خزانة الربانيون

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

    الإجهاز على العقل المستقل الموكول إلى نفسه

    avatar
    الشيخ إبراهيم حسونة
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 9251
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 08/05/2008

    الإجهاز على العقل المستقل الموكول إلى نفسه Empty الإجهاز على العقل المستقل الموكول إلى نفسه

    مُساهمة من طرف الشيخ إبراهيم حسونة 23.09.08 22:21

    [b]الإجهاز على العقل المستقل الموكول إلى نفسه

    الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين

    وبعد:




    فقد بلغني أن واحدا من علماء الطبيعة في الغرب - ولعله هولاندي-أسلم، فلما سئل عن سبب إسلامه أجاب بكلمة واحدة : الله !


    ولعمري لقد أجاب فأحسن الجواب ، بل ليس هناك عند التحقيق جواب مقبول غير هذا...

    لا يجدي هذا العالم أن يقول، مثلا، بـ " دلائل " ما عقلية أو غيرها – مهما كانت قاطعة - لأن هذه" القواطع " لا تصبح كذلك إلا بالله!

    فيجب إذن إحداث قلب في الأسباب والنتائج...

    لعله من المناسب الاستزادة في البيان فنقول:

    اعلم أنه لا يمكن قبول دلائل العقل إلا بعد الثقة فيه والاعتراف به.


    هذه هي المعضلة التي أعيت العقلانيين!

    فأنى نجد شاهدا للعقل ؟

    فإن جاء الشاهد من الخارج بطلت أصالة العقل لأن هذا دليل على الافتقار إلى غيره ولا يهمنا من هو هذا المفتقر إليه..

    وإن جاء الشاهد من الداخل حصلت المصادرة على المطلوب!

    فلا يجوز قانونيا ومنطقيا أن يكون الشيء قاضيا ومتهما في وقت واحد.

    فإن قيل :
    هذه حجة سفسطية قديمة أثارها شكاك الإغريق من قبل

    قلنا :
    وما في ذلك ؟ فأرونا جوابكم عليها...

    الحقيقة
    إنهم ما وجدوا جوابا - ولن يجدوه أبدا .

    إن أمثل جواب تواصوا به هو الإعراض عن السفسطي أو لطمه فإن ردّ اللطمة فذاك دليل على أن قوله يناقض فعله ...

    هذا هروب من السؤال فسواء أرد السفسطي اللطمة أم لم يردها فالمعضلة باقية إلى الأبد ...

    ما الدليل القطعي على العقل؟

    وإذا ما جادلونا في كلامنا نفسه فقالوا مثلا أهو من العقل أم من غيره وأرادوا أن يلزمونا التهافت التزمناه وسقطنا جميعا في جحيم الشك والفوضى..

    فليس غرضنا هنا الدفاع عن السفسطي بل حسبنا إلزام الجميع الشك والدوران .


    نتذكر في هذا السياق التجربة الروحية للشيخ أبي حامد الغزالي - عفا الله الله- فانتهى إلى إقالة العقل فاعترف أن الحقيقة نور يقذفه الله في القلب قال:

    "فلما خطر لي هذه الخواطر، وانقدحت في النفس حاولت لذلك علاجاً فلم يتيسر، إذ لم يكن دفعه إلا بالدليل، ولم يمكن نصب دليل إلا من تركيب العلوم الأولية. فإذا لم تكن مسلمة لم يمكن تركيب الدليل. فأعضل الداء، ودام قريباً من شهرين، أنا فيهما على مذهب السفسطة بحكم الحال، لا بحكم النطق والمقال.


    حتى شفى الله تعالى من ذلك المرض، وعادت النفس إلى الصحة والاعتدال، ورجعت الضروريات العقلية مقبولة موثوقاً بها على أمن ويقين، ولم يكن ذلك بنظم دليل وترتيب كلام، بل بنور قذفه الله تعالى في الصدر وذلك النور هو مفتاح أكثر المعارف، فمن ظن أن الكشف موقوف على الأدلة المحررة فقد ضيق رحمة الله تعالى الواسعة".انتهى سرده من منقذه من الضلال.

    نعود مرة أخرى إلى المعضلة :أليس من حل لها ؟


    هل قدر على البشرية الحيرة والدوران ؟

    إن الله رحيم بعباده فقد جعل" الفطرة" الملجأ للناس ... الفطرة لا الكشف الذي ادعاه الغزالي لأن هذا الكشف إن منع السفسطة فهو فتح مبين للخرافة ،
    فلا يرد وحش السفسطة إلا كهف الفطرة!!


    فنحن نثق بالعقل لا لأنه دليل في نفسه بل لأن الفطرة استكانت إليه..

    ونحن نمتعض من السفسطة ليس لدليل عندنا على سفاهتها، بل لأن الفطرة تنفر منها..

    وقد صدق الإمام ابن القيم - رحمه الله - عندما تأمل في حال السفسطة فرأى أن السفسطة لم يجعلها الله مذهبا للناس وإلا لخربت الدنيا والدين .. بل هي حالة عابرة تنتاب ابن آدم من حين إلى آخر ثم يعود إلى فطرته ...


