خزانة الربانيون

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

    عيد شم النسيم .. أصله ، شعائره ، حكم الاحتفال به .

    avatar
    الشيخ إبراهيم حسونة
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 9251
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 08/05/2008

    الملفات الصوتية عيد شم النسيم .. أصله ، شعائره ، حكم الاحتفال به .

    مُساهمة من طرف الشيخ إبراهيم حسونة 28.04.09 11:13

    [size=21]عيد شم النسيم.. أصله، شعائره، حكم الاحتفال به
    إبراهيم بن محمد الحقيل
    Embarassed
    الحمد لله رب العالمين،

    وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله وسلم وبارك عليه
    وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.

    أما بعد:


    فإن الله سبحانه وتعالى اختار لنا الإسلام ديناً كما قال تعالى:"إن الدين عند الله الإسلام" [آل عمران]، ولن يقبل الله تعالى من أحد ديناً سواه كما قال تعالى:"ومن يبتغ غير الإسلام ديناً فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين" [آل عمران]، وقال النبي –صلى الله عليه وسلم-:"والذي نفسي بيده لا يسمع بي يهودي ولا نصراني ثم يموت ولم يؤمن بالذي أرسلت به إلا كان من أصحاب النار" رواه مسلم (153)، وجميع الأديان الموجودة في هذا العصر –سوى دين الإسلام- أديان باطلة لا تقرب إلى الله تعالى؛ بل إنها لا تزيد العبد إلا بعداً منه سبحانه وتعالى بحسب ما فيها من ضلال.

    وقد أخبر النبي –صلى الله عليه وسلم- أن فئاماً من أمته سيتبعون أعداء الله تعالى في بعض شعائرهم وعاداتهم، وذلك في حديث أبي سعيد الخدري –رضي الله عنه- عن النبي –صلى الله عليه وسلم- قال:"لتتبعن سنن من كان قبلكم شبراً بشبر وذراعاً بذراع حتى لو دخلوا جحر ضب تبعتموهم، قلنا: يا رسول الله اليهود والنصارى، قال: فمن؟" أخرجه البخاري (732) ومسلم (2669).

    وفي حديث ابن عمر –رضي الله عنهما- قال الرسول –صلى الله عليه وسلم-:"ليأتين على أمتي ما أتى على بني إسرائيل مثلاً بمثل حذو النعل بالنعل حتى لو كان فيهم من نكح أمه علانية كان في أمتي مثله" أخرجه الحاكم (1/129).

    وقد وقع ما أخبر به النبي –صلى الله عليه وسلم-، وانتشر في الأزمنة الأخيرة في كثير من البلاد الإسلامية؛ إذ اتبع كثير من المسلمين أعداء الله تعالى في كثير من عاداتهم وسلوكياتهم، وقلدوهم في بعض شعائرهم، واحتفلوا بأعيادهم.

    وكان ذلك نتيجة للفتح المادي، والتطور العمراني الذي فتح الله به على البشرية، وكان قصب السبق فيه في الأزمنة المتأخرة للبلاد الغربية النصرانية العلمانية، مما كان سبباً في افتتان كثير من المسلمين بذلك، لا سيما مع ضعف الديانة في القلوب، وفشو الجهل بأحكام الشريعة بين الناس.

    وزاد الأمر سوءاً الانفتاح الإعلامي بين كافة الشعوب، حتى غدت شعائر الكفار وعاداتهم تُنقل مزخرفة مبهرجة بالصوت والصورة الحية من بلادهم إلى بلاد المسلمين عبر الفضائيات والشبكة العالمية –الإنترنت- فاغتر بزخرفها كثير من المسلمين.

    وقد لاحظت –كما لاحظ غيري- احتفال كثير من المسلمين في مصر بعيد شم النسيم واحتفال غيرهم في كثير من البلدان العربية والغربية بأعياد الربيع على اختلاف أنواعها ومسمياتها وأوقاتها، وكل هذه الأعياد الربيعية –فيما يظهر- هي فرع من عيد شم النسيم، أو تقليد له.

    لأجل ذلك رأيت تذكير إخواني المسلمين ببيان خطورة الاحتفال بمثل هذه الأعياد الكفرية على عقيدة المسلم.

    منشأ عيد شم النسيم وقصته:

    عيد شم النسيم من أعياد الفراعنة، ثم نقله عنهم بنو إسرائيل، ثم انتقل إلى الأقباط بعد ذلك، وصار في العصر الحاضر عيداً شعبياً يحتفل به كثير من أهل مصر من أقباط ومسلمين وغيرهم.

    كانت أعياد الفراعنة ترتبط بالظواهر الفلكية، وعلاقتها بالطبيعة، ومظاهر الحياة؛ ولذلك احتفلوا بعيد الربيع الذي حددوا ميعاده بالانقلاب الربيعي، وهو اليوم الذي يتساوى فيه الليل والنهار وقت حلول الشمس في برج الحمل.

    ويقع في الخامس والعشرين من شهر برمهات –وكانوا يعتقدون- كما ورد في كتابهم المقدس عندهم – أن ذلك اليوم هو أول الزمان، أو بدء خلق العالم.

    وأطلق الفراعنة على ذلك العيد اسم (عيد شموش) أي بعث الحياة، وحُرِّف الاسم على مر الزمن، وخاصة في العصر القبطي إلى اسم (شم) وأضيفت إليه كلمة النسيم نسبة إلى نسمة الربيع التي تعلن وصوله.

    يرجع بدء احتفال الفراعنة بذلك العيد رسمياً إلى عام 2700 ق.م أي في أواخر الأسرة الفرعونية الثالثة، ولو أن بعض المؤرخين يؤكد أنه كان معروفاً ضمن أعياد هيليوبوليس ومدينة (أون) وكانوا يحتفلون به في عصر ما قبل الأسرات.

    بين عيد الفصح وشم النسيم:

    نقل بنو إسرائيل عيد شم النسيم عن الفراعنة لما خرجوا من مصر، وقد اتفق يوم خروجهم مع موعد احتفال الفراعنة بعيدهم.

    واحتفل بنو إسرائيل بالعيد بعد خروجهم ونجاتهم، وأطلقوا عليه اسم عيد الفصح، والفصح كلمة عبرية معناها (الخروج) أو (العبور)، كما اعتبروا ذلك اليوم – أي يوم بدء الخلق عند الفراعنة- رأساً لسنتهم الدينية العبرية تيمناً بنجاتهم، وبدء حياتهم الجديدة.

    وهكذا انتقل هذا العيد من الفراعنة إلى اليهود، ثم انتقل عيد الفصح من اليهود إلى النصارى وجعلوه موافقاً لما يزعمونه قيامة المسيح، ولما دخلت النصرانية مصر أصبح عيدهم يلازم عيد المصريين القدماء –الفراعنة- ويقع دائماً في اليوم التالي لعيد الفصح أو عيد القيامة.

    كان الفراعنة يحتفلون بعيد شم النسيم؛ إذ يبدأ ليلته الأولى أو ليلة الرؤيا بالاحتفالات الدينية، ثم يتحول مع شروق الشمس إلى عيد شعبي تشترك فيه جميع طبقات الشعب كما كان فرعون، وكبار رجال الدولة يشاركون في هذا العيد.

    من مظاهر الاحتفال به:

    يخرج المحتفلون بعيد شم النسيم جماعات إلى الحدائق والحقول والمتنـزهات؛ ليكونوا في استقبال الشمس عند شروقها، وقد اعتادوا أن يحملوا معهم طعامهم وشرابهم، ويقضوا يومهم في الاحتفال بالعيد ابتداء من شروق الشمس حتى غروبها، وكانوا يحملون معهم أدوات لعبهم، ومعدات لهوهم، وآلات موسيقاهم، فتتزين الفتيات بعقود الياسمين (زهر الربيع)، ويحمل الأطفال سعف النخيل المزين بالألوان والزهور، فتقام حفلات الرقص الزوجي والجماعي على أنغام الناي والمزمار والقيثار، ودقات الدفوف، تصاحبها الأغاني والأناشيد الخاصة بعيد الربيع، كما تجري المباريات الرياضية والحفلات التمثيلية.

