خزانة الربانيون

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

    مائة وخمسون فائدة من أدعية استفتاح الصلاة ...

    avatar
    الشيخ إبراهيم حسونة
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 9251
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 08/05/2008

    الملفات الصوتية مائة وخمسون فائدة من أدعية استفتاح الصلاة ...

    مُساهمة من طرف الشيخ إبراهيم حسونة 13.10.08 17:37

    (150) مائة وخمسون فائدة من أدعية الاستفتاح في الصلاة

    الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين ، وبعد :

    فقد تعددت صيغ أدعية الاستفتاح للصلاة الثابتة عن النبي > ، ولا شك بأن هذا التعدد له مميزاته ، وفيه أسراره الإيمانية ، وإكمالا لمشروع " الفوائد التربوية من الأحاديث النبوية " الذي يسر الله لي البداءة فيه ، أحببت أن أذكر بعض الفوائد التربوية وغيرها من أدعية الاستفتاح ، طالبا من ربي المدد والإعانة والفتح ، وألا يحرمني بذنوبي :
    الدعاء الأول :


    " اللهم بَاعِدْ بَيْنِي وَبَيْنَ خَطَايَايَ كما بَاعَدْتَ بين الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ اللهم نَقِّنِي من الْخَطَايَا كما يُنَقَّى الثَّوْبُ الْأَبْيَضُ من الدَّنَسِ اللهم اغْسِلْ خَطَايَايَ بِالْمَاءِ وَالثَّلْجِ وَالْبَرَدِ "
    وفيه من الفوائد التربوية وغيرها ما يلي :


    الفائدة الأولى :


    مناسبة دعاء الاستفتاح في أول الصلاة وقبل القراءة ظاهرة جدا ، بل إنه لا يحسن به إلا هذا الموضع ، فهو كالمقدمة بين يدي الملوك ، لأن الفاتحة مناجاة ومخاطبة بين العبد وربه ، وأي مناجاة ومحادثة من الأليق أن يتقدمها جمل ليست بالطويلة المملة فيضيع معها مقصود المناجاة ، وليست بالقصيرة التي لا تغني ، فكان موقعه أنسب المواقع ، والحاجة له داعية .


    الفائدة الثانية :


    من تأمل ألفاظ الحديث وجد أن النبي > يطلب ربه المباعدة بينه وبين ذنوبه ، وأن ينقيه من الخطايا ، وأن يغسله بالماء والثلج والبرد ، وبهذا رفع الله رسله وأنبياءه ، حيث أنهم يجتهدون في الأعمال لمعرفتهم بعظمة من يعبدونه ، فأمتهم أحرى بذلك( ) .


    الفائدة الثالثة:


    فيه الاعتراف بالذنوب والخطايا ، فمن تأمل الحديث وجد تكرار " خطاياي " ثلاث مرات ، وهذا له أثره على طرد العجب ، ومعرفة قدر النفس ، وشدة الارتباط بالله ، وذلك أكثر مناسبة للوقوف بين يدي الله والتقديم بين مناجاته ، حيث يعترف العبد بذنوبه وخطاياه ويطلب من ربه أن يباعد بينه وبينها بحيث لا تحول بينه وبين ربه .


    الفائدة الرابعة:


    في الحديث ثلاث مراتب للمؤمن مع خطاياه ، وكلها لها اعتبارات مختلفة، وهي :


    المرتبة الأولى : " باعد بيني وبين خطاياي " وهي مرتبة المباعدة ، وهذه الحالة تصدق على المؤمن قبل مواقعة الذنب ، فإنه يسأل ربه أن يباعد بينه وبين خطاياه أمدا بعيدا ، فإن هذا أدعى للسلامة من الوقوع فيها .


    المرتبة الثانية : " اللهم نقني من خطاياي " وهي مرتبة التنقية ، والمراد والله أعلم محو الذنوب وإزالتها ، وهذه المرتبة تتناول الذنوب التي واقعها ، فيطلب من ربه أن يمحوها ويزيلها عنه ويغفرها له .


    المرتبة الثالثة : " اللهم اغسلني من خطاياي " وهي مرتبة الغسل ، والمراد والله أعلم إزالة أثر الذنب بعد فعله ، وتصدق هذه الجملة على من تلبس بالذنب وواقعه ، ثم تاب لربه فإنه يسأل ربه أن يزيل أثر الذنب عنه ، فإن للذنوب أثرا غير كتابتها ، فكم من نظرة أورثت ندامة وأزالت علما ، مع أنها قد تغفر لصاحبها ، وذلك والله أعلم حتى لا يستوي من وقع بالذنب مع من لم يقع فيه .

    فشملت هذه الجمل الثلاث " باعد – نقني – اغسلني " مراتب المؤمن أمام الذنوب ، والله أعلم بأسراره شرعه .


    الفائدة الخامسة :


    وهناك رأي آخر في المراتب الثلاث قاله الكرماني رحمه الله : " يحتمل أن يكون في الدعوات الثلاث إشارة إلى الأزمنة الثلاثة ، فالمباعدة للمستقبل ، والتنقية للحال ، والغسل للماضي "( ) .


    الفائدة السادسة :


    في قوله " اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب " المراد بها الذنوب التي لم يمارسها ، وعلى هذا يأتي سؤال : لماذا طلب المباعدة دون غيرها ؟
    والذي يظهر والله أعلم لأن الله كتب على ابن آدم حظه من الذنوب مدرك ذلك لا محالة ،فلا نجاة للعبد منها أبدا ، فاقتصر في الدعاء على المباعدة وهي تدل على التأخير ، وهذا أنسب لأنه أبطأ أثرا .


    الفائدة السابعة :


    في تكرار لفظ " بين " في قوله : " بيني وبين خطاياي " دليل على شدة طلب العبد ربه أن يباعد بينه وبين ذنوبه أبعد مما بين المشرق والمغرب ، ولهذا لم يتكرر لفظ " بين " في قوله "بين المشرق والمغرب " وهذا الشعور في شدة الطلب بالمباعدة له أثره على معرفة العبد لأثر الذنوب والوقوع فيها .


    الفائدة الثامنة :


    في قوله " باعد بيني وبين خطاياي " دليل على أن الدنو من المعاصي والقرب من الذنوب وأماكنها أحد الأسباب التي تجعل العبد يقع فيها ، فمن هنا طلب العبد من ربه أن يباعد بينه وبين الخطايا حتى لا يجد سبيل يوصله إليها .


    الفائدة التاسعة :


    قوله : " باعد بيني وبين خطاياي" المباعدة تشمل :
    أ ـ طلب مباعدة الأثر : والمراد المباعدة من تأثيراتها وعقوباتها الدنيوية والأخروية( ) ، فإن للذنوب أثرا في الدنيا والآخرة ، فيطلب المؤمن من ربه أن يباعد بينه وبين أثارها الدنيوية والأخروية .
    ب ـ وتشمل المباعدة المكانية : فيسأل ربه أن يباعد بينه وبين ذنوبه من حيث المكان ، فلا يكون قريبا من مواقع المعاصي ومواطنها لأن ذلك يسهل الوقوع فيها .
    ج ـ المباعدة الزمانية : فيسأل ربه أن يباعد بينه وبين زمن الوقوع في الخطايا ، فإن المؤمن يكون في عافية حتى يقع في شيء من الذنوب ، وهذا كالنتيجة للمباعدة الأولى .


    الفائدة العاشرة :


    المؤمن هو الحريص على إبعاد نفسه عن الذنوب ، فلذلك بدأ في طلب المباعدة بنفسه فقال : " باعد بيني " فبدأ بنفسه إشعارا منه لربه بأنه هو الحريص على الهروب من الذنوب ، وهذا في مقام الاستفتاح مناسب جدا ، فإن العبد بين يدي ربه يريد أن يظهر لربه وهو – وهو سبحانه أعلم به – أنه حريص كل الحرص على أن يقف بين يدي ربه هاربا بنفسه من الذنوب ومواقعها ، وهذا أنسب من لو قال : باعد بين خطاياي وبيني .


    الفائدة الحادية عشرة :


    قوله : " بين المشرق والمغرب " هذه أبعد مسافة بين نقطتين ، فكأن المراد باعد بيني وبين خطاياي بُعداً كثيرا كأبعد مكانين عن بعضهما وهما المشرق عن المغرب ، فإن ما عداهما من الأمكنة وإن بَعُد لا يصل إلى بعدهما .


    الفائدة الثانية عشرة :


    قال : " باعد " ولم يقل : أبعد لأن صيغة " باعد " تقتضي المبالغة في الإبعاد ، بخلاف الإبعاد فإنه يطلق على مجرد البعد دون الأبعد ، وهذا هو شعور المؤمن حين يقف أمام ربه يناجيه ويسأله مستعدا لمخاطبته فإنه يسأل ربه أن يباعد بينه وبين ذنوبه أبعد ما يمكن ، فاختار من الكلمات ما يناسب هذا الحال .


    الفائدة الثالثة عشر :


    نسب الذنوب لنفسه فقال : " خطاياي " فالعبد هو الذي باشرها ولذلك نسبها لنفسه ، وفي هذا رد على القدرية .


    الفائدة الرابعة عشر :


    دل الدعاء على أن الخطايا والذنوب تؤثر على مناجاة العبد لربه ، فكلما سلم العبد منها ، وتطهر من آثارها كلما كانت المناجاة أتم ، فلما كان المصلي بحاجة لتمام المناجاة ، والذنوب تؤثر عليها صار العبد يطلب من ربه المباعدة بينه وبين خطاياه .
    وعلى هذا من أراد التلذذ بمناجاة الله فليطهر نفسه من الذنوب فإن لها أثرا في المنع .


