أئمة الجرح والتعديل هم حماة الدين من كيد الملحدين وضلال المبتدعين وإفك الكذابين
بسم الله الرحمن الرحيم
-------------------------------------------------
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اتبع هداه .
أما بعد – فقد اطلعت على تعقيب يغلب على ظني غلبة تقرب من اليقين أنه لأحد المتعالمين المغرورين ألا وهو فاروق الغيثي الذي أعرفه وأعرف من حرضه ومن وراءه ويمكن إلى حد بعيد أنه أمده بمعلومات فاشلة ليجعله كبش فداء كما يقال ، ولي على تعيين هذا المتعالم أدلة .
الأول : أنه كان قد اتصل بي وفي خلال اتصاله صرح لي بأنه سيتعقب نصيحتي للشيخ فلان .
الثاني : أنه قد جاءني تعقيبه وفي طليعته " أما بعد فهذا كما وعدتكم التعقيب(1) على مذكرتكم الثانية التي أرسلتم بها إلى الشيخ فلان بن فلان - حفظه الله- والمؤرخة في محرم 1425هـ ، ولكنه وقع عليها بغير اسمه .
الثالث : أنه خلال اتصاله بي عرض علي نصاً من كلام الذهبي في الموقظة يتعلق بالرواية عن أهل البدع ، لأبين له معناه فبينت له معناه الصحيح وكان هذا البيان مخالفاً لما توهمه من هذا النص .
ثم جاءني هذا النص بعينه في تعقيبه هذا الذي أقوم بمناقشته.
فان اقتنع القراء بما قلته وبما ذكرته من أدلة فذاك وإلا فإننا قد تعودنا مع الأسف من بعض الناس التعنت والشك والتشكيك في اليقينيات وسوف نقول ونعتقد أن هذا لا يضيرنا ، لأن هدفنا الأول هو دحض إساءات وأباطيل أهل الفتن ، وبيان فساد أصولهم.
ثم الذب عن منهج أهل السنة وأصولهم العظيمة التي لا يقوم الإسلام إلا بها، وإبراز مكانة علماء الحديث والجرح والتعديل الذين حفظ الله بهم دينه والذب عنهم .
ونعتقد أن هذا من الواجبات علينا وقد وفقنا الله للقيام به أرجو من الله الجزاء الحسن عليه .
أقول: وإن من عجائب هذا المتعالم حطه الكثير على أئمة الحديث والتقليل من شأنهم وشأن علم الجرح والتعديل ، فلا أئمة الحديث و لا أئمة الجرح والتعديل أهل وأكفاء للكلام في أهل البدع، ولا قواعد الجرح والتعديل تتناول أهل البدع والضلال .
ومن المناسب هنا أن أقدم بين يدي مناقشة أباطيله لمحةً عن مكانة أئمة الحديث ثم أدلف إلى مناقشة أباطيله لأبين زيفها لطلاب الحق من أولي النهى .
فأقول : إن الله بعث محمدًا ـ صلى الله عليه وسلم ـ بالهدى ودين الحقّ ليُظهره على الدين كلِّه ولو كره الكافرون.
وإنَّ أسعدَ الناس بهديه وإتباعه وحبِّه وموالاته ونصرة ما جاء به من الحق: هم صحابته الكرام، ومن اتبعهم بإحسان من القرون المفضلة، ومَن سلك سبيلَهم، وترسّم خطاهم إلى يوم الدين.
ثم إن مَن يدرس أحوال السابقين واللاحقين من الفِرق المنتسبة إلى أمة محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ ويدرُس مناهجَهم وعقائدهم وأفكارَهم بإنصاف وفهم وتجرُّد يجد أنّ أهلَ الحديث هم أشدُّ الناس إتباعاً وطاعةً وتعلُّقـًا وارتباطـًا بما جاءهم به نبيُّهم محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ كتابـًا وسنّة، في عقائدهم، وعباداتهم، ومعاملاتهم، ودعوتهم، واستدلالهم، واحتجاجهم؛ وهم على غاية من الثقة والطمأنينة بأن هذا هو المنهج الحق الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، وأنه الطريقُ السليم، والصراطُ المستقيم؛ وما عدا ذلك من المناهج والسبل فأمرٌ لم يشرعه الله ولم يرضَ به، ولا يؤدِّي إلاّ إلى الهلاك والعطب.
