إِن تَنصُرُوا اللهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ ... [ أحداث غزة ] !
فضيلة الشيخ عايد بن خليف الشمري : إن الحمد لله ، نحمده ونستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا ؛ من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله .
فضيلة الشيخ عايد بن خليف الشمري : إن الحمد لله ، نحمده ونستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا ؛ من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله .
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ ﴾ . [ آل عمران : 102 ] . ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ . [ النساء : 1 ] . ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَقُولُوا قَوْلا سَدِيدًا . يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ . [ الأحزاب : 70 - 71 ] . أما بعد :
فإن خير الحديث كتاب الله ، وخير الهدي ؛ هدي محمد - صلى الله عليه وسلم - ، وشر الأمور محدثاتها ، وكل محدثة بدعة ، وكل بدعة ضلالة ، وكل ضلالة في النار .
عباد الله : اتقوا الله - سبحانه وتعالى - ، وذلك بامتثال أوامره ، واجتناب نواهيه ، واعلموا - يا عباد الله - أنه ما من خير ، ورفعة ، ونصرة للمؤمنين ؛ إلا وأمرهم الله - سبحانه وتعالى - به ، وما من شر ، وسفول ، وهزيمة للمسلمين ؛ إلا وحذرهم الله - سبحانه وتعالى - منه . والنبي - صلى الله عليه وسلم - في أحاديثه ، وفي سيرته ، وفي غزواته ، وفي جهاده ، وفي حياته كلها أنما بين لأمته الخير ، وحذرهم من الشر ، وبين لهم أسباب النصر ، وحذرهم من أسباب الهزيمة . يقول - سبحانه وتعالى - : ﴿ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِكُمْ سُنَنٌ فَسِيرُواْ فِي الأَرْضِ فَانظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ . هَذَا بَيَانٌ لِّلنَّاسِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ لِّلْمُتَّقِينَ . وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ ﴾ . [ آل عمران : 137 - 139 ] .
لابد من شرط يحققه المسلمون ؛ من أجل أن يعطيهما لله - سبحانه وتعالى - العلو والتمكين . ﴿ وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ ﴾ متى !؟ ﴿ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ ﴾ . وقال - سبحانه وتعالى - في آية أخرى : ﴿ إِن تَنصُرُوا اللهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ ﴾ . [ محمد : 7 ] . هذا بيان لكل الذين يريدون الرفعة ، والنصرة ، والتمكين للمسلمين ، والنصر للمسلمين ، والهزيمة لأعدائهم ، ولكن للأسف الشديد أن المسلمين شرقوا وغربوا ، وأشملوا واجنبوا ؛ هروبًا عن هذه الشروط إلا من رحم الله - سبحانه وتعالى - .
فأنشئت الأحزاب . هذه أحزاب سياسية . هذه أحزاب ليبرالية . هذه علمانية . هذه أحزاب يسارية وشيوعية واشتراكية . هذه أحزاب بعثية وقومية . هذه أحزاب ماركسية ، وهذه أحزاب إسلامية بدعية ؛ كلهم هربوا ، وابتعدوا عن هذا الأمر لأنه صعب عليهم ، فزادهم الله - سبحانه وتعالى - صعوبةً وتضييقًا ، وذلاً وسفولاً .
وهذه الأمة العربية - بشكل خاص - ، أو الإسلامية - بشكل عام - عندما تبتعد عن أسباب الإيمان الحقيقي لنصرتها ، وعن الأمور التي تنصر بها الرب - سبحانه وتعالى - لكي ينصرها ، فهي سوف تسقط دائمًا في هاوية . إلى هاوية . إلى هاوية .
إنهم يصرخون في وسائل الإعلام ، وفي القنوات المأجورة . فكل قناة مأجورة لحزب ولتوجه ، وتحاول عن طريق التلبيس ، وعن طريق ما تأتي به من لقاءات واتجاهات معاكسة ومتضادة من أجل أن تظهر نفسها ، ومن أجل أن تصفي حساباتها مع المسلمين والعرب الآخرين ؛ الذين يخالفونها في توجهاتهم .
وهذه القناة تتبع سياسة هذه الدولة ، وهذه القناة تتبع سياسة تلكم الدولة ، وكل دولة تحرص على أن تأتي بالكتاب والصحفيين ، وتقيم الحلقات ، والندوات ، والبرامج من أجل أن تؤكد أنها هي التي على الحق ، وأنها هي التي تهتم بالأمة ، وأن غيرها لا . هذا نراه .
