إتحاف الكرام البررة بشرح نواقض الإسلام العشرة
لفضيلة الشيخ العلامة: صـــــــــــالح بن سعد السحيمي
– حفظه الله تعالى-
لفضيلة الشيخ العلامة: صـــــــــــالح بن سعد السحيمي
– حفظه الله تعالى-
شريطان مفرغان ألقاهما الشيخ خلال الدورة العلمية بمحافظة ينبع بتاريخ شعبان 1426هجرية
قام بالتفريغ أبو عبد الله يوسف برقاوي الزاكوري المغربي – غفر الله له -
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَ لا تَمُوتُنَّ إِلاّ وَ أَنتُم مُّسْلِمُونَ "آل عمران102
" َيا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُم الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَ خَلقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَ بَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَ نِسَاءً وَ اتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَ الأَرْحَامَ إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا " النساء1
" يَا أَيُّهَا الَّذَينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَ قُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَ يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَ مَن يُطِعِ اللهَ وَ رَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمَا " الأحزاب71 .
أما بعد :
فإن أصدق الحديث كتاب الله و خير الهدي هدي محمد صلى الله عليه و سلم و شر الأمور محدثاتها و كل محدثة بدعة و كل بدعة ضلالة و كل ضلالة في النار .
إخوتي وأحبتي في الله، بادئ ذي بدء، نحمد الله تبارك وتعالى ونشكره على نعمه الظاهرة و الباطنة ونحمده تبارك وتعالى على ما منَّ به من دحر فئة الخوارج كلاب النار في الليلة الماضية الذين استباحوا دماء المسلمين وأموالهم بغير حق والذين سماهم النبي صلى الله عليه وسلم :<كلاب النار> [تحقيق الألباني : (صحيح) انظر حديث رقم: 3347 في صحيح الجامع] .
فهم جديرون بهذه التسمية ؛ أخافوا الآمنين وروعوا المسلمين وأساءوا إلى الإسلام وقدموا خدمة لأعداء الإسلام لم يقدمها حتى اليهود والنصارى منذ مئات السنين فالحمد لله الذي دحرهم وقضى عليهم ، كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم : <كلما ظهر منهم قرن قطع حتى يظهر في عراضهم الدجال >[سنن ابن ماجةرقم174 قال الشيخ الألباني :حسن ]
ونسأل الله تعالى أن يكتب إخواننا من رجال الأمن الذين قتلوا في هذا الواجب , نسأل الله أن يكتبهم في الشهداء ,فإن لهم بشارة من النبي و هو قوله صلى الله عليه وسلم :<شر قتلى قتلاهم (يعني كلاب النار) وهم شر قتلى تحت أديم السماء وخير قتيل من قتلوه >[جامع الترمذي رقم3000 قال الشيخ الألباني :حسن صحيح]
فنرجو الله أن يكتبهم في الشهداء – نحن نرجو لهم الشهادة –لا نجزم مثل أولئك الذين يجزمون للملا حدة بأنهم شهداء ، لكن نقول : نرجو الله أن يكتب إخواننا هؤلاء مع الشهداء. فإنهم حريون بذلك إنشاء الله تعالى .
نسأل الله أن يتغمدهم برحمته ، وأن يخزي هذه الزمرة . وقد ثبت أن عليا رضي الله عنه – يا إخوتي – كان يقنت على الخوارج كلاب النار خدام اليهود و النصارى ، اللذين يتلقون الفتاوى من كهوف الجبال ومن الإنترنت ومن حثالات القاطنين تحت مظلة{ تادشر} .
فنسأل الله الكريم رب العرش العظيم بأسمائه الحسنى أن يرينا عجائب قدرته في بقيتهم وأن يأخذهم أخذ عزيز مقتدر . ونقول لمن يبرر لهم أو يتعاطف معهم أو يسكت عنهم أو لا يسميهم بأسمائهم ؛ يعني بألقابهم ،لا يسميهم بالخوارج ؛ يتورع من أن يسميهم .
