{يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون }
{ يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تتساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا}
{ يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا، يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما}
أما بعد، فإن أصدق الحديث كتاب الله، وأحسن الهدي هدي محمد، وشر الامر محدثاتها ، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
وبعد فقد بدا لي أن أجعل كلمتي في هذه الليلة بديل الدرس النظامي حول موضوع احتفال كثير المسلمين بالمولد النبوي وليس ذلك مني كل قياما بواجب التذكير وتقديم النصح لعامة المسلمين فإنه واجب من الواجبات كما هو معلوم عند الجميع، جرى عرف المسلمين من بعد القرون الثلاثة المشهود لها بالخيرية على الاحتفال بولادة النبي صلى الله عليه وسلم وبدأ الاحتفال بطريقة وانتهى اليوم إلى طريقة وليس يهمني في هذه الكلمة الناحية التاريخية من المولد وما جرى عليه من تطورات إنما المهم من كلمتي هذه أن نعرف موقفنا الشرعي من هذه الاحتفالات قديمها وحديثها فنحن معشر أهل السنة لا نحتفل احتفال الناس هؤلاء بولادة الرسول صلى الله عليه وسلم ولكننا نحتفل احتفالاً من نوع آخر ومن البدهي أنني لا أريد الدندنة حول احتفالنا نحن معشر أهل السنة وإنما ستكون كلمتي هذه حول احتفال الآخرين لأبين أن هذا الاحتفال وإن كان يأخذ بقلوب جماهير المسلمين لأنهم يستسلمون لعواطفهم التي لا تعرف قيداً شرعياً مطلقا وإنما هي عواطف جانحة فنحن نعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم جاء بالدين كاملا وافيا تاما والدين هو كل شئ يتدين به المسلم وأن يتقرب به إلى الله عز وجل ليس ثمة دين إلا هذا، الدين هو كل ما يتدين به ويتقرب به المسلم إلى الله عز وجل ولا يمكن أن يكون شئ ما من الدين في شئ ما إلا إذا جاء به نبينا صلوات الله وسلامه عليه أما ما أحدثه الناس بعد وفاته صلى الله عليه وسلم فلا سيما بعد القرون الثلاثة المشهود لها بالخيرية فهي لاشك ولا ريب من محدثات الأمور وقد علمتم جميعا حكم هذه المحدثات من افتتاحية دروسنا كلها حيث نقول فيها كما سمعتم آنفا "خير الهدى هدى محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار" ونحن وإياهم مجمعون على أن هذا الاحتفال أمر حادث لم يكن ليس فقط في عهده صلى الله عليه وسلم بل ولا في عهد القرون الثلاثة كما ذكرنا آنفا ومن البدهي أن النبي صلى الله عليه وسلم في حياته لم يكن ليحتفل بولادته ذلك لأن الاحتفال بولادة إنسان ما إنما هي طريقة نصرانية مسيحية لا يعرفه الإسلام مطلقا في القرون المذكورة آنفا فمن باب أولى ألا يعرف ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم ولأن عيسى نفسه الذي يحتفل بميلاده المدعون إتباعه عيسى نفسه لم يحتفل بولادته مع أنها ولادة خارقة للعادة وإنما الاحتفال بولادة عيسى عليه السلام هو من البدع التي ابتدعها النصارى في دينهم وهي كما قال عز وجل {ابتدعوها ما كتبناها عليهم} ربنا عز وجل هذه البدع التي اتخذها النصارى ومنها الاحتفال بميلاد عيسى ما شرعها الله عز وجل