ما صحة ما ذكر حول ابن حبان وابن خزيمة واعتقادهما في هذا القبر ؟!
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله و آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا ,,
أخوتي الافاضل ,,
قام احد الروافض في أحد المنتديات بوضع هذه الشبهة حول ابن حبان و ابن خزيمة رحمهما الله
وانهما كانا من من يعتقد بتعظيم قبر الإمام الرضا و إجابة الدعاء عنده
انقل اليكم ما كتب :-
ينقل بن حجر في تهذيب التهذيب في ترجمة الإمام علي بن موسى الرضا ما يلي :
قال (الحاكم النيسابوري ) وسمعت أبا بكر محمد بن المؤمل بن الحسن بن عيسى يقول خرجنا مع امام أهل الحديث أبي بكر بن خزيمة وعديله أبي علي الثقفي مع جماعة من مشائخنا وهم إذ ذاك متوافرون إلى زيارة قبر علي بن موسى الرضى بطوس ) ومشهده بها معروف يزار قال فرأيت من تعظيمه يعنى ابن خزيمة لتلك البقعة وتواضعه لها وتضرعه عندها ما تحيرنا "
وابن حبان كذلك .....
والعجيب أيضا ما يذكره ابن حبان في الثقات في ترجمة علي بن موسى الرضا :
" وقبره بسنا باذ خارج النوقان مشهور يزار بجنب قبر الرشيد قد زرته مرارا كثيرة وما حلت بي شدة في وقت مقامي بطوس فزرت قبر على بن موسى الرضا صلوات الله على جده وعليه ودعوت الله إزالتها عنى إلا أستجيب لي وزالت عنى تلك الشدة وهذا شئ جربته مرارا فوجدته كذلك أماتنا الله على محبة المصطفى وأهل بيته صلى الله عليه وسلم الله عليه وعليهم أجمعين "
فما صحة ذلك بارك الله فيكم ؟!
========= جواب ===========
حول الحكاية الأولى عن ابن خزيمة فسندها ضعيف ولاتثبت وكذلك في متنها نكارة
فشيخ الحاكم في هذه الرواية هو محمد بن المؤمل الهمداني له ترجمة في سير أعلام النبلاء(16/330) قال عنه الخطيب (كان غير موثق عندهم).
فتبين بهذا أن هذه الحكاية لاتصح عن الإمام ابن خزيمة رحمه الله .
وأما ما جاء عن ابن حبان فقد ذكر ذلك في كتابه الثقات وهذه نص كلامه
الثقات ج:8 ص:456
(على بن موسى الرضا وهو على بن موسى بن جعفر بن محمد بن على بن الحسين بن على بن أبى طالب أبو الحسن من سادات أهل البيت وعقلائهم وجلة الهاشميين ونبلائهم يجب أن يعتبر حديثه إذا روى عنه غير أولاده وشيعته وأبى الصلت خاصة فان الأخبار التي رويت عنه وتبين بواطيل إنما الذنب فيها لأبى الصلت ولأولاده وشيعته لأنه في نفسه كان أجل من أن يكذب ومات على بن موسى الرضا بطوس من شربة سقاه إياها المأمون فمات من ساعته وذلك في يوم السبت آخر يوم سنة ثلاث ومائتين وقبره بسنا باذ خارج النوقان مشهور يزار بجنب قبر الرشيد قد زرته مرارا كثيرة وما حلت بي شدة في وقت مقامى بطوس فزرت قبر على بن موسى الرضا صلوات الله على جده وعليه ودعوت الله إزالتها عنى إلا أستجيب لي وزالت عنى تلك الشدة وهذا شيء جربته مرارا فوجدته كذلك أماتنا الله على محبة المصطفى وأهل بيته الله عليه وعليهم أجمعين )انتهى.
