من نعمِ اللهِ العظيمةِ علينا نعمةُ الكتابةِ والقراءةِ، ولا أدلَّ على ذلكَ من أنّ اللهَ سبحانهُ وتعالى، افتتحَ وحيهُ بالتذكيرِ بنعمةِ القلمِ، وأنّه سبحانهُ وتعالى علّم الإنسانَ.
والقراءةُ هي السببُ الأوّلُ والرئيسُ في العلمِ، وأداتهُ هي: الكتابُ، والكتابُ لهُ فضائلُ ومزايا ومناقبُ لا تُعدُّ ولا تُحصى، فهو جليسٌ، ورفيقٌ، وأنيسٌ، وواعظٌ، ومحدّثٌ، ومؤرخٌ، وسميرٌ، ونديمٌ، وقلَّ خصلةٌ توجدُ في أحدٍ إلا وجدتها في الكتابِ، اللهمّ إلا أنّه صامتٌ غيرُ متكلّمٍ.
تحوّلتِ القراءةُ مع مرورِ الزمنِ، إلى كلّيةٍ كبيرةٍ، تخرّجُ أفضلَ، وأعظمَ الأدباءِ، والعباقرةِ، والمصلحين، ولا تجدُ عالمًا، أو مفكّرًا، أو مُخترعًا، إلا وجدتَ الكتابَ أستاذهُ الأكبرَ، والقراءةَ عملهُ الأوحدَ، وتجدهُ عندَ القراءةِ منكفًا على نفسهِ، مبتعدًا على الناسِ، مستعذبًا لحظاتهِ، مستمتعًا بكل خواطرهِ وأعضائهِ.
وفضلُ القراءةِ، وفضلُ أداتهِ الكتابِ، منشورٌ ومبثوثٌ في كتبِ أهلِ العلمِ والأدبِ، ومن أحسنِ من ساقَ ذلكَ الإمامُ: الجاحظُ، وذلكَ في كتابهِ العظيمِ: الحيوان، في مقدّمتهِ الماتعةِ.
وللعلماءِ قصصٌ كثيرةٌ تدلُّ على نهمهم ومدى حبّهم، وتعلّقهم الكبيرِ بالكتبِ، وبالقراءةِ، وكتبُ التراجمِ طافحةٌ بذكرِ أخبارهم في هذا، وذكرِ عجائبهم ونوادرهم.
فمن ذلكَ أنّ بعضهم لفرطِ حبّهِ للكتبِ، وغرامهِ بها، ماتَ بسببِها!، كما حصلَ ذلكَ للجاحظِ، ومنهم من كانَ يُقرؤُ لهُ وهو في الحمّامِ، حتّى لا يضيعَ وقتهُ سدىً، كما هو صنيعُ المجدِ ابنِ تيميةَ، ومنهم من كانَ ينامُ والكتابُ في حضنهِ، مدّةَ أربعينَ سنةً، كما هو حالُ الحسنِ اللؤلويِّ، ومنهم من جمعَ مكتبةً عظيمةً، ومكثَ أبنائهُ بعدَ موتهِ يبيعونها ويقتاتونَ منها، كما في ترجمةِ ابن القيّمِ.
أعزُّ مكانٍ في الدّنا سرجُ سابحٍ ** وخيرُ جليسٍ في الزمانِ كتابُ
وقد جمعتُ مجموعةً متناثرةً من القواعدِ، تفيدُ القاريءَ، وهي قواعدُ غيرُ مرتّبةٍ، وإنّما كتبتُها على عجلٍ، لكي أنتفعَ بها، وينتفعَ بها غيري من القرّاءِ، ثمّ ختمتُ ذلكَ كلّهُ بذكرِ الكتبِ التي تصلحُ أن تكونَ عمادًا لأي مكتبةٍ، واللهُ المستعانُ.
أوّلاً: تنقسمُ القراءةُ ثلاثةَ أقسامٍ:
القسمُ الأوّلُ: القراءةُ التأسيسيّةُ التأصيليّةُ: وهي القراءةُ التي تؤسِّسُ بها علمًا جديدًا، وهذه في الأغلبِ تكونُ قراءةً في المختصراتِ، أو مباديءِ الفنِّ، ويحتاجُ فيها القاريءُ إلى الحفظِ، والتلخيصِ، واستيعابِ جميعِ المقروءِ، والاعتناءِ بكل حرفِ في المتنِ، أو في المختصرِ، ولا يكتفي بشيءٍ عن شيءٍ، ولْتكنْ أوّلُ همتهِ في الحفظِ، ثُمّ التلخيصُ.
