بدعـــــــة المحـــــراب
الـمحــراب: صــــدر البيــت ، وأكــرم موضــع فيــه ، والجمــع محاريــب ، وهــو أيضــاً الغرفــة .
والمـحراب عنـد العامَّــة: الـذي يقيمــه النــاس اليــوم مقــام الإمــام فـي المسجــد .
والمحاريــب صــدور المجالــس .
والـمحراب: القبلــة .
ومحــراب المسجــد أيضــاً: صـــدره وأشــرف موضــع فيــه. (1).
وقـد جـاء عـن النبــي صلــى الله عليــه وسلــم أنــه قــال: (اتقوا هذه المذابح) (2)
والحديــث وإن كــان ليــس فيــه دلالـة علـى النهـــي عـــن المحــراب المعهــود لــدى النــاس اليــوم ، إذ المقصــود مــن هــذا الحديــث (صدور المجالس) ، ولكــن عمــوم لفـــظ المحــراب يشملـــه
والله أعلم.
ولجلال الديــن السيوطــي رسالــة مخطوطــة اسمهــا: (إعلام الأريب بحدوث بدعة المحاريب) قــال فــي أولهــا:
"هـذا جزء سميته (إعلام الأريب بحدوث بدعة المحاريب) ، لأن قوماً خفي عليهم كون المحراب في المسجد بدعة ، وظنوا أنه كان في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم في زمنه ، ولم يكن في زمنه قطُّ محراب ، ولا في زمن الخلفاء الأربعة ، فمنْ بعدهم إلى آخر المئة الأولى.
المحراب المعهود في عصرنا ، هو بدعة من البدع ، فإن النبي صلى الله عليه وسلم ما بنى في المسجد المحاريب ولا فعله من بعده صحابته – رضوان الله عليهم - ، وإنما حدث ذلك بعد ذهاب الصفوة من بعده صلى الله عليه وسلم.
وقد روى البزار عن ابن مسعود: أنه كره الصلاة في المحراب ، وقال: إنما كانت للكنائس ، فلا تشبهوا بأهل الكتاب.(3)
وروى ابن أبي شيبة عن سالم بن أبي الجعد ، قال: (لا تتخذوا المذابح في المساجد) ، وروى آثاراً كثيرة عن السلف في كراهة المحراب في المسجد(4).
والذي قال بأن المحراب كان موجوداً في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم اعتمد على حديث لم يصح ، وهو : " حضرت رسول الله صلى الله عليه وسلم حين نهض إلى المسجد فدخل المحراب (يعني موضع المحراب) ، ثم رفع يديه بالتكبير ، ثم وضع يمينه على يسراه على صدره" (رواه البيهقي).
قال العلامة الشيخ الألباني رحمه الله – بعد أن نقل أقوال العلماء في ضعفه:
( نتبين من كلام هؤلاء العلماء أن هذا الإسناد فيه ثلاث علل: محمد بن حجر ، وسعيد بن عبد الجبار ، وأم عبد الجبار).(5)
قال العلامة الشيخ الألباني – رحمه الله - :
( وأما استحسان الكوثري وغيره المحاريب بحجة أن فيها مصلحة محققة ، وهي دلالة على القبلة ، فهي حجة واهية من وجوه :
أن كثرة المساجد فيها المنابر ، فهي تقوم بهذه المصلحة قطعاً ، فلا حاجة حينئذللمحاريب فيها ، وينبغي أن يكون ذلك متفقاً بين المختلفين في هذه المسألة لو أنصفوا! ولم يحاولوا ابتكار الأعذار إبقاءً لما عليه الجماهير وإرضاءً لهم!
2- أما ما شرع للحاجة والمصلحة فينبغي أن يوقف عندما تقتضيه المصلحة ، ولا يزاد على ذلك ، فإذا كان الغرض من المحراب في المسجد هو الدلالة على القبلة ، فذلك يحصل بمحراب صغير بُحفر فيه ، بينما نرى المحاريب في أكثر المساجد ضخمة واسعة يغرق الإمام فيها! زذ على ذلك أنها صارت موضعاً للزينة والنقوش التي تلهي المصلين وتصرفهم عن الخشوع في الصلاة ، وجمع الفكر فيها وذلك منهيُ عنه قطعاً.
