خطــر العيــن
الحمد لله نحمده نستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا
من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له
وأشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله
أما بعد
الحمد لله نحمده نستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا
من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له
وأشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله
أما بعد
تعريف العين :
لغة ً :
تطلق لفظة العين في لغة العرب على عدة معان منها :
الجارحة الباصرة .
• الينبوع : كما في سورة الكهف ": إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الْأَرْضِ وَآتَيْنَاهُ مِن كُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا {84} فَأَتْبَعَ سَبَبًا{85} حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ وَوَجَدَ عِندَهَا قَوْمًا قُلْنَا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِمَّا أَن تُعَذِّبَ وَإِمَّا أَن تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْنًا {86}
• الجاسوس : كما عند الإمام البخاري/ كتاب المغازي. 26 - باب: غزوة الرجيع، ورعل، وذكوان، وبئر معونة، وحديث عضل والقارة وعاصم بن ثابت وخبيب وأصحابه.
3858 - عن أبي هريرة رضي الله عنه قال:بعث النبي صلى الله عليه وسلم سرية عينا، وأمر عليهم عاصم بن ثابت، و في صحيح مسلم/ كتاب الإمارة.41 - باب ثبوت الجنة للشهيد.
145 - (1901) عن أنس بن مالك. قال:بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم بسيسة، عينا ينظر ما صنعت عير أبي سفيان.
الرعاية : كما في قوله تعالى :" ولتصنع على عيني ".و قوله :" واصنع الفلك بأعيننا ".
الضرر عند تحديد النظر : وهو المراد في البحث ، مأخوذة من عان يعين إذا أصابه بعينه ،تقول عنت الرجل أصبته بعينك فهو معين ومعيون ، ورجل عائن ومعيان وعَيون . تاج العروس ( 18/400-407 ) ، لسان العرب ( 13/301-309 ) ، القاموس المحيط ( 1098-1099 )
شرعا ً : نظر، باستحسان مشوب بحسد من خبيث الطبع يحصل للمنظور منه ضرر . الفتح ( 10/210 )
حقيقة العين :
إثبات العين التي تصيب إما بما جعل الله تعالى فيها من ذلك وأودعه فيها , وإما بإجراء العادة بحدوث الضرر عند تحديد النظر . شرح مسلم ( 14/171 ) ، الفتح (10/214 )
والحق أن الله يخلق عند نظر العائن إليه وإعجابه به إذا شاء ما شاء من ألم أو هلكة وقد يصرفه قبل وقوعه إما بالإستعاذة أو بغيرها وقد يصرفه بعد وقوعه بالرقية أو بالإغتسال أو بغير ذلك . فتح الباري ( 10/210-211 )
والحاصل أن التأثير بإرادة الله تعالى وخلقه ليس مقصوراً على الإتصال الجسماني بل يكون تارة بالمقابلة وأخرى بمجرد الرؤية وأخرى بتوبة الروح
كالذي يحدث من الأدعية والرقى والإلتجاء إلى الله
وتارة يقع ذلك بالتوهم والتخيل
فالذي يخرج من عين العائن سهم معنوي إن صادف البدن لا وقاية له أثـَّر فيه، وإلا لم ينفذ السهم بل ربما رُدّ على صاحبه كالسهم الحسي سواء. زاد المعاد ( 4/167 ) ، الفتح ( 10/211 )
الفرق بين العائن والحاسد :
فالحاسد أعم من العائن ، فكل عائن حاسد ، وليس كل حاسد عائن (زاد المعاد ( 4/167 ) )
لأن الحاسد قد يحسد بغير العين ،ولذلك فإن الاستعاذة بالله من الحسد كما في سورة الفلق فيه استعاذة من العين ضمناً .
ومن الفروق أن الحسد لا يكون إلا مع الكراهية والحقد والبغض وتمني زوال النعمة بينما العين ربما حصلت مع الاستحسان والإعجاب لا مع الكراهية
(قال الحافظ ابن حجر في الفتح ( 10/215 ) :" أن الاعين تكون مع الإعجاب ولو بغير حسد ولو من الرجل المحب ومن الرجل الصالح ". اهـ
) ، وهما يجتمعان في تمني زوال النعمة من المحسود أو المعيون .
