خزانة الربانيون

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

    كثرة الدواوين والكتب لدى المتأخرين لا تعني كثرة العلم وسعته

    avatar
    الشيخ إبراهيم حسونة
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 9251
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 08/05/2008

    الملفات الصوتية كثرة الدواوين والكتب لدى المتأخرين لا تعني كثرة العلم وسعته

    مُساهمة من طرف الشيخ إبراهيم حسونة 02.10.08 7:49

    كثرة الدواوين والكتب لدى المتأخرين لا تعني كثرة العلم وسعته

    هذا في جميع العلوم ويتأكد في علم الحديث خاصة
    فكثرة كتب الحديث ودواوين السنن ومصادرها المكتوبة


    لا يستلزم توفرها لدى المتأخرين أنهم أعلم من المتقدمين

    كما لا يستلزم إمكانية اطلاعهم على مالم يطلعوا عليه
    لا أن الواحد منهم لا مجموعهم لا يمكن أن يفوته شيء
    هذه المقدمة لا يشك فيها من كان من أهل الفن والصنعة
    ومن عرف القوم وسعة علمهم ودقق في كلامهم ومارسه

    وكم من حقيقة علمية في فن من الفنون لا يشك أهلُها في كونها حقيقة متقررة ثابتة هي عند الغرباء عن هذا الفن أو من دخل فيه وليس من أهله أو من دخل فيه لكن وحده لم ينتهج في درسه نهج أهله قضية كاذبة أو خاطئة أو واهمة


    قال أبو العباس ابن تيمية رحمه الله في رفع الملام ص18_19:

    " فهؤلاء كانوا أعلم الأمة وأفقهها وأتقاها وأفضلها فمن بعدهم أنقص فخفاء بعض السنة عليهم أولى فلا يحتاج إلى بيان فمن اعتقد أن كل حديث صحيح قد بلغ كل واحد من الأئمة أو إماما معينا فهو مخطئ خطأ فاحشا قبيحا


    ولا يقولن قائل إن الأحاديث قد دونت وجمعت فخفاؤها والحال هذه بعيد لأن هذه الدواوين المشهورة في السنن إنما جمعت بعد انقراض الأئمة المتبوعين ومع هذا فلا يجوز أن يدعي انحصار حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم في دواوين معينة ثم لو فرض انحصار حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها


    فليس كل ما في الكتب يعلمه العالم ولا يكاد ذلك يحصل لأحد بل قد يكون عند الرجل الدواوين الكثيرة وهو لا يحيط بما فيها

    بل الذين كانوا قبل جمع هذه الدواوين كانوا أعلم بالسنة من المتأخرين بكثير لأن كثيرا مما بلغهم وصح عندهم قد لا يبلغنا إلا عن مجهول أو بإسناد منقطع أو لا يبلغنا بالكلية فكانت دواوينهم صدورهم التي تحوي أضعاف ما في الدواوين وهذا أمر لا يشك فيه من علم القضية ".ا.هـ

    ولذلك كان عصر الرواية وخاصة عصر النقاد الذين قام بهم علم العلل وبهم ارتسمت معالمه هو العصر الذهبي لعلم الحديث بشتى أنواعه



    ============


    ولا يخفاكم هنا مكانة الأئمة المتقدمين في الفنون عامة وفي هذا الفن خاصة
    فإن معرفة ذلك كما تقدم دليل على هذه المقدمة ومؤيد لها
    ولمعرفة مكانتهم من العلم ينظر :

    فضل علم السلف على الخلف لأبي الفرج ابن رجب

    وجهود المحدثين في بيان علل الأحاديث للشيخ علي الصياح

    ومن قَصص أئمة الحديث المتقدمين ونوادرهم في تتبع سنة سيد المرسلين والذب عنها له أيضا

    وغيرها ولعلي أقتبس منها هنا شيئا مما هو ألزق بموضوعنا :

    قال الخطيب البغدادي في الجامع لأخلاق الراوي (2/302-304) بعد ذكر عدد من كتب علي بن المديني في العلل وغيره-:
    "وجميع هذه الكتب قد انقرضت ولم نقف على شيء منها إلا على أربعة أو خمسة حسب، ولعمري إنَّ في انقراضها ذهاب علوم جمة وانقطاع فوائد ضخمة وكان علي بن المديني فيلسوف هذه الصنعة وطبيبها ولسان طائفة الحديث وخطيبها رحمة الله عليه وأكرم مثواه لديه"

