خزانة الربانيون

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

2 مشترك

    بهجة أهل الغربة بالذَبَ عن الصحابية هند بنت عتبة

    avatar
    أبو عبد الله أحمد بن نبيل
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 2798
    العمر : 48
    البلد : مصر السنية
    العمل : طالب علم
    شكر : 19
    تاريخ التسجيل : 27/04/2008

    الملفات الصوتية بهجة أهل الغربة بالذَبَ عن الصحابية هند بنت عتبة

    مُساهمة من طرف أبو عبد الله أحمد بن نبيل 03.12.08 19:55

    بسم الله الرحمن الرحيم
    قال أبو هريرة - رضي الله عنه -
    ( رأيت هندا في مكة و كأن وجهها فلقة قمر )
    " تاريخ دمشق "
    الحمد لله المتفضل على عباده بكريم فضائله , و المتصف بصفات تليق
    بكبريائه , حرَم الظلم على نفسه و حرَمه على عباده , دافع عن المؤمنين و
    أبان ذلك في محكم آياته , و الصلاة و السلام على من بلَغ و أحسن تبليغ
    رسالاته , أقام الدين و جاهد لإعلائه , وعلى آله و صحبه خيرة عباده و
    أوليائه,لا يحبهم إلا مؤمن صادق في إيمانه , و لا يزدريهم إلا شقيَ مرتاب
    في ديانته و إسلامه , و لا ينتقصهم إلاَمن اتبَع إبليس و أخذ من أوصافه .
    وبعد :
    - فإنَ قلب المؤمن يعتصر ألما تجاه ما يراه من حملات أهل النفاق و الجهل و
    الضلال على صحابة رسول الله صلى الله عليه و سلم , نكاية في هذا الدين
    الحنيف الذي لولاهم ما وصلنا و ما عرفنا حقيقته !!
    هي حقيقة عرفها كل عدو للإسلام , فشمر على ساعد الهوى و كشف عن ساق الجهل
    فأراد طمس الهدى , عرفوا من أين يأتون البيوت فأتوها من أبوابها , طعنوا
    في حملته فسهل عليهم كل صعب و الأمة الإسلامية في غفلتها غارقة , لم
    تستشعر بعدُ خطورة ما يُحاك من ورائها و الله المستعان .
    ومن شديد مكرهم أنهم يعمدون إلى آحاد الصحابة فيسقطونهم واحدا واحدا ,
    مكرا و خديعة حتى لا يتفطن لهم أحد , وعمدتهم في ذلك روايات مكذوبة و
    أخبار واهية لا تقبل في عامة الناس فكيف بالصحابة الكرام !!
    ومن ألائك الذين نالتهم أيدي السفهة من الكتاب المعاصرين من الرافضة و
    أتباعهم من المفكرين صحابية جليلة المكانة , و عظيمة التقوى و الديانة –
    ألحق الله بالطاعنين فيها الذلَ و المهانة – هي تلك الولية الصالحة ( هند
    بنت عتبة ) - رضي الله عنها و أرضاها – أم معاوية ( كاتب الوحي ) - رضي
    الله عنه – أكرم بها من أم و أنعم به من ولد , أراد الله بها خيرا فأجرى
    لها الحسنات بعد موتها بما لحقها من ألسن خبيثة لم تخش الله في عرضها و
    هذه من نعم الله على الصحب الكرام
    قالت عائشة - رضي الله عنها - (
    إن أصحاب محمد صلى الله عليه و سلم كانوا مع رسول الله صلى الله عليه و
    سلم و كان الله عز و جل يُجري لهم أجورهم فلما قبضهم الله عز و جل أحبَ أن
    يجري ذلك الأجر لهم ) " الشريعة 1999 "
    فمن هذا الباب كله أردت أن أرمي بسهم في نحور الأعادي لأن من المقرر عند
    الأوفياء , أن الحبيب يدافع عن محبوبه و الصديق لا يتأخر عن نصرة صديقه ,
    و إذا لم يحصل ذلك ففي تلك المحبة دخن , و أسأل الله أن يكتب لي أجر ذلك
    فهو المقصود بالعمل أولا و آخرا
    - ترجمتها و ذكر فضائلها :
    - هي هند بنت عتبة بن ربيعة بن عبد شمس بن عبد مناف القرشية والدة معاوية و امرأة أبي سفيان (1) أسلمت يوم الفتح و حسن إسلامها ,
    كانت من عقلاء النساء ( أسلمت متأثرة بما رأت من حال المسلمين و بادرت إلى
    كسر صنمها و أصبحت تريد أن تعرف ما يحلَ لها و ما يحرم في الإسلام , كانت
    امرأة لها نفس و أنفة و فيها صراحة و جرأة ) (2)
    قال الإمام الذهبي - رحمه الله - : ( كانت هند من أحسن نساء قريش و أعقلهن .. ولها شعر جيَد ) (3 )
    و روت بعد إسلامها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم , حيث ذكرها الإمام
    ابن حبان – رحمه الله – في كتابه " الثقات " ممن رووا عن رسول الله صلى
    الله عليه و سلم رقم1443 روى عنها ابنها معاوية وعائشة (4)
    قال البخاري - رحمه الله – ( باب ذكر هند بنت عتبة رضي الله عنها ) ثم ذكر حديث عائشة رضي الله عنها قالت : (
    جاءت هند بنت عتبة فقالت : يا رسول الله ما كان على ظهر الأرض من أهل خباء
    أحب إلي أن يذلوا من أهل خبائك , ثم ما أصبح اليوم على ظهر الأرض أهل خباء
