بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد
فهذه كلمات لابن القيم رحمه الله أسلي بها نفسي وإخواني عن أقوال أهل
البدع والمخالفين ، عسى أن تكون أنساً لكل مستوحشٍ في هذه الغربة التي
استحكمت عقدها على أهل النهج السلفي والله المستعان وإليه المشتكى ، ولا
حول ولا قوة إلا بالله .
قال ابن القيم رحمه الله :
( إذا كان الله ورسوله صلى الله عليه وسلم في جانب فاحذر أن تكون في
الجانب الآخر، فإن ذلك يفضي إلى المشاقة والمحادة، وهذا أصلها ومنه
اشتقاقها، فإن المشاقة أن يكون في شق ومن يخالفه في شق، والمحادة أن تكون
في حدّ ويكون هو في حدّ .
ولا تستسهل هذا فإن مبادئه تجر إلى غايته، وقليله يدعو إلى كثيره .
وكن في الجانب الذي فيه الله ورسوله صلى الله عليه وسلم ، وإن كان الناس
كلهم في الجانب الآخر، فإن لذلك عواقب هي أحمد العواقب وأفضلها، وليس
للعبد شيء أنفع من ذلك في دنياه قبل آخرته ، وأكثر الخلق إنما يكونون في
الجانب الآخر ، ولاسيما إذا قويت الرغبة والرهبة ، فهناك لا تكاد تجد
أحداً في الجانب الذي فيه الله ورسوله صلى الله عليه وسلم ، بل يعده الناس
ناقص العقل سيء الاختيار لنفسه، وربما نسبوه إلى الجنون ، وذلك من مواريث
أعداء الرسل.
فإنهم نسبوهم إلى الجنون لما كانوا في شق وجانب والناس في شق وجانب آخر.
ولكن من وطن نفسه على ذلك فإنه يحتاج إلى علم راسخ بما جاء به الرسول
صلى الله عليه وسلم يكون يقيناً له لا ريب عنده فيه ، وإلى صبر تام على
معاداة من عاداه ولومة من لامه ، ولا يتم له ذلك ألا برغبة قوية في الله
والدار الآخرة ، بحيث تكون الآخرة أحب إليه من الدنيا وآثر عنده منها ،
ويكون الله ورسوله صلى الله عليه وسلم أحب إليه مما سواهما ، وليس شيء
أصعب على الناس من ذلك في مباديء الأمر، فإن نفسه وهواه وطبعه وشيطانه
وإخوانه ومعاشريه من ذلك الجانب يدعونه إلى العاجل ، فإن خالفهم تصدوا
لحربه ، فإن صبر و ثبت جاءه العون من الله وصار ذلك الصعب سهلاً ، وذلك
الألم لذة ، فإن الرب شكور ، فلابد أن يذيقه لذة تحيزه إلى الله وإلى
رسوله صلى الله عليه وسلم ، ويريه كرامة ذلك ، فيشتد به سروره وغبطته ،
ويبتهج به قلبه ، ويظفر بقوته وفرحه وسروره ، ويبقى من كان محارباً له -
على ذلك – بين هائب له ومسالم له ومساعد وتارك ، ويقوى جنده ، ويضعف جند
العدو .
ولا تستصعب مخالفة الناس والتحيز إلى الله ورسوله صلى الله عليه وسلم
ولو كنت وحدك ، فإن الله معك وأنت بعينه وكلاءته وحفظه لك ، وإنما امتحن
يقينك وصبرك .
وأعظم الأعوان لك على هذا بعد عون الله التجرد من الطمع والفزع ، فمتى
تجردت منهما هان عليك التحيز إلى الله ورسوله ، وكنت دائماً في الجانب
الذي فيه الله ورسوله ، ومتى قام بك الطمع والفزع فلا تطمع في هذا الأمر
ولا تحدث نفسك به . فإن قلت : فبأي شيء أستعين على التجرد من الطمع ومن
الفزع ؟
قلت : بالتوحيد والتوكل والثقة بالله ، وعلمك بأنه لا يأتي بالحسنات إلا
هو ، ولا يذهب السيئات إلا هو ، وأن الأمر كله لله ليس لأحد مع الله شيء )
.