    كما أن الاحتفال بالعيد يمتد بعد عودتهم من المزارع والمتنـزهات والأنهار إلى المدينة ليستمر حتى شروق الشمس سواء في المساكن حيث تقام حفلات الاستقبال، وتبادل التهنئة أو في الأحياء والميادين والأماكن العامة حيث تقام حفلات الترفيه والندوات الشعبية.

    أطعمة هذا العيد:

    كان لشم النسيم أطعمته التقليدية المفضلة، وما ارتبط بها من عادات وتقاليد أصبحت جزءاً لا يتجزأ من الاحتفال بالعيد نفسه، والطابع المميز له والتي انتقلت من الفراعنة عبر العصور الطويلة إلى عصرنا الحاضر.

    وتشمل قائمة الأطعمة المميزة لمائدة شم النسيم: (البيض-والفسيخ-والبصل-والخس-والملانة)
    وقد أخذ كثير ممن يحتفلون بأعياد الربيع في دول الغرب والشرق كثيراً من مظاهر عيد شم النسيم ونقلوها في أعيادهم الربيعية.

    بيض شم النسيم:

    يعتبر البيض الملون مظهراً من مظاهر عيد شم النسيم، ومختلف أعياد الفصح والربيع في العالم أجمع، واصطلح الغربيون على تسمية البيض (بيضة الشرق).
    بدأ ظهور البيض على مائدة أعياد الربيع –شم النسيم- مع بداية العيد الفرعوني نفسه أو عيد الخلق حيث كان البيض يرمز إلى خلق الحياة، كما ورد في متون كتاب الموتى وأناشيد (أخناتون الفرعوني).

    وهكذا بدأ الاحتفال بأكل البيض كأحد الشعائر المقدسة التي ترمز لعيد الخلق، أو عيد شم النسيم عند الفراعنة.

    أما فكرة نقش البيض وزخرفته، فقد ارتبطت بعقيدة قديمة أيضاً؛ إذ كان الفراعنة ينقشون على البيض الدعوات والأمنيات ويجمعونه أو يعلقونه في أشجار الحدائق حتى تتلقى بركات نور الإله عند شروقه –حسب زعمهم- فيحقق دعواتهم ويبدأون العيد بتبادل التحية (بدقة البيض)، وهي العادات التي ما زال أكثرها متوارثاً إلى الآن –نعوذ بالله من الضلال-.

    أما عادة تلوين البيض بمختلف الألوان وهو التقليد المتبع في جميع أنحاء العالم، فقد بدأ في فلسطين بعد زعم النصارى صلب اليهود للمسيح –عليه السلام- الذي سبق موسم الاحتفال بالعيد، فأظهر النصارى رغبتهم في عدم الاحتفال بالعيد؛ حداداً على المسيح، وحتى لا يشاركون اليهود أفراحهم. ولكن أحد القديسين أمرهم بأن يحتفلوا بالعيد تخليداً لذكرى المسيح وقيامه، على أن يصبغوا البيض باللون الأحمر ليذكرهم دائماً بدمه الذي سفكه اليهود.

    وهكذا ظهر بيض شم النسيم لأول مرة مصبوغاً باللون الأحمر، ثم انتقلت تلك العادة إلى مصر وحافظ عليه الأقباط بجانب ما توارثوه من الرموز والطلاسم والنقوش الفرعونية.

    ومنهم انتقلت عبر البحر الأحمر إلى روما، وانتشرت في أنحاء العالم الغربي النصراني في أوربا وأمريكا، وقد تطورت تلك العادة إلى صباغة البيض بمختلف الألوان التي أصبحت الطابع المميز لأعياد شم النسيم والفصح والربيع حول العالم.

    الفسيخ (السمك المملح):

    ظهر الفسيخ، أو السمك المملح من بين الأطعمة التقليدية في العيد في الأسرة الفرعونية الخامسة عندما بدأ الاهتمام بتقديس النيل: نهر الحياة، (الإله حعبى) عند الفراعنة الذي ورد في متونه المقدسة عندهم أن الحياة في الأرض بدأت في الماء ويعبر عنها بالسمك الذي تحمله مياه النيل من الجنة حيث ينبع –حسب زعمهم-.

    وقد كان للفراعنة عناية بحفظ الأسماك، وتجفيفها وتمليحها وصناعة الفسيخ والملوحة واستخراج البطارخ –كما ذكر هيرودوث [هو مؤرخ إغريقي اعتنى بتواريخ الفراعنة والفرس، وفاته كانت 425 قبل الميلاد كما في الموسوعة العربية الميسرة (2/1926)] فقال عنهم:"إنهم كانوا يأكلون السمك المملح في أعيادهم، ويرون أن أكله مفيد في وقت معين من السنة، وكانوا يفضلون نوعاً معيناً لتمليحه وحفظه للعيد، أطلقوا عليه اسم (بور) وهو الاسم الذي حور في اللغة القبطية إلى (يور) وما زال يطلق عليه حتى الآن.


    بصل شم النسيم:

    ظهر البصل ضمن أطعمة عيد شم النسيم في أواسط الأسرة الفرعونية السادسة وقد ارتبط ظهوره بما ورد في إحدى أساطير منف القديمة التي تروى أن أحد ملوك الفراعنة كان له طفل وحيد، وكان محبوباً من الشعب، وقد أصيب الأمير الصغير بمرض غامض عجز الأطباء والكهنة والسحرة عن علاجه، وأقعد الأمير الصغير عن الحركة، ولازم الفراش عدة سنوات، امتُنِع خلالها عن إقامة الأفراح والاحتفال بالعيد مشاركة للملك في أحزانه.

    وكان أطفال المدينة يقدمون القرابين للإله في المعابد في مختلف المناسبات ليشفى أميرهم، واستدعى الملك الكاهن الأكبر لمعبد آمون، فنسب مرض الأمير الطفل إلى وجود أرواح شريرة تسيطر عليه، وتشل حركته بفعل السحر.

    وأمر الكاهن بوضع ثمرة ناضجة من ثمار البصل تحت رأس الأمير في فراش نومه عند غروب الشمس بعد أن قرأ عليها بعض التعاويذ، ثم شقها عند شروق الشمس في الفجر ووضعها فوق أنفه ليستنشق عصيرها.

    كما طلب منهم تعليق حزم من أعواد البصل الطازج فوق السرير وعلى أبواب الغرفة وبوابات القصر لطرد الأرواح الشريرة.

    وتشرح الأسطورة كيف تمت المعجزة وغادر الطفل فراشه، وخرج ليلعب في الحديقة وقد شفى من مرضه الذي يئس الطب من علاجه، فأقام الملك الأفراح في القصر لأطفال المدينة بأكملها، وشارك الشعب في القصر في أفراحه، ولما حل عيد شم النسيم بعد أفراح القصر بعدة أيام قام الملك وعائلته، وكبار رجال الدولة بمشاركة الناس في العيد، كما قام الناس –إعلاناً منهم للتهنئة بشفاء الأمير- بتعليق حزم البصل على أبواب دورهم، كما احتل البصل الأخضر مكانه على مائدة شم النسيم بجانب البيض والفسيخ.
    ومما هو جدير بالذكر أن تلك العادات التي ارتبطت بتلك الأسطورة القديمة سواء من عادة وضع البصل تحت وسادة الأطفال، وتنشيقهم لعصيره، أو تعليق حزم البصل على أبواب المساكن أو الغرف أو أكل البصل الأخضر نفسه مع البيض والفسيخ ما زالت من العادات والتقاليد المتبعة إلى الآن في مصر وفي بعض الدول التي تحتفل بعيد شم النسيم أو أعياد الربيع.