    أحب إلي أن يعزَوا من أهل خبائك قال : و أيضا و الذي نفس بيده.... ) الحديث برقم 3825
    قال الحافظ - رحمه الله – في الفتح 7 /179 : ( قوله " قال و أيضا و الذي نفسي بيده " قال ابن التين : فيه تصديق لها فيما قالت )
    قال العيني - رحمه الله- كما في ( عمدة القاري 16 / 391 ) :
    ( يعني : و أنا أيضا بالنسبة إليك مثل ذلك وقيل معناه : و أيضا ستزيد في
    ذلك و يتمكن الإيمان في قلبك فيزيد حبك لرسول الله صلى الله عليه و سلم ..
    )
    فيا لها من منقبة عظيمة يظهر فيها صدق هذه الفاضلة الصالحة التي أكرمها الله بلقاء الحبيب المصطفى صلى الله عليه و سلم
    قال العلامة ابن باديس - رحمه الله – ( الآثار 4 / 118 – 119 ) : ( انظر
    إلى الإسلام الصادق كيف تظهر آثاره في الحين على أهله و كيف يقلب الشخص
    سريعا من حال إلى حال و به تعرف إسلاما من إسلام )
    و من فضائلها الجليلة و مناقبها الجميلة أن قوله تعالى : { يا أيها النبيَ إذا جاءك المؤمنات يبايعنك - إلى قوله تعالى - فبايعهن واستغفر لهن الله إن الله غفور رحيم }
    نزل فيها و في أخواتها و هذا بعد الفتح في مكة و قد ذكر ابن الجوزي في
    كتابه ( التلقيح ) أسماء كل الصحابيات اللواتي نزلت فيهن الآية فبلغ عددهم
    أربعامئة وسبع و خمسون كما ذكر في ( زاد المسير 8/43 )
    قال الإمام الطبري في " جامع البيان 12 / 243 " : ( " واستغفر لهن الله "
    يقول : سل لهن الله أن يصفح عن ذنوبهم و يسترها عليهن بعفوه لهن عنها )
    ومن كريم فضلها و من عظيم تكريم رسول الله صلى الله عليه و سلم لها أنها
    أهدت له جديين و اعتذرت من قلة ولادة غنمها فدعا لها بالبركة في غنمها
    فكثرت فكانت تهب وتقول : ( هذا من بركة رسول الله صلى الله عليه و سلم
    فالحمد لله الذي هدانا للإسلام ) (5)
    و أما الشجاعة فكانت تمشي في عروقها في الجاهلية و الإسلام ومما سطرته
    أيدي التاريخ أنها شهدت اليرموك و حرَضت على قتال الروم فرضي الله عنها
    (6)
    و من حسن إسلامها أيضا ما ذكره ابن عساكر – رحمه الله – في " تاريخ دمشق " 37 / 137 :
    أنها ( لما أسلمت جعلت تضرب صنمها في بيتها بالقدوم فلذة فلذة وهي تقول "
    كنا منك في غرور " ) فأكرم بها و أنعم من توبة صادقة رفعهاالله بها و
    أكرمها بها أيما إكرام
    فكيف يستجيز عاقل مسلم لنفسه الطعن أو سماعه في هذه الولية الصالحة و الموحدة التقية أما سمع بقول رسول الله صلى الله عليه و سلم :
    ( لا تسبوا أصحابي فوالذي نفسي بيده لو أنفق أحدكم مثل أحد ذهبا ما أدرك مدَ أحدهم ولا نصيفه ) رواه الترمذي برقم 3861 و صححه الألباني
    و لا يشك عاقل أن هندا رضي الله عنها داخلة يقينا تحت هذا الحديث , و هذا
    الحديث يعتبر سيفا قاطعا على رقاب الحاقدين على الصحب الكرام فكل من صحت
    في حقه الصحبة فعرضه محرم بنص هذا الحديث لأن شرف الصحبة لا يضاهيه شرف
    قال الإمام النووي – رحمه الله – في " شرح مسلم 7 / 93 " :
    ( و فضيلة الصحبة و لو لحظة لا يوازيها عمل و لا تنال درجتها بشيء )
    فالحمد لله الذي أكرم هندا بشرف عظيم و درجة رفيعة
    قال العلامة صديق حسن خان - رحمه الله – في " السراج الوهاج 7 / 243 " :
    ( ولولا في فضائل الصحابة إلا قوله تعالى { محمد رسول الله و الذين معه
    أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركَعا سجَدا يبتغون فضلا من الله
    ورضوانا سيماهم في وجوههم من أثر السجود ذلك مثلهم في التوراة و مثلهم في
    الإنجيل } إلى آخر الآية لكانت هذه الفضيلة كافية شافية لشرفهم الجليَ , و
    فضلهم العليَ , مع أن الآيات الكريمات و الأحاديث الصحيحات الصريحات قد
    تظاهرت على عظم منزلتهم عند الله في الدنيا و الآخرة و رفيع قدرهم في
    الأمة الأمية المرحومة , وهي أكثر من أن تذكر في هذا المحلَ و أشهر من أن
    ينبه عليها و خير الكلام ما قلَ ودلَ )
    نعم صدق رحمه الله خير الكلام ما قل ودلَ , لكن مع من له قلب و عقل يفهم
    بهما نصوص الوحيين و يعظم شعائر ربه وحرمات صحابة نبيه صلى الله عليه وسلم
    , أما من استحكم الضلال على قلبه و أكنَ الأحقاد على أولياء الله فلن
    تفيده كلمات الهداية و لو سمعها ليل نهار نسأل الله العافية
