خزانة الربانيون

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

    مذاهب الأصوليين في قول الصحابي.

    avatar
    الشيخ إبراهيم حسونة
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 9251
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 08/05/2008

    الملفات الصوتية مذاهب الأصوليين في قول الصحابي.

    مُساهمة من طرف الشيخ إبراهيم حسونة 08.09.08 8:44

    [size=28][b]مذاهب الأصوليين في قول الصحابي.
    بسم الله الرحمن الرحيم

    هذا الموضوع حجية قول الصحابي من الموضوعات المهمة الأصولية التي لا غنى لطالب العلم إدراكه.كتب فيه العديد من العلماء كما لاتكاد الكتب الأصولية أن تخلو من هذا البحث ,إلا أن العلماء إختلفت مناهجهم في عرض المسألة بين من موسع و أكثر من الإستدلال على مذهبه و أكثر الرد عاى المخالف أطنب في ذلك كثيرا وبين مبسط عرض المسألة واستدل على مذهبه بشكل عادي ولم تحظ عنده بالإهتمام .

    وهذا البحث الذي أمامكم كتبه أحد فرسان [منتدى أهل الحديث ] مليء بالفوائد أردت نقله إلى هذا المنتدى البيضاء العلمية كي تعم الفائدة و نستفيد كلنا .
    وصلى الله وسلم على نبينا محمد و على أله وصحبه أجمعين.
    :
    فإن من المسائل المشهورة عند أهل العلم من الفقهاء والأصوليين مسألة قول الصحابي ومدى الاحتجاج به وهي مسألة قل من حررها تحريراً دقيقاً وفهم كلام الأئمة فيها تأصيلاً وتفريعاً فلذا أحببت أن أجمع كلام أهل العلم في المسألة مبيناً القول الراجح فيما ظهر من أقوالهم وحججهم إلا أنه يحسن قبل ذكر الخلاف في المسألة أن أبين أموراً :

    الأول :فضل الصحابة رضي الله عنهم وتعظيم قدرهم :
    ثبت فضل الصحابة رضي الله عنهم في نصوص كثيرة من الكتاب والسنة حتى أصبح ذلك من عقائد أهل السنة والجماعة ينصون عليه في عقائدهم والنصوص في هذا نوعان نصوص في حق الصحابة عموماً ونصوص خاصة بطائفة أو صحابي معين وسأكتفي بذكر النصوص التي وردت في حق الصحابة عموماً :

    فمما ورد في فضلهم والثناء عليهم في الكتاب :
    1 – قوله تعالى : كنتم خير أمةٍ أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله
    ذهب كثير من المفسرين أن المخاطب هنا هم أصحاب رسول الله الذين هاجروا معه وقيل بل هي عامة لكن أصل الخطاب لأصحاب النبي ، وهم داخلون في هذه الآية قطعاً إما على القول الأول أو على القول الثاني ؛ إذ هم أكمل من جمع هذه الصفات .

    2 – قوله تعالى : إن الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله والذين آووا ونصروا أولئك بعضهم أولياء بعض والذين آمنوا ولم يهاجروا ما لكم من ولايتهم من شيء حتى يهاجروا وإن استنصروكم في الدين فعليكم النصر إلا على قوم بينكم وبينهم ميثاق والله بما تعملون بصير ( 72 ) والذين كفروا بعضهم أولياء بعض إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير (73 ) والذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا في سبيل الله والذين آووا ونصروا أولئك هم المؤمنون حقا لهم مغفرة ورزق كريم (74) والذين آمنوا من بعد وهاجروا وجاهدوا معكم فأولئك منكم وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله إن الله بكل شيء عليم (75 )
    ذكر تعالى أصناف المؤمنين وقسمهم إلى مهاجرين خرجوا من ديارهم وأموالهم وجاءوا لنصر الله ورسوله وإقامة دينه وبذلوا أموالهم وأنفسهم في ذلك وإلى أنصار وهم المسلمون من أهل المدينة إذ ذاك آووا إخوانهم المهاجرين في منازلهم وواسوهم في أموالهم ونصروا الله ورسوله بالقتال معهم ، وقد أثنى الله تبارك وتعالى على الصنفين في هذه الآيات وبين أنهم المؤمنون حقاً وأن لهم عند الله مغفرةً ورزقاً كريماً .

