الكتـاب والسـنة
(أثرهما ومكانتهما والضرورة إليهما في إقامة التعليم في مدارسنا)
(أثرهما ومكانتهما والضرورة إليهما في إقامة التعليم في مدارسنا)
للدكتور ربيع بن هادي المدخلي
إنّ الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعـمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله, أرسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولوكره الكافرون. اللهم صل وسلِّم عليه وعلى آله وأصحابه.
وبعد: فإنّ الإسلام العظيم يحثّ على العلم ويشيـد به ويمجّـد أهله ويرفـع من شأنهم قال تعالى: {هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ}. (سورة الزمر: الآية 9), وقال تعالى: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ}. (سورة فاطر: الآية 28).
وبيَّن الرسول الكريم سيد العلماء وخاتم الأنبياء عليه الصلاة والسلام أنّ طلب العلم نوع من أنواع الجهاد فقال: "من خرج في طلب العلم فهو في سبيل الله حتى يرجع ".
وأنّ البحث عنه وتطلّبه يفضي بصاحبه إلى الجنة.
"من سلك طريقا يلتمس فيه علماً سهّل الله له طريقا إلى الجنة "[1] وللعلماء عند ربهم درجـات رفيعـة عاليـة قال تعـالى: {يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ}.
وبيّن تعالى الفرق الكبير بين العالم والجاهل فقال: {هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الأَلْبَابِ}.
وحكومتنا الرشيدة وفقها الله وثبّت أركانها وسدّد خطاها إدراكاً منها لمكانة العلم ومخاطر الجهل جنّدت إمكانيات هائلة ورصدت الميزانيات الضخمة ليشمل العلم والتعليم كل أفراد شعبها الكـريم ذكـوراً وإناثاً وصغاراً وكباراً تتدرّج بهم في سُلَّم العلم من المراحل الابتدائية إلى أعلى مراحل التعليم الجامعية وما بعد الجامعية (الدراسات العليا) في مختلف العلوم والفنون.
وهذه نعمة كبرى على هذا البلد العظيم مهبط الوحي ومنبع النور الذي أضاء العالم فبـدّد ظلمات الجهـل والشـرك والكفـر فيجب على هذا البلد العظيم حكومة وشعباً أن يدرك قيمة هذه النعمة الكبرى ليبذل أقصى جهده في إرضاء ربه والقيام بواجب شكره حتى تدوم هذه النعمة الكبرى وتستمر قال تعالى: {لَئِنْ شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ}.
ويجب أن يدرك أنه لم يحتل هَذه المكانة الرفيعة إلا بالعلم الذي أنزله على أفضل خلقه وأكـرم رسله ألا وهـو علم الكتاب والسنـة, والـذي يحاول أعداء الإسلام بطرق خطيرة غاية الخطـورة أن يحولوا بيننـا وبينـه فيضعـون بيننا وبينه الحواجز والسُدود الظاهرة والخفية حتى نعيش في ظلمات كثيفة من الجهل ونحيا حياة البهائم لا همّ لنا إلا الأكل والشرب والمتاع الدنيوي.
إننا جميعاً حكومة وشعبا نعتز بالإسلام ونحبه ونجله ونفتديه بأموالنا وأرواحنا وكل غال ونفيس, ومـع كل هذا- ونحن في غمرة السبـاق مع أعدائنا في ميادين العلوم الدنيوية, السباق الذي لا يمكن أن ندرك شأوهم فيه؛ لأنهم قوم لا هم لهم إلا الارتواء من متع الدنيا وشهواتها وملذاتهـا ولا يبالـون بما وراء ذلـك من جنة أو نار أو حساب أو عذاب بل هم بذلك كافرون {بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِنْهَا بَلْ هُمْ مِنْهَا عَمُونَ}.
إنّ أكثرنا اليوم: يقفون على حافة هوة خطيرة من الجهل بالقرآن والسنة ويوشك أن يصدق فينا قول الرسول الكريم: "إن الله لا يقبض العلم انتزاعـاً ينتزعه من الناس ولكن يقبض العلم بقبض العلماء حتى إذا لم يبق عالما اتخذ الناس رءوسا جُهّالا فسُئلوا فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا " متفق عليه.[2]
إنّ ما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم غيث مغدق لا بد أن ينهل منه أبناؤنا حتى التضلع كأسلافهم واتباعهم بإحسان إلى يومنا هذا.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "مثـل ما بعثتي الله به من الهـدى والعلم كمثـل غيثٍ أصاب أرضاً, فكانت منها طائفة طيبة قبلت الماء فأنبتت الكلأ والعشب الكثير, وكـان منهـا أجـادب أمسكت المـاء فنفع الله بها الناس فشربوا وسقوا وزرعوا, وأصاب طائفـة منهـا أخرى إنـما هي قيعان لا تمسك ماءً ولا تنبت كلأً, فذلك مثَلُ من فقه في دين الله ونفعه ما بعثني الله به فعلم وعلم, ومثل من لم يرفع بذلك رأساً ولم يقبل هدى الله الذي أرسلت به "[3].