    ومما جاء من فضائل هند بنت عتبة رضي الله عنها ما قال رب العزة و الجلال : { لا يستوي منكم من أنفق قبل الفتح وقاتل أولئك أعظم درجة من الذين أنفقوا من بعد و قاتلوا و كلاَ وعد الله الحسنى }
    قال ابن كثير رحمه الله في تفسيره 6 /552 :
    ( إنما نبه بهذا لئلاَ يهدر جانب الآخر بمدح الأول دون الآخر فيتوهم عنده
    ذمَه فلهذا عطف بمدح الآخر و الثناء عليه مع تفضيل الأول عليه )
    قال مجاهد : { لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح } : من أسلم { و قاتل
    أولئك أعظم درجة من الذين أنفقوا من بعد و قاتلوا } يعني أسلموا يقول :
    ليس من هاجر كمن لم يهاجر { وكلاَ وعد الله الحسنى } قال : الجنة (7)
    قال العلامة السعدي – رحمه الله – في تفسيره 839 : ( أي الذين أسلموا و
    قاتلوا و أنفقوا من قبل الفتح وبعده كلهم وعده الله الجنة و هذا يدل على
    فضل الصحابة كلهم رضي الله عنهم حيث شهد الله لهم بالإيمان وو عدهم الجنة )
    فوالله وبالله و تالله إن هندا رضي الله عنها معنية بهذه الآية و داخلة في
    هذا الوعد الرباني لا يشك في هذا من عرف قدر ربه و عظم شهادته
    ومن فضائلها أيضا ما بوَب عليه الترمذي بقوله : ( باب الأنصار وقريش )ثم
    ذكر حديث ابن عباس رضي الله عنها قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( اللهم أذقت أول قريش نكالا فأذق آخرها نوالا )
    قال الحافظ المباركفوري - رحمه الله – في " تحفة الأحوذي 9 / 371 – 372 "
    : ( قوله " اللهم أذفت أول قريش نكالا " أي يوم بدر و الأحزاب " نكالا "
    بفتح النون أي : عذابا بالقتل و القهر و قيل : بالقحط و الغلاء فأذق آخرهم
    نوالا " أي : إنعاما و عطاء وفتحا من عندك )
    و من فضائلها أيضا ما رواه مسلم رقم 2527 عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ( نساء قريش خير نساء ركبن الإبل أحناه على الطفل و أرعاه على زوج في ذات يده )
    فهند – رضي الله عنها – قرشية داخلة في هذا النص و الحمد لله
    فلا نامت أعين الرافضة و أتباعهم من الجهلة الذين نجسوا ألسنتهم بأنواع الشتائم و السباب في حق هذه الصديقة الطاهرة !!
    هذا ما وصلت له عيناي - مع تقصير كبير في البحث - عن فضائلها و مناقبها رضي الله عنها
    توفيت سنة 14 هجرية في خلافة عمر و قيل في خلافة عثمان رضي الله عنهم وبه جزم الحافظ ابن حجر(8)
    - دفع شبهة عن هند بنت عتبة رضي الله عنها :
    كل من يذكر هندا من الجهلة لا يذكرها إلا بقصة أكلها من كبد حمزة رضي الله
    عنها و هذا من أعظم الآثار المشينة لذلك التمثيل الوقح ألا وهو فلم (
    الرسالة ) الفاجر التي أصدرت ( اللجنة الدائمة للإفتاء ) فتوى في تحريم
    مشاهدته كيف لا وقد شوه معظم الصحابة ومن بينهم هند رضي الله عنها فكل من
    شاهد الفلم لا يعلم شيئا من إسلام هند بل حتى لا يعلم إسلامها و لا يستغرب
    هذا عندما تعلم أن الفلم سجل بمباركة اللجنة الشيعية العلمية كما هو مكتوب
    في آخره و الله المستعان
    أولا : لو سلمنا جدلا أن القصة صحيحة ثابتة , فهند رضي الله عنها أسلمت و
    حسن إسلامها وتابت من ذنب هو أعظم من ذلك المذكور ألا وهو الشرك و الإسلام
    يجبَ ما قبله و الحمد لله
    وقد أبدلها الله عداوة النبي صلى الله عليه و سلم محبتا له و إعزازا لشأنه
    قال شيخ الإسلام –ر رحمه الله – كما في " المنهاج 4 / 474 " : ( وكان هذا
    قبل إسلامهم ثم بعد ذلك أسلموا وحسن إسلامهم و إسلام هند وكان النبي صلى
    الله عليه و سلم يكرمها و الإسلام يجب ما قبله )
    ثانيا : أن وحشيا رضي الله عنه لم يكن عبدا لهند و لم تأمره بقتل حمزة رضي
    الله عنه و قد ذكر البخاري – رحمه الله – قصته بطولها تحت باب ( قتل حمزة
    بن عبد المطلب رضي الله عنه ) حديث رقم 4072 جاء فيه من قول وحشي : ( فقال لي مولاي جبير بن مطعم : إن قتلت حمزة بعمي فأنت حرَ )
    ثالثا : أن غالب الروايات التي ذكرها أهل التاريخ مرجعها لرواية ابن هشام
    في سيرته حيث قال : ( قال ابن إسحاق : ووقعن هند بنت عتبة كما حدَثني صالح
    بن كيسان و النسوة اللاتي معها يمثلن بالقتلى ...) ثم ذكر تمام القصة
    فهل يعقل أن يطعن في عرض هذه الصحابية بمثل هذه الروايات المنقطعة فصالح بن كيسان من المائة الرابعة ,
    قال العلامة محمد بن العربي السطائفي الجزائري - رحمه الله - ( المدرس
    بالحرم المكي سابقا ) في كتابه الذي يعتبر عمدة في بابه " إفادة الأخيار