القسمُ الثاني: القراءةُ التكميليّةُ: وهي القراءةُ التي تُكمّلُ بها تأصيلَ العلومِ، وهي تعتمدُ على كتبٍ متوسطةٍ، وتشتملُ على أصولِ العلمِ وأدلتهِ، وتوسعةِ الكلامِ على أمثلتهِ، وشرحٍ لها، وهذا النوعُ من القراءةِ يحتاجُ إلى تلخيصٍ، واعتناءٍ جيّدٍ، إضافةً إلى استيعابِ المقروءِ كاملاً، وذلكَ لأنّهُ مكمّلٌ لتأصيلِ العلومِ.
القسمُ الثالثُ: القراءةُ التوسّعيةُ: والمقصودُ منها القراءةُ في المطوّلاتِ، والتي يكونُ الغرضُ منها زيادةَ المداركِ، والنظرَ في فروعِ العلومِ، وأبحاثها المتناثرةِ، وهذا النوعُ من القراءةِ يكفي فيهِ الجردُ، أو القراءةُ التصويريّةُ، اللهمّ إلا لمن سمتْ همتهُ، وزكتْ نفسهُ، وكانت عندهُ موهبةٌ عظيمةٌ في الاستيعابِ، والحفظِ، فلا بأسَ حيئنذٍ أن يقرأ ويلخّصَ، ويستوعبَ ما أمكنهُ.
ثانيًا: اقرأ كلّ ما يمكنكَ قراءتهُ، واحرصْ على الكتبِ بكافّةِ أشكالها وأنواعها، وابدأ بتخصّصكَ، فاقرأ فيهِ، واجعل همّتكَ أوّلاً في اقتناءِ كتبهِ، إلا إذا وسّعَ اللهُ عليكَ، فاقتنِ كلّ ما أمكنكَ، وإيّاكَ والاستهانةَ بكتابٍ، أو التقليلَ من شأنهِ، فقلَّ أن يخلوَ كتابٌ من فائدةٍ.
وقراءةُ كلِّ ما يمكنكَ قراءتهُ كانت طريقةَ الجاحظِ، وابنِ الجوزيِّ، وبها وصّى الرافعيُّ أحدَ طلاّبهِ.
ثالثًا: احرصْ- حالَ اقتنائكَ للكتبِ- على شراءِ الكتبِ المحقّقةِ، حتى لو غلا ثمنها قليلاً، وذلكَ لتأمنَ من السقطِ، والتحريفِ، وأفضلُ الكتبِ المحقّقةِ ما حُقّقَ في رسائلَ جامعيّةٍ، أو ما حقٌقهُ بعضُ المشهورينَ بالتحقيقِ والاعتناءِ بالتراثِ وجمعهِ.
وإذا لم تجدْ نسخةً محققةً من الكتابِ، أو لم يحقّقْ بعدُ، فاشترِ أي نسخةٍ منه، ولا تنتظرْ إلى أن يحقّقْ، فإن ذلكَ يحرمُكَ خيرًا كثيرًا، ولربّما لم تجدْ منهُ نسخةً مستقبلاً.
رابعًا: إذا ضاقتْ بكَ اليدُ، أو كنتَ قليلَ المالِ، ولم تتمكّن من شراءِ الكتبِ، فاستعرها، أو اقرأ في مكتبةٍ عامّةٍ، وسوفَ يُباركُ اللهُ لكَ، ومع مرورِ الزمنِ ستجدُ بركةَ العلمِ، وسيفتحُ لكَ اللهُ في الرزقِ.
وقد كانَ الجاحظُ يقرأ في دكاكينِ الورّاقينَ، ولم يكن لديهِ مالٌ لشراءِ الكتبِ، وما مرّ العمرُ بالجاحظِ، حتى صارَ أوحدَ أهلِ عصرهِ في الأدب والتاريخِ والعلمِ، فلم يمنعهُ قلةُ المالِ من القراءةِ والبحثِ.