    الفائدة الخامسة عشر:


    في دعاء الاستفتاح يُظهِر العبد لربه تمام ذله بين يديه ، وأن الله هو مالك الأمر ، وبيده كل شيء ، وأن العبد ضعيف مذنب ، وهذا من مقاصد العبادة ، ولهذا يقول المستفتح : " اللهم باعد بيني وبين خطاياي " ويقول : " اللهم نقني من خطاياي " وهكذا .


    الفائدة السادسة عشر:


    في قوله : " نقني من خطاياي " اعتراف بالذنب وأن العبد قد قارف الذنوب والمعاصي


    الفائدة السابعة عشر :


    في طلب العبد من ربه المباعدة والتنقية والغسل دليل على أن العبد ليس له ملجأ إلا لربه ، فالعبد على هذا محتاج لله قبل الذنب بأن يباعد الله بينه وبين ذنبه ، ومحتاج لربه بعد الذنب بأن ينقيه منه ومن أثره ، وهذا تفسير لقوله > في الحديث الآخر : " ﴿ لا ملجأ ولا منجا إلا إليك ﴾ .


    الفائدة الثامنة عشر :


    شبه النفس بالثوب في قوله : " كما ينقى الثوب " وهذا له ما يشابهه في قوله تعالى : وثيابك فطهر فقد فسرها جماعة من المفسرين بأن المراد بالثياب : النفس ، والحديث يشهد لهذا التفسير .


    الفائدة التاسعة عشر:


    شبه الذنوب بالدنس ، والدنس هو التلطخ بقبيح( ) ، ولا أقبح من الذنوب ، والوقوع فيها تلطخ بها .


    الفائدة العشرون :


    صيغة " نقني " أبلغ في طلب التنقية من " أنقني " ولهذا أتى بالصيغة التي تدل على زيادة في طلب التنقية ، وهي أليق بمقام التذلل لله سبحانه وتعالى ، فإنها تشعر أن العبد ملئ بالخطايا والذنوب ، فهو محتاج إلى المبالغة في تنقيتها ، فكلما ازدادت الأوساخ زادت الحاجة إلى زيادة التنقية .


    الفائدة الحادية والعشرون :


    ذكر الثوب الأبيض دون غيره من الألوان لأنه أظهر من غيره من الألوان( ).

    الفائدة الثانية والعشرون :

    وكذلك قوله : " الثوب الأبيض " إشعار منه إلى أن هذا هو الأصل ، فالأصل أن نفس المؤمن تكون صافية ناصعة البياض ، سليمة مما يدنسها ، فإن تلطخت بالذنوب فإن المؤمن مطالب بأن يرجع إلى ما كان عليه من الأصل ، وهو البياض .


    الفائدة الثالثة والعشرون :


    وكذلك قوله : " الأبيض " إشعار منه إلى أن نفس المؤمن تتأثر بأدنى ذنب ، كما يتأثر الثوب الأبيض – دون غيره من الألوان - بأدنى دنس ، وعلى هذا فإن المؤمن عليه أن يحذر من الذنوب دقيقها وجليلها ، وعلى هذا كان نهج الصحابة ش كما قالت عائشة ك : " إنكم تعملون أشياء كنا نعدها زمن النبي > من الكبائر " .


    الفائدة الرابعة والعشرون :


    سبب تخصيص الغسل بالماء والثلج والبرد مع كون الماء الحار أبلغ في التنظيف ؛ لأن " الخطايا توجب للقلب حرارة ونجاسة وضعفا ، فيرتخي القلب وتضطرم فيه نار الشهوة وتنجسه ، فإن الخطايا والذنوب له بمنزلة الحطب الذي يمد النار ويوقدها ، ولهذا كلما كثرت الخطايا اشتدت نار القلب وضعفه ، والماء يغسل الخبث ويطفئ النار ، فإن كان باردا أورث الجسم صلابة وقوة ، فإن كان معه ثلج وبَرَد كان أقوى في التبريد وصلابة الجسم وشدته ، فكان أذهب لأثر الخطايا "( ) .

    " وقال الكرماني : جعل الخطايا بمنزلة نار جهنم لأنها مستوجبة لها بحسب وعد الشارع ، فعبر عن إطفاء حرارتها بالغسل تأكيدا في الإطفاء ، وبالغ فيه باستعمال المبردات ترقيا عن الماء إلى أبرد منه ، وهو الثلج ثم إلى أبرد من الثلج وهو البرد ، بدليل جموده لأن ما هو أبرد فهو أجمد "( ) .


    الفائدة الخامسة والعشرون :

    في قوله : " كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس " وقوله : " اغسلني من خطاياي بالماء والثلج والبرد " تشبيه للأمر المعنوي بالأمر الحسي( ) ، وهذا له أثره على التفكر بالدعاء ومعرفة معانيه ومقاصده ، فإن المؤمن إذا دعا بطلب التنقية من الذنوب وذكر تنقية الثوب الأبيض من الدنس كان عارفا بمعناها ، مستظهرا لمدلولها ، ومثله إذا دعا ربه أن يغسله من ذنوبه بالماء والثلج والبرد أيضا .

    وكلما كان الإنسان متفكرا بمعنى دعائه ، مدركا له ، كان ذلك أدعى للإجابة .

    avatar
    الشيخ إبراهيم حسونة
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 9251
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 08/05/2008

    الملفات الصوتية رد: مائة وخمسون فائدة من أدعية استفتاح الصلاة ...

    مُساهمة من طرف الشيخ إبراهيم حسونة 13.10.08 17:42

    الفائدة السادسة والعشرون :

    في قوله : " بالماء والثلج والبرد " طلب المبالغة في التطهير ، وهكذا المؤمن يسأل ربه أن يطهره ويغفر له وينقيه ، ويكرر العبارات ، ويعيد الجمل مع اتحاد المدلول ، وذلك مبالغة منه في طلب التطهير .

    الدعاء الثاني :


    ﴿ وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفًا وما أنا من الْمُشْرِكِينَ ، إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لَا شَرِيكَ له وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وأنا من الْمُسْلِمِينَ ، اللهم أنت الْمَلِكُ لَا إِلَهَ إلا أنت ، أنت رَبِّي وأنا عَبْدُكَ ظَلَمْتُ نَفْسِي وَاعْتَرَفْتُ بِذَنْبِي فَاغْفِرْ لي ذُنُوبِي جميعا إنه لَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إلا أنت ، وَاهْدِنِي لِأَحْسَنِ الْأَخْلَاقِ لَا يَهْدِي لِأَحْسَنِهَا إلا أنت ، وَاصْرِفْ عَنِّي سَيِّئَهَا لَا يَصْرِفُ عَنِّي سَيِّئَهَا إلا أنت ، لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ وَالْخَيْرُ كُلُّهُ في يَدَيْكَ وَالشَّرُّ ليس إِلَيْكَ ،أنا بِكَ وَإِلَيْكَ تَبَارَكْتَ وَتَعَالَيْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتُوبُ إِلَيْكَ ﴾ وفيه فوائد :


    الفائدة السابعة والعشرون :


    ذكر الوجه دون غيره من الأعضاء لأنه أشرفها ، ففيه دلالة على التعبير عن الكل بالجزء ، وتسمية الشيء ببعضه ، فقد عبر عن الجسم بالوجه .


    الفائدة الثامنة والعشرون :


    لم يذكر القلب – في الحديث - مع أنه أهم في توجهه ، ولعل السبب لأن المؤمن مطالب بأفعال الظواهر لأن عليها الثواب والعقاب ، أما البواطن فأمرها إلى الله ، فعلق الأمر على أمر ظاهر يمكن مشاهدته .


    الفائدة التاسعة والعشرون :


    ذكره الوجه دليل على ارتباط الظاهر بالباطن ، والقلب بالجوارح كما هو مذهب أهل السنة والجماعة في العلاقة بين أعمال القلوب وأعمال الجوارح .

    فتوجه قلب المصلي لله أثر على توجه جوارحه ومنها الوجه ، ثم يبقى بعد ذلك مقدار هذا التوجه مبني على مقدار توجه القلب لربه ، فكلما زاد توجه القلب لربه زاد توجه الجوارح ، فخشع البصر فلم يتعد موضع سجود ، وسكنت جوارحه فلم تطيش ، وأما إذا ضعف توجه القلب لله ضعف أيضا توجه الجوارح ، فأصبح البصر يلتفت وهذا اختلاس يختلسه الشيطان من صلاة المرء ، والجوارح تعبث ، وقد يصل الأمر إلى أضعف من هذا .


    الفائدة الثلاثون :


    قوله : " وجهت وجهي للذي فطر السموات " دليل على تلازم توحيد الربوبية مع الألوهية ، فمن عرف أن الله هو فاطر السموات والأرض قاده ذلك إلى التوجه له بالعبادة .


    الفائدة الحادية والثلاثون :


    قوله : " فطر السموات والأرض " فيه حث على التفكر في مخلوقات الله وآلائه ، وأن التفكر فيها يهدي للتوجه لربها وفاطرها ومبدعها سبحانه وتعالى .
    فكم يمر الإنسان بجبال وأنهار ؟ وكم نغفل عن الليل والنهار والشمس والقمر ؟ وصدق الله وفي أنفسكم أفلا تبصرون .


    الفائدة الثانية والثلاثون :


    فيه دليل على أن قراءة جزء من الآية في الدعاء أو غيره لا يعتبر قرآناً ، لأن قوله : " فطر السموات والأرض وما أنا من المشركين إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين " هذه جزء من آية ، فلو كانت قرآنا لكان المستفتح بهذا الدعاء مخالفا للسنة حيث قرأ قرآنا قبل الفاتحة ، فصح القول بجواز قول الدعاء والذكر ولو تضمن جزء من آية ، وعلى هذا لو قرأ في ركوعه تسبيحا فيه جزء من آية لم يكن داخلا في النهي عن قراءة القرآن وهو راكع .