إننـا نريـد أن يكون أبناؤنا من الطائفتين الأوليين ونعيذهم بالله أن يكونوا من الطائفة الثالثة ولا يتم ما تطمح إليه إلا بالتركـيز على دراسة الكتاب والسنة لأننا والحمد لله قد رضينا بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد صلى الله عليه وسلم رسولاً, فمن البديهي أن يكون أسمى أهداف حياتنا أن نعرف مصدر عزّنا وسعادتنا في الدنيا والآخرة ألا وهو القرآن الكريم الذي لا يأتيه الباطل من بين يديـه ولا من خلفـه, وبيـانه وشرحه وتفصيله سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم اللذين غيَّرا مجرى تاريخ البشرية على وجه الأرض بعد أن أحيا من رفاة الأمة العربية ولمّ من شتاتهم وأخرج منهم خير أمة أخرجت للناس. وما كانت الأمة الإسلامية والعربية إلا بهذا القرآن ولا كان لها دولة ولا صولة إلا به ولننظر إلى تأثير هذا القرآن.
1ـ تأثير القرآن الكريم في أنفس العرب:
لقد أحدث هذا القرآن المعجز أكثر تحوّل في حياة البشر فقلّب طباع الكهول والشباب وأخلاقهم وتقاليدهم وعاداتهم وحوّلها إلى ضدها علماً وعملاً بـما لم يعهد له نظير في تاريخ الإنسانية.
فكان القران آية خارقة للمعهود من سنن الاجتماع البشري في تأثيره بالتبع لكونه آية معجزة للبشر في لغته وأسلوبه.
وبعد أن قلّب حياة العرب في الجزيرة العربية من جهل إلى علم ومن شرك إلى توحيد ومن فرقة وفوضى إلى اجتماع وتنظيم اندفعوا كالسيل الآتي على الأقطار من نواحي الجزيرة كلها فأطاحوا بعروش الأكاسرة والقياصرة أعظم ملوك الأرض واقتلعوا جذور الشرك والظلم ونشروا التوحيد والحق والعدل ودخل الناس في دين الله أفواجا مختارين الاهتداء بهذا القرآن, لاجرم أن سبب هذا كله هو تأثير القرآن العظيم بهذا الأسلوب الذي نراه في المصحف فقد كان النبي- صلى الله عليه وسلم- يجاهد به الكافرين كـما أمره {فَلا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَجَاهِدْهُمْ بِهِ جِهَاداً كَبِيراً} ثم كان يربي المؤمنين ويزكيهم, وبهدايته والتأسي بمبلّغه ربّوا الأمم وهذبوها وقلما يقرؤه أحد كـما كانـوا يقرءون إلا ويهتدي به كـما كانوا يهتدون, ثم حكموا الدنيا وساسوها بهذا القرآن إذ لم يكن عنـدهم شيء من العلم بسيـاسة الأمم وإدارتها إلا هذا القرآن والأسوة الحسنة بمبلغه ومنفذه الأول وبسنته المطهرة أقواله وأفعاله وتقريراته صلى الله عليه وسلم, ولن يعود للمسلمين مجدَهم وعزّهم إلا إذا عادوا إلى هدايته. لقد كان لهذا القرآن العظيم في حياة الناس مسلمهم وكافرهم تأثير بعيد الغور, أما تأثيره في الكافرين فبنفوذ بلاغته، وعظمة نظمه, وأسلوبه الجاذب لفهم دعوته والإيـمان به, إذ لا يخفي حسنها على أحـد فهمها, وكـانـوا يتفاوتـون في الفهم تفاوتـا عظيماً لاختلاف درجاتهم في بلاغة اللغة وفهم المعاني العالية, فهذا التأثير هو الذي أنطق الوليد بن المغـيرة المخـزومي بكلمتـه العالية فيه لأبي جهل التي اعترف فيها بأنه الحق الذي يعلو ولا يعلى والذي يحطم ما تحته.
وهذا التأثير هو الذي كان يجنب رءوس أولئك الجاحدين المعاندين ليلاً لاستماع تلاوة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عظيم في بيته على ما كان من نهيهم عنه ونأيهم عنه وتواصيهم وتقاسمهم بألا يسمعنّ له ثم كانوا يتسللون فرادى مستخفين ويتلاقون في الطريق متلاومين.
وهذا التأثير هو الذي حملهم على منع أبي بكر الصديق -رضي الله عنه- من الصلاة والتلاوة في المسجد الحرام ليلاً لما كان لتلاوته وبكائه في الصلاة من التأثير الجـاذب إلى الإسلام, وعللوا ذلـك بأنـه يفتن نسـاءهم وأولادهم، بل هذا التأثير هو الذي حملهم على صدّ النّبي صلى الله عليه وسلم بالقـوة عن تلاوة القـرآن في البيت الحـرام وفي أسواق الموسم ومجامعه، وعلى نواصيهم بـما حكاه الله عنهم في قوله: {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ}. (فصلت: 26).