    ببراءة الابرار 1 / 34 " : ( لقد كان المطلوب لزاما من كل مسلم لبيب أن لا
    يثق بكل ما يقوله المؤرخون في رجال الأمة الإسلامية عموما فأحرى في
    ساداتها الذين رفعوا قواعد هذا المجد الخالد – الصحابة رضوان الله تعالى
    عليهم – لأن التاريخ نقل محض يشترط فيه ما يشترط في الأثر )
    فرحمه الله من عالم مؤصل لم يدع لكاذب ما يفتريه , فدونك يا عبد الله هذا الشعاع و اتخذه قاعدة حتى تسلم في دينك
    - رابعا : من مفردات الإمام أحمد رحمه الله ما رواه في مسنده عن ابن مسعود برقم 4506 قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
    ( ما كان الله ليدخل من حمزة شيئا النار ) وفي سياقه ذكر قصة هند
    قال الإمام الهيثمي رحمه الله في " مجمع الزوائد 6/ 113 " : ( رواه أحمد وفيه عطاء بن السائب وقد اختلط )
    وقال محقق كتاب " جامع المسانيد " لابن الجوزي رحمه الله 5 / 109 ( هذا
    إسناد فيه ضعف من جهة عطاء بن السائب و أضاف محققو المسند انقطاعه من جهة
    الشعبي فهو لم يسمع من عبد الله )
    - خامسا : قال ابن عبد البر - رحمه الله – في " الإستيعاب 923 " :
    ( وقد قيل إن الذي مثَل بحمزة بن عبد المطلب معاوية بن المغيرة بن أبي
    العاص بن أمية و قتله النبي صلى الله عليه و سلم صبرا منصرفه من أحد فيما
    ذكر الزبير )
    قال ابن الأثير في " الكامل 7 / 276 " : ( وقيل إن الذي مثل بحمزة معاوية
    بن المغيرة بن أبي العاص بن أمية جد عبد الله بن مروان لأمه وقتله النبي
    صلى الله عليه وسلم صبرا منصرفه من أحد )
    و أعود على أول : أن لو سلمنا أن كل ما ذكر قد رواه البخاري بل اتفق عليه
    الشيخان لما جاز لأحد أن يطعن في هند رضي الله عنها ورحم الله العلامة
    محمود شاكر عندما رد على سيد قطب في هذه القضية حيث قال كما في " مجلة
    المسلمون العدد 3 سنة 1371 " : ( أئمتنا من أهل هذا الدين لم يطعنوا فيهم
    و ارتضاهم رسول الله صلى الله عليه و سلم و ارتضى إسلامهم و أما ما كان من
    أمر الجاهلية فقلَ رجل وامرأة من المسلمين لم يكن له في جاهليته مثل ما
    فعل أبو سفيان أو شبيه بما يروى عن هند إن صح )
    - قال الحافظ قوام السنة الأصبهاني - رحمه الله - في كتابه " الحجة في بيان المحجة 2/570 -571":
    ( فصل :
    قال قوم من المبتدعة : أبو سفيان أبو معاوية قاتل النبي صلى الله عليه و
    سلم , و أمه هند أكلت كبد حمزة و معاوية قاتل عليا و يزيد قتل الحسين -
    قال بعدما دافع عن أبي سفيان رضي الله عنه - فأما هند أم معاوية فإنها
    جاءت إلى النبي صلى الله عليه و سلم فأسلمت و بايعت و نزل قوله تعالى {
    فبايعهنَ و استغفر لهنَ الله } فاستغفر لها النبي صلى الله عليه و سلم فلم يضرها ما فعلت قبل ذلك )
    - الخاتمة رزقنا الله حسنا :
    أشهد الله و أشهد جميع خلقه من عباده الجن و الإنس , أني أحب هندا و أترضى
    عليها من صميم الفؤاد و أحتسب ذلك من خير أعمالي و أفضل قرباتي
    و أعتقد جازما ما قاله الشيخ العلامة الوالد ربيع بن هادي المدخلي - حفظه الله - :
    ( أن سبب هوان الأمة في عصرنا هذا هو عدم معرفة قدر الصحابة )
    وو اضعا نصب عيني قول رب العزة و الجلال {وَالَّذِينَ
    جَاؤوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا
    وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي
    قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ }
    فاللهم ارفع درجات الصحابة في جناتك و رفع لهم ذكرهم في الدنيا بين عبادك و ارزقنا حبهم و الغيرة على أعراضهم و احشرنا معهم
    و أخيرا هذا ما رمت بيانه و توضيحه تأثما و راجيا من الله تعالى أجر ذلك
    و الحمد لله رب العالمين رقم 3908 وصححه الألباني
    الهامش :
    - (1) الإصابة 8/346 و معرفة الصحابة لأبي نعيم 5/318
    - (2)من كلام العلامة ابن باديس بتصرف " الآثار 4 / 118 - 119 "
    - (3) تاريخ الإسلام 2/ 108
    - (4) تاريخ دمشق 37/ 124 - 125 و معرفة الصحابة 5 / 318
    - (5) الكامل في التاريخ لابن الأثير 2/126
    - ( 6 ) الكامل 7 / 277
    - (7) الدر المنثور للسيوطي 6/248
    - (8) الكامل 2/337 و الإصابة 8 / 347
    -
    أبو محمد عبدالحميد الأثري
    أبو محمد عبدالحميد الأثري
    المدير العام .. وفقه الله تعالى