والإمامُ ابنُ حيّانَ الأندلسيّ كانَ يوصي طلاّبهُ بالاستعارةِ وعدمِ شراءِ الكتبِ، وأن يقرأوها في المكاتبِ العامّةِ.
خامسًا: لا تقرأ دونَ أن يكونَ معكَ قلمُ رصاصٍ، وذلكَ لتسجّل الفوائدَ، أو تقيّدَ ما تحتاجُ إلى تقييدهِ، وأعظمُ ما يجعلُ القراءةَ ناقعةً هو وجودُ قلمِ رصّاصٍ تسجّلُ بهِ أهم النقاطِ وأرأسها، لكي تكونَ لكَ كالمُلخّصِ، ترجعُ إليهِ وقتَ الحاجةِ.
واجتنبْ- تمامًا- الكتابةَ بقلمٍ لا يزولُ أثرهُ، فإنّ ذلكَ يشوّهُ الكتابَ، وربّما أتلفهُ.
سادسًا: لا بُدَّ من استكمالِ أدواتِ القراءةِ الصحيحةِ، من إضاءةٍ، وبعدٍ عن ضجيجٍ، وجلسةٍ مناسبةٍ، إضافةٍ إلى خطٍ واضحٍ للكتابِ، واحذرْ أن تقرأ وسطَ الضوضاءِ، أو الصوتِ الصاخبِ، أو حالَ الأكلِ، أو وأنت تتكلّمُ، فإنّ ذلكَ غيرُ مجدٍ، ولا نافعٍ، وربّما اتهموكَ بالمراءاةِ.
سابعًا: اجعل أوّلَ ما تقرأهُ من أي كتابٍ مقدّمتَهُ، ثمّ فهارسهُ، وذلك حتى تعرفَ ما يحتويهِ هذا الكتابُ، وكذلك لتأخذَ عنهُ تصوّرًا كاملاً، وتعرفَ مفاتيحهُ، وأهم ما يحتوي عليهِ.
وقد كانت هذه هي طريقةَ الشيخِ على الطنطاوي.
ثامنًا: لا تعجزْ أمامَ أي كتابٍ، أو تستسلمْ، بل اقرأ واقرأ، وما لم تفهمهُ بالكتابةِ فاسأل عنهُ، وكن سؤولاً مُلحًّا، حتى لو كانَ المسؤولُ أصغرَ منكَ، فالعلمُ يحتاجُ إلى سؤالٍ ومذاكرةٍ.
تاسعًا: بعضُ الكتبِ- خاصّةً كتبُ التخصّصِ- لا بدَّ من قراءتها أكثرَ من مرةٍ، ولا يمنعكَ قراءةُ الكتابِ مرةً واحدةٍ، أن تقرأهُ مرةً أخرى، بل تكرارُ القراءةِ يرسّخُ العلمَ، ويثبّتهُ.
وفي ترجمةِ بعضِ المحدثينَ أنّه قرأ صحيحَ مسلمٍ أربعينَ مرةً.
عاشرًا: إذا مرّ عليكَ شيءٌ احتجتَ إلى تقييدِه، فاجعلْ همّتكَ الأولى أن تحفظهُ، فإن لم يمكنكَ حفظهُ إمّا لطولهِ، أو لضعفِ الحفظِ، فسجّلهُ في دفترٍ خاصٍ، وذلكَ حتى لا يضيعَ عليكَ مكانهُ مع بعدِ العهدِ عن الكتابِ، ومن أحسنِ الطرقِ لتثبيتِ ما قرأتهُ في ذاكرتكَ: أن تحدّثَ بهِ غيركَ، وأن تنشرهُ للنّاسِ، فإنّ ذلكَ أدعى لحفظهِ، ولرسوخهِ في الذهنِ.
وقد كانتْ وصية ابنُ الجوزي لطلابهِ أن يحفظوا ما أرادوا قراءتهُ، فإن لم يمكنهم ذلك يكتبوه ويقيّدوهُ.
وماذا عن الحفظِ ومنزلتهِ؟.
