خزانة الربانيون

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

    حكم الذهب المحلق للمجدد محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله

    avatar
    أبوعبدالملك النوبي الأثري
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 849
    العمر : 45
    البلد : مصر السنية
    العمل : تسويق شركة كمبيوتر
    شكر : -1
    تاريخ التسجيل : 10/05/2008

    الملفات الصوتية حكم الذهب المحلق للمجدد محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله

    مُساهمة من طرف أبوعبدالملك النوبي الأثري 10.05.09 13:35

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته بسم الله الرحمن الرحيم
    اخواني الاعزاء جلبت لكم موضوع حكم لبس الذهب المحلق للنساء والادلة التي اوردها العلامة الالباني رحمه الله فاريد منكم ان تتفضلوا بنقل كلام العلماء المبيحين للذهب المحلق ومناقشة ادلة الشيخ الالباني رحمه الله طبعا متجردين من الهوى و التعصب للشيوخ حتى تتضح المحجة باذن الله لان هذا الموضوع في غاية الاهمية فلا يجوز ان نحكم وناخد براي اي عالم في مسالة فقهية خلافية حتى نتتبع دلائل هؤلاء و هؤلاء لنرى من اقوى و ارجح دليلا ورحم الله من قال الحق لا يعرف بالرجال اعرف الحق تعرف اهله وسابدا باستعراض ادلة الشيخ الالباني رحمه الله باذن الله

    حكم الذهب المحلق
    من كتاب آداب الزفاف في السنةالمطهرة
    للعلامة المحدث
    محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله

    6 - خاتم الخطبة

    السادس : لبس بعض الرجال خاتم الذهب الذي يسمونه ب [ خاتم الخطبة ) ، فهذا مع ما فيه من تقليد الكفار أيضا - لأن هذه العادة سرت إليهم من النصارى) 1 ) -

    ( 1 ) ويرجع ذلك على عادة قديمة لهم ، عندما كان العروس يضع الخاتم على رأس إبهام العروس اليسرى ، ويقول : باسم الأب ، ثم ينقله واضعا له على رأس السبابة ، ويقول : الابن ، ثم يضع على رأس الوسطى ، ويقول : الروح القدس ، وعندما يقول آمين يضعه أخيرا في البنصر حيث يستقر .

    ففيه مخالفة صريحة لنصوص صحيحة تحرم خاتم الذهب على الرجال وعلى النساء أيضا كما ستعلمه ، وإليك بعض هذه النصوص :

    أولا : [ نهى صلى الله عليه وسلم عن خاتم الذهب ( 1 )
    ثانيا : عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى خاتما من ذهب في يد رجل ، فنزعه فطرحه ، وقال :

    ( يعمد أحدكم إلى جمرة من نار فيجعلها في يده ؟ ) .

    فقيل للرجل بعدما ذهب رسول الله صلى الله عليه وسلم : خذ خاتمك وانتفع به ، قال : لا والله لا آخذه أبدا وقد طرحه رسول الله صلى الله عليه وسلم)
    ( 1 ) رواه البخاري ومسلم وأحمد وغيرهم . . .

    ثالثا عن أبي ثعلبة الخشني أن النبي صلى الله عليه وسلم أبصر في يده خاتما من ذهب ، فجعل يقرعه بقضيب معه ، فلما غفل النبي صلى الله عليه وسلم ألقاه ، [ فنظر النبي صلى الله عليه وسلم فلم يره في يده ]

    ( 1 ) رواه مسلم وابن حبان في " صحيحه " والطبراني وغيرهم . . .

    والحديث نص في تحريم خاتم الذهب فما سيأتي عن أحمد رحمه الله أنه يكره فمحمول على كراهة التحريم .

    وقد روي عن أبي هريرة مرفوعا : " لعن الله لابسه " .

    قال : ما أرانا إلا قد أوجعناك وأغرمناك ( 1 ) .

    ( 1 ) رواه النسائي وأحمد وابن سعد وأبو نعيم في أصبهان ورجاله ثقات رجال مسلم ، لكن النعمان سيء الحفظ ، أخرجه النسائي ، وقال :

    " إنه أولى بالصواب " .

    قلت : هو صحيح الإسناد مرسلا .

    رابعا : عن عبد الله بن عمرو أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى على بعض أصحابه خاتما من ذهب ، فأعرض عنه ، فألقاه ، واتخذ خاتما من حديد ، فقال : هذا شر ، هذا حلية أهل النار ، فألقاه ، فاتخذ خاتما من ورق ( 1 ) فسكت عنه ( 2 ) . ( 1 ) أي : فضة .

    ( 2 ) حديث صحيح رواه أحمد . والبخاري في الأدب المفرد بسند حسن .

    والحديث صحيح ، فإن له في " المسند " طريقا أخرى عن ابن عمرو ، وفيه ضعف . وله شواهد .

    خامسا : [ من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يلبس حريرا ولا ذهبا ( 1 ) .

    سادسا : [ من لبس الذهب من أمتي ، فمات وهو يلبسه حرم الله عليه ذهب الجنة ( 2 ) .

    39 - تحريم خاتم الذهب ونحوه على النساء :

    واعلم أن النساء يشتركن مع الرجال في تحريم خاتم الذهب عليهن ، ومثله السوار والطوق من الذهب

    ( 1 ) رواه أحمد عن أبي أمامة مرفوعا بسند حسن .

    ( 2 ) رواه أحمد عن عبد الله بن عمرو مرفوعا بسند صحيح ، وقد تكلم عليه فضيلة الشيخ أحمد محمد شاكر في تعليقه على " المسند " فأجاد .

    لأحاديث خاصة وردت فيهن ( 1 ) ، فيدخلن لذلك في بعض النصوص المطلقة التي لم تقيد بالرجال ، مثل الحديث الأول المتقدم آنفا ، وإليك الآن ما صح من الأحاديث المشار إليها :

    الأول : [ من أحب أن يحلق حبيبه ( 2 ) بحلقة من نار فليحلقه حلقة ( 3 ) من ذهب ، ومن أحب أن يطوق حبيبه طوقا من نار فليطوقه طوقا من ذهب ، ومن أحب أن يسور حبيبه سوارا من نار فليطوقه طوقا ( وفي رواية : فليسوره سوارا ) من ذهب ، ولكن عليكم بالفضة ، فالعبوا بها

    ( 1 ) ويأتي بيان ما يباح لهن من الذهب .

    ( 2 ) فعيل بمعنى مفعول ، وهو يشمل الرجل والمرأة ، كما يقال : رجل قتيل وامرأة قتيل ، وهذا معلوم في اللغة ، وقد جاء في رواية : " حبيبته " بصيغة التأنيث في حديث أبي موسى الآتي الإشارة إليه قريبا إن شاء الله .