3- أنه إذا ثبت أن المحاريب من عادة النصارى في كنائسهم ، فينبغي حينئذ صرف النظر عن المحراب بالكلية واستبداله بشيء آخر يتفق عليه ، مثل وضع عمود عند موقف الإمام ، فإن له أصلاً في السنة ، فقد أخرج الطبراني في (الكبير): عن جابر بن أسامة الجهني قال: (لقيت النبي صلى الله عليه وسلم في أصحابه في السوق ، فسألت أصحاب رسول الله: أين يريد؟ قالوا: يخط لقومك مسجداً ، فرجعت ، فإذا قومٌ قيامٌ ، فقلت: ما لكم؟ قالوا: خط لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم مسجداً ،و وغرز في القبلة خشبة أقامها فيها).
وجملة القول :
نسأل الله العافية.
اللهم عافنا اللهم سلمنا ، اللهم احفظنا ، اللهم اجعلنا من اتباع الحق والعاملين به.
*******
(1) لسان العرب (1/305).
(2) قال السيوطي في لدر المنثور في التفسير بالمأثور: (ج/2): وأخرج الطبراني والبيهقي في سننه عن ابن عمرو " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: اتقوا هذه المذابح. يعني المحاريب.
وقال الهيثمي في (المجمع): كتاب الأدب (2/حدديث: 12922): رواه الطبراني وفيه عبد الله بن مغراء، وثقه ابن حبان وغيره، وضعفه ابن المديني في روايته عن الأعمش وليس هذا منها.
وقال ابن الأثير في غريب الحديث: المَذابِح، وهي المقاصِير. وقيل المَحاريب.
وقال الشيخ الألباني رحمه الله تعالى: (صحيح): صحيح الجامع (120).
(3) قال الهيثمي في (مجمع الزوائد (2/حديث:1982): رواه البزار ورجاله موثقون.
(4) وانظر الدر المنثور للسيوطي.
__________________
اللهم ارحم الشيخ الألباني رحمة واسعة
الـمحــراب: صــــدر البيــت ، وأكــرم موضــع فيــه ، والجمــع محاريــب ، وهــو أيضــاً الغرفــة .
والمـحراب عنـد العامَّــة: الـذي يقيمــه النــاس اليــوم مقــام الإمــام فـي المسجــد .
والمحاريــب صــدور المجالــس .
والـمحراب: القبلــة .
ومحــراب المسجــد أيضــاً: صـــدره وأشــرف موضــع فيــه. (1).
وقـد جـاء عـن النبــي صلــى الله عليــه وسلــم أنــه قــال: (اتقوا هذه المذابح) (2)
والحديــث وإن كــان ليــس فيــه دلالـة علـى النهـــي عـــن المحــراب المعهــود لــدى النــاس اليــوم ، إذ المقصــود مــن هــذا الحديــث (صدور المجالس) ، ولكــن عمــوم لفـــظ المحــراب يشملـــه
والله أعلم.
ولجلال الديــن السيوطــي رسالــة مخطوطــة اسمهــا: (إعلام الأريب بحدوث بدعة المحاريب) قــال فــي أولهــا:
"هـذا جزء سميته (إعلام الأريب بحدوث بدعة المحاريب) ، لأن قوماً خفي عليهم كون المحراب في المسجد بدعة ، وظنوا أنه كان في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم في زمنه ، ولم يكن في زمنه قطُّ محراب ، ولا في زمن الخلفاء الأربعة ، فمنْ بعدهم إلى آخر المئة الأولى.
المحراب المعهود في عصرنا ، هو بدعة من البدع ، فإن النبي صلى الله عليه وسلم ما بنى في المسجد المحاريب ولا فعله من بعده صحابته – رضوان الله عليهم - ، وإنما حدث ذلك بعد ذهاب الصفوة من بعده صلى الله عليه وسلم.
وقد روى البزار عن ابن مسعود: أنه كره الصلاة في المحراب ، وقال: إنما كانت للكنائس ، فلا تشبهوا بأهل الكتاب.(3)
وروى ابن أبي شيبة عن سالم بن أبي الجعد ، قال: (لا تتخذوا المذابح في المساجد) ، وروى آثاراً كثيرة عن السلف في كراهة المحراب في المسجد(4).
والذي قال بأن المحراب كان موجوداً في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم اعتمد على حديث لم يصح ، وهو : " حضرت رسول الله صلى الله عليه وسلم حين نهض إلى المسجد فدخل المحراب (يعني موضع المحراب) ، ثم رفع يديه بالتكبير ، ثم وضع يمينه على يسراه على صدره" (رواه البيهقي).