    الفائدة الثالثة والثلاثون :


    فيه التوكيد على الاعتراف بالتوحيد لله سبحانه ، وقد تكرر الاعتراف له في هذا الدعاء أكثر من مرة :
    فقوله : " وجهت وجهي " ، وقوله : " حنيفا " ، وقوله : " مسلما "( ) ، وقوله : " وما أنا من المشركين " .
    كلها عبارات تدل على التوحيد ، وتعطينا الأهمية التي ينبغي أن يكون عليها المؤمن في ذكره لتوحيده ، وهذا التكرار والاعتراف يناسب دعاء الاستفتاح جدا ، فإن المصلي يريد أن يناجي ربه ، ولهذا يذكر له توحيده له ويكرر هذا الأمر فإنه لن يجد أمرا يذكره في هذا المقام أفضل من ذكره للتوحيد .

    الفائدة الرابعة والثلاثون :

    ما تقرب متقرب لله سبحانه وتعالى أفضل من أن يوحده ، ويبرأ من الشرك به .


    الفائدة الخامسة والثلاثون :


    بين هذا الدعاء أن الإنسان لا يخلو من حالتين فقط :
    حنيف موحد أو مشرك ، لأنه قال : " حنيفا وما أنا من المشركين " ولو كان هناك خيار ثالث لذكره ، لأن المقام مقام إثبات ونفي ، فيقتضي الحصر ، فعلى الإنسان أن يفتش عن نفسه ، ويجدد إيمانه بالله سبحانه وتعالى .


    الفائدة السادسة والثلاثون :


    الملاحظ أن الصيغة في أول الحديث صيغة إفراد ، ثم قال: " وما أنا من المشركين " وهي صيغة جمع ، ولعل ذلك – والله أعلم – ليبين أن المؤمن لا يغتر بكثرة الهالكين ، فكأن لسان حال المؤمن الموحد : أني وجهت وجهي موحدا لك ، ولست من أولئك الذين أشركوا بك ، فلم أغتر بهم وبعددهم لأنهم على ضلالة .


    الفائدة السابعة والثلاثون :


    في قوله : " صلاتي ونسكي " ذكر أهم عبادتين وهما : الصلاة والذبح لأنهما يتضمنان كثيرا من العبادات الأخرى ، فالصلاة تتضمن الذكر وقراءة القرآن والدعاء والخشوع والإخلاص وغيرها ، والذبح يتضمن التسليم والانقياد والتعظيم والبذل المادي وغيرها ، وكثيرا ما تقترن الصلاة بالذبح كما في قوله : " فصل لربك وانحر " .


    الفائدة الثامنة والثلاثون :


    قوله : " ومحياي ومماتي " يشمل ما يلي :


    أ ـ حال الحياة وحال الموت ، والمعنى على هذا : أن حياتي كلها ، وموتي لله رب العالمين ، أحيا على التوحيد وأموت عليه،وهو هنا يشمل الحياة على التوحيد والثبات عليه .


    ب ـ حال الحياة وما بعد الموت ، والمعنى على هذا : أن حياتي كلها لله أطيعه فيها ، وأعمل الصالحات ، و ما بعد الموت أيضا لله من الحشر والصراط وغيره ، إلا أن ما بعد الموت على هذا التفسير لا يستقيم مع قوله " لله رب العالمين " فإن الآخرة در جزاء .


    ج ـ أن حال الحياة وحال الموت بيد الله ، الله متصرف فيها كما يشاء ، وهذا وإن كان صحيحا من حيث المعنى إلا أنه ناقص المعنى فإن الله متصرف بكل شيء بقوته وقهره سبحانه وتعالى .


    ولا شك بأن المعنى الصحيح من هذا الأمور هو أكملها وأوسعها وهو الاحتمال الأول ، لأنه يشمل حال الحياة وحال الممات ، فكان لسان حال المؤمن :
    أن حياتي كلها بجميع أعمالها أصرفها لله وحده ، فأعبده فيها موحدا له لا أشرك معه غيره ، وأستمر على هذا التوحيد إلى حال مماتي فاثبت عليه أيضا موحدا بالله غير مشرك .


    الفائدة التاسعة والثلاثون :


    دل قوله : " وبذلك أمرت " أن المؤمن يستسلم لأمر الله ، وأنه لا خيار له في عبادته لربه ، وإنما هو طاعة لأمره ، وتنفيذا لحكمه سبحانه ، فإن قصر في ذلك فقد قصر في واجب من الواجبات التي شرعها الله له .


    الفائدة الأربعون :


    في قوله : " وأنا من المسلمين " روايتان :
    " وأنا من المسلمين " و " وأنا أول المسلمين " وكل واحدة لها معنى :
    فرواية مسلم : " وأنا من المسلمين " أي أصرف صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله وحده لا شريك له ، وأنا بذلك من المسلمين المأمورين بذلك .
    والرواية الأخرى : " وأنا أول المسلمين " أي : أنا أمرت بأن أصرف صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله ، وسأكون أول المسلمين الممتثلين بذلك ، وعلى هذا فيها دلالة على المسارعة في فعل الخيرات ، وامتثال الأوامر .


    الفائدة الحادية والأربعون :


    المستفتح بهذا الدعاء تلكم عن نفسه أولا بما مضى بيانه " وجهت وجهي ..." ثم توجه بخطابه إلى ربه بأنه الملك " اللهم أنت الملك ... "
    وهذا أحسن ما يكون من ترتيب الخطاب أن يبدأ الفقير ببيان حاله وأنه قاصد الملك لا يقصد غيره أبدا ، ثم يثني على الملك بما هو أهله ، فإن ذلك يقع من الملك الموقع الحسن ، ولهذا بعد أن بيّن المصلي حاله وأنه توجه لربه لا شريك له ، وأنه لم يتجه لغيره ، بدأ بالثناء المباشر على ربه بأنه الملك لا إله غيره ، فقال : " اللهم أنت الملك لا إله إلا أنت " .


    الفائدة الثانية والأربعون :


    اسم الله الملك يناسب مقام الاستفتاح دون غيره من الأسماء الحسنى لأن المقام مقام مناجاة ومخاطبة وتذلل ، واسم الملك أليق بذلك ، ولهذا بدأ به المصلي في قوله في هذا الدعاء " اللهم أنت الملك " .


    الفائدة الثالثة والأربعون :


    هذا الدعاء كله ثناء على الله ومن ذلك :
    " الذي فطر السموات والأرض " و " لله رب العالمين " و " اللهم أنت الملك لا إله إلا أنت " و " أنت ربي " و " إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت " و " لا يهدي لأحسنها إلا أنت " و " لا يصرف عني سيئها إلا أنت " و " والخير كله في يديك ، والشر ليس إليك " و " لا ملجأ ولا منجا منك إلا إليك ، تباركت ربنا وتعاليت " .
    ومقام الاستفتاح يناسب أن يكثر المصلي من الثناء على الله فإن الثناء بوابة الملوك ، والله ملك الملوك ، ولا يليق المدح إلا له سبحانه وتعالى .


    الفائدة الرابعة والأربعون :


    هذا الدعاء يُظهر فقر العبد لربه ، ومن ذلك :
    " وبذلك أمرت " و " وأنا عبدك ظلمت نفسي ، واعترفت بذنبي ، فاغفر لي ذنوبي " و " أنا بك وإليك " .
    ومقام الاستفتاح يناسب أن يظهر العبد فقره لربه وذله له ، فإنه أرجى لرحمة ربه .


    الفائدة الخامسة والأربعون :


    في قوله : " أنت ربي وأنا عبدك " تمام منزلة العبودية لله ، والمسكنة له ، فإن المصلي يعترف بربوبية الله التي تعنى أنه قائم بشئون عبده وحاجاته كما هي دلالة معنى " رب " في اللغة ، وبالمقابل العبد يعترف بأنه عبد لهذا الرب ، ومن صفات العبد أنه لا يملك شيئا ، ولا يتصرف بشيء إلا فيما يرضي سيده ، فأي فقر يظهره العبد لربه أشد من قوله " أنت ربي وأنا عبدك " .


    الفائدة السادسة والأربعون :


    كما أن قوله : " أنت ربي " يشعر بالتودد لله ، ويتضمن معنى طلب الرحمة ، فإن الرب يرحم مربوبه ، والمصلي بحاجة لرحمة الله وهو قائم يناجي ربه .


    الفائدة السابعة والأربعون :


    في قوله : " ظلمت نفسي " دليل على أن ما يرتكبه العبد من خطأ وذنب هو ظلم لنفسه في المقام الأول .


    الفائدة الثامنة والأربعون :


    كما يشعر أيضا قوله : " ظلمت نفسي " بأن العبد هو المتضرر الوحيد في حال ارتكابه الذنب ، وأن ضرر ذنبه سيعود على نفسه ، فكأن لسان حال العبد : يا رب ما فعلته من ذنوب لا يعود ضرره عليك لكمالك ، وإنما أنا المتضرر به ، وقد اعترفت بظلمي لنفسي .


    الفائدة التاسعة والأربعون :


    يدل قوله : " ظلمت نفسي واعترفت بذنبي " أن العدل مع النفس هو بإقامتها على شرع الله وقهرها عليه .


    الفائدة الخمسون :


    في ترتيب قوله : " ظلمت نفسي ، واعترفت بذنبي ، فاغفر لي ذنوبي جميعا " ترتيب بديع حيث قسم الأمور إلى ثلاثة أشياء :

    أولا : منزلة الاعتراف بالذنب ، وهي قوله : " واعترفت بذنبي " .
    ثانيا : منزلة الطلب ، وهي قوله : " فاغفر لي ذنوبي جميعا " .
    ثالثا : منزلة النتيجة ، وهي قوله : " ظلمت نفسي " .