    خس شم النسيم:

    كان الخس من النباتات التي تعلن عن حلول الربيع باكتمال نموها ونضجها، وقد عرف ابتداء من الأسرة الفرعونية الرابعة حيث ظهرت صوره من سلال القرابين التي يقربونها لآلتهم من دون الله –تعالى- بورقه الأخضر الطويل وعلى موائد الاحتفال بالعيد، وكان يسمى الهيروغليفية (حب) كما اعتبره الفراعنة من النباتات المقدسة الخاصة بالمعبود (من) إله التناسل، ويوجد رسمه منقوشاً دائماً تحت أقدام الإله في معابده ورسومه –تعالى الله عن إفكهم وشركهم-.

    حمس شم النسيم:

    هي ثمرة الحمص الأخضر، وأطلق عليه الفراعنة اسم (حور –بيك) أي رأس الصقر لشكل الثمرة التي تشبه رأس حور الصقر المقدس عندهم.

    وكان للحمص –كما للخس- الكثير من الفوائد والمزايا التي ورد ذكرها في بردياتهم الطبية.

    وكانوا يعتبرون نضج الثمرة وامتلاءها إعلاناً عن ميلاد الربيع، وهو ما أخذ منه اسم الملانة أو الملآنة.

    وكانت الفتيات يصنعن من حبات الملانة الخضراء عقوداً، وأساور يتزين بها في الاحتفالات بالعيد، كما يقمن باستعمالها في زينة الحوائط ونوافذ المنازل في الحفلات المنـزلية.

    ومن بين تقاليد شم النسيم الفرعونية القديمة التزين بعقود زهور الياسمين وهو محرف من الاسم الفرعوني القديم (ياسمون) وكانوا يصفون الياسمين بأنه عطر الطبيعة التي تستقبل به الربيع، وكانوا يستخرجون منه في موسم الربيع عطور الزينة وزيت البخور الذي يقدم ضمن قرابين المعابد عند الاحتفال بالعيد. [انظر: هذه المعلومات وغيرها في: موسوعة أغرب الأعياد وأعجب الاحتفالات لسيد صديق عبد الفتاح (516-526)، وأعياد مصر بين الماضي والحاضر للدكتور سعيد محمد حسن الملط (19-22)].

    [/size]


    عدل سابقا من قبل الشيخ إبراهيم حسونة في 28.04.09 11:16 عدل 1 مرات
    avatar
    الشيخ إبراهيم حسونة
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 9251
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 08/05/2008

    الملفات الصوتية رد: عيد شم النسيم .. أصله ، شعائره ، حكم الاحتفال به .

    مُساهمة من طرف الشيخ إبراهيم حسونة 28.04.09 11:13

    حكم الاحتفال بعيد شم النسيم:

    مما سبق عرضه في قصة نشأة هذا العيد وأصله ومظاهره قديماً وحديثاً يتبين ما يلي:

    أولاً: أن أصل هذا العيد فرعوني، كانت الأمة الفرعونية الوثنية تحتفل به ثم انتقل إلى بني إسرائيل بمخالطتهم للفراعنة، فأخذوه عنهم، ومنهم انتقل إلى النصارى، وحافظ عليه الأقباط –ولا يزالون-.


    فالاحتفال به فيه مشابهة للأمة الفرعونية في شعائرها الوثنية؛ إن هذا العيد شعيرة من شعائرهم المرتبطة بدينهم الوثني، والله تعالى حذرنا من الشرك ودواعيه وما يفضي إليه؛ كما قال سبحانه مخاطباً رسوله –صلى الله عليه وسلم-:"ولقد أوحي إليك وإلى الذين من قبلك لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين*بل الله فاعبد وكن من الشاكرين" [الزمر:65-66]، ولقد قضى الله سبحانه –وهو أحكم الحاكمين- بأن من مات على الشرك فهو مخلد في النار؛ كما قال سبحانه:"إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ومن يشرك بالله فقد ضل ضلالاً بعيداً" [النساء:116].

    ثانياً: أن اسم هذا العيد ومظاهره وشعائره من بيض مصبوغ أو منقوش وفسيخ (سمك مملح) وبصل وخس وغيرها هي عين ما كان موجوداً عند الفراعنة الوثنين،ولها ارتباط بعقائد فاسدة كاعتقادهم في البصل إذا وضع تحت الوسادة أو علق على الباب أو ما شابه ذلك فإنه يشفي من الأمراض ويطرد الجان كما حصل في الأسطورة الفرعونية، ومن فعل ذلك فهو يقتدي بالفراعنة في خصيصة من خصائص دينهم الوثني، والنبي –صلى الله عليه وسلم- يقول:"من تشبه بقوم فهو منهم" رواه أحمد (3/50) وأبو داود (5021).


    قال شيخ الإسلام ابن تيمية –رحمه الله تعالى_:
    (هذا الحديث أقل أحواله أن يقتضي تحريم التشبه بهم، وإن كان ظاهره يقتضي كفر المتشبه بهم كما في قوله تعالى:"ومن يتولهم منكم فإنه منهم" أ.هـ (الاقتضاء 1/314).


    وقال الصنعاني –رحمه الله تعالى-:
    (فإذا تشبه بالكفار في زي واعتقد أن يكون بذلك مثله كفر، فإن لم يعتقد ففيه خلاف بين الفقهاء: منهم من قال: يكفر، وهو ظاهر الحديث، ومنهم من قال: لا يكفر ولكن يؤدب) سبل السلام (8/248).


    وهذه الاعتقادات التي يعتقدونها في طعام عيد شم النسيم وبيضه وبصله مناقضة لعقيدة المسلم، فكيف إذا انضم إلى ذلك أنها مأخوذة من عباد الأوثان الفراعنة؟ لا شك أن حرمتها أشد؛ لأنها جمعت بين الوقوع في الاعتقاد الباطل وبين التشبه المذموم.

    ثالثاً: ذكر الشيخ الأزهري علي محفوظ رحمه الله تعالى - عضو هيئة كبار العلماء في وقته في مصر- بعض ما شاهده من مظاهر هذا العيد، وما يجري فيه من فسوق وفجور


    فقال –رحمه الله تعالى-:
    (وناهيك ما يكون من الناس من البدع والمنكرات والخروج عن حدود الدين والأدب في يوم شم النسيم، وما أدراك ما شم النسيم؟
    هو عادة ابتدعها أهل الأوثان لتقديس بعض الأيام تفاؤلاً به أو تزلفاً لما كانوا يعبدون من دون الله، فعمرت آلافاً من السنين حتى عمت المشرقين، واشترك فيها العظيم والحقير، والصغير والكبير..)

    إلى أن قال:(فهل هذا اليوم –يوم شم النسيم- في مجتمعاتنا الشرعية التي تعود علينا بالخير والرحمة؟ كلا، وحسبك أن تنظر في الأمصار بل القرى فترى في ذلك اليوم ما يزري بالفضيلة، ويخجل معه وجه الحياء من منكرات تخالف الدين، وسوءات تجرح الذوق السليم، وينقبض لها صدر الإنسانية.

    الرياضة واستنشاق الهواء، ومشاهدة الأزهار من ضرورات الحياة في كل آن لا في ذلك اليوم الذي تمتلئ فيه المزارع والخلوات بجماعات الفجار وفاسدي الأخلاق، فتسربت إليها المفاسد، وعمتها الدنايا، فصارت سوقاً للفسوق والعصيان، ومرتعاً لإراقة الحياء، وهتك الحجاب، نعم، لا تمر بمزرعة أو طريق إلا وترى فيه ما يخجل كل شريف، ويؤلم كل حي، فأجدر به أن يسمى يوم الشؤم والفجور!!

