضيق بالجهل والضلال عن طريق رشده، وينشرح بالهدى والعلم،

    قال الله تعالى:
    {فَمَنْ يُرِدِ اللهُ أَنْ يَهديَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإسْلامِ وَمَن يُرِدْ أَنْ يضِلّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً كأَنماَ يَصَّعَّدُ فِى السَّماءِ}
    [الأنعام: 125].

    وسيأتى ذكر مرض ضيق الصدر وسببه وعلاجه، إن شاء الله تعالى.

    والمقصود:
    أن من أمراض القلوب ما يزول بالأدوية الطبيعية.
    ومنها ما لا يزول إلا بالأدوية الشرعية الإيمانية، والقلب له حياة وموت، ومرض وشفاء، وذلك أعظم مما للبدن.

    ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


    إغاثة اللهفان من مصايد الشيطان - الجزء الأول
    والنقل
    http://www.ibnalqayem.com/article/2-selected-articles/191-72.html

      الوقت/التاريخ الآن هو 26.11.24 9:05