الدلائل البينات في تحريم المظاهرات
يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون
يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفسٍ واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالاً كثيراً ونساء واتقوا الله الذي تسألون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيباً
يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولاً سديداً يُصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزاً عظيماً .
أما بعد :
فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى ، وخير الهدي هدي محمدٍ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ، وشر الأمور محدثاتها ، وكل محدثهٍ بدعة ، وكل بدعةٍ ضلاله ، وكل ضلالة في النار .
أيها الناس يقول الله سبحانه وتعالى في الآية التي قرأت آنفاً التي قبلها : يا أيها الذين آمنوا لا تكونوا كالذين آذوا موسى فبرأه الله مما قالوا وكان عند الله وجيهاً وهذا نهي من ربنا سبحانه لجميع المؤمنين أن يكونا كأولئك الذي آذوا موسى ثم أمرهم أن يتقوا الله ويوقوا قولاً سديداً وأن القول السديد هو سبب لصلاح أقوالهم وأعمالهم يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم وأيضاً هو سببٌ لفوزهم كما قال سبحانه : فقد فاز فوزاً عظيماً
ويقول الله سبحانه وتعالى : كالذين من قبلكم كانوا أشد منكم أموالاً وأولاداً فاستمتعوا بخلاقهم فاستمتعتم بخلاقكم كما استمتع الذين من قبلكم بخلاقهم وخضت كالذي خاضوا خضتم كالخوض الذي خاضوه ،
ويقول الله سبحانه وتعالى : ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون * ولا تكونوا كالذين تَفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات وأولئك لهم عذابٌ عظيم
ويقول الله سبحانه وتعالى : ولا تكونوا من المشركين من الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعاً كل حزبٍ بما لديهم فرحون
في هذه الآيات بَيانٌ جلٌ من رب العالمين سبحانه وتعالى لمن ألقَ السمع وهو شهيد لجميع البرية أن يَنتهوا من متابعة أولئك في الفعل أو في القول أو المعاملات أو أي شيءٍ مما يعملونه في هذه الدنيا ويريدون به القربى إلى الله سبحانه وتعالى
وروى الشيخان في " صحيحيهما " عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال : ( لتتبعن سنن من كان قبلكم حذو القذة بالقذة حتى لو دخلوا جحر ضبٍ لدخلتموه ) قالوا يا رسول اليهود والنصارى أو قال فارس والروم ؟ قال : ( فمن القوم إلا أولئك )
وهذا من دلائل نبوته عليه الصلاة والسلام إذ يخبر أنه سيكون في هذه الأمة من يُتابع أُولئك حتى لو دخلوا جحر ضب على ما فيه من الصعوبة والملفات يُتابعونهم على خير وشر وبعضهم بقناعة ورضا وأنى لأفعال أولئك الخير فكل خير هو في دين الله
وقد نهى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم عن مُتابعتهم حالاً وقالاً بل الله سبحانه وتعالى يقول : يا أيها الذين آمنوا لا تقولوا راعنا وقولوا أنظرنا واسمعوا وللكافرين عذابٌ أليم
وقد كان اليهود يستعملون هذه الكلمة للسخرية فنهاهم ربنا سبحانه وتعالى أن يقولوا هذه الكلمة ابتعاداً عن فعل الكافرين وعدم التشبه بهم ، ولما قالوا يا رسول الله نَزلت عليك هذه الآية ولا نطيقها لله ما في السماوات وما في الأرض وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله قالوا : كُلفنا من الأعمال ما نطيق الصلاة والصيام والجهاد في سبيل الله
ونزلت هذه الآية ولا نطيقها ، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم : ( تريدون أن تقولوا مثل ما قال أهل الكتابين سمعنا وعصينا فقولوا سمعنا وأطعنا ) فقالوا سمعنا وأطعنا ولما قرأها القوم وذلت بها ألسنتهم أنزل الله سبحانه وتعالى التخفيف في إثرها آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله لا نفرق بين أحدٍ من رسوله وقالوا سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير
والنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول : اللهم نعم والحديث عند مسلم عن أبي هريرة ومن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى
