خزانة الربانيون

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

2 مشترك

    خطر الطعن في العلماء

    avatar
    أبو محمد عبد الله السلفي
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    عدد الرسائل : 208
    البلد : مصر السنية
    العمل : طالب علم
    شكر : 0
    تاريخ التسجيل : 27/04/2008

    الملفات الصوتية خطر الطعن في العلماء

    مُساهمة من طرف أبو محمد عبد الله السلفي 20.05.08 8:11

    خطر الطعن في العلماء

    إن الكلام على السادة العلماء الأجلاء على الإهمال والإغفال لجهودهم
    وعظيم بلاءهم في إخراج الناس من البهيمية إلى السمو في فلك الشريعة المحمدية
    ظلم لا ترتضيه الشريعة لآحادها
    كيف وهم خاصتها ومقدموها وحاملوها والذابّون عنها والدالّون عليها .

    فالعلماء على أكتافهم حملت الشريعة
    وفي صدورهم حفظت، وبجهودهم وإخلاصهم نشرت
    كم عانوا في تحصيل العلم
    وكم كابدوا من شظف([b][1]) العيش في جمعه وتدوينه

    وكم لاقوا أثناء بثّه ونشره من بلايا ومحن
    وكم هجروا المضاجع والدعة والراحة واستقطعوا من حقوق الأهل والولد والحميم أوقاتاً
    كل هذا في سبيل تحقيق غاية يعود نفعها على عموم الأمة
    فكانوا بذا مصابيح هدى، وأعلام الدجى
    فنفع الله بهم البلاد والعباد؛ لما علم ما في قلوبهم من التجرد والإخلاص
    وصار ذكرهم في الآفاق على مرّ الدهور والأعصار، وطبّق في كل مصر من الأمصار
    وذلك الفضل من الله .

    فأنت -أيها النجيب- ترى سلفنا الصالح في صدر هذه الأمة امتدحوا العلماء
    مع ما استقر في نفوسهم من كونهم بشر، وإمكان الزلل منهم وارد، والخطأ محتمل طارئ
    لكنهم لم يتعمدوه، ولم يتعبدوا الله العظيم الجليل به
    بل نعتقد أن لهم الحظ الوافر والنصيب الجزيل من قوله تعالى :
    "إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون"
    سورة"الأعراف"الآية(201)
    وأيضاً قوله تعالى:
    "والذين إذا فاعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ،
    ومن يغفر الذنوب إلا الله ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون"
    سورة"آل عمران"الآية (135)

    يقرر ذلك خطيب أهل السنة العلامة أبو محمد بن قتيبة رحمه الله تعالى-قائلاً :
    "وقد يتعثر في الرأي جلّة أهل النظر، والعلماء المبّرزون، والخائفون الله الخاشعون
    فهؤلاء صحابة رسول اللهصلى الله تعالى عليه وآله وسلم ورضي عنهم-وهم
    قادة الأنام ومعادن العلم، وينابيع الحكمة، وأولى البشر بكل فضيلة، وأقربهم من التوفيق والعصمة
    ليس منهم أحد قال برأيه في الفقه إلا وفي قوله ما يأخذ به قوم وفيه ما يرغب عنه آخرون
    وكذلك التابعون...
    ولا نعلم أن الله عزّ وجلّ-أعطى أحداً من البشر موثقاً من الغلط وأماناً من الخطأ فنستنكف له منهما
    بل وصل عباده بالعجز، وقرنهم بالحاجة، ووصفهم بالضعف والعجلة
    فقال تعالى :
    "وخلق الإنسان ضعيفا"
    سورة"النساء"الآية(28)
    وقوله:
    "خلق الإنسان من عجل"
    سورة"الأنبياء"الآية(37)
    وقوله :
    "وفوق كل ذي علم عليم"
    سورة"يوسف"الآية(76)
    ولا نعلمه خصّ بالعلم قوماً دون قوم، ولا وقفه على زمان دون زمان
    بل جعله مشتركاً مقسوماً بين عباده، ويفتح للآخر منه ما أغفله عن الأول
    وينبّه المقلّ منه على ما أغفل المكثر، ويحييه بمتأخر يتعقب قول المتقدم، وتال يعتبر على ماض .

    وأوجب على كل من علم شيئاً من الحق أن يظهره وينشره
    وجعل ذلك زكاة العلم"
    "إصلاح الغلط في غريب الحديث لأبي عبيد" والنقل عن "نماذج من رسائل لأئمة السلف وأدبهم العلمي"لأبي غدة عفا الله عنه- ص (53-55)
    وفي هذه الآونة لو قلت ذلك اعتذاراً للقوم، ورعاية منك لحرمتهم، لقام كسيّر وعويّر وثالث ما فيه خير
    ، فلبس ثوب الناصحين ونهى عن التعظيم
    أو جاءك نطيحة أو متردّية ونهى عن الصنميّة
    فهؤلاء لو جالسوا العلماء لعلم الواحد منهم أن "ساقيته لاطمت بحراً"
    فلو عمد إلى حلق بعضهم، لوقف على حقيقة أمره، وعلم ضعف بنيانه، وهزالة أركانه، ولقلّمت أظفاره، وانكسرت رواضعه وأثغر وأزبد وأرعد .

