خطورة الفتن والتحذير منها !
سماحة الإمام الوالد عبد العزيز بن عبد الله بن باز :
الحمد لله رب العالمين ، والعاقبة للمتقين ، ولا عدوان إلا على الظالمين .
وبعد :
فإن الفتن لا شك أنها موضوع خطير ، وهي تكون بالقتال ، وتكون بالشهوات ، وتكون بالشبهات ، وتكون بالجميع ، نسأل الله العافية .
وقد ثبت عن رسول الله - عليه الصلاة والسلام - أنه قال :
( تكون فتن القاعد فيها خير من القائم ، والقائم خير من الماشي ، والماشي خير من الساعي ، من يستشرفها تستشرفه ) .
وقال - عليه الصلاة والسلام - :
( بادروا بالأعمال الصالحة فتنًا كقطع الليل المظلم ، يصبح الرجل فيها مؤمنًا ، ويُمسي كافرًا ، ويُمسي مؤمنًا ، ويصبح كافرًا ، يبيع دينه بعرض من الدنيا ؛ وفي لفظ : بعرض من الدنيا قليل ) .
ونحن في هذا الوقت ، وكذلك مضت أوقات أيضًا وقع شيء منها كثير فيما مضى ، ولكن في هذا الوقت أكثر ، فتن الشبهات ، وفتن الشهوات ، وفتن القتال ، كلها واقعة .
وبعد :
فإن الفتن لا شك أنها موضوع خطير ، وهي تكون بالقتال ، وتكون بالشهوات ، وتكون بالشبهات ، وتكون بالجميع ، نسأل الله العافية .
وقد ثبت عن رسول الله - عليه الصلاة والسلام - أنه قال :
( تكون فتن القاعد فيها خير من القائم ، والقائم خير من الماشي ، والماشي خير من الساعي ، من يستشرفها تستشرفه ) .
وقال - عليه الصلاة والسلام - :
( بادروا بالأعمال الصالحة فتنًا كقطع الليل المظلم ، يصبح الرجل فيها مؤمنًا ، ويُمسي كافرًا ، ويُمسي مؤمنًا ، ويصبح كافرًا ، يبيع دينه بعرض من الدنيا ؛ وفي لفظ : بعرض من الدنيا قليل ) .
ونحن في هذا الوقت ، وكذلك مضت أوقات أيضًا وقع شيء منها كثير فيما مضى ، ولكن في هذا الوقت أكثر ، فتن الشبهات ، وفتن الشهوات ، وفتن القتال ، كلها واقعة .
فالشهوات المغرية بالمعاصي والمحارم كثيرة . شهوة المال . شهوة الفاحشة . شهوة المسكرات . شهوة الملاهي . شهوة سفك الدماء .
إلى غير ذلك ، شهوات متنوعة ، وشهوة المال والمآكل والمشارب تفضي إلى الترف والكسل والضعف ، وعدم المقاومة لما يعرض للناس مما يضرهم في دينهم ودنياهم ، وتفضي إلى الميل إلى السعي للمحرمات .
فإذا رزق الناس المال وقدروا على مطالبهم من هذه الشهوات المحرمة ، فالعصمة قليلة ، فمن ابتُلي بالمال الكثير ، ولا سيما مع قلة العلم ، وقلة البصيرة ، وقلة العقل الراجح ، وقلة الأخيار وصحبة الذين يوجهون إلى الخير ، وكثرة المنحرفين ، والذين يقودون الناس إلى أسباب الهلاك .
من هذه الأسباب يعظم الخطر ، وتكثر المصائب في الدين
قال - جل وعَلا - :
﴿ وَاتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَا أُتْرِفُوا فِيهِ وَكَانُوا مُجْرِمِينَ ﴾ .
[ هود : 116 ] .
فالترف له عواقب وخيمة ، في الملبس ، والمأكل ، والمشرب ، والمركب ، والمسكن ، وغير ذلك ، وهو يفضي إلى غايات خطيرة بانتهاك محارم الله ، والضعف عن أداء ما أوجب الله ، واقتحام الحدود ، وعدم المبالاة بخطر العقوبات ، وبغضب الله - عز وجل -
قال - سبحانه - في كتابه الكريم :
﴿ كَلاَّ إِنَّ الأِنْسَانَ لَيَطْغَى . أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى ﴾ .