مفهوم الآية على أن من قلد الكافرين وتشبه بالكافرين وأرتضى أفعال الكافرين وأعرض عن ذكر الله كان خارماً للعروة الوثقى ، وكان أيضاً مرتضياً لأفعال الطواغيت من يهود ونصارى وكل ما خالف كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم وتجاوز به العبد حده هو طاغوت اليهود والنصارى من أين هم إلا من الطاغوت
يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء تلقون إليهم بالمودة وقد كفروا بما جاءكم من الحق يخرجون الرسول وإياكم أن تؤمنوا بالله ربكم إن كنتم خرجتم جهاداً في سبيلي وابتغاء مرضاتي تسرون إليهم بالمودة وأنا أعلم بما أخفيتم وما أعلنتم ومن يفعله منكم فقد ضل سواء السبيل
هذه الآية نزلت في صحابي بدري هذه الآية نزلت في حاطب بن أبي بلتعة وهو من أهل بدر لما سمع سراً من رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ولم يكن له يدٌ بين قريش فكتب إليهم أن محمداً بسره ذاك الذي علمه من الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم أخبرهم بما أعلمهم من السر وأنه سيقدم عليهم وقال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لعلي بن أبي طالب وفلان وفلان من أصحابه أذهبوا إلى روضة خاخ فإن فيها امرأة تحمل كتاباً إلى قريش وأتوها وأخذوا الكتاب وقال : ( ما حملك يا حاطب على ما فعلت ) قال : والله يا رسول إني أحب الله ورسوله لكن ما منا من أحدٍ إلا وله يد عند قريش وإن لي بينهم أهلاً ومالاً فأريد أن تكون يد تحمي أهلي ومالي
يعني من القرابة أو من التزلف إليهم والله يعلم أن حاطب بن أبي بلتعة مؤمن وقد زكاه في هذه السورة أنه مؤمن يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء تلقون إليهم في بالمودة
ولو كان في الظاهر فإن هذا كما وصفه الله ومن يفعله منكم فقد ضل سواء السبيل فحكم الله على هذا الفعل الظاهر دون الباطن أنه ضلال سواء السبيل وأدب حاطب بن أبي بلتعة على ذلك أما قول الله سبحانه : لا يتخذ الله المؤمنين الكافرين أولياء من دون المؤمنين ومن يفعل ذلك فليس من الله في شيء إلا أن تتقوا منهم تقاة فهذا كقول الله عز وجل : من كفر بالله من بعد إيمانه إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان
يعني عند الاضطرار والخوف من القتل وما إلى ذلك له أن يظهر أما أن يكون آمناً أما أن يكون لا اضطرار في ذلك ويعمل ما يعمل ظاهراً كان أو باطناً فتالله إن هذا لضلالٌ مبين كما حكم ربنا سبحانه .
عباد الله إنها مسألة خطيرة بين المسلمين صارت بين المسلمين تسري وفي أوساطهم تهرول وتجري وهي التشبه بالكافرين في أقوالهم وأفعالهم ومعتقداتهم وفي غير ذلك مما هم فيه الآن حتى لقد صار في بلدنا وغيرها الآن ما تسمعون وتشاهدون ممن يندى له جبين المؤمن
من خروج المسلمين كالأغنام زعموا ينصرون دين الله في تلك المظاهرات وهي تشبه بالكافرين وليس لها أصلٌ في ديننا البتة
إنما ديننا يأمر بالصبر إنما ديننا يأمر بالدعاء ، فقد روى الشيخان في " صحيحيهما " من حديث ابن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه قال : ( إنكم ستعرفون منها وتنكرون فاصبروا ) قالوا فماذا تأمرنا يا رسول الله ؟ قالوا : ( تؤدون الحق الذي عليكم وتسألون الله الذي لكم )
ومن حديث أبي هريرة في " الصحيحين " أنه قال : ( إن بني إسرائيل كانت تسوسهم أنبيائهم كلما هلك نبي خلفه نبي ، وإنه لا نبي بعدي ، وإنه سيكون أمراء فيكثرون ) قالوا فما تأمرنا يا رسول الله ؟ قال : ( تؤدون الحق الذي عليكم وتسألوا الحق الذي لكم فإن سائلهم عما إستراعاهم ) ومن حديث أبي هريرة ووائل بن حجر أنهم قالوا يا رسول الله أرأيت إن كانوا علينا أمراء يأخذون حقنا ويمنعونا حكهم ؟ قال لهم صلى الله عليه وعلى آله وسلم : ( أدوا الحق الذي عليكم واسألوا الله الحق الذي لكم )
وجاء عن أسيد بن حضير ( اصبروا حتى تلقون على الحوض ) تكون عليكم أثرة استغلال المال والأثرة به والانفراد به عن من له حقٌ فيه هذه إرشادات رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم بالصبر