    ( 3 ) هو الخاتم لا فص له ، كذا في " النهاية " .

    قلت : وقد توضع الحلقة في الأذن وتسمى حينئذ قرطا كما يأتي ، فالظاهر أن الحديث لا يشمله ، لكن رويت أحاديث تقتضي التحريم ، فيها ضعف ، فانظر ما يأتي ( ص 236 ) .

    [ العبوا بها ، العبوا بها ] ) 1 )

    ( 1 ) أخرجه أبو داود ، وأحمد بسند جيد .

    وهذا سند جيد رجاله ثقات رجال مسلم ، غير أسيد هذا فوثقه ابن حبان ، وروى عنه جماعة من الثقات ، وحسن له الترمذي في " الجنائز " وصحح له جماعة ، ولذا قال الذهبي والحافظ
    " صدوق " .

    الثاني : عن ثوبان رضي الله عنه قال :

    ( جاءت بنت هبيرة إلى النبي صلى الله عليه وسلم وفي يدها فتخ [ من ذهب ] [ أي خواتيم كبار ] ، فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يضرب يدها [ بعصية معه يقول لها : أيسرك أن يجعل الله في يدك خواتيم من نار ؟ ] ، فأتت فاطمة تشكو إليها ، قال ثوبان : فدخل النبي صلى الله عليه وسلم على فاطمة وأنا معه وقد أخذت من عنقها سلسلة من ذهب ، فقالت : هذا أهدى لي أبو حسن ( تعني زوجها عليا رضي الله عنه ) - وفي يدها السلسلة - فقال النبي صلى الله عليه وسلم : يا فاطمة أيسرك أن يقول الناس : فاطمة بنت محمد في يدها سلسلة من نار ؟ [ ثم عذمها ( 1 ) عذما شديدا ] ، فخرج ولم يقعد ، فعمدت فاطمة إلى السلسلة فباعتها فاشترت بها نسمة ، فأعتقتها ، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : الحمد لله الذي نجى فاطمة من النار ( 2 )

    ( 1 ) أي : لامها وعنفها ، والعذم : الأخذ باللسان واللوم ، كذا في " اللسان " .

    ( 2 ) أخرجه النسائي والطيالسي ومن طريقه الحاكم والطبراني في " الكبير وكذا أحمد وإسناده

    صحيح موصول وكذلك صححه ابن حزم وقال الحاكم : " صحيح على شرط الشيخين " . ووافقه الذهبي .

    الثالث : عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى في يد عائشة قلبين ملويين من ذهب ، فقال : ألقيهما عنك ، واجعلي قلبين من فضة ، وصفريها بزعفران ( 1 ) .

    ( 1 ) رواه القاسم السرقسطي في " غريب الحديث " بسند صحيح ، والنسائي والخطيب ، والبزار نحوه و( القلبين ) : السوارين . ( ملويين ) : مفتولين .

    الرابع : عن أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت :

    ( جعلت شعائر ( 1 ) من ذهب في رقبتها ، فدخل النبي صلى الله عليه وسلم ، فأعرض عنها ، فقلت : ألا تنظر إلى زينتها ، فقال : عن زينتك أعرض ، [ قالت : فقطعتها ، فأقبل علي بوجهه ] .

    قال ( 2 ) : زعموا أنه قال : ما ضر إحداكن لو

    ( 1 ) جمع " شعيرة " وهي ضرب من الحلي على شكل الشعيرة .

    ( 2 ) يعني : الراوي ، وهو عطاء بن أبي رباح ، فإنه راوي الحديث عن أم سلمة ، وعليه فهذا القدر من الحديث مرسل ، لأنه لم يسنده إلى أم سلمة ، فهو ضعيف ، نعم أسنده ليث بن أبي سليم ، فقال : عن عطاء عن أم سلمة به نحه ، أخرجه أحمد ، والطبراني في " الكبير " ، غير أن ليثا فيه ضعف من قبل حفظه ، وعطاء لم يسمع منها ، لكن هذا القدر من الحديث صحيح أيضا لأنه مرسل صحيح الإسناد ، وقد روي موصولا كما علمت ، وله شاهدان موصولان من حديث أسماء وأبي هريرة كما يأتي .

    جعلت خرصا ( 1 ) من ورق ، ثم جعلته بزعفران ( 2 ) .

    ( 1 ) الخرص بالضم والكسر : الحلقة الصغيرة من الحلي . وهو من حلي الأذن . " نهاية " .

    ( 2 ) أي : صفرته بزعفران .

    والحديث رواه أحمد بسند صحيح على شرط الشيخين . وهو مرسل صحيح الإسناد .

    وفي حديث أسماء بنت يزيد في قصة أخرى نحوه :

    . زعفران ، فإذا هو كالذهب يبرق ( 1 )

    ( 1 ) أخرجه أحمد وأبو نعيم وابن عساكر . وهو شاهد حسن لما قبله .

    وتتخذ لها جمانتين من فضة ، فتدرجه بين أناملها بشيء من

    40 - شبهات حول تحريم الذهب المحلق ، وجوابها

    واعلم أن كثيرا من علماء أعرضوا عن العمل بهذه الأحاديث لشبهات قامت لديهم ظنوها أدلة ، ولا يزال كثيرون منهم يتمسكون بها على أنها حجج تسوغ لهم ترك هذه الأحاديث ، ولذلك رأيت أنه لا بد من حكاية تلك الشبهات والرد عليها ، كي لا يغتر بها من لا علم عنده بطرق الجمع بين الأحاديث ، فيقع في مخالفة الأحاديث الصحيحة المحكمة ، بدون حجة أو بينة ، فأقول :

    دعوى الإجماع على إباحة الذهب مطلقا للنساء ، وردها.

    1 - ادعى بعضهم الإجماع على إباحة الذهب مطلقا للنساء ، وهذا مردود من وجوه :
    الإجماع الصحيح :

    الأول : أنه لا يمكن إثبات صحة الإجماع في هذه المسألة ، وإن نقله البيهقي في [ سننه ) ( 4/124 ) وغيره ، مثل الحافظ ابن حجر في [ الفتح ) ، ولكن هذا كأنه أشار لعدم ثبوته حين قال : ( 10/260 ) في بحث خاتم الذهب :

    ( فقد نقل الإجماع على إباحته للنساء ) ، ويأتي قريبا ما يبطل هذا الإجماع ، وذلك لأنه لا يستطيع أحد أن يدعي أنه إجماع معلوم من الدين بالضرورة ، وغير هذا الإجماع مما لا يمكن تصوره ، فضلا عن وقوعه ، ولهذا قال الإمام أحمد رضي الله عنه :

    ( من ادعى الإجماع فهو كاذب ، [ وما يدريه ؟ ] ، لعل الناس اختلفوا ) .