    ومع ذلك فإن شبح السفسطة مفيد من جهة أنه يحث الناس على التقليل من درجة تقديس العقل وعبادته والتشديق ببعض عباراتهم مثل :

    " لقد دلت القواطع العقلية على استحالة الاستواء"
    أو
    "دلت القواطع العقلية على استحالة الرؤية"

    من يقطع للعقل يا هؤلاء الناس!
    هل تريدون أن تعيدوا جحيم السفسطة جذعا!

    وانظر الآن في القرآن لتجد ما تقر به عينك في المقام:


    وَلَوْ فَتَحْنَا عَلَيْهِم بَاباً مِّنَ السَّمَاءِ فَظَلُّواْ فِيهِ يَعْرُجُونَ{14} لَقَالُواْ إِنَّمَا سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَّسْحُورُونَ{15}


    هؤلاء لم ينتفعوا بالدلائل الحسية لأن الله تعالى لم يرد بهم خيرا...فمضوا يفترضون الفروض...
    ويقال للمتكلم المجتهد في اختراع الأدلة العقلية على رؤية الله مثلا :لا تتعب نفسك فإن مخاطبك لو تجلى الله له ورآه بعينيه-وليس بعد هذا دليل ، وليس الخبر مثل العيان-فهل انتهت المشكلة؟


    كلا!

    فلولا سمعت خصمك يقول لصاحبه يقص عليه الحدث الجليل:
    "هل تدري لقد خيل إلي أنني رأيت الله تعالى"

    أو يقول:
    -اعتراني مس أمس فرأيت كأن الله تعالى أمامي-


    أو يقول
    - خدعني شيطاني فأوهمني أنني رأيت رب العالمين..
    أو ما شئت من الوساوس التي لا ينفك عنها ابن آدم...


    لا ينفع من هذا كله إلا الاستعاذة والتضرع إلا الله العظيم أن يثبتنا على الحق وأن يبقي لنا الفطرة سليمة...

    فمن عذاب الله لبعض المدققين في العقليات والمتكلين على القواطع العقلية أن يسلبهم الله الارتكان إلى الفطرة فهذا بكاؤهم يملأ مساحات التاريخ فمن قارع سن الندم ومن طالب دين العجائز ...ومن غريق في بحر السفسطة..


    هذا ونشير في خاتمة حديثنا إلى رفع سوء فهم قد يحصل لبعض القراء.. نحن لا نهدرمطلق العقل أو نسفهه وإنما كلامنا على العقل المستقل الموكول إلى نفسه

    أما العقل المستوي على سوق الفطرة والمستنير بالوحي فهو بغيتنا ورفيقنا ..

    النقل
    لطفـــــاً .. من هنــــــــــــا
    avatar
    الشيخ إبراهيم حسونة
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 9251
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 08/05/2008

    الإجهاز على العقل المستقل الموكول إلى نفسه Empty رد: الإجهاز على العقل المستقل الموكول إلى نفسه

    مُساهمة من طرف الشيخ إبراهيم حسونة 24.09.09 8:44


    فساد العقول
    الإجهاز على العقل المستقل الموكول إلى نفسه 470674
    الشيخ رابح مختاري الجزائري

    وقفت على عبارة مشرقة وكلمة مضيئة لأحد العلماء الأعلام تصوِّر واقع كثير من شبابنا الناشىء،

    وقد حركتْ قلمي لكتابة هذه العبارات علَّها تجد صدى في قلوب طلاب الحق و تلقى قبولا عند الباحثين عن المخرج من التيه الذي أوقعوا أنفسهم فيه.

    قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى :

    "...و أن العقول إذا فسدت لم يبق لضلالها حد معقول"
    .
    إن العقول إذا أخلدت إلى التقليد الأعمى واستحكم فيها الجهل و الهوى وأسلمت قيادها لكل بليد وجرت وراء كل ناعق وأطاعت كل أحمق واحتضنت أصولا فاسدة وغلت في فهم النصوص فقد أشرفت على الهلاك وقادت نفسها إلى حَينها فكانت كالباحث عن حتفه بظلفه وكالجادع بكفِّه مارن أنفه.


    لقد صار كثير من الناس إمَّعة إمَّرة يحملون أنفسهم على أمور ويُكرهونها على أصول تمجُّهاقلوبهم و تقذفها فِطَرهم ولكن ما الحيلة وقد قالها فلان وأقرَّها علان؟

    وما أناإلا من غَزِيَّةَ إن غَوتْ .........غَوَيتُ وإن ترشُد غزيةُ أرشُدِ


    إنها دعوة صريحة إلى التعصب المذهبي وجمود المقلِّدة وعليها مسحة من أصول الطرقية إلا أنهم أسموها بغير اسمها وطبقوها بلسان الحال دون لسان المقال :"لا تعترض فتنطرد" ،"لا تنتقد فتبتعد" " لاتَسَل عن التفسير و الدليل فتحرم الكثير والقليل" وهلمَّ سَحْبًا...