    ذكر عدد الرسائل : 3581
    البلد : مصر السنية
    العمل : طالب علم
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 25/04/2008

    الملفات الصوتية رد: بهجة أهل الغربة بالذَبَ عن الصحابية هند بنت عتبة

    مُساهمة من طرف أبو محمد عبدالحميد الأثري 05.12.08 13:32

    بهجة أهل الغربة بالذَبَ عن الصحابية هند بنت عتبة 7
    لم يختلف الصحابة في عقيدتهم ولا بعضها أفيقوا أيها الناس!!

    الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه, وبعد:
    فإن من توفيق لله تعالى للعبد أن يوفقه لفهم صحيح حال طلبه للعلم الذي لا ينتهي طلبه فيفهم من المسائل والأحكام الفهم الصحيح القويم واللآئق به, والله يهبُ ذلك لمن يشاء متى شاء ولا شك أن الرجوع لفهم العلماء هو من أعظم أسباب الفهم الصحيح.
    قال الله تعالى: (ففهمناها سليمان وكلا ءاتينا حُكماً وعِلماً) وقد ورد أن سليمان –عليه السلام- آنذاك كان ابن إحدى عشرة سنة. [معالم التنزيل, للبغوي (3/171)].
    وقد أدرك ابن عمر –رضي الله عنهما- الجواب على ما طرحه النبي –صلى الله عليه وسلم- عليهم في مسألة ما يشبه المؤمن من الشجر وكان السؤال في محضر كبار الصحابة –رضي الله عنهم- فوقع في نفسه أنها النخلة ولم يبدها لهم تأدباً مع من هو أكبر منه!!, وكان آنذاك صغيراً. [رواه البخاري برقم (7098)].
    ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء فاللهم تفضل علينا.
    ولذا قال أبو جُحيفة لعلي –رضي الله عنهما-: " هل عندكم كتابٌ؟-أي مما خُصصتم به من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: لا, إلا كتاب الله, أو فهم أُعطيه رجلٌ مسلم.....". [رواه البخاري برقم (111)].
    وفي المقابل الآخر الذي يُذم به صاحبه الفهم السقيم خاصة لنصوص الوحيين وهو يُنبأ إما عن الجهل بنوعيه المتعلق بسوء التلقي أو سوء القصد عياذاً بالله تعالى.
    وكما قيل:

    وكم من عائبٍ قولاً صحيحاً وآفته من الفهم السقيم

    ولذا كان الأمر الفيصل بين من ينتسب للسنة وأهلها حقاً وأرباب الإدعاءات هو فهم السلف الصالح وعلى رأسهم وفي مقدمهم أصحاب النبي –صلى الله عليه وسلم- -ورضي الله عنهم- الذي أمر الله سبحانه بالرجوع إليه وعدم مشاقته بقوله: (ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا).
    ووحدَ سبيلهم لتوحُّدِ مشربهم الصافي وعدم تفرقهم واختلافهم فيه, ومثله ما جاء في قول النبي –صلى الله عليه وسلم- (عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي), فمجيء سنة بالإفراد دليل على أن قلوبهم وأجسادهم مجتمعة عليها.
    وإن مما انتشر عند بعض الناس ومنهم طلبة العلم وللأسف إطلاقٌ خطيرٌ للغاية لو تنبهوا لقولهم وفكروا في كلامهم وهذا القول: (((بأنه قد وقع خلافٌ بين الصحابة-رضوان الله عليهم- في أمور العقيدة!!!).
    وهذا لا شك أنه باب شر يفتح علينا فتناً لا نهاية لها ولازمه أن الخلاف إذا كان قد وقع في العقيدة في زمن أصحاب النبي –صلى الله عليه وسلم- ولم يؤثر أنهم افترقوا أو بدع بعضهم بعضاً... فيسعنا ما وسعهم فنختلف أيضاً نحن ولا ينبغي أن يسبب ذلك فرقة بينا بل تكون العقيدة ميدان اجتهادٍ للجميع! وهذا الذي يريدون!.
    إلى آخر الكلام الباطل الذي أثمر من شجرتهم الباطلة.
    وهذا باطلٌ وهنا ينبغي أن يَعلم كل طالب للعلم أن أصحاب النبي –صلى الله عليه وسلم- لم يختلفوا أبداً في عقيدتهم وتوحيد ربهم وأن من قال ذلك فقد أخطأ عليهم!
    وهناك أدلة قاطعة في هذا الباب العظيم من ذلك ما يلي:-
    أولاً: أن الخلاف في العقيدة غير سائغٍ البتة! بل إن صاحبه ممقوت! وقد جاء عن النبي –صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (إنما هلك الذين من قبلكم بسؤالهم واختلافهم على أنبيائهم) [رواه البخاري (7288) ومسلم (1337)].
    ولا شك أن العقيدة هي رأس الأمر والخلاف فيها ليس بالأمر الهين.
    ولذا غلَّظ رسول الله –صلى الله عليه وسلم- القول على من سأله أن يجعل لهم ذات أنواط كما في حديث أبي واقد الليثي-رضي الله عنه-.