العين حق :
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الْعَيْنُ حَقٌّ وَنَهَى عَنْ الْوَشْمِ.
رواه البخاري ( برقم 5740 ) ،ورواه مسلم ( برقم 2187 ) .
و عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَعِيذُوا بِاللَّهِ من الْعَيْنَ فَإِنَّ الْعَيْنَ حَقٌّ.
رواه ابن ماجة ( برقم 3508 ) ،وسنده صحيح كما في صحيح الجامع ( برقم 938 ) .
أي الإصابة بالعين شيء ثابت موجود أو هو من جملة ما تحقق كونه ،قال المازري : أخذ الجمهور بظاهر الحديث ،وأنكره طوائف من المبتدعة لغير معنى .. شرح مسلم ( 14/171 ) ، الفتح ( 10/213 ) ، نيل الأوطار ( 8/216 )
قال الحافظ :" فيه ( أي الحديث ) تأكيد وتنبيه على سرعة نفوذها وتأثيرها في الذات .. الفتح ( 10/214 )
أسماء العين :
وردت في السنة الصحيحة أسماء أخرى للعين منها النفس ، ذكره الإمام النووي في شرح مسلم وابن القيم في الزاد . شرح مسلم ( 14/170 ) ، الزاد ( 4/168 ) ،وسيأتي ذكر الحديث الذي يدل عليه
وكذلك النظرة ، ويقال : رجل منظور ،وهي عين الجآن ، ذكره ابن القيم . الزاد ( 4/164 ) ، وسيأتي ذكر الحديث الذي يدل عليه .
العين في القران الكريم :
أولاً : قال الله تعالى : {وقال يا بني لا تدخلوا من باب واحد وادخلوا من أبواب متفرقة وما أغني عنكم من الله من شيء إن الحكم إلا لله عليه توكلت وعليه فليتوكل المتوكلون}.الآية: 67 سورة يوسف
أي لما عزم اخوة يوسف على الخروج خشي عليهم يعقوب العين؛ فأمرهم ألا يدخلوا مصر من باب واحد، وكانت مصر لها أربعة أبواب؛ وإنما خاف عليهم العين لكونهم أحد عشر رجلا لرجل واحد؛ وكانوا أهل جمال وكمال وبسطة؛ قاله ابن عباس والضحاك وقتادة وغيرهم. تفسير الطبري ( 8/13) ، تفسير ابن كثير ( 2/502 ) ، تفسير القرطبي ( 9/148-149 )
ثانياً : قال الله تعالى: {وإن يكاد الذين كفروا ليزلقونك بأبصارهم لما سمعوا الذكر ويقولون إنه لمجنون}.الآية: 51 سورة القلم.
فقوله تعالى: "ليزلقونك" أي يعتانونك. "بأبصارهم" أخبر بشدة عداوتهم النبي صلى الله عليه وسلم، وأرادوا أن يصيبوه بالعين فنظر إليه قوم من قريش وقالوا: ما رأينا مثله ولا مثل حججه.
قلت – القرطبي -: أقوال المفسرين واللغويين تدل على ما ذكرنا، وأن مرادهم بالنظر إليه قتله. ولا يمنع كراهة الشيء من أن يصاب بالعين عداوة حتى يهلك. وقرأ ابن عباس وابن مسعود والأعمش وأبو وائل ومجاهد "ليزلقونك" أي ليهلكونك.
قال الهروي: أراد ليعتانونك بعيونهم فيزيلونك عن مقامك الذي أقامك الله فيه عداوة لك.
وقال ابن عباس: ينفذونك بأبصارهم؛ يقال: زلق السهم وزهق إذا نفذ؛ وهو قول مجاهد. أي ينفذونك من شدة نظرهم.
وقال الكلبي: يصرعونك.