فمن هم أهل الحديث إذًا؟
هم من نَهَج نَهْج الصحابة والتابعين لهم بإحسان في التمسُّك بالكتاب والسنة، والعض عليهما بالنواجذ، وتقديمهما على كلِّ قول وهدى، سواء في العقائد،
أو العبادات، أو المعاملات، أو الأخلاق، أو السياسة والاجتماع.
فهم ثابتون في أصول الدين وفروعه على ما أنزله الله وأوحاه على عبده ورسوله محمد ـ صلى الله عليه وسلم.
وهم القائمون بالدعوة إلى ذلك بكل جد وصدق وعزم، وهم الذين يحملون العلم النبوي، وينفون عنه تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين.
فهم الذين وقفوا بالمرصاد لكل الفرق التي حادت عن المنهج الإسلامي، كالجهمية، والمعتزلة، والخوارج، والروافض، والمرجئة، والقدريّة، وكلّ من شذّ عن منهج الله واتبع هواه في كلِّ زمان ومكان، لا تأخذهم في الله لومة لائم.
هم الطائفة التي مدحها رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وزكاها بقوله: ((لا تزال طائفةٌ من أمتي على الحق ظاهرين لا يضرهم من خذلهم ولا مَن خالفهم حتى تقوم الساعة))(2) .
هم الفرقة الناجية الثابتة على ما كان عليه رسولُ الله وأصحابه، الذين ميّزهم رسول الله وحدّدهم عندما ذكر أن هذه الأمة ستفترق إلى ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلاّ واحدة، فقيل: مَن هم يا رسول الله؟، قال: ((مَن كان على ما أنا عليه وأصحابي)).
لا نقول ذلك مبالغةً ولا دعاوى مجرَّدة، وإنما نقولُ الواقع الذي تشهد له نصوصُ القرآن والسنة، ويشهد له التاريخ، وتشهد به أقوالهم، وأحوالهم، ومؤلفاتهم.
هم الذين وضعوا نصب أعينهم قول الله تعالى: {واعتصموا بحبل الله جميعـًا ولا تفرّقوا } [آل عمران: 103]، وقوله: { فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذابٌ أليم } [النور: 63]؛ فكانوا أشدَّ بُعدًا عن مخالفة أمر رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وأبعدهم عن الفتن.
وهم الذين جعلوا دستورهم: { فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكِّموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجـًا مما قضيت ويسلموا تسليمـًا } [النساء: 65] ؛ فقدّروا نصوص القرآن والسنة حق قدرها، وعظّموها حق تعظيمها؛ فقدّموها على أقوال الناس جميعـًا، وقدموا هديها على هدي الناس جميعـًا، واحتكموا إليها في كل شيء عن رضى كامل، وصدور منشرحة، بلا ضيق ولا حرج، وسلموا لله ولرسوله التسليم الكامل في عقائدهم، وعباداتهم، ومعاملاتهم.
هم الذين يصدقُ فيهم قول الله: { إنما كان قول المؤمنين إذا دُعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم أن يقولوا سمعنا وأطعنا وأولئك هم المفلحون } [النور: 51].
هم بعد صحابة رسول الله جميعـًا ـ وعلى رأسهم الخلفاء الراشدون ـ سادة التابعين، وعلى رأسهم: سعيد بن المسيب (ت بعد 90ه( وعروة بن الزبير
(ت 94ه( وعلي بن الحسين زين العابدين (ت 93ه)، ومحمد بن الحنفية (ت بعد 80ه( وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود (ت 94 أو بعدها)،
و سالم بن عبد الله بن عمر (ت 106ه( والقاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق (ت 106ه( والحسن البصري (ت 110ه( ومحمد بن سيرين (ت 110ه(وعمر ابن عبد العزيز (ت 101ه( ومحمد بن شهاب الزهري (ت 125ه(.
ثم أتباع التابعين، وعلى رأسهم: مالك (ت 179ه(والأوزاعي (ت 157ه(وسفيان بن سعيد الثوري (ت 161ه( وسفيان بن عيينة (ت 198ه( وإسماعيل بن علية (ت 193ه( والليث بن سعد (ت 175ه(.
ثم أتباع هؤلاء، وعلى رأسهم: عبد الله بن المبارك (ت 181ه(ووكيع بن الجرّاح (ت 197ه( والإمام محمد بن إدريس الشافعي (ت 204ه( وعبد الرحمن ابن مهدي (ت 198ه( ويحيى بن سعيد القطّان (ت 198ه( وعفّان بن مسلم (ت 219ه(.