    ثانياً: أن جواز الخلاف في أمور العقيدة مذهبٌ للفارق بين أهل السنة وأهل البدعة, فما هو الفرق إذاً؟! فالكل سنة بزعمهم وهذا ما يريدون فتنبه!!

    ثالثاً: ورد في كتاب الله تعالى ما يبطل هذا القول في نصوص كثيرة منها قوله تعالى عنهم:(والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه...).
    فقد رضي الله عنهم وعن طريقتهم ليس ذلك فحسب بل وعلى من اتبعهم وسار على منهجهم بإحسان, ولا يرضى سبحانه وتعالى إلا على ما شرعه لنا, قال تعالى: (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيتُ لكم الإسلام ديناً).
    قال الحافظ ابن كثير-رحمه الله-: " أكمل لهم الإيمان, فلا يحتاجون إلى زيادة أبداً, وقد أتمه فلا ينقصه أبداً, وقد رضيه فلا يسخطه أبداً" [تفسير ابن كثير (2/14)].
    وقد رضي مذهبهم وطريقتهم فلا يسخطه أبداً فكيف يرضى على ما يُسخطه سبحانه وتعالى؟! والله يعلم ما كان وما يكون وما لم يكن إن كان كيف يكون.


    رابعاًً: ما جاء في سنة رسول الله –صلى الله عليه وسلم- مما يدل على ذلك منه ما جاء أن النبي –صلى الله عليه وسلم- (كان كثيراً ما يرفع رأسه إلى السماء فقال النجوم آمنة للسماء فإذا ذهبت النجوم أتى السماء ما توعد, وأنا آمنة لأصحابي فإذا ذهبت أتى أصحابي ما يوعدون!, وأصحابي آمنة لأمتي فإذا ذهب أصحابي أتى أمتي ما يوعدون!). [صحيح مسلم برقم (2531)].
    فهم-رضي الله عنهم- صمام أمانٍ لهذه الأمة فلم تحدث فيهم البدع ولا الخرافات ولا العقائد الفاسدة –وحاشاهم-.


    خامساًً: شهادة الصحابة أنفسهم.
    فقد جاء عن ابن عباس –رضي الله عنهما- في محاجته للخوارج أنه قال لهم لما وصل إليهم وقد اجتمعوا في حاروراء يريدون الخروج على علي –رضي الله عنه- : " قالوا:-أي الخوارج لابن عباس- ما جاء بك؟ فقال: جئتكم من عند أصحاب رسول الله –صلى الله عليه وسلم- وليس فيكم منهم أحد! ومن عند ابن عمِّ رسول الله –صلى الله عليه وسلم- وعليهم نزل القرآن, وهم أعلم بتأويله.....". [رواه الحاكم في مستدركه برقم (2703), وابن عبد البر في جامع العلم وفضله برقم (1834) وقد صحح إسنادها ابن كثير في البداية والنهاية (7/280-281)].
    وأيضاً ما جاء عن أبي عبد الرحمن عبد الله بن مسعود-رضي الله عنه- لما احتج على المتحلقين في المسجد يذكرون الله جماعة ويعدون ذلك بالحصى قال لهم: (ما أسرع هلكتكم! هؤلاء صحابة نبيكم –صلى الله عليه وسلم- متوافرون, وهذه ثيابه لم تَبْلَ, وآنيته لم تُكسر, والذي نفسي بيده, إنكم لعلى ملة هي أهدى من ملة محمد –صلى الله عليه وسلم- أو مفتتحوا باب ضلالة...) قال عمرو بن سلمة: " رأينا عامة أولئك الحلق يُطاعنونا يوم النهروان مع الخوارج". [رواه الدارمي برقم (210)].
    فاحتج عليهم ابن مسعود-رضي الله عنه- بقرب أصحاب النبي –صلى الله عليه وسلم- إليهم فلم يسألوهم, وبقرب عهدهم من زمن النبوة.
    وأيضاً مما يدل على أنه لم يكن معهم صحابياً واحداً قول عمرو بن سلمة فالخوارج كما تقدم معنا من كلام ابن عباس –رضي الله عنهما- لم يكن معهم صحابياً واحداً.
    ولذا قال ابن مسعود-رضي الله عنه- " من كان مستناً فليستن بمن قد مات فإن الحي لا تؤمن عليه الفتنة أولئك أصحاب محمد –صلى الله عليه وسلم- كانوا والله أفضل هذه الأمة وأبرها قلوباً وأعمقها علماً وأقلها تكلفاً قوم اختارهم الله لصحبة نبيه وإقامة دينه, فاعرفوا لهم فضلهم واتبعوهم في آثارهم وتمسكوا بما استطعتم من أخلاقهم ودينهم, فإنهم كانوا على الهدى المستقيم ".
    قال العلامة السفاريني-رحمه الله-: " فأحق الأمة بالصواب أبرها قلوباً وأعمقها علوماً وأقومها هدياً وأحسنها حالاً, من غير شك ولا ارتياب فكل خير وإصابة وحكمة, وعلم ومعارف ومكارم, إنما عُرفت لدينا ووصلت إلينا من الرعيل الأول والسرب الذي عليه المعول, فهم الذين نقلوا العلوم عن ينبوع الهدى ومنبع الاهتداء". [لوامع الأنوار البهية 2/380].
    وقال حذيفة بن اليمان –رضي الله عنه-: " كل عبادة لم يتعبَّدها أصحاب محمد –صلى الله عليه وسلم- فلا تعبَّدوها, فإن الأول لم يدع للآخر مقالاً؛ فاتقوا الله يا معشر القراء, وخذوا بطريق من كان قبلكم".[رواه أبوداود في الزهد برقم (280), الباعث لأبي شامة (ص15), الاعتصام للشاطبي (3/53) الأمر بالإتباع للسيوطي (ص62)].
    وهذه نصيحةٌ وقاعدة جليلة القدْر من صحابيٍ جليل كان حريصاً على سؤال النبي –صلى الله عليه وسلم- عن الشر مخافة أن يدركه.