    رواه ابنه عبد الله في [ مسائله ) ( ص 390 ) .

    وتفصيل القول في هذا الموضوع الخطير ليس هذا موضعه ، فليراجع من شاء التحقيق بعض كتب علم أصول الفقه التي لا يقلد مؤلفوها من قبلهم مثل : [ أصول الأحكام ) لابن حزم ( 4/128 - 144 ) ، و[ إرشاد الفحول ) للشوكاني ، ونحوهما .

    استحالة وجود إجماع صحيح على خلاف حديث صحيح دون وجود ناسخ صحيح
    الثاني : لو كان يمكن إثبات الإجماع في الجملة ، لكان ادعاؤه في خصوص هذه المسألة غير صحيح ، لأنه مناقض للسنة الصحيحة ، وهذا مما لا يمكن تصوره أيضا لأنه يلزم منه اجتماع الأمة على ضلال ، وهذا مستحيل لقوله صلى الله عليه وسلم : [ لا تجتمع أمتي على ضلالة ) ، ومثل هذا الإجماع لا وجود له إلا في الذهن والخيال ، ولا أصل له في الوجود والواقع ، قال أبو محمد بن حزم رحمه الله تعالى في [ أصول الأحكام ) ( 2/71 - 72 ) :

    ( وقد أجاز بعض أصحابنا أن يرد حديث صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم ويكون الإجماع على خلافه ، قال : وذلك دليل على أنه منسوخ . وهذا عندنا خطأ فاحش متيقن لوجهين برهانيين ضروريين :

    أحدهما : أن ورود حديث صحيح يكون الإجماع على خلافه معدوم لم يكن قط ، ولا هو في العالم ، فمن ادعى أنه موجود فليذكره لنا ، ولا سبيل له - والله - إلى وجوده أبدا .

    والثاني : أن الله تعالى قد قال : إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون ، فمضمون عند كل من يؤمن بالله واليوم الآخر أن ما تكفل الله عز وجل بحفظه فهو غير ضائع أبدا ، لا يشك في ذلك مسلم ، وكلام النبي صلى الله عليه وسلم كله وحي بقوله تعالى : وما ينطق عن الهوى ، إن هو إلا وحي يوحى ، والوحي ذكر بإجماع الأمة كلها .

    والذكر محفوظ بالنص ، فكلامه عليه السلام محفوظ بحفظ الله تعالى عز وجل ضرورة ، منقول كله إلينا لا بد من ذلك ، فلو كان هذا الحديث الذي ادعى هذا القائل أنه مجمع على تركه ، وأنه منسوخ كما ذكر ، لكان ناسخه الذي اتفقوا عليه قد ضاع ولم يحفظ ، وهذا تكذيب لله عز وجل في أنه حافظ للذكر كله ، ولو كان ذلك لسقط كثير مما بلغ عليه السلام عن ربه ، وقد أبطل ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله في حجة الوداع : اللهم هل بلغت ؟ ) . قال :

    ( ولسنا ننكر أن يكون حديث صحيح ، وآية صحيحة التلاوة منسوخين إما بحديث آخر صحيح ، ، وإما بآية متلوة ، ويكون الاتفاق على النسخ المذكور قد ثبت ، بل هو موجود عندنا إلا أننا نقول : لا بد أن يكون الناسخ لهما موجودا أيضا عندنا ، منقولا إلينا ، محفوظا عندنا ، مبلغا نحونا بلفظه ، قائم النص لدينا ، لا بد من ذلك ، وإنما الذي منعنا منه فهو أن يكون المنسوخ محفوظا منقولا مبلغا إلينا ، ويكون الناسخ له قد سقط ولم ينقل إلينا لفظه ، فهذا باطل عندنا ، لا سبيل إلى وجوده في العالم أبد الأبد ، لأنه معدوم البتة ، قد دخل - بأنه غير كائن - في باب المحال ، والممتنع عندنا ، وبالله تعالى التوفيق ) .

    تقديم السنة على الإجماع الذي ليس معه كتاب أو سنة
    وقال العلامة المحقق ابن قيم الجوزية رحمه الله تعالى :

    ( ولم يزل أئمة الإسلام على تقديم الكتاب على السنة ، والسنة على الإجماع ، وجعل الإجماع في المرتبة الثالثة . قال الشافعي : الحجة كتاب الله وسنة رسوله واتفاق الأئمة ، وقال في [ كتاب اختلافه مع مالك ) :

    ( والعلم طبقات : الأولى الكتاب والسنة الثابتة ، ثم الإجماع فيما ليس كتابا ولا سنة . . . ) .

    وقال ابن القيم أيضا في صدد بيان أصول فتاوى الإمام أحمد :
    ( ولم يكن ( يعني الإمام أحمد ) يقدم على الحديث الصحيح عملا ولا رأيا ولا قياسا ولا قول صاحب ، ولا عدم علمه بالمخالف الذي يسميه كثير من الناس إجماعا ويقدمونه على الحديث الصحيح وقد كذب أحمد من ادعى هذا الإجماع ، ولم يسغ تقديمه على الحديث الثابت ، وكذلك الشافعي . . . ونصوص رسول الله صلى الله عليه وسلم أجل عند الإمام أحمد وسائر أئمة الحديث من أن يقدموا عليها توهم إجماع مضمونه عدم العلم بالمخالف ، ولو ساغ لتعطلت النصوص ، وساغ لكل من لم يعلم مخالفا في حكم مسألة أن يقدم جهله بالمخالف على النصوص ( 1 ) .


    قلت : وهذا ما فعله البعض هنا ، فقدموا ما زعموه إجماعا على النصوص المتقدمة ، مع أنه لا إجماع في ذلك ، وبيانه في الوجه التالي :

    الثالث : أنه قد ثبت ما ينقض بالإجماع المزعوم ، وهو ما روى عبد الرزاق في [ المصنف ) ( 11 /70 /19935 ) ، وابن صاعد في [ حديثه ) ( 35/1 - وهو بخط الحافظ ابن عساكر ) ، وابن حزم ( 10/82 ) ، بسند صحيح عن محمد بن سيرين أنه سمع أبا هريرة يقول لابنته :

    ( 1 ) الأعلام : ( 1/32 - 33 ) .

    ( لا تلبسي الذهب إني أخشى عليك اللهب ) .

    وروى ابن عساكر ( 19/124/2 ) من طريقين آخرين أن ابنة لأبي هريرة قالت له : إن الجواري يعيرنني ، يقلن : إن أباك لا يحليك الذهب فقال :
    قولي لهن : إني أبي لا يحليني الذهب يخشى علي من اللهب .