    فكان الأصل أن يقدم قوله : " اعترفت بذنبي " لكنه بدأ بالنتيجة " ظلمت نفسي " إظهار لتمام الافتقار لله ، فكأنه قال : لم أستفد شيئا ، فقد أذنب ، وها أنا اليوم أطلب منك المغفرة ، وهذا بهذا المقام أليق ، فسبحان اللطيف الحكيم .
    avatar
    الشيخ إبراهيم حسونة
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 9251
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 08/05/2008

    الملفات الصوتية رد: مائة وخمسون فائدة من أدعية استفتاح الصلاة ...

    مُساهمة من طرف الشيخ إبراهيم حسونة 13.10.08 17:48

    الفائدة الحادية والخمسون :

    في قوله : " واعترفت بذنبي ، فاغفر لي ذنوبي جميعا " تحقيق لما جاء في الحديث الآخر القدسي :" علم عبدي أن له ربا يغفر الذنب ، قد غفرت لعبدي فليعمل ما يشاء " .
    ولعمر الله إن الإنسان ليعمل الذنب وهو عالم به ، معترف بخطيئته ، نادم على مخالفة ربه ، لهو أهون عند الله ممن يعمل الذنب متحايلا على شرع الله كما يحدث اليوم في بعض المعاملات المالية ، وقضايا الأنكحة ، والله المستعان .


    الفائدة الثانية والخمسون :


    من تأمل الحديث وجد جميع رواياته - التي وقفت عليها – بلفظ " واعترفت بذنبي " ثم لما طلب المغفرة قال : " واغفر لي ذنوبي " فنلاحظ أنه غاير بين اللفظين ، فأفرد أولاً ثم جمع ثانيا ، فما السر في ذلك ؟


    لعل من الأسرار – والله أعلم وأحكم – أن المصلي المستفتح بهذا الدعاء يتكلم عن نفسه أولا مبينا توحيده وتوجهه للذي فطر السموات والأرض ، ثم أثنى على ربه بما هو أهله ، ثم تحدث عن نفسه وأنه عبد لله ، وقد ظلم نفسه وجاء معترفا بذنبه ، فهو يبين حاله ، وأنه كالعبد الآبق الهارب من سيده الذي جاء عائدا لسيده معترفا بخطئه ، فناسب ذلك أن يقول : " واعترفت بذنبي " .


    فلما انتقلت المناجاة إلى طلب بين يدي ربه ناسب أن يطلب من ربه مغفرة خطاياه جميعا ، فإن مقام الطلب يناسبه الجمع .


    الفائدة الثالثة والخمسون :


    في قوله : " إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت " مع قوله : " فاغفر لي ذنوبي جميعا " تناسب واضح في الدعاء ونهايته ، وهذا يرجع إلى فقه العبد بدعائه ، وتفكره وتدبره له .


    الفائدة الرابعة والخمسون :


    قوله : " إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت " أليق بهذا المقام من قول : إنك أنت الغفار ، وذلك لأن مقام المصلي في استفتاحه مقام العائد إلى ربه ، والعائد يناسبه أن يعترف بأنه لم يجد غير ربه ، فناسب أن يبدأ بالنفي " إنه لا يغفر " .


    ولذلك جميع ألفاظ الحديث بدأت بالنفي : " لا يغفر الذنوب إلا أنت " و " لا يهدي لأحسنها إلا أنت " و " لا يصرف عني سيئها إلا أنت " و " لا منجا ولا ملجأ " .


    الفائدة الخامسة والخمسون :


    قوله : " واهدني لأحسن الأخلاق " يدل على أن الأخلاق فيها حسن وأحسن ، وأنها مقامات ، والمؤمن الموفق من هداه الله لأعلى مقاماتها ، وهذا يجعل الإنسان يتجاوز التفكير بالانتصار للنفس من الغير عدلا من دون ظلم إلى خُلُقٍ أحسن من ذلك وهو العفو والصفح ، وحياة النبي > فيها الدلالة على التعامل بأحسن الأخلاق ، فمنه تستقى مادة أحسن الأخلاق .


    الفائدة السادسة والخمسون :


    في سؤال المصلي - المستفتح بهذا الدعاء - حسنُ الأخلاق لطيفة على التأكيد على موضوع الأخلاق ، وأن أهميتها وصلت إلى أن المصلي يسألها ربه قبل صلاته .
    وهذا يرد على الذين ينظرون على الأخلاق وأنها من محاسن الأمور ، ومن نوافل الإيمان دون فرائضه، فقد رفع هذا الحديث قدر الأخلاق حتى جعلها مما يستفتح بها المصلي صلاته ، وأنها من الواجبات شرعا ، فإن الدين كله يقوم على الأخلاق .


    الفائدة السابعة والخمسون :


    أظهر الحديث أن العبد لا يملك لنفسه ضرا ولا نفعا ، وأن الأمر بيد الله ، فالله هو الهادي لأحسن الأخلاق ، وهو الصارف لسيئها ، وهو غافر الذنب ، وهذا شعور يجب أن يخالط العبد الداعي لربه لأن العبودية تقوم على ذلك .


    الفائدة الثامنة والخمسون :


    قول المصلي في دعاء الاستفتاح : " واهدني لأحسن الأخلاق " دليل على ارتباط الصلاة بحسن الخلق ، فمن حسنت صلاته ، وقام بحقوقها وأركانها وواجباتها ، وخشع فيها ، كان له نصيب وافر من حسن الأخلاق ، كما أن الصلاة الكاملة تنهى عن الفحشاء والمنكر ، والتي هي في مقابل حسن الأخلاق ، فكذلك تأمر بحسن الأخلاق .
    ويمكن لنا أن نستنبط أن من وسائل حسن الأخلاق المحافظة على الصلاة بسننها ، بما في ذلك دعاء الاستفتاح هذا .


    الفائدة التاسعة والخمسون :


    الملاحظ أن لفظ دعاء الاستفتاح :" واهدني لأحسن الأخلاق " ولم يقل بعد ذلك : واصرف عني أسوأ الأخلاق ، تماثلا في اللفظ بين " أحسن " و " أسوأ " ، وإنما قال : " واصرف عني سيئها " لأن المؤمن لا يريد أدنى المرتبتين في السوء ، بينما يسعى لأكمل المرتبتين في الكمال ، فكأن لسان حال المؤمن : اهدني لأكمل الأخلاق الحسنة ، واصرف عني أي خلق سيء ، ففي الأخلاق الحسنة يسعى لأكملها وأعلاها وأفضلها ، وفي الأخلاق السيئة يسعى لإزالتها كلها لا يفرق بين السيئ والأسوأ .


    الفائدة الستون :


    في قوله : " واهدني لأحسن الأخلاق " تربية للمؤمن على الهمة العالية ، والسعي في تكميل نفسه ، ولا يرضى بالمرتبة الدنيا مع وجود غيرها أعلى منها .
    وكم أصبح الحصول على أدنى مراتب العلم الشرعي ، وبذل أقل جهد دعوي ، عذرا في عدم المواصلة ، ولا يزول ذلك إلا بهمة عالية تجعل المؤمن يسعى للكمال دائما .


    الفائدة الحادية والستون :


    في الحديث تربية للمسلم على الاستعاذة بالله من الأخلاق السئية .


    الفائدة الثانية والستون :


    لم يكتف الحديث بسؤال الله حسن الأخلاق ، وإنما أضاف لها سؤال الله أن يصرف عنه سيئها ، مع أن المتبادر للذهن أنه إذا رزق أحسن الأخلاق فقد صُرف عنه سيئها ، لكن هذا يدل على أن الأخلاق مراتب ، وهي حسب تقسيم الحديث :
    1ـ أحسن الأخلاق ، وهي أعلى المراتب .
    2ـ سيء الأخلاق ، وهي أسوأ المراتب .
    3ـ يكون فيه حسن أخلاق من جهة وسوء أخلاق من جهة أخرى .
    ولهذا لم يكتف بسؤال الله حسن الأخلاق حتى أضاف لها السلامة من سيء الأخلاق ليصل بذلك إلى أعلى المراتب ، وهي التي تجمع بين حسن الأخلاق مع السلامة من سيئها ، وهو هديه > .


    الفائدة الثالثة والستون :


    قوله : " لبيك " قيل في معناها أربعة أمور :

    " أحدها : إجابتي لك يا رب ، وإقامتي معك مأخوذ من : ألب بالمكان وألب به : إذا أقام به ، ومعنى التثنية فيه ، أي : إجابة بعد إجابة ، وإقامة بعد إقامة ، كما يقال : حنانيك ، أي : رحمة بعد رحمة .
    والثاني معناه : اتجاهي إليك وقصدي ، من قولهم : داري تلب دارك ، أي تواجههما ، والتثنية للتأكيد .
    والثالث : محبتي لك من قول العرب : امرأة لبة : إذا ما كانت محبة لولدها .
    والرابع : إخلاصي لك "( ) .
    والخامس : أنه انقياد ، من قولهم لببت الرجل إذا قبضت على تلابيبه ، ومنه لببته بردائه والمعنى انقدت لك .
    السادس : أنه من قولهم داري تلب دارك أي تواجهها وتقابلها ، والمعنى مواجهتك بما تحب متوجه إليك
    السابع : من قولهم فلان رخي اللبب ، وفي لبٍ رخي أي : في حال واسعة منشرح الصدر ، والمعنى : أني منشرح الصدر متسع القلب لقبول دعوتك
    الثامن : من الإلباب ، وهو الاقتراب أي : اقترابا إليك بعد اقتراب ، كما يتقرب المحب من محبوبه( ) .


