من طرف الشيخ إبراهيم حسونة 27.07.09 17:50
ما ذكر عن الإمام مالك - رحمه الله – لا يصح عنه، فقد جاء في [ اقتضاء العلم العمل] للخطيب رقم 158ص 94تحقيق علامة الشام ناصر الملة والدين - رحمه الله رحمة واسعة – طبعة المكتب الإسلامي، قال:
( أخبرنا أبو نصر أحمد بن علي بن عبدوس الأهوازي إجازة، قال: سمعت محمد بن إبراهيم الأصفهاني يقول: سمعت عبد الله بن سعيد الملطي يقول: سمعت أبا هارون محمد بن هارون يقول سمعت ابن أبي أويس يقول: .... وذكر القصة.
أما ابن أبي أويس فتعلم حاله من ترجمته في تهذيب التهذيب وغيره، وأما محمد بن هارون فلم أجد ترجمته، فمن عرفه من إخواننا فليفدنا، وكذا محمد بن إبراهيم الأصبهاني، وكذا عبد الله بن سعيد الملطي، إلا أني رأيت ابن سعد السمعاني في الأنساب يقول عند ذكره من نسب إلى ( مليطة) إحدى ثغور الروم مما يلي أذربيجان..: سمعت أن أكثر من خرج عنها من المحدثين كانوا ضعفاء) وقال أيضا: ( وكان عبد الغني بن سعيد الأزدي يقول: ليس في الملطيين ثقة).
وأما قصة الأصمعي مع الإمام مالك فقد سبق بيان بطلانها بما ذكره علامة اليمن الشيخ عبد الرحمن المعلمي اليماني، ولا بأس بإعادته هنا للفائدة حتى لا يغتر أحد بهذه الرواية الساقطة.
قال المعلمي – رحمه الله في التنكيل 1/283: (أقول: هذه الحكاية منكرة عن الأصمعي، فلينظر من حكاها عن كتاب المبرد وعلى فرض ثبوتها عن المبرد ففيه كلام معروف، ومحمد بن القاسم التمائمي لم أعرفه، ولعله محمد بن القاسم اليمامي وهو أبو العيناء، أصله من اليمامة، وليس بثقة قد اعترف بوضع الحديث، فما بالك بالحكايات.
ومما يدل على بطلان هذه الحكاية أمور.
الأول: أن الأصمعي كان من أشد الناس توقيرا لأئمة السنة.
الثاني: أنه كان مبجلا لمالك حتى روي عنه أنه كان يفتخر بأن مالكا روى عنه.
الثالث: أن فيها قرن مالك بشيخه ربيعة، وهذا يدل على تحري الطعن في أهل المدينة، وليس ذلك دأب الأصمعي، إنما هو دأب أصحاب الرأي.
الرابع: أن اللحن الذي تضمنته الحكاية خارج عن المعتاد، فإن العامة فضلا عن العلماء يقفون بالسكون، وهذا كله يدل أن هذه الحكاية فرية قصد بها الغض من علماء أهل المدينة).
أما ما ذكره الخطيب - من أمر هذه القصة - في الفقيه والمتفقه 2/55-56 طبعة ابن الجوزي فهذا حاله: قال الخطيب – رحمه الله – ( قرأت على أبي الحسين بن الفضل القطان عن أبي بكر محمد بن الحسن بن زياد النقاش قال: نا محمد بن هارون بطبرستان، أنا أبو حاتم عن الأصمعي قال... وذكر الحكاية .
قلت: والنقاش قال فيه الإمام الذهبي في السير 15/ 576 : ( اعتمد الداني في التيسير على رواياته للقراءات، فالله أعلم، فإن قلبي لا يسكن إليه، وهو عندي متهم، عفا الله عنه).
ومحمد بن هارون لم أعرفه، وقد ذكر المزي شخصين باسم محمد بن هارون يرويان عن أبي حاتم أحدهما الروياني صاحب المسند وهو معروف، والثاني الرازي ولم أجد من ترجمه، فالله أعلم.
وما ذكره الإمام النسائي في نسبة اللحن للإمام مالك تجد بيانه في تعليقاتي على مقال( الإمام مالك وانتشار المذهب المالكي) المحفوظ في خزانة الأبحاث والكتب.
والحديث عن اللحن عند الأئمة يجر ولا بد للحديث عنه في رواية الحديث النبوي، فليس الأمر مقتصرا على اللحن في الكلام العام فقط، وهو كيفما كان أمره شديد عندهم ويعيبونه على المحدث،
وإذا أردت أن تعرف خبر ذلك فعليك بما قاله الخطيب في [ الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع] باب الترغيب في تعلم النحو والعربية لأداء الحديث بالعبارة السوية، وباب من عاب اللحن وشدد فيه.
و عيب اللحن في زمن التابعين أشد وأنكي، حتى كان يقال : ليس للاحن حرمة.
وكون أكثر أئمة التابعين من العجم لا يعني أبدا أن يكثر فيهم اللحن، بل كانوا أئمة سادة تعلموا من العربية ما يحفظ ألسنتهم من اللحن لأنهم يبلغون عن الله ورسوله – صلى الله عليه وآله وسلم –
ووقوع ذلك من البعض لا يدل بحال على انتشاره بينهم، ومن يدعي وقوع كثير من الأئمة في ذلك ملزم بأن يذكر ما يدل عليه بطريق صحيح،
والكثرة تعني ربع الأئمة في زمن التابعين مثلا، بعد الاتفاق على من يوصف بالإمامة منهم، أما وقوع ذلك من بعض عامة الرواة فغير مستبعد وهو معروف، وتم تنقية السنة منه.
فالحمد لله رب العالمين، وما يدندن به بعض علماء اللغة والنحو في هذا، لتبرير عدم احتجاجهم بالحديث النبوي في اللغة والنحو فمردود بحجج قوية، ليس هذا وقت سردها.