    سادساًً: شهادة التابعين لأصحاب محمد –صلى الله عليه وسلم- بسلامة معتقدهم.
    فعن عمر بن عبد العزيز-رحمه الله تعالى- أنه قال لسائله عن القدَر: " ....فارض لنفسك ما رضي به القوم لأنفسهم فإنهم على علم وقفوا وببصر نافذ كفوا ولهم على كشف الأمور كانوا أقوى وبفضل ما كانوا فيه أولى فإن كان الهدى ما أنتم عليه لقد سبقتموهم إليه ولئن قلتم إنما حدث بعدهم ما أحدثه إلا من اتبع غير سبيلهم ورغب بنفسه عنهم فإنهم هم السابقون فقد تكلموا فيه بما يكفي ووصفوا منه ما يشفي فما دونهم من مقصر وما فوقهم من محسر!! وقد قصر قوم دونهم فجفوا وطمح عنهم أقوام فغلوا وإنهم بين ذلك لعلي هدى مستقيم..." [رواه أبوداود برقم (4612) وهو صحيح مقطوع كما حكم عليه العلامة الألباني-رحمه الله-].
    ولذا كان التابعون يحرصون أشد الحرص أن يرجعوا لصحابة رسول الله –صلى الله عليه وسلم- في تصحيح معتقدهم وسؤالهم عنه.
    ففي أول حديثٍ من صحيح مسلم عن يحي بن يَعْمَر قال: كان أول من قال بالقدر بالبصرة معبد الجهني, فانطلقت أنا وحُميد بن عبد الرحمن الحِميري حاجين أو معتمرين فقلنا: لو لقينا أحداً من أصحاب رسول الله فسألناه عما يقول هؤلاء بالقدر, فوفق لنا عبد الله بن عمر داخلاً المسجد.....).
    وجاء عن شريك بن شهاب أنه قال: " كنت أتمنى أن أرى رجلاً من أصحاب رسول الله –صلى الله عليه وسلم- يحدثني عن الخوارج قال: فلقيت أبا برزة –رضي الله عنه- فحدثه". [رواه أحمد في مسنده برقم (19804)].


    تنبه! لقولهم: أحداً من أصحاب محمد –صلى الله عليه وسلم- نكرة ولم يخصصوا أحداً بعينه لما علموا من سلامة معتقد جميع أصحاب محمد –صلى الله عليه وسلم- ورضي الله عنهم أجمعين.
    وعن ابن الديلمي قال: أتيت أُبي بن كعب فقلت له: وقع في نفسي شيء من القدر, فحدثني بشيء لعل الله يذهبه من قلبي, قال: (لو أن الله عذب أهل سماواته وأهل أرضه عذبهم وهو غير ظالم لهم, ولو رحمهم كانت رحمته خيرا لهم من أعمالهم, ولو أنفقت مثل أحد ذهبا في سبيل الله ما قبله الله منك حتى تؤمن بالقدر, وتعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك وأن ما أخطاك لم يكن ليصيبك, ولو مت على غير هذا لدخلت النار, قال ثم أتيت عبد الله بن مسعود فقال: مثل ذلك, قال ثم أتيت حذيفة بن اليمان فقال مثل ذلك, قال: ثم أتيت زيد بن ثابت فحدثني عن النبي -صلى الله عليه وسلم- مثل ذلك). [رواه أبو داود برقم (4699)].