    قال عبد الرحمن ابن أبي حاتم في المقدمة (335/1):
    "سمعت أبا زرعة يقول كتبت عن أبي سملة التبوذكي عشرة آلاف حديث أما حديث حماد بن سلمة فعشرة آلاف حديث وكنا نظن أنه يقرأ كما كان يقرأ قديما فاستكتبنا الكثير ومات فبقي علينا شئ نحو قوصرة فوهبت لقوم بالبصرة
    سمعت أبا زرعة يقول نظرت في نحو من ثمانين ألف حديث من حديث ابن وهب بمصر وفي غير مصر أما اعلم اني رأيت له حديثا لا أصل له"

    قال أبو داود الخَفَّاف: سمعتُ إسحاق بنَ راهويه يقولُ: لكأني أنظر إلى مائهِ ألْف حديثٍ في كُتُبي وثلاثين ألفاً أسردها قَالَ: وأملي علينا إسحاقُ أحد عشر ألْف حَدِيث مِنْ حفظهِ ثمّ قرأها علينا فما زاد حرفاً ولا نقص حرفاً

    وَقَالَ أبو يزيد المدينيّ: سمعتُ إسحاقَ بنَ إبراهيم الحنظليّ يقول - في سنة ثمان وثلاثين ومائتين -: أعرفُ مكانَ مائة ألْف حَدِيث، كأني أنظرُ إليها، وأحفظُ منها سبعين ألْف حَدِيث من ظهر قلبي صحيحة، وأحفظ أربعة آلاف حَدِيث مزوَّرة فقيل: ما معنى حفظ المزوَّرة؟ قال: إذا مرَّ بي منها حديثٌ في الأحاديث الصحيحة فَلَيتُهُ مِنْها فَلْيَاً

    قال عبد الله بنُ أحمد: قال لي أبو زُرْعة: أبوكَ يحفظُ ألْفَ ألْفَ حديثٍ، فقيل له: وما يدريكَ؟ قال: ذاكرته فأخذتُ عليه الأبواب

    وأيضا قال أبو العباس في موضع آخر المجموع (436/7):
    "ومن آتاه الله علما وإيمانا علم أنه لا يكون عند المتأخرين من التحقيق إلا ما هو دون تحقيق السلف لا فى العلم ولا فى العمل"


    وقال الزين ابن رجب في رسالته فضل علم السلف على الخلف ص61:
    "وقد ابتلينا بجَهَلةٍ من النّاس يعتقدون في بعض من توسع في القول من المتأخرين أنه أعلم ممن تقدم فمنهم من يظن في شخص أنه أعلم من كل من تقدم من الصحابة ومن بعدهم لكثرة بيانه ومقاله ومنهم من يقول هو أعلم من الفقهاء المشهورين المتبوعين...وهذا تنقص عظيم بالسلف الصالح وإساءة ظن بهم ونسبته لهم إلى الجهل وقصور العلم"

    وقال أيضا رحمه الله في ص65:
    "فلا يوجد في كلام من بعدهم من حق إلاّ وهو في كلامهم موجود بأوجز لفظ وأخصر عبارة، ولا يوجد في كلام من بعدهم من باطل إلاّ وفي كلامهم ما يبين بطلانه لمن فهمه وتأمله، ويوجد في كلامهم من المعاني البديعة والمآخذ الدقيقة ما لا يهتدي إليه من بعدهم ولا يلم به، فمن لم يأخذ العلم من كلامهم فاته ذلك الخير كله مع ما يقع في كثير من الباطل متابعةً لمن تأخر عنهم"


    وقَالَ العلائيُّ (النكت لابن حجر (2/847) ) أيضاً-معقباً على قول فخر الدين الرازي:


    أن الخبر إذا روى في زمن قد استقرت فيه الأخبار فإذا فتش عنه لم يوجد في بطون الأسفار ولا في صدور الرجال علم بطلانه فأما في عصر الصحابة حين لم تكن الأخبار قد استقرت فإنه يجوز أنه يروى أحدهم ما لم يوجد عند غيره-:
    ((وهذا إنما تقوم به الحجة بتفتيش الحافظ الكبير الذي قد أحاط حفظه بجميع الحَدِيث أو بمعظمه كالإمام أحمد علي بن المديني ويحيى بن معين ومن بعدهم كالبخاري وأبي حَاتِم وأبي زُرْعة، ومن دونهم كالنسائي ثم الدارقطني لأن المأخذ الذي يحكم به غالبا على الحَدِيث بأنه موضوع إنما هي الملكة النفسانية الناشئة عَنْ جمع الطرق والإطلاع على غالب المروي في البلدان المتباينة، بحيث يعرف بذلك ما هو من حَدِيث الرواة مما ليس من حديثهم وأما من لم يصل إلى هذه المرتبة فكيف يقضي لعدم وجدانه للحديث بأنه موضوع هذا مما يأباه تصرفهم"


    والنقل
    لطفــــــاً .. من هنــــــــــــــا


      الوقت/التاريخ الآن هو 15.11.24 3:10