خزانة الربانيون

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

    فضائـل الإســلام على ســائـر الأديــان

    أبو محمد عبدالحميد الأثري
    أبو محمد عبدالحميد الأثري
    المدير العام .. وفقه الله تعالى


    ذكر عدد الرسائل : 3581
    البلد : مصر السنية
    العمل : طالب علم
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 25/04/2008

    الملفات الصوتية فضائـل الإســلام على ســائـر الأديــان

    مُساهمة من طرف أبو محمد عبدالحميد الأثري 30.08.08 13:27

    في فضائـل الإســلام على ســائـر الأديــان


    أحدهـا: أن معجزات جميع الشرائع ذهبت بذهاب أنبيائها ، فوقع الخبط في تلك الشرائع بعد طول المدة ، وموت الفرقة الذين شاهدوا المعجزات ، وجاء قوم لم يشاهدوا نبيا ، ولا معجزة ، فطغوا وبغوا ، وضلوا ، وأضلوا ، ودثرت تلك الشرائع بهذا السبب ، فلم تتم المصلحة بسبب هذا العارض ، ومعجزة شرعنا هي القرآن الكريم بوصفه ونظمه ، وما اشتمل عليه من المغيبات ، وحلاوة السماع حلاوة لا تخلقها الآباد ، ولا يسئمها الترداد ، ووجدنا فيه من المعجزات نحو عشرة آلاف معجزة مسطورة في كتب هذا الشأن ، واحدة منها كافية ، فكيف بالجميع ؟ وجميعها باق بمشاهدة الأخلاف بعد الأسلاف والأبناء بعد الآباء ، فلا يزيد الإسلام إلا قوة ، ولا الإيمان والتوحيد إلا جدة ولله الحمد على ذلك ، فتمت المصلحة ، واستمرت ، ودحضت الضلالات ودثرت ، فهذا هو الكلام ولأشرف والفضل المنوف .

    وثانيهــا : أن كل نبي بعث إلى قومه خاصة ، ومحمد –صلى الله عليه وسلم_ بعث للثقلين جميعا ، الإنس والجن على اختلاف أنواعها ، وبيان ذلك أن أكمل الشرائع المتقدمة شريعة التوراة ، مع أن موسى عليه السلام لم يبعث إلا لبني إسرائيل ، ولما أخذهم من مصر وعبر البحر لم يعد لمصر ، ولا وعظ أهلها ، ولا عرج عليهم ، ولو كان رسولا إليهم لما أهملهم ، بل إنما جاء لفرعون ليسلم له بني إسرائيل فقط ، فلما انقضى هذا الغرض أهملهم ولم يعد لمصر البتة ، وإذا كان هذا حديث موسى عليه السلام ، فغيره أولى ، وقد أخبرنا سيد المرسلين بذلك ، ولا شك أن المصالح إذا عمت كانت أكمل ، وهو المطلوب .

    وثالثهــا: أن هذه الأمة خير أمة أخرجت للناس فتكون شرائعها أفضل الشرائع ، أما أنها أفضل فلقوله تعالى :{ كنتم خير أمة أخرجت للناس } ، ولأنها صنفت من العلوم ما لم يصنف في ملة من الملل ، حتى أن العالم الواحد منهم يصنف ألف كتاب في المجلدات العديدة في العلوم المتباينة ، ولعله لا يوجد في شريعة الإسرائيليين كلهم من النصارى واليهود من التصانيف مثل هذا العدد ، فيكون العالم منا قدر شريعتهم بجملتها ، وكم فيها من عالم ، ولأن العلوم القديمة كلها إنما تحررت فيها من الحساب والهندسة والطب ، والهيئة ، والمنطق ، وغير ذلك وكل هذا حاصل لها ، وجددت هي علوما لم تكن لغيرها من النحو واللغة ، والعربية البديعة ، وبسط وجوه الإعراب الذي صنفت فيه الدواوين العظيمة ، وعلوم الحديث على اختلاف أنواعها ، وعلوم القرآن العظيم على سعتها ، وعلوم العروض والشعر والنظم ، وغير ذلك من العلوم الخاصة بها ، وهم أولى بعلوم غيرها لتلخيصها وإظهار بهجتها ، وإزالة فاسدها عن صحيحها ، وبسطها بعد قبضها عند غيرها ، فصار علم الوجود منحصرا فيها أولا وآخرا ، فتكون أفضل ، ولأن ما وهبه الله تعالى لهم من وجودة العقول ، وقوة الإدراك ، وتيسير ضبط العلم ، لم يحصل لغيرها مضافا لقوة الحفظ وجودة الضبط الذي لم ينقل عن أمة من الأمم ، وهو دليل كثرة علومها ، ولولا ذلك لم تكثر العلوم فيها ولها ، وأما أنها إذ كانت أفضل الأمم تكون شريعتنا أفضل الشرائع ، فلأنها إنما نالت ذلك ببركة شريعتها ، واتباع نبيها عليه السلام ، ومتى كانت الثمرة أفضل كان المثمر أفضل .

    ورابعهــا: أن الله تعالى جعل عبادة الأمة في هذه الشريعة على نسق الملائكة عليهم السلام ، تسوية بين الملائكة وهذه الأمة في صفة العبادة فكل الأمم يصلون همجا من غير ترتيب إلا هذه الأمة تصلي صفوفا كما تصلي الملائكة : {وإنا لنحن الصآفون * وإنا لنحن المسبحون * } والشريعة المشتملة على أحوال الملائكة أفضل من غيرها ، فشريعتها أفضل الشرائع .

