أهمية معرفة المصطلحات الخاصة للأئمة
أهمية معرفة المصطلحات الخاصة
إن اتساع اللغة، وتعدد مدلولات الكلمة، يجعل القارئ يقف مع بعضها موقف المتردد في تنزيلها على أي المدلولات التي ظهرت له، فإذا ما كانت الكلمة قد رسخت في ذهنه على مدلولٍ معين؛ سارع في تنزيلها حسب اصطلاحه هو في كلامه، لا على اصطلاح المتكلم.
ولهذا وقع الغلط في الفهم والاستدلال في شتى الفنون؛ بسبب العزوف عن فهم مصطلحات المتكلم، قبل البدء في تفهمه، والاستدلال به.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله - : (.... وكذلك الألفاظ المشتركة والمنقولة والمغيرة شرعاً، نقلاً وتغييراً شرعيين أو عرفيين، إنما يريد بها المتكلم في الغالب أحد المعنيين، مع أن المعاني الأخر جائزة الإرادة ولم تُرد...
إلى أن قال:
وهذا باب واسع، فمن تأمل كل لفظ في كلام متكلم، رأى أنه يجوز أن يراد به من المعاني ما شاء الله، والمتكلم لم يُرد إلا واحداً من تلك المعاني...)(1).
وقال أيضاً :( ومَنْ لم يعرف لغة الصحابة التي كانوا يتخاطبون بها،ويخاطبهم بها النبي صلى الله عليه وسلم،وعادتهم في الكلام ؛ وإلا حرّف الكلم عن مواضعه،فإن كثيراً من الناس ينشأ على اصطلاح قوم ،وعادتهم في الألفاظ،ثم يجد تلك الألفاظ في كلام الله، أو رسوله،
أو الصحابة،فيظن أنّ مراد الله، أو رسوله،أو الصحابة بتلك الألفاظ،مايريدُه بذلك أهلُ عادته واصطلاحه،ويكون مرادُ الله ورسوله والصحابة خلاف ذلك ؛وهذا واقع لطوائف من الناس،من أهل الكلام، والفقه، والنحو،والعامة ،وغيرهم ) .(2)
وقال ابن القيم – رحمه الله - : (والعلم بمراد المتكلم، يُعرف تارة من عموم لفظه، وتارة من عموم علته، والحوالة على الأول أوضح لأرباب الألفاظ، وعلى الثاني لأرباب المعاني والفهم والتدبر..... وقد يعرض لكل من الفريقين، ما يخل بمعرفة مراد المتكلم، فيعرض لأرباب الألفاظ، التقصير بها عن عمومها، وهضمها تارة، وتحميلها فوق ما أريد بها تارة، ويعرض لأرباب المعاني فيها نظير ما يعرض لأرباب الألفاظ، فهذه أربع آفات هي منشأ غلط الفريقين..(3).
وقد وقع غلط عظيم في أبواب الشريعة خاصة، ومنشأه: الجهل بمراد الله، ومراد رسوله صلى الله عليه وسلم، وتنزيل الألفاظ الشرعية على المصطلحات الحادثة.
قال ابن تيمية ــ رحمه الله ــ : ( ومن أعظم أسباب الغلط في فهم كلام الله ورسوله، أن ينشأ الرجل على اصطلاح حادث،فيريد أن يفسِّر كلام الله بذلك الاصطلاح ،ويحمله على تلك اللغة التي اعتادها )(4)
قال ابن القيم – رحمه الله – :(...... تنزيل كلام الله وكلام رسوله، على الاصطلاحات التي أحدثها أرباب العلوم، من الأصوليين، والفقهاء، وعلم أحوال القلوب، وغيرهم، فإن لكل من هؤلاء اصطلاحات حادثة، في مخاطباتهم وتصانيفهم، فيجيء من قد ألف تلك الاصطلاحات الحادثة، وسبقت معانيها إلى قلبه فلم يعرف سواها، فيسمع كلام الشارع فيحمله على ما ألفه من الاصطلاح؛ فيقع بسبب ذلك في الفهم عن الشارع، ما لم يرده بكلامه، ويقع من الخلل في نظره ومناظرته ما يقع، وهذا من أعظم أسباب الغلط عليه....)(5).
