خزانة الربانيون

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

    بطلان نسبة كتاب " الفوائد المشوق " الى الحافظ بن قيم الجوزية رحمه الله تعالى

    avatar
    أبو خديجة عصام الدين
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 84
    العمر : 49
    البلد : مصر السنية
    العمل : دراسات عليا
    شكر : 0
    تاريخ التسجيل : 23/06/2008

    الملفات الصوتية بطلان نسبة كتاب " الفوائد المشوق " الى الحافظ بن قيم الجوزية رحمه الله تعالى

    مُساهمة من طرف أبو خديجة عصام الدين 14.11.08 23:29

    بسم الله الرحمن الرحيم ،والحمد لله رب العالمين ،وأشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له رب السموات و الأراضين ، واشهد إن محمد عبد الله ورسوله صلى الله عليه وعلى جميع النبيين والمرسلين ، وعلى اله وصحبه الطيبين الطاهرين ، وعلى من سار على نهجهم واتبع سبيلهم الى يوم الدين .
    أما بعد ،

    مقدمه :
    لا يخفى– إن شاء الله تعالى – على طلبة العلم أن هناك كتبا كثيرة قد كذبت على أصحابها ، ونسبت لهم زورا وبهتانا وهم منها براء، ذلك ليروج الكذابون بضاعتهم وباطلهم ، ويتمكنوا من الدس الرخيص وإلصاق الترهات بهذا الدين ، ولكن يأبى الله سبحانه وتعالى إلا أن يفضح هؤلاء ويكشف سؤ اتهم من خلال ما قعده أهل العلم واصلوه بقولهم " الأسانيد انساب الكتب (1 ) وما ذكروه وفصلوه فى كلامهم على مناهج العلماء ومؤلفاتهم .
    فالكتاب الذى لا سند له ولا ذكر له فى كتب التراجم ، أو فى دور المخطوطات ، أو لم يشتهر عن صاحبه من خلال تداول أصحابه وتلاميذه له أو نقل من بعده منه : غير صحيح النسبة .
    فبهذه الأشياء يتميز الأصيل من الدخيل ، وينتقى المدخول والمنخول .(2 )

    ومن هذه الكتب ذاك الكتاب المنسوب الى الإمام بن قيم الجوزية – رحمه الله تعالى – والموسوم بـ " الفوائد المشوق إلى علوم القرآن وعلم البيان " والذى قد استوقفني أثناء مرورى أمام إحدى المكتبات منذ سنوات – ولطالما استوقفتني وجذبت انظارى مصنفات أولئك الأعلام ومشائخ الإسلام – فلم أتردد فى سرعة اقتناء هذا السفر الذى لم أره أو اسمع عنه من قبل ، لاسيما ما لصاحبه من مكانة وفضل ، فطاقت نفسي الى معرفة مضمونه ، وما فى مباحثه وفنونه ، فسبق بصري فكرى ، وأنهيت قراءة سفري ولكن سرعان ما انقلب سروري أسفا ، ومالي تلفا ، لما رأيت فى هذا الكتاب من العجب العجاب ، وما أنكره ابن القيم من قبل وعليه عاب ، وبعد هذا الكتاب عن حقيقة كلام رب الأرباب ، ومباينته لمنهج الأسلاف ، فطرحته فى جانب الكتب التى فيها ارتياب ، حتى هداني الله تعالى الى كلام أهل العلم فى هذا الباب وإبطالهم لنسبة هذا الكتاب .

    -- مطلب فى الأدلة على بطلان نسبة هذا الكتاب لابن القيم من خلال كلام أهل العلم الثقات : -
    ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
    أولا : كلام العلامة بكر بن عبد الله أبو زيد – رحمه الله تعالى – ( 3):

    قال رحمه الله تعالى : " وهذا الكتاب لم أر من نسبه الى ابن القيم قبل طبعه .
    وفى النفس من نسبة هذا الكتاب لابن القيم شى لذلك مما يلي :

    1- مغايرة أسلوب الكتاب ومنهجه للطريقة المعهودة من ابن القيم – رحمه الله تعالى – فى عامة مؤلفاته من التحقيق والحيوية و أساليب الترجيح والحفاوة بالسنة ونصوص السلف ، فالكتاب خلو من ذلك : فكله مبنى على دقائق التفريع والأنواع والتقاسيم للحقيقة والمجاز بأسلوب لا يتواطأ مع أساليب ابن القيم المعهودة فى منهجه التأليفى .