[ العلق : 6 - 7 ] .
وثبت عنه - عليه الصلاة والسلام - أنه قال :
( والله ما الفقر أخشى عليكم ، وإنما أخشى عليكم الدنيا ، أن تُبسط عليكم كما بُسطت على من كان قبلكم ، فَتَنافَسُوها كما تَنافَسُوها ، فتهلككم كما أهلكتهم ) .
فالواجب على كل مؤمن أن يحذر الفتن من الشهوات والشبهات
قال - عليه الصلاة والسلام :
( يتقارب الزمان ، ويفشو الزنا ، ويُشرب الخمر ، ويقل العلم ، ويظهر الجهل ، ويكثر الهرج ، قيل : يا رسول الله ، وما الهرج ؟ قال : القتل القتل ) .
في آخر الزمان تكثر أسباب القتال والفتن ، والقتل بغير حق ، باب العدوان والظلم ، وهذا واقع في نواحي كثيرة من هذه الدنيا .
ومن أسبابه :
الظلم والعدوان ، وحب المال والجشع في تحصيله وجمعه من الدول والأفراد : -
من الدول :
الجشع على المال من أنواع المعادن ؛ كالبترول وغيره
ومن الأفراد :
كذلك يُفضي بهم إلى السرقات ، والخيانات ، والغش في المعاملات ، وغير هذا من أنواع الضرر والظلم ، الذي من أسبابه الجشع على المال والحرص عليه .
وأما فتن الشبهات
فأشد وأخطر . فإن الإنسان بسبب الشبهة كثيرًا ما يخرج عن دينه بين وقتٍ وآخر ، يصبح مؤمنًا ، ثم تعرض له شبهة في جريدة ، أو في كتاب ، أو من طريق مجادل ومناظر ومخاصم فيضل ويخرج عن دينه بسبب ذلك .
والشُّبَه أنواع متنوعة :
بعضها يتعلق بالله - سبحانه - . وبعضها يتعلق بالرسل - عليهم الصلاة والسلام - . وبعضها يتعلق بالقرآن . وبعضها يتعلق ببعض الواجبات . وبعضها يتعلق ببعض المحرمات . إلى غير ذلك .
فلا يزال به أعداء الإسلام يجادلونه ، ويبذرون في قلبه بذور الشر ، ويشككونه في دينه ، ويقولون :
لِمَ كذا !؟
ولِمَ كذا !؟
ولِمَ شُرِع كذا !؟
ولِمَ صار كذا !؟
وأين كذا !؟
وأين الدليل على كذا !؟
حتى يضل عن دينه ، وحتى يهلك بجهله بالله ، وجهله بدينه ، ولاستيلاء هذه الشبه على قلبه ، حتى لا يجد لها دافعًا من قلبه ، ولا يجد لها حالاًّ ومنقذًا من مجالسيه ، ومن أصحابه الذين يسمع لهم ويثق بقولهم ؛ لأن الأصحاب والجلساء يغلب عليهم في هذه الأوقات الأخيرة الجهل وقلة العلم ، ويغلب عليهم أيضًا إيثار الشهوات ، وحب العاجلة ، والإعراض عن الدين ، واستثقاله ؛ لأن دين الله يقيدهم عما حرم الله ، وهم يجدون في الدين ما يقيدهم عن الزنا ، وما يمنعهم من شرب المسكرات ، وما يمنعهم من أخذ المال بغير حق بالرشوة ، والخيانة ، والغش في المعاملة ؛ فلهذا يستثقلون الدين ، ويودون التملص والتخلص منه ، حتى يشبعوا رغباتهم من هذه الشهوات المحرمة .
فهذه كلها فتن ، حذر منها النبي - عليه الصلاة والسلام - فتن الشبهات ، وفتن الشهوات ، وفتن القتال ، وأسباب القتال
ولهذا قال - عليه الصلاة والسلام :
( بادروا بالأعمال الصالحة فتنًا كقطع الليل المظلم ، يصبح الرجل فيها مؤمنًا ، ويُمسي كافرًا ، ويُمسي مؤمنًا ، ويصبح كافرًا ، يبيع دينه بعرض من الدنيا )
والعياذ بالله .