أقول : عليك أن تفهم دينك الصحيح وأن تعرف عمن تأخذ دينك- يا عبد الله- الدين لا يؤخذ عن هؤلاء المارقين كما وصفهم النبي صلى الله عليه وسلم ,ولا عمن يفتيهم ولكن يؤخذ عن العلماء الربانيين الذين ينفون عن كتاب الله تحريف الغالين و انتحال المبطلين وتأويل الجاهلين .
وأود- و خصوصا من رجال العلم و التعليم – أن يضعوا النقاط على الحروف ,و أن تكون هناك مكاشفة . على الخطباء الذين يدعون ورعا ،لا يريدون أن يتكلموا فيهم ولا يسمونهم ولا يلقبونهم بما لقبهم به رسول الله صلى الله عليه وسلم. و لا يسمونهم بالخوارج وإنما يبررون لهم ويرون أن هذا مجرد خطأ , بل هؤلاء كلاب النار كما أخبر الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم.
فاتقوا الله يا رجال التعليم , و حصِّنوا أولادكم , حصِّنوا أولادنا , حصِّنوا أولاد المسلمين من هذا الفكر , طهروا المكتبات من كتب القوم التي تهيجهم ، طهروا المكتبات من الأشرطة الفاسدة التي تدعو الناس إلى الجهاد المزيف . الجهاد باق إلى يوم القيامة . ومن أن أنكر الجهاد فقد كفر , لكن بشروطٍ ومقومات معينة نص عليها أهل العلم
، أما جهاد هؤلاء فإنه جهاد في سبيل إبليس وفي سبيل الكفرة ، وما قدموا إلا خدمة للكفرة من الماسونيين و الصهاينة والملاحدة والغربيين . فضعوا النقاط على الحروف يا رجال التعليم ، واتقوا الله تبارك وتعالى في خطبكم ، وخاطبوا الناس بمنهج السلف الصالح الذي هو كالشمس في رابعة النهار، ليس فيه تجمعات من وراء الكواليس ، ليس فيه خفاء ، ليس فيه تجمعات في كهوف الجبال ، ليس فيه أمر خفي .
المنهج الحق منهج أهل السنة والجماعة أوضح من الشمس في رابعة النهار ؛ فاجتهدوا أهل العلم وطلبة العلم في بيان الحق للناس بدليله حتى لا يُتًخَطف شبابُنا من حيث لا نشعر من قِبَل هؤلاء المارقين كلاب النار الخوارج الذين هم شر قتلى تحت أديم السماء .
نسأل الله تعالى أن يخزيهم وأن يرينا فيهم عجائب قدرته ، واسمحوا لي بتقديم هذه المقدمة فإن القلب ليعتصر و يتقطع عندما يرى هذا الرعب وهذا الترويع الذي يفعله هؤلاء في بلد المقدسات ، وفي معقل الإسلام ، وفي الحصن الحصين ، وفي البقية الباقية للإسلام .
فإن من يبرر أو يكتم أو يسكت أو يتستر أو على الأقل لا يبين الحق بدليله في هذه القضايا إنه ينطبق عليه قول النبي صلى الله عليه وسلم : < من كتم علما ألجمه الله بلجام من نار يوم القيامة >[سنن أبي داود رقم3658 قال الشيخ الألباني : حسن صحيح] وقول النبي صلى الله عليه وسلم : < لعن الله من آوى محدثا >[ تحقيق الألباني : (صحيح) انظر حديث رقم: 5112 في صحيح الجامع]. نسأل الله أن يهدي ضال المسلمين ، وأن يعلي كلمته ، وأن ينصر كتابه ودينه وسنة نبيه وعباده الصالحين ، إنه ولي ذلك والقادر عليه .
و نبدأ الآن في الدرس , الذي لا شك أن أخي أبا مالك - وفقه الله - قد درسكم إياه .
فلن أضيف لكم جديدا، غير أنني أردت أن أشارك مع إخوتي طلبة العلم في تدارس هذه القضايا المهمة. والإسلام الذي يقوم على توحيد الله عز وجل أساسا و ابتداءً لا على التهريج و التهييج الذي يقوم عليه الفكر المنحل المنحرف. وكلكم يعرف التهريج والتهييج.