نحن نراه عندما تتابع الأخبار حتى طريقة صياغة الأخبار عجيبة وغريبة ، فكل يصيغ أخباره بما يرفعه ويفشل الآخرين ، ويظهر أخبارًا ويطمس أخبارًا ، وحسنةً هنا يجعلها سيئة ، وسيئةً هنا يجعلها حسنة ، أنهم يفرون عن قوله تعالى : ﴿ إِن تَنصُرُوا اللهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ ﴾ . أنهم كثير يفرون عن قوله تعالى : ﴿ وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ ﴾ بشرط ماذا !؟ ﴿ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ ﴾ .
الإيمان : اعتقاد في القلب ، وقول في اللسان ، وعمل بالجوارح . الإيمان أساسه التوحيد : أن تؤمن بالله ، وملائكته ، وكتبه ، ورسوله ، واليوم الآخر ، والقدر خيره وشره . الإيمان بالله بتوحيده بربوبيته ، وألوهيته ، وأسماءه ، وصفاته ؛ لو أتينا إلى الأمر الأساس ، والأمر الأول قبل أن ننتقل إلى الأمور الأخرى من أركان الإسلام ومن أحكامه ، وهو التوحيد ؛ لننظر إلى هؤلاء اليساريين ، وإلى هؤلاء العلمانيين بأحزابهم ، وإلى الليبراليين والقوميين والبعثيين ؛ بل إلى أحزاب الشيعة كـ " حزب الدعوة " و " حزب الشيطان " إلى غير ذلك ؛ بل إلى حزب " الإخوان المسلمين " أين هم !؟ أين هم من هذه الحقيقة الأولى !؟ التي أنزل من أجلها القرآن ، وأرسل من أجلها الرسل ، وخلق الخلق - سبحانه وتعالى - من أجلها : ﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ ﴾ . [ الذاريات : 56 ] . وأرسل الرسل من أجلها : ﴿ وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ اعْبُدُواْ اللهَ وَاجْتَنِبُواْ الطَّاغُوتَ ﴾ . [ النحل : 36 ] . بل إن حروب الأنبياء ، وحروب الرسل كلها كانت من أجل التوحيد ، ومن أجل بعث التوحيد ، ومن أجل نشر التوحيد ، ومن أجل إقامة شرع الله - سبحانه وتعالى - والذي أساسه التوحيد .
انظروا إلى أبجديات هذه الأحزاب . انظروا إلى بنودها . انظروا إلى هيكلتها . انظروا إلى رموزها . انظروا إلى كُتبها . انظروا إلى أحاديث قادتها . انظروا إليها جميعًا . أين هي من قوله تعالى : ﴿ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ ﴾ !؟ وأين هي من قوله تعالى : ﴿ إِن تَنصُرُوا اللهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ ﴾ !؟ أين هي من توحيد الألوهية !؟ وهي قد غرقت في ظلمات عبادة القبور والأضرحة ، وغرقت في خرافات الدجل والشعوذة والكهانة والسحرة ، وغرقت في طلمات عبادة غير الله ، ودعوة غير الله ، والذبح لغير الله ، والنذر لغير الله ، والإستغاثة بغير الله ، والإستعاذة بغير الله ، والإستعانة بغير الله . أين هي !؟ وهي معطلة لصفات الله ، ومعطلة لأسماء الله ، انظروا إليها .
إن الله - سبحانه وتعالى - قد أتم الدين ، وقد أتم الحجة فانظر بمنظار الشرع - يا عبد الله - ولا يغرنك الشعارات ، ولا يغرنك الهتافات ، ولا تغرك هذه القنوات التي تتكلم لمصلحة من يدفع ؛ فالذي يدفع لها هو الذي ينشر فكره ليبراليًا كان ، أو علمانيًا ، أو شيعيًا ، أو إخوانيا . هذه الأمة الإسلامية من ضعف إلى ضعف ، وها هي الأحزاب الصارخة المجلجلة بجموع شبابها وفتيانها ، وأهازيجها وأناشيدها ، وصراخها وعويلها وخطبها عندما يضربها العدو بأي ضربة ، أو يحاصرها بأي حصار سرعان ما تأخذ تولول وتتشكى وتبكي ، وتقول : أين أنتم !؟
ما الذي أصاب الأمة الإسلامية . للأسف الشديد أن صوت الحق ودعاة الحق ، والذين يسيرون مع الكتاب والسنة لنصرة أمتهم ، وللأخذ بيد أمتهم إلى العلو لا السفول ، والعمل على نجاتها يوم لا ينفع مال ولا بنون مهمشين ، ومبعدين ، ومحاربين . لماذا !؟ لأن كل هذه الأحزاب اتفقت عليهم ، فهي ظلمات اتفقت بجانب الظلمة ، ولا تريد إشعاع النور من أولئك الدعاة الذين يبينون لأمتهم كتاب ربهم دون تحريف ، ودون تأويل ، ودون تلبيس ، ويبينون لهم تاريخ أمتهم ، وأسباب الضعف فيها ، وأسباب القوة من خلال الآية القرآنية والسنة النبوية .