وقيل: المعنى أنهم ينظرون إليك بالعداوة حتى كادوا يسقطونك. وهذا كله راجع إلى ما ذكرنا، وأن المعنى الجامع: يصيبونك بالعين. والله أعلم. تفسير الطبري ( 14/46 ) ، تفسير ابن كثير ( 4/436-439 ) ،تفسير القرطبي ( 18/165-166 )
خطــر العين في السنة الصحيحة :
بيّن رسول الله صلى الله عليه وسلم في أقواله خطر العين وكبير ضررها فمن ذلك :
العين قوية الضرر سريعة النفوذ: ويدل عليه ما يلي:
1. عن ابن عباس رضي عنهما قال :قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :"العين حق و لو كان شيء سابق القدر سبقته العين و إذا استغسلتم فاغسلوا .
رواه مسلم ( برقم 2188 ) ورواه أحمد ( برقم 2473 )
2. و عن أسماء بنت عميس قالت يا رسول الله إن ولد جعفر تسرع إليهم العين أفأسترقي لهم فقال نعم فإنه لو كان شيء سابق القدر لسبقته العين ".
رواه الترمذي وقال:وهذا حديث حسن صحيح ( برقم 2059 ) ورواه أحمد ( برقم 26924 ) ورواه ابن ماجة ( برقم 3510 ) ،وسنده صحيح كما في صحيح الجامع ( برقم 5286 ) .
قال النووي :" في الحديث إثبات القدر وصحة أمر العين وأنها قوية الضرر ". شرح مسلم (14/174 )
قال الحافظ :" إنما جرى الحديث مجرى المبالغة في إثبات العين لا أنه يمكن أن يرد القدر شيء إذ القدر عبارة عن سابق علم الله وهو لا راد لأمره ،أشار إلى ذلك القرطبي و حاصله لو فرض أن شيئاً له قوة بحيث يسبق القدر لكان العين لكنها لا تسبق فكيف غيرها ؟ الفتح ( 10/214 ) ، النيل ( 8/216 )
العين تهد الجبال وتسقط الرجال ( بإذن الله تعالى ) : ويدل عليه ما يلي :
1. عن ابن عباس مرفوعاً :" العين حق : تستنزل الحالق " .
رواه أحمد (برقم 2473 و 2676 ) ، ورواه الحاكم ، وقال الألباني: (حسن) انظر حديث رقم: 4146 في صحيح الجامع.
وقوله صلى الله عليه وسلم : ( تستنزل الحالق ) أي الجبل العالي .
2. عن أبي ذر رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" إن العين لتولع بالرجل بإذن الله تعالى حتى يصعد حالقا ثم يتردى منه " .
رواه أحمد ( برقم 20960 ) قال الألباني: (صحيح) انظر حديث رقم: 1681 في صحيح الجامع.
أي أن عين العائن من الإنسان أو الجان لتعلق بالرجل أي الكامل في الرجولية فالمرأة ومن هو في سن الطفولية أولى بإذن اللّه تعالى أي بتمكينه وإقداره حتى يصعد حالقاً أي جبلاً عاليا ثم يتردى و يسقط منه. فيض القدير ( 2 / 468 )
ضحايا العين كثيرة في هذه الأمة :
1. عن جابر بن عبد اللّه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" أكثر من يموت من أمتي بعد قضاء الله و قدره بالعين ". رواه الطيالسي أبو داود ،والبخاري في التاريخ، والحكيم الترمذي، والبزار في مسنده والضياء في المختارة
قال الحافظ في الفتح سنده حسن وتبعه السخاوي وقال الهيثمي بعد ما عزاه للبزار رجاله رجال الصحيح خلا طلب ابن حبيب ابن عمرو وهو ثقة ،قال الألباني : (حسن) انظر حديث رقم: 1206 في صحيح الجامع.
2. و عنه أيضاً قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" العين تدخل الرجل القبر و تدخل الجمل القدر " . رواه ابن عدي في الكامل ،وأبي نعيم في الحلية عن جابر ،و رواه ابن عدي في الكامل عن أبي ذر. قال الألباني : (حسن) انظر حديث رقم: 4144 في صحيح الجامع.
و قوله أن العين تدخل الرجل القبر أي تقتله فيدفن في القبر( وتدخل الجمل القدر) أي إذا أصابته مات أو أشرف على الموت فذبحه مالكه وطبخه في القدر يعني أن العين داء والداء يقتل. فيض القدير ( 4 / 505 )