ولقد بقي رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم محاصراً بجانب الكعبة لم يدخلوها وعنده من الناس ما عندهم القدرة على القتال والصياح ومع ذلك رجع رسول الله منتظراً لفرج الله أم حسبتم أن تَدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم مستهم البأساء والضراء وزلزلوا حتى يقول الرسول والذين آمنوا معه متى نصر الله ألا إن نصر الله قريب
ينتظر رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم نصر الله وقد أصيبوا بالفقر وأصيبوا بالجوع وما كان منهم يوماً ما أن خرجوا على رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ولا على أمير من الأمراء
فقد ثبت في " مسند أحمد " من حديث أنس أن الأنصار أتعبهم إخراج الماء من جوف الأرض وقالوا كم نبقى ننزع الماء بالدلو لسقي الأراضي لو أتينا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم فطلبنا منه أن يدعو لنا الله فيفجر الأرض لنا أنهاراً فأتوا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم فلما رآهم قال : ( مرحباً بالأنصار ما جاء بكم اليوم إلا حاجة لا تسألون اليوم شيئاً إلا أعطيتموه ولا أسأل ربي شيئاً إلا أعطانيه ) فالتفت بعضهم إلى بعضٍ فقالوا : الدنيا تريدون سلوا رسول الله أن يستغفر لكم فقالوا يا رسول الله استغفر لنا ؟ قال : ( اللهم أغفر للأنصار ولأبناء الأنصار ولأبناء أبناء الأنصار )
هذا ديننا قائمٌ على مخالفة الكافرين في أقوالهم ومعتقداتهم وإلى غير ذلك
[/b]
الخطبة الأولى
الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله .الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له
يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون
يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفسٍ واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالاً كثيراً ونساء واتقوا الله الذي تسألون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيباً
يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولاً سديداً يُصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزاً عظيماً .
أما بعد :
فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى ، وخير الهدي هدي محمدٍ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ، وشر الأمور محدثاتها ، وكل محدثهٍ بدعة ، وكل بدعةٍ ضلاله ، وكل ضلالة في النار .
أيها الناس يقول الله سبحانه وتعالى في الآية التي قرأت آنفاً التي قبلها : يا أيها الذين آمنوا لا تكونوا كالذين آذوا موسى فبرأه الله مما قالوا وكان عند الله وجيهاً وهذا نهي من ربنا سبحانه لجميع المؤمنين أن يكونا كأولئك الذي آذوا موسى ثم أمرهم أن يتقوا الله ويوقوا قولاً سديداً وأن القول السديد هو سبب لصلاح أقوالهم وأعمالهم يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم وأيضاً هو سببٌ لفوزهم كما قال سبحانه : فقد فاز فوزاً عظيماً
ويقول الله سبحانه وتعالى : كالذين من قبلكم كانوا أشد منكم أموالاً وأولاداً فاستمتعوا بخلاقهم فاستمتعتم بخلاقكم كما استمتع الذين من قبلكم بخلاقهم وخضت كالذي خاضوا خضتم كالخوض الذي خاضوه ،
ويقول الله سبحانه وتعالى : ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون * ولا تكونوا كالذين تَفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات وأولئك لهم عذابٌ عظيم
ويقول الله سبحانه وتعالى : ولا تكونوا من المشركين من الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعاً كل حزبٍ بما لديهم فرحون
في هذه الآيات بَيانٌ جلٌ من رب العالمين سبحانه وتعالى لمن ألقَ السمع وهو شهيد لجميع البرية أن يَنتهوا من متابعة أولئك في الفعل أو في القول أو المعاملات أو أي شيءٍ مما يعملونه في هذه الدنيا ويريدون به القربى إلى الله سبحانه وتعالى
وروى الشيخان في " صحيحيهما " عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال : ( لتتبعن سنن من كان قبلكم حذو القذة بالقذة حتى لو دخلوا جحر ضبٍ لدخلتموه ) قالوا يا رسول اليهود والنصارى أو قال فارس والروم ؟ قال : ( فمن القوم إلا أولئك )