وهذا الفعل من ابن حبان لايوافق عليه وليس من هدي علماء المسلمين المتبعين للأثر
وابن حبان رحمه الله قد وقع في عدد من المخالفات العقدية فمنها تأويله للصفات كما يظهر من صنيعه في صحيحه ومنها أقوال له تشابه أقوال الفلاسفه طرد من بلده لأجلها وقد تأولها له بعض أهل العلم وغير ذلك
والمقصود أن هذا الفعل ليس عليه دليل شرعي وإن فعله ابن حبان رحمه الله
وأما استجابة الدعاء عند القبر فقد يكون بسبب الإخلاص والاضطرار وليس بسبب الدعاء عند القبر
قال الإمام ابن تيمية رحمه الله في إقتضاء الصراط المستقيم
اقتضاء الصراط ج: 1 ص: 320
(لكن الغرض أن نبين هذا القسم الأول وهو تعظيم الأمكنة التي لا خصيصة لها إما مع العلم بأنه لا خصيصة لها أو مع عدم العلم بأن لها خصيصة إذ العبادة والعمل بغير علم منهي عنه كما أن العبادة والعمل بما يخالف العلم منهي عنه ولو كان ضبط هذه الأمور من الدين لما أهمل ولما ضاع عن الأمة المحفوظ دينها المعصومة عن الخطأ
وأكثر ما تجد الحكايات المتعلقة بهذا عند السدنة والمجاورين لها الذين يأكلون أموال الناس بالباطل ويصدون عن سبيل الله
وقد يحكى من الحكايات التي فيها تأثير مثل أن رجلا دعا عندها فاستجيب له أو نذر لها إن قضى الله حاجته فقضيت حاجته ونحو ذلك وبمثل هذه الأمور كانت تعبد الأصنام فإن القوم كانوا أحيانا يخاطبون من الأوثان وربما تقضي حوائجهم إذا قصدوها ولذلك يجري لهم مثل ما يجري لأهل الأبداد من أهل الهند وغيرهم
وربما قيست على ما شرع الله تعظيمه من بيته المحجوج والحجر الأسود الذي شرع الله استلامه وتقبيله كأنه يمينه والمساجد التي هي بيوته وإنما عبدت الشمس والقمر بالمقاييس وبمثل هذه الشبهات حدث الشرك في أهل الأرض وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن النذر وقال إنه لا يأتي بخير وإنما يستخرج به من البخيل فإذا كان نذر الطاعات المعلقة بشرط لا فائدة فيه ولا يأتي بخير فما الظن بالنذر لما لا يضر ولا ينفع
وأما إجابة الدعاء فقد يكون سببه اضطرار الداعي وصدق التجائه وقد يكون سببه مجرد رحمة الله له وقد يكون أمرا قضاه الله لا لأجل دعائه وقد يكون له أسباب أخرى وإن كانت فتنة في حق الداعي فإنا نعلم أن الكفار قد يستجاب لهم فيسقون وينصرون ويعافون)انتهى.
عبدالرحمن بن عمر الفقيه
gamdi11@gmail.com
============== تعليق ==============
شيخنا الفاضل : عبد الرحمن الفقيه
عفوا على التطفل والتعقيب :
فشيخ الحاكم الذي في السند في حكاية ابن خزيمة ليس كما ترجمت له ، بل هو محمد بن المؤمل بن الحسن بن عيسى الماسرجسي وهو كما قال عنه الدهبي في السير ( 16 : 23 ) الإمام ، رئيس نيسابور أحد البلغاء الفصحاء
والله تعالى أعلم وأحكم .
============= ردّ ===============
أحسنت بارك الله فيك وجزاك خيرا ولم اتنبه لبقية اسم الراوي كما هو مذكور ورجعت إلى كتاب رجال المستدرك للشيخ مقبل(2/202) وفيه محمد بن المؤمل وكنيته أبو بكر
فجزاك الله خيرا على هذا التنبيه ومحمد بن المؤمل شيخ الحاكم في هذه الرواية يظهر اهتمامه بالمحدثين والعلم ولكن لم أقف على كلام لأحد أهل العلم فيه من ناحية الجرح والتعديل.
============
بارك الله في الجميع
إذا علمنا أن الإمام ابن خزيمة وكذلك ابن حبان رحمهما الله ليسا بمعصومين وعلمنا كذلك أن فعلهما ليس بحجة بل الحجة ماجاء في كتاب ربنا وصح عن نبينا صلى الله عليه وسلم زال الاستغراب .