    ورواه عبد الرزاق ( 19938 ) نحوه ، وعلقه البغوي في [ شرح السنة ) ( 3/ 210 / 82 ) ، وحكى الخلاف في هذه المسألة ، فإنه بعد أن ذكر إباحة خاتم الذهب للنساء وتحليهن به عند الأكثرين قال :
    ( وكره ذلك قوم ) .

    ثم ساق حديث أسماء بنت يزيد المتقدم بعضه في المتن ( ص 236 ) وتمامه في التعليق ( 237 ) .
    وما حكاه البغوي رحمه الله من الكراهة عن أولئك الذين أشار إليهم من العلماء ، فهي الكراهة التحريمية ، لأنه المعروف في اصطلاح السلف تبعا للأسلوب القرآني في عديد من الآيات الكريمة
    كقوله تعالى : وكره إليكم الكفر والفسوق والعصيان .

    وقد كنت شرحت هذه المسألة الهامة في كتابي : [ تحذير الساجد من اتخاذ القبور مساجد ) ( ص 48 - 55 ) ، وذكرت هناك بعض الأمثلة ، فلتراجع .

    وبين أيدينا مثال آخر قريب المنال ، وهو ما تقدم في بحث ( خاتم الخطبة ) أن الإمام أحمد ، والإمام إسحاق بن راهويه كرها خاتم الذهب للرجال ، فهذه الكراهة للتحريم أيضا ، لتصريح الأحاديث المتقدمة هناك به ، وكذلك الأمر في تحريم خاتم الذهب على النساء لأن الأدلة صريحة أيضا ، فمن أطلق كراهته عليهن ، فإنما يعني الكراهة الشرعية ، وهي التحريم ، فتأمل منصفا .

    وذكر ابن عبد الحكم في [ سيرة عمر بن عبد العزيز ) ( ص 163 ) أن ابنة عمر بعثت إليه بلؤلؤة وقالت له : إن رأيت أن تبعث لي بأخت لها حتى أجعلها في أذني ، فأرسل إليها ثم قال لها : إن استطعت أن تجعلي هاتين الجمرتين في أذنيك بعثت لك بأخت لها ومن الظاهر أن اللؤلؤة كانت محلاة بالذهب ، لأنها لا تقوم بنفسها ، ولا تحلى عادة إلا بها ، ويؤيد ذلك لفظة : [ الجمرتين ) ، فإنها مستوحاة من بعض أحاديث التحريم المتقدمة كحديث بنت هبيرة ، فثبت بطلان دعوى الإجماع في هذه المسألة .
    avatar
    أبوعبدالملك النوبي الأثري
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 849
    العمر : 45
    البلد : مصر السنية
    العمل : تسويق شركة كمبيوتر
    شكر : -1
    تاريخ التسجيل : 10/05/2008

    الملفات الصوتية رد: حكم الذهب المحلق للمجدد محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله

    مُساهمة من طرف أبوعبدالملك النوبي الأثري 10.05.09 13:37

    دعوى نسخ الأحاديث المتقدمة ، وإبطالها

    2 - وادعى آخرون نسخ هذه الأحاديث المحرمة بمثل قوله صلى الله عليه وسلم : [ أحل الذهب والحرير لإناث أمتي . . . ) ، وهو حديث صحيح بمجموع طرقه ، وقد ذكرها الزيعلي في [ نصب الراية ) ( 4/222 - 225 ) ، ثم حققته في تخريج كتاب [ الحلال والحرام ) للأستاذ القرضاوي ( رقم 78 ) ، وهو ادعاء باطل ، لأن للنسخ شروطا كثيرة معروفة عند العلماء ( 1 ) منها أن يكون الخطاب الناسخ متراخيا عن المنسوخ ، ومنها أن لا يمكن الجمع بينهما ، وهذان الشرطان منفيان هنا ، أما الأول فلأنه لا يعلم تأخر هذا الحديث المبيح عن
    ( 1 ) انظر مقدمة " الاعتبار " .

    أحاديث التحريم ، وأما الثاني فلأن الجمع ممكن بسهولة بين الحديث المذكور وما في معناه ، وبين الأحاديث المتقدمة ، ذلك لأن الحديث مطلق ، وتلك مقيدة بالذهب الذي هو طوق أو سوار أو حلقة ، فهذا هو المحرم عليهن ، وما سوى ذلك من الذهب المقطع فهو المباح لهن ، وهو المراد بحديث حل الذهب لهن ، فهو مطلق مقيد بالأحاديث المشار إليها ، فلا تعارض وبالتالي فلا نسخ .

    ولذلك لم نر أحدا ممن ألف في الناسخ والمنسوخ أورد الأحاديث المذكورة فيما هو منسوخ ،كالحافظ أبي الفرج ابن الجوزي في رسالة [ إخبار أهل الرسوخ في الفقه والتحديث بمقدار المنسوخ في الحديث ) ، والحافظ أبي بكر الحازمي في كتابه [ الاعتبار في الناسخ والمنسوخ من الآثار ) ، وغيرهما ، بل قد أشار ابن الجوزي رحمه الله في مقدمة رسالته المشارة إليها إلى رد دعوى نسخ هذه الأحاديث ، فقال :

    ( أفردت في هذا الكتاب قدر ما صح نسخه أو احتمل ، وأعرضت عما لا وجه لنسخه ولا احتمال ، فمن سمع بخبر يدعى عليه النسخ وليس في هذا الكتاب ، فليعلم وهاء تلك الدعوى ، وقد تدبرته فإذا فيه أحد وعشرون حديثا ) .

    بل قال المحقق ابن القيم في [ الأعلام ) ( 3/458 ) :
    ( إن النسخ الواقع في الأحاديث الذي أجمعت عليه الأمة لا يبلغ عشرة أحاديث البتة ، ولا شطرها )

    قلت : ثم ساقها ، وليس فيها شيء من هذه الأحاديث السابقة ، فثبت ضعف ادعاء احتمال نسخها ، فكيف الجزم بنسخها ؟ وقد أشار لضعف دعوى النسخ ابن الأثير في [ النهاية ) ، بقوله تعليقا على حديث أسماء المشار إليه آنفا :

    ( قيل : كان هذا قبل النسخ ، فإنه قد ثبت إباحة الذهب للنساء ) .

    فإن لفظة : [ قيل ) للتمريض كما هو معروف .