    ترى المركبات والسيارات تتكدس بجماعات عاطلين يموج بعضهم في بعض بين شيب وشبان ونساء وولدان ينـزحون إلى البساتين والأنهار، ترى السفن فوق الماء مملوءة بالشبان يفسقون بالنساء على ظهر الماء، ويفرطون في تناول المسكرات، وارتكاب المخازي، فاتبعوا خطوات الشيطان في السوء والفحشاء في البر والبحر، وأضاعوا ثمرة الاجتماع فكان شراً على شر، ووبالاً على وبال.

    تراهم ينطقون بما تصان الأذان عن سماعه، ويخاطبون المارة كما يشاؤون من قبيح الألفاظ، وبذيء العبارات؛ كأن هذا اليوم قد أبيحت لهم فيه جميع الخبائث، وارتفع عنهم فيه حواجز التكليف (أولئك حزب الشيطان ألا إن حزب الشيطان هم الخاسرون).


    فعلى من يريد السلامة في دينه وعرضه أن يحتجب في بيته في ذلك اليوم المشؤوم، ويمنع عياله وأهله، وكل من تحت ولايته عن الخروج فيه حتى لا يشارك اليهود والنصارى في مراسمهم، والفاسقين الفاجرين في أماكنهم، ويظفر بإحسان الله ورحمته) أ.هـ من الإبداع في مضار الابتداع (275-276).

    رابعاً: ظهر من كلام الشيخ علي محفوظ الآنف الذكر، وكلام من نقلنا عنهم في مظاهر هذا العيد الوثني الفرعوني، أنه عيد ينضح بالفجور والفسوق، ويطفح بالشهوات والموبقات، وكل من كتب عن هذا العيد من المعاصرين –فيما وقفت عليه من مصادر- يذكرون ما فيه من اختلاط، وتهتك في اللباس، وعلاقات محرمة بين الجنسين، ورقص ومجون، إضافة إلى المزامير والطبول وما شاكلها من آلات اللهو، فيكون قد أنضاف إليه مع كونه تشبهاً بالوثنيين في شعائرهم جملة من مظاهر الفسق والفجور كافية في التنفير عنه، والتحذير منه.

    موقف المسلم من عيد شم النسيم:


    من عرضنا السابق لأصل هذا العيد ونشأته ومظاهره وشعائره فإنه يمكن تلخيص ما يجب على المسلم في الآتي:


    أولاً: عدم الاحتفال به، أو مشاركة المحتفلين به في احتفالهم، أو حضور الاحتفال به؛ وذلك لما فيه من التشبه بالفراعنة الوثنيين ثم باليهود والنصارى، والتشبه بهم فيما يخصهم محرم فكيف بالتشبه بهم في شعائرهم؟!


    قال الحافظ الذهبي –رحمه الله
    فإذا كان للنصارى عيد ولليهود عيد كانوا مختصين به فلا يشركهم فيه مسلم كما لا يشاركهم في شرعتهم ولا قبلتهم) أ.هـ من تشبه الخسيس بأهل الخميس
    (رسالة منشورة في مجلة الحكمة 4/193).

    ثانياً: عدم إعانة من يحتفل به من الكفار أقباطاً كانوا أم يهوداً أم غيرهم بأي نوع من أنواع الإعانة، كالإهداء لهم، أو الإعلان عن وقت هذا العيد أو مراسيمه أو مكان الاحتفال به، أو إعارة ما يعين على إقامته، أو بيع ذلك لهم، فكل ذلك محرم؛ لأن فيه إعانة على ظهور شعائر الكفر وإعلانها، فمن أعانهم على ذلك فكأنه يقرهم عليه، ولهذا حرم ذلك كله.


    قال شيخ الإسلام ابن تيمية –رحمه الله-:

    (لا يحل للمسلمين أن يتشبهوا بهم في شيء مما يختص بأعيادهم لا من طعام ولا لباس ولا اغتسال ولا إيقاد نار ولا تبطيل عادة من معيشة أو عبادة أو غير ذلك، ولا يحل فعل وليمة ولا الإهداء ولا البيع بما يستعان به على ذلك لأجل ذلك، ولا تمكين الصبيان ونحوهم من اللعب الذي في الأعياد ولا إظهار الزينة

    وبالجملة: ليس لهم أن يخصوا أعيادهم بشيء من شعائرهم بل يكون يوم عيدهم عند المسلمين كسائر الأيام)
    (مجموع الفتاوى 25/329).

    وقال ابن التركماني الحنفي –رحمه الله-:
    (فيأثم المسلم بمجالسته لهم وبإعانته لهم بذبح وطبخ وإعارة دابة يركبونها لمواسمهم وأعيادهم) (اللمع في الحوادث والبدع (2/519-520).


    وقد أحسن الشيخ محفوظ –رحمه الله- حينما أوصى كل مسلم في بلاد يحتفل بهذا العيد فيها أن يلزم بيته، ويحبس أهله وأولاده عن المشاركة في مظاهر هذا العيد واحتفالاته.

    ثالثاً: الإنكار على من يحتفل به من المسلمين، ومقاطعته في الله تعالى إذا صنع دعوة لأجل هذا العيد، وهجره إذا اقتضت المصلحة ذلك.


    قال شيخ الإسلام ابن تيمية –رحمه الله-:
    (وكما لا نتشبه بهم في الأعياد فلا يعان المسلم في ذلك؛ بل ينهى عن ذلك، فمن صنع دعوة مخالفة للعادة في أعيادهم لم تُجب دعوته، ومن أهدى من المسلمين هدية في هذه الأعياد مخالفة للعادة في سائر الأوقات غير هذا العيد لم تقبل هديته خصوصاً إن كانت الهدية مما يستعان بها على التشبه بهم كما ذكرناه، ولا يبيع المسلم ما يستعين به المسلمون على مشابهتهم في العيد من الطعام واللباس ونحو ذلك؛ لأن في ذلك إعانة على المنكر)

    (الاقتضاء 2/519-520).

    وبناء على ما قرره شيخ الإسلام فإنه لا يجوز للتجار المصريين من المسلمين أو في أي بلاد يحتفل فيها بشم النسيم أن يتاجروا بالهدايا الخاصة بهذا العيد من بيض منقوش، أو مصبوغ مخصص لهذا العيد، أو سمك مملح لأجله، أو بطاقات تهنئة به، أو غير ذلك مما هو مختص به؛ لأن المتاجرة بذلك فيها إعانة على المنكر الذي لا يرضاه الله تعالى ولا رسوله –صلى الله عليه وسلم-. كما لا يحل لمن أهديت له هدية هذا العيد أن يقبلها؛ لأن في قبولها إقراراً لهذا العيد، ورضاً به.

    ولا يعني ذلك الحكم بحرمة بيع البيض أو السمك أو البصل أو غيره مما أحله الله تعالى، وإنما الممنوع بيع ما خصص لهذا العيد بصبغ أو نقش أو تمليح أو ما شابه ذلك، ولكن لو كان المسلم يتاجر ببعض هذه الأطعمة، ولم يخصصها لهذا العيد لا بالدعاية، ولا بوضع ما يرغب زبائن هذا العيد فيها فلا يظهر حرج في بيعها ولو كان المشترون منه يضعونها لهذا العيد.