2 ـ تأثير القرآن في أنفس المؤمنين:
أمـا تأثـيره في المؤمنين فكـان كل من يدخل في الإسلام قبل الهجرة يلقن ما نزل من القرآن ليعبد الله بتلاوته ويعلم الصلاة, ولم يفرض في مكة من أركان الإسلام غيرها فيرتل ما يحفظه في صلاتـه اقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم إذا فرض الله عليه التهجد بالليل من أول الإسلام قال تعالى في أول سورة (المزمل) :{يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ, قُمِ اللَّيْلَ إِلا قَلِيلاً, نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلاً, أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً} ثم قال في آخرها: {إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطَائِفَةٌ مِنَ الَّذِينَ مَعَكَ وَاللَّهُ يُقَدِّرُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ فَتَابَ عَلَيْكُمْ فَاقْرَأُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ}. (المزمل: 20) أي في صلاة الليل وغيرها.
وقد قال تعالى في وصفهم: {وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّداً وَقِيَاماً}. (الفرقان: 64).
وقال تعالى: {إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآياتِنَا الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّداً وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ, تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ}. (السجدة: 15- 16).
ومما ورد في وصفهم- رضي الله عنهم- أن الذين كان يمر ببيوتهم ليلا يسمع منها مثل دوي النحل من تلاوة القرآن.
وقد شدّد بعضهم على أنفسهم فكان يقوم الليل كله حتى شكا منهم نساؤهم فنهاهم النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلـك فتزكيـة الصحـابـة وتربيتهم بهذا القرآن هي التي غيرت كل ما كان بأنفسهم من مفـاسـد الجـاهليـة وزكتها تزكيـة عالية وهى التي أحدثت أعظم تحول روحي واجتماعي في التاريخ هذا كله إنما كان بكثرة تلاوة القرآن في الصلاة وغير الصلاة وتدبره وربما كان أحدهم يقوم الليل بآية واحدة يكررها متدبراً لها وكانوا يقرءونه مستلقين ومضطجعين كـما وصفهم الله: {الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِهِمْ}. (آل عمران: 191).
وأعظم ذكر الله تلاوة كتابه المشتمل على ذكر أسمائه وصفاته المقدسة وأحكامه وحكمه وسنته في خلقه وأفعاله في تدبير ملكه[4].
منزلة السنة من القرآن ومكانتها في نفوس المسلمين:
السنة المطهّرة هي ما صدر من النبي صلى الله عليه وسلم من قول أو فعل أو تقرير وهي وحي إلهي قال تعالى: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى, إِنْ هُوَ إِلا وَحْيٌ يُوحَى}. وهي بيان القرآن وتفسيره فهي تبين مجمله وتقيد مطلقه وتخصص عامه وهي واجبة الاتباع بنص القرآن الكريم.
قال تعالى: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا}. (الحشر: 7).
وقال تعالى: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}. (النور: 93).
و قال تعالى: {فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً}. (النساء: 65).
وأمر الله في كثـير من آيـات القـرآن بطـاعة هذا الرسول الكريم قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ}. (النساء: 59).
وأخبر تعالى أن طاعة الرسول إنما هي طاعة الله قال تعالى: {مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ}.
وقرر الله انه ليس للمؤمنين أي خيارٍ أمام قضاء رسول الله صلى الله عليه وسلم قال تعالى: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ}. (الأحزاب: 36).
والحياة الحقيقية والصحيحة إنما هي في الاستجابة لهذا الرسول؛ قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ}. (الأنفال: 24) .
من هذه التـوجيهات القرآنيـة أدرك المؤمنون عظمة السنة ومكانتها وأدركوا أنه يجب عليهم التزامهـا في كل شأن من الشؤون الإسـلاميـة العقـائـديـة والعبـاديـة والسياسيـة والاقتصـاديـة والاجتـماعيـة والأخلاقية لا فرق بينها وبين القرآن من حيث وجوب الالتزام والطاعة والانقياد والتصديق. إن توجيهات وتعاليم القرآن والسنة المطهرة متمازجة متساندة في كل المجـالات التي خاضها القرآن لا يعـد مؤمنـا من يفـرق بينهما في النواحي العقائدية أو العملية ذلك لأنه يستحيل تطبيق القرآن بفهم بدون هذه السنة المطهرة وكيف يفرق بينهما من يؤمن بقـول الله تعـالى: {بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ}. (النحل: 44). وما جرى مجراها في بيان منزلة الرسول صلى الله عليه وسلم وسنته.
من أين نعـرف أعـداد ركـعـات الصلوات الخمس وأوقـاتها وهيآتها وأذكارها إذا كنا لا نعرف السنة.
وكيف نعرف شروط الزكاة ومقادير أنصبتها إذا لم تكن لدينا سنة محمد صلى الله عليه وسلم وبيانـه.
ومن أين نعرف حد شارب الخمر ورجم الزاني وقطع يد السارق إذا لم نرجع إلى السنة المطهـرة هذه وغـيرهـا من الأمـور الكثـيرة التي يتـوقف الإيـمان بالقرآن وتطبيقه على الإيـمان بالسنـة ومعـرفتهـا وتطبيقهـا والتزامها وإتباعها. قال تعالى: {فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً}.