    وقال العلامة صدر الدين علي بن علاء الحنفي بعد أن حكى كلام ابن الجوزي الآنف الذكر :

    ( وهذا هو الذي يشهد العقل بصدقه إذا سلم من الهوى ، وقد ادعى كثير من الفقهاء في كثير من السنة أنها منسوخة ، وذلك إما لعجزه عن الجمع بينها وبين ما يظن أنه يعارضها ، وإما لعدم علمه ببطلان ذلك المعارض ، وإما لتصحيح مذهبه ودفع ما يرد عليه من جهة مخالفة ، ولكن نجد غيره قد بين الصواب في ذلك ، لأن هذا الدين محفوظ ، ولا تجتمع هذه الأمة على ضلالة ( 1 ) .

    ولقد صدق رحمه الله في كل ما ذكره ، فأنت ترى أن هذه الأحاديث المحرمة لا تتعارض مطلقا مع حديث حل الذهب للنساء ، لأنه عام ، وتلك خاصة ، والخاص مقدم على العام كما هو مقرر في علم الأصول ، ولهذه القاعدة رجح الإمام النووي رضي الله عنه في [ شرح مسلم ) و[ المجموع ) وجوب الوضوء من أكل لحم الإبل ، مع أنه مخالف لمذهبه ، بل ومذهب الجمهور ، حتى ظن بعض المتعالمين في هذا العصر أنه لا يقول بالوضوء منه عالم من علماء المسلمين كما نشر ذلك في
    ( 1 ) كذا في رده على رسالة الشيخ أكمل الدين في انتصاره لمذهب أبي حنيفة ( 103/1 ) .

    بعض الجرائد الدمشقية سنة 1386 ه تقريبا .

    ولما ذكرنا قال ولي الله الدهلوي في [ حجة الله البالغة ) ( 2/190 ) بعد أن ذكر أحاديث التحريم وحديث الحل :

    ( معناه الحل في الجملة ، وهذا ما يوجبه مفهوم هذه الأحاديث ، ولم أجد لها معارضا ) .

    وأقره صديق حسن خان في [ الروضة الندية ) ( 2/217 - 218 ) .

    قلت : ومما يدلك على ضعف دعوى النسخ هذه أن بعض متعصبة الحنفية - وقد سبقت الإشارة إليه - لم ينظر إليها بعين الرضا ، مع أنه حكاها عن الجمهور الذين يقلدهم في هذه المسألة ، واحتج على ذلك بقوله - وقد وفق فيه - :

    ( إن النسخ لا يلجأ إلى القول به ما دام التوفيق بين الأحاديث ممكنا ، بحيث لا يرد شيء من الأدلة ) ، وهذا حق لا ريب فيه ، وهو من المقرر في علم الأصول .

    ولكنه مع الأسف لم يستقر عليه الدكتور ، بل رجع إلى ادعاء النسخ معارضا بذلك الأخذ بأحاديث التحريم ، فقال :

    ( إن الفريقين لما تجاذبا دعوى النسخ احتجنا إلى النظر في التاريخ للترجيح بين المذهبين ، وتعيين الناسخ والمنسوخ ، والتاريخ يؤيد نظر الجمهور .

    فإنه لا شك في أن الصحابة في ابتداء الإسلام كانوا في أمس الحاجة للمال . . . ولقد قسم الأنصار أموالهم مناصفة بينهم وبين المهاجرين ، فكان التختم بالذهب في تلك الفترة بطرا وترفا ، فلما مضت الأيام ، وفتحت على رسول الله صلى الله عليه وسلم الفتوحات صار الناس في رخاء العيش فأباح النبي صلى الله عليه وسلم لبس الذهب لزوال المانع )
    قلت : وجوابي عليه من وجوه :

    الأول : أنه لم يذكر نصا تاريخيا يؤيد تأخر المبيح عن الحاظر ، يرجح به نظر الجمهور ، وإنما هو مجرد الدعوى أن الإباحة كانت بعد رخاء العيش ، فأين الدليل عليها ؟

    الثاني : هذه الدعوى لو صحت ، لزم منها أن يكون تحريم الذهب على الرجال قد شرع في الوقت الذي حرم على النساء ، إن لم يكن تقدم عليه ، وكل عاقل يفهم من قوله : [ في ابتداء الإسلام ) ، أنه يعني في مكة ، أو في أول الهجرة على أبعد تقدير ، وإذا كان كذلك ، فنحن نقطع ببطلان هذه الدعوى لأن تحريم الذهب على الرجال إنما كان في أواخر الأمر ، كما نص على ذلك الحافظ الذهبي في [ تلخيص المستدرك ) ( 3/231 ) ، ومما يشهد له ما أخرجه البخاري في [ اللباس ) وأحمد في [ المسند ) ( 4/328 ) عن المسور بن مخرمة :

    ( أن أباه مخرمة قال له : يا بني إنه بلغني أن النبي صلى الله عليه وسلم قدمت عليه أقبية ، فهو يقسمها ، فاذهب بنا إليه ، فذهبنا إليه . . . فخرج وعليه قباء من الديباج مزرر بالذهب ، فقال : يا مخرمة هذا خبأته لك ، فأعطاه إياه ) .

    وإنما أسلم مخرمة عام الفتح ، وذلك بعد ثمان سنين ونصف من الهجرة ، فهذا نص على أن الذهب كان مباحا إلى ما قبل وفاته صلى الله عليه وسلم بسنة ونصف تقريبا ، ولولا ذلك لم يلبس صلى الله عليه وسلم القباء المزرر بالذهب ، ولا وزعه على أصحابه كما هو ظاهر .

    الثالث : أنه لو صح قوله : [ فأباح النبي صلى الله عليه وسلم لبس الذهب لزوال المانع ) ، لزم منه إباحة الذهب للرجال أيضا لزوال المانع أيضا وهذا باطل لا يقوله عالم ، وما لزم منه باطل فهو باطل .

    فإن قال : هذا غير لازم ، لأن علة تحريم الذهب على الرجال ، غير علة تحريمه على النساء .

    قلنا : ما هيه ؟ ولا سبيل له إلى إثباتها أبدا ، إلا بمثل هذه الدعوى التي أثبت بها أختها وليست هي إلا مجرد رأي تفرد به الدكتور في آخر الزمان وما يلجئ بعض الناس إلى مثل هذه المضايق والآراء ، إلا محاولتهم التخلص من معارضة النص الشرعي لمخالفته لمذهبهم ، وتقليدهم ، وعاداتهم ، فيقعون فيما هو أعظم منه ولو أنهم استسلموا لحكم الله ورسوله - كما هو المفروض في المسلم - لكان خيرا لهم ، ولم يقعوا في مثل ذلك .