    2- انه يمر عل جملة من الأحاديث وهى قليلة ويذكرها مرسلة مع ضعفها بل وبطلان بعضها ، ومنها ما يلي :-
    أ‌-قوله (4 ) - : " ومنه فى السنة قوله صلى الله عليه وسلم :
    علم الأنساب علم لا ينفع وجهالته لا تضر "
    وهذا ليس بحديث كما فى " الانباه على قبائل الرواة " لابن عبد البر – رحمه الله تعالى - .

    ب‌-وقوله : " وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : خير المال عين ساهرة لعين نائمة "
    وقد بحثت عنه فلم أجده والله اعلم .

    3-انه قسم فيه الكلام الى حقيقة ومجاز واستغرق نحو ثلث الكتاب فى تقرير المجاز وبيان أقسامه وما يندرج تحت كل قسم .(5 )
    وهذا فيه مناقضة ظاهرة لما هو معروف من منهج ابن القيم ورأيه فى المجاز ، فانه يرفضه ويرى المجاز فى الشرع قولا مبتدأ فاسدا .
    بل يرى أن تقسيم الكلام الى حقيقة ومجاز تقسيم فاسد مخترع واجلب على نقضه من نحو خمسين وجها وذلك فى كتابه " الصواعق المرسلة " ( 6) وسماه طاغوتا فقال فى فاتحة الكلام فيه : " كسر الطاغوت الثالث وهو المجاز " ( 7)

    4- ذكر القول بالصرفة (8 ) .
    وهذا وحده لبشاعته كاف فى رد نسبته ، فكيف مع هذا يمكن الجزم بان هذا الكتاب " كتاب الفوائد المشوق " هو لابن القيم ، هذا فيه بعد ظاهر وهو أمر يقوى نفى الكتاب عن ابن القيم رحمه الله تعالى .

    ثانيا : كلام الشيخ مشهور حسن أل سلمان – حفظه الله تعالى - :

    قال حفظه الله تعالى :
    " هذا الكتاب منخول على ابن القيم – رحمه الله تعالى – على الرغم من أن اسمه عليه " .
    وقال أيضا :
    " والأدلة على بطلان نسبة هذا الكتاب لابن القيم كثيرة " . (9 )

    ثالثا : كلام الشيخ عبدا لعزيز بن فيصل الراجحي– حفظه الله تعالى - :

    قال حفظه الله تعالى :
    "وأما كتاب (( الفوائد المشوق )) فليس لابن القيم , ومن له أدنى إطلاع على كتبه رحمة الله يجزم بذلك".( 10)

    رابعا : د. زكريا سعيد على محقق كتاب "مقدمة تفسير ابن النقيب "– مكتبة الخانجى للطباعة والنشر والتوزيع :

    "و قد أطال المحقق الدكتور زكريا سعيد علي النفس في بيان الأدلة على أن هذا الكتاب لا تصح نسبته إلى ابن القيم رحمه الله ثم ذكر ما يؤكد نسبته ـ كما ذهب إليه ـ إلى ابن النقيب أبي عبد الله محمد بن سليمان بن الحسن جمال الدين البلخي المقدسي الحنفي المتوفى سنة 698 هـ رحمه الله .

    و خلاصة ما ذكر من قرائن تدل على ما توصل إليه :

    ــ أن أحداً ممن ترجم لابن القيم لم يذكر هذا الكتاب ضمن مؤلفاته على رغم كثرة من ترجم له واعتنى ببيان مصنفاته .

    ــ ما ورد في الكتاب مخالفاً لما عهد عن ابن القيم من موقف تجاه مبحث المجاز الذي كان يصفه بالطاغوت وقد أفرد فصلاً كاملاً ـ من كتابه الصواعق المرسلة ـ في إبطاله ورده .
    أما هذا الكتاب فقد ورد فيه تفصيل وبيان واسع عن المجاز وأقسامه حتى إنه استغرق ما يقرب من ثمانين صفحة من طبعة الفوائد المشوق .