وهذا من دلائل نبوته عليه الصلاة والسلام إذ يخبر أنه سيكون في هذه الأمة من يُتابع أُولئك حتى لو دخلوا جحر ضب على ما فيه من الصعوبة والملفات يُتابعونهم على خير وشر وبعضهم بقناعة ورضا وأنى لأفعال أولئك الخير فكل خير هو في دين الله
وقد نهى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم عن مُتابعتهم حالاً وقالاً بل الله سبحانه وتعالى يقول : يا أيها الذين آمنوا لا تقولوا راعنا وقولوا أنظرنا واسمعوا وللكافرين عذابٌ أليم
وقد كان اليهود يستعملون هذه الكلمة للسخرية فنهاهم ربنا سبحانه وتعالى أن يقولوا هذه الكلمة ابتعاداً عن فعل الكافرين وعدم التشبه بهم ، ولما قالوا يا رسول الله نَزلت عليك هذه الآية ولا نطيقها لله ما في السماوات وما في الأرض وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله قالوا : كُلفنا من الأعمال ما نطيق الصلاة والصيام والجهاد في سبيل الله
ونزلت هذه الآية ولا نطيقها ، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم : ( تريدون أن تقولوا مثل ما قال أهل الكتابين سمعنا وعصينا فقولوا سمعنا وأطعنا ) فقالوا سمعنا وأطعنا ولما قرأها القوم وذلت بها ألسنتهم أنزل الله سبحانه وتعالى التخفيف في إثرها آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله لا نفرق بين أحدٍ من رسوله وقالوا سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير
والنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول : اللهم نعم والحديث عند مسلم عن أبي هريرة ومن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى
مفهوم الآية على أن من قلد الكافرين وتشبه بالكافرين وأرتضى أفعال الكافرين وأعرض عن ذكر الله كان خارماً للعروة الوثقى ، وكان أيضاً مرتضياً لأفعال الطواغيت من يهود ونصارى وكل ما خالف كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم وتجاوز به العبد حده هو طاغوت اليهود والنصارى من أين هم إلا من الطاغوت
يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء تلقون إليهم بالمودة وقد كفروا بما جاءكم من الحق يخرجون الرسول وإياكم أن تؤمنوا بالله ربكم إن كنتم خرجتم جهاداً في سبيلي وابتغاء مرضاتي تسرون إليهم بالمودة وأنا أعلم بما أخفيتم وما أعلنتم ومن يفعله منكم فقد ضل سواء السبيل
هذه الآية نزلت في صحابي بدري هذه الآية نزلت في حاطب بن أبي بلتعة وهو من أهل بدر لما سمع سراً من رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ولم يكن له يدٌ بين قريش فكتب إليهم أن محمداً بسره ذاك الذي علمه من الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم أخبرهم بما أعلمهم من السر وأنه سيقدم عليهم وقال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لعلي بن أبي طالب وفلان وفلان من أصحابه أذهبوا إلى روضة خاخ فإن فيها امرأة تحمل كتاباً إلى قريش وأتوها وأخذوا الكتاب وقال : ( ما حملك يا حاطب على ما فعلت ) قال : والله يا رسول إني أحب الله ورسوله لكن ما منا من أحدٍ إلا وله يد عند قريش وإن لي بينهم أهلاً ومالاً فأريد أن تكون يد تحمي أهلي ومالي
يعني من القرابة أو من التزلف إليهم والله يعلم أن حاطب بن أبي بلتعة مؤمن وقد زكاه في هذه السورة أنه مؤمن يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء تلقون إليهم في بالمودة
ولو كان في الظاهر فإن هذا كما وصفه الله ومن يفعله منكم فقد ضل سواء السبيل فحكم الله على هذا الفعل الظاهر دون الباطن أنه ضلال سواء السبيل وأدب حاطب بن أبي بلتعة على ذلك أما قول الله سبحانه : لا يتخذ الله المؤمنين الكافرين أولياء من دون المؤمنين ومن يفعل ذلك فليس من الله في شيء إلا أن تتقوا منهم تقاة فهذا كقول الله عز وجل : من كفر بالله من بعد إيمانه إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان
يعني عند الاضطرار والخوف من القتل وما إلى ذلك له أن يظهر أما أن يكون آمناً أما أن يكون لا اضطرار في ذلك ويعمل ما يعمل ظاهراً كان أو باطناً فتالله إن هذا لضلالٌ مبين كما حكم ربنا سبحانه .