    والمستفتح للصلاة المناجي ربه تشمله هذه المعاني كلها ؛ لأنه لا تناقض بينها فالمؤمن مقيم على إجابة ربه كلما دعاه ، منقاد له ، وقصده واتجاهه لربه سبحانه لا لغيره حسا ومعنى ، ومحبته الكاملة لله أيضا فهو المحبوب لذاته ، وإخلاصه عبادته لربه لا يخالطه شرك ولا رياء ، وهو بذلك منشرح الصدر ، ومن استفتح صلاته بهذا الشعور فحري أن يستجاب له .


    الفائدة الرابعة والستون :


    قوله : " وسعديك " أي مساعدة في طاعتك ، فهي تتضمن طلب المساعدة من الله على طاعته ، كما تتضمن السعد والسرور بذلك .


    الفائدة الخامسة والستون :


    الجمع بين " لبيك وسعديك " يدل على :
    أن المؤمن يستجيب لدعاء ربه ، ومع ذلك يطلب منه العون على عبادته ، فرجع أمر المؤمن كله لله بداية ونهاية .
    فالاستجابة لدعاء الله هو " لبيك " وطلب العون منه هو " سعديك " .


    الفائدة السادسة والستون :


    دل قوله : " وسعديك " على أن المؤمن يعبد ربه بانشراح صدر مسرورا بذلك ، ولا يكون ذلك إلا بتحقيق ركني العبادة : الذل والمحبة .
    وهما لا يجتمعان إلا لله ، فالله هو المعبود لذاته ، المطاع محبة له ، وهذا كله من قول المستفتح بهذا الدعاء " وسعديك " فهي كلمة تدل على السعد والانشراح والفرح بطاعة الله


    الفائدة السابعة والستون :


    في قوله : " لبيك " في استفتاح الصلاة مناسبة ، لأن الله نادى المؤمن لحضور الصلاة عن طريق المؤذن ، والمؤمن يقول : " لبيك " فهي إجابة لنداء حقيقي .


    الفائدة الثامنة والستون :


    الملاحظ أن قوله : " لبيك وسعديك " لم تأت في أول دعاء الاستفتاح مع أن النظر يقتضي أن يكون موقعها أول الكلام ، وذلك لأن اللائق بحال العبد الذي يريد مناجاة الله أن يبدأ الكلام بالثناء على الله ، وبيان ضعفه وخطئه وذنبه .

    وحاله في ذلك حال العبد المتمرد على سيده ، وسيده يدعوه ، فالأولى بحال هذا العبد إذا رجع لسيده أن يبدأ بالثناء على سيده والاعتراف بخطئه ثم يذكر أنه إنما رجع إجابة لنداء سيده ، وهذا أليق من كونه يبدأ خطابه بإجابة نداء سيده ، لأن الذنوب تدل على عدم تمام صدق العبد في تلك الإجابة .


    الفائدة التاسعة والستون :


    في قوله : " والخير كله في يديك " تفاؤلا من المؤمن بما عند الله ، وأن ما عند الله كله خير للعبد ، وتفاؤلا بقبول صلاته .


    الفائدة السبعون :


    قوله : " والخير كله في يديك " مناسب جدا لما قبله ، وهو قوله : " لبيك وسعديك " فكأن لسان حال المؤمن المستفتح بهذا الدعاء يقول : استجيب لك يا رب ، فساعدني على طاعتك ، فإن الخير كله في يديك ، ولا يأتي منك إلا الخير .


    فائدة الحادية والسبعون :


    في قوله : " والخير كله في يديك " أبلغ من قول : والخير في يديك كله ، لأن المقام مقام ثناء على الله ، وصيغة الحديث أبلغ في تحقيق الثناء على الله بتقديم " كل " لئلا يحول بين المؤكَد والمؤكِد شيء .


    الفائدة الثانية والسبعون :


    في قوله : " والشر ليس إليك " لم يقل : كله ، كما قال في الخير " والخير كله في يديك " وذلك لأن الله لا ينسب له شر محض البتة ، مهما دق كما هو منهج أهل السنة والجماعة .


    الفائدة الثالثة والسبعون :


    قوله : " والشر ليس إليك " يبين منهج أهل السنة والجماعة في القضاء والقدر وأن الله لا ينسب له شر البتة ، وهذا يعود أثره على إيمان الإنسان وثقته بربه .
    فالمؤمن يعيش حياته واثقا بربه أنه لن يقدر عليه شر محض ، وكل أمر كان ظاهره شرا فإن عقيدة المؤمن تجعله ينظر له بأن في باطنه من الخير ما لا يعلمه إلا مقدره سبحانه فإن الخير كله في يديه ، والشر ليس إليه .


    الفائدة الرابعة والسبعون :


    قوله : " والشر ليس إليك " فيها أدب مع الله حتى في الألفاظ ، فلم يقل : والشر ليس في يديك ، كما قال في الخير " والخير كله في يديك " وذلك لأن ظاهر قول : ليس في يديك يدل على أنه خارج عن ملك الله ، والله سبحانه لا يخرج عن ملكه شيء ، فكان الأولى أن يقال : ليس إليك ، وهي أبلغ في أداء المقصود ، وهذا يجعل المؤمن يتحرى حتى في ألفاظه أنسب العبارات والجمل .


    الفائدة الخامسة والسبعون :


    قال في نفي الشر عن الله : " والشر ليس إليك " والقياس أن يقول : والشر ليس منك ، وقد عدل عن ذلك لأنها أكثر أدبا في حق الله ، ولأن المؤمن ينفي نسبة الشر لربه ، وهي نتيجة لأن الله لا يخلق شرا محضا ، فذكر النتيجة ونفاها ، وهذا أبلغ ، فإن نفي النتيجة نفي لمقدماتها .
    avatar
    الشيخ إبراهيم حسونة
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 9251
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 08/05/2008

    الملفات الصوتية رد: مائة وخمسون فائدة من أدعية استفتاح الصلاة ...

    مُساهمة من طرف الشيخ إبراهيم حسونة 13.10.08 17:53

    الفائدة السادسة والسبعون :

    قوله : " أنا بك وإليك " شملت حياة الإنسان وموته ، وبيان ذلك :
    أن قوله : " أنا بك " يشمل حال الحياة ، فالإنسان في حال حياته مرتبط بربه ، ولولا ربه لم يحيا ولا يستطيع فعل أي شيء .
    وقوله : " وإليك " يشمل حال الموت ، فمرجع الإنسان إلى ربه ، وعودته إليه .
    فالمصلي المستفتح بهذا الدعاء أرجع أمر حياته وموته لربه سبحانه ، وهذا من عظيم منازل العبودية لله ، وهذا المعنى أوسع المعاني التي قيلت في هذه اللفظة .


    الفائدة السابعة والسبعون :


    قوله : " أنا بك " تدل على ضعف الإنسان وأنه لا يستطيع شيئا ، ولا يملك شيئا ، وإنما قوامه بالله ، فربط أمره بربه " أنا بك " .


    الفائدة الثامنة والسبعون :


    قوله : " أنا بك وإليك " يحتمل أيضا أن المراد حالات المؤمن مع الطاعة والمعصية ، وبيان ذلك :
    أنه في حال الطاعة لله ما كان ذلك إلا بالله وإعانته ، وهو المراد بقوله :" أنا بك " .
    وفي حال المعصية المرجع والمآب لله وحده ، وهو المراد بقوله : " وإليك " ، والإنسان لا يخلو من حالة طاعة أو المعصية .
    فكأن لسان حال المؤمن أن يقول : يا رب في حال طاعتي لك فإن هذا لم يكن إلا بإعانتك لي ، وفي حال معصيتي لك فليس لي أحد أرجع إليه إلا أنت .


    الفائدة التاسعة والسبعون :


    في بعض الروايات : " لا منجا ولا ملجأ منك إلا إليك " وهو تفسير لقوله في هذه الرواية : " أنا بك وإليك " ، ولقول : لا حول ولا قوة إلا بالله ، وبيان معناها في الفقرة القادمة .

    الفائدة الثمانون :


    قوله : " لا منجا ولا ملجأ إلا إليك " معناها لا مفر منك إلا بالرجوع إليك ، فأين المهرب وأنت تملك كل شيء ، ولا منجي من قدرك إلا إلى قدرك ، ولا من عذابك إلا إلى طاعتك .


    الفائدة الحادية والثمانون :


    قوله : " لا منجا ولا ملجأ " ليشمل الهروب والاختفاء ، والإنسان لا يخلو من هاتين الحالتين ، فرجع الأمر كله لله .

    الفائدة الثانية والثمانون :


    قوله : " لا منجا ولا ملجأ إلا إليك " إغلاق لجميع الطرق إلا طريق واحد ، وهو طريق الرجوع إلى الله ، فمن خلاله يدخل العاصي والطائع ، فالعاصي لا طريق للسلامة من عذاب الله إلا بالرجوع إلا الله والتوبة ، والطائع لا طريق لقبول طاعته إلا بالالتجاء إلى الله وسؤاله ، فرجع الخلق كلهم لله .


    الفائدة الثالثة والثمانون :


    قال في الدعاء : " لا منجا ولا ملجأ منك إلا إليك " ولم يقل " إلا بك " وذلك ليتضمن معنى الرجوع إلى الله ، أما الاستعانة بالله فقد مضى الاشارة إليها بقوله " أنا بك " فاقتضى السياق أن يكون هنا لفظ يشعر بالرجوع فجاءت صيغة " إليك " .


    الفائدة الرابعة والثمانون :


    قوله : " تباركت ربنا " جاءت في آخر الدعاء ، وهذا المكان أليق بها من غيره لأن التبارك كثرة الخير فناسب أن يختم بها صفات الثناء على الله لأن غيرها يدخل فيها ، ومخاطبة الملوك تقتضي هذا ، فإن المخلوق يثني عليهم ويمدحهم فإذا أراد أن يختم جاء بصفة مدح عامة ليدخل ما لم يذكره من الصفات فيها ، والله ملك الملوك سبحانه وأحق بذلك .


