موقف رائع للامام الوزير ابن هبيرة
- رحمه الله تعالى وعفا عنه .
ذكر الوزير ابن هبيرة في مجلسه مفردة للإمام أحمد تفرد بها عن الثلاثة
فادعى أبو محمد الأشيري المالكي أنها رواية عن مالك ، ولم يوافقه على ذلك أحد
وأحضر الوزير ابن هبيرة كتب مفردات أحمد وهي منها ، والمالكي مقيم على دعواه .
فقال له الوزير ابن هبيرة : بهيمة أنت ؟
أما تسمع هؤلاء الأئمة يشهدون بانفراد أحمد بها ، والكتب المصنفة وأنت تنازع !!
وتفرق المجلس .
فلما كان المجلس الثاني – وكانت مجالس الوزير كلها للعلم والعلماء – واجتمع الخلق للسماع أخذ ابن شافع في القراءة فمنعه الوزير ابن هبيرة
وقال : قد كان الفقيه أبو محمد - الأشيري المالكي- جرى في مسألة أمس على ما لا يليق به من العدول عن الأدب
والانحراف عن نهج النظر ، حتى قلت له تلك الكلمة
وها أنا
فليقل لي كما قلت له
فلست بخير منكم ، ولا أنا إلا كأحدكم
فضج المجلس بالبكاء ، وارتفعت الأصوات بالدعاء والثناء .
وأخذ أبو محمد الأشيري المالكي يعتذر ويقول : أنا المذنب والأولى بالاعتذار من مولانا الوزير .
والوزير ابن هبيرة يقول : القِصاصَ القِصاصَ .
فقال يوسف الدمشقي مدرس النظامية : يامولانا إذا أبى القصاص فالفداء .
فقال الوزير ابن هبيرة : له الحكم .
فقال أبو محمد الأشيري المالكي : نعمك عليّ كثيرة ، فأي حكم بقي لي !؟
فقال الوزير ابن هبيرة : قد جعل الله لك الحكم علينا بما ألجأتنا به إلى الافتيات عليك .
فقال أبو محمد الأشيري المالكي : علّي بقية دين منذ كنت بالشام .
فقال الوزير ابن هبيرة : يعطى مائة دينار لإبراء ذمته ، ومائة دينار لإبراء ذمتي .
ثم قال له الوزير بعد إعطائه المال : عفا الله عنك وعني ، وغفر لي ولك .
( من كتاب الإفصاح عن معاني الصحاح للوزير ابن هبيرة . )
شكر الله لكم ونفع بكم وبارك فيكم
ورحم الله أهل العلم، ونعم الفعل أن يرجع المرء إلى الصواب ويعتذر عن الغلط؛ فإن اعتذاره رفعة عند الله وعند الناس، ومذهب للسوء بينه وبين أخيه.
وهذا الحادثة نقلها ابن الجوزي - رحمه الله تعالى - في المنتظم.
قال ابن الجوزي في المنتظم 10/215:
وكان يُقرأ عنده [الوزير ابن هبيرة] الحديث في كل يوم بعد العصر، فحضر فقيه مالكي، فذكرت مسألة، فخالف فيها ذلك الفقيه
فاتفق الوزير وجميع العلماء على شيء ، وذلك الفقيه يخالف
فبدر من الوزير أن قال له: أحمار أنت! أما ترى الكل يخالفونك وأنت مصر.
فلما كان في اليوم الثاني قال الوزير للجماعة: جرى مني بالأمس ما لا يليق بالأدب حتى قلت له تلك الكلمة
فليقل لي كما قلت له فما أنا إلا كأحدكم
فضج المجلس بالبكاء، وأخذ ذلك الفقيه يعتذر، ويقول: أنا أولى بالاعتذار
والوزير يقول: القصاص القصاص .
فقال يوسف الدمشقي: يا مولانا إذا أبى القصاص فالفداء.
فقال الوزير: له حكمه .
فقال الرجل: نعمك علي كثيرة فأي حكم بقي لي ؟!
قال: لا بد .
قال: علي بقية دين مائة دينار .
فقال: يعطى مائة دينار لإبراء ذمته ، ومائة لإبراء ذمتي
فأحضرت في الحال ، فلما أخذها قال الوزير: عفا الله عنك وعني وغفر لك ولي.
والنقل
لطفــــــــاً .. من هنــــــــــا