الحفظُ ضروريٌّ جدًا، وهو أكبرُ عدّةٍ للعلم ٍ، والعلمُ مع الفهم ِ، كرجل ٍ ميكانيكيٍّ، لهُ خبرة ٌ بالصيانةِ وإصلاح ِ العطل ِ، ولكنهُ لا يملكُ العدة َ الكافية َ، فهذا لا ينفعهُ فهمهُ وخبرتهُ لكي يصلحَ السّيارة َ، وذلكَ لعدمِ وجودِ العدّةِ.
وكذلكَ الحفظُ والفهمُ، فالطالبُ لو رُزقَ فهمًا بلا حفظٍ، فإن ثمرة َ علمهِ ستقلُّ كثيرًا، وسيحتاجُ إلى نظر ٍ في الكتبِ كلّما احتاجَ إلى الكلام ِ في العلوم ِ.
والحفظُ ضربانِ: منهُ غريزيٌّ فطريٌّ، ومنهُ كسبيٌّ.
فالأوّلُ: أصبحَ الآن نادرًا جدًّا، فقلَّ أن نجدَ رجلاً رُزقَ حافظة ً كبيرة ً، وجُبلَ على ذلكَ، وقد كانوا يوجدونَ قديمًا، ولا زالَ يوجدُ منهم بقايا، إلا أنّهم قلّة ٌ قليلة ٌ، والسببُ أنّ كثرة َ الشغل ِ، وضعفَ الخلق ِ، وانصرافَ الهمم ِ إلى التوافهِ، أعقبَ- بمرّ الزمن ِ- ضعفًا في الحفظِ، وبطئًا فيهِ.
وأمّا الثّاني: فهو الذي عليهِ المعوّلُ الآنَ، وذلكَ أن يتعاطى الطالبُ من أسبابِ الحفظِ ما يعينهُ على تثبيتِ حفظهِ، وذلك كارتيادِ أماكنَ صالحةٍ للحفظِ، وكذلك أن يكرّرَ المحفوظَ مرّاتٍ ومرّاتٍ حتى يحفظَ، ومن ذلكَ أن يختارَ في حفظهِ الأسهلَ ثم الأسهلَ، ثمّ مع مرور ِ الوقتِ تتكوّنُ لديهِ ملكة ٌ صالحة ٌ في الحفظِ، ويكونُ ذهنهُ قد اعتادَ على سرعةِ الحفظِ والاستيعابِ.
وقد قرأتُ في سيَر ِ الكثير ِمن المعاصرينَ، من كبار ِ أهل العلمِ، فوجدتهم حينما كانوا يحفظونَ يكرّرونَ المادة َ المحفوظة َ كثيرًا، ربّما مئةًَ أو مئتي مرة، حتى ترسخَ في ذهنهِ ويحفظها، فالحفظُ يحتاجُ إلى معاناةٍ، ولكنّ لهُ ثمرة ً جزاءً، أعظمُ من تعبهِ وجهدهِ.
وفي الحفظِ يُبدأ بالأهمّ فالأهم ِ.
وأهمّ ما ينبغي حفظهُ كتابُ الله تعالى، فهو علمٌ ودرسٌ ووعظٌ وتأريخٌ وهدى ونورٌ، فمن حفظهُ فقد فُتحَ له خيرٌ كثيرٌ، وهو بحمدِ الله كتابٌ ميسّرٌ للذكر ِ، وللحفظِ، ومن رام حفظهُ حفظهُ، وأعرفَ شخصًا كان يحفظُ من القرءان ِ قدرًا لا بأسَ بهِ، ثم انكفأ على نفسهِ في شهر ٍ واحدٍ، حتى أكملَ حفظهُ كلّهُ.
وبعدَ القرءان ِ أو معهُ لا بدّ من حفظِ شيءٍ من السنّةِ النبويّةِ على صاحبها الصلاة ُ والسلامُ، مثل الأربعين ِ النوويةِ وتتمتها لابن رجبٍ، ثم بعد ذلكَ عمدة الأحكام ِ للمقدسي، ثم كتابُ بلوغ ِ المرام ِ لابن حجر ٍ، ثم ينظرُ في أحاديثِ رياض ِ الصالحينَ، ويحفظُ ما أمكنهُ منها، وإن قدرَ على القراءةِ في كتبِ السنّةِ الأخرى، وكرّرَ القراءة َ، فلا بدّ- إن شاءَ اللهُ- مع مرور ِ الوقتِ من حفظِ عددٍ كبير ٍ منها، أو ترسّخهُ في ذهنهِ.