وهذه الفعل الذي وقع منهم على فرض ثبوته عن ابن خزيمة ليس من البدع المغلظة ، وليس من شرط العالم ألا يخطىء ، ونسال الله أن يغفر لنا ولهم ، ولكن الواجب الحذر من زلة العلماء واتباع الحق بالدليل من الكتاب والسنة، وأما ابن حبان فقد وقع في أمر أكبر من هذا وهو تأويل الصفات وكذلك ما نقل عنه من كلام في النبوة لايخلو من إشكال وقد أجاب عنه الإمام الذهبي.
وايضا فمرتبة ابن خزيمة وابن حبان ليست مثل الأئمة الكبار مثل أحمد والشافعي وغيرهم، فالحجة في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم .
__________________
لعل الحكم بأن تلك بدعة ظاهرة محل نظر، فإن الإمامين لم يشدا الرحل نحو القبر.
أما ما وقع منهما فلعل له أسبابه التي تفسره، وهي قرب العهد بفوت رجل له محل في النفوس منهما، وهذا كأن يزور رجل من أهل السنة عاش في بعض البلاد التي كبت أهلها من أهل الإلحاد أو البدعة، ثم ييسر الله له زيارة بلد لطلب العلم فيقف فيه على قبر إمام من أئمة أهل السنة في هذا العصر، فمثله قد تعتري قلبه رقة وخضوع لله عزوجل يظهر في أفعاله، ومثل هذا الذي انكسر قلبه وصفت نفسه حري بدعوته أن تجاب ولاسيما إذا كان من أهل العلم والفضل مطعمه حلال ومركبه حلال وغذي بالحلال.
فالأول وصف الحال التي اعترت إمام الأئمة رحمه الله ولايخلو أن يكون تعظيمه لتلك البقعة مشروعاً أو يكون ممنوعاً فالعبارة مجملة والظن بالإمام أن يكون تعظيمه لها التعظيم المشروع الذي يكفل للميت حرمته دون تجاوز، والثاني (ابن حبان) أخبر عن شيء وجده بنفسه لعل سببه هو ما أشير إليه، ولم ينص على أنه كلما حلت به شدة ذهب إلى القبر وقصد دعاء الله عنده، بل أخبر عن واقع الحال فما حلت به شدة فذهب إلى هناك ولايلزم منه أن يكون كلما ألمت به شدة ذهب، فإن كان الأمر كذلك فإن زيارة القبور من سنن الهدى، ولعل الصحيح مشروعية الدعاء عندها للميت وللنفس خاصة إن وجد المرء من قلبه رقة وإقبالاً على الله والدار الآخرة، فإن تلك مظنة إجابة، ولهذا قال الشيخ حافظ في منظومته:
فإن نوى الزائر فيما أضمره * في نفسه تذكرة بالآخرة
ثم الدعا (له) وللأموت * بالصفح والعفو عن الزلات
ولم يكن شد الرحال نحوها * ولم يقل هجراً كقول السفها
فتلك سنة أتت صريحة * مثبة في السنن الصحيحة
وقد زار نبينا صلى الله عليه وسلم قبر أمه فرق لذلك وبكى وأبكى والحديث في الصحيح وهو معروف وقد جاء في بعض طرقه فلم نره باكياً أكثر من يوم إئذ، ولا أظن أن حال ابن خزيمة رحمه الله تجاوز حال نبينا صلى الله عليه وسلم وهديه.
ونحو هذا الإشكال عند أهل البدع كثير فتراهم ينقلون أموراً مجملة فيحملونها على مايريدون ثم يحاكمون أهل السنة على حملهم الباطل المخالف للنصوص فلننتبه لهم.
وفي الختام كما أشار شيخنا الفقيه عبدالرحمن لو ثبت أن الحمل على مرادهم صحيح فالعبرة بما دل عليه الكتاب والسنة وكل يؤخذ من قوله ويترك فكذلك فعله، والأئمة عند أهل السنة ليسوا معصومين كأئمة الرافضة عندهم وإنما يصح إلزامنا وفق أوهامهم في أئمتهم التي طغت على عقولهم فجعلتهم يبحثون عن مثل هذه الأحرف العجيبة ظناً منهم بأن تلك حجة ملزمة ونسوا أن أولئك الأخيار هم من علمنا التزام السنة ونبذ بدعة من حيث جاءت، والله أعلم.