وإنما هم ابتدعوها من عند أنفسهم فلذلك إذا كان عيسى لم يحتفل بميلاده ومحمد صلى الله عليه وسلم أيضا كذلك لم يحتفل بميلاده والله عز وجل يقول {وبهداهم اقتده} فهذا من جملة الإقتداء نبينا بعيسى عليه الصلاة والسلام وهو نبينا أيضا ولكن نبوته نسخت ورفعت بنبوة خاتم الأنبياء والرسل صلوات الله وسلامه عليهما ولذلك فعيسى حينما ينزل في آخر الزمان كما جاء في الأحاديث الصحيحة المتواترة إنما يحكم بشريعة محمد صلى الله عليه وسلم فإذاً محمد صلى الله عليه وسلم لم يحتفل بميلاده وهنا يقول بعض المبتلين بالاحتفال غير المشروع الذي نحن في صدد الكلام عليه يقولون محمد صلى الله عليه وسلم ما راح يحتفل بولادته طيب سنقول لم يحتفل بولادته عليه السلام بعد وفاته أحب الخلق من الرجال إليه وأحب الخلق من النساء إليه ذالكما أبو بكر وابنته عائشة رضي الله عنهما ما احتفلا بولادة الرسول صلى الله عليه وسلم كذلك الصحابة جميعا كذلك التابعون كذلك أتباعهم وهكذا إذا لا يصح لإنسان يخشى الله ويقف عند حدود الله ويتعظ بقول الله عز وجل، {ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئولا} فلا يقولن أحد الناس الرسول ما احتفل لأنه هذا يتعلق بشخصه لأنه يأتي بالجواب لا أحد من أصحابه جميعا احتفل به عليه السلام فمن الذي أحدث هذا الاحتفال من بعد هؤلاء الرجال الذين هم أفضل الرجال ولا أفضل من بعدهم أبدا ولن تلد النساء أمثالهم إطلاقا من هؤلاء الذين يستطيعون بعد مضي هذه السنين الطويلة ثلاثمائة سنة يمضون لا يحتفلون هذا الاحتفال أو ذاك وإنما احتفالهم من النوع الذي سأشير إليه إشارة سريعة كما فعلت آنفا فهذا يكفي المسلم أن يعرف أن القضية ليست قضية عاطفة جانحة لا تعرف الحدود المشروعة وإنما هو الاتباع والاستسلام لحكم الله عز وجل ومن ذلك { قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله } فرسول الله ما احتفل إذا نحن لا نحتفل إن قالوا ما احتفل لشخصه نقول ما احتفل أصحابه أيضا بشخصه من بعده فأين تذهبون؟ كل الطرق مسدودة أمام الحجة البينة الواضحة التي لا تفسح مجالاً مطلقا للقول بحسن هذه البدعة وإن مما يبشر بالخير أن بعض الخطباء والوعاظ بدأوا يضطرون ليعترفوا بهذه الحقيقة وهي أن الاحتفال هذا بالمولد بدعة وليس من السنة ولكن يعودهم ويحتاجون إلى شئ من الشجاعة العلمية التي تتطلب الوقوف أمام عواطف الناس الذين عاشوا هذه القرون الطويلة وهم يحتفلون فهؤلاء كأنهم يجبنون أو يضعفون أن يصدعوا بالحق الذي اقتنعوا به ولذلك لا تجد يروق ولا أريد أن أقول يسدد ويقارب فيقول صحيح أن هذا الاحتفال ليس من السنة ما احتفل الرسول ولا الصحابة ولا السلف الصالح ولكن الناس اعتادوا أن يحتفلوا ويبدو أن الخلاف فقري، هكذا يبرر القضية ويقول الخلاف شكلي لكن الحقيقة أنهم انتبهوا أخيرا إلى أن هذا المولد خرج عن موضوع الاحتفال بولادة الرسول صلى الله عليه وسلم في كثير من الأحيان حيث يتطرف الخطباء أمورا ليس لها علاقة بالاحتفال بولادة الرسول صلى الله عليه وسلم أريد ألا أطيل في هذا ولكني أذكر لأمر هام جدا طالما غفل عنه جماهير المسلمين حتى بعض إخواننا الذين يمشون معنا على الصراط