من طرف الشيخ إبراهيم حسونة 12.10.08 14:43
مناظرة مع أحد مشايخ الأزهريين:
قال الألباني: "وقد التقينا عشرات الأشخاص الأزهريين وغيرهم، نجدهم يا أخي حيارى لا يستطيعون أن يجادلوا شاباً أمياً عامياً نشأ على هذه الفكرة وعلى هذه الدعوة، وهو دَرَسَ في الأزهر عشرين سنة، يحار!
وأنا أذكر من أواخر ما جرى النقاش بيني وبين أحد الأزهريين في ليلة من ليالي منى أيام الحج، جرى هذا البحث طويلاً لكن بطريقة فيها شيء من التسلسل المنطقي. هم يستلزمون ويتهمون السلف الصالح كلهم - مع شيء من التحفظ لبعضهم - بأنهم مجسمة؛ لأنهم يقولون: الله على المخلوقات وفوق المخلوقات كلها.
وهذا الشيخ الأزهري نفسه قال: "أنتم (تضعون) الله في مكان!".
فقلتُ له: "سبحان الله! هذا بهتان عظيم!"، فجرى بيني وبينه البحث الآتي، بإيجاز:
قلت له: "يا أستاذ! المكان شيء وجودي أم عدمي؟"
قال: "لا، وجودي".
قلتُ: "وهنا الموجود محدودٌ أم غير محدود؟"
قال: "محدود".
قلت: "لنبحث الآن: نحن على الأرض، فوقنا ماذا؟"
قال: السماء الأولى".
قلت: "حتى السابعة؟"
قال: "نعم".
قلت: "وفوق السابعة؟"
قال: "العرش".
قلت: "وفوق العرش إيش في؟" فأجابني بجواب يدل على مبلغ الثقافة والدراسة التي يُدَرَّسُوها في الأزهر!
قال: "فوق العرش الكروبيون" !!
قلتُ: "إيش هؤلاء الكروبيون؟"
قال: "هؤلاء ملائكةٌ".
قلتُ له: "هل تعلمُ آيةً في القرآن الكريم ذَكَرتْ أنَّ هناك ملائكةً إسمهم (كروبيون)؟"
قال: "لا".
قلت: "هل هناك حديثٌ عن الرسول - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - بهذا؟"
قال: "لا".
قلت: "إذن؛ من أين جئْتَ بهذه الدعوى وهذه العقيدة؟"
فقال: "يا أستاذ! هكذا دَرَسْنا في الأزهر".
فقلت: "يا أستاذ! ما دَرَسْتَ في الأزهر أن العقيدة لا تُؤْخذ - كما يزعمون! - إلاّ من قطعيِّ الثبوت، قطعيِّ الدلالة، ويبنون على ذلك أن العقيدة لا تؤخذ من الحديث الصحيح إلاّ إذا كان متواتراً؟"
قال: "نعم".
قلت: "لا آيةً ولا حديثاً متواتراً ولا حديث آحادٍ!! فكيف تَلَقَّفْتُم هذه العقيدة؟!! (1) لسنا بصدد هذا، هَبْ أن فوق العرش هؤلاء الملائكة المُسَمَّوْنَ: (الكروبيون)، وفوق هؤلاء الملائكة ماذا؟"
قال: "خلاص انتهى الكون".
قلت: "هناك مكان؟"
قال: "لا".
قلت: نحن نقول الله فوق المخلوقات، إذن ليس في مكان؛ لأن المكان مخلوق محدود، فهو ليس في مكان (2)، فنحن عندنا نصف اللهَ بما وصف به نفسَهُ لماذا أنتم تفسرون هذا الاعتقاد وهذا القول بخلاف الواقع؟! أولاً: في مفاهيمكم على اعتبار أن الكون محدود، فلماذا تقولون: الله في مكان عند هؤلاء المجسمة أو المشبهة الذين يُدْعَوْنَ بالسلف الصالح، ثم خلاف الآيات الكريمة؟! لماذا لا تُسَلِّمُونَ عقيدتَكم لهذه النصوص المتواترة؟! حتى إن بعض أئمة الحديث كالحافظ الذهبي ألَّفَ رسالةً خاصةً بعنوان "العلو للعلي الغفار" !!!
هذا من جلمة النقاش الذي جرى بيني وبين أحد الأزهريين، وما استطاع المسكين أن يصول أو يجول في هذه المسألة وهي عقيدته.
المصدر:
مِنْهَاجُ أَهْلِ السُّنَّةِ والجَمَاعَة في العقيدةِ والعمل
لابن العثيمين والألباني
ص139-143؛
وقال المحقق:
(1) رُوي حَدِيثٌ ضَعِيفٌ جِدَّاً في إثبات طائفة من الملائكة يتسمون باسم (الكروبيون)، لكن ليس فيه أنهم فوق العرش!! وهاك نصه:
"إنَّ للهِ ملائكةً، وهم الكُرُوبِيُّونَ، من شحمةِ أُذُنِ أحدِهم إلى تُرْقُوَتِهِ مَسِيرةُ سبعِ مئةِ عامٍ للطائرِ السريعِ في انْحِطَاطِهِ".
أخرجه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" (12/231/ب) عن محمد بن أبي السَّريّ: نا عمرو بن أبي سلمة عن صدقة بن عبد الله القرشي عن موسى بن عقبة عن محمد بن المنكدر عن جابر بن عبد الله مرفوعاً به.
قال شيخنا في "الضعيفة" (2/323): "وهذا اسنادٌ واهٍ جداً، وله علَّتان:
الأولى: محمد بن أبي السَّري، وهو متهم.
والأخرى: صدقة هذا - وهو الدمشقي السمين - وهو ضعيف، ووقع في السند: "القرشي"، ولم ترد هذه النسبة في ترجمة من "التهذيب"، فلعله تحرف على الناسخ نسبة "الدمشقي" بالقرشي، والله أعلم. وقد خالفه إبراهيم بن طهمان عن موسى بن عقبة به، بلفظ:
"أُذِنَ لي أَنْ أُحَدِّثّ عنْ مَلَكٍ من ملائكةِ اللهِ تعالى مِنْ حملَةِ العرشِ، ما بَيْن شحمةِ أُذُنِهِ إلى عَاتِقِهِ مسيرةُ سَبْعِ مئةِ سَنَة".
وهو بهذا اللفظ صحيح، كما بينتُه في "الأحاديث الصحيحة" (رقم: 151)".
(2) لأن كلَّ موجودٍ يُسَّمى شيئاً، والعدمُ ليس بشيءٍ؛ بدليل قوله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - الذي رواه مسلم في "صحيحه" (رقم: 2713) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - في دعائه ربَّه جَلَّ وعَلا عند النوم -: "وأنتَ الظاهِرُ فليس فَوْقَكَ شَيءٌ".
وانظر:
"نقض التأسيس" (2/153-199)
و"درء التعارض" (6/299-309، و7/10-14).
:::: الموضوع منقول ...
من الأخ / ابوابراهيم احمد الرئيسي :::