عباد الله إنها مسألة خطيرة بين المسلمين صارت بين المسلمين تسري وفي أوساطهم تهرول وتجري وهي التشبه بالكافرين في أقوالهم وأفعالهم ومعتقداتهم وفي غير ذلك مما هم فيه الآن حتى لقد صار في بلدنا وغيرها الآن ما تسمعون وتشاهدون ممن يندى له جبين المؤمن
من خروج المسلمين كالأغنام زعموا ينصرون دين الله في تلك المظاهرات وهي تشبه بالكافرين وليس لها أصلٌ في ديننا البتة
إنما ديننا يأمر بالصبر إنما ديننا يأمر بالدعاء ، فقد روى الشيخان في " صحيحيهما " من حديث ابن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه قال : ( إنكم ستعرفون منها وتنكرون فاصبروا ) قالوا فماذا تأمرنا يا رسول الله ؟ قالوا : ( تؤدون الحق الذي عليكم وتسألون الله الذي لكم )
ومن حديث أبي هريرة في " الصحيحين " أنه قال : ( إن بني إسرائيل كانت تسوسهم أنبيائهم كلما هلك نبي خلفه نبي ، وإنه لا نبي بعدي ، وإنه سيكون أمراء فيكثرون ) قالوا فما تأمرنا يا رسول الله ؟ قال : ( تؤدون الحق الذي عليكم وتسألوا الحق الذي لكم فإن سائلهم عما إستراعاهم ) ومن حديث أبي هريرة ووائل بن حجر أنهم قالوا يا رسول الله أرأيت إن كانوا علينا أمراء يأخذون حقنا ويمنعونا حكهم ؟ قال لهم صلى الله عليه وعلى آله وسلم : ( أدوا الحق الذي عليكم واسألوا الله الحق الذي لكم )
وجاء عن أسيد بن حضير ( اصبروا حتى تلقون على الحوض ) تكون عليكم أثرة استغلال المال والأثرة به والانفراد به عن من له حقٌ فيه هذه إرشادات رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم بالصبر
ولقد بقي رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم محاصراً بجانب الكعبة لم يدخلوها وعنده من الناس ما عندهم القدرة على القتال والصياح ومع ذلك رجع رسول الله منتظراً لفرج الله أم حسبتم أن تَدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم مستهم البأساء والضراء وزلزلوا حتى يقول الرسول والذين آمنوا معه متى نصر الله ألا إن نصر الله قريب
ينتظر رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم نصر الله وقد أصيبوا بالفقر وأصيبوا بالجوع وما كان منهم يوماً ما أن خرجوا على رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ولا على أمير من الأمراء
فقد ثبت في " مسند أحمد " من حديث أنس أن الأنصار أتعبهم إخراج الماء من جوف الأرض وقالوا كم نبقى ننزع الماء بالدلو لسقي الأراضي لو أتينا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم فطلبنا منه أن يدعو لنا الله فيفجر الأرض لنا أنهاراً فأتوا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم فلما رآهم قال : ( مرحباً بالأنصار ما جاء بكم اليوم إلا حاجة لا تسألون اليوم شيئاً إلا أعطيتموه ولا أسأل ربي شيئاً إلا أعطانيه ) فالتفت بعضهم إلى بعضٍ فقالوا : الدنيا تريدون سلوا رسول الله أن يستغفر لكم فقالوا يا رسول الله استغفر لنا ؟ قال : ( اللهم أغفر للأنصار ولأبناء الأنصار ولأبناء أبناء الأنصار )
هذا ديننا قائمٌ على مخالفة الكافرين في أقوالهم ومعتقداتهم وإلى غير ذلك
[/b]
عدل سابقا من قبل الشيخ إبراهيم حسونة في 30.08.08 13:36 عدل 1 مرات