    وخلاصة البحث : أن القول بنسخ الأحاديث المحرمة للذهب على النساء مما لا دليل عليه ، بل هو مخالف لعلم الأصول ، والواجب الجمع بينها وبين الأحاديث المبيحة للذهب عليهن ، وذلك بحمل المطلق على المقيد ، أو العام على الخاص ، كما شرحنا ، وينتج منه أن الذهب كله حلال على النساء ، إلا المحلق منه ، كما يحرم عليهن استعمال أواني الذهب والفضة اتفاقا ، فلا نسخ عندنا خلافا لما فهمه الدكتور ، وأدار كل بحثه في كتابه عليه ، كما ينبئك به كلامه السابق في المعارضة المزعومة . والله الهادي ، لا رب سواه .

    رد الأحاديث المتقدمة بأحاديث مبيحة ، والجواب عنها
    3 - وقد يرد بعضهم هذه الأحاديث بأحاديث أخرى ، فيها إباحة المحلق من الذهب على النساء ، والجواب أن هذا كان قبل التحريم حتما ، وبيانه :

    أن من المعلوم بداهة أن النهي عن الشيء مما يحتمل التحليل والتحريم لا يكون إلا بعد أن يكون مسبوقا بالإباحة ، فالتمسك بها حينئذ فيه مخالفة صريحة لمنطوق الأحاديث المحرمة ، ومما يقرب هذا إلى المنصفين إن شاء الله تعالى أن هناك أحاديث يستفاد منها إباحة الذهب على الرجال أيضا ، ومع ذلك فلم يأخذ بها أحد من العلماء ، لمجيء النصوص المحرمة ، وقد سبق ذكر بعضها ، بل ذهبوا إلى أنها كانت قبل التحريم ( 1 ) ، وكذلك نقول نحن في الأحاديث المبيحة للذهب المحلق للنساء ، ولا فرق أنها كانت قبل التحريم ، ومن فرق بين هذه وتلك ، فهو متناقض أو متلاعب
    تقييد الأحاديث المتقدمة بمن لم يؤد الزكاة ، ورده
    avatar
    أبوعبدالملك النوبي الأثري
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 849
    العمر : 45
    البلد : مصر السنية
    العمل : تسويق شركة كمبيوتر
    شكر : -1
    تاريخ التسجيل : 10/05/2008

    الملفات الصوتية رد: حكم الذهب المحلق للمجدد محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله

    مُساهمة من طرف أبوعبدالملك النوبي الأثري 10.05.09 13:38

    4 - وأجاب بعضهم ( 2 ) بأن الوعيد الوارد في الأحاديث المتقدمة إنما هو في حق من لا يؤدي زكاة تلك الحلي دون من أداها ، واستدل عليه بحديث عمرو بن .

    ( 1 ) انظر " فتح الباري " ( 10/258 - 259 ) .

    ( 2 ) هو المنذري في " الترغيب " ، وقلده بعض المدرسين في " كلية الشريعة " في جامعة دمشق ، الذي سبق بيان خطئه في تضعيف حديث أبي هريرة المتقدم ، ولم يتعرض البتة للجواب عن جوابنا هذا ، الأمر الذي زادنا ثقة بقوته ، وإيمانا بصوابه .

    شعيب عن أبيه عن جده أن امرأة أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعها ابنة لها ، وفي يد ابنتها مسكتان ( أي سواران ) غليظتان من ذهب ، فقال لها : أتعطين زكاة هذا ؟ قالت : لا ، قال : أيسرك أن يسورك الله بهما يوم القيامة سوارين من نار ؟ قال : فخلعتهما ، فألقتهما إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، وقالت : هما لله عز ولرسوله .

    أخرجه أبو داود ( 1/244 ) ، والنسائي ( 1/343 ) ، وأبو عبيد في [ الأموال ) ( رقم 1260 ) ، وإسناده حسن ، وصححه ابن الملقن ( 65/1 ) ، وتضعيف ابن الجوزي له في [ التحقيق ) ( 6/197/1 ) ، مردود عليه .

    ورواه النسائي في [ السنن الكبرى ) ( ق 5/1 ) عن عمرو بن شعيب به موصولا ، ثم رواه عنه مرسلا ، وقال :

    ( الموصول أولى بالصواب ) .

    والجواب : إن هذا استدلال ضعيف جدا ، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لم ينكر في هذه القصة لبس السوارين ، وإنما أنكر عدم إخراج زكاتهما ، بخلاف الأحاديث المتقدمة ، فإنه أنكر اللبس ، ولم يتعرض لإيجاب الزكاة عليها ، والظاهر أن هذه القصة كانت في وقت الإباحة ، فكأنه صلى الله عليه وسلم تدرج لتحريمها ، فأوجب الزكاة عليها أولا ، ثم حرمها ، كما هو صريح الأحاديث السابقة ، ولا سيما الحديث الأول من رواية أبي هريرة مرفوعا :

    ( من أحب أن يحلق حبيبه بحلقة من نار فليحلقه حلقة من ذهب . . . ) إلخ ، فإنه لا يدل دلالة قاطعة أن التحريم لنفس التحليق وما قرن معه ، لا لعدم إخراج زكاتها .

    والحق أن هذه القصة أفادت وجوب الزكاة على الحلي ، ومثلها قصة عائشة الآتية في زكاة خواتيم الفضة ، فهذه وتلك لا تدل على تحريم الاستعمال ، بل على وجوب زكاة المستعمل فالتحريم وعكسه يؤخذ من أدلة أخرى ، فأخذنا تحريم الذهب المحلق عليهن الأحاديث المتقدمة ، وأخذنا إباحة الفضة من حديث أبي هريرة المتقدم ، ومن حديث عائشة المشار إليها وغيرها .

    وجملة القول أن هذا الحديث لا حجة فيه على ما ذكره المنذري ، لأنه لم ينص فيه على تحريم السوار ، إنما كان لأنه لم يؤد زكاته حتى يمكن أن يقال : إنه مفصل ، وتلك الأحاديث مجملة ، فيحمل المجمل على المفصل ، وإنما هي واقعة عين أفادت وجوب زكاة الحلي ، فلا يعارض ما أفادته الأحاديث السابقة من التحريم .

    تقييد آخر للأحاديث ، والجواب عنه
    5 - وأجاب هذا البعض أيضا بجواب آخر ( 1 ) فقال : إن الوعيد المذكور إنما هو في حق من تزينت به وأظهرته ، واستدل بما رواه النسائي وأبو داود عن ربعي بن حراش عن امرأته عن أخت لحذيفة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :

    ( 1 ) وقلده أيضا من أشرنا إليه في التعليق السابق ، دون أن يتعرض للجواب عن ردنا هذا عليه ، بل إنه أوهم طلابه أن هذا التقييد الوارد في حديث النسائي ، ثابت يحتج به ، مع أنه قد ضعفه قبل أسطر بالجهالة الآتي ذكرها ، ولكنه لم يسق لفظ الحديث ليعلم الطالب أنه هو الذي ورد فيه هذا التقييد ، فيعلم عدم ثبوته ولعل الدكتور وقع منه ذلك اتفاقا ، ولم يتعمده .
    ( يا معشر النساء أما لكن في الفضة ما تحلين به ؟ أما إنه ليس منكن امرأة تتحلى ذهبا تظهره إلا عذبت به ) .