    3 – وقوله تعالى : السابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه وأعد لهم جنات تجري تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا ذلك الفوز العظيم
    يخبر تعالى عن رضاه عن السابقين من المهاجرين والأنصار والتابعين لهم بإحسان ورضاهم عنه بما أعد لهم من جنات النعيم والنعيم المقيم .

    4 - وقوله تعالى : لقد تاب الله على النبي والمهاجرين والأنصار الذين اتبعوه في ساعة العسرة من بعد ما كاد يزيغ قلوب فريق منهم ثم تاب عليهم إنه بهم رؤوف رحيم

    5 - وقوله تعالى : محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعا سجدا يبتغون فضلا من الله ورضوانا سيماهم في وجوههم من أثر السجود ذلك مثلهم في التوراة ومثلهم في الإنجيل كزرع أخرج شطأه فآزره فاستغلظ فاستوى على سوقه يعجب الزراع ليغيظ بهم الكفار وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات منهم مغفرة وأجرا عظيما

    6 - وقوله تعالى : واعلموا أن فيكم رسول الله لو يطيعكم في كثير من الأمر لعنتم ولكن الله حبب إليكم الإيمان وزينه في قلوبكم وكره إليكم الكفر والفسوق والعصيان أولئك هم الراشدون (7) فضلا من الله ونعمة والله عليم حكيم
    وفي هاتين الآيتين يخبر تبارك وتعالى انه حبب إلى الصحابة الإيمان وزينه في قلوبهم وكره إليهم الكفر والفسوق والعصيان وفي هذا عظيم الثناء عليهم وعلى ما تفضل الله به عليهم من ذلك ليكونوا أصحاب رسول الله .

    وأما ما ورد في السنة في فضلهم فكثير ومن ذلك :

    1 - عن أبي سعيد الخدري قال : قال النبي : " لا تسبوا أصحابي فلو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهبا ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه " أخرجه البخاري ومسلم وفي رواية مسلم " كان بين خالد بن الوليد وبين عبد الرحمن بن عوف شيء فسبه خالد فقال رسول الله : " لا تسبوا أحدا من أصحابي فإن أحدكم لو أنفق مثل أحد ذهبا ما أدرك مد أحدهم ولا نصيفه "
    وعن أبي هريرة قال : قال رسول الله : " لا تسبوا أصحابي فو الذي نفسي بيده لو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهباً ما أدرك مد أحدهم ولا نصيفه " رواه مسلم

    2 - عن أبي بردة عن أبيه قال : صلينا المغرب مع رسول الله ثم قلنا لو جلسنا حتى نصلي معه العشاء قال فجلسنا فخرج علينا فقال ما زلتم ههنا ؟ قلنا يا رسول الله صلينا معك المغرب ثم قلنا نجلس حتى نصلي معك العشاء قال أحسنتم أو أصبتم قال فرفع رأسه إلى السماء وكان كثيرا مما يرفع رأسه إلى السماء فقال النجوم أمنة للسماء فإذا ذهبن النجوم أتى السماء ما توعد وأنا أمنة لأصحابي فإذا ذهبت أتى أصحابي ما يوعدون وأصحابي أمنة لأمتي فإذا ذهب أصحابي أتى أمتي ما يوعدون " رواه مسلم

    3 – عن عمران بن حصين قال : قال النبي : " خيركم قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم " . قال عمران لا أدري أذكر النبي بعد قرنه قرنين أو ثلاثة قال : " إن بعدكم قوما يخونون ولا يؤتمنون ويشهدون ولا يستشهدون وينذرون ولا يفون ويظهر فيهم السمن " متفق عليه وروي نحوه عن ابن مسعود في الصحيحين وعن أبي هريرة عند مسلم وعن عائشة رضي الله عنها عند مسلم .