قال أبو الوليد الباجي: (فعلى هذا يَحمِل ألفاظ الجرح والتعديل، مَن فهم أقوالهم وأغراضهم، ولا يكون ذلك؛ إلا لمن كان من أهل الصناعة والعلم بهذا الشأن، وأما مَن لم يعلم ذلك، وليس عنده من أحوال المحدثين إلا ما يأخذه من ألفاظ أهل الجرح والتعديل، فإنه لا يمكنه تنزيل الألفاظ هذا التنزيل، ولا اعتبارها بشيء مما ذكرنا، وإنما يتبع في ذلك ظاهر ألفاظهم فيما وقع الاتفاق عليه، ويقف عند اختلاف عباراتهم..)(6).
والغلط في فهم مصطلح إمام من أئمة الجرح والتعديل، له أثر واضح في الحكم على الراوي جرحاً أو تعديلاً(7) وبالتالي، يظهر الغلط في الحكم على الحديث؛ علماً بأن أهمية تتبع المصطلحات، تظهر أكثر في فن الجرح والتعديل، وذلك لأمور منها:
1) استخدام الأئمة المصطلح لأكثر من معنى(8)
قال د. خالد الدريس: " وقد لاحظت أن الحفاظ والنقاد المتقدمين، يوجد في مصطلحاتهم ميل للتوسع في مدلولها ... ثم ذكر أمثلة على ذلك.."(9).
وقد برر الدكتور هذا التوسع بقوله: " ومثل هذه المصطلحات الواسعة، يحتاج إليها كل علم في بداياته، وخاصة إذا كان ذلك العلم في مرحلة نمو وتشكل، ولم تستقر بعدُ قواعده وقوانينه واصطلاحاته، كما هو الحال في مصطلح الحسن، في زمن أولئك الأئمة ..)(10).
2) أن الغالب على عبارات الأئمة، الاختصار الشديد، لاعتمادهم على فهم السائل والمتلقي(11).
قال د. محمد العمري: " ولذلك جاءت عباراتهم فيها اختصار شديد، في غاية من الدقة، ووضوح الدلالة في كثير منها، وقد روعي فيها المعنى اللغوي، والاصطلاحي، فتأمل الفرق بين عباراتهم: يروي المناكير، وله مناكير، وأحاديثه منكرة، ومنكر الحديث..."(12).
3) أن بعض عباراتهم، لم تذكر في كتب المصطلح، ولم يُوَضَّح معناها(13).
قال مكي بن إبراهيم: سئل شعبة عن ابن عون؟ فقال: سمن وعسل، قيل: فما تقول في هشام بن حسان؟ قال: خل وزيت. قيل: فما تقول في أبي بكر الهذلي؟ قال: دعني لا أقيء به. ا.هـ.(14)
قال السبكي: " ومما ينبغي أن يتفقد عند الجرح أيضاً: حال الجارح في الخبرة بمدلولات الألفاظ، فكثيراً ما رأيت من يسمع لفظة، فيفهمها على غير وجهها؛ والخبرة بمدلولات الألفاظ؛ ولاسيما العرفية التي تختلف باختلاف عرف الناس، وتكون في بعض الأزمنة مدحاً, وفي بعضها ذماً, أمر شديد، لا يدركه إلا قعيدٌ بالعلم"(15).
قال المعلمي: " صيغ الجرح والتعديل، كثيراً ما تطلق على معانٍ مغايرة لمعانيها المقررة في كتب المصطلح، ومعرفة ذلك؛ تتوقف على طول الممارسة، واستقصاء النظر"(16).
وقال – رحمه الله – : " .... منهم من لا يطلق "ثقة" إلا على من كان في الدرجة العليا من العدالة والضبط؛ ومنهم من يطلقها على كل عدل ضابط، وإن لم يكن في الدرجة العليا، ومنهم من يطلقها على العدل، وإن لم يكن ضابطاً؛ ومنهم من يطلقها على المجهول الذي روى حديثاً واحداً قد توبع عليه؛ ومنهم من يطلقها على المجهول الذي روى حديثاً له شاهد؛ ومنهم من يطلقها على المجهول الذي روى حديثاً لم يستنكره هو؛ ومنهم من يطلقها على المجهول الذي روى عنه ثقة إلى غير ذلك؛ وهم مع ذلك، مختلفون في الاستدلال على أحوال الرواة، فمنهم المبالغ في التثبت، ومنهم المتسامح، ومَن لم يعرف مذهب الإمام منهم، ومنزلته من التثبت؛ لم يعرف ما تعطيه كلمته، وحينئذ فإما أن يتوقف، وإما أن يحملها على ما هو المشهور في كتب المصطلح، ولعل ذلك رفع لها عن درجتها، وبالجملة، فإن لم يتوقف، قال بغير علم، وسار على غير هدى"(17).