    والجواب من وجهين :

    الأول : رد الحديث من أصله لعدم ثبوته ، فإن في سنده امرأة ربعي وهي مجهولة كما قال ابن حزم ( 10/83 ) ولذلك ضعفته في [ المشكاة ) ( 4403 ) .

    ثانيا : لو كانت العلة هي الإظهار لكان لا فرق في ذلك بين الذهب والفضة لاشتراكهما في العلة ، مع أن الحديث صريح في التفريق بينهما ، ولا قائل بحرمة خاتم الفضة على المرأة مع ظهوره ، فثبت بطلان التمسك بعلة الإظهار . ولهذا قال أبو الحسن السندي :

    ( تظهره ) يحتمل أن تكون الكراهة إذا ظهرت وافتخرت به ، لكن الفضة مثل الذهب في ذلك ، فالظاهر أن هذا لزيادة التقبيح والتوبيخ ، والكلام لإفادة حرمة الذهب ( يعني : المحلق ) على ا لنساء ، مع قطع النظر عن الإظهار والافتخار ) .

    وهذا كله يقال على افتراض صحة الحديث ، وإلا فقد عرفت ضعفه ، فسقط الاستدلال به أصلا .
    رد الأحاديث بفعل عائشة ، والجواب عنه

    6 - ومن أعجب ما ردت به هذه الأحاديث الصحيحة قول بعض متعصبة الحنفية :
    ( إن عائشة رضي الله عنها كانت تلبس الخواتيم من الذهب ، كما رآها ابن أختها القاسم بن محمد وحدث بذلك ، وهذا الخبر عن عائشة رواه البخاري في صحيحه ) .

    وأقول : إطلاق عزو هذا الأثر للبخاري فيه نظر ، لأن المعروف عند العلماء أن العزو إلى البخاري مطلقا معناه أنه في [ صحيحه ) مسند ، وليس كذلك أمر هذا الأثر ، فإنه إنما ذكره معلقا بدون إسناد وذكر الحافظ في [ الفتح ) ( 10/271 ) أنه وصله ابن سعد في [ الطبقات ) .

    وسكت عن سنده ، وهو عندي حسن ، فقال ابن سعد ( 8/48 ) : أخبرنا عبد الله بن مسلمة بن قعنب : حدثنا عبد العزيز بن محمد عن عمرو بن أبي عمرو قال : سألت القاسم بن محمد قلت : إن ناسا يزعمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن الأحمرين : المعصفر والذهب ، فقال : كذبوا والله ، لقد رأيت عائشة تلبس المعصفرات ، وتلبس خواتم الذهب .

    لكن رواه غير عبد العزيز بلفظ : كانت تلبس الأحمرين : المذهب ( 1 ) والمعصفر ) . أخرجه ابن سعد أيضا : وأخبرنا أبو بكر بن عبد الله بن ابي أويس عن سلميان بن بلال عن عمرو به ، وهذا الإسناد أصح ، لأن سليمان هذا أحفظ من عبد العزيز . فإن ثبت ذكر الخاتم في هذا الأثر عن عائشة فالجواب ما سيأتي ، وإلا فلا حجة فيه مطلقا ، لأن الرواية الأخرى - وهي الأصح - لا ذكر للخاتم فيها ، فهو على هذا مثل حديثها الآخر من طريق القاسم أيضا أن عائشة كانت تحلي بنات أختها الذهب ثم لا تزكيه .

    رواه أحمد في مسائل عبد الله ( ص 145 ) ، وسنده صحيح ، فهذا محمول على الذهب
    ( 1 ) أي : المموه بالذهب ، بمعنى المطلي به ، و" المعصفر " هو الثوب المصبوغ بالعصفر .
    المقطع ، وهو جائز لهن اتفاقا .

    ثم قال ذاك المذكور :

    ( لا يتصور أن تلبس عائشة رضي الله عنها الذهب الملحق ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم كل يوم معها وفي بيتها ، ثم لا ينهاها عنه ) .

    قلت : هذه مغالطة ظاهرة -ولعلها غير مقصودة - إذ ليس في الأثر المتقدم أن عائشة لبسته على علم منه صلى الله عليه وسلم ، بل فيه أن القاسم بن محمد رآها تلبسه ، فمعنى ذلك أن لبسها إياه إنما كان بعد وفاته صلى الله عليه وسلم ، لأن القاسم لم يدركه صلى الله عليه وسلم .

    ثم قال عطفا على ما سبق :

    ( أو ينهى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا يبلغها ؟ فهذا مستحيل قطعا ) .

    قلت : لا استحالة في ذلك إلا نظرا ، وهذا ليس يهمنا ، لأن الواقع خلافه ، فكم من سنن فعلية ، وأقوال نبوية خفيت على كبار الصحابة رضي الله عنهم ، ولولا صحة السند بذلك عنهم ، لقلنا كما قال المومأ إليه هاهنا ، ولا يتحمل هذا التعليق الإكثار من أمثلة ذلك ، فلنقتصر على مثالين منها :

    1 - أن عائشة ترى أن الأقراء إنما هي الأطهار ، كما قال أحمد في [ المسائل ) ( 185 ) ، وروى مالك في [ الموطأ ) ( 2/96 ) بسند صحيح جدا عنها أنها قالت :

    ( تدرون ما الأقراء ؟ إنما الأقراء الأطهار ) .

    ونحوه في مسائل الإمام أحمد لابنه عبد الله ( ص 231 ) .
    أقول : وقد ثبت في السنة أن القرء إنما هو الحيض ، وبه قال الحنفية ، والرجل منهم ، فهل يرد حضرته مذهبه ، ولا سيما أنه موافق للسنة من أجل قول عائشة هذا ؟ أم يجعل قولها دليلا على نسخ ذلك كما فعل في مسألتنا هذه ؟ .

    2 - قالت عائشة رضي الله عنها : دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم فرأى في يدي فتخات من ورق ، فقال : ما هذا يا عائشة ؟ فقلت : صنعتهن أتزين لك يا رسول الله قال : أتؤدين زكاتهن ؟ قلت : لا ، أو ما شاء الله ، قال : هو حسبك من النار .