وتكرارُ أي مادةٍ علميّةٍ سيجعلها مركوزةٍ في الذاكرةِ ومحفورة ً فيها، ولن تغيبَ بحول ِ اللهِ وقوّتهِ.
ولا بدَّ كذلكَ في الحفظِ من مذاكرتهِ ومعاهدتهِ ومراجعتهِ، وذلكَ أن الحفظَ يُنسى مع الأيام ِ، فإن لم يتعاهدهُ الرجلُ، ويكرّرِ النظرَ فيهِ مع الأيام ِ، وإلا أوشكَ أن يضيعَ سريعًا، وتذهبَ بركتهُ.
وفي الحفظِ: من رامَ الحفظَ جملة ً، ضاعَ منهُ العلمُ جملة ً.
وابدأ بصغار ِ العلم ِ في الحفظِ، تؤتى كبارهُ وثمارهُ.
الحاديَ عشرَ: اجعلْ قاعدتكَ في القراءةِ: أن تقرأ الكتابَ كلّهُ، أو أن تتركَهُ كلّهُ، وذلكَ لتتحمسَ للقراءةِ لكلِّ الكتابِ، حيث إن القراءةَ العشوائيةَ، أو الانتقائةَ لا تصلحُ أبدًا، وهي إلى اللعبِ أقربُ منها للفائدةِ، اللهمَ إلا لباحثٍ متخصّصٍ، همّهُ الرجوعُ إلى بطونِ الكتبِ لاخراجِ الفوائدِ، واستكمالُ بحثهِ.
الثانيَ عشرَ: احرصْ على قراءةِ أخبارِ أهلِ العلمِ، المهتمينَ بالقراءةِ، أو الذينَ كانت لهم همّة عاليةٌ في البحثِ والقرءاةِ والمثابرةِ، كما حصلَ للجاحظِ، وابن الجوزي، والغزالي، وابن تيمية، وابن القيم، وابن حجرٍ، والسيوطي، والآلوسي، والرافعي، والعقاد، وعلي الطنطاوي.
فأخبارُ هؤلاءِ- كما في تراجمهم- مليئةٌ بما يشرحُ الصدرَ، ويزيدُ في الهمّةِ، ويحثُّ على السيرِ في نهجهم وطريقهم.
الثالثَ عشرَ: احذرْ من ادمانِ قراءةِ المجلاّتِ، أو الجرائدِ، أو مشاهدةِ التلفازِ، فهذه أعظمُ الصوارفِ عن القراءةِ النافعةِ، بل هي من أعدائها، واجعلْ قراءتكَ في الجرائدِ والمجلاتِ بقدرِ الضرورةِ فقط، اللهمّ إلا إن كانتِ المجلةُ مجلّةً علميةً، أو متخصّصةً في مجالِ دراستكَ، فحينئذٍ تأخذُ حكمَ الكتابِ، كما هو الحالُ في مثلِ مجلّةِ البيانِ، أو مجلّةِ الأزهرِ، أو مجلّةِ البحوث العلميّةِ، وغيرها.
الرابع عشر: هناكَ بعضُ العلماءِ لا بد أن تقتني كلّ كتبهم، حتى لو كانت في غيرِ تخصصكَ، وذلكَ لما تحتويهِ من الفوائدِ العظيمةِ، وكذلكَ عذوبةُ منطقهم، وحُسنُ إيرادهم.
وذلكَ أمثالَ كتبِ: الجاحظِ، وابنِ قتيبةَ، وابنِ الجوزيِّ، وابنِ كثيرٍ، والماورديِّ، وابنِ قدامةَ، وابنِ تيميةَ، وابنِ القيّمِ، والذهبيِّ، وابنِ كثيرٍ، وابن مُفلحٍ، وابنُ حجرٍ، والسيوطيِّ، والسفّارينيِّ، والشوكانيِّ، وصدّيق حسن خان، والرافعيِّ، وسيّد قطب، ومحمد قطب، والغزالي، وغيرهم
كيفَ تكوّنُ مكتبتكَ؟
لا بدَ لكَ من مكتبةً متنوّعةٍ، تشتملُ على جميعِ العلومِ، واقصدْ أوّلاً إلى جمعِ جميعِ كتبِ فنّكِ الخاصِّ، أو تخصّصكَ المعيّنِ، وبعدَ ذلك كمّل جوانبَ نقصِ مكتبتكِ، ولا بدَ أن تشتملَ مكتبتكَ على كتبٍ في جميعِ التخصّصاتِ العلميّة ما أمكنَ، وذلكَ لترجعَ إليها في حالةِ الحاجةِ والضرورةِ.