فالمقصود – يا عبد الله – أن ندرس كتب أهل العلم وأن نؤصل و أن نبين للناس منهج السلف الصالح من خلال الدروس التي تقام بدلا من الجعجعة وبدلا من بعض التهريج و التهييج الذي لا يفيد الأمة شيئا، الذي ربما نقلهم من بعض المعاصي إلى ما هو أعظم منها من البدع و الخرافات و الخزعبلات
فعلينا أن نتقي الله عز وجل وأن نتنبه لهذا، الإسلام - يا عبد الله- له نواقص وله نواقض . النواقص: تتمثل في ركوب بعض المنكرات التي لا تبلغ حد الكفر , كمن قصر في واجب أو ارتكب محرما من غير استحلال وهو معترف بذنبه , ويعتقد أنه مسيء , وأنه عاص, فهذه نواقص . إذا لم تبلغ حد الكفر و الشرك بالله عز وجل .
و النواقص بريد النواقض ؛ فالتساهل بالمعاصي واستمراؤها و تعود المرء عليها ربما يحيلها بعد حين إلى استحلال وإلى مروق من دين الله عز وجل . فعلينا أن نحذر منها لأن المعاصي بريد الكفر ؛كما قال أهل العلم .
أما النواقض : فهي التي يبطل معها الإسلام , و القاعدة عند أهل العلم انطلاقا من قول النبي صلى الله عليه وسلم: < الإيمان بضع وسبعون شعبة أعلاها لا إله إلا الله وأدناها إماطة الأذى عن الطريق و الحياء شعبة من الإيمان >[ تحقيق الألباني : (صحيح) انظر حديث رقم: 2800 في صحيح الجامع ] الإيمان الذي هو قول و عمل واعتقاد ، و الذي العمل جزء منه ؛ إذ أن العمل ركن الإيمان فلا إيمان بلا عمل غير أن هذا الإيمان الذي هو شعب ودرجات ومراتب كما وصف الله عز وجل مراتب المؤمنين بقوله : [ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ]. [فاطر 32] . أعلى تلك المراتب ؛ السابقون بالخيرات : وهم الذين يفعلون الواجبات ويتركون المحرمات و يتزودون من التطوعات ، وهم أهل الإحسان : الذين قال فيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم : < أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك >[سنن أبي داود وغيره قال الشيخ الألباني : صحيح] . والمرتبة الثانية : المقتصدون : وهم المقتصرون على فعل الواجبات واجتناب المحرمات ، وهؤلاء دون أولئك ، لكن الطائفتين كلتيهما تدخلان الجنة قطعا . وإن كانت الأولى أعلى من الثانية . والطائفة الثالثة : الظالمون لأنفسهم : وهم المؤمنون المبتلون ببعض المعاصي التي دون الشرك والكفر.
وهؤلاء يترتب عليهم أربعة أحكام – يجب أن نعيها ونفهمها-
1) أنهم لا يخرجون من ملة الإسلام ؛ فلا يكفرون كما تعتقد الخوارج و كلاب النار.
2) أنهم لا يعطون اسم الإيمان بالكلية ولا يسلبون مطلق الإيمان ، كما يقول شيخ الإسلام ابن تيمية : "لا يسلبون مطلق الإيمان ولا يوصفون بالإيمان المطلق " . يعني لا يسلبون الإيمان فيحكم عليهم بالكفر كما تفعل الخوارج ، ولكن لا يعتقد أنهم كاملوا الإيمان
كما تعتقد من؟ المرجئة . لا يسلبون مطلق الإيمان ولا يوصفون بالإيمان المطلق ، وهذا هو العقيدة الوسط و إنما يقال مؤمنون عصاة أو يقال مؤمن فاسق أو يقال مؤمن بإيمانه فاسق بكبيرته أو يقال مؤمن ناقص الإيمان . وهم أهل النواقص وليسوا من أهل النواقض.