    وفي "الرد الوافر" قال بدر الدين العيني-رحمه الله تعالى:
    "علماء الإسلام، والأئمة الأساطين الأعلام، الذين تبوؤا الدار في رياض النعيم
    واستنشقوا رياح الرحمة من رب كريم
    فمن طعن في واحد منهم، أو نقل غير صحيح قيل عنهم
    فكأنما نفخ في الرماد، أو اجتنى من خرط القتاد...
    والعائب لجهله شيئا يدي صفحة معاداته، ويتخبط خبط العشواء ([2]) في محاورته
    وليس هو إلا كالجعل([3]) باشتمام الورد يموت حتف أنفه
    وكالخفاش يتأذى ببهور سناء الضوء؛ لسوء بصره وضعفه
    وليس لهم سجية نقاده، ولا رويّة وقّادة
    وما هم إلا صلقع بلقع سبقع([4])
    والمكفر منهم صلعمة بن قلعمة، وهيان بن بيان، وهي بن بي، وضل بن ضل، وضلال بن التلال([5])
    " الرد الوافر"ص(261)

    فيا قوم حنانيكم :
    إنه ميراث النبوة، وصنعة النخبة الرضيّة، من الفرقة الناجية المرضية، فاعرفوا لهم أقدارهم .
    قال ابن المبارك رحمه الله تعالى:
    "حق على العاقل أن لا يستخف بثلاثة : العلماء والسلاطين والإخوان
    فإنه من استخف بالعلماء ذهبت أخرته
    ومن استخف بالسلطان ذهبت دنياه
    ومن استخف بالإخوان ذهبت مروءته"
    "سير أعلام النبلاء"(17/251)

    وقال مالك بن دينار رحمه الله تعالى :
    " كفى بالمرء شراً، أن لا يكون صالحاً، وهو يقع في الصالحين"
    "شعب الإيمان" للبيهقي(5/316)

    قال يحيى بن معين رحمه الله تعالى :
    " إذا رأيت إنساناً يقع في عكرمة وفي حماد بن سلمة فاتهمه على الإسلام

    قلت - أي : الحافظ الذهبي :
    "هذا محمول على الوقوع فيهما بهوى وحيف في وزنهما
    أما من نقل ما قيل في جرحهما وتعديلهما على الإنصاف"
    "سير أعلام النبلاء" للحافظ شمس الدين الذهبي (5/31)

    وتأمل يرحمك الله تعالى- ما ذكره الإمام ابن عساكر الدمشقي حيث قال:
    "واعلم يا أخي وفقنا الله وإياك لمرضاته، وجعلنا ممن يخشاه ويتقيه حق تقاته- أن
    لحوم العلماء رحمة الله عليهم- مسمومة
    وعادة الله في هتك أستار منتقصهم معلومة؛ لأن الوقيعة فيهم بما هم منه براء أمره عظيم
    والتناول لأعراضهم بالزور والافتراء مرتع وخيم، والاختلاف على من اختاره الله منهم لنشر العلم خلق ذميم" "تبين كذب المفتري"ص(28)
    [/b]
    avatar
    أبو محمد عبد الله السلفي
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    عدد الرسائل : 208
    البلد : مصر السنية
    العمل : طالب علم
    شكر : 0
    تاريخ التسجيل : 27/04/2008

    الملفات الصوتية رد: خطر الطعن في العلماء

    مُساهمة من طرف أبو محمد عبد الله السلفي 20.05.08 8:11


    ومع هذا
    فالذي نعتقده وهو ثابت أنه لا يخلو فاضل من قدح
    إذ لم يسلم من ذلك سادات البشر ورؤسائهم ومقدميهم وصفوتهم الأنبياء-
    وهم المؤيدون الصادقون المصدقون المبرءون الأطهار الأخيار
    فكيف بمن دونهم .

    قال السبكي رحمه الله تعالى:
    " فكثيراً ما رأيت من يسمع لفظة، فيفهمها على غير وجهها
    فيغير على الكتاب والمؤلف ومن عاشره واستن بسنته ...
    مع أن المؤلف لم يرد ذلك الوجه الذي وصل إليه هذا الرجل"
    "قواعد في التعامل مع العلماء"للاويحق ص(130) وعزاه"قاعدة في الجرح والتعديل"ص(93)

    ولمّا استقر ذلك في النفوس، تناقلته الأئمة في كتبهم إقراراً وتقريراً
    بما فيه الكفاية لطالب الهداية ، من ذلك :

    وقال سفيان الثوري-رحمه الله تعالى:
    " ليس يكاد يفلت من الغلط أحد، إذا كان الغالب على الرجل الحفظ فهو حافظ وإن غلط..."
    "الكفاية" للخطيب البغدادي ص (174)

    وقال ابن حبان-رحمه الله تعالى:
    "وليس من الإنصاف ترك حديث شيخ ثبت، صحّت عدالته بأوهام يهم في روايته
    ولو سلكنا هذا المسلك للزمنا ترك حديث الزهري، وابن جريج، والثوري، وشعبة..."
    "الثقات" لابن حبان (7/97-98)

    وعلى كل حال
    فزلة العالم وخطأه لا ينبغي العمل به ولا اعتقاده ديناً، تقليداً له، أو محبة له
    بل الحاكم في ذلك الدليل والحكم للشرع
    فإذا وجد النص فثمّ هو، وساعتئذ اشدد عليه يمينك، وعضّ عليه بنواجذك
    ولا ترضى عنه بديلاً، ولا ترغب عنه، تنجو وتسلم.

