الشيخ الفوزان مصححاً : البراء من دين الكفار وليس بترك التعامل معهم
========الاسلام أمر بمعاداة الكفار سدا للذريعة وليس للاعتداء عليهم
المصدر :
د . صالح بن فوزان الفوزان
عكاظ ( جدة )
الأحد - 27/10/1424هـ ) الموافق 21 / ديسمبر/ 2003 - العدد 917
============اكد فضيلة الدكتور صالح بن فوزان الفوزان عضو هيئة كبار العلماء ان (الولاء والبراء) متقرر في الكتاب والسنة واجماع الامة
موضحاً انه ليس شيئاً جديداً في الاسلام ولا قولاً محدثاً
واضاف فضيلته ان بعض الغلاة الذين يمشون على خط الخوارج فهموا ان العداوة والبراءة من الكفار وبغضهم تقتضي تحريم التعامل
معهم نهائيا ولم يفهموا ان المراد البراءة من دينهم في محبتهم
لا ان المراد ترك التعامل معهم فيما اباح الله والاعتداء بتفجير مساكنهم وقتل المسالمين منهم واولادهم ونسائهم واتلاف ممتلكاتهم
واضاف فضيلته ان فريقاً من الناس ظنوا ان بغض الكفار والبراءة منهم ارهاب وعدوان عليهم مشيراً الى أن الكفار والمنافقين استغلوا هذا ونسبوا الارهاب للمسلمين واوضح فضيلته انه لا مانع من التعامل مع الكفار بالبيع والشراء والمؤاجرة..
وفيما يلي نص ما كتبه فضيلة الدكتور صالح الفوزان عن
(كشف شبهة وتصحيح مفهوم حول الولاء والبراء في الاسلام)
=========الحمد لله رب العالمين والسلام على نبينا محمد خاتم النبيين. وعلى آله واصحابه
والتابعين لهم باحسان الى يوم الدين.
أما بعد :
فإن الله تعالى اوجب علينا موالاة المؤمنين ومعاداة الكافرين
قال تعالى :
{ إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون ومن يتول الله ورسوله والذين آمنوا فإن حزب الله هم الغالبون }
وقال تعالى :
{ لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين ومن يفعل ذلك فليس من الله في شيء الا ان تتقوا منهم تقاة}
وقال تعالى :
{ قد كانت لكم أسوة حسنة في ابراهيم والذين معه اذ قالوا لقومهم انا برءاء منكم ومما تعبدون من دون الله كفرنا بكم وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء ابدا حتى
تؤمنوا بالله وحده}
وقال تعالى :
{ واذ قال ابراهيم لأبيه وقومه إنني براء مما تعبدون الا الذي فطرني فإنه سيهدين وجعلها كلمة باقية في عقبه لعلهم يرجعون}
وقال تعالى :
{ لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله ولو كانوا آباءهم او ابناءهم او اخوانهم او عشيرتهم اولئك كتب
في قلوبهم الايمان وايدهم بروح منه} الى قوله : { اولئك حزب الله}
وهذا الاصل
وهو الولاء والبراء متقرر في الكتاب والسنة واجماع الامة
وقد شرع قبل الامر بالجهاد والنبي صلى الله عليه وسلم في مكة
فهو واجب في حال السلم وحال الحرب, ليس شيئا جديدا في الاسلام ولا قولا محدثا,
ونحن انما نذكره لنذكر به
ونبين ما حصل حوله من التباس حيث ان بعض
الغلاة الذين يمشون على خط الخوارج فهموا ان العداوة والبراءة من الكفار وبغضهم تقتضي تحريم التعامل
معهم نهائيا
ولم يفهموا ان المراد البراءة من دينهم في محبتهم لا ان المراد ترك التعامل معهم فيما اباح الله
والاعتداء عليهم بتفجير مساكنهم وقتل المسالمين منهم وقتل اولادهم ونسائهم واتلاف ممتلكاتهم
وان هذا هو الجهاد في سبيل الله عند هؤلاء ولو كان هؤلاء الكفار لهم امان من المسلمين وهم في بلادهم او في بلاد المسلمين
وفريق من الناس ظنوا ان بعض الكفار والبراءة منهم ارهاب وعدوان عليهم يقولون
لان دين الاسلام دين المحبة والولاء لكل الناس كما ظهر ذلك في بعض المحادثات والمحاورات والكتابات التي تنشر في بعض الصحف وغيرها
وقد استغل هذا الوهم الكفار والمنافقون فقالوا ان دين الاسلام دين ارهاب ووحشية لما رأوا وسمعوا من تصرفات بعض المنتسبين اليه عن سوء فهم
لأصل الولاء والبراء.