    الفائدة الخامسة والثمانون :


    قوله : " تباركت وتعاليت " يكثر الاقتران بين هاتين الكلمتين " تبارك " و " تعالى " والمناسبة بينهما ظاهرة لأن التبارك تعني السعة والعظمة والرفعة ، فناسب أن يأتي بلفظ يناسب الرفعة وهو " تعاليت " .


    فصاحب الخير الكثير في مكان عالٍ في قلوب الناس ، والله سبحانه وتعالى لا خير أكثر من خيره ، ولهذا تعالى حسا ومعنى ، فهو عالٍ على خلقه مستو على عرشه ، وعالٍ في قلوب عباده المؤمنين .


    الفائدة السادسة والثمانون :


    قوله : " أستغفرك وأتوب إليك " ناسب أن يختم بها ، حيث سبقها عبارات ثناء على الله فناسب أن يختم بطلب قبل صلاته ، فطلب المغفرة والتوبة وهي أعلى أماني المؤمن .


    الفائدة السابعة والثمانون :


    قوله : " أستغفرك وأتوب إليك " قرن بين الاستغفار والتوبة لينصرف الاستغفار إلى الذنوب التي فعلها ، وتنصرف التوبة إلى ما بعد حال الذنب ، فالعبد يسأل ربه أن يتوب عليه ويقبل رجوعه بعدما تلطخ بالذنب .


    الفائدة الثامنة والثمانون :


    قدم الاستغفار على طلب التوبة لأن محو الذنب مقدم على ما بعده ، فالعبد في بداية الأمر يسعى لئن يغفر الله له ذنبه ، ثم يأتي بطلب آخر ، فجاء ذلك على هذه الهيئة .


    الفائدة التاسعة والثمانون :


    كرر الاستغفار في هذا الدعاء في وسطه وآخره ليعطينا بذلك تصورا عن خطورة الذنوب ، وأنها تكون حاجبا بين العبد وربه في صلاته ، فلا تؤتي صلاته ثمرتها .


    الفائدة التسعون :


    في رواية لهذا الحديث : " واهدني لأحسن الأخلاق والأعمال لا يهدي لأحسنها إلا أنت " وهو دليل على أن الأخلاق تؤثر في الأعمال ولهذا قرن بينهما ، فإن المهدي في أخلاقه مهدي في أعماله ، فإن الأخلاق تشمل الأقوال والأفعال ، فإذا حسنت أخلاقه حسنت أعماله ولا بد .


    الفائدة الحادية والتسعون :


    وبالمقابل أيضا " واصرف عني سيء الأخلاق والأعمال لا يصرف عني سيئها إلا أنت " وهو أيضا دليل على تأثير الأخلاق السيئة على أعمال العبد ، فمن ساءت أخلاقه ساءت أعماله ولا بد .
    الدعاء الثالث :
    " سُبْحَانَكَ اللهم وَبِحَمْدِكَ تَبَارَكَ اسْمُكَ وَتَعَالَى جَدُّكَ ولا إِلَهَ غَيْرُكَ " وفيه فوائد :


    الفائدة الثانية والتسعون :


    هذا الاستفتاح اختاره بعض أهل العلم على بقية الأنواع لأجل أنه كله ثناء محض على الله ، وكان عمر بن الخطاب ط يعلمه الناس ، وهذا يعطينا مؤشرا على فهم الصحابة في تعليم الناس ، وأن المعلم عليه أن يختار أفضل أنواع العلم لينشرها ، فقد تضمن التسبيح والتحميد والبركة والعلو .


    الفائدة الثالثة والتسعون :


    بدأ هذا الحديث على خلاف الأدعية الأخرى ، فالغالب أن الأدعية تبدأ بـ " اللهم " بينما هذا الحديث بدأ بـ " سبحانك اللهم " وذلك تقديما لتنزيه الله على أي كلام آخر ، وهذا أليق بحال المصلي أن يبدأ بلفظ يشعر بالتنزيه أكثر من غيره .


    الفائدة الرابعة والتسعون :


    معمول التسبيح محذوف حيث قال : " سبحانك " ولم يذكر عن ماذا ؟ وذلك ليشمل تنزيه العبد لربه كل النقائص وبدون ذكر أو تحديد ، وهذا أبلغ في مقام التنزيه .


    الفائدة الخامسة والتسعون :


    جمع هذا الدعاء أحب الكلام وهي : سبحان الله ، والحمد لله ، ولا إله إلا الله ، والله أكبر ، وقد ثبت أنهن أفضل الكلام ، فاجتمع لهذا النوع من الاستفتاح ميزتان :
    الأولى : كونه مما يستفتح به في للصلاة .
    الثانية : كونه أفضل الكلام .


    الفائدة السادسة والتسعون :


    بُدء في هذا الحديث بالتسبيح والتنزيه قبل التحميد لأن موضوع هذا النوع من الاستفتاح كله تقديس وتمجيد لله فناسب أن يبدأ بالتنزيه .


    الفائدة السابعة والتسعون :


    قوله : " سبحانك اللهم " أبلغ في تخصيص التنزية من قول : سبحان الله ، وذلك لكاف الخطاب وهي تفيد الإغراق في تخصيص الخطاب ، والصلاة مقام مخاطبة بين العبد وربه فناسب تخصيص الخطاب .


    الفائدة الثامنة والتسعون :


    قوله : " اللهم " يدخل فيها جميع الأسماء الحسنى والصفات العلى ، والمصلي يريد أن يخاطب ربه بأكبر قدر ممكن من الأسماء الحسنى ، فناسب " اللهم " لأن غيرها يدخل فيها .


    الفائدة التاسعة والتسعون :


    قوله : " وبحمدك " أي : أبتدئ بحمدك .


    الفائدة المائة :


    قرن بين التسبيح والتحميد لأن التسبيح تنزيه عن صفات النقائص جميعا ، فاقتضى إثباتا لصفات الكمال كلها وهو ما يشعر به التحميد ، وهذا دليل على أن النفي المحض لا يمدح الله به كما هو قول الجهمية والمعطلة ، بل الله سبحانه ينفي عن نفسه المقدسة صفات النقص لإثبات صفات الكمال
    avatar
    الشيخ إبراهيم حسونة
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 9251
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 08/05/2008

    الملفات الصوتية رد: مائة وخمسون فائدة من أدعية استفتاح الصلاة ...

    مُساهمة من طرف الشيخ إبراهيم حسونة 13.10.08 17:58

    الفائدة الحادية ومائة :

    الواو في قوله : " وبحمدك " تحتمل أمورا :
    أ ـ واو مع ، والمعنى : سبحانك مع تحميدك ، فيقرن بين التسبيح والتحميد .
    ب ـ واو العطف،والمعنى:سبحانك اللهم وبحمدك سبحتك ، فعطف جملة على جملة .
    ج ـ واو الاستئناف ، والمعنى : وبحمدك حمدناك .
    د ـ واو الحال ، والمعنى : أسبحك متلبسا بحمدك .


    الفائدة الثانية ومائة :


    الباء في قوله : " وبحمدك " تحتمل :
    أ ـ باء السببية ، والمعنى : أسبحك وأنزهك بسبب ما تستحق من حمد .
    ب ـ باء الإلصاق ، والمعنى : أسبحك متلبسا بحمدك .
    وعلى كل فالمعنى أن المستفتح بهذا الدعاء يقرن بين التسبيح والتحميد لأن كل منهما لا يغني عن الآخر ، ولا يظهر كماله إلا باقترانه بالاسم الآخر ، فكان المستفتح بهذا الدعاء يقول في استفتاحه: أبدأ بتسبيح الله وتنزيهه عن صفات النقص التي يتنزه عنها ، وأحمده على صفات كماله التي يستحق الحمد عليها .
    ولهذا – والله أعلم لم يأت الباء في غير التحميد في هذا الدعاء ، وقد خلى " تبارك وتعالى " عن لحوق الباء ، لأن كلا من التبارك والتعالي يصلح إفراده عن الآخر ،بخلاف التسبيح والتحميد .


    الفائدة الثالثة ومائة :


    قوله : " وتبارك اسمك " أي كثر خيره .


    الفائدة الرابعة ومائة :


    قوله : " اسمك " يحتمل أمرين :
    أ ـ أن المراد اسم الله ، فأسماء الله مباركة ، بها يتحصن المتحصن ، ويستعيذ الخائف ، ويأمن المضطرب ، ويرقى ويستشفى بها وهكذا .
    ب ـ أن المراد ذات الله ، فالاسم يطلق على الذات .


    الفائدة الخامسة ومائة :


    قوله : " وتعالى جدك " أي ارتفعت عظمتك ، وهو متضمن لارتفاع الحظ والغنى المطلق وغيرها مما فسرها به أهل العلم .


    الفائدة السادسة ومائة :


    قوله : " تعالى " أنسب من أي لفظ آخر مثل : تعاظم مثلا أو غيرها ، للتشاكل من حيث المعنى بينها وبين " تبارك " قبلها، فإن اللفظين يدلان على العلو والسعة .


    الفائدة السابعة ومائة:


    ألفاظ أدعية الاستفتاح كلها تربي المؤمن على تعظيم الله قولا وفعلا ، فهي ثناء على الله أو مدح أو إجلال أو تنزيه أو اعتراف له بالعبودية ، وغير ذلك .