    رابعاً: عدم تبادل التهاني بعيد شم النسيم؛ لأنه عيد للفراعنة ولمن تبعهم من اليهود والنصارى، وليس عيداً للمسلمين، وإذا هنئ المسلم به فلا يرد التهنئة

    قال ابن القيم –رحمه الله-:
    (وأما التهنئة بشعائر الكفر المختصة به فحرام بالاتفاق مثل: أن يهنئهم بأعيادهم وصومهم فيقول: عيد مبارك عليك أو تهنأ بهذا العيد ونحوه، فهذا إن سلم قائله من الكفر فهو من المحرمات وهو بمنـزلة أن يهنئه بسجوده للصليب، بل ذلك أعظم عند الله وأشد مقتاً من التهنئة بشرب الخمر، وقتل النفس، وارتكاب الفرج الحرام ونحوه، وكثير ممن لا قدر للدين عنده يقع في ذلك وهو لا يدري قبح ما فعل، فمن هنأ عبداً بمعصية أو بدعة أو كفر فقد تعرض لمقت الله وسخطه)
    أ.هـ (أحكام أهل الذمة 1/441-442).

    خامساً: توضيح حقيقة عيد شم النسيم وأمثاله من الأعياد التي عمت وطمت في هذا الزمن، وبيان حكم الاحتفال بها لمن اغتر بذلك من المسلمين، والتأكيد على ضرورة تميز المسلم بدينه، ومحافظته على عقيدته، وتذكيره بمخاطر التشبه بالكفار في شعائرهم الدينية كالأعياد، أو بما يختصون به من سلوكياتهم وعاداتهم؛ نصحاً للأمة، وأداءً لواجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الذي بإقامته صلاح البلاد والعباد.

    والواجب على علماء مصر أن يحذروا المسلمين من مغبة الاحتفال بعيد شم النسيم، أو مشاركة المحتفلين به، أو إعانتهم بأي نوع من أنواع الإعانة على إقامته، وحث الناس على إنكاره ورفضه؛ لئلا يكون الدين غريباً بين المسلمين.

    وقد لاحظت أن كثيراً من إخواننا المسلمين في مصر يحتفلون بهذا العيد ولا يعرفون حقيقته وأصله، وحكم الاحتفال به، وبعضهم يعرف حقيقته، ولكنهم يقللون من خطورة الاحتفال به ظناً منهم أنه أصبح عادة وليس عبادة

    وحجتهم أنهم لا يعتقدون فيه ما يعتقده الفراعنة أو اليهود والنصارى، وهذا فهم خاطئ فإن التشبه في شعائر الدين يؤدي إلى الكفر سواء اعتقد المتشبه بالكفار في هذه الشعيرة ما يعتقدون فيها أم لم يعتقد؟


    بخلاف التشبه فيما يختصون به من السلوكيات والعادات فهو أخف بكثير، ولا سيما إذا انتشرت بين الناس ولم تعد خاصة بهم، وكثير من الناس لا يفرق بين الأمرين.

    ولذا فإننا نرى المسلم يأنف من لبس الصليب؛ لأنه شعار النصارى الديني بينما نراه يحتفل بأعيادهم أو يشارك المحتفلين بها، وهذا مثل هذا إن لم يكن أعظم، لأن الأعياد من أعظم الشعائر التي تختص بها الأمم.


    وكون عيد شم النسيم تحول إلى عادة كما يقوله كثير من المحتفلين به وهم لا يعتقدون فيه ما يعتقده أهل الديانات الأخرى لا يبيح الاحتفال به؛

    ودليل ذلك ما رواه ثابت بن الضحاك –رضي الله عنه- قال:"نذر رجل على عهد رسول الله –صلى الله عليه وسلم- أن ينحر إبلاً ببوانه، فأتى النبي –صلى الله عليه وسلم- فقال: إني نذرت أن أنحر إبلاً ببوانة
    فقال النبي –صلى الله عليه وسلم-: "هل كان فيها وثن من أوثان الجاهلية يعبد؟ قالوا: لا
    قال : فهل كان فيها عيد من أعيادهم؟
    قالوا: لا
    قال رسول الله –صلى الله عليه وسلم-:"أوف بنذرك، فإنه لا وفاء لنذر في معصية الله، ولا فيما لا يملك ابن آدم" رواه أبو داود (3313) وصححه شيخ الإسلام في الاقتضاء (1/436) والحافظ في البلوغ (1405).

    فيلاحظ في الحديث أن النبي –صلى الله عليه وسلم- اعتبر أصل البقعة، ولم يلتفت إلى نية هذا الرجل في اختيار هذه البقعة بعينها، ولا سأله عن ذبحه لمن يكون: أهو لله –تعالى- أم للبقعة، لأن ذلك ظاهر واضح، وإنما سأله النبي –صلى الله عليه وسلم- عن تاريخ هذه البقعة:
    هل كان فيها وثن من أوثان الجاهلية يعبد؟
    وهل كان فيها عيد من أعيادهم؟
    فلما أجيب بالنفي أجاز الذبح فيها لله تعالى.

    قال شيخ الإسلام ابن تيمية –رحمه الله-:
    "وهذا يقتضي أن كون البقعة مكاناً لعيدهم مانع من الذبح بها وإن نذر
    كما أن كونها موضع أوثانهم كذلك، وإلا لما انتظم الكلام ولا حسن الاستفصال

    ومعلوم أن ذلك إنما هو لتعظيم البقعة التي يعظمونها بالتعييد فيها أو لمشاركتهم في التعييد فيها، أو لإحياء شعار عيدهم فيها، ونحو ذلك؛ إذ ليس إلا مكان الفعل أو نفس الفعل أو زمانه،.. وإذا كان تخصيص بقعة عيدهم محذوراً فكيف نفس عيدهم؟"أ.هـ (الاقتضاء 1/443).

    قلت: وعيد شم النسيم ليس في زمان العيد ومكانه فحسب، بل هو العيد الوثني الفرعوني عينه في زمانه وشعائره ومظاهر الاحتفال به، فحرم الاحتفال به دون النظر إلى نية المحتفل به وقصده، كما يدل عليه هذا الحديث العظيم.

    فالواجب على المسلم الحذر مما يخدش إيمانه، أو يخل بتوحيده، وتحذير الناس من ذلك.

    أسأل الله تعالى أن يحفظني والمسلمين من موجبات سخطه، وأن يمنَّ علينا بالتقوى والإخلاص في الأقوال والأعمال.
    والحمد لله رب العالمين

    المصدر :
    الإسلام اليوم

    avatar
    الشيخ إبراهيم حسونة
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 9251
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 08/05/2008

    الملفات الصوتية رد: عيد شم النسيم .. أصله ، شعائره ، حكم الاحتفال به .

    مُساهمة من طرف الشيخ إبراهيم حسونة 28.04.09 11:20

    حكم الاحتفال بـ " شم النسيم " بسم الله ، والحمد لله ، والصلاة والسلام عل رسول الله ، وعلى آله وصحبه ، ومن اقتدى بهداه .
    أما بعدُ :
    فقد ابتلي المسلمين بالتشبه بالكفار ، كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم ، فعن أبي سعيد الخدري – رضي الله عنه – ، مرفوعاً : " لتتبعن سنن من كان قبلكم شبراً بشبر ، وذراع بذراع ، حتى لو دخلوا جحر ضب لاتبعتموهم " ، قلن : يا رسول الله ! اليهود والنصارى ؟ ، قال : " فمن " .
    ووقعوا في الوعيد ، فقد قال – صلى الله عليه وسلم – : " من تشبه بقوم فهو منهم " .
    ومن صور هذا التشبه احتفالهم بما يسمى " شم النسيم " ، فرأيت أن أكتب هذه الورقات نصحاً لإخواني .
    والله أسأل أن يجعلها في ميزان حسناتي ، وأن يغفر لي ، ولوالدي ، ولمشايخي ، وإخواني ، ولجميع المسلمين ، إنه سميع عليم .