ونقول لهؤلاء واولئك الاسلام دين الرحمة لاتباعه ودين الوفاء والعدل مع اعدائه,
قال الله تعالى :
{ ولا يجرمنكم شنآن قوم أن صدوكم عن المسجد الحرام أن تعتدوا وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الاثم والعدوان واتقوا الله
إن الله شديد العقاب}
وقال تعالى :
{ ولا يجرمنكم شنآن قوم على ان لا تعدلوا اعدلوا هو اقرب للتقوى واتقوا الله ان الله عليم بذات الصدور}
فالاسلام وان كان يأمر بمعاداة الكفار لاجل دينهم لئلا يسري على المسلمين شيء منه وذلك من باب سد الذريعة
فانه يحرم الاعتداء عليهم بغير حق ويحترم حقوق المعاهدين والذميين والمستأمنين منهم ويحرم دماءهم واموالهم ويجعل لهم من الحقوق ما للمسلمين وعليهم منها ما على المسلمين قال تعالى
{ واوفوا بعهد الله اذا عاهدتم ولا تنقضوا الايمان بعد توكيدها }
وقال تعالى :
{ واوفوا بالعهد ان العهد كان مسئولا }
وقال تعالى :
{ الا الذين عاهدتم من المشركين ثم لم ينقصوكم شيئا ولم يظاهروا عليكم احدا فأتموا اليهم عهدهم الى مدتهم ان الله يحب المتقين}
قال عبدالله بن رواحه رضي الله عنه لما بعثه النبي صلى الله عليه وسلم الى خيبر لخرص الثمار من أجل استحصال الخراج من اليهود فأراد اليهود ان يرشوه
من اجل ان يتساهل معهم فقال رضي الله عنه :
يا إخوان القردة لانتم ابغض شيء اليَّ في هذه الدنيا ولا يحملني بغضي لكم على ان اظلمكم
فقالوا : بهذا قالت السموات والارض "
وكذلك : لا مانع من التعامل مع الكفار بالبيع والشراء والمؤاجرة وقد اشترى النبي صلى الله عليه وسلم من يهودي طعاما لاهله ورهن درعه عنده
وكان ياكل من طعام اليهود ويجيب دعوتهم
وكان صلى الله عليه وسلم يعقد المصالحات مع الكفار كصلح الحديبية مع المشركين والصلح مع اليهود في المدينة والصلح مع نصارى نجران
ويأمر بحسن الجوار والاحسان الى الاسرى كما قال تعالى :
{ ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا }
وكان صلى الله عليه وسلم يفي لهم بعهده معهم
وقد امر الله الولد بالاحسان الى والديه الكافرين
فقال تعالى :
{ وصاحبهما في الدنيا معروفا واتبع سبيل من أناب اليّ }
وحتى في حالة غزونا للكفار لقتالهم كان النبي صلى الله عليه وسلم يأمرنا بدعوتهم الى الله قبل قتالهم وينهى عن قتل شيوخهم ورهبانهم وصبيانهم ونسائهم وينهى عن التمثيل بقتلاهم فأي تعامل على وجه الأرض مع العدو أحسن من هذا التعامل وحرم صلى الله عليه وسلم قتل المعاهدين منهم فقال :
(من قتل معاهدا لم يرح رائحة الجنة)
مع أنهم هم يبغضوننا أشد البغض كما قال
تعالى {ان يثقفوكم يكونوا لكم أعداء ويبسطوا اليكم أيديهم وألسنتهم بالسوء وودوا لو تكفرون}
وقال تعالى
{ كيف وان يظهروا عليكم لا يرقبوا فيكم إلاً ولا ذمة}
وقال تعالى
{ ها أنتم أولاء تحبونهم ولا يحبونكم وتؤمنون بالكتاب كله واذا لقوكم قالوا آمنا وإذا خلوا عضوا عليكم الانامل من الغيظ قل موتوا بغيظكم ان الله عليم بذات الصدور, ان تمسسكم حسنة تسؤهم وان تصبكم سيئة يفرحوا بها }