    4 - عن سهل بن سعد رضي الله عنهما قال : جاءنا رسول الله نحن نحفر الخندق ، وننقل التــراب على أكتافنا ، فقال رسول الله : " اللهم لا عيش إلا عيش الآخرة ، فاغفر للمهاجرين والأنصار " متفق عليه ، وروى البخاري نحوه من حديث أنس وفيه " فأصلح الأنصار والمهاجرة " وفي رواية عند أحمد والترمذي " فأكرم الأنصار والمهاجرة "

    5 - عن عويم بن ساعدة أن رسول الله قال : " إن الله تبارك وتعالى اختارني ، واختار لي أصحاباً ، فجعل لي منهم وزراء ، وأنصاراً ، وأصهاراً ، فمن سبهم فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين ، لا يقبل منه يوم القيامة صرف ولا عدل " رواه الحميدي في مسنده .

    6 - عن أبي سعيد الخدري عن النبي قال : " يأتي زمان يغزو فئام من الناس فيقال فيكم من صحب النبي ؟ فيقال : نعم فيفتح عليه ثم يأتي زمان فيقال : فيكم من صحب أصحاب النبي ؟ فيقال : نعم فيفتح ثم يأتي زمان فيقال : فيكم من صحب صاحب أصحاب النبي ؟ فيقال : نعم فيفتح " أخرجه البخاري ومسلم

    ومن الآثار في فضلهم :

    1 – قال ابن عمر رضي الله عنهما قال : " من كان مستنا فليستن بمن قد مات أولئك أصحاب محمد كانوا خير هذه الأمة أبرها قلوباً وأعمقها علماً وأقلها تكلفاً قوم اختارهم الله لصحبة نبيه ونقل دينه فتشبهوا بأخلاقهم وطرائقهم فهم أصحاب محمد كانوا على الهدى المستقيم " أخرجه أبو نعيم في الحلية ( 1 / 305 – 306 ) وذكر نحوه البغوي ( 1 / 214 ) عن ابن مسعود .

    2 – عن الحسن أن عائذ بن عمرو وكان من أصحاب رسول الله دخل على عبيد الله بن زياد فقال أي بني إني سمعت رسول الله يقول : " إن شر الرعاء الحطمة فإياك أن تكون منهم " فقال له : اجلس فإنما أنت من نخالة أصحاب محمد فقال : " وهل كانت لهم نخالة ؟ إنما النخالة بعدهم وفي غيرهم " رواه مسلم

    وعلى هذا الاعتقاد سار الأئمة من التابعين ومن تبعهم وهو اعتقاد الأئمة الأربعة أبي حنيفة ومالك والشافعي وأحمد رحمهم الله :
    قال الشافعي _ رحمه الله _ في رسالته البغدادية ( القديمة ) التي رواها عنه الحسن بن محمد الزعفراني : ( أثنى الله تبارك وتعالى على أصحاب رسول الله في القرآن والتوراة والإنجيل وسبق لهم على لسان رسول الله ص - من الفضل ما ليس لأحد بعدهم فرحمهم الله وهنأهم بما أتاهم من ذلك ببلوغ أعلى منازل الصديقين والشهداء والصالحين أدوا إلينا سنن رسول الله وشاهدوه والوحي ينزل عليه فعلموا ما أراد رسول الله عاما وخاصا وعزما وإرشادا وعرفوا من سنته ما عرفنا وجهلنا وهم فوقنا في كل علم واجتهاد وورع وعقل وأمر استدرك به علم واستنبط به وآراؤهم لنا أحمد وأولى بنا من رأينا عند أنفسنا ومن أدركنا ممن يرضى أو حكى لنا عنه ببلدنا صاروا فيما لم ليعلموا لرسول الله فيه سنة إلى قولهم إن اجتمعوا أو قول بعضهم إن تفرقوا وهكذا نقول ولم نخرج عن أقاويلهم وإن قال أحدهم ولم يخالفه غيره أخذنا بقوله ) ينظر إعلام الموقعين ( 1 / 80 ) المدخل على السنن الكبرى ( 110 – 111 )