ثم تلاميذ هؤلاء الذين سلكوا منهجهم، وعلى رأسهم: الإمام أحمد بن حنبل (ت 241ه( ويحيى بن معين (ت 233ه( وعلي بن المديني (ت 234ه(.
ثم تلاميذهم كالبخاري (ت 256ه(، ومسلم (ت261ه( وأبي حاتم (ت 277ه( وأبي زُرعة (ت 264ه( وأبي داود (ت 275ه( والترمذي
(ت 279ه( والنسائي (303هـ).
ثم مَن جرى مجراهم في الأجيال بعدهم، كابن جرير (ت 310ه ( ، وابن خزيمة (ت 311هـ) والدارقطني (ت 385ه ( في زمنه، والخطيب البغدادي (ت 463ه( ، وابن عبد البر النمري (ت 463ه( ، وعبد الغني المقدسي (ت600هـ)، وابن قدامة (ت 620ه( ، وابن الصلاح (ت 643ه(، وابن تيمية (ت 728ه( ، والمزّي (ت 743ه( ، والذهبي (ت 748ه( ، وابن كثير (ت 774ه( ، وأقران هؤلاء في عصورهم ومَن تلاهم واقتفى أثرهم في التمسُّك بالكتاب والسنة إلى يومنا هذا.
ولهم مؤلفات في نصرة العقيدة الصحيحة المستمدة من الكتاب والسنة وما كان عليه الصحابة والتابعون (3).
وهذه المؤلفات كثيرة لا تحصى ، أذكر منها ما يأتي :
1- الرد على الجهمية لإمام أحمد .
2- السنة لعبد الله بن أحمد .
3- الإيمان لابن أبي شيبة .
4- الإيمان لأبي عبيد .
5- خلق أفعال العباد للبخاري وضمن كتابه الصحيح كتاب الإيمان ، كتاب التوحيد وكتاب الاعتصام .
6- وكتاب السنة للخلال جامع علم أحمد في ثلاث مجلدات .
7- كتاب الرد على الجهمية وكتاب الرد على بشر المريسي كلاهما لعثمان بن سعيد الدارمي .
8- وكتاب السنة للأثرم .
9- وكتاب الشريعة للآجري .
10- والسنة لابن أبي عاصم .
11- والسنة لابن شاهين .
12- والاستقامة لحشيش بن أصرم .
13- وكتاب التوحيد لابن خزيمة .
14- والإيمان لابن منده والتوحيد له .
15- وكتاب الإيمان بالقدر وكتاب الأسماء والصفات لأبي بكر أحمد بن اسحاق المشهور بالصبغي .
16- وكتاب السنة لأحمد بن محمد العسال .
17- وكتاب الصفات .
18- وكتاب النـزول .
19- وكتاب الرؤية الثلاثة للإمام الدارقطني .
20- والإبانة الكبرى ، 21- والإبانة الصغرى ،22-والسنة ، ثلاثتها لابن بطة العكبري .
23- وشرح أصول السنة للإمام اللالكائي .
24- والحجة في بيان المحجة لأبي القاسم التيمي .
25- وكتاب الصفات في جزئين لعبد الغني المقدسي .
26- ومؤلفات كثيرة للإمام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم .
وتتابعت تآليفهم في خدمة السنة والعقيدة إلى يومنا هذا .
فهم والحمد لله سادة الأمة وقادتها في الحديث والرجال والعقيدة والفقه
وهم الذابون عن دين الله عقيدة وشريعة والقامعون لأهل الإلحاد وأهل البدع في كل زمان ومكان
وقد أحصيت في كتابي جماعة واحدة لاجماعات لأهل الحديث والسنة في هذا العصر حوالي خمسين ومائة كتاب في الرد على الملاحدة وأهل البدع من الروافض وغيرهم من أهل الضلال
وهذا غيض من فيض جهادهم في رفع راية الإسلام والسنة وإزهاق الأباطيل والضلالات التي انحرف أهلها عن جادة الإسلام وتنكبوا عن الصراط المستقيم
كل هذا ناشيء عن إدراكهم لعظمة الحق الذي جاء به محمد وخطورة ما يخالفه من الكفر والشرك والبدع
فجزاهم الله عن الإسلام والمسلمين أفضل الجزاء وأرغم الله أنوف من يتنقصهم ويزدري بجهودهم .
