الفرح المشروع والفرح الممنوع
فضيلة الشيخ الدكتور
صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان
عضو هيئة كبار العلماء وعضو اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
نسمع ونقرأ كثيراً بمناسبة العيدين المباركين: عيد الفطر وعيد الأضحى من ينادي بإظهار الفرح في هذين العيدين، ويسمي ما يحصل من بعض الجهال في هذه المناسبة من منكرات لا يقرها الشرع فرحاً مطلوباً لا يسوغ منعه.
ونقول: إن فعل المنكرات لا يجوز في أي وقت ولا يسوغ إقراره ؛ لأن إنكار المنكر أمر واجب وتركه مؤذن بعقاب وغضب من الله تبارك وتعالى.
وأعني ما قد يحصل في هاتين المناسبتين من جلب المطربين والمطربات وإقامة التمثيليات والمسرحيات مما لا يتناسب بعد شهر الصوم وكذلك من بعض المشعوذين من ألعاب سحرية ومن التجمهر بين الرجال والنساء والسهر بالليل وإضاعة الصلوات في وقتها مع الجماعة في المساجد.
فإذا قام رجال الحسبة بمحاولة منع هذه الأعمال فذلك أمر واجب عليهم وهو من صميم عملهم ويجب علينا أن نساعدهم ونتعاون معهم؛ لا أن نعترض عليهم ونخذلهم من خلال المقالات الصحفية أو الحديث في المجالس ونصفهم بالتشدد؛ لأنهم منعوا هذا النوع من الفرح الذي يلطخ العيد المبارك ويتنافى مع مقاصده الشرعية.
فالفرح نوعان : نوع مشروع
وهو الفرح في عيد الفطر بتفضل الله وشكره على إتمام الصيام والقيام في شهر رمضان
والفرح بإتمام مناسك الحج في عيد الأضحى قال الله تعالى: (قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون) لما قال جل وعلا: (يا أيها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم وشفاء لما في الصدور وهدى ورحمة للمؤمنين) قال بعدها: (قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا) وفضل الله هو القرآن ورحمته الدين والإيمان (هو خير مما يجمعون) أي يحصلون عليه من متاع الدنيا ولذاتها فنعمة الدين باقية ونعمة الدنيا زائلة
والفرح بالقرآن والدين هو الفرح المحمود
والفرح بالدنيا الزائلة هو الفرح المذموم؛ لأن الفرح بالدين فرح شكر لله والفرح بالدنيا فرح أشر وبطر
قال الله تعالى: (ولا تفرحوا بما آتاكم إن الله لا يحب كل مختال فخور)
وقال تعالى: (وفرحوا بالحياة الدنيا وما الحياة الدنيا في الآخرة إلا متاع)
وهو كفرح قارون (إذ قال له قومه لا تفرح إن الله لا يحب الفرحين)
والذي كانت عاقبته الهلاك وهو الفرح الذي تكون عاقبته النار حينما يقال لهم : (ذلكم بما كنتم تفرحون في الأرض بغير الحق وبما كنتم تمرحون).
إن الفرح بالعيدين عند المسلمين فرح معه شكر وعبادة لله، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : (أيام التشريق أيام أكل وشرب وذكر الله)
وانتهاء شهر رمضان يتبع بالتكبير وصدقة الفطر وصلاة العيد وصوم ستة أيام من شوال مع تناول ما أباح الله من الطعام والشراب وإظهار الفطر بما أباح الله
ولذلك كان صلى الله عليه وسلم يأكل قبل الخروج لصلاة العيد تمرات وتراً ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم : (للصائم فرحتان: فرحة عند فطره وفرحة عند لقاء ربه).
إن أعياد المسلمين مربوطة بالعبادات وأعياد غير المسلمين مربوطة بأحداث غير مرغوب فيها من الثورات والثارات والفوضى.
ففرق بين أعياد المسلمين وأعياد غيرهم فلذلك أبدلنا الله من أعياد الجاهلية بأعياد شرعية مربوطة بأداء العبادات ومشتملة على الطاعات وشكر الله وتعظيمه فالمسلمون في أعيادهم يتمتعون بما أباح الله لهم ويفرحون بفضل الله ورحمته ويقرنون ذلك بشكر الله وتعظيمه ويفرحون بما خصهم الله به من نعمة الإسلام ونزول القرآن وبما أباح الله لهم من تناول الطيبات وتبادل الزيارات والتحيات والترابط الأسري والترابط الأخوي بين المسلمين عموماً فهم يفرحون في أعيادهم الفرح المحمود لا الفرح البهيمي المذموم.
فكم بين أعياد المسلمين وأعياد غيرهم من الفروق كما أننا نهينا عن التشبه بغير المسلمين في أعيادهم وغيرها ليتميز المسلمون عن غيرهم فالحمد لله على نعمة الإسلام وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه.
-------
شبكة الرد ـ السبت 23 شوال 1428هـ الموافق 3/11/2007م
المصدر: (الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ الدكتور صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان) السبت 16 شوال 1428هـ الموافق 27/10/2007م
مواضيع ذات صلة:
ـ خلود عبد الله الغامدي: الاحتفال بالعيد لا يجب أن يخالف شريعتنا
والنقل
لطفـــاً .. من هنـــــــــــــا
لطفـــاً .. من هنـــــــــــــا