    ــ ما ورد كذلك في الكتاب مخالفاً لما عهد عن ابن القيم من موقف تجاه بعض العلماء والأدباء السابقين عليه :
    فالزمخشري ترحم عليه .
    والرازي قال عنه : الإمام فخر الدين الرازي
    وابن عبد السلام قال عنه : الشيخ الإمام عز الدين ابن عبد السلام
    وأبو العلاء المعري قال عنه : الشيخ أبو العلاء المعري
    مع أن موقفه من هؤلاء يخالف ذلك تماماً وهو معروف من سائر كتبه .

    ــ ما ورد في الكتاب من أحاديث يدل على أن كاتبها ليس ابن القيم إذ هو معروف بالإطلاع على السنة دراية ورواية وغالباً ما يذكر الأحاديث مخرجة ومنسوبة إلى مخرجيها بل ويتكلم على أسانيدها أيضاً .
    أما في هذا الكتاب فلا يوجد حديث فيه قد خرجه المصنف وعزاه إلى كتب السنة بالإضافة إلى ورود أحاديث موضوعة وضعيفة جداً مشهورة منسوبة إلى النبي صلى الله عليه وسلم مما يتنافى مع جلالة ابن القيم ومعرفته بالحديث .

    هذا وقد ذكر المحقق أنه توصل إلى معرفة مؤلف الكتاب وأنه ابن النقيب عن طريق بعض المصطلحات الواردة في الكتاب وهي التتميم والتلميح واستدراج المخاطب .. وهي مصطلحات ذكرها أبو حيان النحوي في تفسيره وأبو حيان تلميذ ابن النقيب فبملاحظة ذلك مع التشابه بين ما ذكره أبو حيان وبين ما ورد في المطبوع تحت مسمى الفوائد المشوق ... دل ذلك على أن أبا حيان قد يكون نقلها عن شيخه .... .

    إلى غير ذلك من القرائن التي ذكرها وقد قمت باختصار ما تقدم ـ وأرجو أن لا يكون ذلك مخلاً ـ لطول ما كتبه."
    (11)


    مطلب فى شبهات وافتراءات ودحضها بالبينات :
    ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
    1- القول بان ابن القيم - رحمه الله تعالى - ألف هذا الكتاب قبل اتصاله بشيخ الإسلام بن تيمية – رحمهما الله تعالى - .

    قال العلامة بكر بن عبد الله أبو زيد – رحمه الله تعالى – معلقا :

    " و أن فى هذا بعدا لأنه لو كان كذلك لأشار إليه فى معرض بحثه مقتضى الأمانة والنصيحة ، وابن القيم رحمه الله تعالى فى المنزلة التى جعله الله فيها من النصيحة فى سبيل الله نصحا للأمة وتوجيها لها . بل إن هذه دعوى عريضة كثيرا ما نسمعها فى توهين نسبة بعض المؤلفات إليه ، كما حصل لهم فى كتاب " الروح " والله اعلم ."
    (12 )

    2- قول القنوبى الاباضى الجهول الهالك (13 ) : وقد صرح ابن القيم بالمجاز في " بدائع الفوائد وتهذيب السنن" وغيرهما . بل ألف مؤلفاً خاصاً في ذلك سماه " الفوائد المشوق إلى علوم القرآن وعلم البيان " وهو ثابت عنه , وإن حاول بعض الجهلة نفيه عنه ،وممن نسبه إلية ابن حجر في " الدرر الكامنة "
    ( 3/ 400 ) ،وابن تغري في " النجوم الزاهرة " ( 10 / 249) ، والصفدي (2 /270) في" الوافي "، والسيوطي في " بغية الوعاء " ، والشوكاني في " البدر الطالع " و حاجي خليفة في " كشف الظنون " وآخرون ) أ.هـ

    قال الشيخ : عبدالعزيز بن فيصل الراجحي– حفظه الله تعالى – داحضا هذه الشبهة :

    " لعلّ ما سبق من نقل عن ابن القيم رحمة الله في " مختصر الصواعق " اكبر دليل على نفيه المجاز , كيف لا وقد عدّه طاغوتاً للجهمية ، وشرع في كسره من خمسين وجهاً أبعد هذا يقال إنّه يقول به !
    سبحانك هذا بهتان عظيم.