--------------------------------------------------------------------------------
بسم الله الرحمن الرحيم
-------------------------------------------------
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اتبع هداه .
أما بعد – فقد اطلعت على تعقيب يغلب على ظني غلبة تقرب من اليقين أنه لأحد المتعالمين المغرورين ألا وهو فاروق الغيثي الذي أعرفه وأعرف من حرضه ومن وراءه ويمكن إلى حد بعيد أنه أمده بمعلومات فاشلة ليجعله كبش فداء كما يقال ، ولي على تعيين هذا المتعالم أدلة .
الأول : أنه كان قد اتصل بي وفي خلال اتصاله صرح لي بأنه سيتعقب نصيحتي للشيخ فلان .
الثاني : أنه قد جاءني تعقيبه وفي طليعته " أما بعد فهذا كما وعدتكم التعقيب(1) على مذكرتكم الثانية التي أرسلتم بها إلى الشيخ فلان بن فلان - حفظه الله- والمؤرخة في محرم 1425هـ ، ولكنه وقع عليها بغير اسمه .
الثالث : أنه خلال اتصاله بي عرض علي نصاً من كلام الذهبي في الموقظة يتعلق بالرواية عن أهل البدع ، لأبين له معناه فبينت له معناه الصحيح وكان هذا البيان مخالفاً لما توهمه من هذا النص .
ثم جاءني هذا النص بعينه في تعقيبه هذا الذي أقوم بمناقشته.
فان اقتنع القراء بما قلته وبما ذكرته من أدلة فذاك وإلا فإننا قد تعودنا مع الأسف من بعض الناس التعنت والشك والتشكيك في اليقينيات وسوف نقول ونعتقد أن هذا لا يضيرنا ، لأن هدفنا الأول هو دحض إساءات وأباطيل أهل الفتن ، وبيان فساد أصولهم.
ثم الذب عن منهج أهل السنة وأصولهم العظيمة التي لا يقوم الإسلام إلا بها، وإبراز مكانة علماء الحديث والجرح والتعديل الذين حفظ الله بهم دينه والذب عنهم .
ونعتقد أن هذا من الواجبات علينا وقد وفقنا الله للقيام به أرجو من الله الجزاء الحسن عليه .
أقول: وإن من عجائب هذا المتعالم حطه الكثير على أئمة الحديث والتقليل من شأنهم وشأن علم الجرح والتعديل ، فلا أئمة الحديث و لا أئمة الجرح والتعديل أهل وأكفاء للكلام في أهل البدع، ولا قواعد الجرح والتعديل تتناول أهل البدع والضلال .
ومن المناسب هنا أن أقدم بين يدي مناقشة أباطيله لمحةً عن مكانة أئمة الحديث ثم أدلف إلى مناقشة أباطيله لأبين زيفها لطلاب الحق من أولي النهى .
فأقول : إن الله بعث محمدًا ـ صلى الله عليه وسلم ـ بالهدى ودين الحقّ ليُظهره على الدين كلِّه ولو كره الكافرون.
وإنَّ أسعدَ الناس بهديه وإتباعه وحبِّه وموالاته ونصرة ما جاء به من الحق: هم صحابته الكرام، ومن اتبعهم بإحسان من القرون المفضلة، ومَن سلك سبيلَهم، وترسّم خطاهم إلى يوم الدين.
ثم إن مَن يدرس أحوال السابقين واللاحقين من الفِرق المنتسبة إلى أمة محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ ويدرُس مناهجَهم وعقائدهم وأفكارَهم بإنصاف وفهم وتجرُّد يجد أنّ أهلَ الحديث هم أشدُّ الناس إتباعاً وطاعةً وتعلُّقـًا وارتباطـًا بما جاءهم به نبيُّهم محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ كتابـًا وسنّة، في عقائدهم، وعباداتهم، ومعاملاتهم، ودعوتهم، واستدلالهم، واحتجاجهم؛ وهم على غاية من الثقة والطمأنينة بأن هذا هو المنهج الحق الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، وأنه الطريقُ السليم، والصراطُ المستقيم؛ وما عدا ذلك من المناهج والسبل فأمرٌ لم يشرعه الله ولم يرضَ به، ولا يؤدِّي إلاّ إلى الهلاك والعطب.