وقال تعالى :
{ ما يود الذين كفروا من أهل الكتاب ولا المشركين ان ينزل عليكم من خير من ربكم }
وهذا ظاهر من تصرفاتهم مع المسلمين اليوم من التقتيل والتشريد والتنكيل وتدمير البلدان على ما فيها, دون هوادة أو رحمة.ومع هذا فالمسلمون اذا تمكنوا منهم لم يعاملوهم بالمثل عملا بما يمليه عليهم دينهم القيم
فكيف يقال ان دين الاسلام دين الارهاب والوحشية وان الدعوات الاصلاحية في الاسلام كدعوة الشيخ الامام ابن تيمية ودعوة الشيخ الامام محمد بن عبدالوهاب وغيرهما من دعوات المصلحين
انها دعوات ارهابية هل هذا إلا من قلب الحقائق والتلبيس على الناس ؟! ,
ان الوحشية والارهاب في الحقيقة هما عمل الكفار مع المسلمين اذا تمكنوا منهم كما هو الواقع اليوم.
والولاء والبراء في الاسلام ليس معناهما الارهاب والتعدي على اصحاب الديانات السماوية
وانما معناهما معاداة اعداء الله
كما قال تعالى :
{ يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء تلقون اليهم بالمودة}
وليحصل التمايز بين المسلم والكافر حتى يحتفظ المسلم باسلامه وعقيدته ويعتز بدينه
كما قال تعالى :
{وانتم الاعلون ان كنتم مؤمنين}
وقال تعالى :
{ لا يستوي أصحاب النار وأصحاب الجنة}
وقال تعالى :
{ قل لا يستوى الخبيث والطيب ولو اعجبك كثرة الخبيث فاتقوا الله يا أولي الألباب لعلكم تفلحون}
وقال تعالى :
{ أفنجعل المسلمين كالمجرمين ما لكم كيف تحكمون}
وقال تعالى
{ أم نجعل الذين آمنوا وعملوا الصالحات كالمفسدين في الأرض أم نجعل المتقين كالفجار}
فالمسلم يعتز باسلامه ولا تذوب شخصيته في غير المسلمين
بل يقول
{ لكم دينكم ولي دين}
ويقول
{أنتم بريئون مما أعمل وأنا بريء مما تعملون}
ولذا فقد نهى المسلم ان يتشبه بغير المسلمين, قال صلى الله عليه وسلم (من تشبه بقوم فهو منهم)
لان التشبه بهم في الظاهر يدل على محبتهم في الباطن
وليس المقصود بالولاء والبراء الارهاب او الاعتداء على الناس بغير حق
فالمسلم يدعو الناس الى الاسلام بحاله قبل ان يدعوهم بمقاله والدعوة بالمقال تكون بالحكمة والموعظة الحسنة والجدال بالتي هي أحسن
كما أمر الله نبينا محمداً صلى الله عليه وسلم بذلك
وكما امر الله بذلك موسى وهارون عليهما السلام لما أرسلهما الى فرعون
وقال لهما
{ فقولا له قولا لينا لعله يتذكر أو يخشى }
فالمسلم وان ابغض الكفار من أجل دينهم فانه يتحلى بالاخلاق الفاضلة والمعاملة الحسنة والعدل في القول والعمل معهم ومع غيرهم قال تعالى
{ واذا قلتم فاعدلوا } { وان عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به}
هذا ونسأل الله ان يرينا الحق حقا ويرزقنا اتباعه ويرينا الباطل باطلا ويرزقنا اجتنابه
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه.نقلاً عنلطفــــــاً .. من هنـــــــــــــــــــا