    أولاً - ما هو العيد ؟

    العيد : هو كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية في " اقتضاء الصراط المستقيم " ( 1 / 496 ) : " اسم لما يعود من الاجتماع العام على وجه معتاد عائد ، إما بعود السنة ، أو بعود الأسبوع ، أو الشهر ، أو نحو ذلك ، فالعيد يجمع أموراً ، منها : يوم عائد كيوم الفطر ويوم الجمعة ، ومنها : اجتماع فيه ، ومنها : أعمال تتبع ذلك : من العبادات والعادات ، وقد يختص العيد بمكان بعينه ، وقد يكون مطلقاً ، وكل هذه الأمور قد تسمى عيداً " . أ هـ .



    ثانياً- الأصل في الأعياد التوقيف .

    ليس للمسلمين أعياد سوى عيد الفطر وعيد الأضحى ، كما أمر النبي صلى الله عليه وسلم ، فعن أنس ، قال : قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة ، ولهم يومان يلعبون فيهما ، فقال : " ما هذان اليومان ؟ " ، قالوا : كنا نلعب فيهما في الجاهلية ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن الله قد أبدلكم بهما خيراً منهما يوم الأضحى ويوم الفطر " .
    فهذا الحديث يدل على أن الأعياد توقيفية كالعبادات .

    وقال صلى لله عليه وسلم : " إن لكل قوم عيداً " ، وهذا الحديث يدل على اختصاص كل قوم بعيدهم .



    ثالثاً - منشأ هذا عيد شم النسيم .

    قال الأخ إبراهيم الحقيل – حفظه الله – : " عيد شم النسيم من أعياد الفراعنة ، ثم نقله عنهم بنو إسرائيل ، ثم انتقل إلى [ النصارى ] بعد ذلك ، وصار في العصر الحاضر عيداً شعبياً يحتفل به كثير من أهل مصر من [ نصارى ] ومسلمين .
    كانت أعياد الفراعنة ترتبط بالظواهر الفلكية، وعلاقتها بالطبيعة ، ومظاهر الحياة ، ولذلك احتفلوا بعيد الربيع الذي حددوا ميعاده بالانقلاب الربيعي ، وهو اليوم الذي يتساوى فيه الليل والنهار وقت حلول الشمس في برج الحمل .
    ويقع في الخامس والعشرين من شهر برمهات – وكانوا يعتقدون- كما ورد في كتابهم المقدس عندهم – أن ذلك اليوم هو أول الزمان ، أو بدء خلق العالم.
    وأطلق الفراعنة على ذلك العيد اسم ( عيد شموش ) ، أي : بعث الحياة ، وحُرِّف الاسم على مر الزمن ، وخاصة في العصر القبطي إلى اسم ( شم ) وأضيفت إليه كلمة النسيم نسبة إلى نسمة الربيع التي تعلن وصوله .
    يرجع بدء احتفال الفراعنة بذلك العيد رسمياً إلى عام 2700 ( ق.م ) ، أي : في أواخر الأسرة الفرعونية الثالثة ، ولو أن بعض المؤرخين يؤكد أنه كان معروفاً ضمن أعياد هيليوبوليس ومدينة ( أون ) ، وكانوا يحتفلون به في عصر ما قبل الأسرات " أ .هـ . بتصرف يسير .

    قلت : ونحن مأمورون بمخافة المشركين ، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : " خالفوا المشركين " ، فسواء كان عيداً للفراعنة أو النصارى أو غيرهم ، فكلهم مشركين ، ونحن مأمورون مخالفتهم .



    رابعاً : حكم مشاركة الكفار في أعيادهم .

    ما سبق بيانه هو بيان أن احتفال المسلم بغير عيدي الفطر والأضحى لا يجوز ، وما نريد بيانه في هذا المبحث أنه لا يجوز مشاركة الكفر في أعيادهم ، ولا تهنئتهم بها .
    فقد قال الله – تعالى – : { والذين لا يشهدون الزور } .
    قال : ابن عباس ، وأبوالعالية ، وطاوس ، ومحمد بن سيرين ، والضحاك ، وابن زيد ، والربيع بن أنس ، وغيرهم : " هي أعياد المشركين " .
    وقيل : " الشرك ، وعبادة الأصنام " ، وقيل : " اللغو والغناء " ، وقيل : " الكذب والفسق والكفر واللغو والباطل " ، وقيل " مجالس السوء والخنا " ، وقيل : مالك عن " شرب الخمر " .
    وراجع " تفسير ابن كثير " ( 6 / 142 ) ، و" تفسير القرطبي " ( 5 / 4931 ) .
    ولا تعارض بين الأقوال ، فالسلف – رحمهم الله – كانوا يفسرون بضرب المثل ، فقولهم : " هي أعياد المشركين " مثلاً يقصدون أن من ( شهادة الزور ) حضور أعياد المشركين ، وليس مقصدهم الحصر .


    وقال النبي صلى الله عليه وسلم لما مر بالحجر : " لا تدخلوا على هؤلاء إلا أن تكونوا باكين ، فإن لم تكونوا باكين ، فلا تدخلوا عليهم ؛ أن يصيبكم ما أصابهم " .
    ففي الحديث إشارة إلى تحريم مشاركتهم في أعيادهم ، قال شيخ الإسلام ابن تيمية في " اقتضاء الصراط المستقيم " ( 1 / 267 ) : " فإذا كانت الشريعة قد جاءت بالنهي عن مشاركة الكفار في المكان الذي حل بهم فيه العذاب ، فكيف بمشاركتهم في الإعمال التي يعملونها ! " . أهـ .


    وشدد السلف في النهي عن الاحتفال وحضور أعياد المشركين .

    - قال عمر – رضي الله عنه – : " لا تعلموا رطانة الأعاجم ولا تدخلوا عليهم كنائسهم فإن السخط ينزل عليهم " .
    - وقال : " اجتنبوا أعداء الله في عيدهم " .

    - وقال عبدالله بن عمرو : " من بنى في بلاد الأعاجم ، وصنع نيروزهم ومهرجانهم ، وتشبه بهم حتى يموت وهو كذلك ؛ حشر معهم يوم القيامة " .

    - وقال ابن سيرين : " أتي علي – رضي الله عنه – بهدية النيروز ، فقال : " ما هذه ؟ " ، قالوا : يا أمير المؤمنين ! هذا يوم النيروز ، قال : " فاصنعوا كل يوم فيروز " .

    والبحث يطول في المسألة ، من أراد تأصيل المسألة فليراجع " اقتضاء الصراط المستقيم " ، و" أحكام أهل الذمة " ، وقد آثرت الاختصار ؛ ليسهل نشره بين الإخوان على الشبكة .

    هذا والله أعلم ، وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً .


    والنقل
    لطفــاً .. من هنـــا
    avatar
    الشيخ إبراهيم حسونة
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 9251
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 08/05/2008

    الملفات الصوتية رد: عيد شم النسيم .. أصله ، شعائره ، حكم الاحتفال به .