فمن هم أهل الحديث إذًا؟
هم من نَهَج نَهْج الصحابة والتابعين لهم بإحسان في التمسُّك بالكتاب والسنة، والعض عليهما بالنواجذ، وتقديمهما على كلِّ قول وهدى، سواء في العقائد،
أو العبادات، أو المعاملات، أو الأخلاق، أو السياسة والاجتماع.
فهم ثابتون في أصول الدين وفروعه على ما أنزله الله وأوحاه على عبده ورسوله محمد ـ صلى الله عليه وسلم.
وهم القائمون بالدعوة إلى ذلك بكل جد وصدق وعزم، وهم الذين يحملون العلم النبوي، وينفون عنه تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين.
فهم الذين وقفوا بالمرصاد لكل الفرق التي حادت عن المنهج الإسلامي، كالجهمية، والمعتزلة، والخوارج، والروافض، والمرجئة، والقدريّة، وكلّ من شذّ عن منهج الله واتبع هواه في كلِّ زمان ومكان، لا تأخذهم في الله لومة لائم.
هم الطائفة التي مدحها رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وزكاها بقوله: ((لا تزال طائفةٌ من أمتي على الحق ظاهرين لا يضرهم من خذلهم ولا مَن خالفهم حتى تقوم الساعة))(2) .
هم الفرقة الناجية الثابتة على ما كان عليه رسولُ الله وأصحابه، الذين ميّزهم رسول الله وحدّدهم عندما ذكر أن هذه الأمة ستفترق إلى ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلاّ واحدة، فقيل: مَن هم يا رسول الله؟، قال: ((مَن كان على ما أنا عليه وأصحابي)).
لا نقول ذلك مبالغةً ولا دعاوى مجرَّدة، وإنما نقولُ الواقع الذي تشهد له نصوصُ القرآن والسنة، ويشهد له التاريخ، وتشهد به أقوالهم، وأحوالهم، ومؤلفاتهم.
هم الذين وضعوا نصب أعينهم قول الله تعالى: {واعتصموا بحبل الله جميعـًا ولا تفرّقوا } [آل عمران: 103]، وقوله: { فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذابٌ أليم } [النور: 63]؛ فكانوا أشدَّ بُعدًا عن مخالفة أمر رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وأبعدهم عن الفتن.
وهم الذين جعلوا دستورهم: { فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكِّموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجـًا مما قضيت ويسلموا تسليمـًا } [النساء: 65] ؛ فقدّروا نصوص القرآن والسنة حق قدرها، وعظّموها حق تعظيمها؛ فقدّموها على أقوال الناس جميعـًا، وقدموا هديها على هدي الناس جميعـًا، واحتكموا إليها في كل شيء عن رضى كامل، وصدور منشرحة، بلا ضيق ولا حرج، وسلموا لله ولرسوله التسليم الكامل في عقائدهم، وعباداتهم، ومعاملاتهم.
هم الذين يصدقُ فيهم قول الله: { إنما كان قول المؤمنين إذا دُعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم أن يقولوا سمعنا وأطعنا وأولئك هم المفلحون } [النور: 51].
هم بعد صحابة رسول الله جميعـًا ـ وعلى رأسهم الخلفاء الراشدون ـ سادة التابعين، وعلى رأسهم: سعيد بن المسيب (ت بعد 90ه( وعروة بن الزبير
(ت 94ه( وعلي بن الحسين زين العابدين (ت 93ه)، ومحمد بن الحنفية (ت بعد 80ه( وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود (ت 94 أو بعدها)،
و سالم بن عبد الله بن عمر (ت 106ه( والقاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق (ت 106ه( والحسن البصري (ت 110ه( ومحمد بن سيرين (ت 110ه(وعمر ابن عبد العزيز (ت 101ه( ومحمد بن شهاب الزهري (ت 125ه(.
ثم أتباع التابعين، وعلى رأسهم: مالك (ت 179ه(والأوزاعي (ت 157ه(وسفيان بن سعيد الثوري (ت 161ه( وسفيان بن عيينة (ت 198ه( وإسماعيل بن علية (ت 193ه( والليث بن سعد (ت 175ه(.
ثم أتباع هؤلاء، وعلى رأسهم: عبد الله بن المبارك (ت 181ه(ووكيع بن الجرّاح (ت 197ه( والإمام محمد بن إدريس الشافعي (ت 204ه( وعبد الرحمن ابن مهدي (ت 198ه( ويحيى بن سعيد القطّان (ت 198ه( وعفّان بن مسلم (ت 219ه(.