أهمية معرفة المصطلحات الخاصة
إن اتساع اللغة، وتعدد مدلولات الكلمة، يجعل القارئ يقف مع بعضها موقف المتردد في تنزيلها على أي المدلولات التي ظهرت له، فإذا ما كانت الكلمة قد رسخت في ذهنه على مدلولٍ معين؛ سارع في تنزيلها حسب اصطلاحه هو في كلامه، لا على اصطلاح المتكلم.
ولهذا وقع الغلط في الفهم والاستدلال في شتى الفنون؛ بسبب العزوف عن فهم مصطلحات المتكلم، قبل البدء في تفهمه، والاستدلال به.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله - : (.... وكذلك الألفاظ المشتركة والمنقولة والمغيرة شرعاً، نقلاً وتغييراً شرعيين أو عرفيين، إنما يريد بها المتكلم في الغالب أحد المعنيين، مع أن المعاني الأخر جائزة الإرادة ولم تُرد...
إلى أن قال:
وهذا باب واسع، فمن تأمل كل لفظ في كلام متكلم، رأى أنه يجوز أن يراد به من المعاني ما شاء الله، والمتكلم لم يُرد إلا واحداً من تلك المعاني...)(1).
وقال أيضاً :( ومَنْ لم يعرف لغة الصحابة التي كانوا يتخاطبون بها،ويخاطبهم بها النبي صلى الله عليه وسلم،وعادتهم في الكلام ؛ وإلا حرّف الكلم عن مواضعه،فإن كثيراً من الناس ينشأ على اصطلاح قوم ،وعادتهم في الألفاظ،ثم يجد تلك الألفاظ في كلام الله، أو رسوله،
أو الصحابة،فيظن أنّ مراد الله، أو رسوله،أو الصحابة بتلك الألفاظ،مايريدُه بذلك أهلُ عادته واصطلاحه،ويكون مرادُ الله ورسوله والصحابة خلاف ذلك ؛وهذا واقع لطوائف من الناس،من أهل الكلام، والفقه، والنحو،والعامة ،وغيرهم ) .(2)
وقال ابن القيم – رحمه الله - : (والعلم بمراد المتكلم، يُعرف تارة من عموم لفظه، وتارة من عموم علته، والحوالة على الأول أوضح لأرباب الألفاظ، وعلى الثاني لأرباب المعاني والفهم والتدبر..... وقد يعرض لكل من الفريقين، ما يخل بمعرفة مراد المتكلم، فيعرض لأرباب الألفاظ، التقصير بها عن عمومها، وهضمها تارة، وتحميلها فوق ما أريد بها تارة، ويعرض لأرباب المعاني فيها نظير ما يعرض لأرباب الألفاظ، فهذه أربع آفات هي منشأ غلط الفريقين..(3).
وقد وقع غلط عظيم في أبواب الشريعة خاصة، ومنشأه: الجهل بمراد الله، ومراد رسوله صلى الله عليه وسلم، وتنزيل الألفاظ الشرعية على المصطلحات الحادثة.
قال ابن تيمية ــ رحمه الله ــ : ( ومن أعظم أسباب الغلط في فهم كلام الله ورسوله، أن ينشأ الرجل على اصطلاح حادث،فيريد أن يفسِّر كلام الله بذلك الاصطلاح ،ويحمله على تلك اللغة التي اعتادها )(4)
قال ابن القيم – رحمه الله – :(...... تنزيل كلام الله وكلام رسوله، على الاصطلاحات التي أحدثها أرباب العلوم، من الأصوليين، والفقهاء، وعلم أحوال القلوب، وغيرهم، فإن لكل من هؤلاء اصطلاحات حادثة، في مخاطباتهم وتصانيفهم، فيجيء من قد ألف تلك الاصطلاحات الحادثة، وسبقت معانيها إلى قلبه فلم يعرف سواها، فيسمع كلام الشارع فيحمله على ما ألفه من الاصطلاح؛ فيقع بسبب ذلك في الفهم عن الشارع، ما لم يرده بكلامه، ويقع من الخلل في نظره ومناظرته ما يقع، وهذا من أعظم أسباب الغلط عليه....)(5).