وسوفَ أذكرُ لكَ هنا أهمَّ الكتبِ، في أشهرِ المجالاتِ الشرعيةّ والأدبيةِ والتأريخيةِ، حتى تنتفعَ بها إذا احتجتَ إليها: ففي التفسيرِ: لا بدَّ من وجودِ كتابِ تفسيرِ ابنِ جريرٍ الطبريِّ، وتفسيرهُ من أعظمِ كتبِ التفسيرِ، وأشملها، وقد طبعَ مرارًا، وأفضلُ طبعاتهِ طبعةُ محمود شاكر، وطُبعَ أخيرًا بتحقيق الدكتور عبدالله بن عبدالمحسن التركي في 26 مجلدًا، وهي أحسن الطبعات على الإطلاقِ.
وكذلك من كتبهِ الهامّةِ تفسيرُ ابن كثيرٍ، وهو كتابٌ عظيمُ القدرِ، بل قالَ السيوطي: لم يؤلّفْ مثلهُ على نمطهِ أبدًا، وهو مطبوعٌ وقد حُقّقَ أكثرَ من مرةٍ.
وكذلك تفسيرُ القرطبيِّ، وهو كتابٌ كبيرٌ، مليءٌ بالعلمِ والأحكامِ، وقد طبع مرارًا. وكذلك تفسيرُ ابنُ عطيةَ، وهو تفسيرٌ بديعٌ للغايةِ، وقد وصفهُ ابن تيميةَ بأنّه من أحسن التفاسيرِ.
ومن التفاسير المعاصرةِ تفسيرُ سيد قطب والذي سماهُ في ظلال القرآنِ، وهو تفسيرٌ جديدٌ، مشى فيهِ مؤلفهِ على طريقةٍ مبتكرةٍ، وهو أنّه يفسّرُ القرآنَ تفسيرًا إيمانيًّا وبيانيًا، وكذلك يجعلُ منه خطّة حياةٍ، وقد أجادَ فيهِ إلى الغايةِ، والكتابُ مطبوعٌ، إلى أنّه مُنعَ في بعضِ الدولِ، والشكوى إلى اللهِ.
ومن كتبِ علومِ القرآن وأصولهِ كتابُ الإتقان في علومِ القرآنِ للزركشيِّ، وهو كتابٌ عظيمٌ وهامٌ، أتى فيهِ مؤلفهُ بما لا مزيدَ عليهِ في علومِ القرآنِ، وهو مطبوعٌ في أربعةِ مجلداتٍ.
وكذلكَ كتابُ مناهل العرفان للزرقاني، كتابٌ عصريٌ، أثنى عليهِ جمهرةٌ من العلماءِ، ووصفهُ بصفاتٍ تدلُ على أنّه كتابٌ محرّرٌ، وقد طبعَ في أربعةِ أجزاءٍ في مجلدينِ.
وكذلك كتابُ المدخل إلى دراسة القرآن الكريم لأبي شهبة، من المعاصرين، وهو دراسة وافية وشافية عن القرآن الكريم، ونزولهِ، والقراءاتِ، وردٌ على شبهِ المستشرقينَ وغيرهم، وقد رتبهُ مؤلفهُ ترتيبًا رائعًا، كما أنّه سلكَ فيهِ أسلوبًا سلسًا، وممتعًا، وهو مطبوعٌ ومتداولٌ.
دمتم بخيرٍ.
=============
المقال كامل و لأحد المشرفين ملحق عليه صدره بهذه العبارة *
الشيء الناقص في هذا الموضوع لم يتطرّق الأستاذ فتى الادغال على كتب الأدب والتاريخ . .لذلك اسمحوا لي بإضافة هذه الكتب وأجودها
الملفات المرفقة
: الاصول الصحيحة للقراءة..وكيف تكون مكتبك.zip : 46.4 كيلوبايت : zip : 84
والنقللطفـــاً .. من هنـــــــا