    وقال أحمد _ رحمه الله _ : ( ومن السنة الواضحة الثابتة البينة المعروفة ذكر محاسن أصحاب رسول الله كلهم أجمعين ، والكف عن ذكر ما شجر بينهم فمن سب أصحاب رسول الله أو أحداً منهم أو تنقصه أو طعن عليهم أو عرض بعيبهم أو عاب أحداً منهم فهو مبتدع رافضي خبيث مخالف لا يقبل الله منه صرفاً ولا عدلاً بل حبهم سنة والدعاء لهم قربة والاقتداء بهم وسيلة ، والأخذ بآثارهم فضيلة ، وخير هذه الأمة بعد النبي أبو بكر ، وعمر بعد أبي بكر ، وعثمان بعد عمر ، وعلي بعد عثمان ، ووقف قوم على عثمان ، وهم خلفاء راشدون مهديون ، ثم أصحاب رسول الله بعد هؤلاء الأربعة خير الناس لا يجوز لأحد أن يذكر شيئاً من مساويهم ، ولا يطعن على أحد منهم بغيب ولا بنقض ، فمن فعل ذلك فقد وجب على السلطان تأديبه وعقوبته ليس له أن يعفو عنه بل يعاقبه ويستتيبه ، فإن تاب قبل منه ، وإن ثبت أعاد عليه العقوبة وخلده في الحبس حتى يموت أو يراجع ) كتاب السنة للإمام أحمد ( ص 17 ) طبقات الحنابلة ( 1 / 30 )

    قال ابن أبي حاتم الرازي _ رحمه الله _ : ( فأما أصحاب الرسول فهم الذين شهدوا الوحي والتنزيل وعرفوا التفسير والتأويل ، وهم الذين اختارهم الله عز وجل لصحبه نبيه ونصرته وإقامة دينه وإظهار حقه فرضيهم له صحابه ، وجعلهم لنا أعلاماً وقدوه فحفظوا عنه ما بلغهم عن الله عز وجل ، وما سن وشرع وحكم وقضى وندب وأمر ونهى وحظر وأدب ووعوه وأتقنوه ففقهوا في الدين وعلموا أمر الله ونهيه ومراده بمعاينه رسول الله ومشاهدتهم منه تفسير الكتاب وتأويله وتلقفهم منه واستنباطهم عنه ، فشرفهم الله عز وجل بما من عليهم وأكرمهم به من وضعه إياهم موضع القدوة فنفى عنهم الشك والكذب والغلط والريبة والغمز وسماهم عدول الأمة فقال عز ذكره في محكم كتابه : ﴿ وكذلك جعلناكم أمه وسطاً لتكونوا شهداء على الناس ﴾ ففسر النبي عن الله عز ذكره قوله وسطاً قال : عدلاً فكانوا عدول الأمة وأئمة الهدى ، وحجج الدين ، ونقله الكتاب والسنة وندب الله عز وجل إلى التمسك بهديهم ، والجري على منهاجهم ، والسلوك لسبيلهم والاقتداء بهم فقال : ﴿ ومن يتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ﴾ الآية ، ووجدنا النبي قد حض على التبليغ عنه في أخبار كثيرة ، ووجدناه يخاطب أصحابه فيها منها :