قال أبو الوليد الباجي: (فعلى هذا يَحمِل ألفاظ الجرح والتعديل، مَن فهم أقوالهم وأغراضهم، ولا يكون ذلك؛ إلا لمن كان من أهل الصناعة والعلم بهذا الشأن، وأما مَن لم يعلم ذلك، وليس عنده من أحوال المحدثين إلا ما يأخذه من ألفاظ أهل الجرح والتعديل، فإنه لا يمكنه تنزيل الألفاظ هذا التنزيل، ولا اعتبارها بشيء مما ذكرنا، وإنما يتبع في ذلك ظاهر ألفاظهم فيما وقع الاتفاق عليه، ويقف عند اختلاف عباراتهم..)(6).
والغلط في فهم مصطلح إمام من أئمة الجرح والتعديل، له أثر واضح في الحكم على الراوي جرحاً أو تعديلاً(7) وبالتالي، يظهر الغلط في الحكم على الحديث؛ علماً بأن أهمية تتبع المصطلحات، تظهر أكثر في فن الجرح والتعديل، وذلك لأمور منها:
1) استخدام الأئمة المصطلح لأكثر من معنى(8)
قال د. خالد الدريس: " وقد لاحظت أن الحفاظ والنقاد المتقدمين، يوجد في مصطلحاتهم ميل للتوسع في مدلولها ... ثم ذكر أمثلة على ذلك.."(9).
وقد برر الدكتور هذا التوسع بقوله: " ومثل هذه المصطلحات الواسعة، يحتاج إليها كل علم في بداياته، وخاصة إذا كان ذلك العلم في مرحلة نمو وتشكل، ولم تستقر بعدُ قواعده وقوانينه واصطلاحاته، كما هو الحال في مصطلح الحسن، في زمن أولئك الأئمة ..)(10).
2) أن الغالب على عبارات الأئمة، الاختصار الشديد، لاعتمادهم على فهم السائل والمتلقي(11).
قال د. محمد العمري: " ولذلك جاءت عباراتهم فيها اختصار شديد، في غاية من الدقة، ووضوح الدلالة في كثير منها، وقد روعي فيها المعنى اللغوي، والاصطلاحي، فتأمل الفرق بين عباراتهم: يروي المناكير، وله مناكير، وأحاديثه منكرة، ومنكر الحديث..."(12).
3) أن بعض عباراتهم، لم تذكر في كتب المصطلح، ولم يُوَضَّح معناها(13).
قال مكي بن إبراهيم: سئل شعبة عن ابن عون؟ فقال: سمن وعسل، قيل: فما تقول في هشام بن حسان؟ قال: خل وزيت. قيل: فما تقول في أبي بكر الهذلي؟ قال: دعني لا أقيء به. ا.هـ.(14)
قال السبكي: " ومما ينبغي أن يتفقد عند الجرح أيضاً: حال الجارح في الخبرة بمدلولات الألفاظ، فكثيراً ما رأيت من يسمع لفظة، فيفهمها على غير وجهها؛ والخبرة بمدلولات الألفاظ؛ ولاسيما العرفية التي تختلف باختلاف عرف الناس، وتكون في بعض الأزمنة مدحاً, وفي بعضها ذماً, أمر شديد، لا يدركه إلا قعيدٌ بالعلم"(15).
قال المعلمي: " صيغ الجرح والتعديل، كثيراً ما تطلق على معانٍ مغايرة لمعانيها المقررة في كتب المصطلح، ومعرفة ذلك؛ تتوقف على طول الممارسة، واستقصاء النظر"(16).
وقال – رحمه الله – : " .... منهم من لا يطلق "ثقة" إلا على من كان في الدرجة العليا من العدالة والضبط؛ ومنهم من يطلقها على كل عدل ضابط، وإن لم يكن في الدرجة العليا، ومنهم من يطلقها على العدل، وإن لم يكن ضابطاً؛ ومنهم من يطلقها على المجهول الذي روى حديثاً واحداً قد توبع عليه؛ ومنهم من يطلقها على المجهول الذي روى حديثاً له شاهد؛ ومنهم من يطلقها على المجهول الذي روى حديثاً لم يستنكره هو؛ ومنهم من يطلقها على المجهول الذي روى عنه ثقة إلى غير ذلك؛ وهم مع ذلك، مختلفون في الاستدلال على أحوال الرواة، فمنهم المبالغ في التثبت، ومنهم المتسامح، ومَن لم يعرف مذهب الإمام منهم، ومنزلته من التثبت؛ لم يعرف ما تعطيه كلمته، وحينئذ فإما أن يتوقف، وإما أن يحملها على ما هو المشهور في كتب المصطلح، ولعل ذلك رفع لها عن درجتها، وبالجملة، فإن لم يتوقف، قال بغير علم، وسار على غير هدى"(17).