المستقيم وعلى الابتعاد من التعبد إلى الله عز وجل بأي بدعة، قد يخفى عليهم أن أي بدعة يتعبد المسلم بها ربه عز وجل هي ليست من صغائر الأمور ومن هنا نعتقد أن تقسيم البدعة إلى محرمة وإلى مكروهة يعني كراهه تنزيهيه هذا التقسيم لا أصل له في الشريعة الإسلامية كيف وهو مصادم مصادمة جلية للحديث الذي تسمعونه دائما وأبدا (كل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار) فليس هناك بدعة لا يستحق صاحبها النار ولو صح ذلك التقسيم لكان الجواب ليس كل بدعة يستحق صاحبها دخول النار لم؟ لأن ذاك التقسيم يجعل بدعة محرمة فهي التي تؤهل صاحبها النار وبدعة مكروهة تنزيها لا تؤهل صاحبها للنار وإنما الأولى تركها والإعراض عنها والسر وهنا الشاهد من إشارتي السابقة التي لا ينتبه لها الكثير، والسر في أن كل بدعة كما قال عليه الصلاة والسلام بحق ضلالة هو أنه من باب التشريع في الشرع الذي ليس له حق التشريع إلا رب العالمين تبارك وتعالى فإذا انتبهتم لهذه النقطة عرفتم حينذاك لماذا أطلق عليه الصلاة والسلام على كل بدعة أنها في النار أي صاحبها ذلك لأن المبتدع حينما يشرع شيئا من نفسه فكأنه جعل نفسه شريكا مع ربه تبارك وتعالى والله عز وجل يأمرنا أن نوحده في عبادته وفي تشريعه فيقول مثلاً في كتابه (ولا تجعلوا لله أندادا وأنتم تعلمون) أندادا في كل شئ من ذلك في التشريع ومن هنا يظهر معشر الشباب المسلم الواعي المثقف الذي انفتح له الطريق إلى التعرف على الإسلام الصحيح من المفتاح لا إله إلا الله وهذا التوحيد الذي يستلزم كما بين ذلك بعض العلماء قديما وشرحوا ذلك شرحا بينا ثم تبعهم بعض الكتاب المعاصرين أن هذا التوحيد يستلزم إفراد الله عز وجل بالتشريع يستلزم ألا يشرع أحد مع الله عز وجل أمرا ما سواء كان صغيرا أم كبيرا جليلا أم حقيراً لأن القضية ليست بالنظر إلى الحكم هو صغير أم كبير وإنما إلى الدافع إلى هذا التشريع فإن كان هذا التشريع صدر من الله تقربنا به إلى الله وإن كان صدر من غير الله عز وجل نبذناه وشرعته نبذ النواة ولم يجز للمسلم أن يتقرب إلى الله عز وجل بشيء من ذلك وأولى وأولى ألا يجوز للذي شرع ذلك أن يشرعه وأن يستمر على ذلك وأن يستحسنه، هذا النوع من إفراد الله عز وجل بالتشريع هو الذي اصطلح عليه اليوم بعض الكتاب الإسلاميين بتسمية بأن الحاكمية لله عز وجل وحده لكن مع الأسف الشديد أخذ شبابنا هذه الكلمة كلمة ليست مبينة مفصلة لا تشتمل كل شرعة أو كل أمر أدخل في الإسلام وليس من الإسلام في شئ أن هذا الذي أدخل قد شارك الله عز وجل في هذه الخصوصية ولم يوحد الله عز وجل في تشريعه، ذلك لأن السبب فيما أعتقد في عدم وضوح هذا المعنى الواسع لجملة أن الحاكمية لله عز وجل هو أن الذين كتبوا حول هذا الموضوع أقولها مع الأسف الشديد ما كتبوا ذلك إلا وهم قد نبهوا بالضغوط الكافرة التي ترد بهذه التشريعات وهذه القوانين من بلاد الكفر وبلاد الضلال ولذلك فهم حينما دعوا المسلمين وحاضروا وكتبوا دائما وأبدا حول هذه الكلمة الحقة وهي أن الحاكمية لله عز وجل وحده كان كلامهم دائما ينصب ويدور حول رفض هذه القوانين الأجنبية التي ترد إلينا من بلاد الكفر كما قلنا لأن ذلك