    وخامسهـا : أن سائر الأمم أمرت بتطهير الباطن عن الرذائل والأخلاق الشيطانية فقط ، وهذه الأمة أمروا بذلك وزيد لها وحدها الأمر بتطهير الظاهر بالوضوء والغسل ، واجتناب النجاسات ، والقاذورات ، فيقف الراهب يناجي ربه ويتمثل بين يديه لخطابه والعذرة قد تحجرت على سوءته ، والقاذورات قد غلبت على أطرافه وسحنته ، حتى لو وقف ذلك الراهب قدام شيخ ضيعته لمقتته ، وقبح حالته ، فكيف بملك الملوك رب الأرباب ؟ وأمر المسلم إذا ناجى ربه أن يكون نقي الباطن نظيف الظاهر ، وحسن الهيئة ، مستقبلا أفضل الجهات ، ملازما للسكينة والوقار ، تاركا للعبث والنفار ، فإن كان النصراني لا يدرك الفرق بين هاتين الشريعتين ولا بين الهيئتين ، فهو معذور ، لأنه قد فسد مزاج دماغه بروائح العذرات ، وعمي قلبه بملابسة القاذورات في المطعومات والمشروبات ، حتى إنهم يقولون : ليس ثمة نجاسة البتة ، وبمثل هذا وأقل منه تعذر الناس في فساد عقولهم .

    وسادسها : أن هذه الشريعة أمرت باستقبال أفضل الجهات وهو البيت الحرام ، لأنه أفضل من بيت المقدس لأمور : منها أنه أقدم بناء منه بأربعين سنة ، والتقدم دليل الفضل .

    ومنها : أن جميع الأنبياء آدم فمن دونه حجه بخلاف البيت المقدس وجميع الشرائع إنما أمرت بالتوجه في الصلاة إلى البيت المقدس .

    وسابعها : أن الله تعالى جوز في شريعة موسى عليه السلام أن يتزوج الرجل من شاء من النساء ، فراعى مصلحة الرجال دون النساء ، فإنهن يتضررن بالغيرة ، والإهمال إذا كثرن ، وحجر في شريعة عيسى عليه السلام على ما زاد على المرأة الواحدة ، فراعى مصلحة النساء دون الرجال لأنهم يتضررون بالاقتصار على الواحدة ، فقد لا تلايم ، فيكون في حيز العدم ، وفي شريعتنا جمع بين مصالح الفريقين فجعل للرجل أربعة نسوة ، فلا ضرر عليه ، ولم يكثر ضرر المرأة بأكثر من ثلاث ، فكانت شريعتنا أتم ، واليهود اليوم لا يزيدون على الأربع تشبها بالمسلمين .

    وثامنها : أن جميع الشرائع إنما يؤذن لهم في الصلاة في البيع ، وشريعتنا وردت بالصلاة في كل موضع طاهر في جميع أقطار الأرض ، ومعلوم أن الصلاة فيها تعظيم الله تعالى والإنسان قد يتعذر عليه البيعة لكونه في البرية والسفر ، أو يتيسر له لكن تفتر عزيمته قبل وصوله إليها ، فتكون الصلاة وتعظيم الله تعالى بها في غاية القلة ، وفي هذه الشريعة جميع الأرض مسجد ، فيكون تعظيم الله تعالى وإجلاله في غاية الكثرة ، فتكون هذه الشريعة أفضل الشرائع ، وهو المطلوب .

    وتاسعها : أن جميع الشرائع لم تحل فيها الغنائم لأحد بل تقدم للنيران فتحرقها ، وأحلت الغنائم في هذه الشريعة ، ومعلوم بالضرورة أن صون المالية عن الضياع والاستعانة على الدين والدنيا بها واقع في نظر الحكمة ، وأتم في مراعاة المصلحة ، فتكون هذه الشريعة أفضل الشرائع ، وهو المطلوب .

    وعاشرها : أنا لا نعلم في شريعة من الشرائع إلا إعلاما بالأوقات المعينات للصلوات بشيء يشتمل على مصلحة غير الإعلام ، فاليهود يعلنون بالبوق ، والنصارى بضرب خشبة على خشبة ، أو نوع آخر من الجمادات يسمونه الناقوس ، وغير هاتين الملتين تعلم بالنيران ، ومعلوم أن هذه الأمور لا تحصل إلا مصلحة الإعلام ، وشرع في هذه الشريعة وحدها الأذان ، فحصل الإعلام ، ومصلحة أفضل ، وهي الثناء على الملك العلام وتجديد كلمة الإيمان ، وتفخيم قدر رسول الملك الديان ، والحض على الصلاة وجميع سبل النجاة بقوله : حي على الصلاة ، حي على الفلاح ، والفلاح خير الدنيا والآخرة ، وكلمة ( حي ) أمر تحضيض على ما بعدها وفيه إيقاظ الغافلين وانتشار ذكر الذاكرين بالمجاوبة للمؤذنين ، وفيه الإشعار بالتوحيد ، وأنواع التمجيد بدوي الأصوات بين الأرض والسماوات على أعلى البنايات ، وأين هذا من النفخ في البوقات ، وقراقع الخشبات ، ومعلوم أن هذه مصالح جليلة ، ومناقب فضيلة ، لم تقرر إلا في هذه الشريعة المحمدية ، وهذه الأمة الطاهرة الزكية ، وذلك مما يوجب شرفها على غيرها ، وهو المطلوب .

    ونقتصر على هذه النبذة في هذا المختصر اللطيف ، وإلا فمحاسن الشريعة لا يحصى عدها ، ولا يخبو زندها ، وهذا هو آخر الرسالة والحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على رسول الأمين .


    من كتاب :
    "إفحام النصارى" لسليمان بن صالح الخراشي -غفر الله تعالى له

      الوقت/التاريخ الآن هو 15.11.24 0:11