ومن أعظم الأسباب التي تقي العبد شر هذه الفتن ، وتسبب نجاته وسلامته :
إقباله على كتاب الله تلاوةً وتعقلاً وتدبرًا ؛ فإنه يجد في كتاب الله الدعوة إلى أسباب النجاة ، والتحذير من أسباب الهلاك . يجد في كتاب الله الدعوة إلى مكارم الأخلاق ومحاسن الأعمال . يجد في كتاب الله الأدلة القاطعة على وجود ربه ، وعلى أسمائه الحسنى ، وعلى صفاته العلى ، وعلى استحقاقه للعبادة والطاعة .
ويجد في كتاب الله الأدلة القاطعة على صحة ما جاءت به الرسل - عليهم الصلاة والسلام - وأنهم حق من عند الله - عز وجل - .
يجد في كتاب الله الدلالة القاطعة والبراهين الساطعة على إثبات الآخرة ، والجنة والنار ، والبعث والنشور ، وأن ذلك حق .
فإذا تدبر مع ذلك أحوال العالم ، وأن هذا العالم فيه الضال ، وفيه المهتدي ، وفيه الظالم ، وفيه الجاهل ، وفيه العالم ، وفيه أنواع الفساد ؛ عرف أن هذا العالم لا بد له من منتهى ، ولا بد له من غاية ، ولا بد له من لقاء مع ربه ، يجازي فيه المحسن بإحسانه ، والمسيء بإساءته .
كثير من هؤلاء الذين ظلموا الناس ، وأكلوا أموالهم بغير حق ، واعتدوا على حقوقهم .
كثير منهم يموتون ولم يؤخذ منهم الحق ، فلا بد لهم من يوم ومكان تؤخذ منهم الحقوق فيه ، ويُنصف المظلومون منهم ، ويُلزمون بأداء الحقوق ، وذلك اليوم هو يوم القيامة ، هو يوم الحشر والجمع ، هو يوم التغابن
كما قال - جل وعَلا :
﴿ وَلا تَحْسَبَنَّ اللهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَارُ ﴾ .
[ إبراهيم : 42 ] .
وقال - جل وعَلا :
﴿ فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ . وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ ﴾ .
[ الزلزلة : 7 - 8 ]
وقبلها قوله - جل وعَلا :
﴿ يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتًا لِيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ ﴾ .
[ الزلزلة : 6 ]
فلا بد من عرض أعمالهم ، ولا بد من جزائهم عليها .
وقوله - جل وعلا :
﴿ مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ .
[ النحل : 97 ] .
ويقول - جل وعلا :
﴿ إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا ﴾ .
[ الإسراء : 7 ] .
فالمقصود
أن هناك موعدًا مع الله - عز وجل - يجازي فيه - سبحانه - المحسن لإحسانه ، والمسيء لإساءته .
فنسأل الله أن يرزقنا وإياكم الاستعداد ، والحذر من الفتن ، والإقبال على كتاب الله - عز وجل - ، والعناية بذلك .
ومن أسباب النجاة :
العناية بسنة الرسول - صلى الله عليه وسلم - والإقبال عليها ، والنظر في سيرته - عليه الصلاة والسلام - ، وسيرة أصحابه الكرام - رضي الله عنهم وأرضاهم - ، وسيرة سلفنا الصالح ، الذين درسوا كتاب الله ، وتعقلوه ، وتدبروه ، وعملوا به ، ودرسوا السنة وعظموها ، وانقادوا لها ، وساروا على ضوئها في حياتهم ؛ فإن في دراسة ذلك ما يعين على الأخذ بها ، والتمسك بها مع كتاب الله - عز وجل - ، وفي الإعراض والغفلة عن ذلك ما يسبب الهلاك والوقوع في حبائل ومكائد الشيطان ، ولا حول ولا قوة إلا بالله !
والنقل
http://www.sahab.net/home/index.php?Site=News&Show=680