    سابعاً: شهادة علماء الإسلام بل إجماعهم على ذلك.
    ولذا قال أبو الوفاء ابن عقيل الحنبلي-رحمه الله- محاججاً أهل الكلام: " أنا أقطع أن الصحابة ماتوا وما عرفوا الجوهر والعرض فإن رضيت أن تكون مثلهم فكن وإن رأيت أن طريقة المتكلمين أولى من طريقة أبي بكر وعمر فبئس ما رأيت!". [تلبيس إبليس ص83].
    وقال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله-حاكياً الإجماع على عدم وقوع الخلاف بين الصحابة في أمور الفقه العظيمة فضلاً عن العقائد!!
    قال: "وهكذا الفقه إنما وقع فيه الخلاف لما خفي عليهم بيان صاحب الشرع, ولكن هذا إنما يقع النزاع في الدقيق منه, وأما الجليل فلا يتنازعون فيه. والصحابة أنفسهم تنازعوا في بعض ذلك ولم يتنازعوا في العقائد, ولا في الطريق إلى الله التي يصيبها الرجل من أولياء الله الأبرار المقربين". [مجموع الفتاوى (19/274)].
    وأما ما استشكله البعض في وقوع بعض الخلاف في بعض المسائل مثل: رؤية النبي –صلى الله عليه وسلم- ربه ليلة الإسراء, فهي في الحقيقة ليست خلافاً في العقيدة وقد أجاب عن ذلك العلماء من بقولهم:
    قال شيخ الإسلام ابن تيمية-رحمه الله-: " وكذلك تنازع الصحابة في رؤية النبي - صلى الله عليه وسلم- ربه ليلة الإسراء والمعراج , فهناك انفكاك في الجهة , فمن أثبت الرؤية أراد القلبية , ومن نفى أراد البصرية , والقولان متفقان".[منهاج السنة النبوية (6/328)]
    ومن ذلك قاله الإمام ابن القيم - رحمه الله-: " وقد حكى عثمان بن سعيد الدارمي, في كتاب الرد له, إجماع الصحابة على أنه –صلى الله عليه وسلم- لم ير ربه ليلة المعراج, وبعضهم استثنى ابن عباس –رضي الله عنهما- من ذلك, وشيخنا يقول: (أي ابن تيمية) ليس ذلك بخلاف في الحقيقة؛ فإن ابن عباس لم يقل رآه بعيني رأسه ". [اجتماع الجيوش الإسلامية ص48.]
    وقال العلامة المقريزي-رحمه الله- واصفاً حال الصحابة –رضي الله عنهم- وطريقتَهم مع صفات الله تعالى: (من أمعن النظر في دواوين الحديث النبوي ووقف على الآثار السلفية علِم أنه لم يرد قط من طريق صحيح ولا سقيم عن أحد من الصحابة–رضي الله عنهم- على اختلاف طبقاتهم وكثرة عددهم- أنه سأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم- عن معنى شيء مما وصف الرب سبحانه به نفسه الكريمة في القرآن الكريم وعلى لسان نبيه محمد - صلى الله عليه وسلم- بل كلهم فهموا معنى ذلك وسكتوا عن الكلام في الصفات نعم, ولا فرَّق أحد منهم بين كونها صفة ذات أو صفة فعل وإنما أثبتوا له تعالى صفات أزلية من العلم والقدرة والحياة والإرادة والسمع والبصر والكلام.... وساقوا الكلام سوقا واحداً وهكذا أثبتوا –رضي الله عنهم- ما أطلقه الله سبحانه على نفسه الكريمة من الوجه واليد ونحو ذلك مع نفي مماثلة المخلوقين فأثبتوا-رضي الله عنهم- بلا تشبيه ونزهوا من غير تعطيل ولم يتعرض مع ذلك أحد منهم إلى تأويل شيء من هذا ورأوا بأجمعهم إجراء الصفات كما وردت...). [الخطط والآثار, للمقريزي (2/356)].
    وقد سئل شيخنا العلامـة عبد المحـسن العـباد-حفـظه الله- هل يجوز أن يقال أن الصحابة اختلفوا في أمرٍ من أمور العقيدة؟؟
    أجاب فضيلته بقوله:"وجد الاختلاف بين الصحابة في الفروع ولم يوجد اختلافاً في الأصول البتة وإلا ما هو الفرق بين أهل السنة والمبتدعة إذاً؟! ". [درس سنن أبي داود يوم السبت (20/8/1423هـ) في المسجد النبوي].
    وسئل شيخنا-حفظه الله-أيضاً: هل يجوز أن يقال أن الصحابة اختلفوا في أمور العقيدة؟؟ كما في مسألة رؤية النبي - صلى الله عليه وسلم- ربه ليلة اُسري به , وكذلك مسألة سماع الأموات للأحياء؟؟
    أجاب فضيلته بقوله: " الصحابة لم يختلفوا في أمرٍ من أمور العقيدة, وأما ما جاء عنهم في هل رأى النبي - صلى الله عليه وسلم- ربه أم لم يره في الإسراء والمعراج؟ فهذا ليس خلافاً في العقيدة؛ لأنهم متفقون أن الله يُرى يوم القيامة, والرؤية ثابتة, وهذه هي العقيدة, أما الخلاف في هل النبي - صلى الله عليه وسلم- رأى ربه أم لم يره ليلة المعراج؟ فهذا ليس خلافاً في العقيدة , والراجح أنه لم يره ليلة المعراج , أما مسألة سماع الأموات للأحياء فلا أعلم خلافاً بين الصحابة والراجح في هذه المسألة أن نثبت ما أثبته الله ﻷ ورسوله - صلى الله عليه وسلم- كما في سماعهم قرع النعال عن الفراغ من الدفن وغير ذلك مما ثبت , وأن نسكت عمّا سكت عنه الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم- ". [سؤال وجهته لشيخنا يوم الثلاثاء 15/1/1424هـ, بعد صلاة الظهر في بيته].


    وفي ختام هذه الكلمة اليسيرة والنبذة القصيرة في سلامة عقيدة خير الناس بعد الأنبياء والرسل يتبين لك أخي الموحد, حرص أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم- على عقيدتهم, وتمسكهم بها, وعضهم عليها بالنواجذ, ولاشك! فهم خير القرون كما وصفهم النبي-صلى الله عليه وسلم- علماً وعملاً وفضلاً, وطريقتهم هي خير الطرق المسلوكة سلامةً وحكمة –رضي الله عنهم أجمعين- وألحقنا بهم في عليين, اللهم إنا نتوسل إليك بحبنا لرسولك الكريم ولصحابته الطيبين أن توفقنا لكل خير وأن تجعلنا من أهل الفردوس الأعلى إنك جوادٌ رحيم كريم, وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

    وكتبه الفقير إلى ربه المنان
    عبد الرحمن بن محمد العميسان
    غفر الله له ولوالديه ومشايخه وجميع المسلمين
    يوم الخميس السادس عشر من شهر الله المحرم لعام 1429هـ
    المدينة النبوية-حرسها الله-

      الوقت/التاريخ الآن هو 14.11.24 19:46