    مُساهمة من طرف الشيخ إبراهيم حسونة 28.04.09 11:21

    قال شيخ الإسلام ابن تيميه في كتابه الفريد "اقتضاء الصراط المستقيم" في معرض تأصيله للوجوه المعتبرة لعدم المشاركه في الاحتفال بغير أعياد المسلمين :
    الوجه الثالث:
    أنه إذا سوغ فعل القليل من ذلك أدى إلى فعل الكثير، ثم إذا اشتهر الشيء دخل فيه عوام الناس، وتناسوا أصله حتى يصير عادة للناس، بل عيداً، حتى يضاهى بعيد الله، بل قد يزاد عليه، حتى يكاد أن يفضي إلى موت الإسلام وحياة الكفر،
    كما قد سوله الشيطان لكثير ممن يدعي الإسلام، فيما يفعلونه في أواخر صوم النصارى، من الهدايا والأفراح، والنفقات وكسوة الأولاد، وغير ذلك، مما يصير به مثل عيد المسلمين، بل البلاد المصاقبة للنصارى، التي قل علم أهلها وإيمانهم، قد صار ذلك أغلب عندهم وأبهى في نفوسهم من عيد الله ورسوله، على ما حدثني به الثقات، وأما ما رأيته بدمشق، وما حولها من أرض الشام، مع أنها أقرب إلى العلم والإيمان
    [u][b]فهذا الخميس[U/][B/]
    الذي يكون في آخر صوم النصارى، يدور بدوران صومهم، الذي هو سبعة أسابيع، وصومهم وإن كان في أوائل الفصل الذي تسميه العرب: الصيف وتسميه العامة الربيع، فإنه يتقدم ويتأخر ليس له حد واحد، من السنة الشمسية كالخميس الذي هو في أول نيسان، بل يدور في نحو ثلاثة وثلاثين يوماً، لا يتقدم أوله عن ثاني شباط، ولا يتأخر أوله عن ثامن آذار، بل يبتدئون بالاثنين الذي هو أقرب إلى إجتماع الشمس والقمر في هذه المدة ليراعوا - كما زعموا - التوقيت الشمسي والهلالي، وكل ذلك بدع أحدثوها باتفاق منهم، خالفوا بها الشريعة التي جاءت بها الأنبياء، فإن الأنبياء ما وقتوا العبادات إلا بالهلال، وإنما اليهود والنصارى حرفوا الشرائع تحريفاً ليس هذا موضع ذكره.

    ويلي هذا الخميس[u][b] يوم الجمعة [U/][B/]الذي جعلوه بإزاء يوم الجمعة التي صلب فيها المسيح على زعمهم الكاذب، يسمونها جمعة الصلبوت،