    وأما كتاب " الفوائد المشوق " فليس لابن القيم ، ومن له أدنى إطلاع على كتبه رحمة الله يجزم بذلك .

    وزعم هذا الاباضي أن ابن حجر نسب هذا الكتاب إلى ابن القيم كذب وباطل .

    فلم ينسبهُ الحافظُ إلية جملةً من الكتب كان من ضمنها " بدائع الفوائد كما في " الدرر الكامنة" (3/402) وهذا الإباضي يعلم أن هذا الكتاب غير الكتاب السابق .

    كذلك الصفدي لم ينسب له هذا الكتاب , بل نسب إلية جملة من كتبه منها " بدائع الفوائد " كما في
    " الوافي بالوفيات " (2/ 272)

    وأما صاحب " النجوم الزاهرة " فلم يذكر له شيئاً من مصنفاته أصلاً .
    فظهر كذب وبهتان هذا المفترى . " أ هـ (14 )
    الخاتمة :
    وفى النهاية أرجو أن يكونَ في هذه النقولات كفاية لبيان بطلان نسبة كتاب " الفوائد المشوق " الى الحافظ بن قيم الجوزية رحمه الله تعالى ، مع شئ من بيان الانحراف والضلال الى أشتمل عليه هذا الكتاب ، والحمد لله تعالى الذى جعل فى مؤلفات أهل السنة المشهورة ما هو غنية وكفاية عن غيرها .
    قال شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ :
    « وقد أوعبت الأمة في كل فن من فنون العلم إيعاباً ، من نوَّر الله قلبه هداه بما يبلغه من ذلك ، ومن أعماه لم تزده كثرة الكتب إلا حيرة وضلالاً ».( 15)
    .
    "رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ ، رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ "، " اللهم رب جبرائيل وميكائيل وإسرافيل، فاطر السموات الأرض، عالم الغيب والشهادة، أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون، اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم ".
    "سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلاما على المرسلين والحمد لله رب العالمين "

    قيده
    العبد الفقير الى عفو ربه ورضاه
    أبو خديجة عصام الدين بن أبي السعود
    -غفر الله تعالى له-

    الهوامش والمراجع
    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
    1- " فتح الباري شرح صحيح البخاري" – الجزء الأول – صفحة 5 .
    2- "كتب حذر منها العلماء " – دار الصميعى – الطبعة الأولى – الجزء الثاني – صفحة 223-224 .
    3- "ابن قيم الجوزية حياته أثاره موارده " – دار العاصمة – النشرة الثانية – 1423 هـ - ص 292-293 .
    4- صفحة 146 من هذا الكتاب المذكور .
    5- ابتداء من صفحة 149 من هذا الكتاب المذكور .
    6- " مختصر الصواعق المرسلة " – الجزء الثاني – صفحة 244 .
    7- " مختصر الصواعق المرسلة " – الجزء الثاني – صفحة 241-454 .
    8- صفحة 242 من هذا الكتاب المذكور .
    9- "كتب حذر منها العلماء " – دار الصميعى – الطبعة الأولى – الجزء الثاني – صفحة 324 .
    10- "قدوم كتائب الجهاد لغزو أهل الزندقة والإلحاد" دار الصميعى – الطبعة الأولى -1419ه-1998م –
    ص 144 .
    11- تعليق للسيخ مساعد الطيار وابى فاطمة الازهرى مكتوب على شبكة التفسير والدراسات القرآنية – بتاريخ 22/8/2003 م .
    12- "ابن قيم الجوزية حياته أثاره موارده " – دار العاصمة – النشرة الثانية – 1423 هـ - ص 292 .
    13- سعيد بن مبروك القنوجى صاحب كتاب " السيف الحاد " المطبوع فى عمان سنة 1415هـ - وهو شيخ الفرقة الاباضية فى هذا الزمان
    14-"قدوم كتائب الجهاد لغزو أهل الزندقة والإلحاد" دار الصميعى – الطبعة الاولى -1419ه-1998م –
    ص 143-144 .
    15- " مجموعة الرسائل الكبرى 1/239" نقلا عن مقدمة " كتب أثنى عليها العلماء " إعداد عبد الإله بن عثمان الشايع

      الوقت/التاريخ الآن هو 13.11.24 8:53