3) الحكم الثالث الذي يترتب على هؤلاء : أن من وافى منهم بمعاصيه – أعني من المؤمنين الذين هم {الظالمون لأنفسهم}- أن من وافى منهم بمعصيته فهو تحت مشيئة الله إن شاء غفر له بفضله إن شاء عذبه بعدله كما قال الله جل وعلى : {إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر مادون ذلك لمن يشاء } .
كما تعتقد من؟ المرجئة . لا يسلبون مطلق الإيمان ولا يوصفون بالإيمان المطلق ، وهذا هو العقيدة الوسط و إنما يقال مؤمنون عصاة أو يقال مؤمن فاسق أو يقال مؤمن بإيمانه فاسق بكبيرته أو يقال مؤمن ناقص الإيمان . وهم أهل النواقص وليسوا من أهل النواقض.
3) الحكم الثالث الذي يترتب على هؤلاء : أن من وافى منهم بمعاصيه – أعني من المؤمنين الذين هم {الظالمون لأنفسهم}- أن من وافى منهم بمعصيته فهو تحت مشيئة الله إن شاء غفر له بفضله إن شاء عذبه بعدله كما قال الله جل وعلى : {إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر مادون ذلك لمن يشاء } .
4 ) الحكم الرابع : أنهم إذا عذبوا بمشيئة الله تعالى وعدله فإنهم لا يخلدون في النار ، بل يخرجون منها – أعوذ بالله وإياكم من النار – بعد تمحيص وتطهير . وبناء عليه فإن من مسائل الإيمان ما إذا ترك خرج به - بتركه - ذلكم التارك من الإيمان بالكلية وهو من لم يحقق الشهادتين ؛من لم ينطق بالشهادتين ولم يحققهما يعني حتى لو قالهما لكنه قد يأتي بما يناقضهما وهذا محل إجماع لا نزاع فيه ولذلك يقول الله جل وعلا:{ فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ }محمد19. ومثل ترك الصلاة تهاونا على الصحيح أما تركها جحدا فهذا كافر بإجماع علماء الإسلام وتركها تهاونا كفر أيضا في أصح قولي أهل العلم لوضوح الأدلة على كفر تارك الصلاة مطلقا : <العهد الذي بيننا و بينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر>[ تحقيق الألباني : (صحيح) انظر حديث رقم: 4143 في صحيح الجامع] ومع هذا لا نغمز العلماء الذين يرون غير هذا الرأي فإن هذا اجتهادهم الذي توصلوا إليه لنصوص عامة اعتمدوا عليها لكن مع هذا فإن القول الذي يترجح بالأدلة أن تارك الصلاة ولو كان تهاونا ليس بمسلم وهناك أعمال دون ذلك تركها ينقص الإيمان الواجب أي لا يتحقق به الإيمان الكامل وإنما يوصف صاحبه بأنه مؤمن ناقص الإيمان أو مؤمن بإيمانه فاسق بكبيرته وهم المرتكبون لبعض المنكرات المعترفون بذنوبهم دون الصلاة بطبيعة الحال كما هو الراجح والثالث ما ينقص بتركه الإيمان المستحب كإماطة الأذى عن الطريق وفي حديث شعب الإيمان ما يدل على هذه الأمور الثلاثة.
هذه المقدمة أحببت أن أقدمها بين يدي الدرس لعلها تجعل طالب العلم يفهم الفرق بين النواقص و النواقض .
ونبدأ درسنا على بركة الله تفضل : المتــــــــــــــن :
قال المؤلف - رحمه الله تعالى - : بسم الله الرحمان الرحيم . اعلم أن نواقض الإسلام عشرة نواقض :
الأول : الشرك في عبادة الله تعالى ، قال الله تعالى :{ إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ }[ النساء 48] وقال: { إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ (72) } [ المائدة]. ومنه الذبح لغير الله ، كمن يذبح للجن أو للقبر .