ثم تلاميذ هؤلاء الذين سلكوا منهجهم، وعلى رأسهم: الإمام أحمد بن حنبل (ت 241ه( ويحيى بن معين (ت 233ه( وعلي بن المديني (ت 234ه(.
ثم تلاميذهم كالبخاري (ت 256ه(، ومسلم (ت261ه( وأبي حاتم (ت 277ه( وأبي زُرعة (ت 264ه( وأبي داود (ت 275ه( والترمذي
(ت 279ه( والنسائي (303هـ).
ثم مَن جرى مجراهم في الأجيال بعدهم، كابن جرير (ت 310ه ( ، وابن خزيمة (ت 311هـ) والدارقطني (ت 385ه ( في زمنه، والخطيب البغدادي (ت 463ه( ، وابن عبد البر النمري (ت 463ه( ، وعبد الغني المقدسي (ت600هـ)، وابن قدامة (ت 620ه( ، وابن الصلاح (ت 643ه(، وابن تيمية (ت 728ه( ، والمزّي (ت 743ه( ، والذهبي (ت 748ه( ، وابن كثير (ت 774ه( ، وأقران هؤلاء في عصورهم ومَن تلاهم واقتفى أثرهم في التمسُّك بالكتاب والسنة إلى يومنا هذا.
ولهم مؤلفات في نصرة العقيدة الصحيحة المستمدة من الكتاب والسنة وما كان عليه الصحابة والتابعون (3).
وهذه المؤلفات كثيرة لا تحصى ، أذكر منها ما يأتي :
1- الرد على الجهمية لإمام أحمد .
2- السنة لعبد الله بن أحمد .
3- الإيمان لابن أبي شيبة .
4- الإيمان لأبي عبيد .
5- خلق أفعال العباد للبخاري وضمن كتابه الصحيح كتاب الإيمان ، كتاب التوحيد وكتاب الاعتصام .
6- وكتاب السنة للخلال جامع علم أحمد في ثلاث مجلدات .
7- كتاب الرد على الجهمية وكتاب الرد على بشر المريسي كلاهما لعثمان بن سعيد الدارمي .
8- وكتاب السنة للأثرم .
9- وكتاب الشريعة للآجري .
10- والسنة لابن أبي عاصم .
11- والسنة لابن شاهين .
12- والاستقامة لحشيش بن أصرم .
13- وكتاب التوحيد لابن خزيمة .
14- والإيمان لابن منده والتوحيد له .
15- وكتاب الإيمان بالقدر وكتاب الأسماء والصفات لأبي بكر أحمد بن اسحاق المشهور بالصبغي .
16- وكتاب السنة لأحمد بن محمد العسال .
17- وكتاب الصفات .
18- وكتاب النـزول .
19- وكتاب الرؤية الثلاثة للإمام الدارقطني .
20- والإبانة الكبرى ، 21- والإبانة الصغرى ،22-والسنة ، ثلاثتها لابن بطة العكبري .
23- وشرح أصول السنة للإمام اللالكائي .
24- والحجة في بيان المحجة لأبي القاسم التيمي .
25- وكتاب الصفات في جزئين لعبد الغني المقدسي .
26- ومؤلفات كثيرة للإمام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم .
وتتابعت تآليفهم في خدمة السنة والعقيدة إلى يومنا هذا .
فهم والحمد لله سادة الأمة وقادتها في الحديث والرجال والعقيدة والفقه
وهم الذابون عن دين الله عقيدة وشريعة والقامعون لأهل الإلحاد وأهل البدع في كل زمان ومكان
وقد أحصيت في كتابي جماعة واحدة لاجماعات لأهل الحديث والسنة في هذا العصر حوالي خمسين ومائة كتاب في الرد على الملاحدة وأهل البدع من الروافض وغيرهم من أهل الضلال
وهذا غيض من فيض جهادهم في رفع راية الإسلام والسنة وإزهاق الأباطيل والضلالات التي انحرف أهلها عن جادة الإسلام وتنكبوا عن الصراط المستقيم
كل هذا ناشيء عن إدراكهم لعظمة الحق الذي جاء به محمد وخطورة ما يخالفه من الكفر والشرك والبدع
فجزاهم الله عن الإسلام والمسلمين أفضل الجزاء وأرغم الله أنوف من يتنقصهم ويزدري بجهودهم .
--------------------------------------------------------------------------------