قال العلامة الشيخ الألباني رحمه الله – بعد أن نقل أقوال العلماء في ضعفه:
( نتبين من كلام هؤلاء العلماء أن هذا الإسناد فيه ثلاث علل: محمد بن حجر ، وسعيد بن عبد الجبار ، وأم عبد الجبار).(5)
قال العلامة الشيخ الألباني – رحمه الله - :
( وأما استحسان الكوثري وغيره المحاريب بحجة أن فيها مصلحة محققة ، وهي دلالة على القبلة ، فهي حجة واهية من وجوه :
أن كثرة المساجد فيها المنابر ، فهي تقوم بهذه المصلحة قطعاً ، فلا حاجة حينئذللمحاريب فيها ، وينبغي أن يكون ذلك متفقاً بين المختلفين في هذه المسألة لو أنصفوا! ولم يحاولوا ابتكار الأعذار إبقاءً لما عليه الجماهير وإرضاءً لهم!
2- أما ما شرع للحاجة والمصلحة فينبغي أن يوقف عندما تقتضيه المصلحة ، ولا يزاد على ذلك ، فإذا كان الغرض من المحراب في المسجد هو الدلالة على القبلة ، فذلك يحصل بمحراب صغير بُحفر فيه ، بينما نرى المحاريب في أكثر المساجد ضخمة واسعة يغرق الإمام فيها! زذ على ذلك أنها صارت موضعاً للزينة والنقوش التي تلهي المصلين وتصرفهم عن الخشوع في الصلاة ، وجمع الفكر فيها وذلك منهيُ عنه قطعاً.
3- أنه إذا ثبت أن المحاريب من عادة النصارى في كنائسهم ، فينبغي حينئذ صرف النظر عن المحراب بالكلية واستبداله بشيء آخر يتفق عليه ، مثل وضع عمود عند موقف الإمام ، فإن له أصلاً في السنة ، فقد أخرج الطبراني في (الكبير): عن جابر بن أسامة الجهني قال: (لقيت النبي صلى الله عليه وسلم في أصحابه في السوق ، فسألت أصحاب رسول الله: أين يريد؟ قالوا: يخط لقومك مسجداً ، فرجعت ، فإذا قومٌ قيامٌ ، فقلت: ما لكم؟ قالوا: خط لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم مسجداً ،و وغرز في القبلة خشبة أقامها فيها).
وجملة القول :
أن المحراب في المسجد بدعة ، ولا مبرر لجعله من المصالح المرسلة ، ما دام أن غيره مما شرعه رسول الله صلى الله عليه وسلم يقوم مقامه مع البساطة وقلة الكلفة والبعد عن الزخرفة).(6)
ومن هنا تعلم
ومن هنا تعلم
أخي القارئ أن المحراب لم يكن على عهده صلى الله عليه وسلم ، ولا على عهد من بعده من الصفوة – رضي الله عنهم -، فهو بدعة لا يجوز فعلها
والخير كل الخير في اتباع سنته صلى الله عليه وسلم ، والشر كل الشر في مخالفته
والخير كل الخير في اتباع سنته صلى الله عليه وسلم ، والشر كل الشر في مخالفته
نسأل الله العافية.
اللهم عافنا اللهم سلمنا ، اللهم احفظنا ، اللهم اجعلنا من اتباع الحق والعاملين به.
*******
(1) لسان العرب (1/305).
(2) قال السيوطي في لدر المنثور في التفسير بالمأثور: (ج/2): وأخرج الطبراني والبيهقي في سننه عن ابن عمرو " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: اتقوا هذه المذابح. يعني المحاريب.
وقال الهيثمي في (المجمع): كتاب الأدب (2/حدديث: 12922): رواه الطبراني وفيه عبد الله بن مغراء، وثقه ابن حبان وغيره، وضعفه ابن المديني في روايته عن الأعمش وليس هذا منها.
وقال ابن الأثير في غريب الحديث: المَذابِح، وهي المقاصِير. وقيل المَحاريب.
وقال الشيخ الألباني رحمه الله تعالى: (صحيح): صحيح الجامع (120).
(3) قال الهيثمي في (مجمع الزوائد (2/حديث:1982): رواه البزار ورجاله موثقون.
(4) وانظر الدر المنثور للسيوطي.
__________________
اللهم ارحم الشيخ الألباني رحمة واسعة