إدخال في الشرع ما لم يشرعه الله عز وجل هذا كلام حق لاشك ولا ريب ولكن قصدي أن ألفت نظركم أن هذه القاعدة الهامة وهي أن الحاكمية لله عز وجل لا تنحصر فقط برفض هذه القوانين التي ترد إلينا من بلاد الكفر بل تشمل هذه الجملة هذه الكلمة الحق كل شئ دخل في الإسلام سواء كان وافدا إلينا أو نابعا منا مادام أنه ليس من الإسلام في شئ، هذه النقطة بالذات هي التي يجب أن نتنبه لها وأن لا نتحمس فقط لجانب هو هذه القوانين الأجنبية فقط وكفرها واضح جدا نتنبه لهذا فقط بينما دخل الكفر في المسلمين منذ قرون طويلة وعديدة جدا والناس في غفلة من هذه الحقيقة فضلاً عن هذه المسائل التي يعتبرونها طفيفة لذلك فهذا الاحتفال يكفي أن تعرفوا أنه محدث ليس من الإسلام في شئ ولكن يجب أن تتذكروا مع ذلك أن الإصرار على استحسان هذه البدعة مع إجمال جميل كما ذكرت آنفا أنها محدثة فالإصرار على ذلك أخشى ما أخشاه أن يدخل المصر على ذلك في جملة {اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله} وأنتم تعلمون أن هذه الآية لما نزلت وتلاها النبي صلى الله عليه وسلم كان في المجلس عدي بن حاتم الطائي وكان من العرب القليلين الذين قرأوا وكتبوا وبالتالي تنصروا فكان نصرانيا فلما نزلت هذه الآية لم يتبين له المقصد منها فقال يا رسول الله كيف يعني ربنا يقول عنا نحن النصارى سابقا (اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله) ما اتخذناهم أحبارنا أربابا من دون الله عز وجل كأنه فهم أنهم اعتقدوا بأحبارهم ورهبانهم أنهم يخلقون مع الله يرزقون مع الله وإلى غير ذلك من الصفات التي تفرد الله بها عز وجل دون سائر الخلق فبين له الرسول عليه السلام بأن هذا المعنى الذي خطر في بالك ليس هو المقصود بهذه الآية وإن كان هو معنى حق يعني لا يجوز للمسلم أن يعتقد أن إنسانا ما يخلق ويرزق لكن المعنى هنا أدق من ذلك فقال له (ألستم كنتم إذا حرموا لكم حلالاً حرمتموه؟ وإذا حللوا لكم حراما حللتموه؟ قال أما هذا فقد كان فقال عليه السلام، فذاك اتخاذكم إياهم أربابا من دون الله " لذلك فالأمر خطير جدا استحسان بدعة المستحسن وهو يعلم أنه لم يكن من عمل السلف الصالح ولو كان خيرا لسبقونا إليه، قد حشر نفسه في زمرة الأحبار والرهبان الذين اتخذوا أربابا من دون الله عز وجل والذين أيضا يقلدونهم فهم الذين نزل في صددهم هذه الآية أو في أمثالهم { اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله } غرضي من هذا أنه لا يجوز للمسلم كما نسمع دائما وكما سمعنا قريبا معليش الخلاف شكلي، الخلاف جذري وعميق جدا لأننا نحن ننظر إلى أن هذه البدعة وغيرها داخلة أولاً في عموم الحديث السابق "كل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار" وثانيا ننظر إلى أن موضوع البدعة مربوط بالتشريع الذي لم يأذن به الله عز وجل كما قال تعالى { أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله } وهذا يقال كله إذا وقف الأمر فقط عند ما يسمى بالاحتفال، بولادته عليه السلام بمعنى قراءة قصة المولد أما إذا انضم إلى هذه القراءة أشياء وأشياء كثيرة جدا منها أنهم يقرءون من قصته عليه الصلاة والسلام قصة