    أن دعا لهم فقال : " نضر الله امرأ سمع مقالتي فحفظها ووعاها حتى يبلغها غيره " وقال في خطبته : " فليبلغ الشاهد منكم الغائب " وقال : " بلغوا عني ولو آية وحدثوا عني ولا حرج " _ كذا قال وفي البخاري وحدثوا عن بني إسرائيل _ ثم تفرقت الصحابة رضي الله عنهم في النواحي والأمصار والثغور ، وفي فتوح البلدان والمغازي والإمارة والقضاء والأحكام فبث كل واحد منهم في ناحية وبالبلد الذي هو به ما وعاه وحفظه عن رسول ، وحكموا بحكم الله عز وجل وأمضوا الأمور على ما سن رسول الله وأفتوا فيما سئلوا عنه مما حضرهم من جواب رسول الله عن نظائرها من المسائل وجردوا أنفسهم مع تقدمه حسن النية والقربة إلى الله تقدس اسمه لتعليم الناس الفرائض والأحكام والسنن والحلال والحرام حتى قبضهم الله عز وجل رضوان الله ومغفرته ورحمته عليهم أجمعين ) مقدمة الجرح والتعديل ( 1 / 7 – 8 )



    الثاني : البحث في قول الصحابي مسألة متعلقة بالفقه وأصوله وليست مسألة عقدية :



    ينبغي أن يعلم أن البحث في حجية قول الصحابي هو من مباحث أصول الفقه والفقه وليس من مسائل العقيدة ؛ لأن الكلام فيها هو في باب الأحكام الفقهية والفتاوى وذلك لاتفاق أهل العلم على حجية قول الصحابي فيما لا مجال للرأي فيه كالعقائد والمغيبات وبالتالي فليست المسألة مما يقال فيها قول السلف وقول من خالف السلف ، ويدل لذلك كما سيأتي أن مالكاً والشافعي وأحمد لهم في حجيته وعدمه قولان وعليه فلا يصح أن يقال من قال قول الصحابي لا يحتج به فقد خالف السلف ؛ لأن لازم هذا أن يكون مالك والشافعي وأحمد قد خالفوا السلف في هذه المسألة .
    كما ينبغي أن يعلم أن مسلك الصحابة في فهم نصوص الكتاب والسنة وطريقتهم في إتباع النصوص وعدم تجاوزها وتأويلها بخلاف المراد منها وتركهم للبدع والأهواء والخصومات في الدين كل هذا واجب الاتباع وليس هو المراد في البحث هنا .

    قال أحمد _ رحمه الله _ : ( أصول السنة عندنا : التمسك بما كان عليه أصحاب رسول الله والاقتداء بهم ، وترك البدع ، وكل بدعة فهي ضلالة ، وترك الخصومات ، وترك الجلوس مع أصحاب الأهواء ، وترك المراء والجدال والخصومات في الدين

    --------------------------------------------------------------------------------


    الثالث : آراء الأئمة الأربعة في قول الصحابي :

    أولاً : الإمام أبو حنيفة رحمه الله :
    1 - قال – رحمه الله - : ( إني آخذ بكتاب الله إذا وجدته ، فما لم أجده فيه أخذت بسنة رسول الله والآثار الصحاح عنه التي فشت في أيدي الثقات عن الثقات ، فإذا لم أجد في كتاب الله ولا سنة رسول الله أخذت بقول أصحابه من شئت وأدع قول من شئت ثم لا أخرج عن قولهم إلى قول غيرهم ، فإذا انتهى الأمر إلى إبراهيم والشعبي والحسن وابن سيرين وسعيد بن المسيب … فلي أن أجتهد كما اجتهدوا ) الصيمري في كتاب أخبار أبي حنيفة ( 10 )

    2 - وقال أيضاً : ( ما بلغني عن صحابي أنه أفتى به فأقلده ولا أستجيز خلافه ) شرح أدب القاضي ( 1 / 185 – 187 )

    3 - وقال أيضاً : ( من كان من أئمة التابعين وأفتى في زمن الصحابة وزاحمهم في الفتوى و سوغوا له الاجتهاد ، فأنا أقلده ، مثل شريح ، و الحسن ، ومسروق بن الأجدع ، وعلقمة ) ذم الكلام وأهله ( 5 / 207 )