" الفوائد للإمام ابن القيم الجوزية : صحيفة رقم ( 150 – 151 ) ط دار اليقين 1418 هـ "
منقول من سحاب السلفية
الملفات المرفقة
فهذه كلمات لابن القيم رحمه الله أسلي بها نفسي وإخواني عن أقوال أهل
البدع والمخالفين ، عسى أن تكون أنساً لكل مستوحشٍ في هذه الغربة التي
استحكمت عقدها على أهل النهج السلفي والله المستعان وإليه المشتكى ، ولا
حول ولا قوة إلا بالله .
قال ابن القيم رحمه الله :
( إذا كان الله ورسوله صلى الله عليه وسلم في جانب فاحذر أن تكون في
الجانب الآخر، فإن ذلك يفضي إلى المشاقة والمحادة، وهذا أصلها ومنه
اشتقاقها، فإن المشاقة أن يكون في شق ومن يخالفه في شق، والمحادة أن تكون
في حدّ ويكون هو في حدّ .
ولا تستسهل هذا فإن مبادئه تجر إلى غايته، وقليله يدعو إلى كثيره .
وكن في الجانب الذي فيه الله ورسوله صلى الله عليه وسلم ، وإن كان الناس
كلهم في الجانب الآخر، فإن لذلك عواقب هي أحمد العواقب وأفضلها، وليس
للعبد شيء أنفع من ذلك في دنياه قبل آخرته ، وأكثر الخلق إنما يكونون في
الجانب الآخر ، ولاسيما إذا قويت الرغبة والرهبة ، فهناك لا تكاد تجد
أحداً في الجانب الذي فيه الله ورسوله صلى الله عليه وسلم ، بل يعده الناس
ناقص العقل سيء الاختيار لنفسه، وربما نسبوه إلى الجنون ، وذلك من مواريث
أعداء الرسل.
فإنهم نسبوهم إلى الجنون لما كانوا في شق وجانب والناس في شق وجانب آخر.
ولكن من وطن نفسه على ذلك فإنه يحتاج إلى علم راسخ بما جاء به الرسول
صلى الله عليه وسلم يكون يقيناً له لا ريب عنده فيه ، وإلى صبر تام على
معاداة من عاداه ولومة من لامه ، ولا يتم له ذلك ألا برغبة قوية في الله
والدار الآخرة ، بحيث تكون الآخرة أحب إليه من الدنيا وآثر عنده منها ،
ويكون الله ورسوله صلى الله عليه وسلم أحب إليه مما سواهما ، وليس شيء
أصعب على الناس من ذلك في مباديء الأمر، فإن نفسه وهواه وطبعه وشيطانه
وإخوانه ومعاشريه من ذلك الجانب يدعونه إلى العاجل ، فإن خالفهم تصدوا
لحربه ، فإن صبر و ثبت جاءه العون من الله وصار ذلك الصعب سهلاً ، وذلك
الألم لذة ، فإن الرب شكور ، فلابد أن يذيقه لذة تحيزه إلى الله وإلى
رسوله صلى الله عليه وسلم ، ويريه كرامة ذلك ، فيشتد به سروره وغبطته ،
ويبتهج به قلبه ، ويظفر بقوته وفرحه وسروره ، ويبقى من كان محارباً له -
على ذلك – بين هائب له ومسالم له ومساعد وتارك ، ويقوى جنده ، ويضعف جند
العدو .
ولا تستصعب مخالفة الناس والتحيز إلى الله ورسوله صلى الله عليه وسلم
ولو كنت وحدك ، فإن الله معك وأنت بعينه وكلاءته وحفظه لك ، وإنما امتحن
يقينك وصبرك .
وأعظم الأعوان لك على هذا بعد عون الله التجرد من الطمع والفزع ، فمتى
تجردت منهما هان عليك التحيز إلى الله ورسوله ، وكنت دائماً في الجانب
الذي فيه الله ورسوله ، ومتى قام بك الطمع والفزع فلا تطمع في هذا الأمر
ولا تحدث نفسك به . فإن قلت : فبأي شيء أستعين على التجرد من الطمع ومن
الفزع ؟
قلت : بالتوحيد والتوكل والثقة بالله ، وعلمك بأنه لا يأتي بالحسنات إلا
هو ، ولا يذهب السيئات إلا هو ، وأن الأمر كله لله ليس لأحد مع الله شيء )
.
" الفوائد للإمام ابن القيم الجوزية : صحيفة رقم ( 150 – 151 ) ط دار اليقين 1418 هـ "
منقول من سحاب السلفية
الملفات المرفقة
ابن القيم.doc |