==================
أما بالنسبة لابن حبان فليس من أئمة أهل السنة، بل هو مذموم الاعتقاد عندهم كما أشار لذلك الشيخ الفقيه وفقه الله. وقد تكلم عليه شيخ الإسلام في مسألة اعتقاده. وقد سبب له سوء اعتقاده: طرده من بلده بل حتى اتهامه بالزندقة!
قال أبو إسمعيل الاَنصاري شيخ الاِسلام : سألت يحيى بن عمار عن أبي حاتم بن حبان فقال : نحن أخرجناه من سجستان ، كان له علم كثير ، ولم يكن له كبير دين ، قدم علينا ، فأنكر الحد لله ، فأخرجناه .
وقال أبو عمرو بن الصلاح في طبقات الشافعية : غلط ابن حبان الغلط الفاحش في تصرفاته
===================
الشيخ محمد الأمين
ألا ينبغي أن نتريث كثيرا في إطلاق أحكامنا على العلماء،
وجدت أنه من السهل إخراج الحافظ الإمام العلامة أبي حاتم محمد بن حبان من أهل السنة والجماعة ومن غير تردد ؟؟
لمجرد ما ذكره يحيى بن عمار من أنهم أخرجوه من سجستان من أجل إنكاره الحد لله.؟؟ وأين سند ذلك ؟ وما صحة نسبته له ؟ أو لأنه قال : النبوة : العلم والعمل، وهو القول باكتساب النبوة لمن فهم ذلك، ولكن هل هذا هو الذي قصده ؟؟ ألا يمكن أن نعتذر عن هذا القول لمشابهته قول النبي "الحج عرفة" مع أن الحج له أركان أخرى وواجبات وسنن وآداب ؟؟ كما قال الإمام الذهبي في تذكرة الحفاظ (3/922)
ألا ينبغي أن نحمل كلام العلماء على أحسن المحامل ؟؟
وهل كل من تبنى رأيا في العقيدة في مسألة ما ليس عليها السلف يكون قد خرج من أهل السنة والجماعة، أم يكون من أهل السنة والجماعة في وافقهم فيه ويكون غير ذلك فيما خالفهم فيه ؟؟
===============
رأي الذهبي في قصة إخرج ابن حبان من سجستان:
قُلْتُ:إِنكَارُكُم عَلَيْهِ بدعَةٌ أَيْضاً، وَالخوضُ فِي ذَلِكَ مِمَّا لَمْ يَأْذنْ بِهِ اللهُ، وَلاَ أَتَى نصٌّ بِإِثْبَاتِ ذَلِكَ وَلاَ بِنَفْيِهِ، وَ (مِنْ حُسْنِ إِسْلاَمِ المَرْءِ تَرْكُهُ مَا لاَ يَعْنِيْهِ)، وَتَعَالَى اللهُ أَنْ يُحدَّ أَوْ يُوصفَ إِلاَّ بِمَا وَصفَ بِهِ نَفْسَهُ، أَوْ عَلَّمَهُ رُسلَهُ بِالمعنَى الَّذِي أَرَادَ بِلاَ مِثْل وَلاَ كَيْف{لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيْعُ البَصِيْرُ}[الشُّوْرَى:11].(16/98)
يتبع
gamdi11@gmail.com
============== تعليق ==============
شيخنا الفاضل : عبد الرحمن الفقيه
عفوا على التطفل والتعقيب :
فشيخ الحاكم الذي في السند في حكاية ابن خزيمة ليس كما ترجمت له ، بل هو محمد بن المؤمل بن الحسن بن عيسى الماسرجسي وهو كما قال عنه الدهبي في السير ( 16 : 23 ) الإمام ، رئيس نيسابور أحد البلغاء الفصحاء
والله تعالى أعلم وأحكم .
