آراء شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله تعالى- في الأمرد
جمع
عبد الرحمن بن صالح السديس
جمع
عبد الرحمن بن صالح السديس
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة ، والسلام ، على قائد الغر المحجلين ، نبينا محمد ، وآله ، وصحبه ، ومن تبعه إلى يوم الدين
أما بعد
فهذه بعض الفوائد ، والأحكام المتعلقة بالأمرد ، جمعتها من كلام الحبر البحر شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ، فقد رأيته من أكثر أهل العلم كلاما على أحكامه..
وفي هذه الأيام كثرت مخالطة المرد في شتى الميادين ، ووقع شيء من الخلل عند بعض الناس لعدم مراعاتهم لبعض الأمور التي نبه عليها أهل العلم .. و رأيت الحاجة ماسة إلى نشر مثل هذا لعل الله أن ينفع بها .
[تعريفه : (ليس لابن تيمية)
قال في القاموس ص 407 : والأمردُ : الشابُ طَرَّ شارِبُهُ ولم تَنْبُتْ لحيته. ونحوه في لسان العرب 3/401.
[حكم النظر إلى الأمرد]
قال شيخ الإسلام في مجموع الفتاوى 15 / 374 :
.. فإذا كان في ظهور الأمة ، والنظر إليها فتنة وجب المنع من ذلك ... وهكذا الرجل مع الرجال ، والمرأة مع النساء لو كان في المرأة فتنة للنساء ، وفي الرجل فتنة للرجال لكان الأمر بالغض للناظر من بصره متوجها ، كما يتوجه إليه الأمر بحفظ فرجه فالإماء والصبيان إذا كن حسانا تختشى الفتنة بالنظر إليهم كان حكمهم كذلك ، كما ذكر ذلك العلماء.
قال المروذي: قلت لأبى عبدالله يعنى ـ أحمد بن حنبل ـ الرجل ينظر إلى المملوك ؟
قال: إذا خاف الفتنة لم ينظر إليه كم نظرة ألقت في قلب صاحبها البلاء .
وقال المروذي: قلت لأبي عبدالله رجل تاب ، وقال: لو ضرب ظهري بالسياط ما دخلت في معصية ؛ إلا أنه لا يدع النظر ؟!
فقال: أي توبة هذه ؟! قال جرير: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نظرة الفجأة ؟[/b]
فقال: اصرف بصرك ".
وقال ابن أبى الدنيا بإسناده عن أبى سهل الصعلوكي قال: سيكون في هذه الأمة قوم يقال لهم اللوطيون على ثلاث أصناف:
صنف ينظرون ، وصنف يصافحون ، وصنف يعملون ذلك العمل .
.. ووقفت جارية لم ير أحسن وجها منها على بشر الحافي فسألته عن باب حرب ، فدلها ، ثم وقف عليه غلام حسن الوجه فسأله عن باب حرب، فأطرق رأسه ، فرد عليه الغلام السؤال فغمض عينيه ، فقيل له: يا أبا نصر جاءتك جارية فسألتك فأجبتها ، وجاءك هذا الغلام فسألك فلم تكلمه ؟
فقال: نعم يروى عن سفيان الثوري أنه قال: مع الجارية شيطان ، ومع الغلام شيطانان ، فخشيت على نفسي شيطانية.
وروى ابن الجوزي بإسناده عن سعيد بن المسيب قال: إذا رأيتم الرجل يلح بالنظر إلى الغلام الأمرد فاتهموه.
وقد روى في ذلك أحاديث مسندة ضعيفة ، وحديث مرسل أجود منها ، وهو ما رواه أبو محمد الخلال ثنا عمر بن شاهين ثنا محمد بن أبي سعيد المقري ثنا أحمد بن حماد المصيصي ثنا عباس بن مجوز ثنا أبو أسامة عن مجالد عن سعيد عن الشعبي قال:" قدم وفد عبد القيس على رسول الله r ، وفيهم غلام أمرد ظاهر الوضاءة فأجلسه النبي r ورواء ظهره ، وقال: كانت خطيئة داود في النظر".
هذا حديث منكر ، وأما المسند فمنها ما رواه ابن الجوزي بإسناده عن أبي هريرة عن النبي r أنه قال:" من نظر إلى غلام أمرد بريبة حبسه الله فى النار أربعين عاما".
وروى الخطيب البغدادي بإسناده عن أنس عن رسول الله r أنه قال:" لا تجالسوا أبناء الملوك فإن الأنفس تشتاق إليهم ما لا تشتاق إلى الجواري العواتق".
إلى غير ذلك من الأحاديث الضعيفة . اهـ بتصرف.
وقال ـ رحمه الله ـ في مجموع الفتاوي 15/419و 21/251:
ومن كرر النظر إلى الأمرد ، ونحوه أو أدامه ، وقال: إني لا أنظر لشهوة كذب في ذلك ، فإنه إذا لم يكن معه داع يحتاج معه إلى النظر لم يكن النظر إلا لما يحصل في القلب من اللذة بذلك ، وأما نظرة الفجأة فهي عفو إذا صرف بصره ..
وانظر: (الاختيارات ص290)
وقال ـ رحمه الله ـ في مجموع الفتاوي 21/245:
والنظر إلى وجه الأمرد لشهوة كالنظر إلى وجه ذوات المحارم ، والمرأة الأجنبية بالشهوة ، سواء كانت الشهوة شهوة الوطء ، أو شهوة التلذذ بالنظر ، فلو نظر إلى أمه ، وأخته ، وابنته يتلذذ بالنظر إليها كما يتلذذ بالنظر إلى وجه المرأة الأجنبية كان معلوما لكل أحد أن هذا حرام ، فكذلك النظر إلى وجه الأمرد باتفاق الأئمة.