    أخرجه أبو داود ( 1/244 ) وغيره ، وإسناده على شرط الصحيح كما قال الحافظ في [ التخليص ) ( 6/19 ) ، ومحمد بن عطاء الذي في إسناده هو محمد بن عمرو بن عطاء ثقة محتج به في [ الصحيحين ) كما في [ الترغيب ) ، وظنه ابن الجوزي في [ التحقيق ) ( 1/198/1 ) رجلا آخر فجهله ، وضعف الحديث من أجل ذلك ، فلا يلتفت إليه .

    فهذا الحديث صريح في إيجاب الزكاة على الحلي ، وهو حجة الذين ذهبوا إلى إيجابه ، ومنهم الحنفية .

    ثم إنه قد ورد عن عائشة نفسها ما يعارض هذا الحديث ، وهو ما أخرجه مالك ( 1/245 ) عن القاسم ابن محمد ( راوي حديث الخاتم ) أن عائشة كانت تل بنات أخيها يتامى في حجرها لهن الحلي ، فلا تخرج من حليهن الزكاة . سنده صحيح جدا ، وتقدم نحوه من رواية أحمد .

    فهذه مخالفة صريحة عن عائشة رضي الله عنها لحديثها ( 1 ) فإذا جاز في حقها ذلك ، فبالأحرى أن تخالف حديث غيرها ، لم تروه هي ، وهي على كل حال مأجورة ، فماذا يقول المشار إليه في هذه المخالفة ؟ أيدع الحديث والمذهب لقولها ، أم يتمسك بالحديث ويدع قولها معتذرا عنها بأي عذر مقبول كما هو الواجب ؟

    وعلى كل حال فقد ظهر لكل من له قلب أن ما كان يظنه مما [ لا يتصور ) أو أنه [ مستحيل قطعا ) قد أثبتناه بالأسانيد الصحيحة ، ولازم ذلك أن لا يتلفت المسلم إلى أي قول يخالف ما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم ، مهما كان شأن قائله فضلا وعلما وصلاحا لانتفاء العصمة ، وهذا من الأسباب التي تشجعنا على الاستمرار في خطتنا من التمسك بالكتاب والسنة ، وعدم الاعتداد بما سواهما ،
    ( 1 ) وألفت النظر إلى أن من مذهبها إخراج الزكاة عن مال الأيتام ، انظر " الموطأ " ، و" الأموال " ، و" مسائل الإمام أحمد " لابنه عبد الله . وروى ابن أبي شيبة في " المصنف " عن القاسم قال : كان مالنا عند عائشة ، فكانت تزكيه ، إلا الحلي ، وسنده صحيح أيضا .

    كما صنعنا في هذه المسألة التي أسأل الله تعالى أن يوفق المسلمين للعمل بها ، وبكل ما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم .

    ترك الأحاديث لعدم العلم بها بمن عمل بها ، وجوابه

    6 - هذا ، ولعل فيمن ينصر السنة ويعمل بها ويدعو إليها من يتوقف عن العمل بهذه الأحاديث بعذر أنه لا يعلم أحدا من السلف قال بها ، فليعلم هؤلاء الأحبة أن هذا العذر قد يكون مقبولا في بعض المسائل التي يكون طريق تقريرها إنما هو الاستنباط والاجتهاد فحسب ، لأن النفس حينئذ لا تطمئن لها خشية أن يكون الاستنباط خطأ ، ولا سيما إذا كان المستنبط من هؤلاء المتأخرين الذين يقررون أمورا لم يقل بها أحد من المسلمين بدعوى أن المصلحة تقتضي تشريعها ، دون أن ينظروا إلى موافقتها لنصوص الشرع أولا ، مثل إباحة بعضهم للربا الذي سماه ب ( الربا الاستهلاكي ) واليانصيب الخيري - زعموا - ونحوهما أما ومسألتنا ليست من هذا القبيل ، فإن فيها نصوصا صريحة محكمة لم يأت ما ينسخها - كما سبق بيانه - فلا يجوز ترك العمل بها للعذر المذكور ، ولا سيما أننا قد ذكرنا من قال بها مثل
    أبي هريرة رضي الله عنه ، وولي الله الدهلوي وغيرهما كما تقدم ، ولا بد أن يكون هناك غير هؤلاء ممن عمل بهذه الأحاديث لم نعرفهم لأن الله تعالى لم يتعهد لنا بحفظ أسماء كل من عمل بنص ما من كتاب أو سنة ، وإنما تعهد بحفظهما فقط كما قال : إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون ، فوجب العمل بالنص سوءا علمنا من قال به أو لم نعلم ، ما دام لم يثبت نسخه كما هو الشأن في مسألتنا هذه .

    وأختم هذا البحث بكلمة طيبة للعلامة المحقق ابن القيم رحمه الله تعالى لها مساس كبير بما نحن فيه ، قال : في [ إعلام الموقعين ) ( 3/464 - 465 ) :

    ( وقد كان السلف الطيب يشتد نكيرهم وغضبهم على من عارض حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم برأي أو قياس أو استحسان أو قول أحد من الناس كائنا من كان ، ويهجرون فاعل ذلك ، وينكرون على من يضرب له الأمثال ، ولا يسوغون غير الانقياد له صلى الله عليه وسلم ، والتسليم والتلقي بالسمع والطاعة ، ولا يخطر بقلوبهم التوقف في قبوله حتى يشهد له عمل أو قياس ، أو يوافق قول فلان وفلان ، بل كانوا عاملين بقوله تعالى : وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ، وبقوله تعالى : فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما ، وبقوله تعالى : اتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم ولا تتبعوا من دونه أولياء قليلا ما تذكرون ، وأمثالها ، فدفعنا إلى زمان إذا قيل لأحدهم : ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال كذا وكذا ، يقول : من قال هذا ؟ دفعا في صدر الحديث ، ويجعل جهله بالقائل حجة له في مخالفته وترك العمل به ، ولو نصح نفسه لعلم أن هذا الكلام من أعظم الباطل ، وأنه لا يحل له دفع سنن رسول الله صلى الله عليه وسلم بمثل هذا الجهل ، وأقبح من ذلك عذره في جهله ، إذ يعتقد أن الإجماع منعقد على مخالفة تلك السنة ، وهذا سوء ظن بجماعة المسلمين إذ ينسبهم إلى اتفاقهم على مخالفة سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأقبح من ذلك عذره في دعوى هذا الإجماع ، وهو جهله وعدم علمه بمن قال بالحديث ، فعاد الأمر إلى تقديم جهله على السنة . والله المستعان ) .
    هذه اخواني ادلة الشيخ الالباني رحمه الله في هذه المسالة فمن كانت له فتوى لاحد اهل العلم المعتبرين في الرد على هذه الفتوى فليفدنا بها مشكورا

    منقول من شبكة أهل السنة

      الوقت/التاريخ الآن هو 15.11.24 2:38