    ويليه [u][b]ليلة السبت[U/][B/] التي يزعمون أن المسيح كان فيها في القبر، وأظنهم يسمونها ليلة النور، وسبت النور، ويصطنعون محرقة يروجونها على عامتهم لغلبة الضلال عليهم يخيلون إليهم أن النور ينزل من السماء في كنيسة القمامة، التي ببيت المقدس حتى يحملوا ما يوقد من ذلك الضوء، إلى بلادهم متبركين به، وقد علم كل ذي عقل أنه مصنوع مفتعل، ثم يوم السبت يتطلبون اليهود،
    [u][b]ويوم الأحد [U/][B/]يكون العيد الكبير عندهم، الذي يزعمون أن المسيح قام فيه.
    [u][b]ثم الأحد الذي يلي هذا يسمونه الأحد الحديث[U/][B/]، يلبسون فيه الجديد من ثيابهم ويفعلون فيه أشياء، وكل هذه الأيام عندهم أيام العيد، كما أن يوم عرفة ويوم النحر وأيام منى عيدنا أهل الإسلام، [u][b]وهم يصومون عن الدسم وما فيه الروح , ثم في مقدم فطرهم يفطرون، أو بعضهم على ما يخرج من الحيوان، من لبن وبيض ولحم، وربما كان أول فطرهم على البيض،[U/][B/] ويفعلون في أعيادهم وغيرها، من أمور دينهم، أقوالاً، وأعمالاً لا تنضبط، ولهذا تجد نقل العلماء لمقالاتهم وشرائعهم تختلف، وعامته صحيح، وذلك أن القوم يزعمون أن ما وضعه رؤساء دينهم، من الأحبار والرهبان، من الدين فقد لزمهم حكمه، وصار شرعاً شرعه المسيح في السماء، فهم في كل مدة ينسخون أشياء، ويشرعون أشياء من الإيجابات والتحريمات، وتأليف الاعتقادات، وغير ذلك، مخالفاً لما كانوا عليه قبل ذلك، زعماً منهم أن هذا بمنزلة نسخ الله شريعة بشريعة أخرى، فهم واليهود في هذا الباب وغيره على طرفي نقيض: اليهود تمنع أن ينسخ الله الشرائع، أو يبعث رسولاً بشريعة تخالف ما قبلها، كما أخبر الله عنهم بقوله: {سيقول السفهاء من الناس ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها }. والنصارى تجيز لأحبارهم ورهبانهم شرع الشرائع ونسخها، فلذلك لا ينضبط للنصارى شريعة تحكى مستمرة على الأزمان.
    وغرضنا لا يتوقف على معرفة تفاصيل باطلهم، ولكن يكفينا أن نعرف المنكر معرفة تميز بينه وبين المباح والمعروف، والمستحب والواجب، حتى نتمكن بهذه المعرفة من اتقائه واجتنابه كما نعرف سائر المحرمات، إذ الفرض علينا تركها، ومن لم يعرف المنكر - جملة ولا تفصيلاً - لم يتمكن من قصد اجتنابه والمعرفة الجملية كافية، بخلاف الواجبات: فإن الغرض لما كان فعلها، والفعل لا يتأتى إلا مفصلاً - وجبت معرفتها على سبيل التفصيل.
    وإنما عددت أشياء من منكرات دينهم، لما رأيت طوائف من المسلمين قد ابتلي ببعضها، وجهل كثير منهم أنها من دين النصارى الملعون هو وأهله وقد بلغني أيضاً أنهم يخرجون في الخميس الذي قبل ذلك، أو يوم السبت أو غير ذلك، إلى القبور، يبخرونها، وكذلك ينحرون في هذه الأوقات وهم يعتقدون أن في البخور بركة ودفع أذى - وراء كونه طيباً - ويعدونه من القرابين مثل الذبائح، ويزفونه بنحاس، يضربونه كأنه ناقوس صغير، وبكلام مصنف، ويصلبون على أبواب بيوتهم، إلى غير ذلك من الأمور المنكرة، ولست أعلم جميع ما يفعلونه وإنما ذكرت ما رأيت كثيراً من المسلمين يفعلونه، وأصله مأخوذ عنهم، حتى أنه كان في مدة الخميس، تبقى الأسواق مملؤة من أصوات هذه النواقيس الصغار، وكلام الرقائين، من المنجمين وغيرهم، بكلام أكثره باطل، وفيه ما هو محرم أو كفر، وقد ألقي إلى جماهير العامة أو جمعهم إلا من شاء الله، وأعني بالعامة هنا كل من لا يعلم حقيقة الإسلام، فإن كثيراً ممن ينتسب إلى فقه أو دين قد شارك في ذلك - ألقي إليهم أن هذا البخور المرقي ينتفع ببركته، من العين والسحر والأدواء والهوام، ويصورون في أوراق صور الحيات والعقارب، ويلصقونها في بيوتهم زعماً أن تلك الصور، الملعون فاعلها، التي لا تدخل الملائكة بيتاً هي فيه، تمنع الهوام، وهو ضرب من طلاسم الصابئة، ثم كثير منهم - على ما بلغني - يصلب باب البيت، ويخرج خلق عظيم في الخميس المتقدم على هذا الخميس، يبخرون المقابر، ويسمون هذا المتأخر الخميس الكبير - وهو عند الله الخميس المهين الحقير هو وأهله ومن يعظمه، فإن كل ما عظم بالباطل من مكان أو زمان، أو حجر أو شجر، أو بنية يجب قصد إهانته، كما تهان الأوثان المعبودة، وإن كانت لولا عبادتها لكانت كسائر الأحجار.
    [u][b]ومما يفعله الناس من المنكرات، أنهم يوظفون على الأكرة وظائف(1) أكثرها كرها، من الغنم والدجاج واللبن والبيض، فيجتمع فيها تحريمان: أكل مال المسلم، أو المعاهد بغير حق، وإقامة شعار النصارى، ويجعلونه ميقاتاً لإخراج الوكلاء على المزارع، ويطبخون فيه، ويصبغون فيه البيض، وينفقون فيه النفقات الواسعة، ويزينون أولادهم، إلى غير ذلك من الأمور التي يقشعر منها قلب المؤمن، الذي لم يمت قلبه، بل يعرف المعروف وينكر المنكر.[U/][B/]
    وخلق كثير منهم يضعون ثيابهم تحت السماء رجاء لبركة مرور مريم عليها، فهل يستريب من في قلبه أدنى حياة من الإيمان أن شريعة جاءت بما قدمنا بعضه من مخالفة اليهود والنصارى، لا يرضي من شرعها ببعض هذه القبائح ؟.
    ويفعلون ما هو أعظم من ذلك: يطلون أبواب بيوتهم ودوابهم بالخلوق، والمغرة وغيره ذلك، وذلك من أعظم المنكرات عند الله تعالى، فالله تعالى يكفينا شر المبتدعة، وبالله التوفيق.
    وأصل ذلك كله: إنما هو اختصاص أعياد الكفار بأمر جديد، أو مشابهتهم في بعض أمورهم، يوضح ذلك: أن الأسبوع الذي يقع في آخر صومهم يعظمونه جداً ويسمون خميسه: الخميس الكبير، وجمعته الجمعة الكبيرة، ويجتهدون في التعبد فيه ما لا يجتهدون في غيره، بمنزلة العشر الأواخر من رمضان في دين الله ورسوله، والأحد الذي هو أول الأسبوع يصطنعون فيه عيداً يسمونه: الشعانين، هكذا نقل بعضهم عنهم، ونقل بعضهم عنهم: أن الشعانين هو أول أحد في صومهم، يخرجون فيه بورق الزيتون ونحوه ويزعمون أن ذلك مشابهة لما جرى للمسيح عليه السلام، حين دخل إلى بيت المقدس راكباً أتاناً مع جحشها، فأمر بالمعروف ونهى عن المنكر، فثار عليه غوغاء الناس، وكان اليهود قد وكلوا قوماً معهم عصي يضربونه بها، فأورقت تلك العصي وسجد أولئك للمسيح، فعيد الشعانين مشابهة لذلك الأمر، وهو الذي سمي في شروط عمر وكتب الفقه: (( أن لا يظهروه في دار الإسلام )) ويسمون هذا العيد، وكل مخرج يخرجونه إلى الصحراء: باعوثاً، فالباعوث اسم جنس لما يظهر به الدين، كعيد الفطر والنحر.
    فما يحكونه عن المسيح صلوات الله عليه وسلامه من المعجزات هو في حيز الإمكان لا نكذبهم فيه لإمكانه، ولا نصدقهم لجهلهم وفسقهم، وأما موافقتهم في التعييد فإحياء دين أحدثوه، أو دين نسخه الله.
    ثم يوم الخميس الذي يسمونه الخميس الكبير يزعمون أن في مثله نزلت المائدة التي ذكرها الله في القرآن حيث قال: {قال عيسى ابن مريم اللهم ربنا أنزل علينا مائدة من السماء تكون لنا عيدا لأولنا وآخرنا وآية منك وارزقنا وأنت خير الرازقين }.
    [u][b] فيوم الخميس هو يوم عيد المائدة، ويوم الأحد يسمونه عيد الفصح، وعيد النور، والعيد الكبير، ولما كان عيداً صاروا يصنعون لأولادهم البيض المصبوغ ونحوه، لأنهم فيه يأكلون ما يخرج من الحيوان، من لحم ولبن وبيض، إذ صومهم هو عن الحيوان وما يخرج منه، وإنما يأكلون في صومهم الحب وما يصنع منه: من زيت وشيرج ونحو ذلك.[U/][B/]
    وعامة هذه الأعمال المحكية عن النصارى، وغيرها مما لم يحك، قد زينها الشيطان لكثير ممن يدعي الإسلام، وجعل لها في قلوبهم مكانة وحسن ظن وزادوا في بعض ذلك ونقصوا، وقدموا وأخروا،
    إما لأن بعض ما يفعلونه قد كان يفعله بعض النصارى، أو غيروه هم من عند أنفسهم، كما قد يغيرون بعض أمر الدين الحق، لكن كلما خصت به هذه الأيام ونحوها، من الأيام التي ليس لها خصوص في دين الله، وإنما خصوصها في الدين الباطل: إنما أصل تخصيصها من دين الكافرين، وتخصيصها بذلك فيه مشابهة لهم، وليس لجاهل أن يعتقد أن بهذا تحصل المخالفة لهم، كما في صوم يوم عاشوراء، لأن ذلك فيما كان أصله مشروعاً لنا، وهم يفعلونه، فإنا نخالفهم في وصفه، فأما ما لم يكن في ديننا بحال، بل هو من دينهم، المبتدع أو المنسوخ، فليس لنا أن نشابههم لا في أصله، ولا في وصفه، كما قدمنا قاعدة ذلك فيما مضى، فإحداث أمر ما في هذه الأيام التي يتعلق تخصيصها بهم لا بنا، هو مشابهة لهم في أصل تخصيص هذه الأيام بشيء فيه تعظيم، وهذا بين على قول من يكره صوم يوم النيروز والمهرجان، لا سيما إذا كانوا يعظمون اليوم الذي أحدث فيه ذلك،
    [u][b]ويزيد ذلك وضوحاً أن الأمر قد آل إلى أن كثيراً من الناس صاروا، في مثل هذا الخميس، الذي هو عيد الكفار - عيد المائدة - آخر خميس في صوم النصارى الذي يسمونه الخميس الكبير - وهو الخميس الحقير - يجتمعون في أماكن اجتماعات عظيمة ويصبغون البيض ويطبخون باللبن، وينكتون بالحمرة دوابهم، ويصنعون الأطعمة التي لا تكاد تفعل في عيد الله ورسوله، ويتهادون الهدايا التي تكون في مثل مواسم الحج، وعامتهم قد نسوا أصل ذلك وعلته، وبقي عادة مطردة كاعتيادهم بعيدي الفطر والنحر وأشد، واستعان الشيطان في إغوائهم بذلك أن الزمان زمان ربيع، وهو مبدأ العام الشمسي، فيكون قد كثر فيه اللحم واللبن والبيض ونحو ذلك، مع أن عيد النصارى ليس هو يوماً محدوداً من السنة الشمسية، وإنما يتقدم فيها ويتأخر، في نحو ثلاثة وثلاثين يوماً كما قدمناه.
    وهذا كله تصديق قول النبي عيد شم النسيم .. أصله ، شعائره ، حكم الاحتفال به . Sallah : " لتتبعن سنن من كان قبلكم " وسببه: مشابهة الكفار في القليل من أمر عيدهم، وعدم النهي عن ذلك، وإذا كانت المشابهة في القليل ذريعة ووسيلة إلى بعض هذه القبائح كانت محرمة، فكيف إذا أفضت إلى ما هو كفر بالله، من التبرك بالصليب والتعميد في العمودية، أو قول القائل: المعبود واحد، وإن كانت الطرق مختلفة ونحو ذلك من الأقوال والأفعال التي تتضمن إما كون الشريعة النصرانية واليهودية، المبدلتين المنسوختين - موصلة إلى الله، وإما استحسان بعض ما فيها، مما يخالف دين الله، أو التدين بذلك، أو غير ذلك مما هو كفر بالله وبرسوله وبالقرآن وبالإسلام بلا خلاف بين الأمة الوسط في ذلك، وأصل ذلك المشابهة والمشاركة.[U/][B/]

    انتهى كلام شيخ الإسلام ابن تيميه رحمه الله تعالى.
    --------------------------------------------------------------------
    (1) يوظفون على الأكَرَه وظائف : أي يقدرون ويفرضون على الحرَّاث والمزارعين فروضا.

    __________________
    أبو عبد الرحمن الشقيري


    المصدر السابق



      الوقت/التاريخ الآن هو 15.11.24 3:14