    وإذا هُمِّش أهلُ العلم والفضل ابتُليت الأمةُ بقوم يتشبعون بما لم يعطوا ، ويلبسون ما ليس من زيِّهم ، من كل رويبضة جهول ممَّن كان كُراعا فصار ذِراعا ، ووقعتْ في أحضان كل حاذف وقاذف لا ينصرف من طعن إلا إلى مثله فزرعوا بين الشباب بذور العداوة وسقوها بماء الفرقة ،فنبت فيهم داء الضرائر وثار حابلهم على نابلهم حتى فسد ذات بينِهم وهاج الشر من بينِهم ، وهذه عاقبة من خضع لأقوال هؤلاء خضوع خيبة و أطرق لها إطراق رهبة ،وأذعن لها إذعان من يسعى لملىء العيبة فصار أمره دائرا بين الرغبة والرهبة ،وأما ما سوى ذلك فقد أقفل دونه كل باب وقطع معه كل خطاب.


    فقل لي بربك أيها العاقل اللبيب يا من تزن الأمور بالعدل والإنصاف أهؤلاء هم الذين يحفظون الشريعة ويذبون عن حياضها وينهضون بالأمة إلى مافيه عزها ومجدها؟!


    كلا والله

    فإن الناظر المتحرِّر من ربقة التقليد لا يجد في هؤلاء إلا من يُجْبِر ولا يَجْبُر، و لا يرى فيهم إلا من يقرِّب رويبضة أغماراً لا من يهدي الشباب االحيارى ،

    ومنهم من لم يفلح ولم ينفع إلا في حداء الأرواح إلى بلاد الأتراح،


    لقد صار حالنا كما قال الذهبي رحمه الله تعالى:

    " لقد اشتفى بنا كل مبتدع ومجَّنا كل مؤمن، أفهؤلاء الغثاء هم الذين يحفظون على الأمة دينها؟! كلا والله"


    فاعقِلي إن كنتِ لمَّا تعقِلي .........ولقد أفلح من كان عقل

    فيا أيها الشاب المسترشد

    عليك بالإسلام الصحيح اسما ومسمى، قلبا وقالبا

    وعليك بأصول السلف الأوائل فإن الحيَّ لا تؤمن عليه الفتنة

    وضعْ نصب عينك قول الإمام مالك رحمه الله تعالى :
    " ليس أحد بعد النبي صلى الله عليه وسلم إلا ويؤخذ من قوله ويترك إلا النبي صلى الله عليه وسلم"

    وعليك بما قرره العلماء العدول :
    "إن كنت ناقلا فالصحة أو مدَّعِيا فالدليل "

    ،"العلم ما قام عليه الدليل والنافع منه ما جاء به الرسول e"(أي في العلوم الشرعية)

    واعلم أنك في زمان غربة

    فوطِّن نفسك على قدح الجهال وطعن المقلدة الجامدين

    وإليك هذه النصيحة الذهبية

    من الإمام ابن القيم رحمة الله عليه إذ يقول:

    " فإذا أراد المؤمن الذي قد رزقه الله بصيرة في دينه وفقها في سنة رسوله وفهما في كتابه وأراه ما الناس فيه من الأهواء والبدع والضلالات وتنكبهم عن الصراط المستقيم الذي كان عليه رسول الله (وأصحابه ،

    فإذا أرادأن يسلك هذا الصراط

    فليوطِّن نفسه على

    قدح الجهال وأهل البدع فيه وطعنهم عليه وإزرائهم به وتنفير الناس عنه وتحذيرهم منه

    كما كان سلفهم من الكفار يفعلون مع متبوعه وإمامه

    فأما إن دعاهم إلى ذلك وقدح فيما هم عليه فهنالك تقوم قيامتهم ويبغون له الغوائل وينصبون له الحبائل و يجلبون عليه بخيل كبيرهم ورجله..."


    وأما الرويبضة


    فمهما خفي أمرهم والتبس حالهم فسيبرح الخفاء و يرفع الستار ويبدو للقوم نَجيثُهم ،ويظهر للناس ما كانوا يخفون من قبل

    وحينها يحمد القوم السرى وتنجلي عنهم عمايات الكرى ويبدو الصبح لكل ذي عينين فإن تحت الرغوة الصريح.


    ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا *** ويأتيك بالأخبار من لم تزود

    فرحم الله عبدا راقب ربَّه وأبصر ذنبه و أصلح عيبه

    وأقبل على لسانه فألجمه بلجام من الورع والتقوى

    و رجع إلى نفسه فحاسبها وأصلحها وأزال عنها دواعي الغلو والإجحاف

    فإن دين الله تعالى بين الغالي فيه والجافي عنه .
    فلله درُّ شيخ الإسلام

    ، حقا إن العقول إذا فسدت لم يبق لضلالها حد معقول .
    الإجهاز على العقل المستقل الموكول إلى نفسه 470674



    مصدر المقال



      الوقت/التاريخ الآن هو 27.11.24 0:12