هؤلاء محاربون . لن تجدوهم في قنوات فضائية ؛ بل لن تجدوهم حتى على صفحات الجرائد تحاربهم . لأن كل جريدة يملكها زيد وعبيد ، وكل شخص منهم إنما له فكر يأتي بالذي يريد ، ويبعد الذي يريد .
إن الأمر واضحًا - عباد الله - ﴿ إِن تَنصُرُوا اللهَ يَنصُرْكُمْ ﴾ . تنتصروا الله بماذا !؟ إن الله غني ، ونحن الفقراء . إن الله قوي ، ونحن الضعفاء ، أنما تنصروا الله بالالتزام بدينه ، وبإقامة شرعه ، وإقامة توحيده ، والالتزام بأوامره واجتناب نواهيه على قدر ما تفعلون من هذا ؛ على قدر ما يكون النصر .
في غزوة أحد عندما عصى الرماة النبي - صلى الله عليه وسلم - ماذا حل بهم !؟ وفي حُنين عندما أعجب المسلمون كثرتهم . ماذا حل بهم في بداية المعركة !؟ مجرد معصية رماة ! فكيف معصية الله ، ورسوله بالتوحيد ، وبأركان الإسلام ، وبالمال الحرام !؟ ثم تريدون نصرًا ، وتريدون تمكينًا ، وتريدون علوًا . لا . لا . إن الله - سبحانه وتعالى - هو الذي اشترط : ﴿ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ ﴾ . هنا يكون العلو ، وهذا هو الإيمان بعقائده ، وتوحيده ، وعبادته من الصلاة ، والصيام ، والزكاة ، والحج بأحكامه بواجباته باجتناب المحرمات من الزنا ، والربا ، وغير ذلك .
كثير من العالم الإسلامي يأكلون الربا يريدون النصر ، والله يقول : ﴿ فَأْذَنُواْ بِحَرْبٍ مِّنَ اللهِ وَرَسُولِهِ ﴾ . [ البقرة : 279 ] . للذي يأكل ربا . كيف تقول : يريدون النصر !؟ كيف تريد نصر وأنت تضع يدك بيد رافضي الذي يكفر الصحابة ، والذي يتهم عائشة بالزنا ، والذي يشرك بالله عند الأضرحة ، وعند القبور !؟ ثم تذهب إليه ، وتقول : إنني أنا الابن للخميني . تهرول إلى إيران ، وتهرول إلى الرافضة الذين صنعوا ما صنعوا بأهل السنة في العراق ، وبأهل السنة في إيران ، وكان كما هو احتلال إسرائيلي هناك احتلال إيران صفوي رافضي هنا في العراق .
ثم لما ننظر صراحة إلى الأخبار ، وإلى القنوات الإخبارية ، وإلى الانترنت ، والمواقع الانترنيتة . نتعجب والله نتعجب ! فأصبح " حزب الشيطان " الذي يكفر صحابة النبي - صلى الله عليه وسلم - ، والذي يذبح ، وينذر ، ويستغيث بغير الله ، والذي هو حرب على الإسلام والسنة ، والذي يجحد آيات كثيرة من القرآن في ما ورد في التوحيد والصحابة وغيره : أصبح هو الذي سوف يقود الأمة إلى النصر ، وهو الذي سوف يؤدي لرفعة الأمة . هنا يحتلون العراق ، وهناك يدعون : أنهم يريدون أن يحرروا فلسطين . لكن عندما تخرج هذه القنوات ، وهؤلاء الشياطين الملبسين ، وتتشارك المصالح بين الأحزاب تجد أن الجميع - تنذهل - وأنت تسمعهم في تحليلاتهم ، وفي خطبهم كيف يتكلمون !؟