============= ردّ ===============
أحسنت بارك الله فيك وجزاك خيرا ولم اتنبه لبقية اسم الراوي كما هو مذكور ورجعت إلى كتاب رجال المستدرك للشيخ مقبل(2/202) وفيه محمد بن المؤمل وكنيته أبو بكر
فجزاك الله خيرا على هذا التنبيه ومحمد بن المؤمل شيخ الحاكم في هذه الرواية يظهر اهتمامه بالمحدثين والعلم ولكن لم أقف على كلام لأحد أهل العلم فيه من ناحية الجرح والتعديل.
============
بارك الله في الجميع
إذا علمنا أن الإمام ابن خزيمة وكذلك ابن حبان رحمهما الله ليسا بمعصومين وعلمنا كذلك أن فعلهما ليس بحجة بل الحجة ماجاء في كتاب ربنا وصح عن نبينا صلى الله عليه وسلم زال الاستغراب .
وهذه الفعل الذي وقع منهم على فرض ثبوته عن ابن خزيمة ليس من البدع المغلظة ، وليس من شرط العالم ألا يخطىء ، ونسال الله أن يغفر لنا ولهم ، ولكن الواجب الحذر من زلة العلماء واتباع الحق بالدليل من الكتاب والسنة، وأما ابن حبان فقد وقع في أمر أكبر من هذا وهو تأويل الصفات وكذلك ما نقل عنه من كلام في النبوة لايخلو من إشكال وقد أجاب عنه الإمام الذهبي.
وايضا فمرتبة ابن خزيمة وابن حبان ليست مثل الأئمة الكبار مثل أحمد والشافعي وغيرهم، فالحجة في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم .
__________________
لعل الحكم بأن تلك بدعة ظاهرة محل نظر، فإن الإمامين لم يشدا الرحل نحو القبر.
أما ما وقع منهما فلعل له أسبابه التي تفسره، وهي قرب العهد بفوت رجل له محل في النفوس منهما، وهذا كأن يزور رجل من أهل السنة عاش في بعض البلاد التي كبت أهلها من أهل الإلحاد أو البدعة، ثم ييسر الله له زيارة بلد لطلب العلم فيقف فيه على قبر إمام من أئمة أهل السنة في هذا العصر، فمثله قد تعتري قلبه رقة وخضوع لله عزوجل يظهر في أفعاله، ومثل هذا الذي انكسر قلبه وصفت نفسه حري بدعوته أن تجاب ولاسيما إذا كان من أهل العلم والفضل مطعمه حلال ومركبه حلال وغذي بالحلال.
فالأول وصف الحال التي اعترت إمام الأئمة رحمه الله ولايخلو أن يكون تعظيمه لتلك البقعة مشروعاً أو يكون ممنوعاً فالعبارة مجملة والظن بالإمام أن يكون تعظيمه لها التعظيم المشروع الذي يكفل للميت حرمته دون تجاوز، والثاني (ابن حبان) أخبر عن شيء وجده بنفسه لعل سببه هو ما أشير إليه، ولم ينص على أنه كلما حلت به شدة ذهب إلى القبر وقصد دعاء الله عنده، بل أخبر عن واقع الحال فما حلت به شدة فذهب إلى هناك ولايلزم منه أن يكون كلما ألمت به شدة ذهب، فإن كان الأمر كذلك فإن زيارة القبور من سنن الهدى، ولعل الصحيح مشروعية الدعاء عندها للميت وللنفس خاصة إن وجد المرء من قلبه رقة وإقبالاً على الله والدار الآخرة، فإن تلك مظنة إجابة، ولهذا قال الشيخ حافظ في منظومته:
فإن نوى الزائر فيما أضمره * في نفسه تذكرة بالآخرة
ثم الدعا (له) وللأموت * بالصفح والعفو عن الزلات
ولم يكن شد الرحال نحوها * ولم يقل هجراً كقول السفها
فتلك سنة أتت صريحة * مثبة في السنن الصحيحة
وقد زار نبينا صلى الله عليه وسلم قبر أمه فرق لذلك وبكى وأبكى والحديث في الصحيح وهو معروف وقد جاء في بعض طرقه فلم نره باكياً أكثر من يوم إئذ، ولا أظن أن حال ابن خزيمة رحمه الله تجاوز حال نبينا صلى الله عليه وسلم وهديه.