    الفائدة الثامنة ومائة :


    قوله : " ولا إله غيرك " هو كالنتيجة لما سبقه من عبارات ثناء ، فناسب أن يختم بالتهليل ، إعلاما بأنه المستحق بالعبودية وحده ، فسبحان الله العليم الحكيم .
    الدعاء الرابع :
    " الله أَكْبَرُ كَبِيرًا ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ كَثِيرًا ، وَسُبْحَانَ اللَّهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا " وهو قريب من الدعاء السابق ، وفيه فوائد أخرى :


    الفائدة التاسعة ومائة :


    قوله : " كبيرا " و " كثيرا " و " بكرة وأصيلا " كل واحدة من هذه الألفاظ تناسب الكلمة المقرونة بها ، فالتكبير يناسبه " كبيرا " ، والتحميد يناسبه " كثيرا " لكثرة ما يحمد عليه الله ، فما من نعمة في قديم أو حديث إلا وهي من الله ، والتسبيح يناسبه " بكرة وأصيلا " لما يراه الإنسان من نقائص في يومه وليلته ينزه الله عنها .


    الفائدة العاشرة ومائة :


    دل الدعاء على أن الجمع بين التكبير والتحميد والتسبيح يُفَتح له أبواب السماء ، كما في آخر هذا الحديث حيث قال النبي > : " عجبت لها فتحت لها أبواب السماء " .


    الفائدة الحادية عشرة ومائة :


    بدأ بالتكبير في هذا النوع من الدعاء لأن المصلي يترك كل شيء ويقبل على ربه لأنه أكبر عنده من كل شيء ، فناسب أن يبدأ بالتكبير ، حتى يتناسب فعله مع قوله .


    الفائدة الثانية عشرة ومائة :


    دل الدعاء على أن وقتي " البكرة والأصيل " وقتان لهما ميزة بين سائر الأوقات ، ولهذا – والله أعلم – تسن قراءة أذكار الصباح والمساء فيهما .


    الدعاء الخامس :


    " الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا كَثِيرًا طَيِّبًا مُبَارَكًا " ، وفيه بعض الفوائد ، وهي :


    الفائدة الثالثة عشر ومائة :


    هذا النوع من الاستفتاح تحميد لله فقط ، ويتناسب مع فاتحة أم الكتاب .


    الفائدة الرابعة عشر ومائة :


    جمع التحميد في هذا الحديث عدة مميزات تجعله صالحا للاستفتاح ، وهي :
    أ ـ الكثرة .
    ب ـ الطيب .
    ج ـ البركة فيه .
    ولا يوجد تحميد جمع مميزات مثل هذا الدعاء ، فإن الحمد قد يكون كثيرا لكن لا يكون طيبا فقد يدخله شيء من رياء أو غيره ، وقد يكون طيبا لكنه غير مبارك فلا يكثر أكثر مما هو عليه ، فجمع هذا الرجل في استفتاحه أفضل صفات التحميد .


    الفائدة الخامسة عشر ومائة :


    دل الحديث على جواز رفع الصوت بالذكر ، لأن الرجل قائل هذا الاستفتاح رفع به صوته ، ولم ينكر عليه النبي > .


    الفائدة السادسة عشر ومائة :


    دل الحديث على أن الملائكة يكتبون الدعاء والذكر داخل الصلاة ، ففي الحديث أن النبي > قال : " لقد رأيت اثْنَيْ عَشَرَ مَلَكًا يَبْتَدِرُونَهَا أَيُّهُمْ يَرْفَعُهَا " .


    الدعاء السادس :


    " اللهم لك الْحَمْدُ ، أنت قَيِّمُ السماوات وَالْأَرْضِ وَمَنْ فِيهِنَّ ، وَلَكَ الْحَمْدُ لك مُلْكُ السموات وَالْأَرْضِ وَمَنْ فِيهِنَّ ، وَلَكَ الْحَمْدُ أنت نُورُ السموات وَالْأَرْضِ وَمَنْ فِيهِنَّ وَلَكَ الْحَمْدُ أنت مَلِكُ السموات وَالْأَرْضِ ، وَلَكَ الْحَمْدُ أنت الْحَقُّ ، وَوَعْدُكَ الْحَقُّ ، وَلِقَاؤُكَ حَقٌّ ، وَقَوْلُكَ حَقٌّ ، وَالْجَنَّةُ حَقٌّ ، وَالنَّارُ حَقٌّ ، وَالنَّبِيُّونَ حَقٌّ ، وَمُحَمَّدٌ > حَقٌّ ،وَالسَّاعَةُ حَقٌّ ، اللهم لك أَسْلَمْتُ ، وَبِكَ آمَنْتُ ، وَعَلَيْكَ تَوَكَّلْتُ ، وَإِلَيْكَ أَنَبْتُ ،وَبِكَ خَاصَمْتُ ، وَإِلَيْكَ حَاكَمْتُ فَاغْفِرْ لي ما قَدَّمْتُ وما أَخَّرْتُ ،وما أَسْرَرْتُ وما أَعْلَنْتُ ، أنت الْمُقَدِّمُ ، وَأَنْتَ الْمُؤَخِّرُ لَا إِلَهَ إلا أنت ، أو لَا إِلَهَ غَيْرُكَ " وفيه فوائد جليلة ، منها بالإضافة لما سبق :


    الفائدة السابعة عشر ومائة :


    التحميد في هذا النوع من الاستفتاح بُين سببه ، فقرن بين كل حمد وسببه ، فيحمد لأنه قيم السموات والأرض ومن فيهن ، ويحمد لأنه نور السموات والأرض ومن فيهن ، وهكذا .


    الفائدة الثامنة عشر ومائة :


    بيان سبب التحميد له أثر على استشعار معناه ، فمن حمد الله حمدا مطلقا ، ليس كمن يحمده حمدا مقيدا بسببه ، فإن أثر التحميد يكون أظهر لمن ذكر سببه ، ولهذا عدد في هذا الدعاء أساب تحميد الله فحمده لأنه " نور السموات والأرض " وحمده لأنه " قيم السموات والأراضين " وهكذا .


    الفائدة التاسعة عشر ومائة :


    في هذا النوع من الاستفتاح جمع بين " قيّم ، ومُلك ، وملِك السموات والأرض " مع أن المؤدى واحد .
    والذي يظهر لأن مقام المصلي - خاصة في نافلة الليل – مقام تفصيل في الثناء ، فليس الأمر كالفريضة يتقيد المأموم بالإمام ، بل هو أمير نفسه .
    ثم إن هناك سببا آخر فيما يظهر لي ، وهو أن القيم قد لا يكون مالكا ، وقد لا يكون المالك ملِكاً ، فجمع بينها في هذا الدعاء ليُظهر عظمة الله سبحانه وتعالى ، وأنه قيم ومالك وملِك ، وهو أهل لذلك سبحانه وتعالى .


    الفائدة العشرون ومائة :


    حتى الجمادات شملها قيومية الله سبحانه وتعالى " السموات والأرض ومن فيهن " فلم يخرج من هذه الصيغة شيء .

    الفائدة الحادية والعشرون ومائة :

    قوله : " السموات والأرض " يشمل العالمين العلوي والسفلي وما بينهما .

    الفائدة الثانية وعشرون ومائة :

    جمع هذا الدعاء أعلى أنواع المدح لمقام الرب سبحانه وتعالى ، فكل هذا الدعاء مدح وثناء ، ويزيد على الأنواع الأخرى في كثرة تفصيلاته .

    الفائدة المائة والثالثة والعشرون :

    الحديث يربي الالتجاء والاعتصام بالله وطلب الحاجات إليه لأنه هو القيوم على السموات والأرض ومن فيهن .

    الفائدة المائة والرابعة والعشرون :

    هذا النوع من دعاء الاستفتاح يدل على أن الصلاة نور ، ولهذا يستفتح المصلي ربه بأنه نور السموات والأرض ومن فيهن ، ونور الصلاة قد يكون حسيا ، وقد يكون معنويا يرزق من خلاله المصلي المحافظ على صلاته نور البصيرة ، ويؤيده عموم قول النبي > : " الصلاة نور " .

    الفائدة المائة والخامسة والعشرون :

    بالعلاقة بين قول المستفتح بهذا الدعاء : " أنت قيم السموات والأرض " وبين الصلاة نستطيع القول بأن الصلاة تعين على قضاء الحاجات وتيسيرها ، والله سبحانه وتعالى شكور لعباده .
    avatar
    الشيخ إبراهيم حسونة
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 9251
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 08/05/2008

    الملفات الصوتية رد: مائة وخمسون فائدة من أدعية استفتاح الصلاة ...

    مُساهمة من طرف الشيخ إبراهيم حسونة 13.10.08 18:04

    الفائدة المائة والسادسة والعشرون :

    هذا النوع من الدعاء يعالج أمراض الشكوك وضعف اليقين ، ولهذا ختمت أغلب عباراته بقوله : " حق " .
    الفائدة المائة والسابعة والعشرون :
    الحديث يربي على الإيمان بالغيب وهو أحد الأركان التي لا يقوم الإيمان إلا بها ، فالإيمان بالله ووعده وقوله ولقائه وأنبيائه والساعة ؛ كلها من أمور الغيب .


    الفائدة المائة والثامنة والعشرون :


    ذكر في الحديث الوعد ولم يذكر الوعيد ؛ وذلك لأن الله غفور رحيم ، يعفو ويصفح ، أما وعده فكائن لا محالة بإذنه تعالى ، وفي هذا تربية على حسن الظن بالله .


    الفائدة المائة والتاسعة والعشرون :


    قوله : " وبك خاصمت " يحتمل أمرين :
    أ ـ أن خصومة المؤمن لغيره تكون في ذات الله ، لقوله : " وبك " حيث قصر خصومته بالله ، أي لأجل الله ، ولهذا كان النبي > لا ينتقم إلا إذا انتهكت محارم الله .
    ب ـ ويحتمل أن خصومة المؤمن ومحاجته للآخرين ، وظهوره عليهم بالحجة والبرهان مستمدة قوتها من الله وإعانته لعبده المؤمن ، لقوله : " وبك خاصمت " أي بإعانتك خصمت أعدائي .
    فشملت هذه الجملة الحجة بالبرهان والسنان .