قال المؤلف - رحمه الله تعالى - : بسم الله الرحمان الرحيم . اعلم أن نواقض الإسلام عشرة نواقض :
الأول : الشرك في عبادة الله تعالى ، قال الله تعالى :{ إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ }[ النساء 48] وقال: { إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ (72) } [ المائدة]. ومنه الذبح لغير الله ، كمن يذبح للجن أو للقبر .
الشرح :
هذه النواقض العشرة استنبطها أهل العلم بالاستقراء . شأنها شأن كثير من التقسيمات التي ترونها في كتب العقيدة وكذا الحال في كتب الفقه وغير ذلك .
هذه النواقض العشرة استنبطها أهل العلم بالاستقراء . شأنها شأن كثير من التقسيمات التي ترونها في كتب العقيدة وكذا الحال في كتب الفقه وغير ذلك .
يعني لو اعترض معترض قال: كيف يحدد النواقض أنها عشرة ؟ وهذه أمهات المسائل و إلا قد يكون تحت كل ناقض نواقض أخرى تندرج تحت هذه النواقض العشرة فتحديدها بالعشرة إنما هو ثابت بالإستقراء باستقراء كتاب الله عز وجل وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم .
أولها وأعظمها وأخطرها هو الإشراك بالله لأن أحد ركني الإيمان هو الإخلاص لله عز وجل فمن أشرك بالله فقدْ فقَدَ ماذا؟ فقد الإخلاص بل فقد التوحيد بالكلية والتوحيد. يضاده الشرك . ولذلك فإنه لا يصح توحيد العبد إلا بولاء وبراء إلا بتحقيق النفي والإثبات و هو معنى لا إله إلا الله ؛[ لا إله]: نفي لكل ما يعبد من دون الله .و [إلا الله]: إثبات للعبادة لله وحده لا شريك له .
ولذلك يقول الله عز وجل :{ قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (162) لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ (163 }الأنعام162-163. فالإشراك بالله أعظم ذنب عصي به الله عز وجل . كيف لا وهو صرف حق الله لغيره .
أنا أضرب لكم مثلا ولله المثل الأعلى لو أن إنسانا جاء إلى مالك ؛ نقود أو مثلا مواشي أو نحو ذلك .فأخذها وأعطاها لزيد من الناس بغيا وعدوانا ما يكون حالك ؟ ألا تثأر لحقك الذي سلب منك قهرا ؟ فالله تعالى لا يعصى قهرا لكن الله عز وجل قد بين الطريق السوي للناس: { فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ }[ الكهف29] . فصرف حق الله لغيره هو أعظم ذنب عصي به الله عز وجل . قال الله تبارك وتعالى :{ إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ }[ النساء 48] وقال تبارك وتعالى : { وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ (31) }[الحج31] . وقال جل وعلا : { وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لَا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ (5) وَإِذَا حُشِرَ النَّاسُ كَانُوا لَهُمْ أَعْدَاءً وَكَانُوا بِعِبَادَتِهِمْ كَافِرِينَ (6) }[الأحقاف5-6] . وقال تعالى : { إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ (72) } [ المائدة].
والشرك له مظاهر شتى وعلى رأسها ما يقع فيه كثير ممن يدعي الإسلام في هذه الأزمنة ؛من تعلق بأصحاب القبور وسؤالهم قضاء الحاجات و كشف الكربات و إزالة الملمات .
تجده يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ويقيم الصلاة ويؤتي الزكاة ويصوم رمضان ويحج البيت ويأمر بالمعروف و ينهى عن المنكر ويصل الرحم ويبر الوالدين ويفعل كل شيء ، ثم يأتي ويقضي على ذلك كله بكلمة واحدة ؛ يأتي عند صاحب القبر ويقول : مدد يا فلان ؛ إنتهى كل شيء .شيلله يا فلان، يعني أعطني شيئا لله يا فلان ؛ مسح كل شيء .
كما يقول المشركون القدامى :[ لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك إلا شريكا هو لك تملك وما ملك] . ومن أخص وأخطر أنواع الشرك ؛ الشرك في الدعاء .