    4 - وعن أبي يوسف قال : ( سمعت أبا حنيفة يقول : إذا جاء الحديث عن النبي عن الثقات أخذنا به ، فإذا جاء عن أصحابه لم نخرج عن أقاويلهم ، فإذا جاء عن التابعين زاحمتهم ) أخبار أبي حنيفة ( 10 – 11 )

    5 – قال الفضيل بن عياض : ( كان إذا وردت عليه مسألة فيها حديث صحيح اتبعه ، و إن كان عن الصحابة والتابعين ، وإلا قاس وأحسن القياس ) تاريخ بغداد ( 13 / 339 – 340 )

    6 – قال ابن المبارك سمعت أبا حنيفة يقول : ( إذا جاء عن النبي فعلى الرأس والعين ، وإذا جاء عن الصحابة نختار من قولهم ، وإذا جاء عن التابعين زاحمناهم )
    ينظر : إعلام الموقعين ( 4 / 123 )

    7 - وقال يحيى بن الضريس : ( شهدت سفيان الثوري وأتاه رجل له مقدار في العلم والعبادة فقال له يا أبا عبد الله ما تنقم على أبى حنيفة قال وماله قال سمعته يقول قولا فيه إنصاف وحجة أني آخذ بكتاب الله إذا وجدته فإن لم أجده منه أخذت بسنة رسول الله والآثار الصحاح عنه التي فشت في أيدي الثقات عن الثقات فإذا لم أجد في كتاب الله ولا في سنة رسول الله أخذت بقول أصحابه من شئت وأدع قول من شئت ثم لا أخرج عن قولهم إلى قول غيرهم فإذا انتهى الأمر إلى إبراهيم والشعبي والحسن وابن سيرين وسعيد بن المسيب وعدد رجالا قد اجتهدوا فلي أن اجتهد كما اجتهدوا ) تاريخ ابن معين رواية الدوري ( 4 / 63 ) الانتقاء لابن عبد البر ( ص 143 )

    ثانياً : الإمام مالك رحمه الله :

    القول بحجية قول الصحابي قول مشهور عن مالك وقد نسبه إليه كثير من المالكية كالقرافي وغيره
    ينظر : شرح تنقيح الفصول ( ص 445 ) نشر البنود ( 2 / 258 ) مذكرة الشنقيطي ( ص 165 )
    وذكر القاضي عبد الوهاب المالكي أن الأصح الذي يقتضيه مذهب مالك أن قول الصحابي ليس بحجة .واختاره القاضي عبد الوهاب . البحر المحيط ( 8 / 57 )
    واستدل من رأى أنه يحتج به بذكره لآثار الصحابة رضي الله عنهم في الموطأ .
    ينظر : المدخل إلى أصول الفقه المالكي ( ص 132 )

    قال الشاطبي –رحمه الله – : ( ولما بالغ مالك في هذا المعنى _ يعني إتباع الصحابة والاقتداء بهم _ بالنسبة إلى الصحابة أو من اهتدى بهديهم واستن بسنتهم جعله الله تعالى قدوة لغيره في ذلك فقد كان المعاصرون لمالك يتبعون آثاره ويقتدون بأفعاله ببركة اتباعه لمن أثنى الله ورسوله عليهم وجعلهم قدوة أو من اتبعهم رضي الله عنهم ورضوا عنه أولئك حزب الله ألا إن حزب الله هم المفلحون ) الموافقات ( 4 / 80 )
    فالخلاصة أن مالكاً ذكر عنه أصحابه قولين والأشهر والأصح هو الاحتجاج به .

    ثالثاً : الإمام الشافعي رحمه الله :

    للإمام الشافعي رحمه الله قولان في المسألة :
    القول الأول : القديم ولا يختلف أصحابه أنه يرى الاحتجاج بقول الصحابي في قوله القديم .


      الوقت/التاريخ الآن هو 15.11.24 2:43