أبو محمد عبدالحميد الأثري- المدير العام .. وفقه الله تعالى
- عدد الرسائل : 3581
البلد : مصر السنية
العمل : طالب علم
شكر : 7
تاريخ التسجيل : 25/04/2008
من طرف أبو محمد عبدالحميد الأثري 25.05.08 10:47
المقدمة
إن الحمد لله ، نحمده ، ونستعينه ، ونسـتغفره ، ونعـوذ بالله من شرور أنفسنا ، وسيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مُضِلَّ له ، ومن يُضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله .
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ .
يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا .
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا .
أما بعد . . .
فإن نعم الله - تعالى - على هذه الأمة عظيمة وكثيرة : وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا ومن أعظم النعم التي اختصَّ بها دين الإسلام وتميز بها عن غيره من الأديان الجمعة وخطبتها ، فهي - أي الخطبة - موعظة أسبوعية عامة ، توقظ القلوب الغافلة ، وتشحذ الهمم العالية ، وتصل النفوس بخالقها - جل وعلا - ، لتعبد ربها على علم وبصيرة حتى يأتيها اليقين ، كل ذلك وغيره من الفوائد الكثيرة إنما يدل على أهميتها ، والحاجة إلى العناية التامة بها .
وإنما تتحقق هذه الفوائد وغيرها إذا توفر للخطيب ما هو مطلوب من الشروط والأركان والسنن ، وخلت مما لم يشرعه الله - تعالى - من الأمور المحرمة والمبتدعة ، فكانت وفق هدي النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وأصحابه ، والسلف الصالح من هذه الأمة .
وقد كنت أفكر في الكتابة في هذا الموضوع من الناحية الفقهية منذ وقت بعيد ، لما أرى من أهميته ، وحاجة الناس إلى معرفة أحكامه معرفة تامة مبنية على بحث علمي دقيق وعميق كما أسلفت ، ولكن الشواغل أدت إلى التأخير حتى يَسَّر الله - تعالى - لي فسحة من الوقت ، فله الحمد أولا وآخرا ، وظاهر ، وباطنا .
وتتلخص أبرز الأسباب التي دفعتني للكتابة في هذا الموضوع فيما يلي :
1 - أهمية خطبة الجمعة الكبيرة كما أسلفت .
2 - خلو الساحة - حسب علمي حين الكتابة - من بحث علمي يتناول خطبة الجمعة وأحكامها من الناحية الفقهية بدقة وعمق ، فرغبت في القيام به ، جامعا أقوال الفقهاء وأدلتها والمناقشات الواردة عليها ، ومنتهيا إلى الترجيح المبني على قوة الأدلة . والموجود إما بحوث تتناول الخطبة من الجانب الدعوي ، أو الأدبي ، أو التاريخي ، أو تنبيهات وتوجيهات موجزة حول بعض الأخطاء ، أو نحو ذلك ، فأردت المشاركة بهذا البحث المتواضع في هذا المجال .
3 - ما يحتمله مقتضى عملي ، حيث أقوم بإلقاء خطبة الجمعة بصفتي إماما احتياطيا ، فأردت معرفة أحكامها معرفة مبنية على البحث والتمحيص ، وإفادة إخواني المسلمين بها .
4 - حصول بعض النواقص والأخطاء من بعض الخطباء ، نتيجة عدم الإلمام ببعض الأحكام الفقهية للخطبة ، مما قلل من الاستفادة منها مع أهميتها كما أسلفت .
وبعد القراءة حول الموضوع ، وتتبع ما وقع في يدي مما كتب عن الخطبة من مختلف الجوانب ، واستشارة بعض مشايخي ، وزملائي من الأساتذة ، وطلاب العلم عقدت العزم متوكلا على الله - عز وجل - ، ومستعينا به في الكتابة في هذا الموضوع [ خطبة الجمعة وأحكامها الفقهية ] .
منهج البحث :
وسلكت في هذا البحث المنهج العلمي المتعارف عليه وذلك حسب النقاط التالية :
1 - اقتصرت على ما يدخل تحت العنوان دخولا ظاهرا ، وهو ما يتعلق بذات الخطبة والخطيب من الأحكام ، دون ما يتعلق بالحاضرين إلا ما رأيت أنه قد يتعلق بالخطيب في بعض الأحيان كالكلام حال الخطبة ونحوه ، وذلك حرصا على المحافظة على مقصود العنوان ، وعدم تشعب الموضوع تشعبا يجر إلى الخروج عن مقتضى عنوانه .
2 - أعبر بلفظ " الخطبة " مفردا وأقصد الخطبتين معا غالبا ما لم تدل قرينة الكلام على قصد أحدهما ، وذلك اتباعا لعامة الفقهاء .
3 - ذكرت الشروط والأركان والسنن المختلف فيها في أماكنها حسب ما ترجح لدي ما عدا الأركان الأربعة : الحمد ، والصلاة على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، والموعظة ، وقراءة آية ، فقد ذكرتها أركانا وإن لم أرجح ذلك في جميعها ، لكثرة من قال بركنيتها وشهرته .