    وفي ذلك يقول الإمام الشاطبي -رحمه الله تعالى :
    " إن زلة العالم لا يصحّ اعتمادها"
    "الموافقات" للإمام الشاطبي (4/107)

    ومع ذلك قال رحمه الله تعالى :
    " لا ينبغي أن ينسب صاحبها إلى التقصير، أو أن يشنع عليه، ولا ينتقص من أجلها، أو يعتقد فيه المخالفة بحتاً؛ فإن هذا كله خلاف ما تقتضي رتبته في الدين"
    "الموافقات" للإمام الشاطبي (4/107)

    وقال السبكي رحمه الله تعالى:
    " الحذر كل الحذر أن يفهم قاعدتهم "الجرح مقدم على التعديل" على إطلاقها
    بل الصواب أن من ثبتت إمامته وعدالته وكثر مادحوه وندر جارحوه
    وكانت هناك قرينة دالّة على سبب جرحه من تعصب مذهبي أو غيره لم يلتفت إلى جرحه"
    "طبقات الشافعية" (1/188) والنقل عن "قواعد في التعامل مع العلماء" ص(153)

    وقال العلامة ابن القيم رحمه الله تعالى:
    "ومن له علم بالشرع والواقع يعلم قطعاً أن الرجل الجليل الذي له من الإسلام قدم صالح وآثار حسنة
    وهو من الإسلام وأهله بمكان قد تكون منه الهفوة والزلة هو فيها معذور بل مأجور لاجتهاده
    فلا يجوز أن يتبع فيها، ولا يجوز أن تهدر مكانته وإمامته في قلوب المسلمين"
    "أعلام الموقعين" للعلامة ابن القيم (3/283)

    وقال أيضاً رحمه الله تعالى:
    " فلو كان كل من أخطأ أو غلط ترك جملة، وأهدرت مكانته محاسنه
    لفسدت العلوم والصناعات والحكم وتعطلت معالمها"
    "مدارج السالكين" للعلامة ابن القيم (2/39)

    وقال الطحاوي رحمه الله تعالى-في "عقيدته :


    "وعلماء السلف من السابقين ومن بعدهم من التابعين أهل الخير والأثر، وأهل الفقه والنظر


    لا يذكرون إلا بالجميل، ومن ذكرهم بسوء ، فهو على غير السبيل"


    "شرح العقيدة الطحاوية" (2/740) ت : الأرنؤوط



    أقول :
    إن الطعن في العلماء والتزهيد فيهم يفضي إلى الزهد فيما حملوه من هدى
    فتتعطل أحكام وتضل أفهام
    مما يكون له الأثر السيئ لا على الأفراد فحسب بل قد يتعدى إلى المجتمعات
    لما قدمنا بأن العلماء آمنة للعباد والبلاد وهم المرجعية العلمية عند النوازل وفي النزاع
    فلا بدّ إذاً من رعاية رتبهم، ومعرفة أقدارهم، والتماس أحسن المخارج لهفواتهم - إن وجدت –

    وفي هذا يقول :
    شيخ الإسلام رحمه الله تعالى:
    "من له في الأمة لسان صدق عام، بحيث يثنى عليه ويحمد، في جماهير أجناس الأمة
    فهؤلاء أئمة الهدى، ومصابيح الدجى، وغلطهم قليل بالنسبة إلى صوابهم
    وعامته من موارد الاجتهاد التي يعذرون فيها..."
    "مجموع الفتاوى" لشيخ الإسلام (11/43)

    نقلا عن كتاب
    "بيان الشريعة الغراء لفضل العلم والعلماء..."




    ([1]) أي : شدته وخشونته


    ([2] ) نوع من فقد من البصر، وهو مثال يضرب للمتصرف في الأمور على غير بصيرة .


    ([3] ) الجعل: ضرب من الخنافس، لا يعيش إلا في القاذورات .


    ([4] ) أي: مكان خال قفر .


    ([5] ) قال ابن الأعرابي: هذا مثل قولهم" طامر بن طامر، إذا كان لا يدرى من هو، ولا يعرف أبيه، وما بعده كذلك، كناية عمن لا يعرف .
    avatar
    أبو عبد الله أحمد بن نبيل
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 2798
    العمر : 48
    البلد : مصر السنية
    العمل : طالب علم
    شكر : 19
    تاريخ التسجيل : 27/04/2008

    الملفات الصوتية رد: خطر الطعن في العلماء

    مُساهمة من طرف أبو عبد الله أحمد بن نبيل 28.05.08 20:18

    (م)

      الوقت/التاريخ الآن هو 15.11.24 0:19