    الفائدة المائة والثلاثون :


    قوله : " وإليك حاكمت " أي تحاكمت ، وهي مناسبة جدا لما قبلها ، من قوله : " وبك خاصمت " فإن المخاصمة بمعنييها تحتاج إلى حَكَم بين المتخاصمين ، والله سبحانه أحكم الحاكمين .


    الفائدة المائة والحادية والثلاثون :


    قوله : " وإليك حاكمت " تدل على أنه لا حاكم إلا الله ، ولا يتحاكم إلا إلى شريعته ، وبالمقابل تبديل شريعته يعتبر تحاكما لغيره ، قال الإمام النووي شارحا " إليك حاكمت " قال : " أي من جحد الحق حاكمته إليك ، وجعلتك الحاكم بيني وبينه لا غيرك مما كانت تحاكم إليه الجاهلية وغيرهم من صنم وكاهن ونار وشيطان وغيرها ، فلا أرضى إلا بحكمك ، ولا أعتمد غيره "( ) .


    الفائدة المائة والثانية والثلاثون :


    في الحديث قدم " إليك ، وبك ، وعليك " لإفادة التخصيص والحصر( ) ، فكأن المستفتح بهذا الدعاء حصر إسلامه وإنابته ومخاصمه ومحاكمته لله وبالله ، وهذا يفيد النفي عن غيره .


    الفائدة المائة والثالثة والثلاثون :


    قوله : " وبك خاصمت " يعطي المؤمن الثقة بربه ، والقوة في حجته ، لأنه يعتمد في حجته وقوته على إعانة ربه ، واستشعار ذلك يعطيه دافعا في مواصلة المقارعة بالحجة وعلى سلامة النية .


    الفائدة المائة والرابعة والثلاثون :


    في قوله : " وبك خاصمت " توجيه لطيف لمن يقوم بمحاجة الأعداء بالبراهين أن عليه أن ينطق بنية صالحة ، يجعل همه نشر دين ربه ، وصد من حال بين الله وبين عباده ، وعلى قدر نيته الصالحة يكون توفيق الله له في مخاصمته به ، والله أعلم .


    الفائدة المائة والخامسة والثلاثون :


    قوله : " أنت المقدم وأنت المؤخر " تحتمل أمورا :
    أ ـ أن الله يقدم من يشاء من عباده لطاعته ، ويؤخر آخرين .
    ب ـ أن الله يقدم من يشاء من عباده لثوابه ، ويؤخر آخرين .
    ج ـ أنها بمعنى الأول والآخر ، وهما اسمان من أسماء الله الحسنى معناهما : أنه ما من متقدم إلا والله قبله ، ولا من متأخر إلا والله بعده ، يرث الأرض ومن عليها سبحانه .
    ويظهر لي والله أعلم أن المقدم والمؤخر يشمل الأقوال جميعا ، فالله هو الذي يقدم من يشاء من عباده لطاعته ، وبالتالي للثواب ، ويؤخر من يشاء وبالتالي يستحقون العقاب ، كما أن الله سبحانه وتعالى المقدم لعباده لكل خير هو مقدم عليهم فهو الأول ، والآخر .


    الفائدة المائة والسادسة والثلاثون :


    قوله : " وما قدمت وما أخرت " ثم قال : " وما أسررت وما أعلنت " ليشمل ذلك جميع الذنوب في أي زمان سواء أكان متقدما أم متأخرا ، وجميع الأماكن سواء أكان سرا أم علانية ، ولهذا يعتر هذا الحديث من جوامع الدعاء .


    الفائدة المائة والسابعة والثلاثون :


    قوله : " وما أنت أعلم به مني " دليل على أن الإنسان يفعل أعمالا لا يعدها ذنوبا ، ومع ذلك قد تحجب عنه مناجاة الله ، وهذا يربي في نفس المؤمن دوام الاستغفار .
    كما يمكن أن يضيف إلى رصيد علم المؤمن أن المحاسبة تتعدى مواطن الذنوب لتصل إلى ما لا يظنه الإنسان ذنبا ، وهذا من قوله " وما أنت أعلم به مني " .


    الدعاء السابع :


    " اللهم رَبَّ جَبْرَائِيلَ وَمِيكَائِيلَ وَإِسْرَافِيلَ ، فَاطِرَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ ، عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ ، أنت تَحْكُمُ بين عِبَادِكَ فِيمَا كَانُوا فيه يَخْتَلِفُونَ ، اهْدِنِي لِمَا اخْتُلِفَ فيه من الْحَقِّ بِإِذْنِكَ ، إِنَّكَ تَهْدِي من تَشَاءُ إلى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ " وفيه فوائد :


    الفائدة المائة والثامنة والثلاثون :


    جمع في هذا النوع من الدعاء بين ربوبيته وألوهيته فقال : " اللهم رب " .


    الفائدة المائة والتاسعة والثلاثون :


    الجامع بين هؤلاء الملائكة الكرام الثلاثة هو الإحياء " فجبريل موكل بالوحي الذي به حياة القلوب والأرواح ، وميكائيل موكل بالقطر الذي به حياة الأرض والنبات والحيوان ، وإسرافيل موكل بالنفخ في الصور الذي به حياة الخلق بعد مماتهم "( ) .


    فكأن المستفتح بهذا الدعاء يريد حياة قلبه وروحه ، فذكر ربوبية الله لأهل الحياة ، كما أن هذا دليل على أن الصلاة حياة للقلوب .


    الفائدة المائة وأربعون :


    هذا الدعاء دليل على أن الاختلاف واقع بين الناس،والله يحكم بين المختلفين لقوله : " اهدني لما اختلف فيه " وهذا قدر كوني لا محيص عنه ، ويعالج بالقدر الشرعي من سؤال الله الهداية ، وطلب الحق من طريقه .


    الفائدة المائة والحادية والأربعون :


    قوله : " من الحق " من هنا بيانية أي : بينت الذي يراد الهداية له وهو الحق .


    الفائدة المائة والثانية والأربعون :


    قوله : " اهدني لما اختلف فيه من الحق " يشمل نوعين من الاختلاف :
    أ ـ الاختلاف بين الحق والباطل .
    ب ـ الاختلاف في مسائل الحق ، كخير الأمرين ، وأفضل العبادتين ، وهكذا .
    فيكون الداعي بهذا الدعاء سأل ربه الهداية للحق عموما في جميع الأزمان والأمكنة .


    الفائدة المائة والثالثة والأربعون :


    فيه إثبات المشيئة لله سبحانه وتعالى كما هو مذهب أهل السنة والجماعة ، لقوله : " من تشاء " .


    الفائدة المائة والرابعة والأربعون :


    أطلق على الخلق جميعا العبودية ، فقال : " أنت تحكم بين عبادك " وذلك لأن المقام مقام حُكْم بين العباد فاقتضى ذلك ملكهم والتصرف فيهم ، وهذا يأتي بلفظ العبودية أظهر من غيره .


    الفائدة المائة والخامسة والأربعون :


    الجمع بين صفة العلم وبين الهداية للحق في قوله : " عالم الغيب والشهادة اهدني " فيها إشارة إلى أن العلم يهدي لما اختلف فيه ، وبالمقابل الجهل يزيد صاحبه بعدا عن الهداية ، فليتزود الإنسان من العلم ليكون قريبا من الهداية للحق .


    الفائدة المائة والسادسة والأربعون :


    الحق هو الصراط المستقيم ، بدليل قوله : " اهدني لما اختلف فيه من الحق " ثم قال : " إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم " ولم يقل إنك تهدي إلى الحق ، وذلك لأن الحق هو الصراط المستقيم .


    الفائدة المائة والسابعة والأربعون :


    من الفائدة السابقة يتضح أن الباطل ليس صراطا مستقيما ، ولذلك يلزمه الاعوجاج والتلوي والبعد ، وكلها صفات ذاتية في الباطل .


    الفائدة المائة والثامنة والأربعون :


    قوله : " بإذنك " تحتمل أمرين :
    أ ـ أن تعود إلى طلب الهداية ، ويكون المعنى : اهدني بإذنك لما اختلف فيه من الحق .
    ب ـ أن تعود إلى الاختلاف ، ويكون المعنى : اهدني لما اختلف فيه بإذنك ، أي كأنها جوابا على سؤال سائل : كيف يختلف بين الحق والباطل ، مع أن الفارق بينهما ظاهرا جدا ، فيكون الجواب : أن الاختلاف وقع بإذن الله وفيه حكم له سبحانه .


    الفائدة المائة والتاسعة والأربعون :


    سؤال الله الهداية للحق يدلنا على أن هداية الله لا غنى للإنسان عنها ولو في أوضح الأمور وهي الهداية للحق من الباطل .


    الفائدة المائة والخمسون :


    حرص الداعي بهذا الدعاء على سؤال الهداية دليل على أن الحق قد يخفى أحيانا فيلتبس بالباطل فيحتاج العبد إلى هداية ربه للوصول له ، نسأل الله الكريم من فضله .


    وأخيرا :


    فهذه مائة وخمسون فائدة من أدعية الاستفتاح تؤكد لنا أهمية الصلاة ، فإن كانت هذه الفوائد توجد في استفتاحها فما بالك ببقية أقوالها وأفعالها ، ومن أمعن النظر ، وأدام الاستغفار ، وأطال الفكر في أسرار هذه الأحاديث سيقف على أكثر من ذلك ، لكن يعلم الله كم حُجب عنا الكثير بسبب ذنوبنا وظلمنا لأنفسنا ؟

    وصلى الله وسلم على نبينا محمد،

    أخوكم /
    عقيل بن سالم الشمري
    Agee001@yahoo.com


    والنقل
    لطفــــاً .. من هنـــــــــــا

      الوقت/التاريخ الآن هو 15.11.24 2:26