المولد أولا مالا يصح نسبته إلى النبي صلى الله عليه وسلم وثانيا يذكرون من صفاته عليه السلام فيما يتعلق بولادته ما يشترك معه عامة البشر بينما لو كان هناك يجب الاحتفال أو يجوز على الأقل بالرسول صلى الله عليه وسلم كان الواجب أن تذكر مناقبه عليه الصلاة والسلام وأخلاقه وجهاده في سبيل الله وقلبه لجزيرة العرب من الإشراك بالله عز وجل إلى التوحيد من الأخلاق الجاهلية الطالحة الفاسدة إلى الأخلاق الإسلامية كان هذا هو الواجب أن يفعله لكنهم جروا على نمط من قراءة الموارد لا سيما إلى عهد قريب عبارة عن أناشيد وعبارة عن كلمات مسجعة ويقال في ذلك من جملة ما يقال مثلا مما بقى في ذاكرتي والعهد القديم "حملت به أمه تسعة أشهر قمرية" ما الفائدة من ذكر هذا الخبر؟ وكل إنسان منا تحمل به أمه تسعة أشهر قمرية، القصد هل أفضل البشر وسيد البشر عليه الصلاة والسلام يذكر منه هذه الخصلة التي يشترك فيها حتى الكافر إذا خرج القصد من المولد خرج عن هدفه بمثل هذا الكلام الساقط الواهي، بعضهم مثلا يذكرون بأنه ولد مختونا مشروع وهذا من الأحاديث الضعيفة والموضوعة فهكذا يمدح الرسول عليه السلام؟ يعني نقول أن الاحتفال في أصله لو كان ليس فيه مخالفة سوى أنه محدث لكفى وجوبا الابتعاد عنه للأمرين السابقين لأنه محدث ولأنه تشريع والله عز رجل لا يرضى من إنسان أن يشرع للخلق ما يشاء فكيف وقد انضم إلى المولد على مر السنين أشياء وأشياء مما ذكرنا ومما يطول الحديث فيما لو استعرضنا الكلام على ذلك فحسب المسلم إذا التذكير هنا والنصيحة أن يعلم أن أي شئ لم يكن في عهد الرسول عليه السلام وفي عهد السلف الصالح فمهما زخرفه الناس ومهما زينوه ومهما قالوا هذا في حب الرسول وأكثرهم كاذبون فلا يحبون الرسول إلا باللفظ وإلا بالغناء والتطريب ونحو ذلك مهما زخرفوا هذه البدع فعلينا نحن أن نظل متمسكين بما عليه سلفنا الصالح رضي الله عنهم أجمعين وتذكروا معنا بأن من طبيعة الإنسان المغالاة في تقدير الشخص الذي يحبه لاسيما إذا كان هذا الشخص لا مثل له في الدنيا كلها ألا وهو رسول الله صلى الله عليه وسلم فمن طبيعة الناس الغلو في تعظيم هذا الإنسان إلا الناس الذين يأتمرون بأوامر الله عز وجل ولا يعتدون فهم يتذكرون دائما وأبدا مثل قوله تبارك وتعالى { وتلك حدود الله فلا تعتدوها ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه } فإذا كان الله عز وجل قد اتخذ محمدا صلى الله عليه وسلم نبيا فهو قبل ذلك جعله بشرا سويا لم يجعله ملكا خلق من نور مثلا كما يزعمون وإنما هو بشر وهو نفسه تأكيداً للقرآن الكريم { قل إنما أنا بشر مثلكم يوحي... الخ الآية} هو نفسه أكد ذلك في غير ما مناسبة فقال "إنما أنا بشر مثلكم أنسى كما تنسون فإذا نسيت فذكروني" وقال لهم مرة "لا ترفعوني فوق منزلتي التي أنزلني الله فيها وإنما ضعوني حيث وضعني ربي عز وجل عبداً رسولاً" لذلك في الحديث الصحيح في البخاري ومسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال "لا تطروني كما أطرت النصارى عيسى بن مريم إنما أنا عبد فقولوا عبد الله ورسوله" هذا الحديث تفسير للحديث السابق "لا ترفعوني فوق منزلتي التي أنزلني الله بها"