ونحو هذا الإشكال عند أهل البدع كثير فتراهم ينقلون أموراً مجملة فيحملونها على مايريدون ثم يحاكمون أهل السنة على حملهم الباطل المخالف للنصوص فلننتبه لهم.
وفي الختام كما أشار شيخنا الفقيه عبدالرحمن لو ثبت أن الحمل على مرادهم صحيح فالعبرة بما دل عليه الكتاب والسنة وكل يؤخذ من قوله ويترك فكذلك فعله، والأئمة عند أهل السنة ليسوا معصومين كأئمة الرافضة عندهم وإنما يصح إلزامنا وفق أوهامهم في أئمتهم التي طغت على عقولهم فجعلتهم يبحثون عن مثل هذه الأحرف العجيبة ظناً منهم بأن تلك حجة ملزمة ونسوا أن أولئك الأخيار هم من علمنا التزام السنة ونبذ بدعة من حيث جاءت، والله أعلم.
==================
أما بالنسبة لابن حبان فليس من أئمة أهل السنة، بل هو مذموم الاعتقاد عندهم كما أشار لذلك الشيخ الفقيه وفقه الله. وقد تكلم عليه شيخ الإسلام في مسألة اعتقاده. وقد سبب له سوء اعتقاده: طرده من بلده بل حتى اتهامه بالزندقة!
قال أبو إسمعيل الاَنصاري شيخ الاِسلام : سألت يحيى بن عمار عن أبي حاتم بن حبان فقال : نحن أخرجناه من سجستان ، كان له علم كثير ، ولم يكن له كبير دين ، قدم علينا ، فأنكر الحد لله ، فأخرجناه .
وقال أبو عمرو بن الصلاح في طبقات الشافعية : غلط ابن حبان الغلط الفاحش في تصرفاته
===================
الشيخ محمد الأمين
ألا ينبغي أن نتريث كثيرا في إطلاق أحكامنا على العلماء،
وجدت أنه من السهل إخراج الحافظ الإمام العلامة أبي حاتم محمد بن حبان من أهل السنة والجماعة ومن غير تردد ؟؟
لمجرد ما ذكره يحيى بن عمار من أنهم أخرجوه من سجستان من أجل إنكاره الحد لله.؟؟ وأين سند ذلك ؟ وما صحة نسبته له ؟ أو لأنه قال : النبوة : العلم والعمل، وهو القول باكتساب النبوة لمن فهم ذلك، ولكن هل هذا هو الذي قصده ؟؟ ألا يمكن أن نعتذر عن هذا القول لمشابهته قول النبي "الحج عرفة" مع أن الحج له أركان أخرى وواجبات وسنن وآداب ؟؟ كما قال الإمام الذهبي في تذكرة الحفاظ (3/922)
ألا ينبغي أن نحمل كلام العلماء على أحسن المحامل ؟؟
وهل كل من تبنى رأيا في العقيدة في مسألة ما ليس عليها السلف يكون قد خرج من أهل السنة والجماعة، أم يكون من أهل السنة والجماعة في وافقهم فيه ويكون غير ذلك فيما خالفهم فيه ؟؟
===============
رأي الذهبي في قصة إخرج ابن حبان من سجستان:
قُلْتُ:إِنكَارُكُم عَلَيْهِ بدعَةٌ أَيْضاً، وَالخوضُ فِي ذَلِكَ مِمَّا لَمْ يَأْذنْ بِهِ اللهُ، وَلاَ أَتَى نصٌّ بِإِثْبَاتِ ذَلِكَ وَلاَ بِنَفْيِهِ، وَ (مِنْ حُسْنِ إِسْلاَمِ المَرْءِ تَرْكُهُ مَا لاَ يَعْنِيْهِ)، وَتَعَالَى اللهُ أَنْ يُحدَّ أَوْ يُوصفَ إِلاَّ بِمَا وَصفَ بِهِ نَفْسَهُ، أَوْ عَلَّمَهُ رُسلَهُ بِالمعنَى الَّذِي أَرَادَ بِلاَ مِثْل وَلاَ كَيْف{لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيْعُ البَصِيْرُ}[الشُّوْرَى:11].(16/98)
يتبع