4 - اقتصرت على ذكر أقوال أصحاب المذاهب الفقهية الأربعة المشهورة - الحنفي ، والمالكي ، والشافعي ، والحنبلي - حسب المستطاع - ومذهب ابن حزم في بعض الأحيان ، وقد أذكر أقوال السلف إذا خالفت المذاهب الأربعة ، وإذا لم أجد لمذهب قولا في مسألة فإني لا أشير إلى عدم وجوده ، بل أسكت ، تلافيا للتكرار والإطالة .
5 - رتبت أقوال الفقهاء حسب القوة ، فقدمت القول الذي ظهر لي رجحانه وأخرت الضعيف لكون ذلك - فيما يظهر لي - أوضح للقارئ ، ويغني عن تكرار بعض الأدلة وأنسب للبحث .
6 - رتبت المذاهب داخل القول حسب الترتيب الزمني ، فقدمتُ المذهب الحنفي ، ثم المالكي ، ثم الشافعي ، ثم الحنبلي ، ثم ابن حزم .
7 - اعتمدت في نسبة القول للمذهب على أمهات كتب أصحابه إلا إذا لم أطلع على قول صريح لهم في المسألة فإني أحاول أن أستنتج ذلك ولو لم يكن صريحا ، أو أبينه على قول آخر لهم إن ظهر لي ذلك ، ولا أوثقه من غير كتب المذهب إلا إذا تعذر ذلك من كتبه .
8 - اكتفيت في توثيق كل مذهب بالإحالة على بعض كتبه ، وقد أنقل بعض النقول إذا رأيت أن المقام يتطلب ذلك لتوضيح القول ، أو أن الكلام جيد في تحرير المسألة ، أو أن صاحبه من المعروفين بالتحقيق كشيخ الإسلام ابن تيمية ، وتلميذه ابن القيم - رحمهما الله - أو نحو ذلك .
9 - نهجت في ترتيب المسائل بتقديم الأقوال ، ثم ذكر الأدلة لكل قول ، مقدما الأدلة من الكتاب ، ثم السنة ، ثم آثار الصحابة - رضي الله عنهم - ، ثم المعقول ، وأتبعت كل دليل بما يتعلق به من مناقشة وإجابة عنها ونحو ذلك لأن هذه الطريقة - فيما يظهر لي - أوضح للقارئ ، وأبعد عن انقطاع تفكيره .
10 - استدللتُ للأقوال التي لم أعثر على أدلة لها - حسب ما ظهر لي - إلا ما لم يتبين لي فيه دليل .
11 - وجهتُ الاستدلال بكل دليل نقلي من خلال كلام أهل العلم إذا اطلعتُ على كلام لهم فيه ، وإلا وجهته ما لم يكن واضح الدلالة .
12 - ناقشت ما ورد عليه مناقشة من الأدلة من خلال كلام أهل العلم عليه ، مصدرا ذلك بلفظ " نُوقشَ " ، وما لم أطلع على كلام لهم عليه ناقشته حسب ما ظهر لي مُصدِّرا ذلك بلفظ " يناقش " .
كما أجبتُ عما يمكن الإجابة عنه منها من خلال كلام أهل العلم ، مصدرا ذلك بلفظ " أجيب " وإلا أجبتُ عنه حسب ما ظهر لي ، مُصدِّرا ذلك بلفظ " يُجاب " .
13 - بعد استعراض الأقوال والأدلة والمناقشات والإجابات أعمل على التوفيق إن أمكن إعمالا للأدلة ، فإن تعذر عمدتُ إلى الترجيح بناءً على قوة الأدلة ، وسلامتها من المناقشات ، وبما يتمشى مع قواعد الشريعة ومقاصدها العامة ، معتمدًا في صيغة الترجيح على قوة الدليل ووضوحه .
14 - عزوتُ الآيات القرآنية إلى مواضعها من كتاب الله - تعالى - بذكر السورة ورقم الآية .
15 - خرَّجتُ الأحاديث من كتب السنة المعروفة ، وما كان منها في الصحيحين أو أحدهما اكتفيتُ بتخريجه منهما ، ولم أتعرض للكلام على الحكم عليه ؛ للاتفاق على صحة ما ورد فيهما أو في أحدهما ، وما لم يكن كذلك خرجته مما ورد فيه من كتب السنة حسب المستطاع مع بيان درجته نقلا عن أصحاب هذا الفن ، ولم أترك إلا ما لم أعثر على كلام عنه ، وما لم أعثر عليه في كتب السنة أبين من ذكره من الفقهاء ، وهي قليلة .
16 - خرَّجتُ الآثار من كتب الآثار المعروفة مع الحكم عليها من خلال كلام أهل العلم عليها ، ولم أترك إلا ما لم أعثر على كلام حوله ، وما لم أعثر عليه في كتب الآثار أبين من ذكره من الفقهاء ، وهي قليلة .
17 - تجنبتُ ذكر الأحاديث والآثار الضعيفة إلا ما ظهر لي الاعتماد عليه في الاستدلال بم يكون أكثر من قال بالقول يستدل به ، مع بيان ضعفه .
18 - عرفتُ الكلمات والألفاظ الغريبة الواردة في بعض الأحاديث والآثار وكلام الفقهاء من كتب اللغة والغريب ، والشروح .
19 - ترجمتُ لما سوى الخلفاء الأربعة والأئمة الأربعة بترجمة موجزة ، حيث رأيتُ أن الشهرة أمر نسبي غير منضبط .