وقول القائل: إن النظر إلى وجه الأمرد عبادة كقوله إن النظر إلى وجوه النساء أو النظر إلى وجوه محارم الرجل كبنت الرجل وأمه وأخته عبادة ومعلوم أن من جعل هذا النظر المحرم عبادة كان بمنزلة من جعل الفواحش عبادة قال تعالى{وَإِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً قَالُواْ وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءنَا وَاللّهُ أَمَرَنَا بِهَا قُلْ إِنَّ اللّهَ لاَ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاء أَتَقُولُونَ عَلَى اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ} [(28) سورة الأعراف
ومعلوم أنه قد يكون في صور النساء الأجنبيات ، وذوات المحارم من الاعتبار ، والدلالة على الخالق من جنس ما في صورة المرد فهل يقول مسلم : إن للإنسان أن ينظر بهذا الوجه إلى صور نساء العالم ، وصور محارمه ويقول: إن ذلك عبادة ؟!
بل من جعل مثل هذا النظر عبادة فإنه كافر مرتد يجب أن يستتاب فإن تاب و إلا قتل ، وهو بمنزلة من جعل إعانة طالب الفواحش عبادة ، أو جعل تناول يسير الخمر عبادة ، أو جعل السكر بالحشيشة عبادة فمن جعل المعاونة على الفاحشة بقيادة ، أو غيرها عبادة ، أو جعل شيئا من المحرمات التي يعلم تحريمها من دين الإسلام عبادة فإنه يستتاب فإن تاب ، و إلا قتل وهو مضاهٍ للمشركين الذين إذا فعلوا فاحشة قالوا وجدنا عليها آباءنا والله أمرنا بها قل إن الله لا يأمر بالفحشاء أتقولون على الله مالا تعلمون
وقال ـ رحمه الله ـ في مجموع الفتاوي 15/415-419
النوع الثاني من النظر: كالنظر إلى الزينة الباطنة من المرأة الأجنبية فهذا أشد من الأول كما أن الخمر أشد من الميتة والدم ولحم الخنزير وعلى صاحبها الحد وتلك المحرمات إذا تناولها مستحلا لها كان عليه التعزير لأن هذه المحرمات لا تشتهيها النفوس كما تشتهى الخمر وكذلك النظر إلى عورة الرجل لا يشتهى كما يشتهى النظر إلى النساء ونحوهن وكذلك النظر إلى الأمرد بشهوة هو من هذا الباب
وقد اتفق العلماء على تحريم ذلك كما اتفقوا على تحريم النظر إلى الأجنبية وذوات المحارم بشهوة ، والخالق سبحانه يسبح عند رؤية مخلوقاته كلها ، وليس خلق الأمرد بأعجب في قدرته من خلق ذي اللحية ، ولا خلق النساء بأعجب في قدرته من خلق الرجال فتخصيص الإنسان بالتسبيح بحال نظره إلى الأمرد دون غيره كتخصيصه بالتسبيح بالنظر إلى المرأة دون الرجل وما ذاك لأنه أدل على عظمة الخالق عنده ولكن لأن الجمال يغير قلبه وعقله وقد يذهله ما رآه فيكون تسبيحه لما حصل فى نفسه من الهوى كما أن النسوة لما رأين يوسف أكبرنه وقطعن أيديهن وقلن حاش لله ما ذها بشرا إن هذا إلا ملك كريم..
فلهذا الفرقان افترق الحكم الشرعي فصار النظر إلى المردان ثلاثة أقسام :
أحدها : ما تقترن به الشهوة فهو محرم بالاتفاق.
و الثاني: ما يجزم أنه لا شهوة معه كنظر الرجل الورع إلى ابنه الحسن ، وابنته الحسنة ، وأمه الحسنة ، فهذا لا يقترن به شهوة إلا أن يكون الرجل من أفجر الناس ، ومتى اقترنت به الشهوة حرم ، وعلى هذا نظر من لا يميل قلبه إلى المردان كما كان الصحابة وكالأمم الذين لا يعرفون هذه الفاحشة فإن الواحد من هؤلاء لا يفرق من هذا الوجه بين نظره إلى ابنه وابن جاره وصبي أجنبي لا يخطر بقلبه شيء من الشهوة لأنه لم يعتد ذلك وهو سليم القلب من قبل ذلك..
[القسم الثالث] : وإنما وقع النزاع بين العلماء في القسم الثالث من النظر ، وهو النظر إليه بغير شهوة لكن مع خوف ثورانها ففيه:
وجهان في مذهب أحمد أصحهما وهو المحكي عن نص الشافعي وغيره: أنه لا يجوز.(الاختيارات ص290).
والثاني: يجوز لأن الأصل عدم ثورانها ، فلا يحرم بالشك بل قد يكره .
والأول هو الراجح. كما أن الراجح في مذهب الشافعي ، وأحمد أن النظر إلى وجه الأجنبية من غير حاجة لا يجوز ، وإن كانت الشهوة منتفية لكن لأنه يخاف ثورانها ، ولهذا حرم الخلوة بالأجنبية لأنه مظنة الفتنة
والأصل أن كلما كان سببا للفتنة فإنه لا يجوز فإن الذريعة إلى الفساد سدها إذا لم يعارضها مصلحة راجحة ، ولهذا كان النظر الذي قد يفضي إلى الفتنة محرما إلا إذا كان لحاجة راجحة مثل نظر الخاطب ، والطبيب ، وغيرهما فإنه يباح النظر للحاجة مع عدم الشهوة ، وأما النظر لغير حاجة إلى محل الفتنة فلا يجوز..([1])
عدل سابقا من قبل الشيخ إبراهيم حسونة في 18.03.09 10:34 عدل 1 مرات